الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
31 - باب: ما جاء فى صفة شراب رسول الله صلى الله عليه وسلم
197 -
حدثنا ابن أبى عمر، حدثنا سفيان، عن معمر، عن الزهرى، عن عروة، عن عائشة، قالت:
«كان أحبّ الشّراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلو البارد» .
ــ
(باب صفة شراب رسول الله صلى الله عليه وسلم
أى ما جاء فيها كما صرّح به فى نسخة.
197 -
(الحلو البارد) أى الماء البارد، وقيل: يحتمل أن المراد بالماء البارد الممزوج بالعسل، أو المنقوع فيه تمر أو زبيب، واستشكل ذلك بأن صريح الأحاديث منها الحديث الآتى «أنه يقول فى غير اللبن خيرا منه، وفيه زدنا منه» صفة أن اللبن كان أحبّ إليه من ذلك، ويجاب: بأن الأحبية هنا أحبية مخصوصة أى كان أحب الشراب الذى هو ماء، أو فيه ماء، وهذا كلّه لا ينافى كمال زهده صلى الله عليه وسلم، لأن ذلك فيه مزيد الشهود لعظائم نعم الحق، وإخلاص الشكر له من غير أن يكون فيه إشعار بتكليف ولا خيلاء ألبتة، بخلاف الأكل فلذلك كان النبى صلى الله عليه وسلم يشرب نفس الشراب غالبا، ولا يأكل نفس الطعام غالبا، وروى أبو داود:«أنه كان صلى الله عليه وسلم يستعذب له من نبوت اسقيا» (1) وهو بضم المهملة
197 - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى الأشربة (1895)، بسنده ومتنه سواء، ورواه الإمام أحمد فى مسنده (6/ 38، 40)، والحميدى فى مسنده (257)، وابن أبى شيبة فى المصنف (8/ 36)، والحاكم فى المستدرك (4/ 137)، وأبو الشيخ فى «أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم» (ص 247)، كلهم من طرق عن سفيان بهذا الإسناد فذكره نحوه. قال أبو عيسى: هكذا روى غير واحد عن ابن عيينة مثل هذا عن معمر عن الزهرى عن عروة عن عائشة، والصحيح ما روى عن الزهرى عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا. وقال الرازى فى العلل (2/ 35)، (1585): سئل أبو زرعة عن حديث رواه ابن عيينة عن معمر عن الزهرى عن عروة عن عائشة قالت: كان أحب الشراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلو البارد، وروى هشام بن يوسف وابن ثور عن معمر عن الزهرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أطيب الشراب الحلو البارد» فقال أبو زرعة: المرسل أشبه.
(1)
رواه أبو داود فى الأشربة (3735)، والبغوى فى شرح السنة (3049،3050) وذكره ابن عبد البر فى التمهيد (1/ 203).
198 -
حدثنا أحمد بن منيع، أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، أنبأنا على بن زيد، عن عمر-هو ابن أبى حرملة-عن ابن عباس، قال:
«دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وخالد بن الوليد على ميمونة. فجاءتنا بإناء من لبن، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا على يمينه، وخالد عن شماله، فقال لى:
ــ
وبالقاف عين بينها وبين المدينة يومان، قال ابن بطال: واستعذاب الماء لا ينافيه الزهد، ولا يدخل فى الترفه المذموم، بخلاف تطيبه بنحو المسك، فقد كرهه مالك لما فيه من السرف، وقد شرب الصالحون الماء الحلو وطلبوه، وليس فى شرب الماء الملح فضيلة، وكان صلى الله عليه وسلم يشرب العسل الممزوج بالماء البارد، وقال ابن القيم: وفيه من حفظ الصحة ما لا يهتدى لمعرفته إلا أفاضل الأطباء، فإن شرب العسل ويعقد على الريق: يزيل البلغم، ويغسل المعدة ويجلو لزوجتها، ويدفع عنها الفضلات، ويسخنها باعتدال، ويفتح سددها، والماء البارد رطب، ويقمح الحرارة، ويحفظ البدن، وكان صلى الله عليه وسلم ليشرب اللبن الخالص تارة، وبالماء البارد أخرى، لأن اللبن عند الحلب يكون حارا، وتلك البلاد حارة غالبا، وكان يكسر حرها بالماء البارد، وروى البخارى:«أنه صلى الله عليه وسلم دخل على أنصارى فى حائطه يحول الماء، فقال: «إن كان عندك ماء بات فى شن» ، فقال: عندى ماء بات فى شن، فانطلق للعريش فسكب فى قدح ماء، ثم حلب عليه من داجن» (1).
198 -
(فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا على يمينه وخالد عن شماله) قيل: دلت مخالفته
198 - إسناده ضعيف وهو حسن: فيه: زيد بن على بن جدعان: ضعيف (التقريب 4734). ورواه الترمذى فى الدعوات (3455) بسنده ومتنه سواء. ورواه أحمد فى المسند (1/ 220، 225،284)، وكذلك ابن سعد فى الطبقات الكبرى، النسائى فى عمل اليوم والليلة (286)، وابن السنى فى عمل اليوم والليلة (474)، أربعتهم من طريق زيد بن على بن جدعان به فذكره، قلت: قال أحمد شاكر رحمه الله: إسناده صحيح. قلت: قد بينا أن على بن زيد بن جدعان: ضعيف، وقد تابعه ابن شهاب عند ابن ماجه فى الأطعمة والأشربة (3322)، (3426) فبمجموع الطريقين يصبح الحديث حسنا إن شاء الله تعالى.
(1)
رواه البخارى فى الأشربة (5613،5621)، وأبو داود فى الأشربة (3724)، وابن ماجه فى الأشربة (3432)، والدارمى (2/ 120)، وأحمد فى مسنده (3/ 343،344،355)، وابن حبان فى صحيحه (5314)، والبيهقى فى السنن الكبرى (7/ 284)، وابن أبى شيبة فى مصنفه (8/ 228،229).
الشّربة لك، فإن شئت آثرت بها خالدا. فقلت: ما كنت لأوثر على سؤرك أحدا.
ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أطعمه الله طعاما فليقل: اللهمّ بارك لنا فيه، وأطعمنا خيرا منه، ومن سقاه الله لبنا، فليقل: اللهمّ بارك لنا فيه، وزدنا منه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس شىء يجزى مكان الطعام والشراب غير اللبن».
ــ
بعلى فى حقه وعن فى خالد أنه كأنه أقرب للنبى صلى الله عليه وسلم من خالد وهو محتمل لصغره وقرابته، فقدم جبرا لخاطره، ويحتمل أن التخالف لمجرد التفنن فى العبارة، فهما بمعنى واحد وهو مجرد الحضور معه. (الشربة لك) أى لأنك صاحب اليمين فالحق لك، ومن ثم قال:«الأيمن فالأيمن، أو الأيمنون الأيمنون» (1) واستفيد منه تقديم اليمين ندبا ولو صغيرا مفضولا. (فإن شئت) فيه تطيب لخاطره، وبيان أن له الإيثار، وأنه لا ينافى الكمال، نعم قد يشكل على ذلك قول أئمتنا يكره الإيثار بالقرب، وقد يجاب:
بأن محل الكراهة حيث آثر من ليس أولى منه بذلك، وإلا فكما هنا، وكتقديم غير الأفقه مثلا على الأفقه فى الإمامة فلا كراهة. (ما كنت) بيان لعذره فى عدم الإيثار، ودفع لما (2) يتوهم أنه كان الأولى [له أن يمتثل](3) تمثيل إشارته صلى الله عليه وسلم بإيثار خالد رضى الله عنه، وقوله:(على سؤرك) أى ما بقى منك. (أحدا) أى يفوز به غيرى، ووقع لشارح أنه قال أى «سؤر أحد» فلا يتجه إذ المطابق للتأليف أن يقول: ما كنت لأوثر بسؤرك أحدا. انتهى، وهو فى غاية الخفاء، وكان مراده أنه قصد بقوله: سؤر أحد فى غاية الركاكة؛ لأن السؤر البقية، شارح آخر قاله المتجه المطابق للتأليف أن يقول: ما كنت لأوثر بسؤرك أحدا وأنت خبير بأن فى كل من هذين نظرا واضحا، أما الأول فلأن قوله أى سؤر أحد فى غاية الركاكة، لأن السؤر البقية فيخل التقدير إلى: ما كنت لأوثر ببقيتك بقية غيرك فكون بقية الغير مؤثرة ببقيته، يحتاج لتأويل وتكلف، لا حاجة إليه، بل عليه ما حصلت أبلغيه ولا مطابقة لما قاله ابن عباس، وأما الثانى: فزعمه أنه توقف
(1) رواه البخارى فى الأشربة (5619،5620)، وفى الهبة (2571)، ومسلم فى الأشربة (2029)، وأبو داود فى الأشربة (3726)، والترمذى (1893)، وابن ماجه (3425)، وأحمد فى مسنده (3/ 110،113،229،231)، وابن حبان (5333،5334،5336،5337)، والبيهقى فى السنن الكبرى (7/ 285)، والبغوى (3053).
(2)
فى (ش): [لمن].
(3)
الزيادة من [ش].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المطابقة لما سبقه على ما قدره ممنوع بل المطابقة حاصلة، ولو على موجود إما لأنها بمعنى الباء أو ضمن أوثر معنى أترك وسببه أن المطابقة المعنوية أولى من اللفظية فكأنه أشار بعدوله عن هذه العبارة، على مزيد المحافظة على آثاره صلى الله عليه وسلم، وأنه متى تمكن من ترك الاستعلاء غيره عليها قبل استحقاقه بها منعه عن ذلك. (فليقل) أى حال الأكل، فإن آخره إلى ما بعد فيه الأولى أن يكون بعد الحمد كما هو ظاهر. (لبنا) الظاهر أن يأتى بهذا، وإن كان وحده رعاية للفظ الوارد ما أمكن، وردتا منه فيه أنه لا خير من اللبن، بخلاف بقية الأطعمة [ومن ثم كان الذى يتجه أن المرأة تأتى فى دعاء الافتتاح بنحو حنيفا مسلما على إرادة الشخص رعاية للفظ الوارد. ووجه ذلك أنه يجزى مكان الطعام والشراب كما فى الحديث الآتى وليس غيره كذلك فكان خيرا من سائر الأطعمة وليس](1) فيها خير منه، وبهذا اندفع قول بعضهم، ولا يلحق ما عدا اللبن من الأشربة به، أو بالطعام، ووجه اندفاعه أن الحديث، وكلام الأئمة صريحان فى اختصاص ذلك باللبن، لأنها كلها تسمى طعاما، ولم يستثن منه إلا اللبن. (يجزى) أى يكفى هكذا إلى آخره بيّن أن هذا الحديث روى مسندا أو مرسلا، ولم يبين حكم ذلك لشهرته وهو أن الحكم للإسناد، وإن كثرت رواية الإرسال لأن مع المسند زيادة علم، قال المصنف: وهو حديث حسن. هى خالة خالد. . . إلخ. فدخولهما عليها لأنهما محرماها وذكر يزيد استطرادا.
…
(1) الزيادة من (ش)، وليست موجودة فى (أ).