الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْبِدَايَةُ بِالْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ، وَالْمُبَالغَةُ فِيهِمَا، إلا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا.
ــ
76 - مسألة؛ قال: (والبِدايةُ بالمَضْمَضَةِ والاسْتِنْشاقِ، والمُبالغَةُ فيهما، إلَّا أن يَكُونَ صائِمًا)
البدايةُ بالمَضْمَضَةِ والاسْتِنْشاقِ قبلَ غَسْلِ الوجْهِ مُسْتَحَبٌّ؛ لأنَّ عُثمانَ وعَلِيًّا وعبدَ اللهِ بنَ زيدٍ ذَكَرُوا ذلك في صِفَةِ وُضُوءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والمُبالغَةُ فِيهما سُنَّةٌ، والمُبالغَةُ في المَضْمَضَةِ: إدارَةُ الماءِ في أعماقِ الفَمِ وأقاصِيه، ولا يَجْعَلُه وَجُورًا (1) ثم يَمُجُّه، وإن ابْتَلَعَه جازَ؛ لأنّ الغَسْلَ قد حَصَل. ومعنى المُبالغَةِ في الاسْتِنْشاقِ: اجْتِذابُ الماءِ بالنَّفَسِ إلى أقْصَى الأنْفِ، ولا يَجْعَلُه سَعُوطًا (2)، وذلك لما روَى لَقِيطُ بنُ صَبِرَةَ، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ،
(1) الوجور: الدواء يوجر في الفم.
(2)
السَّعُوط: اسم الدواء يُصَبَّ في الأنف.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أخْبِرْنِي عن الوُضُوءِ. قال: «أسْبغِ الوُضُوءَ، وخَلِّلْ بَينَ الأصَابِعِ، وَبَالِغْ في الاسْتِنْشَاقِ إلَّا أنْ تكُونَ صَائِمًا» . رواه أبو داودَ، والتِّرْمِذِيُّ (1)، وقال: حديثٌ حسن صحيحٌ. ثَبَتَ بذلك اسْتِحْبابُ المُبالغةِ في الاسْتِنْشاقِ، وقِسْنا عليه المَضْمَضَةَ، ولأنّه مِن جُمْلَةِ إسْباغِ الوُضُوءِ المأْمُورِ به. وقال أبو حَفْصٍ العُكْبَرِيُّ: هي واجِبَةٌ في الاسْتِنْشاقِ على غيرِ الصّائِمِ؛ للحديثِ المَذْكُورِ. فأمّا الصّائِمُ فلا يُسْتَحَبُّ له المُبالغَةُ فيهما، لا نَعْلَمُ فيه خلافًا؛ لما ذكرْناه مِن الحديثِ.
(1) أخرجه أبو داود، في: باب الاستنثار، من كتاب الطهارة، وفي باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق، من كتاب الصوم. سنن أبي داود 1/ 31، 552. والترمذي، في: باب في تخليل الأصابع، من أبواب الطهارة، وفي: باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذي 1/ 56، 3/ 312.
كما أخرجه النسائي، في: باب المبالغة في الاستنشاق، وباب الأمر بتخليل الأصابع، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 57، 67. وابن ماجة، في: باب المبالغة في الاستنثاق والاستنثار، وباب تخليل الأصابع، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجة 1/ 142، 153. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 33، 211.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويُسْتَحَبُّ المُبالغةُ في غَسْلِ سائِرِ الأعْضاءِ بالتَّخْلِيلِ، ودَلْكِ المَواضِعِ التي يَنْبُو عنها الماءُ، ويُسْتَحَبُّ مُجاوَزَةُ مَوْضِعِ الوُجُوبِ بالغَسْلِ، لما رَوَى نُعَيمٌ المُجْمِرُ، أنَّه رَأَى أبا هُرَيرَةَ يَتَوَضَّأُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ويَدَيه حتَّى كادَ يَبْلُغُ المَنْكِبَين، ثم غَسَلَ رِجْلَيه حتَّى رَفَعَ إلى السَّاقَين، ثم قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ أُمَّتِي يَأْتُون يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الوُضُوءِ، فَمَن اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). ولمُسْلِمٍ (2) عنه، سمعتُ خَلِيلي صلى الله عليه وسلم، يقول:«تَبْلُغُ الحِلْيَةُ مِنَ المُؤْمِنِ حَيثُ يَبْلُغُ الوُضُوءُ» .
(1) أخرجه البخاري، في: باب فضل الوضوء والغر المحجلون من آثار الوضوء، من كتاب الوضوء. صحيح البخاري 1/ 46. ومسلم، في: باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 216.
(2)
في: باب تبلغ الحلية حيث يبلغ الوضوء، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 219. كما أخرجه النسائي، في: باب حلية الوضوء، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 79. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 371.