الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا نَزَلَ مِنْ دُكَّانِهِ لِضَرُورَةٍ أَنْ لَا يَتْرُكَ صَبِيًّا صَغِيرًا يَبِيعُ وَيَشْتَرِي لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي أَنَّهُ يَكُونُ مُشَارِكًا فِي عِلْمِ الطِّبِّ لِئَلَّا يَكُونَ الطَّبِيبُ قَدْ غَلِطَ فِيمَا وَصَفَ كَمَا تَقَدَّمَ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ الصَّبِيِّ مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِشَيْءٍ مِنْ الطِّبِّ فَلَا بَأْسَ
(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ أَهَمُّ الْأُمُورِ عِنْدَهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الدِّينِ وَالنَّظَرَ فِيمَا هُوَ الْأَوْلَى وَالْآكَدُ عَلَيْهِ فَيُقَدِّمَهُ عَلَى غَيْرِهِ.
مِثَالُهُ مَا نَحْنُ بِسَبِيلِهِ مِنْ أَنَّ الشَّرَابَيَّ وَالطَّبِيبَ قَدْ يَكُونَانِ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ الْعَظِيمَةِ الْمُتَعَدِّيَةِ النَّفْعِ إلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ الشَّرِيفَةِ فَإِذَا سَمِعَا الْأَذَانَ تَرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا هُوَ فِيهِ وَاشْتَغَلَ بِحِكَايَةِ الْمُؤَذِّنِ وَالْأَخْذِ فِي أَسْبَابِ أَدَاءِ الْفَرْضِ فِي جَمَاعَةٍ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ بِفُرُوضِهِ وَسُنَنِهِ وَآدَابِهِ رَجَعَ إلَى مَا كَانَ بِصَدَدِهِ فَلَا يَزَالُ فِي عَمَلِ خَيْرٍ مُتَجَدِّدٍ {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة: 54]
[فَصْلٌ غِشّ الشَّرَابِيّ]
(فَصْلٌ) وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْعَطَّارِينَ مِنْ الْغِشِّ فِي سَبَبِهِمْ فَالشَّرَابِيُّ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ فِي حَقِّهِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ الْغِشُّ مُحَرَّمًا عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ غِشَّ الشَّرَابِيِّ يَئُولُ إلَى إزْهَاقِ النُّفُوسِ وَالزِّيَادَةِ فِي الْأَمْرَاضِ أَوْ طُولِهَا لِأَنَّ غَالِبَ مَا يُشْتَرَى مِنْهُ لِلْمَرِيضِ وَالْمَرِيضُ إذَا اسْتَعْمَلَ مَا لَا يُوَافِقُهُ تَضَرَّرَ بِذَلِكَ غَالِبًا وَقَدْ تَعْسُرُ مُدَاوَاتُهُ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَأْخُذَ حَاجَةً حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ سَلَامَتَهَا مِنْ الْغِشِّ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَآكَدُ مَا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَ فِي دُكَّانِهِ دِمَاءَ اللِّسَانِ الْبَلَدِيِّ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ رَدِيئَةٍ:
أَحَدُهَا - الْمَكْسُ
وَالثَّانِي - أَنَّ الْمَكَّاسَ فِي الْوَقْتِ يَهُودِيٌّ
وَالثَّالِثُ - غِشُّهُمْ فِيهِ غَالِبًا فَيَتَأَكَّدُ الْمَنْعُ لِذَلِكَ.
وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُمْ يَزْغَلُونَ حَاجَةً تُسَمَّى شيرخشك بِحَاجَةٍ أُخْرَى تُسَمَّى ببيرخشك وَهُمَا مُتَشَابِهَانِ فِي الصِّفَةِ مُتَقَارِبَانِ فِي النَّفْعِ.
وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَيْعِهِمْ الزَّنْجَبِيلَ بَعْدَ خَلْطِهِمْ لَهُ بِأَشْيَاءَ يَغُشُّونَهُ بِهَا مِمَّا تُشْبِهُهُ فِي الصِّفَةِ.
وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَدْلِيسِهِمْ الزَّنْجَبِيلَ الْمُرَبَّى بِخَلْطِهِ بِغَيْرِهِ فَتَقِلُّ مَنْفَعَتُهُ وَالْغَالِبُ أَنَّهُ إنَّمَا يُشْتَرَى لِلتَّدَاوِي وَإِذَا كَانَ مَغْشُوشًا بِغَيْرِهِ قَدْ يَعُودُ بِالضَّرَرِ عَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهُ.
وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَدْلِيسِهِمْ شَحْمَ القاوند يَجْعَلُ غَيْرَهُ فِيهِ إذْ إنَّهُ يَنْفَعُ لِلزَّمْنَى فَيَخْلِطُونَ بِهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ فَيَعُودُ بِالضَّرَرِ عَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهُ وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ الْغِشِّ فِي بَيْعِ الْخُولَانِ الْهِنْدِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ خَالِصًا فَمَنْ اسْتَعْمَلَ غَيْرَهُ مِمَّا يُشْبِهُهُ عَادَ عَلَيْهِ بِالضَّرَرِ وَغَالِبُ مَنْ يَحْتَاجُهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ لِلْعَيْنَيْنِ
(فَصْلٌ) وَأَمَّا إنْ كَانَ الشَّرَابِيُّ يَشْتَرِي مِنْ قَاعَاتِ الشَّرَابِيِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَفَّظَ عَلَى نَفْسِهِ وَدِينِهِ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يُقَلِّلُونَ الْفَاكِهَةَ فِي الْأَشْرِبَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ.
وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَأْخُذَ الْوَرْدَ الْمُرَبَّى الَّذِي يَعْمَلُهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ يُقَلِّلُونَ الْوَرْدَ فِيهِ وَيَعْمَلُونَهُ بِحُثَالَةِ السُّكَّرِ وَالْأَشْيَاءِ الرَّدِيئَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يُقَامُونَ مِنْ أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ فَكَيْفَ يُبَاشِرُونَ مَا يَسْتَعْمِلُهُ مَرَضَاهُمْ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَغَيْرِهَا فَمِنْ بَابٍ أَوْلَى بِالْمَنْعِ وَفِي الْقَاعَاتِ وَالْمَطَابِخِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ بَعْضُ الصُّنَّاعِ الَّذِينَ فِي الْقَاعَاتِ لَا يَعْرِفُونَ قِوَامَ الْأَشْرِبَةِ، وَلَا مَا يُصْلِحُهَا، وَلَا مَا يُفْسِدُهَا فَيَعْمَلُونَهَا كَيْفَمَا اُتُّفِقَ وَيَبِيعُونَهَا لِلنَّاسِ كَذَلِكَ.
وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَشْتَرِيَ الشَّرَابَ مِمَّنْ لَا يَتَحَفَّظُ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ يَعْقِدُ شَرَابَهُ بالجلاسة وَالتَّرْنِيقِ وَالسُّكَّرِ الْأَحْمَرِ ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَعْمَلُونَهُ بِالسُّكَّرِ الطَّيِّبِ فَلَوْ نَفَرَ الْمُشْتَرِي مِنْ سَوَادِ شَرَابِهِمْ قَالُوا لَهُ: هَذَا مِنْ كَثْرَةِ الْفَاكِهَةِ فِيهِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَضَمُّوا إلَى مَا ارْتَكَبُوهُ مِنْ الْغِشِّ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمًا آخَرَ وَهُوَ الْكَذِبُ.
وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّ الشَّرَابَ عِنْدَهُمْ عَلَى صِنْفَيْنِ: شَرَابٌ لِأَهْلِ الْبَلَدِ وَشَرَابٌ لِلتُّجَّارِ وَأَهْلِ الْأَرْيَافِ فَالشَّرَابُ الَّذِي يُبَاعُ لِلتُّجَّارِ وَأَهْلِ الْأَرْيَافِ رَدِيءٌ فَيَعْرِضُونَ عَلَيْهِمْ الْعَيْنَ مِنْ النَّوْعِ الطَّيِّبِ فَإِذَا وَصَلَ التُّجَّارُ وَأَهْلُ الْأَرْيَافِ إلَى الْبَلَدِ