الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ كانَ كَثِيرًا، فَهُوَ طَاهِرٌ، إلا أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ بَوْلًا، أَوْ عَذِرَة مَائِعَةً، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا، لَا يَنْجُسُ، وَالأخْرَى يَنْجُسُ،
ــ
16 - مسألة؛ قال: (وإن كان كثيرًا، فهو طاهرٌ)
ما لم تكُنِ النَّجاسةُ بَوْلًا أو عَذِرَةً مائِعةً (1)، بغيرِ خِلافٍ في المذهبِ، رُوى ذلك عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ (2). وهو قولُ الشافعيِّ. ورُوىَ عن ابنِ عباسٍ، قال: إذا كان الماءُ ذَنُوبَين، لم يَحْمِلِ الخَبَثَ. وقال عِكْرِمَةُ: ذَنُوبًا، أو ذَنُوبَين. وذهب أبو حنيفةَ، وأصْحابُه إلى أنَّ الماءَ الكثيرَ يَتَنَجَّسُ بالنجاسةِ مِن غيرِ تَغَيُّرٍ (3)، إلَّا أنْ يَبْلُغَ حدًّا يَغْلِبُ على الظَّنِّ أنَّ النجاسةَ لا تَصِلُ
(1) ساقطة من: «م» .
(2)
في الأصل: «عمرو» .
(3)
في م: «تغيير» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إليه، واخْتَلَفُوا في حَدِّه، فقال بعضُهم: ما إذا حُرِّك أحَدُ طَرَفَيه لم يَتَحَرَّكِ الآخَرُ. وقال بعضُهم: ما بَلَغ عَشَرَةَ أذْرُعٍ في مثلِها، وما دونَ ذلك قليلٌ، وإن بَلَغ ألفَ قُلَّةٍ، لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لا يَبُولَنَّ أحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ الَّذِى لا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). نَهَى عن
(1) أخرجه البخاري، في: باب الماء الدائم، من كتاب الوضوء. صحيح البخاري 1/ 69. ومسلم، في: باب النهي عن البول في الماء الراكد، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 235.
كما أخرجه أبو داود، في: باب البول في الماء الراكد، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 17. والنسائي، في: باب النهي عن اغتسال الجنب في الماء الدائم، وباب النهي عن البول في الماء الراكد والاغتسال فيه، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 103، 104، 162. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 433.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الاغْتِسالِ مِن الماءِ الرَّاكِدِ بعدَ البَوْلِ فيه، ولم يُفَرِّقْ بينَ قليله وكَثيرِه. ولأنَّه ماءٌ حَلَّتْ فيه نجاسةٌ لا يُؤْمَنُ انْتِشارُها إليه، أشْبَهَ اليَسِيرَ. ولَنا، خَبَرُ القُلَّتَين، وبئرِ بُضاعةَ، اللَّذان ذكرْناهُما، معَ أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد أُخْبِرَ أنَّ بِئرَ بُضاعةَ يُلْقَى فيه الحِيَضُ والنَّتَنَ ولحومُ الكلابِ، مع أنَّ بِئْرَ بُضاعَةَ لا يَبْلُغُ الحَدَّ الذي ذَكَرُوه. قال أبو داودَ: قَدَّرْتُ بئرَ بُضاعةَ فوجَدْتُها سِتَّةَ أذْرُع، وسألْتُ الذي فَتَح لي بابَ البُسْتانِ: هل غُيِّرَ بِناؤُها؟ قال: لا. وسألتُ قَيِّمَها عن عُمْقِها، فقلتُ: أكْثَرُ ما يكون فيها الماءُ؟ فقال: إلى العانَةِ. قلت: فإذا نَقَص. قال: دُونَ العَوْرَةِ. ولأنَّه ماءٌ يبلغُ القُلَّتَين، فأشْبَهَ الزائدَ على عشرةِ أذْرُعٍ، وحديثُهم عامٌّ، وحديثُنا خاصٌّ، فيَجِبُ تَخْصِيصُه به، وحديثُهم لابُدَّ مِن تَخْصِيصِه بما زادَ على الحدِّ الذي ذَكَرُوه، فيكونُ تخصيصُه بقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى مِن تَخْصِيصِه بالرَّأْىِ والتَّحكُّمِ مِن غيرِ أصلٍ، ومَا ذكروه مِن الحَدِّ تقديرٌ مِن غيرِ تَوْقِيفٍ، ولا يُصارُ إليه بغيرِ نصٍّ ولا إجماعٍ، ثم إنَّ حديثَهم خاصٌّ في البَوْلِ، وهو قَوْلُنا في إحْدَى الرِّوايَتَين، جمعًا بين الحَدِيثَين، فَنَقْصُرُ الحُكْمَ على ما تناولَه النَّصُّ، وهو البولُ؛ لأنَّ له مِن التَّأْكِيدِ والانْتِشارِ ما ليس لغيرِه.