الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَعَرٌ خَفِيفٌ يَصِفُ الْبَشَرةَ وَجَبَ غَسْلُهَا مَعَهُ، وَإنْ كَانَ يَسْتُرُهَا أَجْزأَهُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ. وَيُسْتَحَبُّ تَخْلِيلُهُ.
ــ
97 - مسألة: (فإن كان فيه شَعَرٌ خَفِيفٌ يَصِفُ البَشَرَةَ، وَجَبَ غَسْلُها معه. وإن كان يَسْتُرُها، أَجزأَه غَسْلُ ظاهِرِه. ويُسْتَحَبُّ تَخْلِيلُه)
أمّا إذا كانت الشُّعُورُ التي (1) في الوَجْهِ تَصِفُ البَشَرَةَ، وَجَب غَسْلُ البَشَرَةِ والشَّعَرِ؛ لأنَّ البَشَرَةَ ظاهِرَةٌ تَحْصُلُ بها المُواجَهَةُ، فوَجَبَ غَسْلُها كالتي لا شَعَرَ عليها، ويَجِبُ غَسْلُ الشَّعَرِ؛ لأنَّه نابِتٌ في مَحَلَ الفَرْضِ، تَبَعٌ له. وإن كان كثِيفًا يَسْتُرُ البَشَرَةَ، أجْزأَه غَسْلُ ظاهِرِه،
(1) سقطت من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لحُصولِ المُواجَهةِ به، ولم يَجِبْ غَسْلُ ما تحتَه؛ لأنَّه مَسْتور، أَشْبَه باطِنَ الأنْفِ. ويُسْتَحَبُّ تَخْلِيلُه، وقد ذَكَرْنا ذلك في سُنَّةِ الوُضُوء، ولا يَجِبُ التَّخْلِيلُ، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا في المذهبِ، وهو مذهبُ أكْثَرِ أَهلِ العلمِ؛ لأنّ الله تعالى أَمر بالغَسْلِ ولم يَذْكُرِ التَّخْلِيلَ. ولأنَّ أَكثرَ مَن حَكَى وُضُوءَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لم يَحْكِه، ولو كان واجبًا لَما أخَلَّ به، ولو فَعَلَه لنَقَلَه الذين نَقَلُوا وُضوءَه أو أكْثَرُهم. وتركُه لذلك يَدُلُّ على أنَّ غَسْلَ ما تحتَ الشَّعَرِ الكَثِيفِ ليس بواجِبٍ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان كَثِيفَ اللِّحْيَةِ، فلا يَبْلُغُ الماءُ إلى ما تحتَ شَعَرِها إلا بالتَّخْلِيلِ، وفعْلُه للتَّخْلِيلِ في بعض أَحْيانِه يَدُلُّ على اسْتِحبابِه. وقال إسحاقُ: إذا تَرَك تَخلِيلَ لِحْيَتِه عامِدًا، أعادَ الوُضوءَ؛ لِما رَوَى أنَسٌ، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تَوَضَّأ أَخذ كَفَّا مِن ماء، فأدْخَلَه تحتَ حَنَكِه، وخَلَّلَ به لِحْيَتَه، وقال:«هكَذَا أَمرَنِي رَبِّي عز وجل» . رَواه أبو داودَ (1). ولِما ذَكرْنا مِن حديثِ ابنِ عُمَرَ. وقال عَطاءٌ، وأبو ثَوْرٍ: يَجِبُ غَسْلُ ما تحتَ الشُّعورِ الكَثِيفَةِ في الوُضوءِ، قِياسًا على الجَنابَةِ. ونَحوه قولُ سعيدِ بنِ جُبَيرٍ. وقولُ الجمهورِ أوْلَى. والفَرْقُ بينَ الوُضوءِ والغُسْلِ، أنَّ غَسْلَ باطِنِ الشَّعَرِ الكَثِيفِ، يَشُقُّ في الوُضُوءِ؛ لتَكَرُّرِه، بخِلافِ الغُسْلِ. فإن كان بعضُ الشَّعَرِ كَثِيفًا، وبَعْضُه خَفِيفًا، وَجَب غَسْلُ بَشَرَةِ الخَفِيفِ معه، وظاهِرِ الكَثِيفِ. وجميعُ شُعُورِ الوَجْه
(1) في: باب تخليل اللحية، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 32.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في ذلك سَواءٌ، وذَكَر بعضُ أصحابِنا في الشّارِبِ، والعَنْفَقَةِ، والحاجِبَين، وأهْدابِ العَينَين، ولِحْيَةِ المرأةِ إذا كانت كَثِيفَةً، وَجْهَين؛ أحدُهما، يَجِبُ غَسْلُ باطِنِها؛ لأنها لا تَسْتُرُ عادَةً، وإن وُجِدَ ذلك فهو نادِرٌ، يَنْبَغِي أن لا يَتَعَلَّقَ به حُكْمٌ، وهو مذهبُ الشافعيِّ. والثاني، لا يَجِبُ، قِياسًا على لِحْيَةِ الرجلِ، ودَعْوَى النُّدْرَةِ في غيرِ الأهْداب مَمْنُوعٌ. واللهُ أعلمُ.
فصل: ولا يَجبُ غَسْلُ داخِلِ العَينَين، لا يُسَتَحَبُّ في وُضُوءٍ، ولا غُسْل؛ لأنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يَفْعَلْه. ولا أَمَر به، وفيه ضَرَرٌ. وذَكَر القاضي في «المُجَرَّدِ» في وُجُوبِه، رِوايَتَين عن بعضِ الأصحابِ. قال ابنُ عَقِيل: إنَّما الرِّوايتان في وُجُوبِه في الغُسْلِ؛ فأمَّا في الوُضوءِ فلا يَجِبُ، رِوايَةً واحدة، وذَكَر أنَّ أحمدَ نَصَّ على اسْتحْبابِه في الغُسْلِ؛ لأنَّه يَعُمُّ جميعَ البَدَنِ، ويجبُ فيه غَسْلُ ما تحتَ الشُّعُورِ الكثِيفَةِ. وذَكَره القاضي وأبو الخَطّاب مِن سُنَنِ الوُضوءِ؛ لأنَّه رُوِيَ عن ابنِ عُمَرَ، أنَّه عَمِيَ مِن كَثْرَةِ إدخالِ الماءِ في عَينَيه. ولأنَّهما مِن جُمْلَةِ الوَجْهِ. والأوَّلُ أوْلَى، وهو اختيارُ شيخِنا (1)، وما ذُكِرَ عن ابنِ عُمَرَ فهو دَلِيلٌ على كراهتِه؛ لكَوْنِه ذَهَب ببَصَرِه، وفَعَل ما يُخافُ مِنه ذَهابُ البَصَر، إذ لم يَردْ به الشَّرْعُ ولم يَكُنْ مُحَرَّمًا، فلا أقَلَّ مِن الكَراهَةِ. واللهُ أعلمُ.
(1) انظر: المغني 1/ 152.