المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل الطواف من داخل الحجر] - المدخل لابن الحاج - جـ ٤

[ابن الحاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْفِلَاحَةِ]

- ‌[طَلَبُ الْحَلَالِ فَرِيضَةٌ بَعْدَ فَرِيضَةِ الْإِيمَانِ وَالصَّلَاةِ]

- ‌[إجَارَةِ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغِرَاسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِنَاعَةِ الْقَزَازَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِصَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِنَاعَةِ الْخِيَاطَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَاجِرِ الْبَزِّ وَمَا أَشْبَهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ التَّاجِرِ الَّذِي يَتَّجِرُ مِنْ إقْلِيمٍ إلَى إقْلِيمٍ]

- ‌[فَصْلٌ تاجر البز يُوَسِّع عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[تاجر البز لَا يُشَارِكَ غَيْرَهُ فِي الزَّادِ وَالنَّفَقَةِ وَالْمَرْكُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى تاجر البز أَنْ يُظْهِرَ لِصَاحِبِ الدَّابَّة مَا يَحْمِلُهُ عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ غُدْوَةَ النَّهَارِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا عَزَمَ تاجر البز عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّعَوُّذِ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لتاجر البز أَنْ يَتَصَدَّقَ حِينَ خُرُوجِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لتاجر البز أَنْ يُكْثِرَ السَّيْرَ فِي اللَّيْل]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لتاجر البز أَنْ يَمْتَثِلَ السُّنَّةَ فِي الذِّكْرِ الْوَارِدِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لتاجر البز أَنْ لَا يَسْلُكَ بُنَبَّاتِ الطُّرُقِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَسْتَصْحِبَ التاجر الْمُسَافِر جَرَسًا وَلَا كَلْبًا]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى التاجر الْمُسَافِر أَنْ يَحْذَرَ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا دَخَلَ التاجر الْمُسَافِر بَلَدًا أَوْ قَابَلَهَا أَوْ نَزَلَ مَنْزِلًا]

- ‌[فَصْلٌ جَاءَ التاجر الْمُسَافِر إلَى حَلِّ الرَّحْلِ أَوْ إلَى شَدِّهِ عَلَى الراحلة]

- ‌[فَصْلٌ إذَا جَنَّ اللَّيْلُ عَلَى التاجر الْمُسَافِر]

- ‌[فَصْلٌ إذَا اسْتَصْعَبَتْ دَابَّةُ التاجر الْمُسَافِر عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِحْبَابُ الْحِدَاءُ فِي السَّفَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِكْثَار مِنْ الدُّعَاءِ فِي السَّفَرِ]

- ‌[صَلَاة النَّافِلَة عَلَى الراحلة فِي السَّفَر]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَرْكَبَ الْبَحْرَ فِي الْفَصْلِ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُسَافِرَ إلَى بِلَادِ الْكُفَّارِ]

- ‌[فَصْلٌ زِيَارَةَ التاجر لِلْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ التاجر إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ أَنْ يَنْوِيَ السِّيَاحَةَ فِي أَرْضِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[فَصْلٌ أَنْ يَنْوِيَ فِي سَفَرِهِ الْخَلْوَةَ عَنْ النَّاسِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إذَا اشْتَرَى بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ أَنْ لَا يُنْقِصَ الْبَائِعَ مِنْهُ شَيْئًا]

- ‌[فَصْلٌ صِفَةِ السُّوقِ الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ الْبَزُّ]

- ‌[فَصْلٌ كَثْرَةِ الْأَيْمَانِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التاجر تَكُونَ السِّلَعُ فِي الْخَيْشِ فَيَشْتَرِيَهَا بِخَيْشِهَا]

- ‌[فَصْلٌ التاجر إذَا أَعْجَبَتْهُ السِّلْعَةُ أَوْ وَقَعَ لَهُ فِيهَا غَرَضٌ]

- ‌[فَصْلٌ قُعُود التاجر فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَيُقَلِّبُ السِّلَعَ عَلَى مَنْ يُرِيد شرائها]

- ‌[فَصْلٌ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُؤْخَذُ فِيهَا الظُّلْمُ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا زَكَاةٌ]

- ‌[فَصْلٌ جَعَلَ الْفُلْفُلَ الَّذِي يُرِيدُونَ بَيْعَهُ فِي مَوْضِعٍ نَدِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ جَمَعَ مَعَ الْكِرَاءِ مَا يُلْزِمُونَهُ مِنْ الْبَاطِلِ]

- ‌[فَصَلِّ الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُكْثِرَ مِنْ الْجُلُوسِ فِي السُّوقِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا رجع الْمُسَافِر إلَى بَلَدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعَطَّارُ مِنْ تَحْسِينِ النِّيَّةِ وَالْآدَابِ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعِ شَيْءٍ مِمَّا عِنْدَهُ دُونَ وَزْنٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَفَاسِدُ الَّتِي تَعْتَوِرُ الْعَطَّارَ]

- ‌[فَصْلٌ السَّمَاسِرَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الْوَرَّاقِ وَكَيْفِيَّتِهَا وَتَحْسِينِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ النَّاسِخِ وَكَيْفِيَّتِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الصَّانِعِ الَّذِي يُجَلِّدُ الْمَصَاحِفَ وَالْكُتُبَ وَغَيْرَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الْأَبْزَارِيِّ وَمُحَاوَلَتِهَا وَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الزَّيَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ شِرَاءِ الْخُلُولِ الَّتِي عُصِرَتْ أَوَّلًا بِنِيَّةِ الْخَمْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ نِيَّةِ الْخُضَرِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْقُلْقَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّيَّة لِجُلُوسِهِ فِي الدُكَّانِ التَّيْسِيرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُزَيِّنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُعَالَجَةِ الطَّبِيبِ وَالْكَحَّالِ الْكَافِرَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَأْخُذَ مِنْ الْأَطِبَّاءِ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاشْتِغَالِ بِطِبِّ الْأَبَدَانِ وَتَكْحِيلُ الْعُيُونِ وَمَعْرِفَةُ الْحِسَابِ]

- ‌[فَصْلٌ طِبُّ الْأَبَدَانِ وَالرُّقَى الْوَارِدَةُ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِوَجَعِ الْأَسْنَانِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلدَّوْخَةِ الَّتِي فِي الرَّأْسِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلْحَصْبَةِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِضَعْفِ الْبَصَرِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِنُزُولِ الدَّمِ وَالْقُولَنْجِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلشَّعْرِ الَّذِي يَخْرُجُ فِي الْعَيْنِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِضَعْفِ الْمَعِدَةِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلنَّزْلَةِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِقَطْعِ الدَّمِ إذَا جَرَى عَقِيبَ السِّقْطِ كَثِيرًا]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِوَجَعِ الظَّهْرِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلْحَرَارَةِ الَّتِي تَكُونُ تَحْتَ الْقَدَمِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِسَلَسِ الرِّيحِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلشِّدَّةِ إذَا وَقَعَتْ بِالْإِنْسَانِ أَوْ تَوَقَّعَهَا]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِوَجَعِ الْيَدَيْنِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِبُرُودَةِ الْمَعِدَةِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلْمَغَصِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ يُفْعَلُ لِعُسْرِ النِّفَاسِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلثِّقَلِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلْبُرُودَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الدِّمَاغِ]

- ‌[النَّشْرَةُ الَّتِي يَعْمَلُهَا الْمُعَزِّمُونَ]

- ‌[التَّدَاوِي بِالْيَسِيرِ مِنْ الْخَمْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّبِيبِ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَقْعُدَ مَعَ الطَّبِيبِ غَيْرُهُ مِمَّنْ يُظَنُّ الْمَرِيضَ لَا يُرِيدُ مجالسته]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى الطَّبِيبِ حِينَ جُلُوسِهِ عِنْدَ الْمَرِيضِ أَنْ يَتَأَنَّى عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لِلطَّبِيبِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِحَالِ الْمَرِيضِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الطَّبِيبُ إذَا تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ عَافِيَةُ الْمَرِيضِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى الطَّبِيبِ النَّظَرُ فِي الْقَارُورَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الأشتغال بِعِلْمِ الطِّبّ]

- ‌[عَلَى الطَّبِيبِ أَنْ يَتْرُكَ مَا اعْتَادَهُ بَعْضُ مَنْ انْغَمَسَ فِي الْجَهْلِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى الْمَرِيضِ أَوْ وَلِيِّهِ امْتِثَالُ السُّنَّةِ فِي الصَّدَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ آكُدُ الْأُمُورِ عَلَى الْمَرِيضِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهِيَ الْوَصِيَّةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الشَّرَابِ الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ الْمَرِيضُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إذَا قَدُمَ الشَّرَابُ عِنْدَهُ أَنْ لَا يَبِيعَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بائع الْأَشْرِبَة]

- ‌[فَصْلٌ السُّنَّةَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[فَصْلٌ غِشّ الشَّرَابِيّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مَا يُفْعَلُ فِي الْمَطَابِخِ]

- ‌[فَصْلٌ الْخَابِيَةُ الَّتِي يُطْبَخُ فِيهَا السُّكَّرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّرْنِيق]

- ‌[فَصْلٌ قَطْرُ النَّبَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الطَّاحُونِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ مشى الصناع حفاة عَلَى بَوْل الخيل]

- ‌[فَصْلٌ الرِّفْقَ بِالدَّابَّةِ الَّتِي يَطْحَنُ عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ وَزَنَ طَحِينَ إنْسَانٍ فَنَقَصَ مِنْهُ شَيْءٌ عَنْ وَزْنِهِ الْأَوَّلِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَتَعَيَّنُ عَلَى بَائِعِ الدَّقِيقِ إذَا اشْتَرَى قَمْحًا قَدِيمًا]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَشْتَرِيَ الْمُسْلِمُ الدَّقِيقَ مِنْ طَوَاحِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى صَاحِبِ الطَّاحُونِ أَنْ يَتَحَفَّظَ مِنْ تَبْدِيدِ الْقَمْحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْفَرَّانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّقِيقَ الَّذِي يَتَبَدَّدُ عَلَى الْمَسْطَبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْخَبَّازِ الَّذِي يَعْمَلُ الْخُبْزَ لِلسُّوقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَعْجِنُونَ الْعَجِينَ بِمَاءِ الْآبَارِ الْمَالِحَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَاءِ الَّذِي يَغْسِلُ الصُّنَّاعُ فِيهِ أَيْدِيَهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَاءِ الَّذِي يَغْسِلُ الصُّنَّاعُ فِيهِ أَيْدِيَهُمْ مِنْ أَثَرِ الْعَجِينِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ السَّقَّاءِ]

- ‌[فَصْلٌ السَّقَّاءِ إذَا دَخَلَ الْبَيْتَ لِسَكْبِ الْمَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَسْكُبَ السقاء فِي بَيْتٍ فِيهِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الْوُقُوفَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْقَصَّابِ]

- ‌[فَرَائِضُ الذَّكَاة]

- ‌[سُنَنُ الذَّكَاة]

- ‌[فَضَائِلُ الذَّكَاة]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَطْبُخَ اللَّحْمَ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ السُّوقِ إلَّا بَعْدَ غَسْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ اشْتَرَى الْبُطُونُ أَنْ يَغْسِلَهَا قَبْلَ طَبْخِهَا]

- ‌[فَصْلٌ خلط الجزار لحما طريا بلحم بائت ويبيعه عَلَيَّ أَنَّهُ طريا]

- ‌[فَصْلٌ الذَّبْحِ فِي مَوَاسِمِ النَّصَارَى]

- ‌[فَصْلٌ الذَّبْح لِغَيْرِ الْقِبْلَة]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ يَتَوَلَّى الذَّبْحَ أَنْ يَكُونَ مُتَحَفِّظًا عَلَى صَلَوَاتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الشَّرَائِحِيِّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَرْكُ الْقُدُورِ أَوْ بَعْضِهَا مَكْشُوفَةً بِأَثَرِ الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الطَّبَّاخِ الَّذِي يَبِيعُ فِي السُّوقِ]

- ‌[فَصْلٌ الطَّبْخُ فِي قُدُورِ الْبِرَامِ الْمَشْعُوبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شِرَاء مرقة الطَّعَام وزنا]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ اللَّبَّانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ صَبْغِ الزُّبْدِ وَالسَّمْنِ حَتَّى يَبْقَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ تَغْطِيَةَ أَوَانِي اللَّبَنِ]

- ‌[فَصْلٌ الصِّحَافِ الَّتِي يُجْعَلُ فِيهَا اللَّبَنُ لِلْمُشْتَرِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْبَنَّاءِ]

- ‌[فَصْلٌ النَّصِيحَةِ فِي الْبُنْيَانِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى الصَّانِعِ وَمَنْ يَكُونُ مَعَهُ التَّحَفُّظُ عَلَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّائِغِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الصَّيْرَفِيِّ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بَعْضِ مَا يَعْتَوِرُ الْحَاجَّ فِي حَجِّهِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ التَّحْذِيرُ مِنْهُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطَ وُجُوبِ الْحَجِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَعْرِفَةُ مَا يَلْزَمُهُ فِي حَجِّهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَبَعْدَهُ]

- ‌[فَصْلٌ سُنَن الْحَجّ الْمُوجِبَاتُ لِلدَّمِ]

- ‌[فَصْلٌ فَضَائِلُ الْحَجُّ]

- ‌[فَصْلٌ خصائص الحرم]

- ‌[فَصْلٌ الحرمات خَمْس]

- ‌[فَصْلٌ اغْتِسَالَاتُ الْحَجِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ يَمْنَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ شَيْئًا]

- ‌[فَصْلٌ الطَّوَافُ فِي الْحَجِّ]

- ‌[فَصْلٌ رَمَى الْجِمَارُ]

- ‌[فَصْلٌ الْهَدْيُ فِي الْحَجّ]

- ‌[فَصْلٌ جَزَاءُ الْمُحْرِمِ إذَا قَتْلَ صَيْدًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّمَتُّعُ بالعمرة إلَى الْحَجِّ يُوجِبُ الْهَدْيَ بِأَرْبَعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ رفع الصوت بالتلبية]

- ‌[فَصْلٌ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ وَتَرَك الْمُحَامِل والجحف مسورة عَلَى حالها]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَفْعَلهُ الْحَاجّ إذَا وَصَلَ إلَى مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ تقبيل الْحَجَر الْأَسْوَد]

- ‌[فَصْلٌ الطَّوَاف مِنْ داخل الْحَجَر]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَفْعَل بَعْد الدَّفْعَ مِنْ عَرَفَةَ]

- ‌[فَصْلٌ إحْيَاء لَيْلَة الْعِيد لِلْحَاجِّ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاة الصُّبْح بالمزدلفة]

- ‌[فَصَلِّ طَوَاف الْإِفَاضَة فِي يَوْم النَّحْر]

- ‌[فَصْلٌ زِيَارَة النَّبِيّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ]

- ‌[فُصُولٌ مُتَفَرِّقَةٌ جَامِعَةٌ لَمَعَانٍ شَتَّى]

- ‌[النِّيَّةُ النَّافِعَةُ]

- ‌[فَصْلٌ وُجُوب تَقْدِيم الْعِلْم عَلَى الْعَمَل]

- ‌[عَرْضِ الرُّؤْيَا عَلَى الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ تَرْبِيَة الْأَوْلَادِ وَحُسْن سِيَاسَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ كَيْف يُحَاوِلُ الْمُكَلَّفُ التَّكَسُّب]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ أَنْتُمْ فِي زَمَانٍ مَنْ تَرَكَ عُشْرَ مَا أُمِرَ بِهِ هَلَكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ النَّهْي عَنْ مُخَالَفَةَ السَّنَة خشية كَلَام النَّاس]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ النَّظَرُ إلَى الْمُسْلِمِينَ بِعَيْنِ التَّعْظِيمِ وَالِاحْتِرَامِ]

- ‌[خَاتِمَة أَسْبَابُ تَأْلِيفِ هَذَا الْكِتَابِ]

الفصل: ‌[فصل الطواف من داخل الحجر]

إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّدَارُكُ. وَكَيْفِيَّةُ مَا يَفْعَلُ حَتَّى يَسْلَمَ مِمَّا ذُكِرَ هُوَ أَنْ يَمْشِيَ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ نَاحِيَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِي ثُمَّ يَرِدُ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ فِي الطَّوَافِ فَيَكُونُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ إكْمَالِ الطَّوَافِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُفْعَلُ فِي الشَّوْطِ الْأَخِيرِ يَمْشِي فِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْحَجَرَ خَلْفَهُ بِخُطْوَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لِكَيْ يَثِقَ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ. ثُمَّ إذَا أَخَذَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ فَلْيَرْمُلْ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ مِنْ أَوَّلِهِ وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ مَعَ ذَلِكَ لَا يُفَارِقَانِهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ أَتَى بِبَاقِي الطَّوَافِ مَاشِيًا الْهُوَيْنَا وَالْخُشُوعُ فِي ذَلِكَ مَطْلُوبٌ لَكِنَّهُ أُجِيزَ لِلطَّائِفِ الْكَلَامُ فِيهِ وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ تَقَعُ. وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ أَكْثَرُهُمْ، وَهُوَ أَنَّهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ، وَهُمْ يَجْرُونَ فِي السَّبْعَةِ الْأَشْوَاطِ كُلِّهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمَارَاتِ الْخُشُوعِ شَيْءٌ، بَلْ ضِدُّهُ فَيُخَالِفُونَ السُّنَّةَ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ الشَّرِيفِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: الْمَوْضِعُ الْأَوَّلُ فِي كَوْنِهِمْ يَزِيدُونَ عَلَى الرَّمَلِ الْمَشْرُوعِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ الْأُوَلِ؛ لِأَنَّهُمْ يَجْرُونَ فِيهَا جَرْيًا وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي أَنَّهُمْ يُوقِعُونَ الطَّوَافَ كُلَّهُ عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ فِي الْجَرْيِ وَالِاسْتِبَاقِ وَالْمَوْضِعُ الثَّالِثُ عَدَمُ الْخُشُوعِ وَالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ فِي طَوَافِهِمْ، وَذَلِكَ مَطْلُوبٌ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ

[فَصْلٌ الطَّوَاف مِنْ داخل الْحَجَر]

{فَصْلٌ} وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَطُوفَ مِنْ دَاخِلِ الْحَجَرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَفْسِ الْبَيْتِ وَلَا يَتِمُّ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ كُلِّهِ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يَتِمَّ هُنَاكَ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ.

وَالثَّانِي: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَلِمْهُمَا.

فَإِذَا أَتَى الرُّكْنَ الْيَمَانِي وَقَفَ عِنْدَهُ وَلَمَسَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ جَعَلَهُ عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ. وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ أَنَّهُمْ يُقَبِّلُونَ الرُّكْنَ الْيَمَانِي كَمَا يُقَبِّلُونَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَالسُّنَّةُ اسْتِلَامُ الْيَمَانِيِ بِالْيَدِ لَا بِالْفَمِ فَالْحَاصِلُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَحْتَرِزُ فِي طَوَافِهِ مِنْ أَشْيَاءَ أَحَدُهَا وَالثَّانِي مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّوْطِ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ الطَّوَافِ فِي دَاخِلِ

ص: 224

الْحِجْرِ.

الرَّابِعُ أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ الشَّاذَرْوَانِ أَنْ يَمِيلَ بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ فِي دَاخِلِهِ، وَهُوَ فِي الطَّوَافِ وَالشَّاذَرْوَانُ هُوَ الَّذِي بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِي.

الْخَامِسُ: أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ الطِّيبِ الَّذِي يُصَبُّ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ أَنْ يُصِيبَهُ مِنْهُ شَيْءٌ.

السَّادِسُ: أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ لَمْسِ النِّسَاءِ. ثُمَّ يَأْخُذُ فِي الطَّوَافِ، وَهُوَ مُقْبِلٌ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالدُّعَاءِ بِمَا أَحَبَّ لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ أَحَبَّ وَلِلْمُسْلِمِينَ وَلَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ سِرًّا فِي نَفْسِهِ وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ لِئَلَّا يَشْغَلَ غَيْرَهُ.

وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ رحمه الله عَنْ قَوْلِ الطَّائِفِ إيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك فَقَالَ: هَذِهِ بِدْعَةٌ وَلَمْ يَحُدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا مِنْ قَوْلٍ مَخْصُوصٍ أَوْ دُعَاءٍ، بَلْ يَدْعُو بِمَا تَيَسَّرَ لَهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ أَنَّهُمْ يَسْتَصْحِبُونَ مَعَهُمْ مَنَاسِكَ الْحَجِّ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَشْتَغِلُ إلَّا بِأَنْ يَقُولَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ كَذَا وَعِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ كَذَا وَعِنْدَ الطَّوَافِ كَذَا وَعِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ كَذَا وَعِنْدَ بَابِ الْبَيْتِ كَذَا وَعِنْدَ الْمُلْتَزَمِ كَذَا وَعِنْدَ الرُّكْنِ الْيَمَانِي كَذَا، وَإِذَا دَخَلَ الْبَيْتَ يَقُولُ كَذَا وَفِي الْمَقَامِ كَذَا وَفِي الصَّفَا كَذَا وَفِي الْمَرْوَةِ كَذَا وَفِي السَّعْيِ كَذَا وَفِي مِنًى كَذَا وَفِي عَرَفَاتٍ كَذَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَيَشْتَغِلُونَ فِي طَرِيقِهِمْ بِمَعْرِفَةِ هَذِهِ الْأَدْعِيَةِ وَيَتْرُكُونَ مَا يَلْزَمُهُمْ فِي حَجِّهِمْ مِنْ مُفْسِدَاتِهِ وَمُصَحِّحَاتِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافٍ قَبَّلَ الْحَجَرَ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْكَعَهُمَا فِي الْمَقَامِ مَا لَمْ تَكُنْ مُزَاحَمَةٌ فَإِذَا كَانَتْ رَكَعَ فِي غَيْرِهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ رُكُوعِهِ عَادَ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَقَبَّلَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ بَابِ الصَّفَا فَيَأْتِي إلَيْهَا فَيَصْعَدُ فِي أَعْلَاهَا حَتَّى يَنْظُرَ إلَى الْبَيْتِ فَيُثْنِيَ عَلَى اللَّهِ عز وجل بِمَا هُوَ أَهْلُهُ بِمَا تَيَسَّرَ لَهُ ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ الشَّرْعِيَّةَ ثُمَّ يَدْعُوَ بِمَا تَيَسَّرَ لَهُ لِنَفْسِهِ وَلِوَالِدَيْهِ وَلِأَقَارِبِهِ وَلِإِخْوَانِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ ثُمَّ يَنْزِلَ مِنْهَا، وَيَأْخُذَ فِي السَّعْيِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الْمِيلِ الْأَوَّلِ فَيَرْمُلَ إذْ ذَاكَ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الْمِيلِ الثَّانِي ثُمَّ يَمْشِيَ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الْمَرْوَةِ فَيَفْعَلَ فِيهَا مَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ يَبْدَأُ

ص: 225

بِالصَّفَا وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ.

وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ الْجَرْيِ وَالْإِسْرَاعِ فِي كُلِّ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِهِمْ فِي الطَّوَافِ، بَلْ مَا يَفْعَلُونَهُ فِي هَذَا أَشَدُّ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَسْعَوْنَ وَهُمْ رُكْبَانٌ عَلَى الدَّوَابِّ. وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ رحمه الله الرُّكُوبَ فِي السَّعْيِ أَشَدَّ كَرَاهَةٍ وَهُمْ يَجْرُونَ بِهَا الْجَرْيَ الَّذِي اعْتَادُوهُ فِي بِلَادِهِمْ فَيُؤْذُونَ بِذَلِكَ غَيْرَهُمْ مِنْ الْحُجَّاجِ وَمَنْ فِي السُّوقِ مِمَّنْ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَقَدْ يَئُولُ ذَلِكَ إلَى مَفَاسِدَ تَقَعُ لَهُمْ كَانُوا عَنْهَا فِي غِنًى، وَهَذَا ضِدُّ مَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ الْخُشُوعِ وَالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ. وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْعَى عَلَى رِجْلَيْهِ. وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمَشَاعِرِ إلَّا فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَإِنَّ الرُّكُوبَ فِيهِمَا أَفْضَلُ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَمْشِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا وَالْمَشَاعِرُ وَالْجَنَائِبُ تُقَادُ إلَى جَانِبِهِ. وَقَدْ نُقِلَ فِي تَفْسِيرِ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ أَنَّهُ إطْعَامُ الطَّعَامِ وَلِينُ الْكَلَامِ وَالْمَشْيُ فِي الْمَنَاسِكِ وَالْمَشَاعِرِ أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا، وَهِيَ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى ثُمَّ إلَى عَرَفَاتٍ ثُمَّ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ ثُمَّ إلَى مِنًى ثُمَّ إلَى مَكَّةَ ثُمَّ إلَى مِنًى ثُمَّ إلَى الْمُحَصَّبِ ثُمَّ إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَى الرُّكُوبِ رَكِبَ وَمَشَى بِالرِّفْقِ وَالْأَنَاةِ خِيفَةً مِنْ الْوُقُوعِ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ، وَهَذَا السَّعْيُ أَحَدُ الْأَرْكَانِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا.

وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ بِخِلَافِ الطَّوَافِ فَإِنَّ الطَّهَارَةَ فِيهِ وَاجِبَةٌ فَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ سَعْيِهِ مَضَى فِيهِ حَتَّى يُتِمَّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهِ تَطَهَّرَ وَابْتَدَأَ طَوَافَهُ وَالرَّمَلُ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ وَبَيْنَ الْمِيلَيْنِ وَفِي وَادِي مُحَسِّرٍ مُخْتَصٌّ بِالرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ فَإِنْ كَانَ آفَاقِيًّا فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ لَيْلًا وَنَهَارًا لَا يَسْتَثْنِي مِنْهُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ رحمه الله إلَّا وَقْتَانِ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَطُوفَ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ إلَّا لِحَاجَةٍ تَدْعُوهُ لِلطَّوَافِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ مِنْ سُنَّةِ الطَّوَافِ أَنْ يَأْتِيَ عُقْبَةُ بِرَكْعَتَيْنِ. وَيَجُوزُ

ص: 226

لَهُ أَنْ يَطُوفَ طَوَافًا وَاحِدًا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُؤَخِّرَ الرُّكُوعَ لَهُ إلَى بَعْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ مَغِيبِهَا وَلَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ فِي حَوَائِجِهِ وَضَرُورَاتِهِ. فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا رَجَعَ إلَى الطَّوَافِ فَإِنْ تَعِبَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَجَلَسَ فِي مَوْضِعِ مُصَلَّاهُ تُجَاهَ الْكَعْبَةِ فَيَحْصُلُ لَهُ النَّظَرُ إلَى الْكَعْبَةِ، وَهُوَ عِبَادَةٌ. لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «النَّظَرُ إلَى الْبَيْتِ عِبَادَةٌ وَيَحْصُلُ لَهُ اسْتِغْفَارُ الْمَلَائِكَةِ» فَإِذَا ذَهَبَ تَعَبُهُ قَامَ وَشَرَعَ فِي الطَّوَافِ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَيْلًا وَنَهَارًا إلَى الْيَوْمِ السَّابِعِ، وَهَذَا بِخِلَافِ أَهْلِ مَكَّةَ فَإِنَّ الْمُسْتَحَبَّ لَهُمْ أَنْ يُكْثِرُوا مِنْ التَّنَفُّلِ بِالصَّلَاةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْآفَاقِيَّ هَذِهِ الْعِبَادَةُ مَعْدُومَةٌ عِنْدَهُ فَيَغْتَنِمُهَا بِخِلَافِ أَهْلِ مَكَّةَ فَإِنَّهَا مُتَيَسِّرَةٌ عَلَيْهِمْ طُولَ سَنَتِهِمْ فَلَا حَاجَةَ تَدْعُوهُمْ إلَى مُزَاحَمَةِ النَّاسِ فِي الْمَوْسِمِ، فَإِذَا صَلَّى الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ جَلَسَ لِسَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَيُصْغِي لِمَا يَقُولُ الْإِمَامُ مِنْ تَعْلِيمِ أَحْكَامِ الْحَجِّ. وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَرْكِ حُضُورِ الْخُطْبَةِ وَاسْتِمَاعِهَا فَيَتْرُكُ سُنَّةً مَعْمُولًا بِهَا فَإِذَا فَرَغَ الْخَطِيبُ مِنْ خُطْبَتِهِ وَانْصَرَفَ النَّاسُ فَلْيَأْخُذْ فِي الْخُرُوجِ إلَى مِنًى فَيُصَلِّي بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ ثُمَّ يَرْحَلُ مِنْهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى عَرَفَةَ.

وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ أَنَّهُمْ يَرْحَلُونَ مِنْ مِنًى فَيَأْتُونَ عَرَفَةَ لَيْلًا فَيُوقِدُونَ الشَّمْعَ وَيَصْعَدُونَ بِهِ إلَى جَبَلِ عَرَفَةَ فَيَأْتُونَ الْقُبَّةَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا قُبَّةَ آدَمَ عليه السلام فَيُدِيرُونَ بِهَا الشَّمْعَ مَوْقُودًا وَيَطُوفُونَ بِهَا كَطَوَافِهِمْ بِالْبَيْتِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ الْبِدَعِ الْمُحْدَثَةِ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ لَهُ الْأَمْرُ مَنْعُهُمْ وَزَجْرُهُمْ وَتَفْرِيقُ جَمْعِهِمْ عَنْ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا وَلَهُ فِي ذَلِكَ ثَوَابُ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً وَأَخْمَدَ بِدْعَةً فَكَيْفَ بِبِدَعٍ كَمَا سَبَقَ. وَالسُّنَّةُ أَنْ يَجْلِسُوا بِمِنًى حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ يَوْمَ عَرَفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ. فَمَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى وَبَاتَ بِعَرَفَةَ فَقَدْ تَرَكَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَابْتَدَعَ. فَإِذَا وَصَلُوا إلَى عَرَفَةَ أَخَذُوا فِي قَضَاءِ ضَرُورَاتِهِمْ إلَى الزَّوَالِ فَيَغْتَسِلُونَ وَيَأْتُونَ إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ

ص: 227

وَالسُّنَّةُ الْمَشْهُورَةُ الْمَعْرُوفَةُ أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِنَمِرَةَ وَهَذِهِ سُنَّةٌ قَدْ تُرِكَتْ فِي الْغَالِبِ إلَّا عِنْدَ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَقَدْ صَارُوا يُصَلُّونَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ بِمَوْضِعِ الْوُقُوفِ.

فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ أَتَى لِمَوْضِعِ الْوُقُوفِ فَخَطَبَ النَّاسَ. وَخُطَبُ الْحَجِّ ثَلَاثٌ هَذِهِ وَالْخُطْبَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَالْخُطْبَةُ الثَّالِثَةُ فِي ثَانِي يَوْمِ النَّحْرِ وَمُعْظَمُ مَا فِي الْخُطَبِ الثَّلَاثِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُنَّ تَعْلِيمُ الْحُجَّاجِ مَا يَلْزَمُهُمْ فِي حَجِّهِمْ وَمَا يُنْدَبُ لَهُمْ فِيهِ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ وَمَا يُكْرَهُ لَهُمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْمَفَاسِدَ الَّتِي تَعْتَوِرُهُمْ وَكَيْفِيَّةَ التَّحَرُّزِ مِنْهَا وَيَحُضُّهُمْ عَلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ فِي كُلِّ مَا يُحَاوِلُونَهُ مِنْ أَمْرِ حَجِّهِمْ بِقَدْرِ مَا تَيَسَّرَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَأْخُذُ فِي الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالِابْتِهَالِ، وَكَذَلِكَ النَّاسُ يَقْتَدُونَ بِهِ فِي كُلِّ مَا يَفْعَلُهُ وَوَاسِعٌ فِي حَقِّهِمْ أَنْ يُؤَمِّنُوا عَلَى دُعَاءِ الْإِمَامِ مَنْ قَرُبَ مِنْهُ وَمَنْ بَعُدَ عَنْهُ، وَأَنْ يَدْعُوا لِأَنْفُسِهِمْ بِمَا أَحَبُّوا وَلِمَنْ يَخْتَارُوهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ.

وَلَيْسَ مِنْ صِفَةِ الْوُقُوفِ أَنْ لَا يَزَالَ قَائِمًا إلَى الْغُرُوبِ، بَلْ إذَا تَعِبَ مِنْ الْوُقُوفِ جَلَسَ، وَهُوَ يَفْعَلُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَقِفَ رَاكِبًا، وَهَذَا الْمَوْضِعُ مُسْتَثْنًى مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ اتِّخَاذِ ظُهُورِ الدَّوَابِّ مَسَاطِبَ يَجْلِسُ عَلَيْهَا وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِالرَّاحِلَةِ كَمَا هُوَ مَأْمُورٌ بِالِاسْتِقْبَالِ إذَا كَانَ بِالْأَرْضِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَكُلُّ مَنْ حَضَرَ بِعَرَفَةَ كَانَ جَالِسًا أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ نَائِمًا فَقَدْ حَصَلَ لَهُ الْوُقُوفُ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَتَحَقَّقَ غُرُوبُهَا وَأَقْبَلَ ظَلَامُ اللَّيْلِ فَلْيُمْهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ قَلِيلًا؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ بِاللَّيْلِ هُوَ الْوَاجِبُ عِنْدَ مَالِكٍ رحمه الله وَالْوُقُوفُ بِالنَّهَارِ سُنَّةٌ وَلَا تُجْزِئُ السُّنَّةُ عَنْ الْفَرْضِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ اللَّيْلِ جُزْءًا بِعَرَفَةَ. وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ فِي الرَّحِيلِ بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ فَيَشُدُّونَ الرِّحَالَ وَيَحْمِلُونَ عَلَيْهَا الْأَحْمَالَ ثُمَّ يَأْتُونَ إلَى الْعَلَمَيْنِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُمَا فَيَقِفُونَ هُنَاكَ فَإِذَا سَقَطَ قُرْصُ الشَّمْسِ أَسْرَعُوا بِالْخُرُوجِ

ص: 228

مِنْ بَيْنِ الْعَلَمَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ قُرْصُهَا بَعْدُ لَمْ يَكْمُلْ مَغِيبُهُ فَيَدْخُلُ الْخَلَلُ فِي حَجِّهِمْ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْوُقُوفَ فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ هُوَ الْوَاجِبُ عِنْدَ مَالِكٍ رحمه الله فَلْيَحْذَرْ مِنْ هَذَا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ.

وَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ فِي عَرَفَةَ وَالْإِلْحَاحِ بِهِ وَالِابْتِهَالُ وَالتَّضَرُّعُ هُوَ السُّنَّةُ عُمُومًا. لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَأَفْضَلُ مَا قُلْت أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ» وَلَا يَتْرُكُ ذَلِكَ إلَّا لِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ وَأَعْلَى. وَذَلِكَ مِثْلُ مَا حُكِيَ عَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رحمه الله لَمَّا أَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ وَالنَّاسُ يَدْعُونَ وَيَبْتَهِلُونَ، وَهُوَ سَاكِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ فَلَمَّا أَنْ نَفَرَ النَّاسُ قَبَضَ بِيَدِهِ عَلَى لِحْيَتِهِ وَقَالَ وَاسَوْأَتَاهُ، وَإِنْ غُفِرَتْ ثُمَّ نَفَرَ مَعَ النَّاسِ فَلَحْظَةٌ مِنْ هَذَا السُّكُوتِ وَالْوَقَارِ وَالْخُشُوعِ وَالْحُضُورِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ «إنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إلَى صُوَرِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلَى قُلُوبِكُمْ» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ يَكُونُ السُّكُوتُ أَفْضَلَ مِنْ الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ مُخُّ الْعِبَادَةِ؟ فَجَوَابُهُ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام إخْبَارًا عَنْ رَبِّهِ عز وجل «مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْته أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ» فَإِذَا كَانَ مَنْ اشْتَغَلَ بِذِكْرِهِ سبحانه وتعالى أَفْضَلَ مِنْ الدَّاعِي فَمَا بَالُك بِمَنْ أُلْبِسَ خِلْعَةَ التَّضَرُّعِ وَالِافْتِقَارِ وَالِانْكِسَارِ فَهُوَ أَفْضَلُ مَقَامًا سِيَّمَا مَعَ الْخُشُوعِ وَالْحُضُورِ وَالْفِكَرِ السُّنِّيَّةِ الْجَلِيلَةِ. أَلَا تَرَى إلَى مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ» وَقِيلَ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ الدَّهْرِ. فَإِذَا تَبَيَّنَ لَك ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ الْخُشُوعَ وَالسُّكُوتَ وَالْحُضُورَ وَاسْتِصْغَارَ النَّفْسِ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ الْعَظِيمِ آكَدُ الْأَشْيَاءِ عَلَى الْمُكَلَّفِ، وَإِنْ كَانَ الْعُلَمَاءُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي أَيِّهِمَا أَفْضَلُ الرِّضَا وَالتَّسْلِيمُ أَوْ الدُّعَاءُ وَالتَّضَرُّعُ. وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ قَبْلُ؛ وَلِأَنَّ الرِّضَا وَالتَّسْلِيمَ أَجَلُّ الْمَقَامَاتِ وَأَعْلَاهَا وَذَلِكَ لَا يَقُومُ فِيهِ إلَّا وَاحِدُ عَصْرِهِ. نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ امْتِثَالِ السُّنَّةِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي أُمِرَ فِيهَا الْمُكَلَّفُ بِالدُّعَاءِ كَالِاسْتِسْقَاءِ وَفِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا إلَّا

ص: 229

فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ مِنْهَا، وَهِيَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الرُّكُوعِ وَفِي الْجُلُوسِ قَبْلَ التَّشَهُّدِ. وَكَذَلِكَ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ سِرًّا وَعِنْدَ الْأَذَانِ وَحَضْرَةِ الْقِتَالِ لِقَوْلِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ سَاعَتَانِ تُفْتَحُ لَهُمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَقَلَّ دَاعٍ تُرَدُّ عَلَيْهِ دَعْوَتُهُ حَضْرَةُ النِّدَاءِ إلَى الصَّلَاةِ وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَكَذَلِكَ إذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ فِي التِّلَاوَةِ وَقَفَ وَسَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ وَقَفَ وَاسْتَجَارَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمَشْرُوعِ فِيهَا الدُّعَاءُ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ كُلُّ ذَلِكَ يَفْعَلُهُ امْتِثَالًا لِلسُّنَّةِ وَإِظْهَارًا لِلْفَاقَةِ وَالِاحْتِيَاجِ وَالِاضْطِرَارِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ رَاضٍ عَنْ رَبِّهِ يَخْتَارُ مَا اخْتَارَهُ مَوْلَاهُ لَهُ وَلَا يَسْكُنُ إلَى غَيْرِهِ كَائِنًا مَا كَانَ، وَهَذَا كُلُّهُ بِشَرْطِ مُرَاعَاةِ الْأَدَبِ الْمَشْرُوعِ فِي الدُّعَاءِ فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَجْتَنِبَ رَفْعَ الصَّوْتِ بِحَيْثُ يَعْقِرُ حَلْقَهُ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ قَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا» وَمِنْ الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ قَالَ مَالِكٌ بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ رَأَى رَجُلًا قَائِمًا عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَدْعُو بِصَوْتٍ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ وَقَالَ لَا تُقَلِّصُوا تَقْلِيصَ الْيَهُودِ فَقِيلَ لَهُ مَا أَرَادَ بِتَقْلِيصِ الْيَهُودِ قَالَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالدُّعَاءِ وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ.

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ، وَأَمَّا رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الدُّعَاءِ، فَإِنَّمَا أُنْكِرَ الْكَثِيرُ مِنْهُ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ، وَأَمَّا رَفْعُهَا إلَى اللَّهِ عِنْدَ الرَّغْبَةِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِكَانَةِ فَصِفَتُهُ أَنْ تَكُونَ ظُهُورُهُمَا إلَى الْوَجْهِ وَبُطُونُهُمَا إلَى الْأَرْضِ. وَقِيلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء: 90] أَنَّ الرَّغَبَ تَكُونُ بُطُونُ الْأَكُفِّ إلَى السَّمَاءِ وَالرَّهَبُ بُطُونُهُمَا إلَى الْأَرْضِ. فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُشُوعِ وَالْحُضُورِ إذْ ذَاكَ تَسَبَّبَ فِي حُصُولِهِ بِاسْتِدْعَاءِ بَوَاعِثِهِ وَاسْتِجْلَابِ دَوَاعِيهِ وَالِافْتِقَارِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِ. فَمِنْ بَوَاعِثِهِ أَنْ يَتَذَكَّرَ ذُنُوبَهُ وَمَا ارْتَكَبَ مِنْ قُبْحِ عَمَلِهِ حَتَّى يَنْدَمَ عَلَى ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ إلَى حَدِّ الْقُنُوطِ وَيَذْكُرُ الْخَوْفَ مَعَ الرَّجَاءِ وَسَعَةِ

ص: 230