المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل زيارة النبي] - المدخل لابن الحاج - جـ ٤

[ابن الحاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْفِلَاحَةِ]

- ‌[طَلَبُ الْحَلَالِ فَرِيضَةٌ بَعْدَ فَرِيضَةِ الْإِيمَانِ وَالصَّلَاةِ]

- ‌[إجَارَةِ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغِرَاسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِنَاعَةِ الْقَزَازَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِصَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِنَاعَةِ الْخِيَاطَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَاجِرِ الْبَزِّ وَمَا أَشْبَهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ التَّاجِرِ الَّذِي يَتَّجِرُ مِنْ إقْلِيمٍ إلَى إقْلِيمٍ]

- ‌[فَصْلٌ تاجر البز يُوَسِّع عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[تاجر البز لَا يُشَارِكَ غَيْرَهُ فِي الزَّادِ وَالنَّفَقَةِ وَالْمَرْكُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى تاجر البز أَنْ يُظْهِرَ لِصَاحِبِ الدَّابَّة مَا يَحْمِلُهُ عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ غُدْوَةَ النَّهَارِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا عَزَمَ تاجر البز عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّعَوُّذِ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لتاجر البز أَنْ يَتَصَدَّقَ حِينَ خُرُوجِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لتاجر البز أَنْ يُكْثِرَ السَّيْرَ فِي اللَّيْل]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لتاجر البز أَنْ يَمْتَثِلَ السُّنَّةَ فِي الذِّكْرِ الْوَارِدِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لتاجر البز أَنْ لَا يَسْلُكَ بُنَبَّاتِ الطُّرُقِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَسْتَصْحِبَ التاجر الْمُسَافِر جَرَسًا وَلَا كَلْبًا]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى التاجر الْمُسَافِر أَنْ يَحْذَرَ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا دَخَلَ التاجر الْمُسَافِر بَلَدًا أَوْ قَابَلَهَا أَوْ نَزَلَ مَنْزِلًا]

- ‌[فَصْلٌ جَاءَ التاجر الْمُسَافِر إلَى حَلِّ الرَّحْلِ أَوْ إلَى شَدِّهِ عَلَى الراحلة]

- ‌[فَصْلٌ إذَا جَنَّ اللَّيْلُ عَلَى التاجر الْمُسَافِر]

- ‌[فَصْلٌ إذَا اسْتَصْعَبَتْ دَابَّةُ التاجر الْمُسَافِر عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِحْبَابُ الْحِدَاءُ فِي السَّفَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِكْثَار مِنْ الدُّعَاءِ فِي السَّفَرِ]

- ‌[صَلَاة النَّافِلَة عَلَى الراحلة فِي السَّفَر]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَرْكَبَ الْبَحْرَ فِي الْفَصْلِ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُسَافِرَ إلَى بِلَادِ الْكُفَّارِ]

- ‌[فَصْلٌ زِيَارَةَ التاجر لِلْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ التاجر إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ أَنْ يَنْوِيَ السِّيَاحَةَ فِي أَرْضِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[فَصْلٌ أَنْ يَنْوِيَ فِي سَفَرِهِ الْخَلْوَةَ عَنْ النَّاسِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إذَا اشْتَرَى بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ أَنْ لَا يُنْقِصَ الْبَائِعَ مِنْهُ شَيْئًا]

- ‌[فَصْلٌ صِفَةِ السُّوقِ الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ الْبَزُّ]

- ‌[فَصْلٌ كَثْرَةِ الْأَيْمَانِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التاجر تَكُونَ السِّلَعُ فِي الْخَيْشِ فَيَشْتَرِيَهَا بِخَيْشِهَا]

- ‌[فَصْلٌ التاجر إذَا أَعْجَبَتْهُ السِّلْعَةُ أَوْ وَقَعَ لَهُ فِيهَا غَرَضٌ]

- ‌[فَصْلٌ قُعُود التاجر فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَيُقَلِّبُ السِّلَعَ عَلَى مَنْ يُرِيد شرائها]

- ‌[فَصْلٌ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُؤْخَذُ فِيهَا الظُّلْمُ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا زَكَاةٌ]

- ‌[فَصْلٌ جَعَلَ الْفُلْفُلَ الَّذِي يُرِيدُونَ بَيْعَهُ فِي مَوْضِعٍ نَدِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ جَمَعَ مَعَ الْكِرَاءِ مَا يُلْزِمُونَهُ مِنْ الْبَاطِلِ]

- ‌[فَصَلِّ الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُكْثِرَ مِنْ الْجُلُوسِ فِي السُّوقِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا رجع الْمُسَافِر إلَى بَلَدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعَطَّارُ مِنْ تَحْسِينِ النِّيَّةِ وَالْآدَابِ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعِ شَيْءٍ مِمَّا عِنْدَهُ دُونَ وَزْنٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَفَاسِدُ الَّتِي تَعْتَوِرُ الْعَطَّارَ]

- ‌[فَصْلٌ السَّمَاسِرَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الْوَرَّاقِ وَكَيْفِيَّتِهَا وَتَحْسِينِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ النَّاسِخِ وَكَيْفِيَّتِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الصَّانِعِ الَّذِي يُجَلِّدُ الْمَصَاحِفَ وَالْكُتُبَ وَغَيْرَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الْأَبْزَارِيِّ وَمُحَاوَلَتِهَا وَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الزَّيَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ شِرَاءِ الْخُلُولِ الَّتِي عُصِرَتْ أَوَّلًا بِنِيَّةِ الْخَمْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ نِيَّةِ الْخُضَرِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْقُلْقَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّيَّة لِجُلُوسِهِ فِي الدُكَّانِ التَّيْسِيرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُزَيِّنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُعَالَجَةِ الطَّبِيبِ وَالْكَحَّالِ الْكَافِرَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَأْخُذَ مِنْ الْأَطِبَّاءِ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاشْتِغَالِ بِطِبِّ الْأَبَدَانِ وَتَكْحِيلُ الْعُيُونِ وَمَعْرِفَةُ الْحِسَابِ]

- ‌[فَصْلٌ طِبُّ الْأَبَدَانِ وَالرُّقَى الْوَارِدَةُ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِوَجَعِ الْأَسْنَانِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلدَّوْخَةِ الَّتِي فِي الرَّأْسِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلْحَصْبَةِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِضَعْفِ الْبَصَرِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِنُزُولِ الدَّمِ وَالْقُولَنْجِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلشَّعْرِ الَّذِي يَخْرُجُ فِي الْعَيْنِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِضَعْفِ الْمَعِدَةِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلنَّزْلَةِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِقَطْعِ الدَّمِ إذَا جَرَى عَقِيبَ السِّقْطِ كَثِيرًا]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِوَجَعِ الظَّهْرِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلْحَرَارَةِ الَّتِي تَكُونُ تَحْتَ الْقَدَمِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِسَلَسِ الرِّيحِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلشِّدَّةِ إذَا وَقَعَتْ بِالْإِنْسَانِ أَوْ تَوَقَّعَهَا]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِوَجَعِ الْيَدَيْنِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِبُرُودَةِ الْمَعِدَةِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلْمَغَصِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ يُفْعَلُ لِعُسْرِ النِّفَاسِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلثِّقَلِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلْبُرُودَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الدِّمَاغِ]

- ‌[النَّشْرَةُ الَّتِي يَعْمَلُهَا الْمُعَزِّمُونَ]

- ‌[التَّدَاوِي بِالْيَسِيرِ مِنْ الْخَمْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّبِيبِ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَقْعُدَ مَعَ الطَّبِيبِ غَيْرُهُ مِمَّنْ يُظَنُّ الْمَرِيضَ لَا يُرِيدُ مجالسته]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى الطَّبِيبِ حِينَ جُلُوسِهِ عِنْدَ الْمَرِيضِ أَنْ يَتَأَنَّى عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لِلطَّبِيبِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِحَالِ الْمَرِيضِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الطَّبِيبُ إذَا تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ عَافِيَةُ الْمَرِيضِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى الطَّبِيبِ النَّظَرُ فِي الْقَارُورَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الأشتغال بِعِلْمِ الطِّبّ]

- ‌[عَلَى الطَّبِيبِ أَنْ يَتْرُكَ مَا اعْتَادَهُ بَعْضُ مَنْ انْغَمَسَ فِي الْجَهْلِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى الْمَرِيضِ أَوْ وَلِيِّهِ امْتِثَالُ السُّنَّةِ فِي الصَّدَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ آكُدُ الْأُمُورِ عَلَى الْمَرِيضِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهِيَ الْوَصِيَّةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الشَّرَابِ الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ الْمَرِيضُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إذَا قَدُمَ الشَّرَابُ عِنْدَهُ أَنْ لَا يَبِيعَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بائع الْأَشْرِبَة]

- ‌[فَصْلٌ السُّنَّةَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[فَصْلٌ غِشّ الشَّرَابِيّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مَا يُفْعَلُ فِي الْمَطَابِخِ]

- ‌[فَصْلٌ الْخَابِيَةُ الَّتِي يُطْبَخُ فِيهَا السُّكَّرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّرْنِيق]

- ‌[فَصْلٌ قَطْرُ النَّبَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الطَّاحُونِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ مشى الصناع حفاة عَلَى بَوْل الخيل]

- ‌[فَصْلٌ الرِّفْقَ بِالدَّابَّةِ الَّتِي يَطْحَنُ عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ وَزَنَ طَحِينَ إنْسَانٍ فَنَقَصَ مِنْهُ شَيْءٌ عَنْ وَزْنِهِ الْأَوَّلِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَتَعَيَّنُ عَلَى بَائِعِ الدَّقِيقِ إذَا اشْتَرَى قَمْحًا قَدِيمًا]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَشْتَرِيَ الْمُسْلِمُ الدَّقِيقَ مِنْ طَوَاحِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى صَاحِبِ الطَّاحُونِ أَنْ يَتَحَفَّظَ مِنْ تَبْدِيدِ الْقَمْحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْفَرَّانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّقِيقَ الَّذِي يَتَبَدَّدُ عَلَى الْمَسْطَبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْخَبَّازِ الَّذِي يَعْمَلُ الْخُبْزَ لِلسُّوقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَعْجِنُونَ الْعَجِينَ بِمَاءِ الْآبَارِ الْمَالِحَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَاءِ الَّذِي يَغْسِلُ الصُّنَّاعُ فِيهِ أَيْدِيَهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَاءِ الَّذِي يَغْسِلُ الصُّنَّاعُ فِيهِ أَيْدِيَهُمْ مِنْ أَثَرِ الْعَجِينِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ السَّقَّاءِ]

- ‌[فَصْلٌ السَّقَّاءِ إذَا دَخَلَ الْبَيْتَ لِسَكْبِ الْمَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَسْكُبَ السقاء فِي بَيْتٍ فِيهِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الْوُقُوفَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْقَصَّابِ]

- ‌[فَرَائِضُ الذَّكَاة]

- ‌[سُنَنُ الذَّكَاة]

- ‌[فَضَائِلُ الذَّكَاة]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَطْبُخَ اللَّحْمَ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ السُّوقِ إلَّا بَعْدَ غَسْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ اشْتَرَى الْبُطُونُ أَنْ يَغْسِلَهَا قَبْلَ طَبْخِهَا]

- ‌[فَصْلٌ خلط الجزار لحما طريا بلحم بائت ويبيعه عَلَيَّ أَنَّهُ طريا]

- ‌[فَصْلٌ الذَّبْحِ فِي مَوَاسِمِ النَّصَارَى]

- ‌[فَصْلٌ الذَّبْح لِغَيْرِ الْقِبْلَة]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ يَتَوَلَّى الذَّبْحَ أَنْ يَكُونَ مُتَحَفِّظًا عَلَى صَلَوَاتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الشَّرَائِحِيِّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَرْكُ الْقُدُورِ أَوْ بَعْضِهَا مَكْشُوفَةً بِأَثَرِ الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الطَّبَّاخِ الَّذِي يَبِيعُ فِي السُّوقِ]

- ‌[فَصْلٌ الطَّبْخُ فِي قُدُورِ الْبِرَامِ الْمَشْعُوبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شِرَاء مرقة الطَّعَام وزنا]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ اللَّبَّانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ صَبْغِ الزُّبْدِ وَالسَّمْنِ حَتَّى يَبْقَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ تَغْطِيَةَ أَوَانِي اللَّبَنِ]

- ‌[فَصْلٌ الصِّحَافِ الَّتِي يُجْعَلُ فِيهَا اللَّبَنُ لِلْمُشْتَرِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْبَنَّاءِ]

- ‌[فَصْلٌ النَّصِيحَةِ فِي الْبُنْيَانِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى الصَّانِعِ وَمَنْ يَكُونُ مَعَهُ التَّحَفُّظُ عَلَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّائِغِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الصَّيْرَفِيِّ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بَعْضِ مَا يَعْتَوِرُ الْحَاجَّ فِي حَجِّهِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ التَّحْذِيرُ مِنْهُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطَ وُجُوبِ الْحَجِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَعْرِفَةُ مَا يَلْزَمُهُ فِي حَجِّهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَبَعْدَهُ]

- ‌[فَصْلٌ سُنَن الْحَجّ الْمُوجِبَاتُ لِلدَّمِ]

- ‌[فَصْلٌ فَضَائِلُ الْحَجُّ]

- ‌[فَصْلٌ خصائص الحرم]

- ‌[فَصْلٌ الحرمات خَمْس]

- ‌[فَصْلٌ اغْتِسَالَاتُ الْحَجِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ يَمْنَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ شَيْئًا]

- ‌[فَصْلٌ الطَّوَافُ فِي الْحَجِّ]

- ‌[فَصْلٌ رَمَى الْجِمَارُ]

- ‌[فَصْلٌ الْهَدْيُ فِي الْحَجّ]

- ‌[فَصْلٌ جَزَاءُ الْمُحْرِمِ إذَا قَتْلَ صَيْدًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّمَتُّعُ بالعمرة إلَى الْحَجِّ يُوجِبُ الْهَدْيَ بِأَرْبَعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ رفع الصوت بالتلبية]

- ‌[فَصْلٌ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ وَتَرَك الْمُحَامِل والجحف مسورة عَلَى حالها]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَفْعَلهُ الْحَاجّ إذَا وَصَلَ إلَى مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ تقبيل الْحَجَر الْأَسْوَد]

- ‌[فَصْلٌ الطَّوَاف مِنْ داخل الْحَجَر]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَفْعَل بَعْد الدَّفْعَ مِنْ عَرَفَةَ]

- ‌[فَصْلٌ إحْيَاء لَيْلَة الْعِيد لِلْحَاجِّ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاة الصُّبْح بالمزدلفة]

- ‌[فَصَلِّ طَوَاف الْإِفَاضَة فِي يَوْم النَّحْر]

- ‌[فَصْلٌ زِيَارَة النَّبِيّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ]

- ‌[فُصُولٌ مُتَفَرِّقَةٌ جَامِعَةٌ لَمَعَانٍ شَتَّى]

- ‌[النِّيَّةُ النَّافِعَةُ]

- ‌[فَصْلٌ وُجُوب تَقْدِيم الْعِلْم عَلَى الْعَمَل]

- ‌[عَرْضِ الرُّؤْيَا عَلَى الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ تَرْبِيَة الْأَوْلَادِ وَحُسْن سِيَاسَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ كَيْف يُحَاوِلُ الْمُكَلَّفُ التَّكَسُّب]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ أَنْتُمْ فِي زَمَانٍ مَنْ تَرَكَ عُشْرَ مَا أُمِرَ بِهِ هَلَكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ النَّهْي عَنْ مُخَالَفَةَ السَّنَة خشية كَلَام النَّاس]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ النَّظَرُ إلَى الْمُسْلِمِينَ بِعَيْنِ التَّعْظِيمِ وَالِاحْتِرَامِ]

- ‌[خَاتِمَة أَسْبَابُ تَأْلِيفِ هَذَا الْكِتَابِ]

الفصل: ‌[فصل زيارة النبي]

[فَصْلٌ زِيَارَة النَّبِيّ]

فَصْلٌ} فَإِذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فَلْتَكُنْ نِيَّتُهُ وَعَزِيمَتُهُ وَكُلِّيَّتُهُ فِي زِيَارَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَزِيَارَةِ مَسْجِدِهِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ كُلِّهِ لَا يُشْرِكُ مَعَهُ غَيْرَهُ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى مَقْصِدِهِ أَوْ قَضَاءِ شَيْءٍ مِنْ حَوَائِجِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام مَتْبُوعٌ لَا تَابِعٌ فَهُوَ رَأْسُ الْأَمْرِ الْمَطْلُوبِ وَالْمَقْصُودِ الْأَعْظَمِ.

فَإِذَا وَصَلَ إلَى الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَنْزِلَ بِالْمُعَرَّسِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ خَارِجَ الْمَدِينَةِ حَتَّى يَتَأَهَّبَ لِلدُّخُولِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَتَطَهَّرَ وَيَرْكَعَ وَيَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَيَتَطَيَّبَ وَيُجَدِّدَ التَّوْبَةَ ثُمَّ يَدْخُلَ، وَهُوَ مَاشٍ عَلَى رِجْلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ وَالِاحْتِيَاجِ وَالِاضْطِرَارِ.

وَقَدْ وَرَدَ «أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَنْ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَادَرُوا إلَيْهِ كُلُّهُمْ إلَّا سَيِّدَهُمْ فَإِنَّهُ اغْتَسَلَ وَلَبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ عليه الصلاة والسلام فِيك خَصْلَتَانِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ» .

وَقَدْ تَقَدَّمَتْ كَيْفِيَّةُ زِيَارَتِهِ عليه الصلاة والسلام بِحَسْبِ مَا حَضَرَ فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْآدَابَ مَعَهُ عليه الصلاة والسلام أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى لِعَظِيمِ أَمْرِهِ وَجَلَالَةِ قَدْرِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ. فَإِذَا فَرَغَ مِنْ زِيَارَتِهِ عليه الصلاة والسلام فَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ فِيمَا يُرِيدُهُ وَذَلِكَ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا الْمُجَاوَرَةُ أَوْ السَّفَرُ إلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى أَوْ الرُّجُوعُ إلَى وَطَنِهِ.

أَمَّا الْمُجَاوَرَةُ فَيَنْبَغِي أَنْ تُتْرَكَ فِي هَذَا الزَّمَانِ لِوُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الْغَالِبَ فِي هَذَا الزَّمَانِ الْعَجْزُ عَنْ الْقِيَامِ بِآدَابِ الْمُجَاوَرَةِ مَعَهُ عليه الصلاة والسلام إذْ الْجَنَابُ عَظِيمٌ فَاحْتِرَامُهُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ عَظِيمٌ وَلَا يَخْلُو الْإِنْسَانُ مِنْ الْهَفَوَاتِ وَالْكَسَلِ الَّذِي يَطْرَأُ عَلَيْهِ فِي الْغَالِبِ إلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ هَذَا وَجْهٌ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ مَالِكًا رحمه الله سُئِلَ أَيُّمَا أَحَبُّ إلَيْك الْمُجَاوَرَةُ أَوْ الْقُفُولُ فَأَجَابَ بِأَنْ قَالَ: السُّنَّةُ الْحَجُّ ثُمَّ الْقُفُولُ وَلَا شَكَّ أَنَّ اتِّبَاعَ السُّنَّةِ أَوْلَى. وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إذَا فَرَغَ

ص: 239

مِنْ حَجِّهِ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْيَمَنِ يَمَنُكُمْ وَيَا أَهْلَ الْعِرَاقِ عِرَاقُكُمْ وَيَا أَهْلَ الشَّامِ شَامُكُمْ وَيَا أَهْلَ مِصْرَ مِصْرُكُمْ.

وَقَدْ تَقَدَّمَتْ حِكَايَةُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ جَاوَرَ بِمَكَّةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَمْ يَبُلْ فِي الْحَرَمِ وَلَمْ يَضْطَجِعْ فَمِثْلُ هَذَا تُسْتَحَبُّ لَهُ الْمُجَاوَرَةُ أَوْ يُؤْمَرُ بِهَا وَالْمَوْضِعُ مَوْضِعُ رِبْحٍ لَا مَوْضِعُ خَسَارَةٍ فَيَحْرِمُ نَفْسَهُ الرِّبْحَ لِقِلَّةِ الْأَدَبِ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْهُ وَقِلَّةِ الِاحْتِرَامِ سِيَّمَا حِينَ يَكُونُ الرَّكْبُ نَازِلًا بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ فَتَجِدُ الْعَذِرَةُ وَالْبَوْلُ فِي الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَسْجِدِ الْمُعَظَّمِ بِحَيْثُ الْمُنْتَهَى فَيَمْشِي بَعْضُ النَّاسِ عَلَيْهَا فَتَتَنَجَّسُ نَعْلُهُ أَوْ قَدَمُهُ بِذَلِكَ ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ الشَّرِيفَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَقَدْ حَكَى لِي السَّيِّدُ الْجَلِيلُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَاسِيُّ رحمه الله أَنَّهُ احْتَاجَ إلَى قَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ، وَهُوَ فِي الْمَدِينَةِ فَخَرَجَ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ وَعَزَمَ أَنْ يَقْضِيَ حَاجَتَهُ فِيهِ فَسَمِعَ هَاتِفًا يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: الْحُجَّاجُ يَعْمَلُونَ هَذَا فَأَجَابَهُ الْهَاتِفُ بِأَنْ قَالَ وَأَيْنَ الْحُجَّاجُ وَأَيْنَ الْحُجَّاجُ وَأَيْنَ الْحُجَّاجُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَخَرَجَ عَنْ الْبَلَدِ حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ رَجَعَ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُشَاهِدُ مَا فُعِلَ هُنَاكَ مِنْ الْمِيضَاءَاتِ الَّتِي عُمِلَتْ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ وَلَهَا سَرَابَاتٌ وَالْمِيَاهُ تُسْكَبُ وَذَلِكَ قَرِيبٌ مِنْ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ، وَهُوَ مُشَاهَدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ يَسْرِي فِي الْأَرْضِ سَرِيعًا، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَجِبُ تَغْيِيرُهُ بِزَوَالِهِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ بَقِيَ عَلَيْهِ التَّغْيِيرُ بِالْقَلْبِ وَمِنْ التَّغْيِيرِ بِالْقَلْبِ الْهَرَبُ مِنْ مَوْضِعٍ يُبَاشَرُ مِثْلُ هَذَا فِيهِ ثُمَّ إنَّ فِي النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى الَّتِي تُقَابِلُ الْمِيضَاءَاتِ رُطُوبَاتٍ وَفِيهَا سَرَابَاتٌ وَكُلُّ ذَلِكَ يُخَافُ مِنْهُ الْوُصُولُ إلَى الْمَوْضِعِ الشَّرِيفِ فَيَجِبُ تَغْيِيرُهُ بِحَسْبِ حَالِ الْمُغَيِّرِ.

وَسَبَبُ الْوُقُوعِ فِي هَذَا وَأَشْبَاهِهِ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ الْحَسَنَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ حَسَنَةٌ وَيَفْعَلُونَهَا وَلَا يُفَكِّرُونَ فِيمَا يَصْدُرُ عَنْهَا مِنْ السَّيِّئَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفْطِنُ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْغَالِبِ إلَّا أَهْلُ الْعِلْمِ الْمُرَاقِبُونَ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ الْمُتَحَفِّظُونَ مِمَّا يُتَوَقَّعُ فِي الْأَعْمَالِ مِنْ الْفَسَادِ وَفِعْلُ هَذَا بِجِوَارِ

ص: 240

الْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ مِنْ أَكْبَرِ السَّيِّئَاتِ، وَإِنْ كَانَ فَاعِلُهُ يَقْصِدُ بِهِ الْحَسَنَةَ؛ لِأَنَّهُ نَظَرَ لِمَا كَانَ يُفْعَلُ هُنَاكَ فِي الطَّرِيقِ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، فَأَرَادَ إزَالَتَهُ بِفِعْلِ الْمِيضَاءَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ الرُّبُطِ فَوَقَعَ فِي أَكْثَرَ مِمَّا تَحَفَّظَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَيَذْهَبُ بِالشَّمْسِ وَالرِّيحِ وَالْإِزَالَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا فُعِلَ مِنْ الْمِيضَاءَاتِ وَالرُّبُطِ الْقَرِيبَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ فَإِنَّهُ يَجْتَمِعُ الْأَذَى فِي الْكُنُفِ مَعَ انْصِبَابِ الْمَاءِ فَيَسْرِي تَحْتَ الْأَرْضِ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ يَسْمَعُ وَيُشَاهِدُ قِرَاءَتَهُمْ لِتِلْكَ الْأَسْبَاعِ حَلَقًا حَلَقًا فِي الْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ وَكَذَلِكَ الْأَحْزَابُ وَالْأَذْكَارُ وَقَدْ تَقَدَّمَ كَرَاهَةُ ذَلِكَ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُمْ إذَا فَرَغُوا مِنْ هَذِهِ الْوَظَائِفِ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ فِي الْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ تَارَةً بِالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَتَارَةً بِقَوْلِهِمْ جَرَى لِفُلَانٍ كَذَا وَوَقَعَ لِفُلَانٍ كَذَا وَاتَّفَقَ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ كَذَا ثُمَّ إنَّ بَعْضَهُمْ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِذَلِكَ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَرْضَاهُ عَاقِلٌ عِنْدَ قَبْرِ وَلِيٍّ فَكَيْفَ يُفْعَلُ عِنْدَ الْحُجْرَةِ الْكَرِيمَةِ.

الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ سُوقَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فِي الصِّغَرِ عَلَى مَا قَدْ عُلِمَ وَيُؤْتَى إلَى السُّوقِ بِالْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَجُوزُ مِنْ الْغَنَمِ الَّتِي نُهِبَتْ وَغَيْرِهَا مِنْ السِّلَعِ.

الْوَجْهُ السَّابِعُ: أَنَّهُ قَدْ اشْتَهَرَ وَذَاعَ أَنَّ هُنَاكَ بَعْضَ مَنْ لَهُ اعْتِقَادٌ لَا تَرْضَاهُ الشَّرِيعَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ فَيُخَافُ أَنْ يَصِلَ هَذَا السُّمُّ لِمَنْ قَرُبَ مِنْهُمْ أَوْ خَالَطَهُمْ فَلَوْ قَدَّرْنَا أَنَّهُ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ وَلَدُهُ وَأَهْلُهُ وَأَصْحَابُهُ وَمَعَارِفُهُ وَالْغَالِبُ أَنَّ تَغْيِيرَ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ لِتَعَذُّرِهِ.

الْوَجْهُ الثَّامِنُ: مَا يَفْعَلُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ الْبَوْلِ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. وَقَدْ وَقَعَ لِي لَمَّا أَنْ حَجَجْت كُنْت أُصَلِّي مُبَاشِرًا لِلْأَرْضِ فَقَالَ لِي مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَالْأَمَانَةِ وَالدِّينِ لَا تَفْعَلْ وَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ لَا بُدَّ لَك مِنْ خِرْقَةٍ تُصَلِّي عَلَيْهَا فَسَأَلْته عَنْ مُوجِبِ ذَلِكَ فَقَالَ إنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَبِيتُونَ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ فَيَبُولُونَ فِيهِ بِاللَّيْلِ حَتَّى يَكْثُرَ بِحَيْثُ الْمُنْتَهَى فَيَجِيءَ الْمَطَرُ فَيَنْزِلَ ذَلِكَ كُلُّهُ إلَى الْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ فِي عِمَادِ الدِّينِ وَرَأْسِهِ، وَهِيَ الصَّلَاةُ فَكَيْفَ يُمْكِنُ

ص: 241

الْمَقَامُ مَعَهَا وَقَدْ كُنْت عَزَمْت أَنْ أُجَاوِرَ بِهَا، وَكَانَتْ الْمُجَاوَرَةُ تَيَسَّرَتْ عَلَيَّ فَقَالَ مَا يَحِلُّ لَك أَنْ تُجَاوِرَ فَقُلْت لَهُ وَلِمَ؟ فَقَالَ لِي مَنْ يَنْظُرُ مِنْ أَيْنَ تَدْخُلُ عَلَيْهِ الْمَفْسَدَةُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْكُنَ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ فِيهَا فَقُلْت لَهُ فَلِمَ جَاوَرْت أَنْتَ بِهَا فَقَالَ لِي جَاوَرْت اضْطِرَارًا لَا اخْتِيَارًا وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُجَاوِرَ مُخْتَارًا فَانْظُرْ لِنَفْسِك وَالسَّلَامُ أَوْ كَمَا قَالَ.

فَتَرَكْت الْمُجَاوَرَةَ لِنُصْحِهِ وَشَفَقَتِهِ عَلَى عَادَتِهِ الْجَمِيلَةِ الَّتِي كُنْت أَعْهَدُ مِنْهُ.

ثُمَّ لَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمُجَاوِرَ لَا يُبَاشِرُ شَيْئًا مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ حِينَئِذٍ تَكُونُ الْمُجَاوَرَةُ مُسْتَحَبَّةً فِي حَقِّهِ مَا لَمْ يَخِلَّ بِعِبَادَةٍ أُخْرَى هِيَ أَكْبَرُ مِنْهَا كَالِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ الشَّرِيفِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِيهَا وَكَالْجِهَادِ وَالرِّبَاطِ وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالْقِيَامِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ لِمَنْ يُحِبُّ ذَلِكَ بِالْحُضُورِ مَعَهُ دُونَ إرْسَالِ السَّلَامِ بِالْكِتَابَةِ وَغَيْرِهَا وَالْمَقْصُودُ أَنْ يُقَدِّمَ امْتِثَالَ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ فَيُقَدِّمَ مَا قَدَّمَهُ وَيُؤَخِّرَ مَا أَخَّرَهُ فَالْمُجَاوَرَةُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاتِّبَاعِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ هَذِهِ هِيَ الْمُجَاوَرَةُ.

وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ رحمه الله يَلْهَجُ بِهَذَا الْبَيْتِ كَثِيرًا

وَخَيْرُ أُمُورِ الدِّينِ مَا كَانَ سُنَّةً

وَشَرُّ الْأُمُورِ الْمُحْدَثَاتِ الْبَدَائِعُ

وَقَدْ قَالَ عليه الصلاة والسلام «إنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إلَى صُوَرِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلَى قُلُوبِكُمْ» فَكَمْ مِنْ بَعِيدِ الدَّارِ قَرِيبٌ بِحَيْثُ الْمُنْتَهَى وَكَمْ مِنْ قَرِيبِ الدَّارِ بَعِيدٌ بِحَيْثُ الْمُنْتَهَى.

وَقَدْ كَانَ سَيِّدِي أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله يَقُولُ كَمْ مَنْ هُوَ مَعَنَا وَلَيْسَ هُوَ مَعَنَا وَكَمْ مَنْ هُوَ بَعِيدٌ عَنَّا، وَهُوَ مَعَنَا.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ رحمه الله لَوْ كَانَتْ السَّعَادَةُ بِالْهَيَاكِلِ وَالصُّوَرِ مَا ظَفِرَ بِهَا بِلَالٌ الْحَبَشِيُّ وَحُرِمَهَا أَبُو لَهَبٍ الْقُرَشِيُّ.

وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ

وَكَمْ مِنْ بَعِيدِ الدَّارِ نَالَ مُرَادَهُ

وَكَمْ مِنْ قَرِيبِ الدَّارِ مَاتَ كَئِيبًا

وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ الشَّيْءُ لِمَنْ خُبِّئَ لَهُ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ قُسِمَ لَهُ.

فَالْمُجَاوَرَةُ بِالْعَمَلِ بِسُنَّتِهِ عليه الصلاة والسلام حَيْثُ كَانَ الْمَرْءُ مِنْ الْأَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُجَاوَرَةِ

ص: 242

بِالْأَشْبَاحِ.

وَمِنْ كِتَابِ الْقُوتِ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ كَمْ مِنْ رَجُلٍ بِأَرْضِ خُرَاسَانَ أَقْرَبُ إلَى هَذَا الْبَيْتِ مِمَّنْ يَطُوفُ بِهِ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ لَأَنْ تَكُونَ بِبَلَدِك وَقَلْبُك مُشْتَاقٌ مُتَعَلِّقٌ بِهَذَا الْبَيْتِ خَيْرٌ لَك مِنْ أَنْ تَكُونَ فِيهِ وَأَنْتَ مُتَبَرِّمٌ بِمَقَامِك أَوْ قَلْبُك مُتَعَلِّقٌ إلَى بَلَدٍ غَيْرِهِ.

وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: إنْ كَانَ مِمَّنْ يُرِيدُ السَّفَرَ إلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ مُرَغَّبٌ فِيهِ. فَإِذَا عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ فَيَنْوِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ النِّيَّاتِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الْمَسْجِدِ وَيَنْوِي مَعَ ذَلِكَ نِيَّةَ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ وَيَزِيدُ هُنَا مِنْ النِّيَّاتِ فِيهِ الِامْتِثَالَ لِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ شَدِّهِ الرِّحَالَ إلَى هَذَا الْمَسْجِدِ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ حِينَ خُرُوجِهِ إلَى مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَيَنْوِي الصَّلَاةَ فِيهِ لِمَا وَرَدَ مِنْ التَّرْغِيبِ فِي ذَلِكَ وَلْيَحْذَرْ أَنْ يُشْرِكَ فِي نِيَّتِهِ الرُّجُوعَ إلَى وَطَنِهِ، وَإِنْ كَانَ عِبَادَةً عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ كَانَ وَطَنُهُ فِي طَرِيقِهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَةِ.

فَإِذَا بَلَغَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى فَالسُّنَّةُ فِيهِ كَسُنَّةِ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ أَعْنِي فِي ابْتِدَائِهِ بِالتَّحِيَّةِ بِالصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنَّ تَحِيَّتَهُ بِالطَّوَافِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِيهِ لِلْقَادِمِ إلَيْهِ. ثُمَّ الْآدَابُ الْمَطْلُوبَةُ فِي الْمَسَاجِدِ تَتَأَكَّدُ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَيَسْتَصْحِبُ الْخُشُوعَ وَالْهَيْبَةَ وَإِظْهَارَ الذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ وَتَكُونُ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ.

فَإِذَا فَرَغَ مِنْ تَحِيَّتِهِ أَخَذَ فِي الدُّعَاءِ لَهُ وَلِمَنْ سَبَقَ ذِكْرُهُ. وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذِهِ الْبِدْعَةِ الْمُسْتَهْجَنَةِ، وَهُوَ أَنَّهُمْ يَطُوفُونَ بِالصَّخْرَةِ كَمَا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ. وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُمْ يَتَعَمَّدُونَ الصَّلَاةَ خَلْفَ الصَّلَاةِ حَتَّى يَجْمَعُوا فِي صَلَاتِهِمْ بِنِيَّاتِهِمْ بَيْنَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَتَيْنِ الْكَعْبَةِ وَالصَّخْرَةِ وَاسْتِقْبَالُ الصَّخْرَةِ مَنْسُوخٌ بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ فَمَنْ نَوَى ذَلِكَ فَهُوَ بِدْعَةٌ، بَلْ يَنْوِي اسْتِقْبَالَ الْكَعْبَةِ فَقَطْ دُونَ أَنْ يَخْلِطَ مَعَهَا مَا ذُكِرَ.

وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَهُوَ أَنَّهُمْ يَأْتُونَ إلَى مَوْضِعٍ هُنَاكَ يُسَمُّونَهُ سُرَّةَ الدُّنْيَا فَمَنْ لَمْ يَكْشِفْ عَنْ سُرَّتِهِ وَيَضَعْهَا عَلَيْهِ وَإِلَّا وَقَعَ فِي زِيَارَتِهِ الْخَلَلُ عَلَى زَعْمِهِمْ فَأَدَّى ذَلِكَ إلَى فِعْلٍ

ص: 243

مُحَرَّمٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَشْفُ أَبْدَانِ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ لِوَضْعِهَا عَلَيْهِ.

وَالْبِدَعُ الَّتِي تُعْمَلُ هُنَاكَ كَثِيرَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى بَعْضِهَا.

ثُمَّ إذَا فَرَغَ مِنْ زِيَارَةِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَالصَّلَاةِ فِيهِ وَالدُّعَاءِ فَيُقَوِّي رَجَاءَهُ فِي فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِحْسَانِهِ بِأَنْ يُنْجِزَ لَهُ مَا وَعَدَهُ عَلَى لِسَانِ الصَّادِقِ عليه الصلاة والسلام. لِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُد - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ عز وجل خِلَالًا ثَلَاثًا سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ فَأُوتِيَهُ وَسَأَلَ اللَّهَ عز وجل مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَأُوتِيَهُ وَسَأَلَ اللَّهَ عز وجل حِينَ فَرَاغِهِ مِنْ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَنْ لَا يَأْتِيَهُ أَحَدٌ لَا يَنْهَزُهُ إلَّا الصَّلَاةُ فِيهِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» فَعَلَى هَذَا فَمَنْ خَرَجَ إلَيْهِ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ فِيهِ لَيْسَ إلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.

وَقَدْ خَرَجَ إلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَلَمَّا أَنْ وَصَلَ إلَيْهِ صَلَّى فِيهِ وَرَجَعَ إلَى مَوْضِعِهِ. وَيَنْبَغِي لَهُ حِينَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَنْ يَنْوِيَ السَّفَرَ إلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَزِيَارَةِ الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ أَنَّهُ يَنْوِي زِيَارَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ ثَمَّ مَوْضِعُ نَبِيٍّ مَقْطُوعٌ بِهِ بَعْدَ مَوْضِعِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم إلَّا مَوْضِعَ الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام أَعْنِي مَا دَارَ بِهِ الْبِنَاءُ فَإِنَّهُ مُحَقَّقٌ أَنَّهُ فِي دَاخِلِهِ.

وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ سُلَيْمَانَ عليه الصلاة والسلام قِيلَ لَهُ فِي نَوْمِهِ ابْنِ عَلَى قَبْرِ خَلِيلِي بِنَاءً يُعْرَفُ بِهِ فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحَ نَظَرَ فَلَمْ يَعْرِفْ الْمَكَانَ الَّذِي قِيلَ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قِيلَ لَهُ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلُهُ ثُمَّ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ فَقَالَ: يَا رَبِّ

ص: 244

لَا أَعْرِفُ الْمَوْضِعَ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَقِيلَ لَهُ إذَا خَرَجْت فَانْظُرْ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَصْعَدُ مِنْهُ النُّورُ إلَى السَّمَاءِ فَابْنِ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحَ نَظَرَ فَإِذَا هُوَ بِالنُّورِ الَّذِي قِيلَ لَهُ عَنْهُ قَدْ ظَهَرَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَعَلَّمَ عَلَيْهِ وَبَنَتْهُ الْجَانُّ لَهُ وَلِأَجْلِ هَذَا تَرَى كُلَّ حَجَرٍ مِنْ تِلْكَ الْحِجَارَةِ قَلَّ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى حَمْلِهِ عَشْرَةٌ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ أَكْثَرُ فَلَمَّا أَنْ فَرَغَ مِنْ بِنَائِهِ اسْتَوَى عَلَى سَرِيرِهِ وَصَعِدَتْ بِهِ الرِّيحُ إلَى أَنْ خَرَجَ مِنْ فَوْقِهِ فَلَمْ يَعْمَلْ لَهُ بَابًا يَدْخُلُ إلَيْهِ مِنْهُ وَلَا يَخْرُجُ وَكَانَ النَّاسُ إذَا أَتَوْا إلَى زِيَارَةِ الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام يَزُورُونَهُ مِنْ خَارِجِ الْبِنَاءِ وَبَقِيَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ إلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَفَتَحَ الْمُسْلِمُونَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَغَيْرَهُ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ وَبَقِيَ الْأَمْرُ فِي الزِّيَارَةِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ إلَى أَنْ تَغَلَّبَ الْفِرِنْجُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَخَذُوهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَبَقِيَ فِي أَيْدِيهِمْ إلَى تَمَامِ خَمْسِمِائَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَثَمَانِينَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو شَامَةَ فِي كِتَابِ الرَّوْضَتَيْنِ فَعَمَدَ الْكُفَّارُ لَمَّا أَنْ كَانَ بِأَيْدِيهِمْ إلَى فَتْحِ بَابٍ فِي ذَلِكَ الْبِنَاءِ وَجَعَلُوهُ كَنِيسَةً وَصَوَّرُوا فِي دَاخِلِ الْبِنَاءِ قُبُورًا فَيَقُولُونَ هَذَا قَبْرُ الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام هَذَا قَبْرُ إِسْحَاقَ عليه السلام هَذَا قَبْرُ يَعْقُوبَ عليه السلام هَذَا قَبْرُ يُوسُفَ عليه السلام هَذَا قَبْرُ سَارَةَ ثُمَّ أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَيْدِيهِمْ فِي التَّارِيخِ الْمُتَقَدِّمِ الذِّكْرُ فَتَرَكُوا الْبَابَ عَلَى حَالِهِ مَفْتُوحًا وَاِتَّخَذُوهُ جَامِعًا وَبَقِيَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ إلَى الْآنَ.

فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا لِمَنْ أَتَى إلَى زِيَارَةِ الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام أَنْ يَزُورَهُ مِنْ خَارِجِ الْبِنَاءِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْحَالُ أَوَّلًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَزُورَ مِنْ دَاخِلِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ خَطَرٌ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَبْرُ الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام عِنْدَ الْبَابِ أَوْ مَا قَابَلَهُ أَوْ مَا بَيْنَ ذَلِكَ فَيَدُوسَ عَلَيْهِ حِينَ مَشْيِهِ وَاحْتِرَامُهُ وَاجِبٌ مُتَعَيَّنٌ فَلَا يَزُورُ إلَّا مِنْ خَارِجِهِ كَمَا سَبَقَ، وَإِنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ هُنَاكَ فَلْيُصَلِّ خَارِجَهُ وَيَبْسُطْ شَيْئًا يُصَلِّي عَلَيْهِ إذْ أَنَّ خَارِجَهُ مَوْضِعُ الْأَقْدَامِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا الْخَطَرُ فِي نَفْسِ الدُّخُولِ إلَيْهِ فَمَا بَالُك بِمَا يَفْعَلُونَهُ

ص: 245

فِيهِ الْيَوْمَ مِنْ الْغِنَاءِ وَالرَّقْصِ فِي كُلِّ يَوْمٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَإِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ

وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَقُولُهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الْعَدَسِ الَّذِي يُفَرِّقُونَهُ فِيهِ هَذِهِ ضِيَافَةُ الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام فَيُفْرِدُونَهُ بِالذِّكْرِ فَقَدْ يُوهِمُ ذَلِكَ أَنَّ ضِيَافَتَهُ عليه الصلاة والسلام كَانَتْ بِالْعَدَسِ لَيْسَ إلَّا وَكَانَتْ ضِيَافَتُهُ عليه السلام بِذَبْحِ الْبَقَرِ، وَهَذَا لَفْظٌ يَنْبَغِي أَنْ يُنْهَى عَنْهُ قَائِلُهُ وَقَدْ شَاعَ هَذَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ الْبِلَادِ تَسْمَعُهُمْ يُنَادُونَ عَلَى الْعَدَسِ الْمَطْبُوخِ فِي الْأَسْوَاقِ عَدَسُ الْخَلِيلِ عَدَسُ الْخَلِيلِ قَالَ اللَّهُ عز وجل فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} [الذاريات: 26] ، وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْصَحَ إخْوَانَهُ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْبَلُ مِنْهُ نَصِيحَتَهُ وَإِلَّا فَلْيَعْتَزِلْهُمْ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ بِخَاصَّةِ نَفْسِهِ.

وَلْيَحْذَرْ أَنْ يُصْغِيَ أَوْ يَنْظُرَ أَوْ يَرْضَى بِمَا يُفْعَلُ هُنَاكَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ الضَّرْبِ بِالطَّبْلِ وَالْأَبْوَاقِ وَالْمَزَامِيرِ وَيَرْقُصُ بَعْضُ النَّاسِ هُنَاكَ عِنْدَ ضَرْبِهِمْ بِهَا وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ بِنَوْبَةِ الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام، وَهَذَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَمُنْكَرٌ ظَاهِرٌ تَتَعَيَّنُ إزَالَتُهُ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِشَرْطِهِ وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلَا يَحْضُرُهُ لِئَلَّا يُشَارِكَهُمْ فِي إثْمِ مَا ارْتَكَبُوهُ وَيَذْهَبُ عَنْهُ التَّغْيِيرُ بِالْقَلْبِ، وَهُوَ أَدْنَى مَرَاتِبِ الْإِنْكَارِ. وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَ غَيْرَهُ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْتَمِعُ نَصِيحَتَهُ أَوْ يَرْجُو ذَلِكَ مِنْهُ مِنْ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِهِ.

وَأَشْنَعُ مِنْ ضَرْبِهِمْ بِالطَّبْلِ وَتَصْوِيتِهِمْ بِالْمَزَامِيرِ وَالْأَبْوَاقِ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إلَى رَبِّهِمْ عز وجل فَإِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ. كَانَ النَّاسُ يَتَقَرَّبُونَ بِالْحَسَنَاتِ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ وَجِلُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ فَانْعَكَسَ الْحَالُ وَصَارُوا يَتَقَرَّبُونَ بِالسَّيِّئَاتِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا حَسَنَاتٌ مُتَقَبَّلَةٌ مِنْهُمْ فَإِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَالْبِدَعُ الَّتِي تُفْعَلُ فِيهِ وَفِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى قَلَّ أَنْ تُحْصَرَ وَفِي التَّلْوِيحِ مَا يُغْنِي عَنْ التَّصْرِيحِ فَاللَّبِيبُ الْعَاقِلُ مَنْ أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَأَنْقَذَ مُهْجَتَهُ مِنْ غَمَرَاتِ الْعَوَائِدِ الْمَذْمُومَةِ وَأَقْبَلَ عَلَى مَا يَعْنِيهِ وَمَا يَنْفَعُهُ لِيَوْمِ مَعَادِهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ زِيَارَةِ الْخَلِيلِ عليه السلام فَلَا يُخَلِّي نَفْسَهُ مِنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ الَّتِي هُنَاكَ

ص: 246

مَنْسُوبَةٌ إلَى الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَكَذَلِكَ قُبُورُ الْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالشُّهَدَاءِ وَالصُّلَحَاءِ الَّذِينَ فِي طَرِيقِهِ إنْ تَيَسَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ حَقًّا فَقَدْ حَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ الْجَزِيلُ وَالْبَرَكَاتُ الْعَظِيمَةُ وَيُقَوِّي الرَّجَاءَ فِي إجَابَةِ دُعَائِهِ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ فَقَدْ حَصَلَ لَهُ مَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ نِيَّتُهُ الْجَمِيلَةُ.

وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُقِيمَ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لِفَضِيلَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ إنْ سَلِمَ مِمَّا يَعْتَوِرُهُ فِيهِ وَعَجَزَ عَنْ الْإِنْكَارِ كَمَا تَقَدَّمَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَوْرَةَ أَهْلِهِ فَالسَّفَرُ إلَيْهِمْ إذَنْ مُتَعَيَّنٌ فَيَنْوِي بِالرُّجُوعِ إلَيْهِمْ مَا تَقَدَّمَ وَصْفُهُ فِي رُجُوعِ الْعَالِمِ إلَى بَيْتِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ إذَا صَلَّى فِيهِ فَكَذَلِكَ هُنَا لَكِنَّ اسْتِحْضَارَهُ تِلْكَ النِّيَّاتِ آكَدُ لِأَجْلِ طُولِ غَيْبَتِهِ وَتَعَلُّقِ خَوَاطِرِ الْأَهْلِ بِمَا يَتَوَقَّعُونَ مِنْ غَرَرِ الطَّرِيقِ وَالْحَوَادِثِ الَّتِي تَحْدُثُ لَهُ، وَكَذَلِكَ هُوَ؛ لِأَنَّهُمْ رَعِيَّتُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ خَلَفَ عَلَيْهِمْ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ لِقَضَاءِ ضَرُورَاتِهِمْ وَحَوَائِجِهِمْ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَتَغَيَّرَ الْأَحْوَالُ وَلَيْسَ حُضُورُهُ كَغَيْبَتِهِ، وَإِذَا كَانَ سَفَرُهُ إلَيْهِمْ بِهَذِهِ النِّيَّةِ كَانَ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا بِحَسَبِ الْحَالِ.

الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقْصِدَ الرُّجُوعَ إلَى وَطَنِهِ فَيَنْوِيَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ مَعَهُ هَدِيَّةً لِيُدْخِلَ بِهَا السُّرُورَ عَلَى أَهْلِهِ وَإِخْوَانِهِ وَمَعَارِفِهِ إنْ تَيَسَّرَتْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّفَهَا، وَهِيَ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ يَفْعَلُ حِينَ قُدُومِهِ إلَى وَطَنِهِ تِلْكَ الْآدَابَ الْمُتَقَدِّمَةَ.

وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُمْ إذَا جَاءُوا مِنْ سَفَرِ الْحَجِّ جَاءَ بَعْضُ السُّفَهَاءِ فَيَضْرِبُونَ عِنْدَ بَابِهِ بِالطَّارِّ الْمُصَرْصِرِ وَالطَّبْلِ وَالْأَبْوَاقِ وَالْمَزَامِيرِ الْمُحَرَّمَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ.

ثُمَّ يَأْخُذُ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مِنْ تَحْصِيلِ عِلْمٍ وَعِبَادَةٍ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يُجَانِسُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ تَحْصِيلِ الْحَسَنَاتِ إنَّمَا هُوَ ارْتِكَابُ السَّيِّئَاتِ، وَهُوَ الْآنَ قَدْ عُرِّيَ عَنْهَا فَهُوَ قَابِلٌ لِتَحْصِيلِ الْحَسَنَاتِ إذْ هِيَ خَفِيفَةٌ عَلَيْهِ وَثَقُلَتْ عَلَيْهِ السَّيِّئَاتُ فَيَسْتَصْحِبُ هَذَا الْحَالَ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ فَإِنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى مَنْ تُقُبِّلَ حَجُّهُ وَيَسْتَعْمِلُ الْجَدَّ

ص: 247