الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا اشْتَرَاهُ وَهَذَا لَمْ يَتَحَقَّقْهُ بِالْوَزْنِ الَّذِي دَخَلَا عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ بَيْعِ شَيْءٍ مِمَّا عِنْدَهُ دُونَ وَزْنٍ]
(فَصْلٌ)
وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُسَامِحَ نَفْسَهُ فِي بَيْعِ شَيْءٍ مِمَّا عِنْدَهُ دُونَ وَزْنٍ فَإِنْ فَعَلَ فَلْيَكُنْ ذَلِكَ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ بَعْدَ أَنْ يَقِفَ الْمُشْتَرِي عَلَى مُعَايَنَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ لَهُ وَحِرْزِهِ، إذْ إنَّ الْوَزْنَ أَحْصَرُ وَأَضْبَطُ وَأَبْعَدُ عَنْ الْغَبْنِ وَالْكَثِيرُ قَدْ لَا يُحْسِنُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ حِرْزَهُ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ.
وَالْبَيْعُ يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مَكِيلٌ وَمَوْزُونٌ وَجُزَافٌ، فَإِذَا بَاعَ شَيْئًا بِغَيْرِ كَيْلٍ، وَلَا وَزْنٍ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ جُزَافًا وَالْجُزَافُ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا مَحْرُوزًا.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْمُشْتَرِي لِمَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْقِسْمِ الْمَمْنُوعِ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ.
[فَصْلٌ الْمَفَاسِدُ الَّتِي تَعْتَوِرُ الْعَطَّارَ]
(فَصْلٌ)
وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْذَرَ مِنْ الْمَفَاسِدِ الَّتِي يَفْعَلُهَا بَعْضُهُمْ فِيمَا يُحَاوِلُونَهُ مِنْ السِّلَعِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ حِينَ الْكَلَامِ عَلَى التَّاجِرِ الْمُسَافِرِ لَكِنَّ الْمَفَاسِدَ الَّتِي تَعْتَوِرُ الْعَطَّارَ تَرْبُو عَلَى تِلْكَ فَيُحْتَاجُ أَنْ نَذْكُرَ مِنْهَا شَيْئًا لِيَقَعَ التَّنْبِيهُ بِهِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْهَا.
فَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الْعُودَ الرَّدِيءَ وَبُرَادَتَهُ وَبُرَادَةَ الطِّيبِ مِنْهُ وَيَعْجِنُونَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَنْبَرِ الْخَامِ وَيَبِيعُونَهُ عَلَى أَنَّهُ كُلُّهُ طِيبٌ وَأَجْزَاؤُهُ مَعَ ذَلِكَ مُخْتَلِفَةٌ مَجْهُولَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ بَيَّنَهُ لَهُ الْبَائِعُ لَمْ يَرْضَ بِهِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ ذَلِكَ غِشٌّ لَا شَكَّ فِيهِ، وَقَدْ وَرَدَ «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الزَّعْفَرَانَ الْجَنَوِيَّ والبرشنوني وَالْهَمْدَانِيَّ وَيَخْلِطُونَ الْجَمِيعَ وَيَبِيعُونَهُ عَلَى أَنَّهُ كُلَّهُ جَنَوِيٌّ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْجَنَوِيَّ يُرْغَبُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَخْلِطُونَ مَاءَ الْوَرْدِ الْعَتِيقَ بِالْجَدِيدِ مِنْهُ وَيَبِيعُونَهُ كُلَّهُ عَلَى أَنَّهُ جَدِيدٌ وَذَلِكَ مِنْ الْغِشِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي لَمَا أَخَذَهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُمْ
يَشْتَرُونَ الْوَرْدَ فَيُزِيلُونَ عَنْهُ بَعْضَ الْوَرَقِ الَّذِي فَوْقَهُ فَيَصْغُرُ الزِّرُّ بِذَلِكَ وَيَبِيعُونَ مَا أَخْرَجُوهُ مِنْهُ مِنْ الْوَرَقِ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ لِلْمُتَسَبِّبِينَ فِي النَّاطِفِ وَغَيْرِهِ وَيَبِيعُونَ مَا بَقِيَ مِنْهُ عَلَى الزِّرِّ بِسِعْرِهِ صَحِيحًا قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَمْ يُبَيِّنُوا ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ لَمَا أَخَذَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي بِيعَ لَهُ بِهِ حَتَّى يُنْقِصَ مِنْهُ أَوْ يَتْرُكَهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَأْخُذْهُ وَذَلِكَ غِشٌّ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ فِي الْبَسْتَجِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَنْعُهُ فِي حَقِّ تُجَّارِ الْكَارِمِ لَكِنَّ الْعَطَّارَ أَكْثَرُ تَخْلِيطًا مِنْهُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ بِالْمَنْعِ وَلَيْسَ هَذَا مَقْصُورًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ بَلْ ذَلِكَ عَامٌّ عِنْدَهُمْ فِي الْغَالِبِ فِيمَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ السِّلَعِ فَإِنَّهُمْ يَخْلِطُونَ الرَّدِيءَ بِالطَّيِّبِ ثُمَّ يَبِيعُونَهُ عَلَى أَنَّهُ كُلُّهُ طَيِّبٌ وَذَلِكَ غِشٌّ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَحْسِينِ سِلَعِهِمْ بِالْأَلْفَاظِ الَّتِي اعْتَادُوهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ مِثْلُ قَوْلِهِمْ إنَّ هَذِهِ السِّلْعَةَ مَعْدُومَةٌ فِي الْوَقْتِ وَمَا جَاءَ مِنْهَا شَيْءٌ وَقَلَّ الْوَاصِلُ بِهَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يُرَغِّبُونَ بِسَبَبِهَا الْمُشْتَرِيَ فِيهَا وَذَلِكَ غِشٌّ.
اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا قَالُوهُ فِيهَا حَقًّا فَلَا بَأْسَ إذَنْ وَتَرْكُهُ أَوْلَى سِيَّمَا وَبَعْضُهُمْ يُضِيفُ إلَى ذَلِكَ الْأَيْمَانَ فَهُوَ أَحْرَى بِالْمَنْعِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنْ يَشْتَرِيَ السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ حَالًّا وَيَكْذِبُ وَيَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ خَلْطِ الْمِسْكِ الرَّدِيءِ بِالطَّيِّبِ وَيَبِيعُهُ عَلَى أَنَّهُ طَيِّبٌ كُلُّهُ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ فِي الزَّبَادِ فَيَخْلِطُونَ طَيِّبَهَا بِرَدِيئِهَا وَيَبِيعُونَهَا عَلَى أَنَّهَا كُلَّهَا طَيِّبَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّ السِّلْعَةَ تَكُونُ عِنْدَهُمْ عَلَى صِنْفَيْنِ طَيِّبٍ وَرَدِيءٍ فَيَعْرِضُ الْبَائِعُ الْعَيْنَ مِنْ الطَّيِّبِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِذَا اشْتَرَى مِنْهُ عَلَى مَا رَآهُ مِنْهَا أَعْطَاهُ أَوَّلًا الطَّيِّبَ مِنْ الْعَيْنِ ثُمَّ أَدْمَجَ لَهُ الرَّدِيءَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرَ بِهِ وَذَلِكَ غِشٌّ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ