المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌56 - باب: ما جاء فى رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم - أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌تصدير

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌وقد اعتمدت فى شرح الكتاب على النسخ الآتية:

- ‌1 - النسخة الأصل:

- ‌2 - النسخة الثانية:

- ‌3 - النسخة الثالثة:

- ‌منهج التحقيق

- ‌ترجمة المصنف

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌ مولده:

- ‌ نشأته العلمية ورحلاته:

- ‌ مشايخه

- ‌ تلامذته:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌فالمطبوع منها حسب علمنا الكتب التالية:

- ‌أما المخطوطات:

- ‌ عقيدته:

- ‌ مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌ وفاته:

- ‌ترجمة موجزة لمصنف الشمائل

- ‌ جواهر الدّرر في مناقب ابن حجر

- ‌تنبيهبيان المقصود بالرموز الواردة بالشرح

- ‌1 - باب: ما جاء فى خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - باب: ما جاء فى خاتم النبوة

- ‌3 - باب: ما جاء فى شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌4 - باب: ما جاء فى ترجّل رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌5 - باب: ما جاء فى شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌6 - باب: ما جاء فى خضاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌7 - باب: ما جاء فى كحل رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌8 - باب: ما جاء فى لباس رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌9 - باب: ما جاء فى عيش رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌10 - باب: ما جاء فى خف رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌11 - باب: ما جاء فى نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌12 - باب: ما جاء فى ذكر خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌13 - باب: ما جاء فى تختم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌14 - باب: ما جاء فى صفة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌15 - باب: ما جاء فى صفة درع رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌16 - باب: ما جاء فى صفة مغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌17 - باب: ما جاء فى عمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌18 - باب: ما جاء فى صفة إزار رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌19 - باب: ما جاء فى مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌20 - باب: ما جاء فى تقنع رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌21 - باب: ما جاء فى جلسته صلى الله عليه وسلم

- ‌22 - باب: ما جاء فى تكأة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌23 - باب: ما جاء فى اتكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌24 - باب: ما جاء فى أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌25 - باب: ما جاء فى صفة خبز رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌26 - باب: ما جاء فى إدام رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌27 - باب: ما جاء فى صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الطعام

- ‌28 - باب: ما جاء فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الطعام، وبعد الفراغ منه

- ‌29 - باب: ما جاء فى قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌30 - باب: ما جاء فى صفة فاكهة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌31 - باب: ما جاء فى صفة شراب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌32 - باب: ما جاء فى شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌33 - باب: ما جاء فى تعطر رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌34 - باب: كيف كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌35 - باب: ما جاء فى ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌36 - باب: ما جاء فى صفة مزاح رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌37 - باب: ما جاء فى صفة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم «فى الشعر»

- ‌38 - باب: ما جاء فى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم «فى السّمر»

- ‌39 - باب: ما جاء فى صفة نوم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌40 - باب: ما جاء فى عبادة النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌41 - باب: صلاة الضحى

- ‌42 - باب: صلاة التطوع فى البيت

- ‌43 - باب: ما جاء فى صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌44 - باب: ما جاء فى قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌45 - باب: ما جاء فى بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌46 - باب: ما جاء فى فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌47 - باب: ما جاء فى تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌48 - باب: ما جاء فى خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌49 - باب: ما جاء فى حياء رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌50 - باب: ما جاء فى حجامة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌51 - باب: ما جاء فى أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌52 - باب: ما جاء فى عيش رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌53 - باب: ما جاء فى سن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌54 - باب: ما جاء فى وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌55 - باب: ما جاء فى ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌56 - باب: ما جاء فى رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌56 - باب: ما جاء فى رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم

‌56 - باب: ما جاء فى رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم

389 -

حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدى، حدثنا سفيان، عن أبى إسحاق، عن أبى الأحوص، عن عبد الله، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:

«من رآنى فى المنام فقد رآنى، فإنّ الشّيطان لا يتمّثل بى» .

ــ

(باب ما جاء فى رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم

سيأتى فى أول مبحث الإسراء الخلاف فى أن الرؤيا والرؤية متحدان أو مختلفان.

389 -

(فقد رآنى): رواية مسلم «فسيرانى فى اليقظة، أو فكأنما رآنى فى اليقظة» .

وروى جماعة وصححه المصنف «فقد رآنى فى اليقظة» بدل قوله: «فسيرانى» . وعند مسلم «فقد رأى الحق» : وسيذكره المصنف. (أن من رآنى نوما): بأى صفة كنت.

(فليبشر وليعلم أنه رآنى الحق): أى رؤية الحق لا الباطل، وكذا قوله:(فقد رآنى) لأن اتحاد الشرط والجزاء، أدل على الغاية فى الكمال، أى فقد رآنى رؤيا ليس بعدها شىء فهو على التشبيه والتمثيل لقوله:«فكأنما رآنى فى اليقظة» . قال ابن بطال: وقوله:

«فسيرانى فى اليقظة» يريد تصديق تلك الرؤيا فى اليقظة وصحتها وخروجها على الحق، لأنه يراه فى الآخرة، لأن كل أمته كذلك. وقال المازرى: إن كان المحفوظ «فكأنما رآنى فى اليقظة» فمعناها ظاهر أو فسيرانى فى اليقظة احتمل أن معناه أنه أوحى إليه. بأن من رآه من أهل عصره نوما ولم يهاجر إليه، كان ذلك على أنه سيهاجر وينظره. وقال عياض: يحتمل أن رؤياه نوما بصفته المعروفة. موجبة لتكرمة الرائى برؤية خاصة فى الآخرة، إما بقرب أو شفاعة أو بعلو درجة ونحو ذلك، قال: ولا يبعد أن يعاقب بعض المذنبين بالحجب عنه صلى الله عليه وسلم فى القيامة مدة. وقيل: معناه فسيرانى فى المرات التى كانت له، إن أمكنه كذلك، كما حكى عن ابن عباس أنه لما رآه نوما دخل على بعض أمهات

389 - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى الرؤيا (2276) بسنده ومتنه سواء. ورواه ابن ماجه فى الرؤيا (3900)، والدارمى فى الرؤيا (2/ 124)، وأحمد فى مسنده (1/ 400،440،450)، وابن أبى شيبة فى المصنف (11/ 55)، وفى المسند (266)، كلهم من طرق عن سفيان عن أبى إسحاق به فذكره.

ص: 596

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المؤمنين، فأخرجت له مرآته صلى الله عليه وسلم فرأى صورته، ولم ير صورة نفسه. قال بعض الحفاظ: وهذا من أبعد المحامل. وقال الغزالى: ليس المراد بقوله: «فقد رآنى» رؤية الجسم، بل رؤية المثال الذى صار إليه، فيتأدى بها المعنى الذى فى نفسى إليه، وكذا قوله:«فسيرانى» : أى فى اليقظة. قيل: [ليس](1) المراد: أنه يرى جسمى وبدنى، قال:

والآلة إما حقيقية أو خيالية، والنفس غير المثال المتخيل، والشكل المرئى ليس روحه صلى الله عليه وسلم ولا شخصه، بل مثاله على التحقيق، وكذا رؤيته تعالى نوما. قال: فإن ذاته تعالى منزهة عن الشكل والصورة، ولكن ينتهى تعريفه تعالى إلى العبد بواسطة مثال محسوس، من نور أو غيره، وهو آلة حقا فى كونه واسطة فى التعريف، فيقول الرائى:

رأيت الله نوما، لا يعنى، أنى رأيت ذاته تعالى، كما يقول فى حق غيره. وقال السيوطى أيضا: من رآه صلى الله عليه وسلم نوما، لم يرد رؤية حقيقة شخصه المودع روضة المدينة بل مثال، وهو مثال روحه المقدسة عن الصورة والشكل (فإن الشيطان لا يتمثل بى): فى رواية مسلم «إنه لا ينبغى للشيطان أن يتمثل فى صورتى» وفى رواية للبخارى: «فإن الشيطان لا يتكوننى، أو لا يتكون كونى» فحذف المضاف ووصل المضاف إليه بالفعل، وفى أخرى:«لا يتراءى بى» بالراء بوزن لا يتراءى، أى: لا يستطيع أن يتمثل بى لما أنه تعالى وإن أمكنه فى التصور فى أى صورة أراد، لم يمكنه من التصور بصورته صلى الله عليه وسلم.

قال جماعة: ومثال هذا أن رؤيا صلى الله عليه وسلم فى صورته التى كان عليها. وبالغ بعضهم فقال:

فى صورته التى قبض عليها حتى عدد شيبه الشريف، ومن هؤلاء ابن سيرين فإن صح عنه أنه كان إذا قصت عليه رؤياه قال للرائى: صف الذى رأيته، فإن وصف له صفة لم يعرفها، قال: لم تره، ويؤيد هؤلاء حديث المصنف لأبى عاصم بن كليب ولفظه عند الحاكم بسند جيد. «قلت: لابن عباس رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام، فقال: صفه لى، قال: فذكرت الحسين بن على فشبهته به، فقال: قد رأيته». ولا يعارضه خبر «من رآنى فى المنام فقد رآنى فإنى أرى فى كل صورة» لأنه ضعيف. وقال آخرون: لا يشترط ذلك، منهم ابن العربى حيث قال ما حاصله: رؤيته بصفته المعلومة إدراك على الحقيقة وبغير ما أدرك للمثال، فإن الصواب أن الأنبياء عليهم السلام لا تغيرهم الأرض، فإدراك الذات الحقيقية، وإدراك الصفات إدراك للمثال، وشذ من قال من القدرية، لا حقيقة

(1) الزيادة من: (ش).

ص: 597

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للرؤيا أصلا، ومعنى قوله:«فسيرانى» : فسيرى تفسير ما رآه لأنه حق وغيب، وقوله:

«فكأنما رآنى» أنه لو رآنى يقظة لطابق ما رآه نوما فيكون الأول حقيقة، والثانى حقا وتمثيلا، هذا كله إن رآه بصفته المعروفة، وإلا فهى مثال، كأن رآه مقبلا عليه مثلا، فهو خير للرائى وعكسه بعكسه. ومنهم القاضى عياض حيث قال: قوله «فقد رآنى أو فقد رأى الحق» يحتمل أن المراد به أن من رآه بصورته المعروفة فى حياته، إن كانت رؤياه حقا ومن رآه بغير صورته كانت رؤيا تأويل. وتبعهم النووى فقال متعقبا كلام القاضى:

هذا ضعيف، بل الصحيح، أنه يراه حقيقة سواء كانت على صفته المعروفة أو غيرها.

وأجاب عنه بعض الحفاظ، بأن كلام القاضى لا ينافى ذلك، بل ظاهر كلامه، أنه يراه حقيقة فى الحالين، لكن فى الأولى لا تحتاج تلك الرؤيا إلى تعبير، وفى الثانى تحتاج إليه. ومنهم الباقلانى وغيره فإنهم ألزموا الأولين، أن من رآه بغير صفته تكون رؤيته أضغاثا، وهو باطل، إذ من المعلوم، أنه يرى نوما على حالته اللائقة به مخالفة لحالته فى الدنيا، ولو تمكن الشيطان من التمثل بشىء فيما كان عليه أو ينسب إليه، لعارض عموم قوله:«فإن الشيطان لا يتمثل بى» فالأولى تنزيه رؤياه، ورؤيا شىء مما ينسب إليه عن ذلك، فإنه أبلغ فى الحرمة، وأليق بالعصمة، كما عصم من الشيطان فى يقظته.

فالصحيح: أن رؤيته فى كل حال ليست باطلة ولا أضغاثا، بل هى حق فى نفسها، وإن رأى بغير صفته، إذ تصور تلك الصورة من قبل الله تعالى انتهى. فعلم أن الصحيح، بل الصواب كما قال بعضهم: أن رؤياه حق على أى حالة فرضت، ثم إن كان بصورته الحقيقية فى وقت كان سواء كان فى شبابه أو رجوليته أو كهوليته أو أواخر عمره لم يحتج لتأويل، وإلا احتيجت لتعبير يتعلق بالرائى، ومن ثم قال بعض علماء التعبير: من رآه شيخا فهو عام سلم، ومن رآه شابا فهو عام حرب، ومن رآه متبسما فهو متمسك بسنته. وقال بعضهم: من رآه على حاله وهيئته، كان دليلا على صلاح الرائى وكمال جاهه وظفره بمن عاداه، ومن رآه متغير الحال عابسا مثلا كان دليلا على سوء حال الرائى. وقال ابن أبى جمرة: رؤياه فى صورة حسنة حسن فى دين الرائى ومع شين أو نقص فى بعض بدنه خلل فى دين الرائى، لأنه كالمرآة الصقيلة ينطبع فيها ما قابلها، وإن كانت ذاتها على أحسن حال وأكمله، وهذه هى الفائدة الكبرى فى رؤيته، إذ بها يعرف حال الرائى. وقال غيره: أحوال الرائين بالنسبة إليه مختلفة، إذ هى رؤيا بصيرة

ص: 598

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعين، ورؤيا البصيرة، لا تستدعى حصر المرئى، بل يرى شرقا وغربا، وأرضا وسماء، كما ترى الصورة فى مرآة قابلتها، وليس جرمها مستقبلا لجرمه، فاختلاف رؤيته، كأن يراه إنسان شيخا، أو آخر شابا فى حالة واحدة، كاختلاف الصورة الواحدة فى مرآة مختلفة الأشكال والمقادير، فيكبر ويصغر ويعوج ويطول فى الكبيرة والصغيرة والمعوجة والطويلة، وبهذا علم جواز رؤية جماعة له فى آن واحد من أقطار متباعدة وأوصاف مختلفة. وقد أجاب عن هذا أيضا البدر الزركشى، بأنه صلى الله عليه وسلم سراج ونور الشمس فى هذا العالم، مثال نور فى العوالم كلها، فكما أن الشمس يراها كل من فى الشرق والغرب فى ساعة واحدة، وبصفات مختلفة، كذلك هو صلى الله عليه وسلم. ومن الغلو والحماقة كما قاله ابن العربى فى قول بعضهم: أن الرؤيا فى النوم بعين الرأس. وعن بعض المتكلمين: أنها مدركة بعينين فى القلب وأنه ضرب من المجاز.

تنبيه: حكى ابن أبى جمرة والمازرى واليافعى وغيرهم عن جماعات من الصالحين، أنهم رأوا النبى صلى الله عليه وسلم يقظة. وذكر ابن أبى جمرة عن جمع: أنهم حملوا ذلك رواية:

«فسيرانى فى اليقظة» وأنهم رأوه نوما فراؤه بعد ذلك يقظة، وسألوه عن تشويشهم من أشياء فأخبرهم بوجوه تفريجها فكان كذلك بلا زيادة ولا نقص. قال: ومنكر ذلك إن كان ممكن يكذب بكرامات الأولياء، فلا بحث معه، لأنه يكذب بما أثبتته السنة، وإلا فهذه منها إذ يكشف لهم بخرق العادة عن أشياء فى العالم العلوى والسفلى. وحكيت رؤيته صلى الله عليه وسلم كذلك عن أمثال الإمام عبد القادر الجيلانى كما فى عوارف المعارف، والإمام أبى الحسن الشاذلى كما حكاه عنه التاج بن عطاء الله، وكصاحبه الإمام أبى العباس المرسى، والإمام على الوفائى، والقطب القسطلانى، والسيد نور الدين الإيجى، وجرى على ذلك الغزالى فقال فى كتابه المنقذ من الضلال: وهم يعنى: أرباب القلوب، فى يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء، ويسمعون منهم أصواتا، ويقتبسون منهم فوائد انتهى. وأنكر ذلك جماعة منهم الأهذل اليمنى حيث قال: القول بذلك يدرك فساده بأوائل العقول، لاستلزامه خروجه من قبره، ومشيه فى الأسواق، ومخاطبتة للناس ومخاطبتهم له، وخلو قبره عن جسده المقدس، فلا يبقى منه شىء حيث يزار مجرد القبر ويسلم على غائب أشار لذلك القرطبى فى الرد على القائل، بأن الرائى له فى المنام حقيقة، ثم يراه كذلك فى اليقظة، قال: وهذه جهالات لا يقول بشىء منها من له أدنى

ص: 599

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مسكة فى العقول، وملتزم شىء من ذلك مخبل مخبول انتهى. وهذه الإلزامات كلها ليس شىء منها يلازم لذلك، ودعوى استلزامه لذلك عين الجهل والعناد، وبيانه: أن رؤيته صلى الله عليه وسلم لا تستلزم خروجه من قبره، لأن من كرامات الأولياء كما مر، أن الله يخرق لهم الحجب فلا مانع عقلا ولا شرعا، ولا عادة أن الولى، وهو بأقصى المشرق أو المغرب يكرمه الله بأن لا يجعل بينه وبين الذات الشريفة، وهى فى محلها من القبر الشريف، ساترا ولا حجابا بأن يجعل تلك الحجب كالزجاج الذى يحكى ما وراءه. وح فيمكن بأن الولى يقع نظره عليه صلى الله عليه وسلم، ونحن نعلم أنه حى فى قبره يصلى، وإذا أكرم إنسان بوقوع بصره عليه، فلا مانع من أن يكرم بمحادثته ومكالمته وسؤاله عن أشياء، وأنه يجيبه عنها، وهذا كله غير مناف شرعا ولا عقلا، وإذا كانت المقدمات والنتيجة غير منكرين عقلا ولا شرعا، فإنكار أحدها أو إنكار أحدهما غير ملتفت إليه، ولا معول عليه، وبهذا يعلم أن ما ذكره من إشارة القرطبى غير لازم أيضا. كيف وقد مرّ القول بأن الرؤيا فى النوم، رؤيا بالحقيقة عن جماعة من الأئمة، ومنهم أيضا صاحب فتح البارى، فقال بعد ما مرّ عن ابن أبى جمرة، وهذا مشكل جدا، ولو حمل على ظاهره، لكان هؤلاء صحابة، ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة انتهى. ويرد: بأنا قررنا ما يعلم به أنه لا إشكال فى ذلك بوجه، ودعواه تلك الملازمة ليست فى محلها، كيف والشرط فى الصحابى أن يكون رآه فى حياته، حتى اختلفوا فيمن رآه بعد موته وقبل دفنه، هل يسمى صحابيا أو لا؟ على أنه هذا أمر خارق للعادة والأمور التى كذلك لا يغير لأجلها القواعد الكلية. ونوزع فى ذلك أيضا، بأنه لم يحك ذلك عن أحد من الصحابة ولا من بعدهم، ولأن فاطمة رضى الله عنها اشتد حزنها عليه صلى الله عليه وسلم حتى ماتت كمدا بعده بستة أشهر وبيتها مجاور لضريحه، ولم ينقل عنها رؤيته تلك المدة انتهى.

ويرده أيضا بأن عدم نقله لا يدل على عدم وقوعه فلا حجة فى ذلك كما هو مقرر فى محله، وكذلك موت فاطمة رضى الله عنها كمدا لأنه قد يكرم به المفضول بما لم يكرم به الفاضل. وتأويل الأهذل وغيره ما وقع للأولياء من ذلك، إنما هو فى حال غيبته، فيظنونه يقظة، فيه إساءة ظن بهم حيث تشتبه عليهم رؤية المغيبة برؤية اليقظة، وهذا لا يظن بأدون العقلاء، فكيف بالأكابر؟ وعجيب قوله فى قول العارف أبى العباس المرسى:

لو حجب عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسى من المسلمين هذا فيه تجوز،

ص: 600

390 -

حدثنا محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، قالا: حدثنا محمد بن

ــ

أى: لم يحجب عنى حجاب غفلة، ولم يرد أنه لم يحجب عن الروح المشخصة طرفة عين، فذلك مستحيل انتهى. فيقال لرد دعواك الاستحالة إن عنيت بها الاستحالة العقلية فباطل، أو الشرعية فمن أى دليل أو قاعدة أخذت ذلك، كلا لا استحالة فى ذلك بوجه كما قدمناه (1).

(1) قال الحافظ: إن ابن أبى جمرة نقل عن جماعة من الصالحين أنهم رأوا النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام، ثم رأوه بعد ذلك فى اليقظة، وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين، فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك. قلت-أى الحافظ-: وهذا مشكل جدا، ولو حمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة، ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة، ويعكر عليه أن جمعا جما رأوه فى المنام، ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه فى اليقظة، وخبر الصادق لا يتخلف، وقد اشتد إنكار القرطبى على من قال: من رآه فى المنام فقد رأى حقيقته، ثم يراها كذلك فى اليقظة كما تقدم قريبا، وقد تفطن ابن أبى جمرة لهذا الحال بما قال على كرامات الأولياء، فإن يكن كذلك تعين العدول عن العموم فى كل رآء، ثم ذكر أنه عام فى أهل التوفيق، وأما غيرهم فعلى الاحتمال، فإن خرق العادة قد يقع للزنديق بطرق الإملاء والإغواء، كما يقع للصديق بطريق الكرامة والإكرام، وإنما تحصل التفرقة بينهما باتباع الكتاب والسنة اه. انظر: فتح البارى (12/ 402). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فمن ظن أن المرئى هو الميت فإنما أتى من جهله، ولهذا لم يقع مثل هذا لأحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وبعض من رأى هذا-أو صدق من قال إنه رآه-اعتقد أن الشخص الواحد يكون بمكانين فى حالة واحدة مخالف صريح المعقول اه. انظر: التوسل والوسيلة (ص 53). قلت: إنه بالرغم من وقوع الخلافات والفتن المظلمة الشديدة بين صحابة النبى صلى الله عليه وسلم، كاختلاف أبى بكر مع فاطمة على الميراث، وكالفتنة التى وقعت بين معاوية وعلى رضى الله عنهما، وحرب أهل الردة، ومسألة جمع القرآن، وغيرها من الأمور الشديدة، لم يظهر لهم النبى صلى الله عليه وسلم، فكيف برب الكعبة يظهر لمن دونهم باتفاق، فإن قولهم شاذ، وهم من شواذ أهل العلم لما دخل على قلوبهم ومعتقداتهم من البدع، والضلالات التى لا أصل لها فى الكتاب ولا فى السنة، ومن العجب العجاب أن السيوطى له مؤلف فى ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.

390 -

إسناده صحيح: رواه البخارى (42)، ومسلم (2266)، وأبو داود (5023)، وابن ماجه (3900)، وأحمد فى مسنده (2/ 261،425)، (5/ 306)، والبغوى فى شرح السنة (3288)، والبيهقى فى الدلائل (7/ 45)، وابن أبى شيبة فى المصنف (11/ 56)، كلهم من طرق عن أبى هريرة رضى الله عنه وبزيادة ألفاظ متقاربة.

ص: 601

جعفر، حدثنا شعبة، عن أبى حصين، عن أبى صالح عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من رآنى فى المنام فقد رآنى، فإنّ الشيّطان لا يتصوّر-أو يتشبّه-بى» .

391 -

حدثنا قتيبة، حدثنا خلف بن خليفة، عن أبى مالك الأشجعى، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من رآنى فى المنام فقد رآنى» .

قال أبو عيسى: (وأبو مالك هذا هو سعد بن طارق بن أشيم، وطارق بن أشيم هو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث).

(وسمعت على بن حجر يقول: قال خلف بن خليفة: رأيت عمرو بن حريث صاحب النبى صلى الله عليه وسلم وأنا غلام صغير).

392 -

حدثنا قتيبة-هو ابن سعيد-حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن عاصم بن

ــ

391 -

(أشيم): بهمزة مفتوحة فمعجمة ساكنة فتحتية مفتوحة. (قال أبو عيسى. . .) إلخ بين به الترمذى أنه من تابع التابعين.

392 -

(قال) أى عاصم. (أبى): أى كليب. (قد رأيته): أى النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام.

391 - إسناده ضعيف: خلف بن خليفة: صدوق اختلط بآخره. رواه أحمد فى المسند (6/ 394،472)، والخطيب فى تاريخ بغداد (10/ 35،454)، كلاهما من طريق خلف بن خليفة به فذكره نحوه. قلت: وفى كلام الترمذى تعقيب ونظر: فقد روى ابن عدى فى الكامل (3/ 63)، عن حماد قال: حدثنى عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: سمعت أبى يقول: قال رجل لسفيان بن عيينة: يا أبا محمد عندنا رجل يقال له: خلف بن خليفة يزعم أنه رأى عمرو بن حريث فقال: لعله رأى جعفر بن عمرو بن حريث، وذكره المزى فى تهذيب الكمال (8/ 286، 287)، وزاد «كذب» وذكر أقوالا أخرى مماثلة تدل على عدم رؤيته لعمرو بن حريث.

392 -

إسناده جيد، وهو صحيح بشواهده: رواه أحمد فى المسند (2/ 232،342)، والحاكم فى المستدرك (3/ 393)، كلاهما من طريق =

ص: 602

كليب، حدثنى أبى، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من رآنى فى المنام فقد رآنى، فإنّ الشّيطان لا يتمثّلنى» . قال كليب: «فحدّثت به ابن عبّاس، فقلت: قد رأيته، فذكرت الحسن بن على، فقلت: شبّهته به.

فقال ابن عباس: إنّه كان يشبهه».

393 -

حدثنا محمد بن بشار، حدثنا ابن أبى عدى، ومحمد بن جعفر، قالا:

حدثنا عوف بن أبى جميلة، عن يزيد الفارسى-وكان يكتب المصاحف. قال:

«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام، زمن ابن عبّاس رضى الله عنهما. فقلت لابن عباس: إنّى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى النّوم. فقال ابن عبّاس: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: إنّ الشّيطان لا يستطيع أن يتشبّه بى، فمن رآنى فى النّوم فقد رآنى.

هل تستطيع أن تنعت هذا الرّجل الذى رأيته فى النوم؟ قال: نعم، أنعت لك رجلا بين الرّجلين، جسمه ولحمه، أسمر إلى البياض، أكحل العينين، حسن الضحك، جميل دوائر الوجه، قد ملأت لحيته ما بين هذه إلى هذه، قد ملأت نحره».

ــ

(إنه كان يشبهه): كذلك ورد فى أحاديث مشابهة الحسن وغيره له صلى الله عليه وسلم ومر الجواب عن ذلك.

393 -

(وكان يكتب المصاحف): إشارة إلى بركة عمله وحلمه، فلذا رأى تلك الرؤية العظيمة. (بين الرجلين): أى ليس ببائن ولا قصير كما مر. (جسمه): مبتدأ مؤخر وبين الرجلين خبره، وهو فاعل الظرف. (ما بين هذه إلى هذه): إشارة لعرضها.

(ملأت نحره): إشارة لطولها. (ما كان مع هذا النعت): أى لا أعلم الذى وجد من

= عبد الواحد من زياد به فذكره. قال الحافظ فى الفتح (12/ 400): إسناده جيد، وعاصم بن كليب: صدوق رمى بالإرجاء (التقريب 3075)، وأبيه كليب بن شهاب: صدوق (التقريب 5660).

393 -

إسناده ضعيف والحديث صحيح: يزيد الفارسى قال فيه الحافظ: مقبول. ورواه أحمد فى المسند (1/ 361،362)، من طريق محمد بن جعفر به فذكره. والحديث المرفوع يشهد له ما تقدم.

ص: 603

قال عوف: ولا أدرى ما كان مع هذا النّعت.

فقال ابن عباس: «لو رأيته فى اليقظة ما استطعت أن تنعته فوق هذا» .

394 -

حدثنا عبد الله بن أبى زياد، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعيد، قال:

حدثنا ابن أخى ابن شهاب الزهرى، عن عمه الزهرى قال: قال أبو سلمة: قال أبو قتادة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من رآنى-يعنى فى النّوم-فقد رأى الحقّ» .

ــ

صفاته فى الخارج مع هذا النعت هل هو مطابق له أو لا. وهذا ظاهر لا غبار عليه، ولم يهتد إليه من أبدى فيه تردد أن لغيره كلها متكلفة بل أكثرها تهافت. (وهو أقدم) إلخ: أى فمن توهم اتحادهما لاتحاد اسمهما أو بلدهما فقد وهم.

394 -

(أنا أكبر من قتادة): عرف من الذى روى هذا لكون قتادة يروى عن ابن عباس، أنه إذا كان راوى يزيد الذى هو عوف أكبر من راوى ابن عباس، لزم أن يزيد أدرك ابن عباس، فصح ما قدمه الترمذى، أن يزيد روى عن ابن عباس وأدركه، وإن لم يلزم رؤيته، إلا أنه يستأنس به لذلك. (فقد رأى الحق): أى الرؤيا الصحيحة كما مر. (والحق): مفعول به أى رأى الأمر الثابت الذى هو أنا بدليل رواية: «فقد رآنى رؤيا المؤمن الصالح» لرواية البخارى «الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة» والمراد فإنه رؤيا الصالحين وإلا فقد يرى الصالح الأضغاث نادرا لقلة تسلط الشيطان عليه.

394 - إسناده صحيح: رواه البخارى فى التعبير (6996)، ومسلم فى الرؤيا (67)، وأحمد فى المسند (5/ 306)، والدارمى فى الرؤيا (2/ 124)، والبغوى فى شرح السنة (3287)، كلهم من طرق عن يعقوب ابن إبراهيم بن سعيد به فذكره.

ص: 604

395 -

حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، أنبأنا معلّى بن أسد، حدثنا عبد العزيز ابن المختار، حدثنا ثابت، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«من رآنى فى المنام فقد رآنى، فإنّ الشّيطان لا يتخيّل بى» .

قال:

«ورؤيا المؤمن جزء من ستّة وأربعين جزءا من النّبوّة» .

ــ

395 -

(من ستة وأربعين جزءا من النبوة): استشكل كونها جزءا من النبوة، مع أن النبوة انقطعت بموته صلى الله عليه وسلم. وأجيب: بأنها من غير النبوة جزءا من أجزائها مجازا، أو أنها جزء من علم النبوة، لأنها وإن انقطعت، فعلمها باق، ولا ينافية قول مالك رحمه الله لما سئل أيعبر الرؤيا كل أحد؟ فقال: أبالنبوة يلعب؟ ثم قال: الرؤيا جزء من النبوة، لأنه لم يرد أنها نبوة باقية، بل أنها لما أشبهتها من جهة الاطلاع على بعض الغيب، لا ينبغى أن يتكلم فيها بغير علم، فكذلك الشبه سميت جزءا من النبوة ولا يلزم من إثبات الجزء لشىء إثبات الكل له، ألا ترى أنا نقول: الله أكبر جزء من الأذان، ولا يسمى أذانا.

وصح: «ذهبت النبوة وبقيت المبشرات» . وعند أحمد: «لم يبق بعدى من المبشرات إلا النبوة» ، وعند مسلم «أنه صلى الله عليه وسلم لما كشف الستارة فى مرض موته، والناس خلف أبى بكر قال: أيها الناس لم يبق من مبشرات النبوة، إلا الرؤيا الصالحة، يراها المسلم، أو ترى له» . والتعبير بالمبشرات الغالب فإن من الرؤيا ما تكون منذرة أى: وهى صادقة يريها الله للمؤمن رفقا به يستعد لما سيقع به، وقوله:«من الرجل فى هذا» وأمثاله لا مفهوم له اتفاقا والمرأة الصالحة كذلك، وقوله:«من ستة وأربعين، هو ما فى أكثر كتب الأحاديث. وعند مسلم: «من خمسة وأربعين» وفى رواية له أيضا: «من سبعين جزءا» : وعند الطبرانى: «من ستة وسبعين» وهو ضعيف، وعند ابن عبد البر:«من ستة وعشرين» ، وعند النووى:«من أربعة وعشرين» ، وهذا أقل ما ورد فى ذلك، وأكثرها رواية-ستة وسبعين-، وبقيت روايات أخرى. وحكمة كونها جزءا من ستة

395 - إسناده صحيح: رواه البخارى فى التعبير (6994)، ومسلم فى الرؤيا (2267)، وأبو داود (5018)، وأحمد فى مسنده (5/ 316،619)، والبغوى فى شرح السنة (12/ 226)، (3286)، من طريق معلّى بن أسد به فذكره.

ص: 605

396 -

حدثنا محمد بن على، قال: سمعت أبى يقول: قال عبد الله بن المبارك:

«إذا ابتليت بالقضاء فعليك بالأثر» .

397 -

حدثنا محمد بن على، حدثنا النضر بن عون، عن ابن سيرين، قال:

«هذا الحديث دين، فانظروا عمّن تأخذون دينكم» .

ــ

وأربعين، أن زمن الوحى ثلاثة وعشرون سنة، منها ستة أشهر كانت زمن رؤيا النوم، فصارت جزءا من ستة وأربعين. وورد: بأن زمن الرؤيا لم يصح أنه ستة أشهر، ويؤيده قول الخطابى: لم يسمع فى ذلك أثر، وكأن قائل ذلك قاله على سبيل الظن، والظن لا يغنى من الحق شيئا، وليس كل ما خفى علينا علمه، لزمنا حجته كأعداد الركعات، وأيام الصيام انتهى. وبأنه اختلف فى قدر مدة الوحى يقظة، وبأنه ينفى رواية السبعين جزءا وغيرها بغير معنى.

396 -

(إذا ابتليت بالقضاء): عده بلية لشدة خطره. (بالأثر): أى الاقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين فى أحكامهم وأقضيتهم.

397 -

(هذا الحديث. . .) إلخ: وجه الختم بهذا والذى قبله الترغيب فى علم السنة لا سيما عند الارتباك فى البلايا والمحن، والاحتياط فى أخذه، فيتحرى له أهل الدين دون غيرهم.

جعلنا الله منهم بمنه وكرمه وأجزل لنا من مدد سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ما تقر به أعيننا، وتزكو بصفائه نفوسنا، إنه ولى ذلك، والقادر عليه، آمين، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.

وصلى الله على السيد الأعظم، والرسول الأكمل الأفخم سيدنا محمد سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين، نعم المولى ونعم النصير.

396 - أثر صحيح.

397 -

إسناده صحيح: رواه مسلم فى المقدمة (1/ 84 نووى) بلفظ.

ص: 606

قال مؤلفه-العلامة الرحلة الفهامة شيخ مشايخنا الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر رحمه الله: وافق الفراغ منه، ثامن عشرين رمضان سنة تسع وأربعين وتسعمائة بعد عصر الجمعة، تجاه الكعبة بالمسجد الحرام، وكان الابتداء فيه ثالث رمضان المذكور من السنة، ختمها بخير آمين، والحمد لله رب العالمين.

وافق الفراغ من كتابته على يد أحقر العباد مصطفى جعله الله ممن اصطفى، ثانى عشرين رمضان سنة خمس وعشرين ومائة بعد الألف، بين الصلاتين من يوم الخميس، وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد، الذى جعل إرساله رحمة، وقوله حكمة، اللهم ارزقنا رؤيته، واجعلنا من متقى أمته، واسقنا من حوضه كأسا لا نظمأ بعده أبدا، واحشرنا، واجعلنا من السابقين السابقين. . . آمين.

***

ص: 607