الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُ السُّفَهَاءِ مِنْهُمْ وَهُوَ أَنَّهُ يَخْتَلِسُ مِنْ خُبْزِ بَعْضِ النَّاسِ الرَّغِيفَ وَالرَّغِيفَيْنِ. فَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَلْتَفِتُ لِذَلِكَ لِجِدَّتِهِ وَيَسْتَقْبِحُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ ضَعِيفَ الْحَالِ فَيَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ وَيَمْنَعُهُ الْحَيَاءُ مِنْ الطَّلَبِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَطْلُبُ ذَلِكَ لِقِلَّةِ ذَاتِ يَدِهِ أَوْ بُخْلِهِ فَمَرَّةً يُعْطِيهِ الْفَرَّانُ ذَلِكَ وَيَعْتَلُّ لَهُ بِالْغَلَطِ أَوْ النِّسْيَانِ وَمَرَّةً يُكَابِرُهُ، وَلَا يُعْطِيهِ شَيْئًا وَتَقَعُ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فِي أُجْرَةِ الْخُبْزِ فَمَرَّةً يَرُدُّهَا عَلَيْهِ وَمَرَّةً يَرُدُّ بَعْضَهَا وَمَرَّةً لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْئًا
[فَصْلٌ الدَّقِيقَ الَّذِي يَتَبَدَّدُ عَلَى الْمَسْطَبَةِ]
(فَصْلٌ) وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَفَّظَ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّ الدَّقِيقَ الَّذِي يَتَبَدَّدُ عَلَى الْمَسْطَبَةِ الَّتِي تُوضَعُ عَلَيْهَا الْأَطْبَاقُ يَتْرُكُونَهُ عَلَى حَالِهِ، وَلَا يَكْنُسُونَهُ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ وَيَمْشُونَ عَلَيْهِ بِأَقْدَامِهِمْ وَنِعَالِهِمْ وَذَلِكَ امْتِهَانٌ لِنِعَمِ الْمَوْلَى سبحانه وتعالى وَيُخَافُ مِنْ عَاقِبَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَعْمَلَ شَيْئًا مِنْ الدَّقِيقِ الَّذِي يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ مِمَّا يَفْضُلُ فِي الْأَطْبَاقِ بَعْدَ رَمْيِ الْخُبْزِ فِي الْفُرْنِ عَلَى عَجِينِ أَحَدٍ مِمَّنْ هُوَ مُسْتَتِرٌ بِلِسَانِ الْعِلْمِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ فِي الِاكْتِسَابِ لِتَحْصِيلِ الْأَقْوَاتِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الدَّقِيقُ قَدْ اخْتَلَطَ بِدَقِيقِ مَكَّاسٍ أَوْ ظَالِمٍ أَوْ أَحَدٍ مِنْ أَعْوَانِهِمْ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَيُخَيَّرُ صَاحِبُ الْخُبْزِ فِي تَغْرِيمِ الْفَرَّانِ أَوْ تَرْكِهِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْفَرَّانِ أَنْ يُعْطِيَ الْخُبْزَ لِصَاحِبِهِ دُونَ أَنْ يُعْلِمَهُ بِمَا جَرَى فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْغِشِّ وَالْخِيَانَةِ وَإِنْ عَمِلَ مِنْ ذَلِكَ الدَّقِيقِ عَلَى خُبْزِ ظَالِمٍ أَوْ مَكَّاسٍ أَوْ أَعْوَانِهِمْ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَيَنْبَغِي لِلْفَرَّانِ أَنَّهُ مَهْمَا قَدَرَ عَلَى أَنْ لَا يَجْعَلَ مِنْ هَذَا الدَّقِيقِ عَلَى عَجِينِ أَحَدٍ فَلْيَفْعَلْ لِيَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ اخْتِلَاطِ أَقْوَاتِهِمْ
(فَصْلٌ)
وَلْيَحْذَرْ أَنْ يُسَامِحَ فِيمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ السُّفَهَاءِ مِنْهُمْ وَهُوَ أَنْ يَجْتَمِعَ عِنْدَهُ فِي الْفُرْنِ الْجَوَارِي وَالنِّسَاءُ وَالْبَنَاتُ الْأَبْكَارُ وَالشُّبَّانُ وَالرِّجَالُ وَالْعَبِيدُ وَيَتَحَدَّثُونَ هُنَاكَ بِأَشْيَاءَ سَقْطَةٍ رَذْلَةٍ مَمْنُوعَةٍ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ اتِّفَاقًا وَيَتَعَيَّنُ عَلَى صَاحِبِ الْخُبْزِ أَنْ لَا يُرْسِلَ إلَى الْفَرَّانِ أَحَدًا مِمَّنْ يُخَافُ
عَلَيْهِ أَنْ يُشَارِكَهُمْ فِي شَيْءٍ مِمَّا هُمْ فِيهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يُطِيعُونَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُمْ عُقُوقًا لِمَا وَرَدَ «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ مَعْصِيَةٌ وَقَدْ تَئُولُ إلَى وُقُوعِ الْفَاحِشَة الْكُبْرَى نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ بَلَائِهِ
(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْبِزَ لِمَنْ سَبَقَ أَوَّلًا فَأَوَّلًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَجِينُ الْمُتَأَخِّرُ يُخَافُ عَلَيْهِ التَّلَفُ وَمَنْ سَبَقَ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَيُقَدِّمُهُ وَإِلَّا كَانَ مِنْ بَابِ إضَاعَةِ، الْمَالِ هَذَا إذَا كَانَ نَادِرًا وُقُوعُهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ دَأْبِهِ فَيُقَدَّمُ السَّابِقُ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ
(فَصْلٌ) وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ عِنْدَهُ خُبْزُ مُشَاهَرَةٍ وَخُبْزُ نَقْدٍ يُقَدِّمُونَ صَاحِبَ النَّقْدِ وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا، وَلَوْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى تَلَفِ خُبْزِ الْمُشَاهَرَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَهَذَا مِنْ بَابِ الْحِرْصِ عَلَى تَحْصِيلِ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّهُمْ يَخَافُونَ فَوَاتَ صَاحِبِ النَّقْدِ بِخِلَافِ الْمُشَاهَرَةِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَمَنْ فَعَلَهُ كَانَ آثِمًا فَإِنْ تَلِفَ خُبْزُ الْمُشَاهَرَةِ بِسَبَبِ تَأْخِيرِهِ خُبْزَ صَاحِبِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْخُبْزِ الْمُحْتَرِقِ
(فَصْلٌ) وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُ السُّفَهَاءِ مِنْهُمْ وَهُوَ أَنَّهُ يَشْتَغِلُ بِالْخُبْزِ وَالنَّاسُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا الْخَمْسُ فِي جَمَاعَةٍ فَقَلَّ أَنْ يُفَكِّرَ فِيهَا غَالِبًا وَالدَّيِّنُ فِيهِمْ فِي الْغَالِبِ يُصَلِّيهَا قَضَاءً. فَمَنْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ مِنْ حَالِهِمْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ هِجْرَانُهُمْ، وَلَا يُمَكِّنُ أَحَدًا مِمَّنْ عِنْدَهُ مِنْ خَبْزِهِ عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً لَهُمْ وَلْيَمْضِ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ وَيَخْبِزُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ وَازِعٌ.
(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَسْأَلَ عَنْ أَخْبَارِهِمْ، وَكَذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ يُضْطَرُّ إلَى مُعَامَلَتِهِ فِي الْأَشْيَاءِ الْحَقِيرَةِ إذْ إنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَتَبُّعِ الْعَوْرَاتِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَيُحْمَلُ النَّاسُ عَلَى الْأَصْلِ وَهِيَ الطَّهَارَةُ مِنْ الْمُخَالَفَاتِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ ضِدُّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْمَلَ عَلَى ذَلِكَ