الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 - باب: ما جاء فى صفة مغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم
107 -
حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن أنس ابن مالك:
ــ
(باب ما جاء فى صفة مغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم
107 -
(وعليه مغفر) بكسر الميم وسكون المعجمة وبالفاء زرد ينسج من الدرع على قدر الرأس، وفى المحكم: هو ما يجعل من فضل درع الحديد على الرأس كالقلنسوة، قيل: ويعارضه خبر مسلم: «لا يحل لأحدكم أن يحمل السلاح بمكة» (1)، ويرد: بأن مكة أبيحت له ساعة من نهار، ولا تحل لأحد بعده، ولا لأحد قبله، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم، فلذا دخل متأهبا لقتال، وأما الخبر فمحمول على حمله فيها لقتال من غير ضرورة إليه، أما مجرد حمله فيها فمكروه. (خطل) بمعجمة فمهملة مفتوحتين (اقتلوه) إنما أمر بقتله، لأنه ارتد عن الإسلام وقتل مسلما كان يخدمه، لما أرسله النبى صلى الله عليه وسلم على الصدقة وكان يهجو النبى صلى الله عليه وسلم ويسبه واتخذ قينتين تغنيان بهجاء النبى صلى الله عليه وسلم والمسلمين وتوجه الأمر إليهم إما على فرض الكفاية، فسقط عنهم بقتل واحد منهم له، أو فرض العين فيلزم كلا المبادرة إلى قتله، ومن ثمة استبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر، فسبق سعيد، وكان أشبّ الرجلين فقتله، هذه رواية البزّار، والحاكم، والبيهقى، لكن صحّ عند ابن أبى شيبة أنّ قاتله وهو معلق بأستارها أبو برزة الأسلمى، وفيه إرسال، وهو
107 - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى الجهاد (1693)، بسنده ومتنه سواء، ورواه البخارى فى الصيد (1846)، وفى الجهاد (3044)، ومسلم فى الحج (450)، وأبو داود فى الجهاد، (2685)، والنسائى فى المناسك (5/ 201)، وفى الكبرى (8584)، وابن ماجه فى الجهاد (2805)، والدارمى فى المناسك (2/ 73)، والإمام أحمد فى المسند (3/ 109،164،224،231،232،240)، والإمام مالك فى الموطأ فى الحج (1/ 337)، وعنه محمد بن الحسن فى موطئه (523).
(1)
رواه مسلم (1356)، والبغوى فى شرح السنة (2005)، وابن حبان فى صحيحه، (3714)، والبيهقى فى السنن (5/ 155).
108 -
حدثنا عيسى بن أحمد، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثنى مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك:
«أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكّة عام الفتح وعلى رأسه المغفر، قال: فلمّا نزعه
ــ
مع ذلك أصح ما ورد فى تعيين قاتله، وجمع بأنهم ابتدروا قتله، فكان المباشر له أبو برزة، وشاركه فيه سعيد كما جزم به ابن هشام، واختلاف الروايات فى اسمه، محمول على أنه كان اسمه عبد العزى، فلما أسلم سمى عبد الله ومن سماه هلالا التبس عليه باسم أخ له، وليس فى الحديث حجة لتحتم قتل سابه صلى الله عليه وسلم الذى قال به مالك وجماعة من أصحابنا بل نقل بعضهم فيه الإجماع. إلا لو ثبت أنه تلفظ بالإسلام، فقتل بعد ذلك، وأما إذا لم يثبت ذلك، فلا حجة فيه، على أنه لو ثبت لم يكن فيه حجة أيضا، لاحتمال أنه صلى الله عليه وسلم قتله قصاصا بذلك المسلم الذى قتله، فهى واقعة بحال فعلية محتملة، ويؤيد ما قلته: أن ابن أبى سرح، وكان ممن نصّ صلى الله عليه وسلم على قتله لمشابهته لابن خطل فيما مرّ عنه لما أسلم قبل منه صلى الله عليه وسلم الإسلام، ولم يقتله وفيه حجة على إقامة الحد، والقصاص فى المسجد حيث لا ينجسه، ومنعه أبو حنيفة رضى الله عنه متأولا أن قتل هذا كان فى الساعة التى أحلت فيها مكة للنبى صلى الله عليه وسلم، ويجاب: بأن حلها له غاية تجويز القتل، وأما خصوص كونه بالمسجد مع سهولة إخراجه منه، ثم قتله، فذلك لا تقتضيه، إذ غاية مسجدها عند الحلال أنه كبقية المساجد بغيرها، وقد أقيم بذلك، فقياس جواز ذلك فى غيرها من المساجد، ثم رأيت بعض أصحابنا أجاب بأنها إنما أبيحت ساعة الدخول، حتى استولى عليها وأذعن أهلها، وأما قتل ابن خطل، فكان بعد ذلك، وهو ظاهر إن ثبت تأخر قتل ابن خطل عن تلك الساعة، على أن بعضهم حددها من الفجر إلى العصر، وقتله كان قبل ذلك، كما يدل عليه سياق الخبر الآتى الموافق لخبر البخارى وغيره أعنى قوله:«فلما فرغ نزع» آه إذا نزعه كان عقب دخوله عند نزعه أذن فى قتله، والظاهر أنهم بادروا إليه، وبما قررته أولا يستغنى عن قول بعضهم: إنما لم يدخل فى الأمان فيمن دخل المسجد فهو آمن؛ لأنه استثناه، كقتيبة وابن أبى سرح، أو لأنه قاتل فلم يف بالشرط.
108 -
(وعلى رأسه المغفر) للعارضة عنه أنه كان على رأسه عمامة سوداء، لأن من اقتصر على المغفر بين أنه دخل متأهبا للقتال، ومن اقتصر على العمامة بين أنه غير
108 - صحيح كالذى قبله.
جاءه رجل فقال له: إنّ ابن خطل متعلق بأستار الكعبة. فقال: اقتلوه. قال ابن شهاب: وبلغنى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يومئذ محرما».
ــ
محرم، وجمع أيضا بأنه عقب دخوله نزع المغفر، ثم لبس العمامة السوداء يخطب بها لرواية «خطب الناس وعليه عمامة سوداء» (1)، والخطبة كانت عند باب الكعبة بعد تمام الفتح، والضم: الجمع ظاهر رواية المصنف: «دخل مكة وعلى رأسه عمامة سوداء» (2) فالصواب: هو الجمع الأول وقول الولى العراقى: أن (3) هذا أولى وأظهر بالجمع من الأول عجيب، وكان حكمة إيثاره الأسود فى العمامة واللواء على الأبيض هنا مع مدحه له، وكون أهل الجنة يدخلونها، وهم جرد مرد بيض مكحولون أبناء ثلاثا وثلاثين، مما ورد فى فضل البياض، وبالإشارة إلى السؤدد الذى أعطيه صلى الله عليه وسلم، وتميز به على سائر الأنبياء فى ذلك اليوم، وهو أن الله أحل له مكة ساعة من نهار، ولم يحلها لأحد قبله، وإلى سؤدد مكة على سائر البلاد، وإلى سؤدد أمته وعزتهم بذلك الفتح العظيم، وإلى سؤدد الإسلام وظهوره ظهورا لم يكن قبل الفتح، كما بينته سورة النصر، ثم رأيت بعضهم ذكر أن سبب اختياره أن ما يصل إليه من دهن رأسه الشريفة [لا يؤثر فيه بخلاف الأبيض وبعضا آخر ذكر أن حكم ذلك الإشارة](4) إلى ثبوت هذا الدين، وعدم تبدله إذ السواد أبعد عن ظهور الدنّس والتبدل من سائر الألوان (فلما نزعه) فاعل قال: هو ابن شهاب، كما هو ظاهر السياق، لا الترمذى حتى يحكم على الحديث أنه معلق. (لم يكن يومئذ محرما) هو كذلك ففى مسلم، عن جابر «دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، وعليه عمامة بغير إحرام» (5) ودخول مكة فى حق غير الطائف المتأهب للقتال بغير إحرام جائز على الأصح، وإن لم يتكرر دخوله، وقيل:
الإحرام واجب، إن لم تتكرر حاجته، ونقل عن أكثر العلماء.
(1) رواه مسلم فى الحج (1358)، والبغوى فى شرح السنة (3088)، وأبو داود (4076).
(2)
رواه مسلم فى الحج (1359)، والبغوى فى شرح السنة (3089).
(3)
الزيادة من (ش).
(4)
الزيادة من (ش).
(5)
رواه مسلم فى الحج (1758)، وأبو داود فى اللباس (4076)، والترمذى فى اللباس (1735)، وفى الشمائل (107)، والنسائى فى الكبرى كما فى التحفة (2/ 294)، وفى مناسك الحج (5/ 201)، وفى الزينة (8/ 211)، وابن ماجه فى الجهاد (2822)، والدارمى (2/ 74)، وأحمد فى مسنده (3/ 363،387)، والبغوى (2007)، وابن حبان فى صحيحه (3722، 5425)، والبيهقى فى السنن (5/ 177)، وابن أبى شيبة (8/ 422)، (14/ 493).