الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُمَا وَاجِبَانِ فِي الطَّهَارَتَينِ. وَعَنْهُ، أَنَّ الاسْتِنْشَاقَ وَحْدهُ وَاجِبٌ فِيهِمَا. وَعَنْهُ، أَنَّهُمَا وَاجِبَانِ فِي الْكُبْرَى دُونَ الصُّغْرَى.
ــ
والاسْتِنْشاقِ. رَواه أبو داودَ (1). ولأنَّ الكَيفيَّةَ في الغَسْلِ غيُر واجبةٍ. ولا يَجِبُ التَّرْتِيبُ بينَ المَضْمَضَةِ والاسْتِنْشاقِ، وبينَ الوَجْهِ؛ لأَنَّهما مِن جُمْلَتِه، لكنْ يُسْتَحَبُّ أن يَبْدأ بهما؛ لأنَّ الذين وَصَفُوا وُضوءَ النبيٍّ صلى الله عليه وسلم، ذَكَرُوا أَنَّه بَدأَ بهما إلَّا شيئًا نادِرًا. وهل يَجِبُ التَّرْتِيبُ بينَهما وبينَ سائرِ الأعْضاء؟ على رِوايَتَين؛ إِحْداهُما، يَجِبُ؛ لأنَّهما مِن الوَجْهِ، فوَجَبَ غَسْلُهما قبلَ اليَدَينِ، كسائِرِه. والثانيةُ، لا يَجِبُ، بل لو تَرَكَهما وصَلَّى، تَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ وأعادَ الصلاةَ، ولم يُعِدِ الوُضُوءَ؛ لما رَوَى المِقْدامُ بنُ مَعْدِ يكَرِبَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بوَضُوءٍ، فغَسَلَ كَفَّيه ثلاثًا، ثم غَسَل وَجهه ثلاثًا، ثم غَسَل ذِراعَيه ثلاثًا، ثم تَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ. رَواه أبو داودَ (2). قال أصحابُنا: وهل يُسَمَّيانِ فَرْضًا، إذا قُلنا بوُجُوبِهما؟ على رِوايَتَينِ. وهو مَبْنيٌّ على اخْتِلافِ الرِّوايَتَينِ في الواجِبِ، هل يُسَمَّى فَرْضًا أم لا؟ والصحيحُ: تَسْمِيَتُه فَرْضًا، فيُسَمَّيانِ فرضًا. واللهُ أعلمُ.
95 - مسألة؛ قال: (وهما واجِبانِ في الطهارَتَينِ. وعنه: أنَّ
(1) في: باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 30.
(2)
في: باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 27. ووضع قوله «ثم تمضمض واستنشق ثلاثا» بين معقوفين، وجاء بعد قوله: «فغسل كفيه ثلاثا». ولعله تصرف من الناشر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الاسْتِنْشاقَ وَحدَه واجبٌ. وعنه: أنَّهُما واجِبانِ في الكُبْرَى دُونَ الصُّغْرَى) وجُمْلَة ذلك أن المَضْمَضَةَ والاسْتِنْشاقَ واجبانِ في الطَّهارَتَينِ، الغُسْلِ والوُضُوءِ جميعًا؛ لأنَّ غَسْلَ الوَجْهِ فيهما وَاجِبٌ، وهما مِن الوَجْهِ. هذا المشهورُ في المذهب، وهو قول ابن المُبارَكِ، وابن أبي لَيلَى، وإسحاقَ. ورُوِيَ عن أحمدَ أن الاسْتِنْشاقَ وَحده واجِبٌ في الطَّهارَتَينِ. ذَكَر القاضي ذلك في «المُجَرَّدِ» ، رِوايةً واحِدةً. وبه قال أبو عُبَيدٍ، وأبو ثَوْرٍ، وابن المُنذِرِ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذَا تَوَضَّأَ أحَدُكُمْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَلْيَجْعَلْ في أنْفِهِ (1) ثُمَّ لْيَنْثُرْ». مُتَّفَقٌ عليه (2). ولمسلم: «مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْشِق» (3). أمْرٌ، والأمْرُ يَقْتَضِي الوُجُوبَ، ولأنَّ الأنْفَ لا يَزالُ مفتوحًا، وليس له غِطاءٌ يَسْتُرُه، بخِلاف الفَمِ. وقال غيرُ القاضي مِن أصحابِنا، عن أحمد رِوايَةً أُخْرَى: أنَّهما واجِبانِ في الكُبْرَى، دُونَ الصُّغْرَى. وهذا مذهبُ الثَّوْرِيِّ، وأصحابِ الرَّأْي؛ لأنَّ الكُبْرَى يَجِبُ فيها غَسْلُ ما تحتَ الشُّعُورِ الكَثِيفَةِ، ولا يَمْسَحُ فيها على الخُفَّينِ، فوَجَبا
(1) في حاشية الأصل بعده «ماء» . وما هنا موافق لما في صحيح البخاري، على حذف المفعول، وانظر حاشية الصحيح.
(2)
أخرجه البخاري، في: باب الاستجمار وترا، من كتاب الوضوء. صحيح البخاري 1/ 52. ومسلم، في: باب الإيتار في الاستنثار والاستجمار، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 212.كما أخرجه أبو داود، في: باب في الاستنثار، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 31. والنسائي، في: باب اتخاذ الاستنشاق، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 57. والإمام مالك، في: باب العمل في الوضوء، من كتاب الطهارة. الموطأ 1/ 19. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 242، 278.
والذي، ورد:«ثم لْيَنْثِرْ» و «ثم لْيَنْتِثرْ» و: «ثم لْيَسْتَنثِرْ» .
(3)
أخرجه مسلم، في: باب الإيتار في الاستنثار والاستجمار، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 212.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيها، بخِلافِ الصُّغْرَى. وقال مالكٌ، والشافعيٌّ: هما مَسْنُونانِ في الطَّهارَتَينَ. ورُوِيَ ذلك عن الحسن، في الحَكَمِ (1)، ورَبِيعَةَ، واللَّيثِ، والأوْزاعيِّ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:«عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرةِ» . وذَكَرَ مِنها المَضْمَضَةَ والاسْتِنْشاقَ (2). والفِطْرةُ: السُّنَّةُ. وذِكْرُه لَهُما مِنَ الفطرة يَدُلُّ على مُخالفَتِهما لسائِرِ (3) الوُضُوءِ. ولأنَّهما عُضْوانِ باطِنانِ، فلم يَجِبْ غَسْلُهما، كباطِنِ اللِّحَيِة وداخِلِ العَينَينِ. ولأنَّ الوَجْهَ ما تَحصُلُ به المُواجَهةُ، ولا تَحْصُلُ المُواجهَةُ بِهِما. ولَنا، ما رَوَتْ عائِشةُ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«المَضْمَضَةُ والاسْتِنْشاقُ مِنَ الوُضُوء الَّذِى لَابُدَّ مِنْهُ» . رَواه أبو بكرٍ فِي «الشّافِي» . وعن أبي هُرَيرَةَ، قال: أَمَرَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالمَضْمَضَةِ والاسْتِنْشاقِ. وفي حديثِ لَقِيطِ بنِ صَبِرة (4): «إذَا تَوَضَّأَتَ فَتَمَضْمَضْ» . رَواه أبو داود (5)، وأخْرَجَهما الدَّارَقُطْنِي (6). ولأنَّ كل مَن وَصَف وُضوءَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَقْصًى، ذَكَر أنَّه تَمَضْمَض
(1) أبو مطيع الحكم بن عبد الله البلخي الفقيه، صاحب أبي حنيفة، المتوفي سنة تسع وتسعين ومائة. الجواهر المضية 4/ 87.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 253.
(3)
في حاشية الأصل بعد هذا: «أعضاء» .
(4)
لقِيط بن صَبِرة بن عبد الله بن المُنْتَفِق العامري، أبو عاصم، عداده في أهل الحجاز روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه، ابنه عاصم. أسد الغابة 4/ 522، 523، الإصابة 5/ 685.
(5)
في: باب في الاستنثار، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 32. وفيه:«فمضمض» .
(6)
في م: «وأخرجه» . وهو. يعني حديث عائشة الذي رواه أبو بكر في «الشافي» ، وحديث أبي هريرة، والأول أخرجه الدارقطني، في: باب ما روى في الحث على المضمضة والاستنشاق والبداءة بهما أول الوضوء، من كتاب الطهارة. والثاني أخرجه الدارقطني في: باب ما روى في المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني 1/ 84، 116.