الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسُنَنُ الْوُضُوءِ عَشْرٌ؛ السِّوَاكُ، وَالتَّسْميَةُ،
ــ
وتَرَجُّلِه، وطُهُورِه، وفي شَأنِه كُلِّه. مُتَّفَقٌ عليه (1). وعن أبي هُرَيرَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا انْتَعَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِاليُمْنَى، وإذَ خَلَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُسْرَى» . رواه الطَّبَرانِيُّ في «المُعْجَمِ الصَّغِيرِ» (2)، [وروَاه البخاريُّ بمعناه](3). ولأنَّ عُثمانَ وعَلِيًّا وَصَفا وُضوءَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَبَدَأَ باليُمْنَى قبلَ اليُسْرَى. رواه أبو داوُدَ (4).
74 - مسألة: (وسُنَنُ الوُضُوء عَشْرٌ؛ السِّواكُ)
لما روَى أبو هُرَيرَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أنْ أشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ
(1) تقدم في صفحة 72.
(2)
2/ 25.
(3)
سقط من: «م» . أخرجه البخاري. في: باب ينزع نعله اليسرى من كتاب اللباس. صحيح البخاري 7/ 199.
(4)
في: باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 24 - 26.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَعَ كُلِّ وُضُوءِ بِسِوَاكٍ». رواه الإمامُ أحمدُ (1). (والتَّسْمِيَةُ، وعنه أنَّها واجِبَةٌ مع الذِّكْرِ) وجملتُه أنَّ التَّسْمِيَةَ فيها رِوايتان؛ إِحْداهما، أنَّها واجِبةٌ في طَهاراتِ الحَدَثِ كُلِّها؛ الغُسْلِ، والوُضُوءِ، والتَّيَمِّمِ. وهذا اخْتِيارُ أبي بكرٍ، ومذهبُ الحسنِ، وإسحاقَ؛ لما رُوِيَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيهِ» . رواه أبو داودَ، والتِّرمِذِيُّ (2). ورَواه عن النبيِّ جماعةٌ مِن أصحابِه؛ مِنهم أبو سعيدٍ. قال أحمدُ: حديثُ أبي سعيدٍ أحسنُ حديثٍ في الباب. وهذا نَفْيٌ في نَكِرَةٍ، يَقْتَضِي أن لا يَصِحَّ وُضُوءُه بدُونِ التَّسْمِيَةِ. وَالثانيةُ، أنَّها سُنَّة. وهذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الخَلَّالُ: الَّذي اسْتَقَرَّتِ الرِّواياتُ عليه، أنَّه لا بَأْسَ به. يَعني: إذا تَرَكَ التَّسْمِيَةَ. وهذا قولُ الثَّوْرِيِّ،
(1) في: المسند 2/ 250، 433.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في التسمية على الوضوء، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 23. والترمذي، في: باب في التسمية عند الوضوء، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 43.
كما أخرجه ابن ماجة، في: باب ما جاء في التسمية في الوضوء، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجة 1/ 140. والدارمي، في: باب التسمية في الوضوء، من باب الوضوء. سنن الدارمي 1/ 176. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 418، 3/ 41، 4/ 70، 5/ 382، 6/ 382.
وَعَنْهُ، أَنَّهَا وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ.
ــ
ومالكٍ، والشافعيِّ، وابنِ المُنْذِرِ، وأصحابِ الرَّأي. واخْتِيارُ الخِرَقِيِّ، لأنَّها طَهارَةٌ فلا تَفْتَقِرُ إلى التَّسْمِيَةِ، كالطَّهارَةِ مِن النَّجاسَةِ، أو عِبادَةٌ، فلا تَجِبُ فيها التَّسْمِيَةُ كسائِرِ العِباداتِ. والأحاديثُ، قال أحمدُ: ليس يَثْبُتُ في هذا حديثٌ، ولا أعْلَمُ فيها حديثًا له إسْنادٌ جَيِّدٌ. وإن صحَّ ذلك فيُحْمَلُ على تَأكِيدِ الاسْتِحْبابِ، ونَفْي الكَمالِ بدُونِها، كقَوْلِه:«لا صَلاةَ لِجَارِ المَسْجِدِ إلَّا في المَسْجِدِ» (1).
فصل: فإذا قُلْنا بوُجُوبِها فتَرَكَها عَمْدًا، لم تَصِحَّ طَهارَتُه، قياسًا على سائِرِ الواجِبِاتِ. وإن نَسِيَها، فقال بعضُ أصحابِنا: لا تَسْقُطُ، قياسًا لها
(1) يأتي في باب الإمامة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على سائِرِ الواجِباتِ. والصَّحيحُ أَنَّها تَسْقُطُ بالسَّهْو. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايةِ أبي داودَ، فإنَّه قال: سألتُ أحمدَ: إذا نَسِيَ التَّسْمِيةَ في الوُضُوءِ؟ قال: أرْجُو أن لا يَكُونَ عليه شيءٌ. وهذا قولُ إسحاقَ. ووَجْهُ ذلك قولُه صلى الله عليه وسلم: «عُفِيَ لأمَّتِي عَنِ الخَطَأ والنِّسْيَانِ» (1). ولأنّ الوُضُوءَ عِبادَةٌ تَتَغايُر أفْعَالُها، فكانَ في واجِباتِها ما يَسْقُطُ بالسَّهْو كالصلاةِ، ولا يَصِحُّ قِياسُها على سائِرِ واجِباتِ الطَّهارَةِ، لتَأَكُّدِ وُجُوبِها، بخلافِ التَّسْمِيَةِ. فعلى هذا إذا ذَكَرَها في أثْناءِ طَهارَتِه، سَمَّى حيثُ ذَكَرَ، لأنَّه إذا عُفِىَ عنها مع السَّهْو في جُمْلَةِ الوُضُوءِ، ففي البَعْضِ أَوْلَى. وإن تَرَكَها عَمْدًا حتَّى غَسَل عُضْوًا لم يُعْتَدَّ بغَسْلِه، لأنَّه لم يَذْكُرِ اسمَ اللهِ عليه. وقال الشيخُ أَبو الفَرَجِ: إذا سَمَّى في أثناءِ الوُضُوءِ أجْزَأَه. يَعني على كُلِّ حالٍ، لأنّه قد ذَكَرَ اسمَ اللهِ على وُضُوئِه. والتَّسْمِيَةُ قولُ «بِسْمِ اللهِ» ، لا يَقُومُ غيرُها مَقامَها، كالتَّسْمِيَةِ المَشْرُوعَةِ على الذَّبِيحَةِ، وعندَ الأَكْلِ والشُّرْب، ومَوْضِعُها بعدَ النِّيَّةِ، لتَكُونَ شامِلَةً لجميعِ أفعالِ الوُضُوءِ، ولتكونَ. النِّيَّةُ شامِلَةً لها، كما يُسَمِّي على الذَّبِيحَةِ قبلَ ذَبْحِها.
(1) أخرجه ابن ماجة، في: باب طلاق المكره والناسي»، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجة 1/ 659. وقد بين الزيلعي طرقه، ومن أخرجه، بتفصيل واف، في: نصب الراية 2/ 64 - 66.