الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُستَحَبُّ تَكْرَارُهُ وَعَنْهُ، يُسْتَحَبُّ.
ــ
القَذَال (1)، وما يَلِيه مِن مُقَدَّمِ العُنُقِ. رَواه أحمدُ في «المُسْنَدِ» (2)، من رِوايةِ لَيثِ بنِ أبي سُلَيمٍ، وهو مُتَكَلَّمٌ فيه (3). ولِما رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«امْسَحُوا أعْنَاقَكُمْ مَخَافَةَ الغُلِّ» (4). ذَكَرَه ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصُولِ» . والثانيةُ، لا يُسْتَحَبُّ؛ لأنَّ اللهَ تعالى لم يَأْمُرْ به. ولأنَّ الذين حَكَوْا وُضُوءَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عثمانُ، وعليٌّ، وعبدُ اللهِ بنُ زيدٍ، وابنُ عباسٍ، لم يَذْكُرُوه، ولم يَثْبُتْ فيه حديثٌ.
102 - مسألة: (ولا يُسْتَحَبُّ تَكْرارُه، وعنه، يُسْتَحَبُّ)
الصحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه لا يُسْتَحَبُّ التَّكْرارُ في مَسْحِ الرَّأْسِ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، ومالكٍ. ويُرْوَى عن ابنِ عُمَرَ، وابْنِه سالِمٍ، والحَسَنِ،
(1) القذال: جماع مؤخر الرأس.
(2)
المسند 3/ 481.
كما أخرجه أبو داود، في: باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 29. قال ابن حجر: إسناده ضعيف. انظر تلخيص الحبير 1/ 92.
(3)
انظر: الجرح والتعديل 3/ 2 / 177 - 179.
(4)
حديث موضوع لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. انظر تلخيص الحبير 1/ 92.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومُجاهِدٍ. قال التِّرمِذِيُّ (1): والعَمَلُ عليه عندَ أكثرِ أَهلِ العلمِ مِن أصحابِ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ومَن بعدَهم. وعن أحمدَ، أنَّه يُسْتَحَبُّ. يُرْوَى ذلك عن أنَسٍ، وعطاءٍ، وسعيدِ بنِ جُبَيرٍ. وهو قولُ الشافعيِّ؛ لِما رَوَى أبو داودَ (2)، عن شَقِيقِ بنِ سَلَمَةَ، قال: رَأَيتُ عثمانَ غَسَل ذِراعَيه ثلاثًا، ومَسَح برَأْسِه ثلاثًا، ثم قال: رَأْيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَل مِثْلَ هذا. ورُوِيَ مثلُ ذلك عن غيرِ واحِدٍ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. ورَوَى عليٌّ، وابنُ عُمَرَ، وأبو هُرَيرَةَ، وأُبَيُّ بنُ كَعْبٍ، وغيرُهم، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ ثلاثًا ثلاثًا (3). وفي حديثِ أُبَيٍّ، قال:«هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ المُرْسَلِينَ قَبْلِي» . رَواه ابنُ ماجه (4) وقِياسًا على سائِرِ الأعْضاءَ. ووَجْهُ الرِّوايَةِ الأولَى، أنَّ عبدَ الله بنِ زيدٍ وَصَف وُضوءَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: مَسَح برَأْسِه مَرَّةً واحِدَةً. مُتَّفَقٌ عليه (5). وكذلك رَوَى عليٌّ، وقال: هذا وُضوءُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مَن أحَبَّ أن يَنْظرُ إلى طُهُورِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فلْيَنْظُرْ إلى هذا. قال التِّرمِذِيُّ: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ (6). وكذلك وَصَف عبدُ اللهِ بنُ أبي أَوْفَى، وابنُ عباسٍ،
(1) في: باب ما جاء أن مسح الرأس مرة، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 52، 53.
(2)
في: باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 25. وانظر: باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 144.
(3)
أحاديث علي وابن عمر وأبي هريرة؛ أخرجها ابن ماجه، في: باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، من كتاب الطهارة وسننها. أما حديث أبي، فقد أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في الوضوء مرة ومرتين وثلاثا، من كتاب الطهارة وسننها. سنن ابن ماجه 1/ 144 - 146.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 291.
(5)
تقدم تخريجه في صفحة 295.
(6)
عارضة الأحوذي 1/ 65.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وسَلَمَةُ بنُ الأكْوَعِ، والرُّبَيِّعُ (1)، كلُّهم قالوا: ومَسَح برَأْسِه مَرَّةً واحِدَةً. وحِكايَتُهُم لوُضوءِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إخْبارٌ عن الدَّوامِ، ولا يُداومُ إلَّا على الأفْضَلِ. وحِكايَةُ ابنِ عباسٍ وُضُوءَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في اللَّيلِ حال خَلْوَتِه، ولا يَفْعَلُ في تلك الحالِ إلَّا الأفْضَلَ. ولأنَّه مَسْح في طهارةٍ، فلم يُسَنَّ تَكْرارُه، كالمَسْحِ على الجَبِيرَةِ والخُفَّين، وأحادِيثُهم لا يَصِحُّ مِنها شيءٌ صَرِيحٌ. قال أبو داودَ (2): أحاديثُ عثمانَ الصِّحاحُ كلُّها، تَدُلُّ على أنَّ مَسْحَ الرَّأسِ مَرَّةٌ، فإنَّهُم ذَكَرُوا الوُضُوءَ ثلاثًا ثلاثًا، وقالُوا فيها: ومَسَح رَأْسَه. ولم يَذْكُرُوا عَدَدًا. والحديثُ الذي ذَكَر فيه: مَسَح رَأْسَه ثلاثًا. رَواه يَحْيَى بنُ آدَم (3)، وخالفَه وَكيعٌ (4)، فقال: تَوَضَّأ ثلاثًا فَقَطْ. والصحيحُ المُتَّفَقُ عليه عن عثمانَ، أنَّه لم يَذْكُرْ في مَسْحِ الرَّأْسِ عَدَدًا. ومَن رُوِيَ عنه ذلك سِوَى عثمانَ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّهم الذين رَوَوْا أحادِيثَنا، وهي صحيحةٌ، فيَلْزَمُ مِن ذلك ضَعْفُ ما خالفَها، والأحاديثُ التي ذَكَرُوا فيها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ ثلاثًا ثلاثًا، أرادُوا بها سِوَى المَسْحِ؛ لأنَّهم حينَ فَصَّلُوا قالُوا: ومَسَح برَأْسِه مَرَّةً واحِدَةً (5). والتَّفْصِيلُ يُحْكَمُ به على الإِجمالِ، ويَكُونُ تَفْسِيرًا له (6)، ولا يُعارِضُه، كالخاصِّ
(1) أحاديث ابن عباس وسلمة بن الأكوع والربيع، سبق تخريجها على التوالي في صفحات 49، 57، 60.
(2)
في: باب صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 24/ 1، 25.
(3)
يحيى بن آدم الكوفي المقرئ الحافظ الفقيه، المتوفي سنة ثلاث ومائتين. العبر 1/ 343.
(4)
وكيع بن الجراح بن مَلِيح، الرُّؤاسي، أبو سفيان الكوفي الحافظ. توفي سنة ست وتسعين ومائة، وقيل: سنة سبع وتسعين ومائة. تهذيب التهذيب 11/ 123 - 131.
(5)
في م زيادة: «قالوا» .
(6)
سقطت من: «م» .