الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في منشأ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
…
فصل
قال العراقي1:
(الوهابية فرقة منسوبة إلى محمد بن عبد الوهاب، وابتداء ظهور محمد بن عبد الوهاب كان سنة 11432، وإنما اشتهر أمره بعد الخمسين، فأظهر عقيدته الزائغة في نجد، وساعده على إظهارها محمد بن سعود أمير الدرعية بلاد مسيلمة الكذاب، فجبر3 أهلها على متابعة ابن عبد الوهاب هذا، فتابعوه، وما زال ينخدع له في هذا الأمر حي بعد حي من أحياء العرب، حتى عمت فتنته، وكبرت شهرته، واستفحل أمره، فخافه البادية، وكان يقول للناس: ما أدعوكم إلا إلى التوحيد، وترك الشرك بالله تعالى في عبادته، وكانوا يمشون خلفه حيثما مشى، حتى اتسع له الملك) .
فالجواب4 -ومن الله أستمد الصواب- أن نقول:
1 في ط المنار والرياض: "الوهابية ومنشؤها".
2 في الأصل بعد كتابة السنة رقماً: "ألف ومائة وثلاث وأربعين".
3 في الأصل: "مجبراً".
4 في الأصل: "الجواب".
أما منشأ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وظهورها في نجد، فمن المعلوم عند الخاص والعام أنه قد نشأ في أناس قد اندرست فيهم معالم الدين، ووقع فيهم من الشرك والبدع ما عم وطم في كثير من البلاد، إلاّ بقايا متمسكين بالدين يعلمهم الله تعالى، وأما الأكثرون فعاد المعروف بينهم منكراً، والمنكر معروفاً، والسنة بدعة، والبدعة سنة، نشأ على هذا الصغير، وهرم عليه الكبير.
ففتح الله بصيرة شيخ الإسلام بتوحيد الله الذي بعث الله به رسله وأنبياءه1، فعرف الناس ما في كتاب ربهم من أدلة توحيده الذي خلقهم له، وما حرّم الله عليهم من الشرك الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، فقال لهم كما قاله المرسلون لأممهم:{أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [المؤمنون: 32] فحجب كثيراً منهم عن قبول هذه الدعوة ما اعتادوه، ونشأوا عليه من الشرك والبدع، فنصبوا العداوة لمن دعاهم إلى2 توحيد ربهم وطاعته، ولمن استجاب له وقَبل دعوته، وأصغى إلى حجج الله وبيناته، كحال من خلا من أعداء الرسل، كما قال تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} [الفرقان:31]، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ
1 في النسخ: "أنبيائه".
2 في الأصل: "في".
يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} [الأنعام: 112] .
فإذا تمهد هذا فلنذكر ههنا شيئاً يسيراً من حال نشأة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله، وظهوره ودعوته إلى الله، ليعلم الطالب، ويتحقق الراغب، حقيقة ما دعا إليه هذا الإمام، وما كان عليه من الاعتقاد والفهم التام، ويتبين للناظر فيها ما بهت به الأعداءُ من الأكاذيب والافتراء، التي يرومون1 بها تنفير الناسِ عن المحجة والسبيل، وكتمان البرهان والدليل، وقد كثر أعداؤه ومنازعوه، وفشا البهت منهم فيما قالوه ونقلوه، فربما اشتبه على طالب الإنصاف والتحقيق، والتبس عليه واضح المنهج والطريق، بما موّهوا به من تلك الأكاذيب الشنيعة، والألقاب الداحضة الوضيعة، فإن2 من استصحب الأصول الشرعية، وجري على القوانين المرضية، عرف أن لكل نعمة حاسداً، ولكل حق جاحداً، ولا يقبل في نقل الأقوال والأحكام، إلا العدول الثقات الضابطون من الأنام، ومن استصحب هذا استراح عن3 البحث فيما ينقل إليه ويسمع، ولم يتلفت إلى أكثر ما يختلف ويصنع، وكان من أمره على منهاج واضح ومشرَع.
1 في الأصل: "يرمون".
2 في طبعة المنار والرياض: و"أن".
3 في الأصل: "استراج".