الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ لَبِسَ خُفًّا فَلَمْ يُحْدِثْ حَتَّى لَبِسَ عَلَيهِ آخَرَ، جَازَ الْمَسْحُ عَلَيهِ.
ــ
فصل: وكذلك إن كان الجَوْرَبُ خَفِيفًا، يَصِفُ القَدَمَ، لم يَجُزِ المَسْحُ عليه؛ لأنَّه غيرُ ساتِرٍ لمَحَلِّ الفَرْضِ، أشْبَهَ النَّعْلَ. وكذلك إن كان يَسْقط مِن القَدَمِ، ولا يَثْبُتُ فيه؛ لِما ذَكَرْنا. ولا يَجُوزُ المَسْحُ على اللَّفائِفِ والخِرَقِ. نَصَّ عليه أحمدٌ؛ لأنَّها لا تَثْبُتُ بنَفْسِها، إنَّما تَثْبُتُ بشَدِّها، ولا نَعْلَم في هذا خِلافًا.
124 - مسألة: (وإن لَبِس خُفًّا، فلم يُحْدِثْ حتى لَبِس عليه آخَرَ، جاز المَسْحُ عليه)
يَعْنِي على الفَوْقانِي، سَواء كان التَّحْتانِيُّ صَحِيحًا أو مُخرَّقًا. وهذا قولُ الثَّوْرِيِّ، والأوْزاعِيِّ، وأصحابِ الرَّأْي. ومَنَع منه مالك والشافعيُّ، في أحَدِ قَوْلَيهِما؛ لأَن الحاجَةَ لا تَدْعُو إلى لُبْسِه في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الغالِبِ، فلم تَتَعَلَّقْ به رُخْصَةٌ عامَّةٌ كالجَبِيرَةَ. ولَنا، أنَّه خُفٌّ ساتِرٌ يَثْبُتُ بنَفْسِه، أشْبَهَ المُنْفَرِدَ. وقولُه: الحاجَةُ لا تَدْعُو إليه. مَمْنُوعٌ، فإنَّ البِلادَ البارِدَةَ لا يَكْفِي فيها خُف واحِدٌ غالِبًا، ولو سَلَّمْنا ذلك، لكنَّ الحاجَةَ مُعْتَبَرَة بدَلِيلِها، وهو الإِقْدامُ على اللُّبْسِ، لا بنَفْسِها، فهو كالخُفِّ الواحِدِ. إذا ثَبَت ذلك، فمتى نَزَع الفَوْقانِيَّ قبلَ مَسْحِه، لم يُؤثِّرْ فيه. وإن نَزَعَه بعدَ مَسْحِه، بَطَلَتِ الطهارةُ، ووَجَبَ نَزْعُ الخُفَّين وغَسْلُ الرِّجْلَين، لزَوالِ مَحَلِّ المَسْحِ. ونَزْعُ أحَدِ الخُفَّين، كنَزْعِهما؛ لأنَّ الرُّخْصَةَ تَعَلَّقَتْ بهما، فصارَ كانْكِشافِ القَدَمِ. ولو أدْخَلَ يَدَه مِن تحتِ الفَوْقانِيِّ، ومَسَح الذي تحتَه، جاز؛ لأن كل واحِدٍ منهما مَحَلٌّ للمَسْحِ، فجازَ المَسْحُ عليه، كما يَجُوزُ غَسْل قَدَمَيه في الخُف، مع جَوازِ المَسْحِ عليه. ولو لَبِس أحَدَ الجُرْمُوقَين في إحْدَى الرِّجْلَين دونَ الأُخْرَى، جاز المَسْحُ عليه وعلى الخُفِّ الذي في الرِّجْلِ الأُخْرَى؛ [لأنَّ الحُكْمَ تَعَلَّقَ به وبالخُفِّ في الرِّجْلِ الأخْرَى](1)، فهو كما لو لم يَكُنْ تحتَه شيءٌ.
(1) سقط من: «م» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن لَبِس مُخَرَّقًا فوقَ صَحِيحٍ، فالمَنْصُوصُ عن أحمدَ، جَوازُ المَسْحِ عليه. رَواها عنه حَرْبٌ؛ لأنَّ القَدَمَ مَسْتُورٌ بخُفٍّ صَحِيحٍ، فجازَ المَسْحُ عليه، كما لو كان مَكْشُوفًا. وقال القاضي وأصحابُه: لا يَجُوزُ المَسْحُ إلَّا على التَّحْتانِيِّ؛ لأنَّ الفَوْقانِيَّ لا يجوزُ المَسْحُ عليه مُنْفَرِدًا، أشْبَهَ ما لو كان تحتَه لِفافَةٌ. فأمّا إن لَبِسَ مُخَرَّقًا فوقَ لِفافَةٍ، لم يَجُزِ المَسْحُ عليه؛ لأنَّ القَدَمَ غيرُ مَسْتُورٍ بخُفٍّ صَحِيحٍ. وإن لَبِسَ مُخَرَّقًا فوقَ مُخَرَّقٍ، فاسْتَتَرَ القَدَمُ بهما، احْتَمَلَ أن لا يَجُوزَ المَسْحُ لذلك، واحْتَمَل جَوازَ المَسْحِ؛ لأنَّ القَدَمَ اسْتَتَرَ بهما، أشْبَهَ ما لو كان أحَدُهُما مُخَرَّقًا، والآخَرُ صَحِيحًا.
فصل: فأمّا إن لَبِس الفَوْقانِيَّ بعدَ أن أحْدَثَ، لم يَجُزِ المَسْحُ؛ لأنَّه لَبِسه على غيرِ طهارةٍ، وكذلك إن مَسَح على الأوَّلِ، ثم لَبِس الثّانيَ. وقال بَعْضُ أصحابِ الشافعيِّ: يَجُوزُ؛ لأنَّ المَسْحَ قام مَقامَ الغَسْلِ. ولَنا، أنَّ المَسْحَ على الخُفِّ، لم يُزِلِ الحَدَثَ عن الرِّجْلِ، فلم تَكْمُلِ الطهارةُ، أشْبَهَ التَّيَمُّمَ. ولأنَّ الخُفَّ المَمْسُوحَ عليه بَدَلٌ، والبَدَلُ لا يَكُونُ له بَدَلٌ آخَرُ. واللهُ أعلمُ.