الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا أنْ يَعْدُوَ الْخَارِجُ مَوْضِعَ الْعَادَةِ، فَلَا يُجْزِئُ إلا الْمَاءُ.
ــ
57 - مسألة، قال:(إلا أن يَعْدُوَ الخارِجُ موضعَ العَادَةِ، فلا يُجْزِئُ إلا الماءُ)
مِثْلُ أنْ ينْتَشِرَ إلى الصَّفْحَتَينِ، أو يَمْتَدَّ في الحَشَفَةِ كثيرًا. وبهذا قال الشَّافعي، وإسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لأنَّ الاسْتِجْمارَ في المَحَلِّ المُعْتادِ رُخْصَةٌ لأجْلِ المَشَقَّةِ في غَسْلِه، لتَكَرُّرِ النجاسةِ فيه، فما لا يَتكَرَّرُ لا يُجْزِئُ فيه إلَّا الماءُ كَساقِه، ولذلك قال عليٌّ، رضي الله عنه: إنَّكُم كُنتُم تَبْعَرُونَ بَعْرًا، وأنتم اليومَ تَثْلِطُونَ ثَلْطًا، فأتْبِعُوا الماءَ الأحْجارَ (1). فأمّا قولُه، عليه السلام:«يَكْفِي أحَدَكُمْ ثَلاثةُ أحْجَارٍ» (2). يُحمَلُ على ما إذا لم يَتجاوَزْ موضعَ العادةِ؛ لما ذكرْنا.
(1) النهاية في غريب الحديث 1/ 220. ولفظه فيها: «كانوا يبعرون بعرا، وأنتم تثلطون ثلطا». أي كانوا يتغوطون يابسًا كالبعر؛ لأنهم كانوا قليلي الأكل والمآكل، وأنتم تثلطون رقيقًا، وهي إشارة إلى كثرة المآكل وتنوعها.
(2)
أخرج معناه أبو داود، في: باب الاستنجاء بالأحجار، من كتاب الطهارة سنن أبي داود 1/ 10. والنسائي، في: باب الاجتزاء في الاستطابة كالحجارة دون غيرها، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 38. والدارمي، في: باب الاستطابة، من كتاب الطهارة سنن الدَّارميِّ 1/ 172. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 133.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والمرأةُ البِكْرُ كالرجلِ؛ لأنَّ عُذْرَتَها تمنعُ انْتِشارَ البَولِ. فأمّا الثَّيِّبُ، فإنَّ خَرَج البَولُ بحِدَّةٍ ولم يَنْتَشِرْ، فكذلك، وإنْ تَعَدَّى إلى مَخْرَجِ الحَيض، فقال أصحابُنا: يجِبُ غَسْلُه؛ لأنَّ مَخرَجَ الحَيض غير مَخْرَجِ البولِ. قال شيخنا: ويَحتَمِلُ أن لا يجبَ؛ لأنَّ هذا عادَةٌ في حقِّها، فكَفَى فيه الاستِجْمارُ، كالمُعْتادِ في غيرِها، ولأنَّ الغَسْلَ لو لَزِمَها لبَينَّهَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لأزْواجِه؛ لكَوْنِه مِمّا يُحْتاجُ إلى مَعْرِفَتِه. وإن شَكَّ في انْتِشارِ الخارِجِ لم يجبِ الغَسْلُ؛ لأنَّ الأصلَ عَدَمُه، والأوْلَى الغَسْلُ احْتِياطًا (1).
(1) المغني 1/ 218.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والأقْلَف إن كانت بَشَرَتُه لا تَخْرج مِن قلْفَتِه فهو كالمُخْتَتِنِ، وإن كان يُمْكِنُه كَشفُها كَشَفَها، فإذا بال واسْتَجْمَر أعادَها، وإن تَنَجَّسَتْ بالبَولِ لَزِمَه غَسْلُها، لو انتشر إلى مُعْظَمِ الحَشفَةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإنِ انْسَدَّ المَخرَجُ المُعْتادُ وانْفَتَح آخرُ، لم يَجُزْ فيه الاسْتِجْمارُ، وحُكِي عن بعضِ أصحابِنا، أنَّه يُجْزِئُه؛ لأنَّه صار مُعتادًا. ولَنا، أنَّ هذا نادِرٌ بالنِّسْبَةِ إلى سائرِ الناس، فلم يَثْبُتْ فيه أحكام الفَرْجِ، ولأنَّ لَمْسَه لا يَنقُض الوضوءَ، ولا يَتَعَلَّق بالإيلاجِ فيه شيءٌ مِن أحكامِ الوَطْءِ، أشْبَهَ سائِرَ البَدَنِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والأوْلَى أن يَبدَأ الرجلُ بالاسْتِنْجاءِ في القُبُلِ؛ لِئَلَّا تَتلَوَّثَ يدُه إذا شَرَع في الدُّبُرِ، لأنَّ قُبُلَه بارِز. فأمّا المرأةُ فهي مُخَيَّرة في البِدايه بأيهما شاءت؛ لعَدَمِ ذلك فيها. وإذا اسْتَنْجَى بالماء ثم فرَغ، استُحِبَّ له دَلْكُ يدِه بالأرض؛ لما روتْ مَيمُونَةُ، أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَل ذلك. رواه البُخارِيّ (1). ويُسْتَحَبُّ أن يَمْكُثَ قليلًا قبلَ الاستِنْجاءِ، حَتَّى ينْقَطِعَ أثر البَولِ، فإنِ اسْتَنْجَى عَقِيبَ انقِطاعِه جازَ؛ لأنَّ الظاهِرَ انقِطاعُه، وقد
(1) في: باب الغسل مرَّة واحدة، وباب المضمضة والاستنشاق في الجنابة، وباب مسح اليد بالتُّراب ليكون أنقى، من كتاب الغسل. صحيح البُخاريّ 1/ 73، 74.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قيل: إنَّ الماءَ يَقْطَعُ البولَ، ولذلك سُمِّيَ الاسْتِنْجاءُ انْتِقاصَ (1) الماءِ. ويُسْتَحَبُّ أن يَنْضَحَ على فَرْجه وسَراويله بعدَ الاسْتِنْجاء، ليُزِيلَ عنه الوَسْواسَ. قال حَنْبَلٌ: سأَلتُ أحمدَ، قلتُ: أتوَضَّأ وأسْتَبْرِيء، وأجدُ في نَفْسِي أني قد أحْدَثْتُ بَعدُ؟ قال: إذا تَوَضَّأتَ فاسْتَبرِئ، ثم خُذْ كَفًّا مِن ماءٍ، فرُشَّه في فَرُجِك لا (2) تَلْتَفِتْ إليه، فإنَّه يَذْهَبِ إن شاءَ اللهُ. وقد روَى أبو هُرَيرَةَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«جَاءَنِي جِبْرِيلُ، فَقال: يا مُحَمَّدُ، إذا تَوَضَّأتَ فَانتضِحْ» . حديث غريبٌ (3).
(1) في الأصل: «استنقاص» .
(2)
في الأصل: «ولا» .
(3)
أخرجه التِّرمذيُّ، في: باب في النضح بعد الوضوء، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 65. وابن ماجه، في: باب ما جاء في النضح بعد الوضوء، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 157.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وَإذا اسْتَنْجَى بالماء لم يَحْتَجْ إلى التُّرابِ؛ لأنَّه لم يُنْقَلْ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه استَعْمَلَ الترابَ مع الماءِ في الاسْتِنْجاءِ، ولا أمَرَ به.