الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنِ اشْتَبَهتِ الثيابُ الطَّاهِرَةُ بِالنَّجِسَةِ، صَلَّى فِي كُلِّ ثَوْبٍ صَلَاةً، بِعَدَدِ النَّجِسِ، وَزَاد صَلَاةً.
ــ
28 - مسألة؛ قال: (وإنِ اشْتَبهتْ ثِيابٌ طاهرة بنَجِسةٍ، صَلَّى في كلِّ ثَوْبٍ صلاةً بعَدَدِ النَّجسِ، وزادَ صلاةً)
ولم يَجُزِ التَّحرِّي، وهذا قولُ ابنِ الماجِشُون؛ لأنّه أمكَنه أَداءُ فَرضِه بيقين مِن غيرِ حَرَجٍ فلَزِمَه، كما لو اشْتَبَه الطاهرُ بالطَّهُورِ، وكما لو فاتَتْه صلاةٌ مِن يوم لا يعلمُ عَينَها. وقال أبو ثَوْرٍ، والمُزَنِيّ: لا يُصَلِّي في شيءٍ منها. وقال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ: يَتحَرَّى. كقَوْلِهما في الأوانِي والقِبْلَةِ. والأوَّلُ أوْلَى. والفرقُ بينَ الثيابِ والأوانِي النَّجِسَةِ مِن وجْهين؛ أحدُهما، أنَّ اسْتعمال النَّجِسِ في الأواني
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَتنَجَّسُ به، ويَمنعُ صِحَّةَ صلاتِه في الحالِ والمَالِ، بخلافِ الثِّيابِ. الثاني، أنَّ الثَّوْبَ النَّجِسَ يُباحُ له الصلاةُ فيه إذا لم يَجد غيرَه، بخلاف الماءِ النَّجِسِ، والفرقُ بينَه وبينَ القِبْلَةِ مِن ثلاثةِ أوْجُهٍ، أحدُها، أنَّ القِبلةَ يَكثُرُ فيها الاشْتِباهُ. الثاني، أنّ الاشْتِباة هاهُنا حَصَل بتَفْرِيطِه، لأنَّه كان يُمكِنُه تَعلِيمُ النَّجِسِ، بخلافِ القِبلةِ. الثالثُ، أنَّ القِبلةَ عليها أدِلَّة مِنَ النُّجومِ وغيرِها، فيَغلِبُ على الظنِّ مع الاجتهادِ فيها الإِصابَةُ، بحيث يَبْقَى احتمالُ الخطأ وَهْمًا ضعيفًا، بخلافِ الثيابِ.
فصل: فإن لم يَعلم عددَ النَّجِسِ، صَلَّى حتى يَتَيقَّنَ أنَّه صلّى في ثوبٍ طاهرٍ، فإن كَثُرَ ذلك وشَقَّ، فقال ابنُ عَقِيلٍ: يَتحَرَّى في أصَحِّ الوجهين، دَفْعًا للمَشقَّةِ. والثاني، لا يَتحَرَّى، لأنَّ هذا يَنْدُرُ جِدًّا، فألحِقَ بالغالِبِ (1).
(1) في م: «للغالب» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن سَقَط على إنسانٍ مِن طريقٍ ماءٌ، لم يَلْزَمه السُّؤالُ عنه، قال صالح (1): سألتُ أبي عن الرجلِ يَمُرُّ بموضِعٍ فيَقْطر عليه قَطرة أو قَطرتان؟ فقال: إنْ كان مَخْرَجًا - يعني خَلاءً- فاغْسِلْه، وإن لم يكنْ
(1) أبو الفضل صالح بن الإمام أحمد هو أكبر أولاده، وكان سخيا، سمع من أبيه مسائل كثيرة، وولي القضاء، مولده سنة ثلاث ومائتين، ووفاته سنة ست وستين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 173 - 176.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَخْرَجًا فلا تَسألْ عنه؛ فإنّ عُمَرَ، رضي الله عنه، مَرَّ هو وعمرُو بنُ العاصِ على حَوضٍ، فقال عمرٌو: يا صاحبَ الحوضِ، أتَرِدُ على حوضِكَ السِّباعُ؟ فقال عمرُ: يا صاحبَ الحوض لا تُخْبرنا، فإنّا نَرِدُ عليها، وتَرِدُ علينا. رواه مالِكٌ في «المُوطَّأ» (1). فإن سَأَلَ، فقال ابنُ عَقِيل: لا يَلْزَمُ المَسْئُولَ رَدُّ الجوابِ؛ لخَبَرِ عمرَ. قال شيخُنا: ويَحتَمِلُ أن يَلْزَمه؛ لأنَّه سُئل عن شرطِ الصلاةِ، فلَزِمَه الجوابُ، كما لو سُئل عن القِبْلَةِ. وخَبَرُ عُمَرَ يَدُلُّ على أنَّ سُؤرَ السِّباعِ طاهرٌ. واللهُ أعلمُ (2).
(1) في باب الطهور للوضوء، من كتاب الطهارة. الموطأ 1/ 23، 24، ورواه الدارقطني، في: باب الماء المتغير، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني 1/ 32.
(2)
المغني 1/ 88.