الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
51 - باب: ما جاء فى أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم
351 -
عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومى، وغير واحد، قالوا: حدثنا
ــ
(باب ما جاء فى أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم
جمع اسم، وهو كلمة وضعت بإزاء شىء متى أطلقت فهم منها، إذ هى إما معرفة أو مخصصة، قيل: والاسم عين المسمى لقوله تعالى: سَبِّحِ اِسْمَ رَبِّكَ اَلْأَعْلَى (1)، وقوله تعالى: بِغُلامٍ اِسْمُهُ يَحْيى (2) ثم قال: يايَحْيى (3) فنادى الاسم. وردّ بأنه يلزم عليه أن من قال النار احترق لسانه، والعسل ذاق حلاوته وهو بديهى البطلان. ولا حجة فى الآيتين، لأن سبح بمعنى اذكر أو على حقيقته، وأريد بتنزيه الاسم نفسه، إذ أسماؤه تعالى توقيفية، فيجب تنزيهها عن أن يخترع له تعالى ما لم يصح عنه أو عن رسوله لقصور من عداهما عن أن يحيط بما يناسب جلاله العلى. ومعنى النداء بأيها الغلام المسمى بيحيى، فالصواب أنه غيره، كما عرف من الحديث، إن أريد اللفظ وهو الذى فيه ومنه وعلم الأسماء كلها، فإن أراد به الذات فعينه ومنه، ما تعبدون من دونه إلا أسماء أو الصفة كما يقوله الأشعرى انقسم عنده انقسامها، فإن رجع للذات كالله فعينه، أو الفعل كالخالق فغيره، أو لصفات الذات كالعليم، فليس عينه إذ علمه تعالى زائدا على ذاته ولا غيره لعدم انفكاكه عنه من الجانبين، بناء على أن الغيران موجودان يجوز الانفكاك بينهما، وفيه كلام بينت حاصله فى أول شرح العباب
351 -
(عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه. . .) إلخ، رواه عنه الشيخان أيضا.
(1) سورة الأعلى: آية (1).
(2)
سورة مريم: آية (7).
(3)
سورة مريم: آية (12).
351 -
إسناده صحيح: رواه الترمذى، ورواه البخارى فى المناقب (3533)، (4896)، ومسلم فى الفضائل (2354)، والإمام أحمد فى مسنده (4/ 80،81)، والدارمى فى الرقاق (2/ 317،318)، والحميدى فى مسنده (555)، وأبو بكر بن أبى شيبة فى المصنف (11/ 457)، وابن سعد فى الطبقات (1/ 105)، والبغوى فى شرح السنة (3629،3630)، والطبرانى فى الكبير (1520، 1521،1522،1523،1524،1526،1527،1528،1529،1530)، وابن حبان =
سفيان، عن الزهرى، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ــ
وفى رواية «إن لى خمسة أسماء» أى اختص بها لم يتسم بها أحد قبلى، أو هى مشهورة فى الأمم الماضية، فالحصر الذى أفاده تقديم الجار والمجرور إضافى لا حقيقى، لورود الروايات بزيادة على ذلك، منها ما يأتى عند المصنف وصح منها ستة: الخمسة المذكورة والخاتم. وفى رواية: «لى فى القرآن سبعة أسماء: محمد وأحمد ويس وطه والمزمل والمدثر وعبد الله» إن لى أسماء: تعرّض جماعة لتعدادها فمنهم من بلغها تسعة وتسعين موافقة لعدد أسمائه الحسنى الواردة فى الحديث. فقال عياض: خصّه تعالى بأن سماه من أسمائه الحسنى بنحو ثلاثين اسما. وقال ابن دحية: إذا فحص عنها فى الكتب المتقدمة والقرآن والسنة بلغت ثلاث مائة، وبلغها بعض الصوفية إلى ألف كأسمائه تعالى، والمراد حينئذ ما يشمل الأوصاف، فإذا اشتق له من كل وصف من أوصافه المختصة به، أو الغالبة عليه أو المشتركة بينه وبين الأنبياء، بلغت من ذلك العدد بزيادة، وقد وصلها جماعة كالقاضى عياض وابن العربى وابن سيد الناس إلى أربع مائة.
(محمد): علم منقول من اسم المفعول المضعف، سمى به نبينا صلى الله عليه وسلم، لكثرة خصاله، المحمودة، أى سماه جده عبد المطلب بإلهام من الله بذلك، رجاء أن يحمده أهل السماء والأرض وقد حقق الله تعالى رجاءه، ولرؤيا رآها، هى أن سلسلة من الفضة، خرجت من بين ظهره، لها طرف بالسماء وطرف بالمشرق وطرف بالمغرب، ثم عادت شجرة على كل ورقة منها نور وأهل المشرق والمغرب يتعلقون بها فعبرت بمولود يتبعه أهلها، ويحمده أهل السماء والأرض، وينبغى تحرى التسمية باسم من أسمائه لخبر أبى نعيم. قال الله:
«وعزتى وجلالى لا عذّبت أحدا يسمى باسمك فى النّار» . وو ورد «إنى آليت على نفسى أن لا يدخل النار من اسمه أحمد ولا محمد» . وروى الديلمى عن على «ما من مائدة
= فى صحيحه (6313)، والبيهقى فى الدلائل (1/ 152،153،154)، والآجرى فى الشريعة (ص 462)، وأبو نعيم فى الدلائل (19)، كلهم من طرق عن الزهرى به فذكره.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وضعت فحضر عليها من اسمه أحمد أو محمد إلا قدس الله ذلك المنزل كل يوم مرتين». (أحمد): ابتداء هذين لإنبائهما عن كمال الحمد المنبئ عن كمال ذاته، والراجع إليه سائر أوصافه، إذ صيغة التفضيل منبئة عن التضعيف والتكثير إلى ما لا نهاية له، وصيغة أفعل منبئة عن الوصول لغاية ليس ورائها منتهى، إذ معناه أحمد الحامدين لربه، لأنه يفتح عليه يوم القيامة عما به لم يفتح على أحد قبله، فيحمد ربه بها، ولذلك يعقد له لواء الحمد، ثم لم يكن محمدا حتى كان أحمد حمد ربه، فنبأه وشرفه ولذلك تقدم فى قول موسى: اللهم اجعلنى من أمة محمد، وقول عيسى: اسمه أحمد على محمد، لأن حمده لربه كان قبل حمد الناس له، فلما وجد وبعث كان محمد بالفعل. فبأحمد ذكر قبل أن يذكر محمد، وكذلك فى الشفاعة يحمد ربه بتلك المحامد التى لم يفتح بها على أحد قبله، فيكون أحمد الحامدين لربه، ثم يشفع فيحمد على شفاعته، فتقدم أحمد ذكرا أو وجودا دنيا وأخرى يبدأ حاصل كلام السهيلى، وجرى عليه القاضى فى الشفاء وغيره، وهو فهم من دعوى ابن القيم فى أحمد أنه قيل فيه أنه بمعنى مفعول، أى: أنه أولى الناس بأن يحمد فهو بمعنى محمد وإن تفارقا فى أن محمدا كثير خصاله يحمد عليها وأحمد هو الذى يحمد أفضل مما يحمد غيره. ولو أريد أنه أكثر حمدا لربه لكان الأولى به الحماد انتهى. ومن مزاياهما: مساواتهما الجلالة حروفا. ومن مزايا الأول: موافقته لمحمود من أسمائه تعالى، ومن ثم قال حسان:
وشق له من اسمه ليجله
…
فذو العرش محمود وهذا محمد
وورد عن أبى نعيم «أنه سمى بهذا الاسم قبل الخلق بألفى عام» وهذا إن صح يعكر على ما فى السهيلى (1) تأخره عن أحمد وجودا، وورد «عن كعب أن اسم محمد مكتوب على ساق العرش، وفى السماوات السبع، وفى قصور الجنة وغرفها، وعلى نحور الحور العين، وعلى قصب آجام الجنة وورق طوبى وسدرة المنتهى، وعلى أطراف الحجب، وبين أعين الملائكة» . قيل: ووجد مكتوب على ورد بالهند وعلى جنب سمكة وأذن أخرى. قال ابن قتيبة: ومن أعلام نبوته أنه لم يسم أحد به قبله صيانة لهذا الاسم، كما صين يحيى عن ذلك، خشية من وقوع لبس، نعم لما قرب زمنه، وبشر أهل الكتاب بقربه، سمى قوم أولادهم بذلك، رجاء أن يكون هو، وغفلوا عن أنه
(1) فى (ش): (فى).
352 -
حدثنا محمد بن طريف الكوفى، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم،
ــ
تعالى أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (1). وأشهرهم خمسة عشر، خلافا لمن قال: ثلاثة، ومن قال ستة. (يمحو الله بى الكفر)(2) من مكة والمدينة وسائر بلاد العرب وغيرهما، مما رئى له صلى الله عليه وسلم، ووعد أن يبلغه ملك أمته. أو المراد أن يمحوه بمعنى يدحضه ويظهر عليه بالحجة والغلبة، قال تعالى: لِيُظْهِرَهُ عَلَى اَلدِّينِ كُلِّهِ (3). أو أنه يمحو سيئات من اتبعه أى: آمن به، فيمحو عنه ذنب كفره، وسائر ما عمله فيه، قال تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ماقَدْ سَلَفَ (4). وقال صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما قبله» (5).
وخص صلى الله عليه وسلم بهذا بأنه لم يمح الكفر بأحد مثل ما محى به صلى الله عليه وسلم، إذ بعث وقد عم الكفر الأرض وأكثرهم لا يعرفون ربا ولا معادا بل منهم من يعبد الحجر أو الكوكب أو النار، فمحى ذلك كله به صلى الله عليه وسلم، وظهر دينه على كل دين، وبلغ مبلغ الجديدين، وسار مسار القمرين. (على قدمى): بتخفيف الياء على الإفراد، وتشديدها على التثنية، وفى رواية «على عقبى»: أى على أثرى وزمان نبوتى ورسالتى إذ لا نبى بعدى، أو تقدمهم وهم خلفه أى: على أثره فى المحشر إذ هو أول من تنشق الأرض عنه. (العاقب): هو الذى يعقب من خلفه فى الخير ومنه عقب الرجل لولده. والعاقب يفسر أيضا بأنه (الذى ليس بعده نبى): لأن العاقب هو الآخر فهو عقب الأنبياء أى: آخرهم صلى الله عليه وسلم.
352 -
(نبى الرحمة): أى التراحم بين الأمة الحاصل ببركته، قال تعالى: فَأَلَّفَ
(1) سورة الأنعام آية رقم (124).
(2)
رواه البخارى فى المناقب (3532)، وفى التفسير (4896)، والترمذى فى الأدب (2840)، والدارمى فى الرقاق (2/ 317،318)، ومالك فى الموطأ فى أسماء النبى1، وأحمد فى مسنده (4/ 80،81،84).
(3)
سورة التوبة آية رقم (33)، وسورة الفتح آية رقم (28)، وسورة الصف آية رقم (9).
(4)
سورة الأنفال: آية رقم (38).
(5)
رواه مسلم فى الإيمان (121).
352 -
إسناده حسن: فيه: عاصم بن بهدلة فهو صدوق. ورواه أحمد فى المسند (5/ 405)، وابن سعد فى الطبقات (1/ 104)، وأبو بكر بن أبى شيبة فى المصنف (11/ 457)، والبزار فى مسنده (2379)، وابن حبان فى صحيحه (6315)، والآجرى فى الشريعة (ص 462)، قال البزار: لا نعلم يروى عن حذيفة إلا من حديث عاصم =
عن أبى وائل، عن حذيفة، قال:
ــ
بَيْنَ قُلُوبِكُمْ (1)، رُحَماءُ بَيْنَهُمْ (2) أو المراد أنه جعل ذاته رحمة وَماأَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (3)، ومن ثم أخبر عن نفسه بأنه «رحمة مهداة» ، رواه البيهقى بلفظ «إنما أنا رحمة مهداة» (4) فرحم الله به الخلق مؤمنهم وكافرهم ولتكرار الرحمة وتضاعفها فيه وبه سمى نبى الرحمة. (ونبى التوبة): أى أن قبول التوبة بشروطها المذكورة فى كتب الفقه من جملة ما حققه الله ببركته على هذه الأمة. (المقفى): أى التابع للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فكان آخرهم، من قفوته إذا اتبعته وقافية كل شىء آخره. (الملاحم): جمع ملحمة وهى الحرب لاشتباك الناس فيها كاشتباك السدى باللحمة ولكثرة لحوم القتلى فيها. ولم يجاهد نبى وأمته قط ما جاهد صلى الله عليه وسلم وأمته كيف وهم يقاتلون الكفار فى أقطار الأرض على تعاقب الأعصار حتى يقاتلون الأعور الدجال ومن تبعه من اليهود الكثيرين وغيرهم. وفى القاموس سمى نبى الملاحم لأنه سبب لالتيامهم واجتماعهم، واقتصر على هذه الأسماء مع أن له غيرها، لأنها معلومة للأمم السابقة، إذ هى فى كتبهم.
…
= عن أبى وائل، وإنما أتى هذا الاختلاف من اضطراب عاصم، لأنه غير حافظ. وذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد (8/ 284)، وعزاه لأحمد والبزار، وقال: رجال أحمد رجال الصحيح، غير عاصم بن بهدلة وهو ثقة، وفيه سوء حفظ.
(1)
سورة آل عمران: آية رقم (103).
(2)
سورة الفتح آية رقم (29).
(3)
سورة الأنبياء آية رقم (107).
(4)
رواه البغوى فى شرح السنة (3631)، ورواه البيهقى فى دلائل النبوة (1/ 158)، رواه ابن أبى شيبة فى مصنفه (144)، رواه ابن سعد فى الطبقات الكبرى (1/ 151)، وابن عدى الكامل فى ضعفاء الرجال (4/ 231)، والشجرى فى الأمالى (11/ 504).