الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 - باب: ما جاء فى صفة إزار رسول الله صلى الله عليه وسلم
114 -
حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا أيوب، عن حميد بن هلال، عن أبى بردة، عن أبيه، قال:
ــ
(باب ما جاء فى صفة إزاره صلى الله عليه وسلم
فى القاموس: الإزار الملحفة، ويقال: ائتزر به وتأزر لا أتزر، وقد جاء فى بعض الأحاديث ولعله تحريف الرواة، انتهى (1)، وقوله:«لعله» فيه نظر لأنا لو فتحنا هذا الباب، أو جوّزنا الرواية بالمعنى، لم نثق بمروى قط، فالصواب: أن هذه الرواية تفيد أن ذلك لغة صحيحة، وإن كانت شاذة قياسا.
114 -
(كساء) هو ما يستر أعلى البدن ضد الإزار، ويكون مفردا، وجمعه كسوة بالضم والكسر بمعنى الثوب. (ملبدا) أى: مرفقا، وقيل: هو ما ثخن وسطه حتى صار يشبه اللبد وأصل ذلك قول ثعلب: يقال لرقعة القميص لبدة، وقول غيره: هى التى خيط بعضها على بعض حتى يتراكب ويجتمع (غليظا) أى: خشنا فى هذين أى: فهما مع ما فيهما من الخشونة والرثاثة أيام كمال عزه، واستيلائه على أكثر أهل الأرض، وقهره لأعدائه، وإقبال الدنيا عليه بحذافيرها، ومع ذلك كله لم يلتفت لزخارفها، ولا لمتاعها، إيثارا للباقى على الفانى، وحملا للكمل من أمته على التأسى به سيما أواخر عمرهم فى مبادئ هذا المقام الصعب الذى لا يصل كماله إلا هو صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث أخرجه البخارى أيضا، وفى رواية: «إزارا غليظا مما يصنع باليمن، وكساء من هذه التى
114 - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى اللباس (1733)، بسنده ومتنه سواء، ورواه البخارى فى اللباس (5818)، وكذلك مسلم (2080)، وأبو داود (4036)، وابن ماجه، (3551)، وأحمد فى المسند (6/ 32)، وابن سعد فى الطبقات (1/ 453)، وأبو الشيخ فى «أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم» (ص 111، 112)، كلهم من طرق عن حميد بن هلال به فذكره نحوه.
(1)
انظر: ترتيب القاموس المحيط (1/ 140)، ولسان العرب، مادة [أزر].
115 -
حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا أبو داود، عن شعبة، عن الأشعث بن سليم، قال: سمعت عمتى، تحدث عن عمها، قال:
«بينا أنا أمشى فى المدينة إذا إنسان خلفى يقول: ارفع إزارك، فإنّه أتقى وأنقى، فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: يا رسول الله، إنّما هى بردة ملحاء.
قال: أما لك فىّ أسوة؟ فنظرت، فإذا إزاره إلى نصف ساقيه».
ــ
تدعونها ملبدة» (1).
115 -
(بينا) أصلها بين وهو الوسط، وقد تشبع فتحتها فيتولد ألفا وقد يزاد فيها ميم، وهما مضافان لما بعدهما، وقيل: ما والألف عوضا عن المضاف إليه المحذوف.
(إذا) للمفاجأة وكثيرا ما تذكر فى جواب بينما كما تذكر إذ فى جواب بينا، ويضاف كل إلى الجملة الاسمية والفعلية، خلافا لمن أنكره. (أتقى) يدل على التقوى والورع أكثر، لأنه يدل غالبا على انتفاء الكبر والخيلاء، ثم رأيت بعضهم فسره بما يؤول لذلك، فقال بعد أن نقل عن جمع: تفسيره بأوفق، وهذا لا يعرف له أصل، وإنما هو إسناد مجازى، إذ هو سبب لكون فاعله أتقى، وهو يوافق ما ذكرته، وأعنى من الدنس، وفى نسخة:
«أبقى» أى أكثر بقاء ودواما، وفيه: إشارة إلى أنه ينبغى للابس وغيره الرفق بما
115 - إسناده ضعيف [وهو صحيح]: رواه الإمام أحمد فى المسند (4/ 319)، من طريقين عن الأشعث وسمى عمه الأشعث فقال: عن عمته «رهم» وعمها: عبيدة بن خلف أو ابن خالد ورواه النسائى فى الكبرى (7/ 224 تحفة الأشراف) من طريق سليمان بن قرم عن الأشعث به فذكره نحوه، ورواه أبو الشيخ فى «أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم» (ص 108) مختصرا، وذكره الحافظ فى الإصابة (2/ 443)، فى ترجمة (عبيدة) بن خالد ويقال: ابن خلف الخنظلى، أو المحاربى، وعزاه للمصنف فى الشمائل والنسائى. وقال: واختلف فيه على أشعث ولم يسم فى رواية الترمذى، ووقع فى التحرير-أى للذهبى-أنه عم أبى الأشعث المحاربى، قلت: ورهم عمة الأشعث لا تعرف. وللحديث شاهد صحيح من حديث الشريد بن سويد عند الإمام أحمد (4/ 390) والحميدى فى مسنده (810)، والطبرانى فى الكبير (7240،7241)، والطحاوى فى المشكل (1708).
(1)
رواه البخارى فى اللباس (8/ 58)، ومسلم (2080)، وأبو داود (4036)، والترمذى (1733)، وابن ماجه (3551)، وأحمد فى مسنده (4/ 66)، (5/ 71،391)، (6/ 32، 131).
116 -
حدثنا سويد بن نصر، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن موسى بن عبيدة، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، قال:
ــ
يستعمله، والاعتناء بحفظه وتعهده، لأن إهماله يؤدى إلى ضياعه، وفيه: أسواف أى:
إسراف. (ملحاء) بضم أوله، قال فى الصحاح: الملحة أيضا من الألوان بياض يخالطه سواد، وأراد الصحابى أى مثل هذه لا خيلاء فيها، فأجابه صلى الله عليه وسلم بطلب الاقتداء به، وإن لم يكن إزاره فيه خيلاء وضعا ولا قصدا، سدا للذّريعة، ثم هذا الاعتذار، إنما يتم فى مقابلة قوله صلى الله عليه وسلم:(أتقى) بالفوقية لا «أنقى» بالنون، أو الموحدة؛ لأنه وإن لم يقصد الخيلاء يخشى من عدم الرفع الرثاثة والتقطع، وإنما أثر الاعتذار عن الأول فقط، لأنه الأهم والأحرى بالاعتناء به، إذ اختلاله يقدح نقصا فى الدين، فاعتذر عنه بما يقتضى عدم نقص فى دينه، ولم يعتذر عن الأخيرين، لأن الأمر فيهما أسهل وأخف، ولبعضهم هنا تخليط، فاجتنبه. (أسوة) بضم أوله وكسره أى: اقتداء واتباعا.
116 -
(وقال) أى عثمان، ويحتمل على بعده سلمة وعلى الأول فإنما لم يقل ويقول، ليدل على الاستمرار، لأنه لم يسمع ذلك منه متكررا. (إزرة صاحبى) بكسر أوله اسم لهيئة الإزار، كالجلسة والركبة. (يعنى) أى عثمان، وقال ذلك عنه سلمة كما هو ظاهر على الاحتمال البعيد السابق فقائل ذلك عن سلمة ابنه، ونقل سلمة الإزرة على عثمان مرفوعة، ولم يرفعها هو بناء على ما مر ليفيد أنها سنة باقية من أكابر الصحابة، سيما الخلفاء الراشدون.
116 - إسناده ضعيف: فيه موسى بن عبيدة الربذى: ضعيف. ورواه أبو الشيخ فى «أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم» (ص 112) من طريق موسى بن عبيدة به فذكره، وللحديث المرفوع منه شواهد صحيحة ذكره شيخنا العلامة الألبانى-حفظه الله-فى المشكاة (4331).
117 -
حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا أبو الأحوص، عن أبى إسحاق، عن مسلم بن نذير، عن حذيفة بن اليمان، قال:
ــ
117 -
(نذير) بضم النون وفتح المعجمة مصغرا. (بعضلة) محركة وكسفينة وهى كل عصبة معه لحمة مكتنزة كما فى القاموس (ساقى أو ساقه) شك من راوى حذيفة، هل قال حذيفة أن النبى صلى الله عليه وسلم أخذ بعضلة حذيفة أو بعضلة نفسه؟ (فلا حق للإزار فى الكعبين) يعنى الخبر السابق:«ما أسفل من ذلك فهو فى النار» ومر أن الذى دل عليه مجموع الأحاديث أن جعل الثوب والإزار والسراويل، والقميص إلى نصف الساق سنة، وإلى الكعبين مباح، وإلى ما تحته مكروه تنزيها إن لم يقصد به خيلاء، وإلا فحرام، قال القاضى: ويكره كل ما زاد على الحاجة والمعتاد فى اللباس من الطول والسعة، وقضيته أن ما اعتيد لا يكره، وإن جاوز الكعبين، ومر لذلك مزيد فراجعه.
تتمة: أخرج مسلم: «أنه صلى الله عليه وسلم لبس مرطا مرحلا من شعر أسود» (1) والمرط: بكسر فسكون كساء من صوف، أو خز يئتزر به، والمرحل: بضم ففتح المهملة المشددة: هو ما فيه صوف من وبر الإبل، ولا بأس بها، إذ لا يحرم، إلا تصوير الحيوان، وقول الجوهرى: إزار خز فيه علم قال فى القاموس: غير جيد، إنما ذلك تفسير المرجل- بالجيم-وروايته بالمهملة هو ما صوبه النووى، ونقله عن الجمهور (2)، وروى الدمياطى:«أن طول ردائه صلى الله عليه وسلم أربعة أذرع، وعرضه ذراعان وشبر، وأن ثوبه الذى كان يخرج به للوفود: رداء أخضر فى طول أربعة أذرع، وعرضه ذراعان وشبر، وأن عمر دخل وعليه إزار متقنع به، فإنه كان يرخى الإزار من بين يديه، ويرفع من ورائه» قيل: ولما كان صلى الله عليه وسلم لا يبدو منه إلا طيب، كان علامة ذلك أن لا يتسخ له ثوب، وسيأتى
117 - صحيح: رواه الترمذى فى اللباس (1783)، بسنده ومتنه سواء، ورواه ابن ماجه فى اللباس (3572)، والنسائى فى الزينة (8/ 206)، وفى سننه الكبرى (9686)، والإمام أحمد فى مسنده (5/ 382،396،400)، كلهم من طرق عن أبى إسحاق به فذكره.
(1)
رواه مسلم فى فضائل الصحابة (2424)، وفى اللباس (2081)، وأبو داود فى اللباس (4032)، والترمذى فى الأدب (2813)، وأحمد فى مسنده (6/ 162).
(2)
انظر: شرح النووى على مسلم (14/ 57،58).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أن ثوبه لم يقمل، ونقل الفخر الرازى: أن الذباب كان لا يقع على ثيابه قط، وأنه لم يمتص دمه البعوض، واختلفوا هل لبس النبى صلى الله عليه وسلم السراويل؟ فجزم بعضهم: بعدمه، واستأنس له بأن عثمان لم يلبسه إلا يوم قتل، لكن صح «أنه صلى الله عليه وسلم اشتراه» قال ابن القيم: والظاهر: أنه [إنما](1) اشتراه ليلبسه، قال وروى «أنه لبسه» وكانوا يلبسونه فى زمانه وبإذنه انتهى (2). واعترضه بعض من كتب على الشفاء فقال: قولهم: «أنه لبسه» قالوا: إنه سبق قلم، انتهى. وفيه نظر، فإنه لم يجزم بذلك، وإنما قال: الظاهر من شرائه ذلك، وهذا صحيح.
فائدة: ملابس الأوبار، والأصواف تسخن، وتدفئ، وملابس الكتان، والحرير، والقطن تدفئ، ولا تسخن، فثياب الكتان باردة يابسة، وثياب الصوف حارة يابسة، وثياب القطن معتدلة الحرارة، وثياب الحرير ألين من القطن، وأقل حرارة منه، والإبريسم أسخن من الكتان، وأبرد من القطن يربى اللحم وكل لباس خشن، فإنه يهزل ويصلب البشرة، ولما كانت ثياب الحرير ليس فيها شىء من اليبس والخشونة، بخلاف غيرها صارت نافعة من الحكة، لأنها لا تكون إلا عن حرارة ويبس وخشونة فلذلك «رخص صلى الله عليه وسلم للزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف رضى الله عنهما فى لبس الحرير لحكة كانت بهما» (3) رواه البخارى، وفى رواية:«أنه رخص لهما فيه لما شكيا إليه القمل» (4) وجمع بأنه يحتمل أن العلتين كانتا بهما، وأن الحكّة أيضا نشأت عن الفمل، فنسبت العلة تارة للسبب، وتارة للمسبب. واعترض قول النووى: إنما وصف الحكة والقمل، لما فيه من البرودة، بأنه حار، قيل: فالصواب: أن ذلك لخاصة فيه، ويرد: بأنه كما علم مما مر معتدل الحرارة، ففيه نوع رطوبة وبرودة للبدن، وهما نافعان هنا، إذ العلة إنما تعالج بضدها.
(1) الزيادة من (ش).
(2)
انظر: زاد المعاد فى هدى خير العباد (1/ 145).
(3)
رواه البخارى فى الجهاد (2921،2922)، وفى اللباس (5839)، ومسلم فى اللباس (2076)، وأبو داود فى اللباس (4056)، والنسائى فى الزينة (8/ 202)، وابن ماجه فى اللباس (3592)، والبغوى (3105)، وابن حبان فى صحيحه (5430)، (5431)، وأحمد فى مسنده (3/ 180،255،272،273)، وأبو يعلى فى مسنده (3249)، والطيالسى (1972)، والبيهقى فى السنن (3/ 268،269)، وابن أبى شيبة فى مصنفه (3/ 268).
(4)
رواه أحمد فى مسنده (6/ 45،181).