المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الإستغاثة وشفاعة القيامة - الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق

[سليمان بن سحمان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌فصل في منشأ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌فصل في طلب الشيخ رحمه الله للعلم ومبدأ دعوته

- ‌فصل في حال الناس في نجد وغيرها قبل دعوة الشيخ

- ‌فصل في حقيقة دعوة الشيخ وأنها سلفية

- ‌فصل في نقض تعيير الملحد بسكنى بلاد مسيلمة

- ‌فصل في فرية الملحد على الشيخ بأنه يطمح للنبوة

- ‌فصل في رد فرية بأنهم خوارج

- ‌فصل في رد فرية الملحد في تنقص الأنبياء والصالحين

- ‌فصل في رد فرية الملحد على كتاب (كشف الشبهات)

- ‌فصل في كيد الدولة التركية المصرية ورد الله له

- ‌فصل في مسألة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في بيان أن دعوة الشيخ ليس فيها من مقالات الخوارج شيء

- ‌فصل في ذكر بعض مفتريات الملحد

- ‌فصل في الدولة السعودية القائمة الآن

- ‌فصل في كيد الدولة العثمانية

- ‌فصل في فرية الملحد أن الشيخ يريد النبوة

- ‌فصل في بيان جهمية الملحد وسنية الشيخ

- ‌فصل في مدح الملحد للعقل وذمه لأهل السنة

- ‌فصل في مفتريات الملحد، وردها

- ‌فصل في زعم الملحد أن إثبات الصفات تجسيم

- ‌فصل في بيان كلام الملحد في الجسم، وزيغه

- ‌فصل في إثبا الصفات وأنه لا يقتضي التجسيم

- ‌فصل في الإشارة إلى السماء، وإنكار الملحد ذلك

- ‌فصل في إنكار الملحد للنزول

- ‌فصل في تأويل الملحد للإشارة والمعراج

- ‌فصل في تأليه الملحد للعقل، وزعمه أن النقل يؤدي إلى الضلال

- ‌فصل في زعم الملحد تقديم العقل لأنه الأصل

- ‌فصل في فرية الملحد عليهم بنفي الإجماع

- ‌فصل في فرية الملحد عليهم بإنكارهم القياس

- ‌فصل في فرية الملحد بتكفير المقلدين

- ‌فصل في حكم أهل الأهواء

- ‌فصل في تناقض العراقي وكلامه في الجهمية

- ‌فصل في حكم التوسل والإستغاثة والزيارة والشرك

- ‌فصل في بيان جهل الملحد بمعنى العبادة

- ‌فصل في أنواع الشرك، وجهل الملحد بها

- ‌فصل في بيان سبب شرك الجاهلية

- ‌فصل في بيان أن الإستغاثة من الدعاء

- ‌فصل في التوسل

- ‌فصل في الإستغاثة الشركية

- ‌فصل في الإستغاثة بالأنبياء

- ‌فصل في آية: {وأبتغوا إليه الوسيلة}

- ‌فصل في آية: {أيهم أقرب}

- ‌فصل في آية: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك}

- ‌فصل في آية: {فاستغاثه الذي من شيعته}

- ‌فصل في آية: {لا يملكون الشفاعة}

- ‌فصل في حديث: "أسألك بحق السائلين

- ‌فصل في حديث: "أغفر لأمي فاطمة بحق نبيك

- ‌فصل في حديث الضرير

- ‌فصل في المنام والإستسقاء

- ‌فصل في إستسقاء عمر بالعباس

- ‌فصل في الفرق بين الحي والميت في التوسل

- ‌فصل في حقيقة غلو الناس في الصالحين وغيرهم

- ‌فصل في الإستغاثة وقصة هاجر

- ‌فصل الإستغاثة وشفاعة القيامة

- ‌فصل في حديث: "يا عباد الله احبسوا

- ‌فصل في بيان شرك من يدعو غائبا في حاجاته

- ‌فصل في دلالة ظاهر نداء المشرك غير الله

- ‌فصل في عقيدة أهل السنة في الصفات

- ‌فصل في زيارة القبور الشركية، والشفاعة

- ‌فصل في عبادة القبور

- ‌فصل في شد الرحال إلى القبور

- ‌فصل في مزاعم للملحد، وردها

- ‌فصل في النذر لغير الله

- ‌فصل في بيان الركوب إلى النصارى واتخاذهم أولياء

الفصل: ‌فصل الإستغاثة وشفاعة القيامة

‌فصل الإستغاثة وشفاعة القيامة

فصل

قال العراقي: (ومنها ما رواه البخاري في حديث الشفاعة: إن الخلق بينما هم في هول القيامة استغاثوا بآدم ثم بنوح، ثم بإبراهيم، ثم بموسى، ثم بعيسى، وكلهم يعتذرون، ويقول عيسى: اذهبوا إلى محمد، فيأتون إليه صلى الله عليه وسلم فيقول أنا لها

الحديث. فلو كانت الاستغاثة بالمخلوق ممنوعة لما ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم، وأجاب المانعون أن هذا يكون يوم القيامة، حيث يكون للنبي صلى الله عليه وسلم قدرة، ورد عليهم أنهم في حياتهم الدنيوية لا قدرة لهم إلا بنوع التسبب، فكذلك بعد الموت، على أنهم أحياء في قبورهم يتسببون) .

والجواب أن نقول: قال بعض المحققين من أهل العلم في جوابه:

إن استغاثة الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم وقبله بآدم ثم بنوح

إلى آخر حديث الشفاعة، فهذه شفاعة بالدعاء.

ص: 574

والاستغاثة بما يقدر عليه المستغاث مستحسنة عقلاً وشرعاً، ومن ذلك الرفقة يستغيث بعضهم بعضاً أي في مهماتهم التي يقدرون عليها، وكذلك ما طلب الناس منه، وهي الشفاعة التي هي الدعاء، ولذلك يقول سيد الشفعاء صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث:"فأجيء فأسجد" وأنه يلهمه الله من الثناء والدعاء شيئاً لم يلهمه لغيره صلى الله عليه وسلم، فعند ذلك يأذن الله بالشفاعة، ويقول له كما ورد في الحديث:" يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع، واشفع تشفع" وهذا ظاهر جداً.

وأما ما أورده على الجواب من أن للمستغاث بهم قدرة كسبية وتسبباً فتنسب الإغاثة إليهم بهذا المعنى، سواء كانوا أحياء أو أمواتاً، وسواء كانت الاستغاثة بما يقدر عليه المستغاث، أم لا، مدفوع بأن كون العبد له قدرة كسبية لا يخرج بها عن مشيئة رب البرية، لا يستغاث به فيما لا يقدر عليه إلا الله، ولا يستعان به، ولا يتوكل عليه، ولا يلجأ في ذلك إليه، فلا يقال لأحد حي أو ميت، قريب أو بعيد: ارزقني أو أمتني، أو أحي ميتي، أو اشف مريضي، إلى غير ذلك مما هو من الأفعال الخاصة بالواحد الأحد، الفرد الصمد، بل يقال لمن له قدرة كسبية قد جرت العادة بحصولها ممن أهله الله لها: أعني في حمل متاعي، أو غير ذلك

ص: 575

والقرآن ناطق بحصر الدعاء عن كل أحد لا من الأحياء ولا من الأموات، سواء كانوا أنبياء أو صالحين أو غيرهم، وسواء كان الدعاء بلفظ الاستغاثة أو بغيرها، فإن الأمور غير المقدورة للعباد لا تطلب إلا من خالق القدر، ومنشيء البشر، كيف والدعاء عبادة، وهي مختصة به سبحانه.

بقي ما أدلى به العراقي وأضرابه علينا من حياة الأنبياء، ليتوصلوا به إلى ترويج مدعاهم، من استحسان دعائهم، وطلب إغاثتهم، وأولوه بأن مرادهم من ذلك الاستشفاع: طلب أن يدعوا لهم.

فنقول: هذا حق ثابت، فنعتقد حياتهم صلى الله تعالى عليهم وسلم حياة برزخية، فوق حياة الشهداء، وأن نبينا صلى الله عليه وسلم قد جعل عند قبره الشريف ملك يبلغه سلام المسلمين الذين عند ضريحه المكرم والنائبين عنه. وأن الأنبياء جميعهم طريون، لا تأكل الأرض أجسامهم الشريفة. ولكنا نمنع أن يطلب منهم شيء، فلا يسألوا شيئاً بعد وفاتهم، سواء كان بلفظ الاستغاثة، أو توجه أو استشفاع، أو غير ذلك، فجميع ذلك من وظائف الألوهية، فلا يليق جلعلها لمن يتصف بالعبودية من البرية.

فإن ادعى أحد أن حياتهم صلى الله تعالى عليهم وسلم إذا ثبتت الرواية بها حقيقة- كما هو الأصل في

ص: 576

حمل الألفاظ على حقائقها- ولم تثبت قرينة على التجوز بها فتبقى على حقيقتها. أجبناه قائلين:

لا شك أنه لا يراد بهذه الحياة الحقيقية، ولو أريدت لاقتضت جميع لوازمها، من أعمال وتكليف وعبادة، ونطق وغير ذلك من وظائف الحياة، وحيث انتفت حقيقة هذه الحياة الدنيوية بانتفاء لوازمها، وبحصول الانتقال بالموت الحال به صلى الله عليه وسلم -وأرواحنا له الفداء- كما قال تعالى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر:30]، وقال عز من قائل:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِل} [آل عمران: 144] الآية، وحلول الموت به صلى الله عليه وسلم أمر لا يمكن إنكاره -إلى أن قال- نثبت الحياة الأخرى البرزخية، وهي متفاوتة، فحياة الشهداء فوق حياة المؤمنين، وحياة الأنبياء أعلى من حياة الشهداء، فنقتصر على ما يثبت لها في النصوص القطعية من الأحوال المستحسنة المرضية

إلى آخر كلامه.

وقد تقدم الكلام على قوله: (فكذلك بعد الموت على أنهم أحياء في قبورهم يتسببون) ، وأن الميت قد انقطع عمله، فلا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، فكيف بمن استغاث به، وهذا ظاهر ولله الحمد والمنة.

ص: 577