الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ لَمْ يُنْقِ بِهَا، زَادَ حَتَّى يُنْقِىَ. وَيَقْطَعُ عَلَى وتْرٍ.
ــ
61 - مسألة؛ قال: (فإنَّ لم يُنْقِ بها، زادَ حتَّى يُنْقِىَ)
لأنَّ المقصودَ إزالةُ آثارِ النجاسةِ، فإذا لم يُنْقِ لم يَحْصُلْ مقصودُ الاسْتِجْمارِ.
62 - مسألة؛ قال: (ويَقْطعُ على وتْرٍ)
لما روَى أبو هُرَيرَةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ» . متَّفَقٌ عليه (1). وهو مُسْتَحَب غيرُ واجبٍ؛ لقَوْلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَل فقد أحْسَنَ، ومَنْ لا فَلا حَرَجَ» . رواه الإِمامُ أحمدُ، وأبو داوُدَ. فَيَسْتَجْمِرُ (2) ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو تسعًا، فإنَّ أنقَى بشَفْع أجْزأ؛ لما ذكرنا.
فصل: وكَيفَما حَصَل الإِنْقاءُ في الاسْتِجْمارِ أجْزأ، وذَكَر القاضي أنَّ المُسْتَحَبَّ أن يُمِرَّ الحَجَرَ الأوَّلَ، مِنْ مُقَدَّمِ صَفْحَتِه اليُمْنَى إلى مُوخَّرِها، ثم يُدِيرَه على اليُسْرَى، حتَّى يَصِلَ به إلى الموضِع الذي بَدَأ مِنه، ثم يُمِرَّ الثانِىَ مِن مُقَدَّمِ صَفْحَتِه اليُسْرَى كذلك، ثُمَّ يُمِرَّ الثالثَ على المَسْرَبَةِ والصَّفْحَتَينِ؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«أوَلا يَجِدُ أحَدُكُمْ حَجَرَينِ للصفْحَتَينِ، وَحَجَرًا للمَسْرَبةِ» . روَاه الدّارَقُطْنِي (3)، وقال: إسناد حسن. وذكر الشَّرِيفُ أبو جعفرٍ، وابنُ عَقِيل، أنَّه يَنْبَغِي أن يَعُمَّ المَحَلَّ
(1) تقدم في المسألة قبل السابقة.
(2)
في م: «فليستجمر» .
(3)
في: باب الاستنجاء، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني 1/ 56.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بكلِّ واحدٍ مِن الأحْجارِ؛ لأنَّه إذا لم يَعُمَّ به (1) كان تَلْفِيقًا، وتَكُونُ (2) مَسْحَةً واحدَة. وقالا: معنى الحديثِ البدايةُ بهذه المواضِعِ. قال شيخُنا: ويَحْتَمِلُ أنْ يُجْزِئَه لكُلِّ جِهَةٍ مَسْحَةٌ؛ لظاهِرِ الخَبَرِ. واللهُ أعلمُ (3).
فصل: ويُجْزِئ الاسْتِجْمارُ في النّادِرِ، كإجْزائِه في المُعْتادِ.
ولأصحابِ الشافعيِّ وَجْه، أنَّه لا يُجْزِئُ في النّادِرِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ (4): يَحْتَمِلُ أن يكونَ قولَ مالكٍ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ بغَسْلِ الذَّكَرِ مِن المَذْىِ، وظاهرُ الأمْرِ الوجوبُ، ولأنَّ النّادِرَ لا يَتَكَرَّرُ، فلا يَشُقُّ اعْتِبارُ الماءِ فيه، فوَجَبَ كغيرِ هذا المَحَلِّ. ولَنا، أنَّ الخَبَرَ عام في الكُلِّ. ولأنّ الاسْتِجْمارَ في النّادرِ إنَّما وَجَب لما صَحِبَه مِن بِلَّةِ المُعْتادِ، ثم إنْ لم يَشُقَّ فهو في مَحَلِّ المَشَقَّةِ، فيُعْتَبَرُ مَظِنَّةُ المَشَقَّةِ دونَ حَقِيقَتِها، كما جازَ الاسْتِجْمارُ على نَهْرٍ جارٍ. وأمّا المَذْىُ فمُعْتادٌ كثيرٌ، ورُبَّما كان في بعض النَّاسِ أكثرَ مِن البَوْلِ، ولهذا أوْجَبَ مالِكٌ مِنه الوُضُوءَ، وهو لا يُوجِبُه مِن النّادِرِ، فيُجْزِئ فيه الاسْتِجْمارُ قياسًا على سائِرِ المُعْتادِ، والأمْرُ مَحْمُولٌ على الاسْتِجْبابِ، جَمْعًا بينَه وبينَ ما ذكرْنا. واللهُ أعلمُ.
(1) ساقطة من: «م» .
(2)
في م: «فيكون» .
(3)
المغني 1/ 210.
(4)
أبو عمر يوسف بن عبد البر بن عبد الله النمري القرطبي، شيخ علماء الأندلس، وكبير محدثيها في وقته، توفي سنة ثلاث وستين وأربعمائة. الديباج المذهب 2/ 367 - 370.