الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في مسألة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم
…
فصل
قال العراقي: (ومن قبائح ابن عبد الوهاب الشنيعة أنه منع الناس من زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فبعد منعه خرج أناس من الأحساء وزاروه صلى الله عليه وسلم، فلما رجعوا مروا على ابن عبد الوهاب في الدرعية فأمر بحلق لحاهم، وأركبهم مقلوبين إلى الأحساء) .
والجواب: أن هذا كذب وافتراء، فإن الشيخ قال في جواب اثنتي عشرة مسألة منها إنكاره زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ما نصه:
فهذه اثنتا عشرة مسألة جوابي فيها أن أقول {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} ،وقد تقدم ذكرها.
وأما كونه حلق لحى أناس من أهل الأحساء فهو من تصرف هذا العراقي، فإنه لم يذكرها إمام ضلالتهم "أحمد بن زيني دحلان" في مفترياته، وهم إنما يمشون على ما اقترحه لهم وافتراه {فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [المؤمنون: 41] .
وأما قوله: (قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء الخوارج في أحاديث كثيرة فكانت من أعلام نبوته عليه الصلاة والسلام، لأن فيها إخباراً بالغيب، فمنها قوله عليه الصلاة والسلام "الفتنة من ههنا" وأشار إلى المشرق. وقوله صلى الله عليه وسلم: "يخرج أناس من قبل المشرق يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه -يعني موضع الوتر- سماهم التحليق"، وفي رواية زيادة على ذلك "هم شر الخليقة، طوبى لمن قتلهم أو قتلوه، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء،"، وقوله صلى الله عليه وسلم:" اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا" قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا؟ قال: "هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان". وقوله صلى الله عليه وسلم: "يخرج ناس من المشرق يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما قطع قرن نشأ قرن، حتى يكون آخرهم مع المسيح الدجال، سيماهم التحليق"، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "سيماهم التحليق" تنصيص عن هؤلاء القوم الخارجين من المشرق التابعين لمحمد بن عبد الوهاب فيما ابتدعه) .
فالجواب أن يقال: لقد –والله- أمكن الرامي من سواء الثغرة، وعلى نفسها تجني براقش. فإن قوله صلى الله عليه وسلم:
"الفتنة ههنا الفتنة ههنا" وأشار إلى المشرق مراده مشرق المدينة، وهو العراق كما يأتي ذلك في الأحاديث، وفي كلام أهل العلم.
فأما قوله: (فمنها قوله صلى الله عليه وسلم: "الفتنة من ههنا الفتنة من ههنا" وأشار إلى المشرق) .
أقول: روى البخاري في كتاب الفتن من حديث ابن عمر ولفظه هكذا: عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام إلى جنب المنبر فقال: "الفتنة ههنا الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان – أو قال- قرن الشمس" وفي رواية عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول: "ألا إن الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان"، وفي رواية عنه قال ذكر النبي صلى الله عليه وسلم:" اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا" قالوا: وفي نجدنا، قال:"اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا". قالوا: وفي نجدنا. فأظنه قال في الثالثة: "هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان".
ولمسلم من رواية عكرمة بن عمار عن سالم سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده نحو
المشرق ويقول: "ها إن الفتنة ها هنا -ثلاثاً- حيث يطلع قرن الشيطان".
وله من طريق حنظلة عن سالم مثله قال: "إن الفتنة هاهنا. ثلاثاً".
وله من طريق فضيل بن غزوان سمعت سالم بن عبد الله بن عمر يقول: "يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة، وأركبكم للكبيرة، سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الفتنة تجيء من ههنا، وأومى بيده نحو المشرق، من حيث يطلع قرنا الشيطان" 1 كذا فيه بالتثنية.
1 أخرجه البخاري في صحيحه –كتاب الاستسقاء –باب ما قيل في الزلازل والآيات 2/521 من طريق حسين بن الحسن قال: حدثنا ابن عون عن نافع عن ابن عمر قال: "اللهم بارك لنا في شامنا، وفي يمننا". قال قالوا: وفي نجدنا. قال: "هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان".
قال الحافظ ابن حجر: هكذا وقع في هذه الروايات التي اتصلت لنا بصورة الموقوف عن ابن عمر
…
قال القابسي: سقط ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من النسخة، ولا بد منه، لأن مثله لا يقال بالرأي. انتهى.
قال الحافظ: ورواه أزهر السمان عن ابن عون مصرحاً فيه بذكر النبي صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي في كتاب الفتن اهـ. كلام الحافظ.
قال البخاري رحمه الله في كتاب الفتن من صحيحه: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الفتنة من قبل المشرق"، ثم ساق بسنده عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام إلى جنب المنبر فقال: =
..................................................................................................
= "الفتنة ها هنا، الفتنة ها هنا، من حيث يطلع قرن الشيطان". أو قال: "قرن الشمس".
ثم ساق بسنده عن ليث عن نافع عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول: "ألا إن الفتنة ها هنا، من حيث يطلع قرن الشيطان".
ثم ساق بسنده أيضاً عن أزهر بن سعد عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا" قالوا: يا رسول الله: وفي نجدنا. قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا. قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا فأظنه قال في الثالثة: "هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان".
وأخرج البخاري أيضاً في كتاب فرض الخمس باب ما جاء في بيوت أخراج النبي صلى الله عليه وسلم من صحيحه 6/210، وفي كتاب بدء الخلق باب صفة إبليس وجنوده 6/336، وفي كتاب المناقب 6/540، وفي كتاب الطلاق، باب الإشارة في الطلاق والأمور 9/436.
وأخرج الحديث مسلم في صحيحه كتاب الفتن وأشراط الساعة 4/2228، 2229 من طرق عن ابن عمر. منها: عن يونس عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال –وهو مستقبل المشرق-: "ها إن الفتنة ها هنا. ها إن الفتنة ها هنا. ها إن الفتنة ها هنا. من حيث يطلع قرن الشيطان".
وأخرج من طريق وكيع عن عكرمة بن عمار عن سالم عن أبيه عن ابن عمر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة فقال: "رأس الكفر من ها هنا، من حيث يطلع قرن الشيطان" يعني المشرق.
وأخرجه من طريق ابن فضيل عن أبيه. قال: سمعت سالم بن عبد الله بن عمر يقول: يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغير، وأركبكم للكبير، سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الفتنة تجيء من ها هنا" وأومأ بيده نحو المشرق. "من حيث يطلع قرنا الشيطان" وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض
…
الخ.
فتبين من هذا الحديث الصحيح أن المراد بالمشرق العراق، ولا بدع فهو منبع كل فساد، ومنشأ كل إلحاد.
قال الخطابي: نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها، فهي مشرق أهل المدينة، وأصل نجد ما ارتفع من الأرض، وهو خلاف الغور، فإنه ما انخفض منها.
وقال الحافظ في الفتح: وقال غيره "كان أهل المشرق يومئذ أهل كفر، فأخبر صلى الله عليه وسلم أن الفتنة تكون من تلك الناحية، فكان كما أخبر، وأول الفتن كان من قبل المشرق، فكان ذلك سبباً للفرقة بين المسلمين، وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح به، وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة" انتهى.
وقال القسطلاني: إنما أشار عليه الصلاة والسلام إلى المشرق لأن أهله يومئذ أهل كفر، فأخبر أن الفتنة تكون من تلك الناحية، وكذا وقعت، فكانت وقعة الجمل، ووقعة صفين، ثم ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق وما وراءها من المشرق، وكان أصل ذلك وسببه قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم. انتهى.
فتبين مما ذكره الشراح أن المراد من قوله: "من قبل المشرق" أنه العراق ونواحيه، لأن به كانت وقعة الجمل، ووقعة صفين، وهي لم تكن إلا في ناحية العراق، وخروج الخوارج إنما كان من البصرة والكوفة، فأين هذه الأماكن من اليمامة لو كانوا يعلمون، ولكن الأمر كما قيل:
رمتني بدائها وانسلت
وقال الداوودي: إن نجداً من ناحية العراق. ذكر هذا الحافظ ابن حجر، ويشهد له ما في مسلم عن ابن غزوان سمعت سالم بن عبد الله سمعت ابن عمر يقول: يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة، وأركبكم للكبيرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الفتنة تجيء من ههنا"، وأومى بيده إلى المشرق، فظهر أن هذا الحديث خاص لأهل العراق، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فسر المراد بالإشارة الحسية، وقد جاء صريحاً في الكبير للطبراني النص على أنها العراق، وقول ابن عمر، وأهل اللغة وشهادة الحال كل هذا يعين المراد، ومن المعلوم بالضرورة أن وقعة الجمل وصفقين لم تكن بأرض اليمامة، ولا كان خروج الخوارج على علي رضي الله عنه إلا بحروراء1 من جهة العراق ونواحيها.
1 في ط الرياض:"بجروراء".
وأما قوله: (في الحديث الآخر يخرج ناس من قبل المشرق يقرؤون القرآن) الخ.
فأقول: الحديث أخرجه البخاري في كتاب التوحيد عن معبد بن سيرين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يخرج ناس من قبل المشرق، ويقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه، قيل ما سيماهم؟ قال: "التحليق -أو قال- التسبية" 1.
وقد وقع مصداق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم من خروج هؤلاء المارقين، على هذه الصفة التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان خروجهم من جهة العراق كما ذكره الشراح.
قال الحافظ في الفتح في آخر كتاب التوحيد تحت قوله صلى الله عليه وسلم: "يخرج ناس من قبل المشرق": تقدم في كتاب الفتن أنهم الخوارج، وبيان مبدأ أمرهم، وما ورد فيهم، وكان ابتداء خروجهم في العراق، وهي من جهة المشرق بالنسبة إلى مكة المشرفة انتهى.
1 تقدم الكلام على أحاديث الخوارج في الرسالة الأولى في هذه السلسلة ص47.
وأخرج البخاري عن بشير بن عمرو قال: قلت لسهل بن حنيف هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الخوارج شيئاً؟ قال: سمعته يقول وأهوى بيده قبل العراق: "يخرج منه قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية".
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا" الحديث.
فالجواب أن يقال: وصف أهل اليمامة بهذا كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يصف أهل نجد وأهل اليمامة بهذا، ولا دخل في وصفه من يؤمن بالله ورسوله منهم ولا من غيرهم، بل الموصوف بإجماع المسلمين هم الحرورية الخارجون على علي الذين قاتلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه من أهل الكوفة والبصرة وما يليها من بني يشكر ومن طي وتميم وغيرهم من قبائل العرب، ودارهم ومسكنهم بالعراق، ولا يختلف في هذا، ودولتهم وشوكتهم كانت هناك دون النهر، ولذلك نسبوا إليه وقيل: أهل النهروان، وحروراء بلدة هناك نسبوا إليها، فقيل: الحرورية.
وبعض ألفاظ الحديث في بعض الطرق دال على تلك الخصوصية كما وقع في رواية البخاري عن أبي سعيد
"يخرجون على حين فرقة من الناس" قال أبو سعيد شهدت لسمعته من النبي صلى الله عليه وسلم. وأشهد أن علياً قتلهم وأنا معه حين جيء بالرجل على النعت الذي نعته النبي صلى الله عليه وسلم. وفي رواية لمسلم عن أبي سعيد "تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق".
وكذلك الحديث الذي أورده العراقي (الزهاوي) 1 من قوله صلى الله عليه وسلم: " يخرج ناس من المشرق يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما قطع قرن نشأ قرن، حتى يكون آخرهم مع المسيح الدجال".
قال بعض المحققين من أهل العلم في رده شبه دحلان: لم أقف على هذا اللفظ، ولكن أخرج معناه النسائي من حديث أبي برزة وأخرج ابن ماجه معناه من حديث ابن عمر. ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ينشأ نشء يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج قرن قطع" قال ابن عمر: حتى يخرج في عراضهم الدجال. وفي مجمع الزوائد عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يخرج ناس من قبل المشرق يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما قطع قرن نشأ قرن حتى
1 ليس في الأصل.
يكون مع بقيتهم الدجال" رواه الطبراني وإسناده حسن. انتهى.
وأما قوله: (وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "سيماهم التحليق" تنصيص على هؤلاء القوم الخارجين من المشرق، التابعين لمحمد بن عبد الوهاب فيما ابتدعه، لأنهم كانوا يأمرون من اتبعهم أن يحلق رأسه، ولا يتركونه إذا تبعهم حتى يحلقوا رأسه، ولم يقع مثل ذلك من إحدى الفرق الضالة التي مضت قبلهم، وكان ابن عبد الوهاب يأمر بحلق رؤوس النساء أيضاً ممن اتبعه، وفي مرة أمر امرأة دخلت في دينه أن تحلق رأسها. فقالت له: لو أمرت بحلق اللحى للرجال لساغ أن تأمر بحلق رؤوس النساء، فإن شعر الرأس للنساء بمنزلة اللحية للرجل. فلم يجد لها جواباً) .
فالجواب أن نقول: قد تقدم أن التحليق من صفة الخوارج الذين يخرجون من العراق كما هو معروف مشهور في الأحاديث وكلام العلماء.
وأما قوله: (إن الشيخ وأتباعه يأمرون من اتبعهم أن يحلق رأسه) .
فهذا من الكذب والبهتان، والظلم والعدوان.
وأما حكايته عن المرأة التي زعم أن الشيخ أمرها بحلق رأسها فمن الخرافات والمجونات التي لا يستجيز صبيان المكاتب حكايتها، ولا يحيكها إلا هؤلاء الذين سلب الله عقولهم، وأنطقهم بما يضحك منه المجاذيب الذين لا يعقلون.
وأما قوله: (ولم يقع مثل ذلك من أحدى الفرق الضالة التي مضت قبلهم) .
فأقول: هذا مما يبين شدة غباوة هذا العراقي وجهله، وعدم إدراكه ومعرفته وشدة كلب عداوته لأهل الإسلام، فإن التحليق من صفة الخوارج كما مر في الأحاديث، وهم خرجوا على علي رضي الله عنه، وهم من أكبر الفرق الضالة في القرن الأول، وظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى دين الله في القرن الحادي عشر، أفلا يستحي هذا العراقي ممن وقف على كلامه، من سوء قصده ومرامه، حيث قال: ولم يقع مثل ذلك من إحدى الفرق الضالة. وهو قد وقع للخوارج، ومن شدة غباوته أنه يكتب هذا في صفة الخوارج ثم يقول: ولم يقع مثل هذا. اللهم إلا أن يكون توهم أن الذين خرجوا على علي، وقاتلهم في النهروان ليسوا بخوارج، وإنما الخوارج عنده
من أخلصوا العبادة لله بجميع أنواعها، ودعوا الناس إلى ذلك، ونهوا عن الاعتقاد في الأنبياء والأولياء والصالحين والأحجار والأشجار، وترك التعلق عليهم، والالتجاء إليهم في الرغبات والطلبات، وأنه لا يستغاث بهم في كشف الكربات والملمات، إلى غير ذلك من الفواحش والمنكرات.
وأما قوله: (وكان ابن عبد الوهاب يأمر بحلق رؤس النساء إلى آخره) .
فأقول: هذا من الكذب الواضح الذي لا يمتري فيه عاقل، بل هو تزوير الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً، وقد خاب من افترى، وشاهد الحال يكفي في رد هذه الخرافات.
وأما قوله: (ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: "يخرج في آخر الزمان في بلد مسيلمة رجل يغير دين الإسلام") .
فأقول: هذه رواية بلا سند، فلا اعتداد بها، بل هذا من موضوعات هؤلاء الغلاة، ولو كان لها أصل لعزاها إلى كتاب من الكتب المعتمدة، وقد قال إمام ضلالة هؤلاء
الغلاة دحلان في شبهاته ومفترياته ما نصه: وفي بعض التواريخ بعد ذكر قتال بني حنيفة قال: ويخرج في آخر الزمان في بلد مسيلمة رجل يغير دين الإسلام، فنسبها إلى بعض التواريخ غير مسندة إلى تاريخ معلوم، ولا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسند يعتمد عليه، وهذا الجاهل أسند هذه المقالة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير سند لعظم غباوته وجراءته، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار".