المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في تاجر البز وما أشبهه] - المدخل لابن الحاج - جـ ٤

[ابن الحاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْفِلَاحَةِ]

- ‌[طَلَبُ الْحَلَالِ فَرِيضَةٌ بَعْدَ فَرِيضَةِ الْإِيمَانِ وَالصَّلَاةِ]

- ‌[إجَارَةِ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغِرَاسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِنَاعَةِ الْقَزَازَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِصَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِنَاعَةِ الْخِيَاطَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَاجِرِ الْبَزِّ وَمَا أَشْبَهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ التَّاجِرِ الَّذِي يَتَّجِرُ مِنْ إقْلِيمٍ إلَى إقْلِيمٍ]

- ‌[فَصْلٌ تاجر البز يُوَسِّع عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[تاجر البز لَا يُشَارِكَ غَيْرَهُ فِي الزَّادِ وَالنَّفَقَةِ وَالْمَرْكُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى تاجر البز أَنْ يُظْهِرَ لِصَاحِبِ الدَّابَّة مَا يَحْمِلُهُ عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ غُدْوَةَ النَّهَارِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا عَزَمَ تاجر البز عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّعَوُّذِ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لتاجر البز أَنْ يَتَصَدَّقَ حِينَ خُرُوجِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لتاجر البز أَنْ يُكْثِرَ السَّيْرَ فِي اللَّيْل]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لتاجر البز أَنْ يَمْتَثِلَ السُّنَّةَ فِي الذِّكْرِ الْوَارِدِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لتاجر البز أَنْ لَا يَسْلُكَ بُنَبَّاتِ الطُّرُقِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَسْتَصْحِبَ التاجر الْمُسَافِر جَرَسًا وَلَا كَلْبًا]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى التاجر الْمُسَافِر أَنْ يَحْذَرَ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا دَخَلَ التاجر الْمُسَافِر بَلَدًا أَوْ قَابَلَهَا أَوْ نَزَلَ مَنْزِلًا]

- ‌[فَصْلٌ جَاءَ التاجر الْمُسَافِر إلَى حَلِّ الرَّحْلِ أَوْ إلَى شَدِّهِ عَلَى الراحلة]

- ‌[فَصْلٌ إذَا جَنَّ اللَّيْلُ عَلَى التاجر الْمُسَافِر]

- ‌[فَصْلٌ إذَا اسْتَصْعَبَتْ دَابَّةُ التاجر الْمُسَافِر عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِحْبَابُ الْحِدَاءُ فِي السَّفَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِكْثَار مِنْ الدُّعَاءِ فِي السَّفَرِ]

- ‌[صَلَاة النَّافِلَة عَلَى الراحلة فِي السَّفَر]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَرْكَبَ الْبَحْرَ فِي الْفَصْلِ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُسَافِرَ إلَى بِلَادِ الْكُفَّارِ]

- ‌[فَصْلٌ زِيَارَةَ التاجر لِلْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ التاجر إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ أَنْ يَنْوِيَ السِّيَاحَةَ فِي أَرْضِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[فَصْلٌ أَنْ يَنْوِيَ فِي سَفَرِهِ الْخَلْوَةَ عَنْ النَّاسِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إذَا اشْتَرَى بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ أَنْ لَا يُنْقِصَ الْبَائِعَ مِنْهُ شَيْئًا]

- ‌[فَصْلٌ صِفَةِ السُّوقِ الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ الْبَزُّ]

- ‌[فَصْلٌ كَثْرَةِ الْأَيْمَانِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التاجر تَكُونَ السِّلَعُ فِي الْخَيْشِ فَيَشْتَرِيَهَا بِخَيْشِهَا]

- ‌[فَصْلٌ التاجر إذَا أَعْجَبَتْهُ السِّلْعَةُ أَوْ وَقَعَ لَهُ فِيهَا غَرَضٌ]

- ‌[فَصْلٌ قُعُود التاجر فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَيُقَلِّبُ السِّلَعَ عَلَى مَنْ يُرِيد شرائها]

- ‌[فَصْلٌ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُؤْخَذُ فِيهَا الظُّلْمُ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا زَكَاةٌ]

- ‌[فَصْلٌ جَعَلَ الْفُلْفُلَ الَّذِي يُرِيدُونَ بَيْعَهُ فِي مَوْضِعٍ نَدِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ جَمَعَ مَعَ الْكِرَاءِ مَا يُلْزِمُونَهُ مِنْ الْبَاطِلِ]

- ‌[فَصَلِّ الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُكْثِرَ مِنْ الْجُلُوسِ فِي السُّوقِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا رجع الْمُسَافِر إلَى بَلَدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعَطَّارُ مِنْ تَحْسِينِ النِّيَّةِ وَالْآدَابِ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعِ شَيْءٍ مِمَّا عِنْدَهُ دُونَ وَزْنٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَفَاسِدُ الَّتِي تَعْتَوِرُ الْعَطَّارَ]

- ‌[فَصْلٌ السَّمَاسِرَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الْوَرَّاقِ وَكَيْفِيَّتِهَا وَتَحْسِينِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ النَّاسِخِ وَكَيْفِيَّتِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الصَّانِعِ الَّذِي يُجَلِّدُ الْمَصَاحِفَ وَالْكُتُبَ وَغَيْرَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الْأَبْزَارِيِّ وَمُحَاوَلَتِهَا وَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الزَّيَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ شِرَاءِ الْخُلُولِ الَّتِي عُصِرَتْ أَوَّلًا بِنِيَّةِ الْخَمْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ نِيَّةِ الْخُضَرِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْقُلْقَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّيَّة لِجُلُوسِهِ فِي الدُكَّانِ التَّيْسِيرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُزَيِّنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُعَالَجَةِ الطَّبِيبِ وَالْكَحَّالِ الْكَافِرَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَأْخُذَ مِنْ الْأَطِبَّاءِ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاشْتِغَالِ بِطِبِّ الْأَبَدَانِ وَتَكْحِيلُ الْعُيُونِ وَمَعْرِفَةُ الْحِسَابِ]

- ‌[فَصْلٌ طِبُّ الْأَبَدَانِ وَالرُّقَى الْوَارِدَةُ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِوَجَعِ الْأَسْنَانِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلدَّوْخَةِ الَّتِي فِي الرَّأْسِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلْحَصْبَةِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِضَعْفِ الْبَصَرِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِنُزُولِ الدَّمِ وَالْقُولَنْجِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلشَّعْرِ الَّذِي يَخْرُجُ فِي الْعَيْنِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِضَعْفِ الْمَعِدَةِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلنَّزْلَةِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِقَطْعِ الدَّمِ إذَا جَرَى عَقِيبَ السِّقْطِ كَثِيرًا]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِوَجَعِ الظَّهْرِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلْحَرَارَةِ الَّتِي تَكُونُ تَحْتَ الْقَدَمِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِسَلَسِ الرِّيحِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلشِّدَّةِ إذَا وَقَعَتْ بِالْإِنْسَانِ أَوْ تَوَقَّعَهَا]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِوَجَعِ الْيَدَيْنِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِبُرُودَةِ الْمَعِدَةِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلْمَغَصِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ يُفْعَلُ لِعُسْرِ النِّفَاسِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلثِّقَلِ]

- ‌[صِفَةُ دَوَاءٍ لِلْبُرُودَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الدِّمَاغِ]

- ‌[النَّشْرَةُ الَّتِي يَعْمَلُهَا الْمُعَزِّمُونَ]

- ‌[التَّدَاوِي بِالْيَسِيرِ مِنْ الْخَمْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّبِيبِ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَقْعُدَ مَعَ الطَّبِيبِ غَيْرُهُ مِمَّنْ يُظَنُّ الْمَرِيضَ لَا يُرِيدُ مجالسته]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى الطَّبِيبِ حِينَ جُلُوسِهِ عِنْدَ الْمَرِيضِ أَنْ يَتَأَنَّى عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لِلطَّبِيبِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِحَالِ الْمَرِيضِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الطَّبِيبُ إذَا تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ عَافِيَةُ الْمَرِيضِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى الطَّبِيبِ النَّظَرُ فِي الْقَارُورَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الأشتغال بِعِلْمِ الطِّبّ]

- ‌[عَلَى الطَّبِيبِ أَنْ يَتْرُكَ مَا اعْتَادَهُ بَعْضُ مَنْ انْغَمَسَ فِي الْجَهْلِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى الْمَرِيضِ أَوْ وَلِيِّهِ امْتِثَالُ السُّنَّةِ فِي الصَّدَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ آكُدُ الْأُمُورِ عَلَى الْمَرِيضِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهِيَ الْوَصِيَّةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الشَّرَابِ الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ الْمَرِيضُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إذَا قَدُمَ الشَّرَابُ عِنْدَهُ أَنْ لَا يَبِيعَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بائع الْأَشْرِبَة]

- ‌[فَصْلٌ السُّنَّةَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[فَصْلٌ غِشّ الشَّرَابِيّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مَا يُفْعَلُ فِي الْمَطَابِخِ]

- ‌[فَصْلٌ الْخَابِيَةُ الَّتِي يُطْبَخُ فِيهَا السُّكَّرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّرْنِيق]

- ‌[فَصْلٌ قَطْرُ النَّبَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الطَّاحُونِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ مشى الصناع حفاة عَلَى بَوْل الخيل]

- ‌[فَصْلٌ الرِّفْقَ بِالدَّابَّةِ الَّتِي يَطْحَنُ عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ وَزَنَ طَحِينَ إنْسَانٍ فَنَقَصَ مِنْهُ شَيْءٌ عَنْ وَزْنِهِ الْأَوَّلِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَتَعَيَّنُ عَلَى بَائِعِ الدَّقِيقِ إذَا اشْتَرَى قَمْحًا قَدِيمًا]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَشْتَرِيَ الْمُسْلِمُ الدَّقِيقَ مِنْ طَوَاحِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى صَاحِبِ الطَّاحُونِ أَنْ يَتَحَفَّظَ مِنْ تَبْدِيدِ الْقَمْحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْفَرَّانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّقِيقَ الَّذِي يَتَبَدَّدُ عَلَى الْمَسْطَبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْخَبَّازِ الَّذِي يَعْمَلُ الْخُبْزَ لِلسُّوقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَعْجِنُونَ الْعَجِينَ بِمَاءِ الْآبَارِ الْمَالِحَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَاءِ الَّذِي يَغْسِلُ الصُّنَّاعُ فِيهِ أَيْدِيَهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَاءِ الَّذِي يَغْسِلُ الصُّنَّاعُ فِيهِ أَيْدِيَهُمْ مِنْ أَثَرِ الْعَجِينِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ السَّقَّاءِ]

- ‌[فَصْلٌ السَّقَّاءِ إذَا دَخَلَ الْبَيْتَ لِسَكْبِ الْمَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَسْكُبَ السقاء فِي بَيْتٍ فِيهِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الْوُقُوفَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْقَصَّابِ]

- ‌[فَرَائِضُ الذَّكَاة]

- ‌[سُنَنُ الذَّكَاة]

- ‌[فَضَائِلُ الذَّكَاة]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَطْبُخَ اللَّحْمَ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ السُّوقِ إلَّا بَعْدَ غَسْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ اشْتَرَى الْبُطُونُ أَنْ يَغْسِلَهَا قَبْلَ طَبْخِهَا]

- ‌[فَصْلٌ خلط الجزار لحما طريا بلحم بائت ويبيعه عَلَيَّ أَنَّهُ طريا]

- ‌[فَصْلٌ الذَّبْحِ فِي مَوَاسِمِ النَّصَارَى]

- ‌[فَصْلٌ الذَّبْح لِغَيْرِ الْقِبْلَة]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ يَتَوَلَّى الذَّبْحَ أَنْ يَكُونَ مُتَحَفِّظًا عَلَى صَلَوَاتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الشَّرَائِحِيِّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَرْكُ الْقُدُورِ أَوْ بَعْضِهَا مَكْشُوفَةً بِأَثَرِ الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الطَّبَّاخِ الَّذِي يَبِيعُ فِي السُّوقِ]

- ‌[فَصْلٌ الطَّبْخُ فِي قُدُورِ الْبِرَامِ الْمَشْعُوبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شِرَاء مرقة الطَّعَام وزنا]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ اللَّبَّانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ صَبْغِ الزُّبْدِ وَالسَّمْنِ حَتَّى يَبْقَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ تَغْطِيَةَ أَوَانِي اللَّبَنِ]

- ‌[فَصْلٌ الصِّحَافِ الَّتِي يُجْعَلُ فِيهَا اللَّبَنُ لِلْمُشْتَرِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْبَنَّاءِ]

- ‌[فَصْلٌ النَّصِيحَةِ فِي الْبُنْيَانِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى الصَّانِعِ وَمَنْ يَكُونُ مَعَهُ التَّحَفُّظُ عَلَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّائِغِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الصَّيْرَفِيِّ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بَعْضِ مَا يَعْتَوِرُ الْحَاجَّ فِي حَجِّهِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ التَّحْذِيرُ مِنْهُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطَ وُجُوبِ الْحَجِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَعْرِفَةُ مَا يَلْزَمُهُ فِي حَجِّهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَبَعْدَهُ]

- ‌[فَصْلٌ سُنَن الْحَجّ الْمُوجِبَاتُ لِلدَّمِ]

- ‌[فَصْلٌ فَضَائِلُ الْحَجُّ]

- ‌[فَصْلٌ خصائص الحرم]

- ‌[فَصْلٌ الحرمات خَمْس]

- ‌[فَصْلٌ اغْتِسَالَاتُ الْحَجِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ يَمْنَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ شَيْئًا]

- ‌[فَصْلٌ الطَّوَافُ فِي الْحَجِّ]

- ‌[فَصْلٌ رَمَى الْجِمَارُ]

- ‌[فَصْلٌ الْهَدْيُ فِي الْحَجّ]

- ‌[فَصْلٌ جَزَاءُ الْمُحْرِمِ إذَا قَتْلَ صَيْدًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّمَتُّعُ بالعمرة إلَى الْحَجِّ يُوجِبُ الْهَدْيَ بِأَرْبَعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ رفع الصوت بالتلبية]

- ‌[فَصْلٌ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ وَتَرَك الْمُحَامِل والجحف مسورة عَلَى حالها]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَفْعَلهُ الْحَاجّ إذَا وَصَلَ إلَى مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ تقبيل الْحَجَر الْأَسْوَد]

- ‌[فَصْلٌ الطَّوَاف مِنْ داخل الْحَجَر]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَفْعَل بَعْد الدَّفْعَ مِنْ عَرَفَةَ]

- ‌[فَصْلٌ إحْيَاء لَيْلَة الْعِيد لِلْحَاجِّ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاة الصُّبْح بالمزدلفة]

- ‌[فَصَلِّ طَوَاف الْإِفَاضَة فِي يَوْم النَّحْر]

- ‌[فَصْلٌ زِيَارَة النَّبِيّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ]

- ‌[فُصُولٌ مُتَفَرِّقَةٌ جَامِعَةٌ لَمَعَانٍ شَتَّى]

- ‌[النِّيَّةُ النَّافِعَةُ]

- ‌[فَصْلٌ وُجُوب تَقْدِيم الْعِلْم عَلَى الْعَمَل]

- ‌[عَرْضِ الرُّؤْيَا عَلَى الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ تَرْبِيَة الْأَوْلَادِ وَحُسْن سِيَاسَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ كَيْف يُحَاوِلُ الْمُكَلَّفُ التَّكَسُّب]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ أَنْتُمْ فِي زَمَانٍ مَنْ تَرَكَ عُشْرَ مَا أُمِرَ بِهِ هَلَكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ النَّهْي عَنْ مُخَالَفَةَ السَّنَة خشية كَلَام النَّاس]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ النَّظَرُ إلَى الْمُسْلِمِينَ بِعَيْنِ التَّعْظِيمِ وَالِاحْتِرَامِ]

- ‌[خَاتِمَة أَسْبَابُ تَأْلِيفِ هَذَا الْكِتَابِ]

الفصل: ‌[فصل في تاجر البز وما أشبهه]

وَالِامْتِثَالِ لِأَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

فَمَنْ كَانَ عَاقِلًا فَلْيَنْتَبِهْ وَمَنْ كَانَ مُنْتَبِهًا فَلْيَحْرِصْ وَلْيَزِدْ فِي الْمُبَادَرَةِ وَالِاسْتِبَاقِ إلَى الْخَيْرَاتِ فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَامَةُ النُّجْحِ وَالصِّدْقِ فِي الْعِبَادَةِ.

اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا ذَلِكَ بِمَنِّك وَكَرَمِك إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ صلى الله عليه وسلم.

[فَصْلٌ فِي تَاجِرِ الْبَزِّ وَمَا أَشْبَهَهُ]

ُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الرِّزْقَ لَا يَسُوقُهُ حِرْصُ حَرِيصٍ وَلَا يُجْلَبُ بِالْحِيَلِ وَالتَّدْبِيرِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ الْمَالُ لَدَيْهِ كَثِيرٌ وَعَكْسُهُ مِمَّنْ يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ بِسَبَبِ حَذْقِهِ وَنَبَاهَتِهِ فَقِيرٌ لَا شَيْءَ لَهُ، وَكَذَلِكَ تَجِدُ بَعْضَ مَنْ لَا يُحْسِنُ صَنْعَةً لَدَيْهِ الرِّزْقُ كَثِيرٌ وَبَعْضُ مَنْ يُحْسِنُ صَنَائِعَ جُمْلَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى قُوتِ يَوْمِهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ وَتَعَبٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ وَهِيَ كَثِيرَةٌ.

وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى التَّاجِرِ أَنْ يَجْلِسَ بِنِيَّةِ التَّيْسِيرِ عَلَى إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ وَإِعَانَتِهِ لَهُمْ بِمَا يُحَصِّلُهُ فِي دُكَّانِهِ مِنْ السِّلَعِ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْ هُوَ مُضْطَرٌّ أَوْ مُحْتَاجٌ فَيَجِدَ حَاجَتَهُ مُتَيَسِّرَةً دُونَ تَعَبٍ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَحْتَاجُ إلَى عَشْرَةِ أَذْرُعٍ مَثَلًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ، فَلَوْ كُلِّفَ هَذَا أَنْ يَشْتَرِيَ سوسية أَوْ مَقْطَعًا عَلَى الْكَمَالِ حَتَّى يَأْخُذَ حَاجَتَهُ مِنْهُ لَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَصَعُبَ فَإِذَنْ قَدْ تَعَيَّنَ أَنَّ مَا يُحَاوِلُهُ فِي دُكَّانِهِ مِنْ بَابِ التَّيْسِيرِ عَلَى إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» ثُمَّ يُضِيفُ إلَى هَذِهِ النِّيَّةِ نِيَّةَ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ وَنُصْحَ مَنْ يُبَاشِرُهُ مِنْ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يُعَامِلُهُمْ بِهِ وَيَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي رِزْقِهِ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَهُ وُجُودُ الدُّكَّانِ وَعَدَمُهُ بِالسَّوَاءِ بِسَبَبِ النَّظَرِ إلَى الرِّزْقِ الْمَقْسُومِ الْمُقَدَّرِ.

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ التُّجَّارِ وَالصُّنَّاعِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ وَمِمَّنْ سَيَأْتِي فَنِيَّةُ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ مَأْمُورُونَ بِهَا لِكَيْ يَعْظُمَ ثَوَابُهُمْ وَيَكْثُرَ خَيْرُهُمْ وَتَعُمَّهُمْ الْبَرَكَةُ فِيمَا يُحَاوِلُونَهُ مِنْ أُمُورِهِمْ وَتَقَعَ لَهُمْ الْإِعَانَةُ بِسَبَبِ

ص: 27

مَا اسْتَصْحَبُوهُ مِنْ ذَلِكَ فِي تَصَرُّفِهِمْ كُلِّهِ.

وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا دَخَلَ الْمُشْتَرِي السُّوقَ أَوْ مَرَّ عَلَى دُكَّانِهِ أَنْ لَا يَطْلُبَهُ وَلَا يُشِيرَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الِاسْتِشْرَافِ وَهُوَ مُذْهِبٌ لِلْبَرَكَةِ بَلْ يَتَنَزَّهُ عَنْ ذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ إذَا رَأَى أَحَدًا يَشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَرْصُدُهُ لَعَلَّ أَنْ يَقَعَ بَيْنَهُمَا اتِّفَاقٌ فَيَبِيعُهُ هُوَ بَلْ يَصْبِرُ حَتَّى يَقِفَ الْمُشْتَرِي عَلَى دُكَّانِهِ وَيَسْأَلُهُ حِينَئِذٍ فَإِذَا طَلَبَ مِنْهُ شَيْئًا مِمَّا هُوَ فِي دُكَّانِهِ أَخْرَجَهُ لَهُ دُونَ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَوْ يُشِيرَ بِشَيْءٍ مِمَّا يَمْدَحُ بِهِ سِلْعَتَهُ أَوْ يُزَيِّنُهَا لَهُ.

وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ رضي الله عنهم أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ جَاءَ لِيَطْلُبَ مِنْهُ خِرْقَةً لِيَشْتَرِيَهَا فَأَمَرَ الْعَبْدَ بِأَنْ يُخْرِجَهَا لَهُ فَأَخْرَجَهَا الْعَبْدُ وَضَرَبَ عَلَيْهَا بِيَدِهِ؛ فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: رُدَّهَا فَرَدَّهَا، وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي: لَا أَبِيعُك شَيْئًا، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ الْعَبْدَ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَيْهَا حِينَ أَخْرَجَهَا لَك وَذَلِكَ تَحْسِينٌ لَهَا فِي عَيْنِك فَلَا أَبِيعُك شَيْئًا أَوْ كَمَا قَالَ.

فَهَكَذَا كَانَ فِعْلُ السَّلَفِ فِي تَصَرُّفِهِمْ فَعَلَى مِنْوَالِهِمْ فَانْسِجْ إنْ كُنْت مُحِبًّا لَهُمْ وَإِلَّا فَلَا تَدَّعِ مَا لَيْسَ فِيك فَإِذَا كَانَتْ الضَّرْبَةُ عَلَى الْخِرْقَةِ مِمَّا يُزَيِّنُهَا عِنْدَهُمْ فَمَا بَالُك بِغَيْرِهَا وَغَيْرِهَا.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدُّكَّانُ فِي مَوْضِعٍ كَثِيرِ الضَّوْءِ وَحَتَّى يَتَبَيَّنَ لِلْمُشْتَرِي أَمْرُ الْخِرْقَةِ وَمَا هِيَ عَلَيْهِ بِنَظَرِهِ لَا بِقَوْلِ غَيْرِهِ وَذَلِكَ بِضِدِّ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَتَجِدُ مَوَاضِعَ الْبَزِّ غَالِبًا قَدْ سَتَرُوهَا حَتَّى لَا تَكَادُ السَّمَاءُ أَنْ تُرَى مِنْ كَثْرَةِ السِّتْرِ فَتَبْقَى ظُلْمَةٌ فَتَحْسُنُ الْخِرْقَةُ بِسَبَبِ الظَّلَامِ فَإِذَا خَرَجَ بِهَا إلَى الضَّوْءِ ظَهَرَتْ عُيُوبُهَا مِنْ الْغِلَظِ وَالْخِفَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا مِنْ بَابِ الْغِشِّ وَالْخِيَانَةِ، وَذَلِكَ مُذْهِبٌ لِلْبَرَكَةِ وَمِنْ مُخَالَفَةِ السَّلَفِ الْمَاضِينَ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ -.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْخِرْقَةِ أَرْشٌ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْعُيُوبِ أَنْ يُظْهِرَهُ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ تَقْلِيبِ الْخِرْقَةِ عَلَيْهِ نَاوِيًا بِذَلِكَ النُّصْحَ لَهُ وَلِإِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ قَاصِدًا تَخْلِيصَ ذِمَّتِهِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ إخْوَانِهِ.

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُشْتَرِي أَمْرَ الْخِرْقَةِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ إنْ كَانَ فِيهَا أَرْشٌ أَوْ عَيْبٌ وَأَزَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ مُشْتَرِيهَا فَيُبَيِّنُهُ لَهُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ كَانَ غِشًّا إذْ إنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ عَلِمَهُ لَنَفَرَ مِنْ الْخِرْقَةِ خَشْيَةَ أَنْ تَكُونَ

ص: 28

مُحْتَرِقَةً أَوْ عَفِنَةً.

وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْذَرَ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ أَنَّهُ يَقِيسُ عَرْضَ الْخِرْقَةِ مِنْ الطَّيَّةِ الْأُولَى وَهُوَ مَوْضِعُ وَجْهِهَا؛ لِأَنَّهَا فِي عُرْفِهِمْ أَعْرَضُ مِمَّا تَحْتَهَا بِسَبَبِ مَطِّهِمْ وَجَذْبِهِمْ لَهَا حَتَّى يَزِيدَ عَلَى بَاطِنِ الْخِرْقَةِ.

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْخِرْقَةِ مَا هِيَ مَنْسُوبَةٌ إلَى بَلَدٍ وَأَغْرَاضُ النَّاسِ تَمِيلُ إلَى قُمَاشِ ذَلِكَ الْبَلَدِ أَنْ لَا يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ قُمَاشِ غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَيَنْسِبَهُ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ قُرْبٌ يَسِيرٌ فَإِنَّ الْأَغْرَاضَ مُخْتَلِفَةٌ فِي ذَلِكَ فَيَحْتَاجُ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ مَوْضِعَ هَذِهِ كَذَا وَمَوْضِعَ هَذِهِ كَذَا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَهُوَ كِذْبٌ وَغِشٌّ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ سَوَاءٌ زَادَ الثَّمَنُ أَوْ نَقَصَ أَوْ كَانَا بِالسَّوَاءِ.

وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا عُرِفَ صَانِعٌ يُحْسِنُ مَا يَنْسِجُهُ وَتَغَالَى النَّاسُ فِي الثَّوْبِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ فَلَا يَبِيعُ شَيْئًا مِنْ عَمَلِ غَيْرِهِ وَيَنْسِبُهُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْغِشِّ وَالْكَذِبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ لَنَفَرَ مِنْ شِرَاءِ الْخِرْقَةِ، وَإِنْ أَعْجَبَتْهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ قَدْ جَرَتْ أَنَّ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ وَالصَّانِعِينَ تَفَاوُتًا فِي الْأَغْرَاضِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ النُّصْحُ وَعَدَمُ الْكَذِبِ أَيْضًا.

وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا جَاءَهُ الْمُشْتَرِي يَطْلُبُ مِنْهُ خِرْقَةً أَنْ يَسْأَلَ مِنْهُ عَمَّا يُرِيدُ فَيُخْرِجُ لَهُ أَوَّلًا غَرَضَهُ الَّذِي طَلَبَهُ.

وَيَحْذَرُ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ كَوْنِهِ لَا يُخْرِجُ لَهُ أَوَّلًا بَلْ يَعْرِضُ عَلَيْهِ خِرْقَةً دُونَ مَا طَلَبَ ثُمَّ ثَانِيًا فَوْقَهُ قَلِيلًا ثُمَّ كَذَلِكَ ثُمَّ يُخْرِجُ لَهُ آخِرًا غَرَضَهُ وَكُلَّمَا أَخْرَجَ لَهُ خِرْقَةً ذَكَرَ ثَمَنَهَا بِنَحْوٍ مِنْ ثَمَنِ الْخِرْقَةِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُ بِذَلِكَ لِيُوَطِّنَهُ عَلَى ثَمَنِ الْخِرْقَةِ الَّتِي طَلَبَهَا مِنْهُ وَلِكَيْ يُحَسِّنَهَا فِي عَيْنِ الْمُشْتَرِي إذَا عَرَضَ عَلَيْهِ وَهُوَ أَدْنَى مِنْهَا وَهُوَ يُقَارِبُهَا فِي الثَّمَنِ وَهَذَا مِنْ بَابِ الْغِشِّ أَيْضًا وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتَّفِقَ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَنِ بِنَفْسِ رُؤْيَةِ وَجْهِ الْخِرْقَةِ، بَلْ حَتَّى يَطَّلِعَ عَلَى جَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْهَا فَبَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِذَلِكَ حِينَئِذٍ يَتَّفِقُ مَعَهُ عَلَى ثَمَنِهَا وَلَا يَتَّفِقُ مَعَهُ عَلَى الثَّمَنِ حِينَ رُؤْيَةِ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا بَوْنًا كَثِيرًا فِي الْعَادَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهُوَ غِشٌّ لِمَا عُلِمَ.

وَعُهِدَ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ أَنَّ وَجْهَ الْخِرْقَةِ يُحَسِّنُونَهُ بِالنَّسْجِ وَغَيْرِهِ

ص: 29

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا أَلِفَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى إلَى أَجْلِ مُحَاسَنَةٍ عَلَى مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ لِلْمُشْتَرِي حَقِيقَةَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْغِشِّ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ.

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بَيْعَةً مِنْ الْقُمَاشِ وَهِيَ نَوْعٌ وَاحِدٌ وَبَعْضُهَا أَحْسَنُ مِنْ بَعْضٍ أَوْ أَطْوَلُ فِي الْقِيَاسِ، وَإِنْ قَلَّ أَوْ هُمَا مَعًا أَنْ لَا يَجْعَلَ لِكُلِّ قِطْعَةٍ مِنْهَا قِيمَةً مَعْلُومَةً لَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ وَيُخْبِرُ الْمُشْتَرِيَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ الَّذِي قُوِّمَتْ بِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَدْرَ ثَمَنِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْغِشِّ أَيْضًا بَلْ حَتَّى يُبَيِّنَ لِلْمُشْتَرِي كَيْفِيَّةَ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْبَيْعَةُ كُلُّهَا مُتَسَاوِيَةَ الْأَجْزَاءِ فَيُمْنَعُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهَا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَبِيعُ شَيْئًا مِنْهَا إلَّا مُسَاوَمَةً، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَبِيعَهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْمُسَاوَمَةِ وَالْمُرَابَحَةِ.

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً ثُمَّ انْخَفَضَ سُوقُهَا أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِ بِقِيمَتِهَا إذْ ذَاكَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْغِشِّ أَيْضًا.

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى خِرْقَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ قَصَّرَهَا أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي فَيَقُولُ: اشْتَرَيْتهَا بِكَذَا وَقَصَّرْتهَا بِكَذَا وَقَامَتْ عَلَيَّ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَ فِيهَا مِثْلَ الطَّرْزِ وَغَيْرِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ أَصْلَ الثَّمَنِ وَقِيمَةَ الْعَمَلِ إنْ عَمِلَهُ غَيْرُهُ فَإِنْ عَمِلَهُ صَاحِبُ الْخِرْقَةِ فَيُبَيِّنُ لِلْمُشْتَرِي مَا أَعْطَى فِيهِ وَقِيمَةَ صَنْعَتِهِ.

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا غُبِنَ فِي شِرَاءِ سِلْعَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِثْلَهَا دُونَ غَبْنٍ نَاقِصٍ عَنْ ثَمَنِ الْأُولَى أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُشْتَرِي مَا غُبِنَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَانَ ذَلِكَ غِشًّا وَهُوَ حَرَامٌ.

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: بِكَمْ بِعْت مِنْ هَذِهِ الْخِرْقَةِ أَنْ يُصَدِّقَهُ فِي إخْبَارِهِ بِمَا بَاعَ مِنْهَا فَإِنْ اخْتَلَفَ بَيْعُهُ فِيهَا فَيُخَيِّرُهُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ أَوْ بِالْأَقَلِّ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ رَجَعَ إلَى الْمُسَاوَمَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَانَ ذَلِكَ غِشًّا.

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى الْمُقَطَّعَ مَثَلًا عَلَى قِيَاسٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ وَجَدَهُ نَاقِصًا عَنْهُ أَنْ لَا يُخْبِرَ الْمُشْتَرِيَ بِاَلَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ حَتَّى يُبَيِّنَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَلَى الْكَمَالِ ثُمَّ وَجَدَهُ نَاقِصًا كَذَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَزِّعَ الثَّمَنَ عَلَى مَا بَقِيَ

ص: 30

بَعْدَ النَّقْصِ فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ غِشٌّ أَيْضًا.

وَكَذَلِكَ يَحْذَرُ فِي عَكْسِهِ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُقَطَّعَ عَلَى أَنَّهُ ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا فَيَجِدَهُ إحْدَى وَثَلَاثِينَ فَيَأْخُذَ الزَّائِدَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يُخْبِرَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَلَا يَذْكُرُ لَهُ الزِّيَادَةَ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ حَقِيقَةَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ غِشٌّ أَيْضًا.

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى الْخِرْقَةَ قَاسَهَا قِيَاسًا وَاسِعًا وَافِيًا فَيُرْخِي الْخِرْقَةَ أَثْنَاءَ الْقِيَاسِ حَتَّى تَنْقُصَ عَلَى بَائِعِهَا بِسَبَبِ ذَلِكَ وَيَفْعَلُ عَكْسَهُ إذَا بَاعَهَا لِلْمُشْتَرِي مَطَّهَا وَشَدَّ يَدَهُ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ الْقِيَاسِ فَيَزِيدُ قِيَاسُهَا لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَتَنْقُصُ عَلَى مُشْتَرِيهَا مِنْهُ حَتَّى إنَّ بَعْضَهُمْ لَيَهَبُ لِلْمُشْتَرِي زِيَادَةً بَعْدَ قِيَاسِهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَإِذَا أَخَذَهَا الْمُشْتَرِي وَقَاسَهَا وَجَدَهَا مَعَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ نَاقِصَةً عَنْ حَقِّهِ وَهَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْخِيَانَةِ وَالْخِلْسَةِ وَهُمَا مُحَرَّمَانِ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ مُسَاوَمَةً، وَإِنْ تَحَقَّقَ شِرَاءَهَا فَهُوَ أَحَلُّ لَهُ وَأَبْرَكُ، وَإِنْ بَاعَهَا مُرَابَحَةً جَازَ ذَلِكَ لَكِنْ قَدْ يَعْتَوِرُهُ فِي الْبَيْعِ مُرَابَحَةً أَنَّ الْمُشْتَرِيَ غَالِبًا لَا يُعْطِي مِنْ الرِّبْحِ مَا يَخْلُصُ الْبَائِعُ فَيَخَافُ أَنْ يُكَذِّبَهُ فَيَزِيدُ فِي الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ حَرَامٌ لَا يَجُوزُ فَإِنْ بَاعَ مُرَابَحَةً فَلْيَتَحَرَّ الصِّدْقَ وَلْيُخْبِرْ بِشِرَائِهَا دُونَ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ.

وَيَنْبَغِي لَهُ مِنْ بَابِ الْكَمَالِ وَالنُّصْحِ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْظُرَ فِي السِّلْعَةِ الَّتِي يَبِيعُهَا لِإِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُهَا لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ بَاعَهُمْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرْضَاهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَرْضَاهُ لَهُمْ.

لِمَا وَرَدَ «الْمُؤْمِنُ يُحِبُّ لِأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» فَعَلَى هَذَا فَكُلُّ مَا يَسْتَرْشِدُهُ لِنَفْسِهِ يَبِيعُهُ لَهُمْ وَمَا لَا يَسْتَرْشِدُهُ لَا يَفْعَلُهُ مَعَهُمْ وَهَذَا حَقِيقَةُ النُّصْحِ وَعَدَمِ الْغِشِّ.

قَالَ عليه الصلاة والسلام «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» وَأَحْوَالُ السَّلَفِ رضي الله عنهم فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ مُتَعَدِّدَةٌ لَا يَأْخُذُهَا حَصْرٌ.

لَكِنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ تَجْمَعُ كُلَّ ذَلِكَ وَهِيَ أَنَّ كُلَّ مَا تَرْضَاهُ لِنَفْسِك تَرْضَاهُ لَهُمْ وَكُلَّ مَا تَسْخَطُهُ لِنَفْسِك تَسْخَطُهُ لَهُمْ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْلِسَ

ص: 31

فِي دُكَّانِهِ وَهُوَ مُطْرِقٌ بِرَأْسِهِ إلَى الْأَرْضِ مُقْبِلٌ عَلَى ذِكْرِ رَبِّهِ عز وجل مُتَشَاغِلًا عَمَّا أَهْلُ السُّوقِ فِيهِ مِنْ اللَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْأَسْوَاقِ وَالطُّرُقَاتِ تَظْهَرُ فِيهِ عَوْرَاتٌ كَثِيرَةٌ يَجِبُ تَغْيِيرُهَا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ» إلَخْ.

فَإِنْ هُوَ الَّذِي جَلَسَ فِي السُّوقِ يَسْمَعُ كَلَامَهُمْ فَقَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَشْيَاءُ كَانَ عَنْهَا فِي غِنًى وَقَدْ يَعْجِزُ عَنْ بَعْضِهَا أَوْ كُلِّهَا.

وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْجُلُوسِ عَلَى الطُّرُقَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.

وَالْجَالِسُ فِي الدُّكَّانِ جَالِسٌ عَلَى الطَّرِيقِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ غَضُّ بَصَرِهِ جَهْدَهُ.

وَكَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُلْقِيَ سَمْعَهُ لِمَا أَهْلُ السُّوقِ يَخُوضُونَ فِيهِ وَيَنْوِي بِذَلِكَ امْتِثَالَ السُّنَّةِ وَلِئَلَّا تَتَعَمَّرَ ذِمَّتُهُ بِمَا لَا يَعْنِيه وَإِذَا تَعَمَّرَتْ قَلَّ أَنْ تَتَخَلَّصَ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُمَازِحَ أَهْلَ السُّوقِ وَلَا يُبَاسِطَهُمْ؛ لِأَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ جَلَسَ النَّاسُ عِنْدَهُ فِي الدُّكَّانِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِغَضِّ بَصَرِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَمَأْمُورٌ أَنْ لَا يَجْلِسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ وَفِي الْأَسْوَاقِ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَالضَّرُورَةُ هِيَ الَّتِي دَعَتْهُ إلَى الْجُلُوسِ فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَمَاكِنِ الْحِرَفِ فَمَنْ جَلَسَ مَعَهُ لَيْسَ لَهُ ضَرُورَةٌ دَاعِيَةٌ إلَى الْجُلُوسِ فَفِي فِعْلِ ذَلِكَ مُصَادَمَةٌ لِنَهْيِ صَاحِبِ الشَّرْعِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنَّهُ إذَا جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ تَشْتَرِي مِنْهُ أَنْ يَنْظُرَ فِي أَمْرِهَا فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا الرَّقِيقُ مِنْ الثِّيَابِ أَوْ كَانَتْ مِمَّنْ تُظْهِرُ مِعْصَمَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْ زِينَتِهَا أَوْ تَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ فِيهِ لُيُونَةٌ وَرِقَّةٌ فَيَعْمَلُ عَلَى تَرْكِ الْبَيْعِ لَهَا مَعَ الْمُدَارَاةِ لَهَا حَتَّى تَنْصَرِفَ عَنْهُ بِسَلَامٍ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النِّسَاءِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَتَى شَعَرْنَ بِمَنْ يَتَوَرَّعُ عَنْ مُخَالَطَتِهِنَّ تَسَلَّطْنَ عَلَيْهِ بِالْأَذِيَّةِ بِبَذَاءَةِ اللِّسَانِ وَالْكَلَامِ الْمُنْكَرِ.

وَهَذِهِ بَلِيَّةٌ عُظْمَى وَقَعَتْ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَتَجِدُ الْبَزَّازَ فِي الْغَالِبِ لَا يَخْلُو دُكَّانُهُ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهَا مَعَ وُجُودِ لُبْسِ الرَّقِيقِ وَالتَّحَلِّي وَالزِّينَةِ وَالتَّبَرُّجِ حَتَّى كَأَنَّ بَعْضَهُنَّ مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ أَوْ ذَوِي مَحَارِمِهِنَّ عَلَى مَا يُعْلَمُ مِنْ عَادَتِهِنَّ فِي ذَلِكَ.

وَقَدْ

ص: 32

وَرَدَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ قَالَ «بَاعِدُوا بَيْنَ أَنْفَاسِ النِّسَاءِ وَأَنْفَاسِ الرِّجَالِ» ثُمَّ إنَّ بَعْضَهُنَّ اعْتَدْنَ مَعَ ذَلِكَ عَادَةً ذَمِيمَةً وَهِيَ أَنَّ الْوَاحِدَةَ مِنْهُنَّ تَأْتِي بِزَوْجِهَا لِتَشْتَرِيَ مَا تَخْتَارُهُ فَإِذَا جَلَسَتْ عَلَى الدُّكَّانِ ذَهَبَ زَوْجُهَا إلَى مَكَان آخَرَ وَتَرَكَهَا وَهَذِهِ بَلِيَّةٌ عَظِيمَةٌ وَفِتْنَةٌ؛ لِأَنَّهَا إنْ جَلَسَتْ وَحْدَهَا عَلَى الدُّكَّانِ فَهِيَ مِنْ أَعْظَمِ الْفِتَنِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا غَيْرُهَا مِنْ النِّسَاءِ تَزَايَدَتْ الْفِتَنُ وَتَعَدَّدَتْ وَكَثُرَتْ الْمِحَنُ وَتَضَاعَفَتْ سِيَّمَا إنْ كَانَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ شَابًّا فَإِنَّهُنَّ يَعْمَلْنَ عَلَيْهِ أَنْوَاعَ الْحِيَلِ وَالْمَكْرِ سِيَّمَا إنْ كَانَ لَيْسَ بِمُتَأَهِّلٍ فَتَزِيدُهُ الْفِتَنُ وَقَلَّ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ شَبَائِكِهِنَّ وَأَنْ تَخْلُصَ لَهُ سَاعَةٌ دُونَ سَيِّئَةٍ يَرْتَكِبُهَا إمَّا بِعَيْنِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ أَوْ بِلِسَانِهِ أَوْ بِيَدِهِ أَوْ بِقَلْبِهِ.

وَقَدْ قَالَ عليه الصلاة والسلام «مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُنَّ لِتَسْأَلَ صَاحِبَ الدُّكَّانِ أَلَك زَوْجَةٌ أَلَك جَارِيَةٌ فَإِنْ شَعُرْنَ مِنْهُ بِالتَّعَفُّفِ عَمِلْنَ عَلَيْهِ الْحِيلَةَ فِيمَا يَرِدْنَهُ مِنْهُ مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ عَجَزْنَ عَنْهُ وَقَلَّتْ حِيلَتَهُنَّ فِيهِ يَسْخَرْنَ بِهِ وَيَجْعَلْنَهُ مُثْلَةً وَيَعِبْنَ عَلَيْهِ الْخَيْرَ وَالتَّعَفُّفَ وَيَتَّهِمْنَهُ فِي دِينِهِ وَيَنْسِبْنَهُ إلَى كَثَافَةِ الطَّبْعِ وَيَقُلْنَ إنَّ مَا هُوَ فِيهِ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ بَلْ يَسْتَعْمِلُ ذَلِكَ لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ عِنْدَ الْخَلْقِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ كَثِيرٌ وَحِيَلُهُنَّ فِي هَذَا وَغَيْرِهِ قَلَّ أَنْ تَنْحَصِرَ حَتَّى لَقَدْ تَلِفَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ بِسَبَبِهِنَّ سِيَّمَا فِي مُعَامَلَتِهِنَّ مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ فَبَعْضُ النَّاسِ أَتْلَفْنَ عَلَيْهِ دِينَهُ وَبَعْضُهُمْ نَفْسَهُ وَبَعْضُهُمْ مَالَهُ وَبَعْضُهُمْ أَطْعَمْنَهُ فَتَجَذَّمَ وَبَعْضُهُمْ تَوَلَّهَ فِي عَقْلِهِ أَوْ تَجَنَّنَ وَبَعْضُهُمْ تَكَسَّحَ وَبَعْضُهُمْ سَحَرْنَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ كَثِيرٌ فَهُنَّ مَصَائِدُ الشَّيْطَانِ وَبِسَبَبِ غِوَايَتِهِنَّ يَتَوَصَّلُ إلَى افْتِتَانِ أَهْلِ الْإِيمَانِ فَهُنَّ أَشَدُّ مِنْهُ كَيْدًا قَالَ تَعَالَى {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} [يوسف: 28] وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76] وَهَذَا هُوَ حَالُ الْغَالِبِ مِنْهُنَّ.

وَقَدْ يُوجَدُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مَنْ هِيَ مُلَازِمَةٌ لِبَيْتِهَا مُسْتَتِرَةٌ مُتَعَفِّفَةٌ مُحَافِظَةٌ عَلَى صَلَاتِهَا حَافِظَةٌ لِحَقِّ بَعْلِهَا فَمَنْ وُجِدَتْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَهُوَ فَضْلٌ عَظِيمٌ وَخَيْرٌ

ص: 33

عَمِيمٌ وَلَيْسَ فِي أَصْحَابِ الدَّكَاكِينِ كُلِّهِمْ مَنْ هُوَ مُبْتَلَى بِهَذِهِ الْمَفَاسِدِ أَكْثَرُ مِنْ الْبَزَّازِ وَالصَّائِغِ وَالْأَخْفَافِيِّ فَيَتَعَيَّنُ التَّحَفُّظُ عَلَى مَنْ هُوَ مُتَسَبِّبٌ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ أَوْ مَا يُقَارِبُهَا التَّحَفُّظُ الْكُلِّيُّ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ إلَّا أَنْ يَقَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ فِتْنَتِهِنَّ فَتَرْكُ الدُّكَّانِ عَلَيْهِ مُتَعَيَّنٌ وَيَتَسَبَّبُ فِي غَيْرِهَا إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَلَى لِسَانِ الْعِلْمِ سَالِمًا مِنْ جَمِيعِ الْمَفَاسِدِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى الرَّزَّاقِ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ شَيْئًا وَلَا يُمَكِّنَهَا أَنْ تَجْلِسَ عَلَى دُكَّانِهِ اللَّهُمَّ إلَّا مَنْ سَلِمَتْ مِنْهُنَّ مِنْ كُلِّ مَا ذُكِرَ، فَلَا بَأْسَ بِمُعَامَلَتِهَا فَإِنَّ الْخَيْرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لَمْ يُعْدَمْ مِنْ النَّاسِ، وَإِنْ عُدِمَ مِنْ قَوْمٍ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي آخَرِينَ وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ الْبَيْعَ لِكُلِّ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي حَقِّ الْخَيَّاطِ؛ لِأَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ رَجَعَ مَالُهُ حَرَامًا فِي الْغَالِبِ بَعْدَ أَنْ كَانَ حَلَالًا وَالْحَرَامُ يَجُرُّ إلَى النَّارِ.

وَيَحْذَرُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ ارْتِكَابِ مَا لَا يَنْبَغِي بِسَبَبِهِ وَآكَدُ مَا عَلَيْهِ أَنْ يَتَّقِيَ الْأَيْمَانَ فِي بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ وَأَخْذِهِ وَعَطَائِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «وَيْلٌ لِلتَّاجِرِ مِنْ تَاللَّهِ وَبِاَللَّهِ» فَلْيَحْذَرْ مِنْ ذَلِكَ جَهْدَهُ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقِلَّ الْكَلَامَ وَاللَّغَطَ فِي بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ سِيَّمَا فِي الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ كَشَهْرِ رَمَضَانَ الْمُعَظَّمِ وَالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الْعِظَامِ وَأَيَّامِ الْجُمَعِ الزُّهْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُبَاحَ يَجُرُّ إلَى الْمَكْرُوهِ وَالْمَكْرُوهُ يَجُرُّ إلَى الْمُحَرَّمِ.

وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِيهِ دِينٌ وَفَضْلٌ أَنْ يَتْرُكَهُ يَقِيسُ لِنَفْسِهِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ عَيْنُهُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَحِيفَ الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْسِهِ فَيَأْخُذُ أَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ.

وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُعْلَمُ دِينُهُ وَخَيْرُهُ فَإِنَّهُ يَقِيسُ لَهُ بِالْعَدْلِ وَيُبَيِّنُ لَهُ بِالرُّؤْيَةِ وَالْقَوْلِ.

وَيَنْبَغِي لَهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى ثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَقَاسَ لَهُ الْخِرْقَةَ أَنْ لَا يُعَجِّلَ بِقَطْعِهَا حَتَّى يَأْخُذَ الثَّمَنَ كُلَّهُ وَيُحَصِّلَهُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ يَشْتَرُونَ الْخِرْقَةَ عَلَى النَّقْدِ فَإِذَا قَطَعُوا الْخِرْقَةَ أَعْطَوْا بَعْضَ الثَّمَنِ وَبَقِيَ الْبَاقِي فَتَارَةً يَتَكَلَّفُ الْبَائِعُ الصَّبْرَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ

ص: 34

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ أَخَذَ مِنْهُ رَهْنًا عَلَى ثَمَنِهَا وَبِسَبَبِ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ تَكْثُرُ الرُّهُونُ عِنْدَهُمْ وَتَمْكُثُ السِّنِينَ الطَّوِيلَةَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِذَهَابِ مَا هُوَ يَتَسَبَّبُ فِيهِ وَيَبْقَى مَالُهُ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ لَا يَجِدُ إلَى قَبْضِهِ سَبِيلًا وَالْغَالِبُ الْيَوْمَ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُمْ إذَا تَيَسَّرَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ الدُّنْيَا لَا يُفَكِّرُونَ فِي الدُّيُونِ وَإِنَّمَا يُفَكِّرُونَ فِي قَضَاءِ مَآرِبِهِمْ فِي وَقْتِهِمْ ذَلِكَ وَمَآرِبُهُمْ قَلَّ أَنْ تَفْرُغَ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَقْطَعَ الْخِرْقَةَ حَتَّى يَنْقُدَ الْفِضَّةَ إمَّا بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ عَارِفًا أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَمَانَةِ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى ضَرَرِهِ أَوْ إلَى الْمُنَازَعَةِ فِي الصَّبْرِ إنْ خَرَجَ مِنْهَا شَيْءٌ فِيهِ زَيْفٌ لِكَثْرَةِ الْغِشِّ فِي هَذَا الزَّمَانِ.

وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا وَزَنَ الْفِضَّةَ إنْ اشْتَرَى مِنْ قَزَّازٍ أَوْ تَاجِرٍ أَنْ يَجْعَلَ فِي كِفَّةِ الصَّنْجَةِ حَبَّةَ خَرُّوبٍ أَوْ نَحْوَهَا وَإِذَا بَاعَ وَوَزَنَ الْفِضَّةَ لِيَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ أَنْ يَجْعَلَ فِي كِفَّةِ الْفِضَّةِ حَبَّةَ خَرُّوبٍ أَوْ نَحْوَهَا لِيَكُونَ ذَلِكَ حَاجِزًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ.

وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِالْبَزَّازِ وَحْدَهُ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ يَتَعَاطَى الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَمَنْ يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ أَنْ لَوْ كَانَ وَكِيلًا أَوْ وَصِيًّا فَيُمْنَعُ وَيَتَحَرَّى الصَّوَابَ جَهْدَهُ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُسَامِحَ فِي بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْخَيْرِ حَقِيقَةً لَا مَجَازًا فَيَتْرُكُ لَهُ بَعْضَ الرِّبْحِ أَوْ كُلَّهُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِحَالِهِ.

وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَوْ كَانَ لَهُ جِدَةٌ أَنْ يَبِيعَ بِالدَّيْنِ لِمَنْ اتَّصَفَ بِذَلِكَ وَيَصْبِرَ عَلَيْهِ بِهِ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ.

وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي اعْتَادُوا فِيهِ زِينَةَ الْأَسْوَاقِ عَلَى مَا عَهِدَ فِي الزَّمَانِ أَنْ يَتْرُكَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ حَتَّى تَنْقَضِيَ وَيَلْزَمُ بَيْتَهُ أَوْ الْمَسْجِدَ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمُبَاحَةِ السَّالِمَةِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي فَإِنْ جُبِرَ عَلَى ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَعَاطَاهُ بِنَفْسِهِ بَلْ يُعْطِي مَا يُلْزِمُونَهُ بِهِ مِنْ الْغَرَامَةِ مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَفَاسِدِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِهَا.

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ الْقُمَاشِ فِيهِ صُورَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْسُوجَةً أَوْ مُطَرَّزَةً أَوْ مَرْسُومَةً؛ لِأَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ

ص: 35