الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - باب: ما جاء فى شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم
36 -
حدثنا محمد بن بشار، أخبرنا أبو داود، أخبرنا همام، عن قتادة قال:
قلت لأنس بن مالك:
ــ
(باب ما جاء فى شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم
36 -
(هل خضب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) أى هل غيّر بياض شعر رأسه ولحيته. (لم يبلغ ذلك) أى حد الخضاب وهو الشيب المفهوم من السياق ومن ثم قال: (إنما كان) أى شيبه. (شيبا) أى قليلا، وإنما كان ما يخضبه شيئا كما فى نسخة. (فى صدغيه) والصدغ ما بين العين والأذن، وروى مسلم عن أنس روايات أخر «كان فى لحيته شعرات بيض لم ير من الشيب إلا قليلا لو شئت أن أعد شمطات كن فى رأسه، ولم يخضب، إنما كان البياض فى عنفقته، وفى الصدغين، وفى الرأس نبذ» (1) بضم ففتح، أو بفتح فسكون أى شعرات متفرقات، وقوله:«لم يخضب» إنما قاله بحسب علمه لما يأتى مبسوطا فى الخضاب. (والكتم) وهو بفتحتين نبت أو ورق كورق الآس يخلطه مع الوسمة، وقال الأزهرى (2): نبت فيه حمرة، ويؤيد الأول ما خرجه مسلم. «أن أبا بكر كان يخضب بالحناء والكتم وعمر بالحناء وحده» (3). فهو مشعر بأن أبا بكر، كان يجمع بينهما دائما، لا بالكتم الصرف الموجب للسواد الصرف، لأنه مذموم، انتهى.
36 - صحيح: رواه البخارى (3550)، والنسائى (8/ 139)، والإمام أحمد فى «المسند» (3/ 192،251)، ثلاثتهم من طريق همام به فذكره نحوه، ورواه أيضا الإمام مسلم (2341)، وابن سعد فى «الطبقات» (1/ 333)، من طريق عاصم الأحول، عن ابن سيرين عن أنس مرفوعا فذكره. ورواه أبو داود (4209)، من طريق ثابت البنانى عن أنس به فذكره.
(1)
رواه مسلم فى الفضائل (3341).
(2)
انظر: اللسان (5/ 3823)[كتم].
(3)
رواه مسلم فى «الفضائل» (2341).
37 -
حدثنا إسحاق بن منصور، ويحيى بن موسى، قالا: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال:
«ما عددت فى رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحيته إلا أربع عشرة شعرة بيضاء» .
ــ
37 -
(إلا أربع عشرة شعرة بيضاء) لا ينافى رواية ابن عمر الآتية: «إنما كان شيبه نحوا من عشرين شعرة بيضاء» (1) وذلك لأن الأربع عشرة نحو العشرين، لأنها أكثر من بضعها، ومن زعم أنه لا دلالة لنحو الشىء على القرب منه فقد وهم، نعم روى البيهقى عن أنس نفسه. «ما شانه الله بالشيب، ما كان فى رأسه ولحيته، إلا سبع عشرة، أو ثمان عشرة بيضاء» (2) وقد يجمع بينهما بأن أخباره اختلفت، لاختلاف.
الأوقات، وبأن الأول إخبار عن عدة، والثانى إخبار عن الواقع، فهو لم يعد إلا أربع عشرة، وأما فى الواقع فكان سبع عشرة أو ثمان عشرة، وروى البخارى عن أبى جحيفة «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض قد شمط» (3)، ومسلم عنه:«رأيت رسول الله، وهذه منه بيضاء» (4) ووضع الراوى بعض أصابعه على عنفقته، ومرّ فى خبر أن أنس أول الكتاب الجمع بين خبر «لم يشنه الله بالشيب» (5) وخبر «أن الشيب وقار ونور كان
37 - إسناده صحيح: رواه أحمد فى المسند (3/ 165)، وعبد بن حميد فى المنتخب (1243)، كلاهما من طرق عن عبد الرزاق به فذكره.
(1)
رواه ابن ماجه (3630)، والترمذى فى «العلل الكبير» (2/ 929)، والإمام أحمد فى «المسند» (2/ 90)، والبغوى فى «شرح السنة» (3656)، والبيهقى فى «الدلائل» (1/ 239)، وابن حبان فى «صحيحه» (6294)، (6295)، قال أبو عيسى: سألت محمدا-أى البخارى-عن هذا الحديث، فقال: لا أعلم أحدا روى هذا الحديث عن عبيد الله غير شريك. وذكره البوصيرى فى «الزوائد» ، وقال: إسناده صحيح ورجاله ثقات. قلت: فيه شريك القاضى، وهو سيئ الحفظ.
(2)
رواه مسلم (2341)، وأحمد فى المسند (3/ 254)، وابن سعد فى الطبقات، (1/ 431، 432)، وابن ماجه (2629)، والبيهقى فى الدلائل (1/ 231،232)، وابن حبان فى صحيحه (6292).
(3)
رواه البخارى (3544)، ومسلم (2343).
(4)
رواه مسلم فى الفضائل (2342).
(5)
تقدم تخريجه.
38 -
حدثنا محمد بن المثنى، أخبرنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، قال: سمعت جابر بن سمرة، وقد سئل عن شيب رسول الله فقال:
«كان إذا دهن رأسه لم ير منه شيب، وإذا لم يدهن رئى منه شىء» .
39 -
حدثنا محمد بن عمر بن الوليد الكندى الكوفى، حدثنا يحيى بن آدم، عن شريك (1)، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال:
«إنّما كان شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا من عشرين شعرة بيضاء» .
ــ
إذا دهن» (2) الحديث أخرجه مسلم، والنسائى عن جابر أيضا بلفظ:«كان قد شمط مقدم رأسه ولحيته» (3).
38 -
(وكان إذا ادهن) لم يتبين، وإذا أشعث رأسه تبين، وكان كثير شعر اللحية، وإنما لم يتبين عند الادهان، لأن الشعر يجتمع فيه، فينظر البياض لقلته فى السواد، بخلافه عند الادهان، فإن الشعر حينئذ يتفرق، فيظهر الأبيض من غيره.
38 - صحيح: رواه مسلم فى «الفضائل» (2344)، والنسائى فى الزينة (8/ 150)، وفى الكبرى (9405)، والإمام أحمد فى مسنده (5/ 86،88)، ثلاثتهم من طريق شعبة به فذكره نحوه.
39 -
صحيح: رواه ابن ماجه فى اللباس (3630) بنفس إسناد المصنف فذكره، والإمام أحمد فى «المسند» (2/ 90)، من طريق يحيى بن آدم به فذكره. قال البوصيرى فى «الزوائد» (3/ 156): هذا إسناد صحيح رواه الترمذى فى الشمائل عن محمد بن عمر به ورواه أحمد فى مسنده من حديث ابن عمر أيضا.
(1)
قال المناوى: هو ابن عبيد الله بن أبى شريك النخعى الكوفى القاضى بواسط ثم الكوفة إذ هو الراوى عن عبيد الله بن عمر، وليس هو شريك بن عبد الله بن أبى عز القاضى كما وهم فيه الشارح، صدوق يخطئ كثيرا ثقة حافظ يغلط، مات سنة ثلاثين ومائتين، وقيل غير ذلك، خرج له الجماعة، وشريك بن عبد الله صدوق يخطئ من الخامسة خرج له الستة وكان ينبغى للمؤلف تمييزه. اه. انظر: جمع الوسائل فى شرح الشمائل مع شرح المناوى (1/ 112).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
رواه مسلم فى «الفضائل» (2344).
40 -
حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا معاوية بن هشام، عن شيبان، عن أبى إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:
ــ
40 -
(شبت) كان حكمة السؤال عن ذلك، أن مزاجه صلى الله عليه وسلم اعتدلت فيه الأمزجة والطبائع الأربعة، وإسدالها مستلزم لعدم الشيب ولو فى أوانه، فكان شيبه بالنظر لذلك، كأنه تقدم على أوانه، فسئل عن حكمته. (هود) بالصرف أى فى سورة هود، وبتركه على أن هذا الاسم علم السورة. (والواقعة) أى لأن هذه السورة من أهوال يوم القيامة وتباين أحوال السعداء والأشقياء، والأمر بالاستقامة، كما أمر مما يليق بعلى كماله، ورفيع جلاله الذى لا يمكن البشر أن يحمله، ومن ثمة لما نزل: اِتَّقُوا اَللهَ حَقَّ تُقاتِهِ (1) ضجّوا حتى نزل: فَاتَّقُوا اَللهَ مَا اِسْتَطَعْتُمْ (2) ومن غير ذلك، مما لا يستوجب بعضه، إلا ديوان حافل بما يوجب سلطان الخوف والحزن، سيما على أتباعه وأمته لعظم
40 - صحيح: رواه المصنف فى التفسير (3297)، وابن أبى شيبة فى المصنف (10/ 554)، وابن سعد فى الطبقات (1/ 335)، والبغوى فى شرح السنة (14/ 372)، وأبو نعيم فى حلية الأولياء (4/ 350)، وكذا فى معرفة الصحابة (1/ 340/1)، والحاكم فى المستدرك (2/ 344)، والبيهقى فى الدلائل (1/ 358)، كلهم من طريق شيبان به نحوه. ورواه أبو يعلى فى مسنده (107،108)، عن عكرمة قال: قال أبو بكر فذكره. قلت: وإسناده ضعيف لانقطاع الصلة بين عكرمة وأبى بكر. والراوى عن أبى بكر هو ابن عباس رضى الله عنهما. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه، وقال الحاكم: صحيح على شرط البخارى ووافقه الإمام الذهبى. وذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد (7/ 37،118)، وقال: رواه الطبرانى فى الأوسط ورجاله رجال الصحيح، ورواه أبو يعلى إلا أن عكرمة لم يدرك أبا بكر. وذكره الحافظ العسقلانى فى المطالب (3650)، وعزاه للمصنف فى الشمائل. وقال البوصيرى فى الإتحاف (2/ 171): رواه أبو يعلى والترمذى فى الشمائل ورواته ثقات.
(1)
سورة آل عمران: آية (102). وانظر: الدر المنثور (2/ 282)، وتفسير ابن أبى حاتم (3/ 722،723).
(2)
سورة التغابن: آية (16)، وانظر الدر المنثور (8/ 185).
41 -
حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا محمد بن بشر، عن على بن صالح، عن أبى إسحاق، عن أبى جحيفة، قال: قالوا:
«يا رسول الله، نراك قد شبت. قال: قد شيّبتنى هود وأخواتها» .
ــ
رأفته، ورحمته بهم، ودوام الفكر فيما يصلحهم، وتتابع الغم فيما يؤلمهم، أو يصدر عنهم، واشتغال القلب والبدن بأحوالهم ومصالحهم الظاهرة والباطنة، وهذا كله مستوجب لضعف قوى البدنية، وضعفها مستلزم لضعف الحرارة الغريزة، وبضعفها يسرع الشيب، ويظهر قبل وقته وأوانه، لكن لما كان عنده صلى الله عليه وسلم من انشراح الصدر، واتساع القلب، وتوالى أنوار اليقين والقرب، ما يسليه كل هم وحزن، لم يقدر ذلك، إلا أن يستولى إلا على قدر يسير من شعره الشريف ليكون فيه مظهر الجلال والجمال، وليتبين أن جماله صلى الله عليه وسلم غالب على جلاله بل لا نسبة بينهما فى وصفه فى كتابه بالرءوف الرحيم، ولم يوصف بالجبار، إلا فى الزبور، وإشارة إلى ما ذكرته، واستنبطته وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (1).
41 -
(وأخواتها) لعلها المفصلة فى الحديث السابق، وكأن وجه تخصيص هذه السورة بالذكر مع أنه فى بعض السور غيرها، ما فى بعضها مما مر وزيادة، أنه صلى الله عليه وسلم حال إخباره بذلك، لم يكن أنزل عليه مما يشتمل على ما مرّ غيرها.
41 - إسناده ضعيف، وهو صحيح يشهد له الذى قبله: وعلته: أن على بن صالح متأخر السماع من أبى إسحاق السبيعى، قال أبو عيسى: فى سننه (5/ 402) عقب الحديث السابق: وروى علىّ بن صالح هذا الحديث عن أبى إسحاق عن أبى جحيفة نحو هذا. وروى عن أبى إسحاق عن أبى ميسرة شيئا من هذا مرسلا، وروى أبو بكر ابن عياش عن أبى إسحاق عن عكرمة عن النبى صلى الله عليه وسلم نحو حديث شيبان عن أبى إسحاق ولم يذكر فيه عن ابن عباس حدثنا بذلك هاشم بن الوليد الهروى، حدثنا أبو بكر بن عياش اه. قلت: ورواية على بن صالح وصلها الحافظ أبو نعيم ثم قال عقبها: اختلف على أبى إسحاق، عن أبى جحيفة، وروى عنه عن مصعب بن سعد، عن أبيه، وروى عنه عن عامر بن سعد عن أبى بكر، وروى عنه عن أبى الأحوص عن عبد الله رضى الله عنهم اه. وانظر: الصحيحة للشيخ الألبانى حفظه الله (955).
(1)
سورة يوسف: آية رقم (76).
42 -
حدثنا على بن حجر، قال: أنبأنا شعيب بن صفوان، عن عبد الملك بن عمير، عن إياد بن لقيط العجلى، عن أبى رمثة التيمى-تيم الرباب-قال:
43 -
حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا سريج بن النعمان، أخبرنا حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب قال: قيل لجابر بن سمرة:
ــ
42 -
(إياد) بكسر الهمزة فتحتية، ثم دال مهملة. (لقيط)(1) بفتح فكسر. (رمثة) براء مكسورة فميم ساكنة. (الرباب)(2) بكسر الراء، وتخفيف الموحدة الأولى، وهم خمس قبائل من جملتهم: تيم، غسلوا أيديهم فى ربب، وتحالفوا عليهم، فصاروا يدا واحدة. (فأريته) أى جعلت. (وله شعر) أى قليل لما مر أن شيبه، لم يبلغ عشرين شعرة. (علاه المشيب) أى صار إليه البياض بأعلى ذلك الشعر القليل أى بمنابته، وما قرب منها. (وشيبه أحمر) أى وذلك البياض صبغ بحمرة، فتوافق ما مر عن ابن عمر «أنه تخالطه حمرة فى أطراف تلك الشعرات» لأن العادة، أول ما يشيب أصول الشعر، دون الشعر، إذا قرب شيبه صار أحمر، ثم أبيض واندفع بهذا التقدير ما لبعضهم هنا من الإشكال، وخلط بعضهم فى الجواب بما لا يجدى.
43 -
(مفرق رأسه) الظاهر أنه كما مر، أى مقدمه (إذا ادهن) بفتح الدال وضمها
42 - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى الأدب (2812)، بسنده ومتنه سواء، ورواه أبو داود فى اللباس (4065)، وكذا فى الترجل (2406)، والنسائى فى الزينة (8/ 140)، وفى الكبرى (9356)، وأحمد فى المسند (2/ 227،228)، (4/ 163)، كلهم من طرق عن إياد بن لقيط به فذكره نحوه.
43 -
صحيح: رواه أحمد فى المسند (5/ 104)، من طريق حماد بن سلمة به فذكره.
(1)
وثقه يحيى بن معين، وكذلك النسائى، وانظر: تهذيب الكمال (3/ 398).
(2)
ويقال التميمى، والبلوى، واختلف فى اسمه فقيل: رفاعة بن يثربى، وقيل: يثربى بن رفاعه، وقيل: عمارة بن يثربى، ويثربى بن عوف، وحبان بن وهب، وقيل: حبيب بن حيان، أو ابن حبان، وقيل: خشخاش، انظر فى ترجمته: مسند أحمد (2/ 226)، جامع المسانيد (4/ 46)، وأسد الغابة (6/ 111،112)، والإصابة (4/ 70).
ــ
أى متدهن لجمعه الشعر، أو لخلطه بالطيب روى مسلم:«كان إذا دهن، لم يتبين» (1) أى الشيب، وإذا أشعث تبين، قال شارحه: لأنه عن الادهان يجمع شعره، ويختفى شيبه لقلته، وعند عدمه يتفرق شعره فيظهر شيبه، ومر ذلك قريبا.
…
(1) رواه مسلم فى الفضائل (2344).