الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَسْتَاكُ عَرْضًا، وَيَدَّهِنُ غِبًّا، وَيَكْتَحِلُ وتْرًا.
ــ
70 - مسألة: (ويَسْتاكُ عَرْضًا، ويَدَّهِنُ غِبًّا، ويَكْتَحِلُ وترًا)
لما رُوى أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «اسْتَاكُوا عَرْضًا، وادَّهِنُوا غِبًّا، واكْتَحِلُوا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وترًا» (1). ولأن السِّواكَ طُولًا رُبَّما أدْمَى اللِّثَةَ وأفْسَدَ الأسْنانَ. ورَوَى الطَّبَرانِيُّ (2) بإسْنادِه، عن بَهْزٍ، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يَسْتاكُ عَرْضًا. فإنِ اسْتاكَ على لِسانِه أو حَلْقِه، فلا بأْسَ أنْ يَسْتاكَ طُولًا؛ لما روَى أبو موسى، قال: دَخَلْت على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو يَسْتاكُ، وهو واضِعٌ طَرَفَ
(1) قال الزرقاني: لا أصل له بهذا اللفظ. نعم ورد معناه في أحاديث. مختصر المقاصد الحسنة 56.
وقال ابن الدبيع: قال ابن الصلاح: بحثت عنه فلم أجد له أصلا، ولا ذكر له في شيء من كتب الحديث، والجملة الأولى منه رواها أبو نعيم في كتاب السؤال، من حديث عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسْتاك عَرْضًا، ولا يستاك طولًا. وفي مسنده، عبد الله بن حكيم، وهو متروك، والجملة الثانية صححها الترمذي وابن حبان، من حديث عبد الله بن مغفل، قال: نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الترجل إلا غبا. والجملة الثانية عن أبي داود، عن أبي هريرة، رفعه:«مَن اكتحَلَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أحْسَن، ومَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» . تمييز الطيب من الخبيث 22.
وقد مرت أحاديث السواك. وانظر للترجل غبًّا ما أخرجه أبو داود، في: أول كتاب الترجل. سنن أبي داود 2/ 394. والترمذي، في: باب ما جاء عن النهي عن الترجل إلا غبا، من أبواب اللباس. عارضة الأحوذي 7/ 258. والنسائي، في: باب الترجل غبا، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 114. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 86. وعن الاكتحال وترا، ما أخرجه أبو داود، في: باب الاستتار في الخلاء، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 8. وابن ماجه، في: باب الارتياد للبول والغائط، من كتاب الطهارة، وفي: باب من اكتحل وترا، من كتاب الطب. سنن ابن ماجه 1/ 122، 2/ 1157. والدارمي، في: باب التستر عند الحاجة، من كتاب الوضوء. سنن الدارمي 1/ 169. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 356، 371، 4/ 156.
(2)
المعجم الكبير 1/ 47، 48.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
السِّواكِ على لِسانِه، يَسْتَنُّ إلى فَوْقَ. فوَصَفَ حَمّادٌ كأَنه يَرْفَعُ سِواكَه، قال حَمّادٌ: ووَصَفَه لَنا غَيلانُ، قال: كأنه يَسْتاكُ طُولًا. رواه الإِمامُ أحمدُ (1). وروَى الخَلّالُ بإسْنادِه، عن عبدِ الله بنِ مُغَفَّل، قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الترجُّلِ إلا غِبًّا (2). قال أحمدُ: مَعْناه، يَدَّهِنُ يَوْمًا ويوْمًا. وروَى جابرُ بنُ عبدِ الله، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «عَلَيكُمْ
(1) في المسند 4/ 417.
(2)
أخرجه أبو داود، في: أول كتاب الترجل. سنن أبي داود 2/ 394. والترمذي، في: باب ما جاء في النهي عن الترجل إلا غبا، من أبواب اللباس. عارضة الأحوذي 7/ 258. والنسائي، في: باب الترجل غبا، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 114. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 86.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالإثْمِدِ، فإنَّه يَجْلُو البَصَرَ، وَيُنْبِتُ الشَّعَرَ» (1). وروَى أبو داودَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:«مَنِ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أحْسَنَ، وَمَنْ لا فَلا حَرَجَ» (2). والوتر ثَلاثٌ في كلِّ عَين، وقِيل: ثلاثٌ في اليُمْنَى، واثنانِ في اليُسرى؛ ليَكُونَ الوتر حاصِلًا في العَينَين معًا.
(1) أخرجه ابن ماجه، في: باب الكحل بالإثمد، من كتاب الطب. سنن ابن ماجه 2/ 1156. وذكره الترمذي، في: باب ما جاء في الاكتحال، من أبواب اللباس. عارضة الأحوذي 7/ 259. ومثله عن ابن عمر، أخرجه ابن ماجه، في: باب الكحل بالإثمد، من كتاب الطب 2/ 1156.
وفي الباب عن ابن عباس رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن خَير أكحالِكم الإثْمِدُ، يَجلُو البَصَرَ، وينبِتُ الشعَرَ» . أخرجه أبو داود، في: باب في الأمر بالكحل، من كتاب الطب، وفي: باب في البياض، من كتاب اللباس. سنن أبي داود 2/ 336، 373. والترمذي، في: باب ما جاء في الاكتحال، من أبواب اللباس، وفي: باب ما جاء في السعوط، من أبواب الطب. عارضة الأحوذي 7/ 259، 8/ 205. والنسائي، في: باب الكحل، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 129. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 231، 247، 274، 328، 363.
وفيه أيضًا عن عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة الأنصاري، عن أبيه، عن جده، نحوه، أخرجه أبو داود، في: باب الكحل عند النوم للصائم، من كتاب الصوم. سنن أبي داود 1/ 554. والدارمي، في: باب الكحل للصائم، من كتاب الصوم. سنن الدارمي 2/ 15. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 476، 500.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب الاستتار في الخلاء، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 8. وابن ماجه، في: باب الارتياد للغائط والبول، من كتاب الطهارة، وفي: باب من اكتحل وترا، من كتاب الطب. سنن ابن ماجه 1/ 121، 2/ 1157. والدارمي، في: باب التستر عند الحاجة، من كتاب الوضوء. سنن الدارمي 1/ 169، 170. وأخرج صدره الإمام أحمد، في: المسند 1/ 351، 356. ونحوه في: 4/ 156.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصولٌ في الفِطْرَةِ: روَى أبو هُرَيرةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الفِطْرَةُ خَمْسٌ؛ الخِتَان، والاسْتِحْدَادُ، وقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيم الأظْفَارِ، وَنَتْفُ الإبط» . مُتَّفَقٌ عليه (1). وروَى عبدُ الله بنُ الزُّبَيرِ، عن عائشةَ، قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «عَشْر مِنَ الفِطرةِ؛ قَصُّ الشَّارِبِ، وإعْفَاءُ اللِّحْيَة، والسِّوَاكُ، واسْتِنْشَاقُ المَاءِ، وقَصُّ الأظْفَارِ، وغَسْلُ البَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الإبط، وَحَلْقُ العَانَةِ، وانْتِقَاصُ المَاءِ» . قال بعضُ الرُّواةِ: ونَسِيتُ العاشرةَ، إلَّا أن تكونَ المَضْمَضةَ.
(1) أخرجه البخاري، في: باب قص الشارب، وباب تقليم الأظفار، من كتاب اللباس، وفي: باب الختان بعد الكبر ونتف الإبط، من كتاب الاستئذان. صحيح البخاري 7/ 206، 8/ 81. ومسلم، في: باب خصال الفطرة، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 221، 222. كما أخرجه أبو داود، في: باب في أخذ الشارب، من كتاب الترجل. سنن أبي داود 2/ 402. والترمذي، في: باب ما جاء في تقليم الأظفار، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذي 10/ 215. والنسائي، في: باب ذكر الفطرة، الاختتان، تقليم الأظفار، نتف الإبط، من كتاب الطهارة، وفي: باب من السنن الفطرة، وباب ذكر الفطرة، من كتاب الزينة. المجتبى 1/ 17، 18، 8/ 111، 158. وابن ماجه، في: باب الفطرة، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 107. والإمام مالك، في: باب ما جاء في السنة من الفطرة، من كتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم. الموطأ 2/ 921. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 229، 239، 283، 410، 489. وانظره أيضًا في 2/ 118، 4/ 264.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال وَكِيعٌ: انْتِقاصُ الماءِ يَعني الاسْتِنْجاءَ. رواه مسلم (1). الاسْتِحْدادُ: حَلْقُ العانَةِ، وهو مُسْتَحَبٌّ؛ لأنَّه مِن الفِطْرَةِ، ويَفْحُشُ بتَرْكِه، وبأيِّ شيءٍ أزاله فلا بَأسَ، لأنَّ المَقْصُودَ إزالته. قِيل لأبي عبدِ الله: تَرَى أن يَأخُذَ الرجلُ سِفْلَتَه بالمِقْراض، وإن لم يَسْتَقْص؟ قال: أرْجُو أن يُجْزِئ إن شاءَ اللهُ. قيل له (2): ما تقولُ في الرجلِ إذا نَتَفَ عانَتَه؟ قال: وهل يَقْوَى على هذا أحَدٌ؟ وإن اطَّلَى بالنُّورَةِ (3) فلا بَأسَ، ولا يَدَعُ أحدًا يلي عَوْرَتَه، إلَّا مَن يَحِلُّ له الاطِّلاعُ عليها؛ لما روَى الخَلّالُ بإسْنادِه عن نافعٍ، قال: كنتُ أطْلِي ابنَ عُمَرَ، فإذا بَلَغَ عانَتَه نَوَّرَها هو بيَدِه. وقد رُوِي ذلك عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم (4). والحَلْقُ أفْضَلُ؛ لمُوافَقَتِه الحديث الصحيحَ.
(1) في: باب خصال الفطرة، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 223. كما أخرجه أبو داود، في: باب السواك من الفطرة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 13. والنسائي، في: باب من السنن الفطرة، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 109، 110. والترمذي، في: باب ما جاء في تقليم الأظفار، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذي 10/ 216. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 137.
(2)
ساقطة من: م.
(3)
النورة: حجر الكلس، ثم غلبت على أخلاط تضاف إلى الكلس مَن زرنيخ وغيره، وتستعمل لإزالة الشعر.
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب في الإطلاء بالنورة، من كتاب الطهارات. المصنف 1/ 111. وأبو داود الطيالسي 1/ 360.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ونَتْفُ الإبطِ سُنَّةٌ؛ لأنَّه مِن الفِطرةِ، ويَفْحُشُ بتَرْكِه. وإن أزال الشَّعَرَ بالنُّورَةِ أو الحَلْقِ، جازَ، والنتفُ أفْضَلُ؛ لمُوافَقَتِهِ الخَبَر.
فصل: ويُسْتَحَبُّ تَقْلِيمُ الأظْفارِ؛ لما ذكرْنا، ولأنَّها تَتَفاحَشُ بتَرْكِها، ورُبَّما [حَكَّ بها](1) الوَسَخَ، فيجْتَمِعُ تَحْتَها مِن المَواضِع المُنْتِنَةِ، فيَصِيرُ رائِحَةُ ذلك في رُءُوس أصابِعِه، ورُبَّما مَنَعَ وصولَ الماءِ في الطَّهارةِ إلى ما تَحْتَه. ويُسْتَحَبُّ أن يُقَلِّمَها يومَ الخميس؛ لما رَوَى عليٌّ رضي الله عنه، قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُقَلِّمُ أظْفارَه يومَ الخَميسِ، ثم قال:«يا عَلِيُّ، قَصُّ الظُّفْرِ وَنَتْفُ الإبطِ وَحَلقُ العَانَةِ يَوْمَ الخَمِيسِ، والغُسْلُ والطِّيبُ واللِّبَاسُ يَوْمَ الجُمُعَة» (2). ورُوىَ في حَدِيثٍ: «مَن قَصَّ أظْفارَه مُخالِفًا، لَمْ يَرَ في عَينَيهِ رَمَدًا» (3). وفَسَّرَه أبو عبدِ الله ابنُ بَطَّةَ بأنْ يَبْدأ بخِنْصَرِه اليُمْنَى ثم الوُسْطى ثم الإبهام ثم البِنْصِرِ ثم السبابة، ثم بإبْهامِ اليُسْرَى ثم الوُسْطى ثم الخِنْصَرِ ثم السبابةِ ثم البنْصِرِ. ويُستحَبُّ غَسْلُ رُءُوس الأصابع بعدَ قَصِّ الأظْفارِ؛ لأنَّه قِيل: إنَّ الحَكَّ
(1) في م: «مكث» .
(2)
كنز العمال 6/ 658، 681. ونسبه للديلمي. وهو في: كتاب فردوس الأخيار، للديلمي 5/ 415.
(3)
انظر: تمييز الطيب من الخبيث 211، 212.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالأظْفارِ قبلَ غَسْلِها يَضُرُّ بالجَسَدِ. ويُسْتَحَبُّ دَفْنُ ما قَلَّمَ مِن أظْفارِه أو أزال مِن شَعَرِه؛ لما رَوَى الخَلّالُ بإسْنادِه عَن مِيلَ (1) بنتِ مِشْرَحٍ الأشْعَريَّة، قالت: رأْيتُ أبي يُقَلِّمُ أظْفارَه، ويَدْفِنُها، ويقولُ: رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ ذلك (2). وعن ابنِ جُرَيجٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: كان يُعْجبُه دَفْنُ الدَّمِ. قال مُهَنّا: سألتُ أحمدَ، عن الرجلِ يَأخُذ مِن شَعَرِه وأظْفارِه، أيدْفِنُه أو يُلْقِيه؟ قال: يَدْفِنُه. قلتُ: بَلَغَك فيه شيءٌ؟ قال: كان ابنُ عُمَرَ يَدْفِنُه.
فصل: ويُسْتَحَبُّ قَصُّ الشّارِب؛ لأنَّه مِن الفِطْرَةِ، ويَفْحُشُ إذا طال، ولما رَوَى زَيدُ بن أرْقَمَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لم يَأخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيسَ مِنَّا» . رواه الترمِذِيُّ (3)، وقال: حديث صحيح. ويُسْتَحَبُّ إعْفاءُ اللِّحْيَةِ؛ لما ذَكَرْنا مِن الحديثِ، وهل يُكْرَهُ أخْذُ ما زادَ
(1) في م: «ثميل» . وانظر: الإكمال لابن ماكولا 7/ 79، 252.
(2)
وانظر: مجمع الزوائد 5/ 168. والمعجم الكبير، للطبراني 20/ 222. والكامل لابن عدي 6/ 2214.
(3)
في: باب ما جاء في قص الشارب، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذي 10/ 219.كما أخرجه النسائي، في: باب قص الشارب، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 19 الإمام أحمد، في: المسند 4/ 366، 368.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على القَبْضَةِ؟ فيه وَجْهان؛ أحَدُهما: يُكْرَهُ. لِما روَى ابنُ عُمَرَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «خَالِفُوا المُشْرِكِينَ؛ أحْفُوا الشَّوَارِبَ، وأعْفُوا (1) اللِّحَى» . مُتَّفَق عليه (2). والثاني، لا يُكرَه. يروَى ذلك عن عبدِ الله بنِ عُمَرَ. فروى (3) البخاريُّ، قال: كان عبدُ الله بنُ عُمَر، إذا حَجّ أو اعْتَمَرَ، قَبَضَ على لِحْيَته، فما فَضَلَ أخَذَه (4). ولا يَنْبَغِي أن يَتْرُكَها أكْثَرَ مِن أرْبَعِين يومًا؛ لما روَى أنسُ بنُ مالكٍ، قال:[وُقِّتَ لَنا](5) في قَصِّ الشّارِبِ، وتَقْلِيمِ الأظْفارِ، ونَتْف الإبطِ، وحَلْقِ العانَةِ، أن لا تُتْرَكَ أكثَرَ مِن أربَعِين. رواه مسلم (6).
(1) في الأصل: «وأوفوا» .
(2)
أخرجه البخاري، في: باب تقليم الأظفار، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 7/ 206. ومسلم، في: باب خصال الفطرة، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 221. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في إعفاء اللحية، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذي 10/ 221. والنسائي، في: باب إحفاء الشوارب، وإعفاء اللحى، من كتاب الطهارة. وفي: باب إحفاء الشارب، وباب إحفاء الشوارب، وإعفاء اللحية، من كتاب الزينة. المجتبى 1/ 19، 8/ 112، 158. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 16، 52، 156.
(3)
في م: «وروى» .
(4)
في: باب تقليم الأظفار، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 7/ 206.
(5)
في الأصل: «وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
(6)
في: باب خصال الفطرة، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 222.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: واتخاذُ الشَّعَرِ أفْضَلُ مِن إزَالتِه. قال إسحاقُ: سُئِلَ أبو عبد الله، عنِ الرجلِ يَتَّخِذُ الشَّعَرَ، قال: سُنَّة حَسَنَةٌ، لو أمْكَنَنا اتِّخاذُهُ وقال: كان للنبيِّ صلى الله عليه وسلم جُمَّةٌ (1). وقال في بعض الحديثِ: إنَّ شَعَرَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كان إلى شَحْمَةِ أُذُنَيه (2). وفي بعضِ الحديثِ: إلى مَنْكِبَيه. ورَوَى البَرَاءُ بنُ عازِبٍ، قال: ما رأيتُ مِنْ ذِي لِمَّةٍ، في حُلَّةٍ حَمْراءَ، أحْسَنَ مِن النبيِّ صلى الله عليه وسلم له شَعَرٌ يَضْرِبُ مَنْكِبَيهِ. مُتَّفَق عليه (3). ويُستحَبُّ أن
(1) انظر: باب في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الفضائل. صحيح مسلم 4/ 1818. و: باب اتخاذ الشعر، وباب اتخاذ الجمة، من كتاب الزينة. المجتبى من السنن، للنسائي 8/ 115، 159. والمسند، للإمام أحمد 4/ 281، 295.
(2)
وورد أيضًا: «إلى أنصاف أذنيه» ، و «لا يجاوز أذنيه» و «لا يجاوز شعره شحمة أذنيه». انظر: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب المناقب، وباب الجعد، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 4/ 228، 7/ 207. وباب في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الفضائل. صحيح مسلم 4/ 1818. وباب الرخصة في الحلة الحمراء، من كتاب اللباس، وباب ما جاء في الشعر، من كتاب الترجل. سنن أبي داود 2/ 374، 399. وباب اتخاذ الشعر، وباب اتخاذ الجمة، من كتاب الزينة. المجتبى من السنن، للنسائي 8/ 158 - 160. والمسند 3/ 113، 135، 157، 203، 249.
(3)
أخرجه البخاري، في: باب الجعد، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 7/ 207، 208. ومسلم، في: باب في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وباب صفة شعر النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الفضائل. صحيح مسلم 4/ 1818، 1819. كما أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في الشعر، من كتاب الترجل. سنن أبي داود 2/ 399. والنسائي، في باب اتخاذ الشعر، وباب اتخاذ الجمة، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 115، 116، 160. والترمذي، في باب ما جاء في الرخصة في الثوب الأحمر للرجال، من أبواب اللباس، وفي: باب ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، من أبواب المناقب. عارضه الأحوذي 7/ 228، 13/ 116. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 290، 300.
وفي الباب عن أنس رضي الله عنه، أخرجه البخاري، في: باب الجعد، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 7/ 207، 208. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 118، 125، 245، 269.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يكونَ شَعَرُ الإنْسانِ على صِفَةِ شَعَرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، إذا طال فإلى المَنْكِبِ، وإذا قَصُرَ فإلى شَحْمَةِ الأذُنِ، وإن طَوَّلَه، فَلا بَأسَ، نَصَّ عليه أحمدُ. وقال أبو عُبَيدَةَ (1): كان له عَقِيصَتان (2)، وعُثْمان كان له عَقِيصَتان. ويُسْتَحَبُّ تَرْجِيلُ الشَّعَرِ وإكرامُه؛ لما روَى أبو هُرَيرَةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ كَان لَهُ شَعَرٌ فَلْيُكرِمْهُ» . رواه أبو داودَ (3). ويُسْتَحَبُّ فَرْقُه؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَقَ شَعَرَه، وذَكَرَه في الفِطرةِ (4).
فصل: وهل يُكْرَهُ حَلْقُ الرّأس في غيرِ الحَجِّ والعُمْرَةِ؟ فيه رِوايتان؛ إحْداهما، يُكرَه؛ لما رُوى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال في الخَوارجِ:
(1) أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري النحوي، أوسع الناس علما بأخبار العرب وأيامها، له تصنيف كثير، توفي سنة عشر ومائتين ويقال إحدى عشرة. إنباه الرواة 3/ 276 - 287، تاريخ العلماء النحوين 211 - 213.
(2)
العقيصة: الشعر المعقوص، وهو نحو من المضفور، وأصل العقص: اللي، وإدخال أطراف الشعر في أصوله. النهاية 3/ 275.
(3)
في: باب إصلاح الشعر، من كتاب الترجل. سنن أبي داود 2/ 395.
(4)
أخرج ذلك أبو داود، من حديث ابن عباس، في: باب السواك من الفطرة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 13.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«سِيماهُمُ التَّحْلِيقُ» (1). وقال عُمَرُ لصَبِيغٍ (2): لو وَجَدْتُكَ مَحْلُوقًا، لضَرَبْتُ الذي فيه عَينَاكَ بالسَّيفِ (3). ورُوى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«لا تُوضَعُ النَّوَاصِي إلَّا في حَج أو عُمْرَةٍ» . أخْرَجَه الدّارَقُطْنِيُّ في «الأفْرادِ» (4). والثانية، لا يُكْرَهُ لكنَّ ترْكَه أفْضلُ. قال حَنْبَلٌ: كنتُ أنا وأبي نَحْلِقُ رُءُوسَنا في حياةِ أبي عبدِ الله، فَيرانا ونحن نَحْلِقُ فلا يَنْهانا. وذلك لما رُوِي عن عبدِ اللهِ بنِ جعفرٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، لَمَّا جاءَ نَعِيُّ جعفرٍ، أمْهَلَ آل جعفرٍ ثلاثًا أنْ يَأتِيَهم، ثم أتاهُم، قال:«لا تَبْكُوا عَلَى أخِي بَعْدَ اليَوْم» . ثم قال: «ادْعُوا بني أخِي» . فجِئَ بِنا، قال:«ادْعُوا ليَ الحَلَّاقَ» . فأمَر بِنَا فَحَلَقَ رُءُوسَنا. رَواه أبو داودَ (5). ورَوَى ابنُ عُمَرَ، أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن القَزَعِ، وقال:«احْلِقْهُ كُلَّهُ، أوْ دَعْهُ كُلَّهُ» . رواه مسلم وأبو داوُدَ (6). ولأنّه لا يُكْرَه اسْتِئْصالُ
(1) أخرجه البخاري، في: باب قراءة الفاجر والمنافق وأصواتهم وتلاوتهم لا تجاوز حناجرهم، من كتاب التوحيد. صحيح البخاري 9/ 198. وأبو داود، في: باب في قتال الخوارج، من كتاب السنة. سنن أبي داود 2/ 544. والنسائي، في: باب من شهر سيفه ثم وضعه في الناس، من كتاب تحريم الدم. المجتبى 7/ 110. وابن ماجه، في: باب في ذكر الخوارج، من المقدمة. سنن ابن ماجه 1/ 62. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 5، 64، 197، 224، 4/ 422، 425، 5/ 176.
(2)
هو صبيغ بن عِسْل، ويقال ابن سهل الحنظلي، له إدراك، وقصته مع عمر مشهورة. قال أبو أحمد العسكري: اتهمه عمر برأي الخوارج. الإصابة: 3/ 458 - 460.
(3)
انظر: تاريخ ابن عساكر 8/ 223 (مخطوط).
(4)
أي: «الفوائد الأفراد» . انظر: تاريخ التراث العربي 1/ 1 / 422.
(5)
في الأصل، م:«أبو داود الطيالسي» . وفي ش: «مسلم وأبو داود» . وأخرجه أبو داود، في: باب في حلق الرأس، من كتاب الترجل. سنن أبي داود 2/ 401.
(6)
أخرج مسلم النهي عن القزع، في: باب كراهة القزع، من كتاب اللباس والزينة. صحيح مسلم 3/ 1675. وأخرج بقيته أبو داود، في: باب الذؤابة، من كتاب الترجل. سنن أبو داود 2/ 401. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 88. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشَّعَرِ بالمِقْراض، وهذا في معناه، قال ابنُ عبدِ البَر: أجْمَعَ العلماءُ في حميع الأمْصارِ على إباحَةِ الحَلْقِ، وكَفَى بهذَا حُجَّةً. فأمّا أخْذُه بالمِقْراض واسْتِئْصالُه فغيرُ مَكْرُوهٍ، رِوايةً واحدةً. قال أحمدُ: إنَّما كَرِهُوا الحَلْقَ بالمُوسَى، وأمّا بالمِقْراض فليس به بَأسٌ؛ لأنَّ أدِلَّةَ الكَراهَةِ تَخْتَصُّ الحَلْقَ.
فصل: وحَلْقُ المرأةِ رأسَها مَكْرُوهٌ، رِوايةً واحدةً، مِن غيرِ ضَرُورَةٍ؛ لِما رَوَى الخَلَّالُ بإسْنادِه، عن قَتادَةَ، عن عِكْرِمَةَ، قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن تَحْلِقَ المَرأةُ رأسَها (1). فإن كان لضَرُورَةٍ، جازَ. قال الأثْرَمُ: سَمِعْتُ أبا عبدِ الله، يُسأل عن المرأة تَعْجِزُ عن شَعَرِها، وعن مُعالجَتِه، أتأخُذُه على حديثِ مَيمُونَةَ؟ فقال: لأيِّ شيءٍ تَأخُذُه؟ قيل له: لا تَقْدِر على الدَّهْن وما يُصْلِحُه، تَقَعُ فيه الدَّوابُّ. فقال: إذا كان لضَرُورَةٍ، فأرْجُو أن لا يَكُونَ به بَأسٌ.
فصل: ويُكْرَهُ نَتْف الشيبِ، لما رَوَى عَمْرُو بنُ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن نَتْفِ الشَّيبِ، وقال: «إنَّهُ
= وفي الباب أحاديث أخرجها البخاري، في: باب القزع، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 7/ 210. ومسلم، في: باب كراهة القزع، من كتاب اللباس. صحيح مسلم 3/ 1675. والنسائي، في: باب النهي عن القزع، وباب النهي عن أن يحلق بعض شعر الصبي ويترك بعضه، من كتاب الزينة. المجتبي 8/ 113، 159. وابن ماجه، في: النهي عن القزع، من كتاب اللباس. سنن ابن ماجه 2/ 1201. والإمام أحمد، في المسند: 2/ 4، 39، 55، 67، 82، 83، 101، 118، 137، 143، 154.
(1)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في كراهية الحلق للنساء، من أبواب الحج. عارضه الأحوذي 4/ 147. والنسائي، في: باب النهي عن حلق المرأة رأسها، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 112، 113.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نُورُ الإِسْلامِ» (1). رواه الخَلّالُ في «جامِعِه» .
فصل: ويُكْرَه حَلْقُ القَفا، لمَن لم يَحْلِقْ رَأسَه ولم يَحْتَجْ إليه. قال المَرُّوذِيُّ (2): سألتُ أبا عبدِ الله عن حَلْقِ القَفا. قال: هوَ مِن فِعْلِ المَجُوسِ، ومَن تَشَبَّهَ بقَوْمٍ فهو مِنْهم. وقال: لا بَأسَ أن يَحْلِقَ قَفاه في الحِجامَةِ. فأما حَفُّ الوَجْهِ، فقال أحمدُ: ليس به بَأسٌ للنِّساءِ، وأكرَهُهُ للرِّجال.
فصل: ورُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنه لَعَنَ الواصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَةَ، والنّامِصَةَ والمُتَنَمِّصَةَ، والواشِرَةَ والمُسْتَوْشِرَةَ (3). فهذه الخِصالُ
(1) أخرجه أبو داود، في: باب نتف الشيب، من كتاب الترجل. سنن أبي داود 2/ 402. والترمذي، في: باب ما جاء في النهي عن نتف الشيب، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذي 10/ 260، 261. والنسائي، في: باب النهي عن نتف الشيب، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 118. وابن ماجه، في: باب نتف الشيب، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه 2/ 1226. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 179، 206، 207، 210، 212.
(2)
أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج المروذي، كان من أجل أصحاب الإمام أحمد، وهو الذي تولى إغماضه لما مات وغسله، وروى عنه مسائل كثيرة، توفي سنة خمس وسبعين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 56 - 63، العبر 2/ 54.
(3)
أخرجه البخاري، في: باب المتفلجات للحسن وباب المتنمصات، وباب الوصل في الشعر، وباب الموصولة، وباب المستوشمة، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 7/ 212 - 214. ومسلم، في: باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة، من كتاب اللباس. صحيح مسلم 3/ 1676 - 1678. وأبو داود، في: باب في صلة الشعر، من كتاب الترجل. سنن أبي داود 2/ 396. والترمذي، في: باب ما جاء في مواصلة الشعر، من أبواب اللباس، وفي: باب ما جاء في الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذي 7/ 262، 10/ 233. والنسائي، في: باب الواصلة، وباب المستوصلة، وباب المتنمصات، وباب الواشمات، وباب المتفلجات، وباب لعن الواصلة والمستوصلة، وباب لعن الواشمة والموتشمة، وباب لعن المتنمصات والمتفلجات، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 125 - 128، 163، 164. وابن ماجه، في: باب الواصلة والواشمة، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 639، 640. والدارمي، في: باب في =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُحَرَّمَةٌ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ فاعِلَها، وفاعِلُ المُبَاحِ لا تَجُوزُ لَعْنَتُه. والواصِلَةُ: هي التي تَصِلُ شَعَرَها، أو شَعَرَ غيرِها بغيرِه. والمُسْتَوْصِلَةُ: المَوْصولُ شَعَرُها بإذْنِها (1). فوَصْلُه بالشَّعَر مُحَرَّمٌ؛ لما ذكرْنا. فأمَا وَصْلُه بغيرِ الشَّعَرِ، فإن كان بقَدْرِ ما تَشُدُّ به رَأسَها، فلا بَأسَ؛ للحاجَةِ، وإن كان أكثرَ مِن ذلك، ففيه رِوايتان؛ إحْداهما، أنه مَكْرُوهٌ غيرُ مُحَرَّم؛ لما رُوِيَ عن مُعاويةَ، أنه أخْرَجَ كُبَّةً (2) مِن شَعَرٍ، وقال: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عن مِثْلِ هذا، وقال:«إنَّمَا هَلَكَ بَنُو إسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذَا نِساوهُمْ» (3). فخَصَّ التي تَصِلُه بالشَّعَرِ، فيُمْكِن جَعْلُ ذلك تَفْسِيرًا للَّفْظِ العامِّ في الحديثِ الذي ذَكَرْناه. ولأنَّ وَصْلَه بالشَّعَرِ فيه تَدْلِيسٌ، بخلافِ غيرِه. والثانية، أنَّه قال: لا تَصِلُ المرأةُ برَأسِها الشَّعَرَ ولا القَرَامِلَ (4) ولا الصُّوفَ، وذلك لما روَى الإِمامُ أحمدُ في
= الواصلة والمستوصلة، من كتاب الاسئتذان، سنن الدارمي 2/ 279، 280. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 415، 417، 434، 443، 454، 465، 2/ 339، 6/ 111، 228، 250، 257، 345، 346، 353.
(1)
في م: «بأمرها» .
(2)
الكبة من الشعر: ما جُمع منه.
(3)
أخرجه البخاري، في: باب الوصل في الشعر، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 7/ 212، 213. ومسلم، في: باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة. صحيح مسلم 3/ 1679. وأبو داود، في: باب في صلة الشعر، من كتاب الترجل. سنن أبي داود 2/ 395، 396 والترمذي، في: باب ما جاء في كراهية اتخاذ القصة، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذي 10/ 232. والنسائي، في: باب الوصل في الشعر، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 162. والإمام مالك، في: باب السنة في الشعر، من كتاب الشعر. الموطأ 2/ 947. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 98.
(4)
القَرَامِلُ: ضفائر من شعر أو صوف أو إبريسم، تصل به المرأة شعرها. النهاية 4/ 51.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«مُسْنَدِه» (1)، عن جابِرٍ، قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن تَصِلَ المْرأَةُ برَأسِها شيئًا. قال شيخُنا: والظّاهِرُ أنَّ المُحَرَّمَ إنَّما هو وَصْلُ الشَّعَرِ بالشَّعَرِ؛ لما فيه مِن التَّدْلِيسِ واسْتِعْمالِ الشَّعَرِ المُخْتَلَفِ في نَجاسَتِه، وغيرُ ذلك لا يَحْرُمُ؛ لعَدَمِ ذلك فيه، وحُصُولِ المَصْلَحَةِ مِن تَحْسِين المرأةِ لزَوْجِها مِن غيرِ مَضَرَّةٍ (2). وتُحْمَلُ أحاديثُ النَّهْي على الكَراهَةِ. واللهُ أعلمُ. فأمّا النّامِصَةُ: فهي التي تَنْتِفُ الشَّعَرَ مِن الوَجْهِ. والمُتَنَمِّصَةُ: المَنْتُوفُ شَعَرُها بأمْرِها. فلا يَجُوزُ؛ للخَبَرِ. وإن حُلِقَ الشَعَرُ فلا بأسَ؛ لأنَّ الخَبَرَ وَرَد في النتفِ. نَصَّ عليه أحمدُ. وأمّا الواشِرَةُ: فهي التي تَبْرُدُ الأسْنانَ، لتُحَدِّدَها وتُفَلِّجَها وتُحَسَنها. والمُسْتَوْشِرَةُ: المَفْعُولُ بها ذلك بإذْنِها. وفي خَبَرٍ. آخَرَ: «لَعَنَ الوَاشِمَةَ والمُسْتَوْشِمَةَ» (3).
(1) 3/ 296. كما أخرجه مسلم، في: باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة. . . . إلخ، من كتاب اللباس. صحيح مسلم 3/ 1679.
(2)
المغني 1/ 131.
(3)
أخرجه البخاري، في: باب ثمن الكلب، من كتاب البيوع، وفي: تفسير سورة الحشر، من كتاب التفسير، وفي: باب مهر البغي والنكاح الفاسد، من كتاب الطلاق، وفي: باب المتفلجات للحسن، وباب الوصل في الشعر، وباب المتنمصات، وباب الموصولة، وباب الواشمة، وباب المستوشمة، وباب من لعن المصور، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 3/ 111، 6/ 184، 7/ 79، 212 - 214، 217. ومسلم، في: باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة. . . . إلخ، من كتاب اللباس. صحيح مسلم 3/ 1677. وأبو داود، في: باب صلة الشعر، من كتاب الترجل. سنن أبي داود 2/ 396. والترمذي، في: باب ما جاء في مواصلة الشعر، من أبواب اللباس، وفي: باب ما جاء في الواصلة والمستوصلة، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذي 7/ 262، 10/ 233. والنسائي، في: باب إحلال المطلقة ثلاثا وما فيه من التغليظ، من كتاب الطلاق، وفي: باب الواصلة، وباب المستوصلة، وباب الموتشمات، وباب لعن الواشمة والموتشمة، من كتاب الزينة. المجتبى 6/ 121، 8/ 125 - 127، 164. وابن ماجه، في: باب الواصلة والواشمة، من كتاب النكاح =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والواشِمةُ: التي تَغْرِزُ جِلْدَها أو جِلْدَ غيرِها بإبْرَةٍ، ثم تَحْشُوه كُحْلًا. والمُسْتَوْشِمَةُ: التي يُفْعَلُ بها ذلك بإذْنِها.
فصل: ويُسْتَحَبُّ التَّطيُّبُ (1)؛ لأنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يُعْجِبُه الطِّيبُ، ويَتَطَيَّبُ كثيرًا. ويُسْتَحَبُّ النَّظَرُ في المِرْآةِ، قال حَنْبَلٌ: رأيتُ أبا عبدِ اللهِ، وكانت له صِينيَّةٌ فيها مِرْآةٌ ومُكْحُلَةٌ ومِشْطٌ، فإذا فَرَغ مِن قراءَةِ حِزْبِه، نَظَرَ في المِرْآةِ واكْتَحَلَ وامْتَشَطَ. ورَوَى أبو أيُّوبَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: في: «أرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ المُرْسَلِينَ؛ الحِنَّاءُ (2)، والتَّعَطُّرُ، والسِّوَاكُ، والنِّكَاحُ» . رواه الإمامُ أحمدُ (3).
فصل: ويُسْتَحَبُّ خِضَابُ الشَّيبِ بغيرِ السَّوادِ، قال أحمدُ: إنِّي لأرَى الشَّيخَ المَخْضُوبَ فأَفْرَحُ به. وذلك لما رُوى أنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ جاءَ بأبيه إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ورَأسُه ولِحْيَتُه كالثَّغَامَةِ (4) بَياضًا، فقال رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم:«غَيِّرُوهُمَا وجَنِّبُوهُ السَّوَادَ» (5). ويُسْتَحَبُّ بالحِنَّاءِ
= سنن ابن ماجة 1/ 639. والدارمي، في: باب الواصلة والمستوصلة، من كتاب الاستئذان. سنن الدارمي 2/ 279، 280. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 83، 87، 107، 121، 133، 150، 158، 409، 415، 434، 443، 448، 454، 462، 465، 2/ 339، 9/ 304، 6/ 250.
(1)
في م: «الطيب» .
(2)
في م، والمسند:«الحياء» .
(3)
في: المسند 5/ 421.
(4)
الثغامة: شجرة بيضاء الثمر والزهر، تنبت بالجبال غالبا.
(5)
أخرجه مسلم، في: باب استحباب خضاب الشيء بصفرة أو حمرة وتحريمه السواد، من كتاب اللباس. صحيح مسلم 3/ 1663. وأبو داود، في: كتاب في الخضاب، من كتاب الترجل. سنن أبي داود 2/ 403. والنسائي، في: باب النهي عن الخضاب بالسواد، من كتاب الزينة. المجتبي 8/ 119. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 160، 316، 322، 338.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والكَتَمِ (1)؛ لما رَوَى الخَلَّالُ، وابنُ ماجَه، بإسْنادِهِما، عن تَمِيمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ مَوْهَب، قال: دَخَلْتُ على أُمِّ سَلَمَةَ، فَأَخْرَجَتْ إلينا شَعَرًا مِن شَعَرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، مَخْضُوبًا بالحِنَّاءِ والكَتَمِ (2). وخَضَبَ أبو بكرٍ، رضي الله عنه، بالحِنَّاءِ والكَتَمِ. ولا بَأْسَ بالوَرْس والزَّعْفَرانِ؛ لأنَّ أبا مالِكٍ الأشْجَعِيَّ قال: كان خِضَابَنا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الوَرْسُ (3) والزَّعْفَرانُ (4). ويُكرهُ الخِضابُ بالسَّوادِ. قِيل لأبي عبدِ اللهِ: تَكْرَهُ الخِضابَ بالسَّوادِ؟ قال: إي واللهِ؛ لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «وجَنِّبُوهُ السَّوَادَ» . في حديثِ أبي بكرٍ، ولما روَى ابنُ عبّاسٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَكُونُ قَوْمٌ في آخِرِ الزَّمَانِ يَخْضِبُون بالسَّوادِ كَحَواصِلِ (5) الحَمامِ، لا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الجَنَّةِ» (6). ورَخَّصَ فيه إسحاقُ بنُ رَاهُويَه للمرأةِ، تَتَزَيَّنُ به لزَوْجِها. واللهُ أعلمُ.
(1) الكتم. نبت فيه حمرة يخلط بالوسمة. ويختضب به للسواد.
(2)
أخرجه البخاري، في: باب ما يذكر من الشيب، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 7/ 207، ووقف به عند قولها:«مخضوبا» . وابن ماجة، في: باب الخضاب بالحناء، من كتاب اللباس. سنن ابن ماجة 2/ 1196، 1197. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 296، 319، 322.
(3)
الورس: نبت أصفر، يزرع باليمن، ويصبغ به.
(4)
أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 3/ 472.
(5)
حواصل الحمام: صدورها. ويغلب عليها السواد، وفي مسند أحمد أن قوله «كحواصل الحمام» من لفظ حسين بن محمد بن بهرام، أحد رجال المسند.
(6)
أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في خضاب السواد، من كتاب الترجل. سنن أبي داود 2/ 404. والنسائي، في: باب النهي عن الخضاب بالسواد، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 119. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 273.