الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في شد الرحال إلى القبور
…
فصل
ثم ذكر العراقي اختلاف العلماء في شد الرحال إلى المشاهد.
وهذه المسألة قد فرغ منها، فمن أراد الوقوف على الصحيح من كلام العلماء فهو مبسوط في رد شيخ الإسلام على "ابن الأخنائي" ورد الحافظ ابن عبد الهادي على "السبكي". والحق في ذلك واضح، فلا حاجة بنا إلى التطويل بذكره، مع وضوحه في كلام العلماء المحقيقين.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما السفر إلى مجرد زيارة قبر الخليل، أو غيره من مقابر الأنبياء والصالحين، ومشاهدهم، وآثارهم، فلم يستحبه أحد من أئمة المسلمين، لا الأربعة ولا غيرهم، بل لو نذر ذلك ناذر لم يجب عليه الوفاء بهذا النذر عند الأئمة الأربعة وغيرهم، بخلاف المساجد الثلاثة، فإنه إذا نذر الحج أو العمرة لزمه باتفاق المسلمين، وإذا نذر السفر إلى المسجدين الآخرين لزمه عند أكثرهم، كمالك وأحمد والشافعي في أظهر قوليه، لقول النبي لله: "من نذر أن
يطع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه"، رواه البخاري1.
وإنما يجب الوفاء بنذر كل ما كان طاعة، مثل من نذر صلاة، أو صوماً، أو اعتكافاً، أو صدقة لله، أو حجاً، ولهذا لا يجب بالنذر السفر إلى غير المساجد الثلاثة، لأنه ليس بطاعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد" 2، فغير المساجد أولى بالمنع، مع أن قوله:"لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد"، يتناول السفر إلى كل بقعة مقصودة، بخلاف السفر للتجارة، وطلب العلم، ونحو ذلك، فإن السفر لطلب تلك الحاجة حيث كان، وكذلك لزيارة الأخ في الله، فإنه هو المقصود حيث كان.
1 في صحيحه 11/585 عن عائشة رضي الله عنها.
2 أخرجه البخاري في صحيحه –كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة- 3/63، ومسلم في –كتاب الحج- من صحيحه 2/1014-1015، كلاهما من طريق الزهري عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعاً.. به وفي لفظ لمسلم:"تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد".
وأخرجه مسلم –أيضاً- من طريق عبد الحميد بن جعفر أن عمران بن أبي أنس حدثه أن سلمان الأغر حدثه أنه سمع أبا هريرة يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد".
وأخرجه البخاري 3/70، ومسلم في -كتاب الحج- 3/976 من طريق عبد الملك عن قزعة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تشدوا الرحال
…
" هذا لفظ مسلم. وفي لفظ البخاري: "ولا تشد
…
".
وقد ذكر بعض المتأخرين من العلماء أنه لا بأس بالسفر إلى المشاهد واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء كل سبت راكباً وماشياً. أخرجاه في "الصحيحين"1. ولا حجة لهم فيه، لأن قباء ليس مشهداً، بل مسجد، وهو منهي عن السفر إليها باتفاق الأئمة، لأن ذلك ليس بسفر مشروع، بل لو سافر إلى قباء من دويرة أهله لم يجز، ولكن لو سافر إلى المسجد النبوي ثم ذهب منه إلى قباء فهذا يستحب، كما يستحب زيارة قبور أهل البقيع، وشهداء أحد. انتهى.
ثم قال العراقي: (ويدل على جواز شد الرحال لزيارة القبور، ما قاله عمر رضي الله عنه بعد فتح الشام لكعب الأحبار: يا كعب ألا تريد أن تأتي معنا إلى المدينة، فتزور سيد المرسلين؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين أنا أفعل ذلك. وكذا يدل عليه مجيء بلال رضي الله عنه من الشام إلى المدينة لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام، وذلك في خلافة عمر رضي الله عنه .
والجواب أن نقول: هؤلاء الغلاة يتعلقون بأذيال
1 رواه البخاري في صحيحه 13/303، ومسلم 2/1106 عن ابن عمر رضي الله عنهما.
الموضوعات، ويعتمدن الأقوال المكذوبات {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [المجادلة: 18] .
قال الحافظ ابن عبد الهادي في جوابه للسبكي: وهو مطالب أولاً: ببيان صحته. وثانياً: ببيان دلالته على مطلوبه. ولا سبيل له إلى واحد من الأمرين.
ومن المعلوم أن هذا من الأكاذيب والموضوعات على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفتوح الشام فيه كذب كثير، وهذا لا يخفى على آحاد طلبة العلم، ولكن شأن هذا المعترض الاحتجاج دائماً بما يظنه موافقاً لهواه، ولو كان من المنخنقة، والموقوذة، والمتردية، وليس هذا شأن العلماء، بل على المستدل بحديث أو أثر أن يبين صحته، ودلالته على مطلوبه، وهذا المنقول عن عمر رضي الله عنه لو كان ثابتاً عنه لم يكن فيه دليل على محل النزاع، وقد عرف أن شيخ الإسلام لا ينكر الزيارة على الوجه المشروع ولا يكرهها، بل يحضها ويندب إلى فعلها. انتهى1.
1 انظر الإجابة المفصلة عن قصة مجيء بلال رضي الله عنه إلى المدينة: "الصارم المنكي" لابن عبد الهادي. و"شفاء الصدور في الرد على الجواب المشكور" الذي أصدرته دار الإفتاء العامة في عهد الملك: سعود بن عبد العيزيز رحمه الله تعالى.
أقول: وكذلك الوهابية لا ينكرون الزيارة على الوجه المشروع، بل هي عندهم من أفضل الأعمال، والله المستعان.
ثم ذكر العراقي أن من القائلين بالجواز الإمام النووي والقسطلاني، والإمام الغزالي.
وهؤلاء مقابلون بأفضل منهم، وأعلم وأتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه، والتابعين لهم ومن العلماء المانعين من شد الرحال الإمام مالك رحمه الله، ولم يخالفه أحد من الأئمة الثلاثة. ومنهم الإمام أبو عبد الله بن بطة، وأبو الوفاء بن عقيل، وغيرهم من العلماء الراسخين.
ثم ذكر العراقي مسئلة سماع أهل القبور، وذكر من التخليط ما لا مزيد عليه، وقد أجاب على ذلك كله محمود شكري بن عبد الله بن محمود الألوسي في "تتمته"1 وبه الكفاية، فلا نطيل بذكره، إلا أنا نقول:
إن سماع أهل القليب قليب بدر لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم سماع حقيقي، وكذلك سماع أهل القبور سلام المسلم عليهم، وردهم عليه، وأن إعادة الأرواح لتلك الأشباح بعد مفارقتها إياها إنما هي إعادة عارضة، لا إعادة مستقرة
1 أي تتمته لكتاب الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن الذين رد به على داود بن جرجيس. واسمه: "فتح المنان على صلح الإخوان".
مستمرة، بل لسماع الكلام ورد السلام، والسؤال فقط، وأما دعوى إجابة الدعوات، وإغاثة اللهفات، وتفريج الكربات، وقضاء الحاجات من الأموات، فمن الممتنعات عقلاً وشرعاً، وفطرة وقدراً، كما هو صريح نصوص الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية.
ولكن قد ذكر هذا الملحد في قصة "المعراج" رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لعيسى وموسى وإبراهيم، فقال:(وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " رأيت عيسى وموسى وإبراهيم عليهم الصلاة والسلام" رواه الشيخان ومالك في "الموطأ") .
والمقصود أن هذا الملحد لما أتى إلى هذا المقام لم يذكر فيه أنه رآهم في السموات على قدر منازلهم، فأخرس عن ذلك أخرس الله لسانه- لأنه قد ذكر فيما تقدم من إلحاده أن عروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى هو بمعنى العروج إلى موضع يتقرب إليه بالطاعات فيه، لأنه ينكر أن يكون الله فوق السموات على عرشه، فلذلك جحد عروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله بذاته الشريفة.
فتقول الوهابية لهذا الملحد المعطل: كيف جاز لك ذلك أن تحتج علينا بسماع الشهداء والأنبياء نداء من ينادي وهم عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عيسى وموسى وإبراهيم وهم أرفع منزلة عند الله من الشهداء، وقد صحت الأحاديث بأنه
رأى عيسى في السماء الثانية، ورأى موسى في السماء السادسة، ورأى إبراهيم في السماء السابعة، وكل هذا عندك لا حقيقة له، فإن كانوا في السماء كما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم لما عرج به إلى الله بطل ما تذهب إليه من أن العروج هو إلى موضع يتقرب إليه بالطاعات لا إلى السماء، وإن لم يكن رآهم في السموات ففي أي مكان رآهم؟ ولا بد من تعيين ذلك الموضع1.
وقد كان من المعلوم أن أرواح الشهداء بعضها في حواصل طير خضر تسرح في الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل تحت العرش. وبعضها على بارق بباب الجنة، ويخرج إليهم رزقهم من الجنة. وبعضهم في قباب في رياض بفناء الجنة. وفي بعض الأحاديث أن أرواح المؤمنين في عليين.
ومن المعلوم أن أرواح الأنبياء في أعلى عليين، وأنهم أرفع منزلة من الشهداء، فيمتنع عقلاً وشرعاً وفطرة وقدراً أن الأرواح التي فوق السموات السبع، وفي أعلى عليين، أنها تسمع دعاء أهل الأرض، وتنفعهم، وتتصرف فيهم، هذا محال قطعاً، وضلال مبين، فإن الله قال:{وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} [الأحقاف: 5] فكل من دعي من الأموات والغائبين والأنبياء والصالحين –فمن
1 يعني ما دام أن الشرع قد عينه.
دونهم غافل عن دعاء داعيه، بنصوص القرآن العزيز الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42] .
بقي من هذه المسألة مسألة، وهي: أن المسلم إذا سلم على أهل القبور رد الله على المسلم عليه روحه حتى يرد السلام، قال ابن عبد البر: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من مسلم يمر على قبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام"1.
1 أخرجه أبو داود في سننه –كتاب المناسك- باب زيارة القبور: حدثنا محمد بن عوف، حدثنا المقريء، حدثنا حيوة، عن أبي صخر حميد بن زياد، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما من أحد يسلم إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام".
قال الإمام ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي في الرد على السبكي" ص 249: واعلم أن هذا الحديث هو الذي اعتمد عليه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما من الأئمة في مسألة الزيارة، وهو أجود ما استدل به في هذا الباب. ومع هذا فإنه لا يسلم من مقال في إسناده ونزاع في دلالته. أما المقال في إسناده: فمن جهة تفرد أبي صخر به عن أبي قسيط عن أبي هريرة. ولم يتابع ابن قسيط أحد في روايته عن أبي هريرة. ولا تابع أبا صخر أحد في روايته عن ابن قسيط. وأبو صخر هو حميد بن زياد، وهو ابن أبي المخارق المدني الخراط صاحب العباء ساكن مصر، ويقال: حميد بن صخر
…
وقد اختلف الأئمة في عدالته، فوثقه بعضهم، وتكلم فيه آخرون. واختلفت الرواية عن يحيى بن معين فيه. وقال عبد الله بن أحمد: سئل أبي عن أبي صخر؟ فقال: ليس به بأس. وروى عن الإمام أحمد رواية أخرى أنه: ضعيف
…
وقال النسائي: ضعيف
…
إلى أن قال الإمام ابن عبد الهادي: وأما ابن قسيط شيخ أبي صخر فهو يزيد بن عبد الله بن قسيط
…
وقد روى له البخاري ومسلم في صحيحيهما حديثه عن عطاء بن يسار. وروى له مسلم أيضاً من روايته عن عروة بن الزبير وعبيد بن جريج وداود بن عامر بن سعد بن أبي وقاص. ولم يخرج له في الصحيح شيء من روايته عن أبي هريرة. بل هو قليل الحديث عن أبي هريرة
…
ثم ساق أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه وقال:
فقد تبين أن هذا الحديث الذي تفرد به أبو صخر عن ابن قسيط عن أبي هريرة لا يخلو من مقال في إسناده، وأنه لا ينتهي به إلى درجة الصحيح، وقد ذكر بعض الأئمة أنه على شرط مسلم. وفي ذلك نظر، فإن ابن قسيط وإن كان مسلم قد روى في صحيحه من رواية أبي صخر عنه لكنه لم يخرج من روايته عن أبي هريرة شيئاً، فلو كان قد أخرج في الأصول حديثاً من رواية أبي صخر عن ابن قسيط عن أبي هريرة أمكن أن يقال في هذا الحديث إنه على شرطه
…
إلى أن قال: فعلم أن هذا الحديث الذي تفرد به أبو صخر عن ابن قسيط عن أبي هريرة لا ينبغي أن يقال هو على شرط مسلم، وإنما هو حديث إسناده مقارب، وهو صالح أن يكون متابعاً لغيره عاضداً له، والله أعلم. اهـ كلام الإمام ابن عبد الهادي رحمه الله تعالى.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من رجل يزور قبر أخيه، ويجلس عنده، إلا استأنس به، ورد عليه حتى يقوم".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (إذا مر الرجل بقبر أخيه يعرفه، فسلم عليه، رد عليه السلام،
وعرفه، وإذا مر بقبر لا يعرفه فسلم عليه، رد عليه السلام . ذكره ابن أبي الدنيا في كتاب القبور.
وفي سنن أبي داود من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام" وهذه الأحاديث تدل على أنهم ليسوا بأحياء في قبورهم بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام" ففي هذا دليل على أن الأرواح قد فارقت الأشباح، وإنما ترد الأرواح لرد السلام.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى بعد كلام سبق: على أن قوله: "ثم تعاد روحه في جسده" لا يدل على حياة مستقرة، وإنما يدل على إعادة لها إلى البدن، وتعلق به الروح لم تزل متعلقة ببدنها وإن بلى وتمزق. وسر ذلك أن الروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق، متغايرة الأحكام: أحدهما تعلقها به في بطن الأم جنيناً، الثاني: تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض، الثالث: تعلقها به في حال النوم، فلها به تعلق من وجه، ومفارقة من وجه. الرابع تعلقها به في البرزخ، فإنها وإن فارقته، وتجردت عنه، فإنها لم تفارقه فراقاً كلياً، بحيث لا يبقى لها التفات إليه ألبتة –وقد ذكرنا في أول الجواب من الأحاديث والآثار ما يدل على ردها إليه وقت سلام
المسلم- وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن إلى قبل يوم القيامة، الخامس: تعلقها به يوم بعث الأجسام
…
إلى آخر كلامه رحمه الله.
وأما قوله: (ومن الأدلة على أن الله تعالى يحيي الموتى في قبورهم فيسمعون: قوله تعالى -حكاية على سبيل التصديق-: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر: 11] فالمراد بإحدى الإماتتين الإماتة قبل مزار القبور، وبالأخرى الإماتة بعد مزار القبور، فإنهم لو لم يحيوا في القبور ثانية ما صحت إماتتهم ثانية.
وأما جواب الوهابية أن الإماتة الأولى هي حال العدم قبل الخلق. والثانية الإماتة بعد الخلق، فمما يضحك الصبيان، لأن الإماتة لا تكون إلا بعد الحياة، ولا حياة قبل أن يخلق الله الحياة. وأما جوابها أن الأماتة الأولى هي إماتة الناس بعد حياتهم في عالم الذر، فهو أوهن من جوابها الأول، لأن الناس في عالم الذر لم يكونوا غير أرواح خلقها الله تعالى، فسألهم:(ألست بربكم) ؟ فأجابوا قائلين: بلى، وأنت تعلم أن الموت عبارة عن مفارقة الروح للجسد، وحيث لا جسد فلا موت، نعم يجوز أن يفني الله الأرواح بعد خلقها في عالم الذر، ولكن ذلك ليس من الموت في شيء لما تقدم) .
فالجواب أن يقال: ليس هذا جواب الوهابية فقط، بل قد ذكره ابن القيم رحمه الله في كتاب "الروح" فقال:
وأما قول أهل النار {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر: 11] فتفسير هذه الآية، الآية التي في البقرة، وهي قوله تعالى:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:28] ، فكانوا أمواتاً وهم نطف في أصلاب آبائهم، وفي أرحام أمهاتهم، ثم أحياهم بعد ذلك ثم أماتهم، ثم يحييهم يوم النشور.
فصار جوابك هو الذي يضحك منه الصبيان، لأنه مكابرة للقرآن، لأن الله وحده قد أخبر أنهم كانواً أمواتاً وهم نطف في أصلاب آبائهم، وفي أرحام أمهاتهم {وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: 14] {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً} [النساء: 122]{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً} [النساء: 87] ثم أحياهم سبحانه بإخراجهم إلى دار الدنيا، ثم أماتهم سبحانه، ثم يحييهم يوم النشور.
وبما ذكره ابن القيم رحمه الله قال أهل التفسير:
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله على هذه الآية: يقول الله تعالى مخبراً عن الكفار أنهم ينادون يوم القيامة، وهم في غمرات النيران يتلظون، وذلك عندما باشروا من
عذاب الله تعالى ما لا قبل لأحد به- إلى أن قال:
أما قوله: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر: 11] قال الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود رضي الله عنه: هذه الآية كقوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:28] ، وكذا قال ابن عباس، والضحاك، وقتادة، وأبو مالك.
وهذا هو الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية.
وقال السدي: أميتوا في الدنيا، ثم أحيوا في قبورهم، فخوطبوا، ثم أميتوا، ثم أحيوا يوم القيامة.
وهذان القولان من السدي وابن زيد ضعيفان، لأنه يلزمهما على ما قالا ثلاث إحياءات وإماتات.
والصحيح قول ابن مسعود، وابن عباس، ومن تابعهما
…
إلى آخر كلامه رحمه الله.
فإن كان ما قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك الصبيان، فليس على وجه الأرض كلام صحيح إلا ما صححه هذا الملحد بمعقوله الذي هو بكلام المجاذيب أشبه به من كلام المجانين، وحيث نسب تفسير أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الوهابية، فأهلاً به أهلاً، فإنا به قائلون، وعلى ما أثبوته معتمدون، ولما سواه نافون.
وأما قولة العراقي: (وأما جوابها أن الإماتة الأولى هي إماتة الناس بعد حياتهم في عالم الذر، فهو أوهن من جوابها الأول، لأن الناس في عالم الذر لم يكونوا غير أرواح
…
) الخ.
فأقول: هذا الجواب ليس هو للوهابية، بل هو كلام ابن زيد، وقد ضعفه ابن كثير كما تقدم، وهو مبني على خلاف العلماء في خلق الأرواح، هل هو مقدم على أبدانها أم متأخر، والصحيح الذي تشهد له النصوص من الكتاب والسنة أن خلقها بعد خلق الأبوين، وذلك بعد إرسال الله ملك الأرواح إلى النطف في بطون الأمهات ينفخ فيها الروح، والذي ثبت إنما هو إثبات القدر السابق، وتقسيمهمم إلى شقي وسعيد.
وأما الأحاديث التي وردت في تقدم خلقها على أبدانها، فلا يصح منها شيء، والصحيح الثابت هو ما ذكره ابن القيم من الوجوه التي ذكرها في الفصل الذي ذكر فيه الأدلة على أن خلق الأرواح متأخر عن خلق الأبدان، وبه الكفاية، فمن أراد تحقيق المسألة فهي مبسوطة في كتاب "الروح" في هذا الفصل.
وإذا تقرر هذا فليس للوهابية كلام على هذه المسألة منسوب إليها، فيكون هذا الجواب جواباً له، بل هو جواب
باطل فاسد على أصل لا يصح بدليل شرعي ثابت، فإن كان تكلم في هذه المسألة أحد ممن تنسبونه إلى الوهابية فربما.
وأما الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه فليس لهم فيها كلام معروف، غير ما ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى، والقول الذي نعتمده في هذه المسائل كلها هو ما ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى في "الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية" قال رحمه الله تعالى:
فصل
في الكلام في حياة الأنبياء في قبورهم
ولأجل هذا رام ناصر قولكم
…
ترقيعه يا كثرة الخلقان
قال الرسول بقبره حيّ كما
…
قد كان فوق الأرض والرجمان
من فوقه أطباق ذاك الترب واللـ
…
ـبنات قد عرضت على الجدران
لو كان حيا في الضريح حياته
…
قبل الممات بغير ما فرقان
ما كان تحت الأرض بل من فوقها
…
والله هذي سنة الرحمن
أتراه تحت الأرض حياً ثم لا
…
يفتيهموا بشرائع الايمان
ويريح أمته من الآراء والـ
…
ـخلف العظيم وسائر البهتان
أم كان حيا عاجزا عن نطقه
…
وعن الجواب لسائل لهفان
وعن الحراك فما الحياة اللاء قد
…
أثبتموها أوضحوا ببيان
هذا ولم لا جاءه أصحابه
…
يشكون بأس الفاجر الفتان
إذ كان ذلك دأبهم ونبيهم
…
حيّ يشاهدهم شهود عيان
هل جاءكم أثر بأن صحابه
…
سألوه فتيا وهو في الأكفان
فأجابهم بجواب حي ناطق
…
فأتوا إذا? بالحق والبرهان
هلا أجابهموا جواباً شافياً
…
إن كان حيا ناطقا بلسان
هذا وما شدت ركائبه عن الحـ
…
ـجرات للقاصي من البلدان
مع شدة الحرص العظيم له على
…
إرشادهم بطرائق التبيان
أتراه يشهد رأيهم وخلافهم
…
ويكون للتبيان ذا كتمان
إن قلتموا سبق البيان صدقتمو
…
قد كان بالتكرار ذا نبيان
هذا وكم من أمر أشكل بعده
…
أعني على علماء كل زمان
أو ما ترى الفاروق ود بأنه
…
قد كان منه العهد ذا تبيان
بالجد في ميراثه وكلالة
…
وببعض أبواب الربا الفتان
قد قصّر الفاروق عند فريقكم
…
إذ لم يسله وهو في الأكفان
أتراهمو يأتون حول ضريحه
…
لسؤال أم هموا أعز حصان
ونبيهم حي يشاهدهم ويسـ
…
ـمعهم ولا يأتي لهم ببيان
أفكان يعجز أن يجيب بقوله
…
إن كان حيا داخل البنيان
يا قومنا استحيوا من العقلاء والمـ
…
ـبعوث بالقرآن والرحمن
والله لا قدر الرسول عرفتموا
…
كلا ولا للنفس والإنسان
من كان هذا القدر مبلغ علمه
…
فليستتر بالصمت والكتمان
ولقد أبان الله أن رسوله
…
ميت كما قد جاء في القرآن
أفجاء أن الله باعثه لنا
…
في القبر قبل قيامة الأبدان
أثلاث موتات تكون لرسله
…
ولغيرهم من خلقه موتان
إذ عند نفخ الصور لا يبقى امرؤ
…
في الأرض حيا قط بالبرهان
أفهل يموت الرسل أم يبقوا إذا
…
مات الورى أم هل لكم قولان
فتكلموا بالعلم لا الدعوى وجيـ
…
ـئوا بالدليل فنحن ذو أذهان
أو لم يقل من قبلكم للرافعي الأ
…
صوات حول القبر بالنكران
لا ترفعوا الأصوات رحمة عبده
…
ميتا كحرمته لدى الحيوان
قد كان يمكنهم يقولوا أنه
…
حي فغضوا الصوت بالاحسان
لكنهم بالله أعلم منكموا
…
ورسوله وحقائق الإيمان
ولقد أتوا الى العباس يسـ
…
ـتسقون من قحط وجدب زمان
هذا وبينهموا وبين نبيهم
…
عرض الجدار وحجرة النسوان
فنبيهم حي ويستسقون غيـ
…
ـر نبيهم حاشا أولي الإيمان
فصل
فيما احتجوا به على حياة الرسل في القبور
فان احتججتم بالشهيد بأنه
…
حيّ كما قد جاء في القرآن
والرسل أكمل حالة منه بلا
…
شك وهذا ظاهر التبيان
فلذاك كانوا بالحياة أحق من
…
شهدائنا بالعقل والإيمان
وبأن عقد نسائه لم ينفسخ
…
فنساؤه في عصمة وصيان
ولأجل هذا لم يحل لغيره
…
منهن واحدة مدى الأزمان
أفليس في هذا دليل أنه
…
حيّ لمن كانت له أذنان
أو يرى المختار موسى قائما
…
في قبره لصلاة ذي القربان
أفميت يأتي الصلاة وإن ذا
…
عين المحال وواضح البطلان
أو لم يقل أني أرد على الذي
…
يأتي بتسليم مع الاحسان1
أيرد ميت السلام على الذي
…
يأتي به هذا من البهتان2
هذا وقد جاء الحديث بأنهم
…
أحياء في الأجداث ذا تبيان
وبأن أعمال العباد عليه تعـ
…
ـرض دائما في جمعة يومان
يوم الخميس ويوم الاثنين الذي
…
قد خص بالفضل العظيم الشأن
1 في ط الرياض "يأتي به هذا من البهتان".
2 تقدم البيت على الذي قبله وشطره الثاني: "يأتي بتسليم مع الإحسان". والمثبت من الأصل والنونية.
فصل
في الجواب عما احتجوا به في هذه المسألة
فيقال أصل دليلكم في ذاك حجـ
…
ـتنا عليكم وهي ذات بيان
إن الشهيد حياته منصوصة
…
لا بالقياس القائم الأركان
هذا مع النهي المؤكد أننا
…
ندعوه ميتا ذاك في القرآن
ونساؤه حل لنا من بعده
…
والمال مقسوم على السهمان
هذا وإن الأرض تأكل لحمه
…
وسباعها مع أمة الديدان
لكنه مع ذلك حيّ فارح
…
مستبشر بكرامة الرحمن
فالرسل أولى بالحياة لديه مع
…
موت الجسوم وهذه الأبدان
وهي الطرية في التراب وأكلها
…
فهو الحرام عليه بالبرهان
ولبعض أتباع الرسول يكون ذا
…
أيضا وقد وجدوه رأي عيان
فانظر الى قلب الدليل عليهموا
…
حرفا بحرف ظاهر التبيان
لكن رسول الله خص نساؤه
…
بخصيصة عن سائر النسوان
خيرن بين رسوله وسواه فاخـ
…
ـترن الرسول لصحة الايمان
شكر الإله لهن ذلك وربنا
…
سبحانه للعبد ذو شكران
قصر الرسول على أولئك رحمة
…
منه بهن وشكر ذي الاحسان
وكذاك أيضا قصرهن عليه معـ
…
ـلوم بلا شك ولا حسبان
زوجاته في هذه الدنيا وفي الأ
…
ـخرى يقينا واضح البرهان
فلذا حرمن على سواه بعده
…
إذ ذاك صون عن فراش ثان
لكن أتين بعدة شرعية
…
فيها الحدود وملزم الأوطان
هذا ورؤيته الكليم مصليا
…
في قبره أثر عظيم الشان
في القلب منه حسيكة هل قاله
…
فالحق ما قد قال ذو البرهان
ولذاك أعرض في الصحيح محمد
…
عنه على عمد بلا نسيان
والدارقطني الإمام أعله
…
برواية معلومة التبيان
أنس يقول رأي الكليم مصليا
…
في قبره فأعجب لذا الفرقان
فرواه موقوفا عليه وليس بالمر
…
ـفوع واشواقا إلى العرفان1
بين السياق إلى السياق تفاوت
…
لا تطرحه فما هما سيان
لكن تقلد مسلما وسواه ممـ
…
ـن صحّ هذا عنده ببيان
فرواته الاثبات أعلام الهدى
…
حفاظ هذا الدين في الأزمان
1 سقط البيت من جميع النسخ.
لكن هذا ليس مختصا به
…
والله ذو فضل وذو إحسان
فروى ابن حبان الصدوق وغيره
…
خبرا صحيحا عنده ذا شان
فيه صلاة العصر في قبر الذي
…
قد مات وهو محقق الإيمان
فتمثل الشمس الذي قد كان ير
…
عاها لأجل صلاة ذي القربان
عند الغروب يخاف فوت صلاته
…
فيقول للملكين هل تدعان
حتى أصلي العصر قبل فواتها
…
قالا سنفعل ذاك بعد الآن
هذا مع الموت المحقق لا الذي
…
حكيت لنا بثبوته القولان
هذا وثابت البناني قد دعا الـ
…
ـرحمان دعوة صادق الإيقان
أن لا يزال مصليا في قبره
…
أن كان أعطي ذاك من إنسان
لكن رؤيته لموسى ليلة الـ
…
ـمعراج فوق جميع ذي الأكوان
يرويه أصحاب الصحاح جميعهم
…
والقطع موجبه بلا نكران
ولذاك ظن معارضا لصلاته
…
في قبره إذ ليس يجتمعان
وأجيب عنه بأنه أسرى به
…
ليراه ثم مشاهدا بعيان
فرآه ثم وفي الضريح وليس ذا
…
بتناقض إذ أمكن الوقتان
هذا ورد نبينا التسليم1 من
…
يأتي بتسليم مع الإحسان
ما ذاك مختصا به أيضا كما
…
قد قاله المبعوث بالقرآن
من زار قبر أخ له فأتى بتسـ
…
ـليم عليه وهو ذو إيمان
رد الإله عليه حقا روحه
…
حتى يرد عليه رد بيان
وحديث ذكر حياتهم بقبورهم
…
لما يصح وظاهر النكران
فانظر إلى الإسناد تعرف حاله
…
إن كنت ذا علم بهذا الشان
1 في الأصل: "السلام". وفي ط الرياض: "السلام". والمثبت من النونية.
هذا ونحن نقول هم أحياء لا
…
كن عندنا كحياة ذي الأبدان
والترب تحتهموا وفوق رؤوسهم
…
وعن الشمائل ثم عن أيمان
مثل الذي قد قلتموه معاذنا
…
بالله من أفك ومن بهتان
بل عند ربهموا تعالى مثل ما
…
قد قال في الشهداء في القرآن
لكن حياتهموا أجل وحالهم
…
أعلى وأكمل عند ذي الإحسان
هذا وأما عرض أعمال العبا
…
د عليه فهو الحق ذو إمكان
وأتى به أثر فإن صح الحديـ
…
ـث به فحق ليس ذا نكران
لكن هذا ليس مختصا به
…
أيضا بآثار روين حسان
فعلى أبي الإنسان يعرض سعيه
…
وعلى أقاربه مع الأخوان
إن كان سعيا صالحا فرحوا به
…
واستبشروا يا لذة الفرحان
أو كان سعيا سيئا حزنوا وقا
…
لوا رب راجعه الى الإحسان
ولذا استعاذ من الصحابة من روى
…
هذا الحديث عقيبه بلسان
يا رب إني عائذ من خزية
…
أخزي بها عند القريب الدان
ذاك الشهيد المرتضى ابن رواحة
…
المحبو بالغفران والرضوان
لكن هذا ذو اختصاص والذي
…
للمصطفى ما يعمل النقلان
هذي نهايات لأقدام الورى
…
في ذا المقام الضنك صعب الشان
والحق فيه ليس تحمله عقو
…
ل بني الزمان لغلظة الأذهان
ولجهلهم بالروح مع أحكامها
…
وصفاتها للإلف بالأبدان
فارض الذي رضي الإله لهم به
…
أتريد تنقض حكمة الديان
هل في عقولهموا بأن الروح في
…
أعلى الرفيق مقيمة بجنان
وترد أوقات السلام عليه من
…
أتباعه في سائر الأزمان
وكذاك إن زرت القبور مسلما
…
ردت لهم أرواحهم للآن
فهموا يردون السلام عليك لا
…
كن لست تسمعه بذي الأذنان
هذا وأجواف الطيور الخضر مسـ
…
ـكنها لدى الجنات والرضوان
من ليس يحمل عقله هذا فلا
…
تظلمه واعذره على النكران
للروح شأن غير ذي الأجسام لا
…
تهمله شأن الروح أعجب شان
وهو الذي حار الورى فيه فلم
…
يعرفه غير الفرد في الأزمان
هذا وأمر فوق ذا لو قلته
…
بادرت بالإنكار والعدوان
فلذاك أمسكت العنان ولو أرى
…
ذاك الرفيق جريت في الميدان
هذا وقولي إنها مخلوقة
…
وحدوثها المعلوم بالبرهان
هذا وقولي إنها ليست كما
…
قد قال أهل الافك والبهتان
لا داخل فينا ولا هي خارج
…
عنا كما قالوه في الديان
والله لا الرحمن أثبتم ولا
…
أرواحكم يا مدعي العرفان
عطلتموا الأبدان من أرواحها
…
والعرش عطلتم من الرحمن