الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَمْسَحُ أَعْلَى الْخُفِّ دُونَ أَسْفَلِهِ وَعَقِبِهِ، فَيَضَعُ يَدَيهِ عَلَى الْأَصَابعِ، ثُمَّ يَمْسَحُ إِلَى سَاقِهِ.
ــ
125 - مسألة: (ويَمْسَحُ أعْلَى الخُفِّ دونَ أسْفَلِه وعَقِبِه، فيَضَعُ يَدَه على الأصابعِ، ثم يَمْسَحُ إلى ساقِه)
هذه السُّنَّةُ في مَسْحِ الخُفِّ. فإن عَكَس فمَسَحَ مِن ساقِه إلى أسْفَلَ، جاز، والمَسْنُونُ الأوَّلُ؛ لِما روَى الخَلّالُ بإسنادِهِ عن المُغِيرَةِ، فذَكَرَ وُضُوءَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: ثم تَوَضَّأ ومَسَحَ على الخُفَّين، فوَضَعَ يَدَه اليُمْنَى على خُفِّه الأيمَنِ، ووَضَع يَدَه اليُسْرَى على خُفِّه الأيسَرِ، ثم مَسَح أعْلاهُما مَسْحَةً واحِدَةً، حتى كأنِّي أنْظُرُ إلى أثَرِ أصابِعِه على الخُفَّين. قال ابنُ عَقِيلٍ: سُنَّةُ المَسْحِ هكذا؛ أن يَمْسَحَ خُفَّيه بيَدَيه؛ باليُمْنَى اليُمْنَى، وباليُسْرَى اليُسْرَى. وقال أحمدُ: كَيفَما فَعَلْتَ فهو جائِزٌ؛ باليَدِ الواحِدَةِ، أو باليَدَين. وإن مَسَح بأُصْبُعٍ أو أُصْبُعَين، أجْزأه إذا كَرَّرَ المَسْحَ بها حتى يَصِيرَ مِثْلَ المَسْحِ بأصابِعِه. ولا يُسَنُّ مَسْحُ أسْفَلِه، ولا عَقِبِه. وهذا قولُ عُرْوَةَ، وعَطاءٍ، والحسنِ، والثَّوْرِيِّ، وإسحاقَ، وأصحابِ الرَّأْي، وابنِ المُنْذِرِ. ورُوِيَ مَسْحُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ظاهِرِ الخُفَّين وباطِنِهما عن سعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ، وابنِ عُمَرَ، وعُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ، وابنِ المُبارَكِ، ومالكٍ، والشافعيِّ؛ لِما روَى المُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ، قال: وَضَّأْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فمَسَحَ أعْلَى الخُفِّ وأسْفَلَه. رَواه أبو داودَ، والتِّرْمِذِيُّ (1). ولأنَّه يُحاذِي مَحَلَّ الفَرْضِ، أشْبَهَ ظاهِرَه. ولَنا، قولُ عليٍّ، رضي الله عنه: لو كان الدِّينُ بالرَّأْي، لكان أسْفَلُ الخُفِّ أوْلَى بالمَسْحِ مِن ظاهِرِه، وقد رَأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ ظاهِرَ خُفَّيه. رواه الإِمامُ أحمدُ، وأبو داودَ (2). وعن عُمَرَ قال: رَأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بالمَسْحِ على ظاهِرِ الخُفَّين، إذا لَبِسَهُما وهما طاهِرَتان. رَواه الخَلّالُ (3). ولأنَّ مَسْحَه غيرُ واجِبٍ، ولا يَكادُ يَسْلَمُ مِن مُباشَرَةِ أذًى فيه، تَتَنَجَّسُ به يَدُه، فكان تَرْكُه أوْلَى.
(1) أخرجه أبو داود، في: باب كيف المسح، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 37. والترمذي، في: باب في المسح على الخفين أعلاه وأسفله، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 146.كما أخرجه ابن ماجه، في: باب في المسح أعلى الخف وأسفله، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 183، بنحوه.
(2)
أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 1/ 95، 114، 124، 148. وأبو داود، في: باب كيف المسح، من كتاب الطهارد. سنن أبي داود 1/ 36، 37.
(3)
أخرجه عبد الرزاق موقوفًا عن عمر في باب المسح على الخفين، من كتاب الطهارة في المصنف 1/ 196. والبيهقي، في: باب رخصة المسح لمن لبس الخفين على الطهارة، من كتاب الطهارة، السنن الكبرى 1/ 282.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وحَدِيثُهم مَعْلُولٌ. قاله التِّرمِذِيُّ. وقال: وسَألْتُ أبا زُرْعَةَ (1) ومحمدًا (2) عنه، فقال: ليس بصحيحٍ (3). وقال أحمدُ: هذا مِن وَجْهٍ ضَعِيفٍ.
وأسْفَلُ الخُفِّ ليس بمَحَلٍّ لفَرْضِ المَسْحِ، بخِلافِ أعْلاه.
فصل: فإن مَسَح أسْفَلَه أو عَقِبَه دُونَ أعْلاه، لم يُجْزِه، في قولِ أكثرِ العُلَماءِ. قال شيخُنا: لا نَعْلَمُ أحَدًا قال: يُجْزِئُه مَسْحُ أسْفَلِ الخُفِّ. إلَّا أشْهَبَ (4) مِن أصحابِ مالكٍ، وبَعْضَ الشّافِعِيَّةِ؛ لأنَّه مَسَحَ بَعْضَ ما يُحاذِي مَحَلَّ الفَرْضِ، فأجْزأه، كما لو مَسَحَ ظاهِرَه (5). ومَنْصُوصُ الشافعيِّ، كمذهبِ الجُمْهُورِ؛ لِما ذَكَرْنا، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّما مَسَح ظاهِرَ الخُفِّ، ولا خِلافَ في أنَّه يُجْزِئُ الاقْتِصارُ على مَسْحِ ظاهِرِ الخُفِّ. حَكاه ابنُ المُنْذِرِ.
(1) أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو بن صفوان البصري الدمشقي، حافظ، عالم بالحديث والرجال، سمع من الإمام أحمد مسائل مشبعة محكمة، وتوفي سنة ثمانين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 205، 206.
(2)
هو البخاري.
(3)
انظر: عارضة الأحوذي 1/ 146، 147.
(4)
أبو عمر أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي، من أهل مصر، من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك، وأشهب لقب له واسمه مسكين توفي بمصر سنة أربع ومائتين. الديباج المذهب 1/ 307، 308.
(5)
انظر المغني: 1/ 378.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والقَدْرُ المُجْزِئُ في المَسْحِ، أن يَمْسَحَ أكْثَرَ مُقَدَّمِ ظاهِرِه خِطَطًا (1) بالأصابِعِ. قاله القاضي؛ لِما ذَكَرْنا مِن حديثِ المُغِيرَةِ. وقال الشافعيُّ، والثَّوْرِيُّ، وأبو ثَوْرٍ: يُجْزِئُ القَلِيلُ منه؛ لأنَّه أطْلَقَ لَفْظَ المَسْحِ، ولم يُنْقَلْ فيه تَقْدِيرٌ، فرَجَعَ إلى ما تَناوَلَه الاسمُ. وقال أبو حنيفةَ، ومحمدُ بنُ الحسنِ: يُجْزِئُه قَدْرُ ثلاثِ أصابِعَ. وهو قولُ الأوْزاعِيِّ. وقال إسحاقُ: لا يُجْزِئُ حتى يَمْسَحَ بكَفَّيه. ولَنا، أنَّ لَفْظَ المَسْحِ وَرَد مُطْلَقًا، وفَسَّرَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بفِعْلِه، كما ذَكَرْنا في حديثِ المُغِيرَةِ، ولا يُسْتَحَبُّ تَكْرارُ مَسْحِه؛ لأنَّ في حديثِ المُغِيرَةِ:«مَسْحَةً وَاحِدَةً» . رُوِيَ ذلك عن ابنِ عُمَرَ، وابنِ عباسٍ. وقال عطاءٌ: يَمْسَحُ ثلاثًا. فصل: فإن مَسَح بخِرْقَةٍ أو خَشَبَةٍ، احْتَمَلَ الإِجْزاءَ؛ لحُصُولِ المَسْحِ، واحْتَمَل المَنْعَ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَح بيَدِه. فإن غَسَل الخُفَّ لم يُجْزِه. وهذا قولُ مالكٍ، واختيارُ القاضي. قال ابنُ المُنْذِرِ: وهو
(1) في م: «خطوطا» .