الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي اسْتِدْبَارِها فِيهِ، وَاسْتِقْبَالِهَا فِي الْبُنْيَانِ رِوَايَتَانِ.
ــ
يَسْتَدْبِرْهَا». رواه مسلمٌ (1). وقال عُرْوَةُ، وداودُ، ورَبِيعَةُ (2): يجوزُ اسْتِقْبالُها واسْتِدْبارُها؛ لما روَى جابرٌ، قال: نَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن نَستقْبِلَ القِبْلَةَ بِبَوْلٍ، فرأيتُه قبلَ أن يُقْبَضَ بعامٍ يَسْتَقْبِلُها (3). قال التِّرمِذِيُّ: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ. وهذا دليل على النَّسْخِ. ولَنا، أحادِيثُ النَّهْي، وهي صحِيحة، وحديثُ جابرٍ يَحتَمِلُ أنَّه رآه في البُنْيانِ، أو مُستتِرًا بشيءٍ، فلا يَثْبُتُ النَّسْخُ بالاحتمالِ، ويَتَعَيَّنُ حَمْلُه على ما ذَكَرْنا، ليكونَ مُوافِقًا لما ذُكِر مِن الأحادِيثِ.
52 - مسألة: (وفي: اسْتِدْبارِها فيه، واسْتِقْبالِها في البُنْيانِ، رِوايَتانِ)
وجملةُ ذلك أن اسْتِدْبارَ الكَعْبَةِ بالبَولِ والغائِطِ، فيه ثلاثُ رواياتٍ؛ إحْداها، يجُوزُ في الفَضاءِ والبُنْيانِ جميعًا؛ لما رَوَى ابنُ عمرَ، قال: رَقَيتُ يومًا على بيتِ حَفْصَةَ، فرأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم على حاجَتِه،
(1) في: باب الاستطابة، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 224.
(2)
أبو عثمان ربيعة بن فروخ (أبي عبد الرحمن) المدني، ربيعة الرأي، أدرك الصحابة، وعنه أخذ مالك بن أنس، وتوفي سنة ست وثلاثين ومائة طبقات الفقهاء للشيرازي 65، العبر 1/ 183.
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب الرخصة في استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 3. والترمذي، في: باب الرخصة في استقبال القبلة بغائط أو بول، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 26. وابن ماجه، في: باب الرخصة في استقبال القبلة في الكنيف، وإباحتة دون الصحارى، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 117.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ، مُستَدْبِرَ الكَعْبةَ. متَّفَق عليه (1). والثانية، لا يجوزُ ذلك فيهما؛ لحديثِ أبي أيُّوبَ، ولما رَوَى أبو هُرَيرةَ، عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إذا جَلَسَ أحَدُكُمْ عَلَى حَاجَتِه، فَلا يَسْتقْبِلِ القِبْلَةَ، وَلا يَسْتَدْبِرْهَا» . رواه مسلم (2). والثالثة، يجُوزُ ذلك في البُنْيانِ، ولا يجوزُ في الفَضاءِ، وهو الصَّحيحُ. رُوِي جوازُ اسْتِقْبالِ القِبْلَةِ واسْتِدْبارِها في البُنيانِ عن ابنِ عباسٍ، وابن عمرَ، رضي الله عنهم. وبه قال مالكٍ، والشافعيُّ، وابن المُنْذِرِ؛ لحديثِ جابرٍ، ولما روَتْ عائشةُ، أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذُكِر له أنَّ قومًا يَكْرَهُون اسْتِقْبال القِبْلَةِ بفُرُوجِهم، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أوَ قَدْ
(1) أخرجه البُخاريّ، في: باب التبرز في البيوت، من كتاب الوضوء. صحيح البُخاريّ 1/ 49. ومسلم، في: باب الاستطابة، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 225.كما أخرجه التِّرمذيُّ، في: باب الرخصة في استقبال القبلة بغائط أو بول، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 26. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 13.
(2)
تقدم في صفحة 203.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَعَلُوهَا؟ اسْتَقْبِلُوا بِمَقْعَدَتِي القِبْلَةَ». رواه أصحابُ السُّنَن (1). قال أبو عبدِ اللهِ: أحْسَنُ ما رُويَ في الرُّخْصَةِ حديثُ عائشةَ؛ فإنَّ كان مُرْسَلًا؛ فإنَّ مَخْرَجه حَسَنٌ. إنَّما سَمّاه أبو عبدِ اللهِ مُرْسَلًا؛ لأنَّ عِراكَ بنَ مالكٍ رواه عن عائشةَ. قال أحمدُ: ولم يَسمَعْ منها. وروَى مَرْوانُ الأصْفَرُ، قال: رأيتُ ابنَ عمرَ أناخَ راحِلَتَه مُستَقْبِلَ القِبْلَةِ، ثم جَلَسَ يَبُولُ إليها. فقلتُ: أبا عبدِ الرحمنِ، أليس قد نُهِيَ عن هذا؟ قال: بلى إنَّما نُهِي عن هذا في الفَضَاءِ، أمّا إذا كان بينَك وبينَ القِبْلَةِ شيء يسْتُرُك، فلا بأسَ. رواه أبو داودَ (2). وهذا تَفسِيرٌ لنَهْي رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم العامِّ، وفيه جَمْعٌ بينَ الأحاديثِ بحَمْلِ أحاديثِ النَّهْي على الفَضاءِ، وأحاديثِ الرُّخْصَةِ على البُنْيَانِ، فيَتَعَيَّنُ المَصِيرُ إليه. وأمّا اسْتِقْبالُها في البُنيانِ، ففيه رِوايتان؛ إحْداهما، يجُوزُ؛ لما ذكرْنا. وبه قال مالكٌ، والشافعيُّ. والثانية، لا يجوزُ. وهو قولُ الثّوْرِيِّ، وأبي حنيفةَ؛ لعُمُومِ أحاديث النَّهْي. والأوَّلُ أوْلَى.
(1) أخرجه ابن ماجه، في: باب الرخصة في استقبال القبلة في الكنيف، وإباحته دون الصحارى، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 117. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 137، 227، 239.
(2)
في باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، من كتاب الطهارة سنن أبي داود 1/ 3.