الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في إستسقاء عمر بالعباس
…
فصل
قال العراقي: (ومنها: ما ذكر في "صحيح البخاري" من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه من استسقاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه في زمن خلافته بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، لما اشتد القحط عام الرمادة، فسقوا، وفي "المواهب اللدنية" للعلامة القسطلاني: أن عمر رضي الله عنه لما استسقى بالعباس رضي الله عنه قال: يا أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد، فاقتدوا به في عمه العباس، واتخذوه وسيلة إلى الله تعالى) .
والجواب أن نقول: قد ثبت في "صحيح البخاري" عن أنس: أن عمر استسقى بالعباس بن عبد المطلب، وقال: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقينا، فيسقون.
قال شيخ الإسلام: فاستسقوا به، كما كانوا يستسقون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وهو أنهم يتوسلون بدعائه وشفاعته،
فيدعو لهم، ويدعون معه، كالإمام والمأمومين، من غير أن يكونوا يقسمون على الله بمخلوق، كما ليس لهم أن يقسم بعضهم على بعض بمخلوق، ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم توسلوا بدعاء العباس، واستسقوا به، ولهذا قال الفقهاء: يستحب الاستسقاء بأهل الخير والدين، والأفضل أن يكونوا من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد استسقى معاوية بيزيد بن الأسود الجرشي، وقال: اللهم إنا نستسقي بيزيد بن الأسود، يا يزيد: ارفع يديك، فرفع يديه، ودعا، ودعا الناس، حتى أمطروا، وذهب الناس.
ولم يذهب أحد من الصحابة إلى قبر نبي ولا غيره يستسقي عنده، ولا به. انتهى.
فهذا هو التوسل المشروع، وهذا هو المنقول عن الصحابة، لا كما يلفقه هؤلاء الغلاة من الأحاديث الموضوعة، التي لا تثبت بها الأحكام الشرعية.
وأما ما ذكره عن القسطلاني في "المواهب اللدنية" فلا شك أنه من الموضوعات، لأنه لم يذكره بسند يعتمد على مثله، وفي "المواهب اللدنية" من الموضوعات، والأحاديث المعلولة، والأقوال المردودة، ما لا يحصى، فلا يعتمد على مثل هذا النقل، والله أعلم.