الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - بَابُ زَجْرِ التَّخَلُّفِ [عَنِ الْجُمُعَةِ]
(1)
717 -
قَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمِّهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ (2)، وجعل قلبه [على] (3) قلب منافق"(4).
(1) لم يظهر من العنوان في (حس) سوى ما بين المعقوفتين، وفي (ك):"زجر المتخلف".
(2)
في (عم): "طبع الله على قلبه".
(3)
ما بين المعقوفتين ليس في (ك).
(4)
هذا الحديث ساقط من (حس).
717 -
الحكم عليه:
إِسناده صحيح؛ رجاله كلهم ثقات. وقد صححه البوصيري في الإِتحاف (1/ 88/ أمختصر).
تخريجه:
أخرجه أبو يعلى في مسنده -كما في المقصد العلي (367/ 388) - بنحو حديث الباب، وفيه زيادة تكرار سماع النداء ثلاثًا. قال: حدثنا محمد بن الخطاب، حدثنا الجدي -بضم الجيم وتشديد الدال- أخبرنا شعبة، عن سعيد (كذا، والصواب: سَعْدِ) بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحمن، قال: سمعت عمي يحدث عن النبي قال: فذكره.=
= ولفظه: "من سمع النداء يوم الجمعة فلم يأت أو لم يُجب، ثم سمع النداء فلم يأت أو لم يجب، ثم سمع النداء فلم يأت أو لم يجب طبع الله عز وجل على قلبه فجعل قلب منافق".
وإسناده ضعيف؛ محمد بن الخطاب هذا قال ابن أبي حاتم في الجرح (7/ 246): سألت أبي عنه؟ فقال: لا أعرفه.
وفي الميزان (3/ 537): وقال الأزدي: منكر الحديث. وأقره الحافظ في اللسان وزاد عليه أن ابن الخطاب هذا ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 410). قلت: ولا يخفى ما فيه.
والجدي: هو عبد الملك بن إبراهيم، قال الحافظ في التقريب (362: 4163): صدوق.
ومن هنا تعلم أن قول الهيثمي في الزوائد (2/ 193): (رواه أبو يعلى -ثم ذكر الاختلاف على شعبة وسيأتي- ثم قال: وبقية رجاله ثقات" ليس بصواب؛ فإِن محمد بن الخطاب ضعيف -كما سبق-.
ثم إن الهيثمي قد صرح في الزوائد (2/ 193) بأن الراوي عن محمد بن عبد الرحمن إنما هو شعبة فلعل ذكر سعيد بن إبراهيم سبق قلم كما يقول محقق المقصد العلي. انظر: المقصد العلي (ص 388).
هذا وقد اختُلف على شعبة في هذا الحديث:
فرواه عنه الجدي والنضر بن شميل عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن عمه. أخرجه مسدد -حديث الباب- وأبو يعلى كما سبق.
ورواه أبو إسحاق الفزاري عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن ابن أبي أوفى. ولفظه:"من سمع النداء يوم الجمعة ولم يأتها، ثم سمع النداء ولم يأتها ثلاثًا طبع على قلبه فجعل قلب منافق". قال الهيثمي (2/ 193): رواه الطبراني في الكبير وفيه من لم يعرف.=
= لم أجد مسند ابن أبي أوفى في المطبوع من المعجم، فلعله من القسم الساقط منه.
والحديث أخرجه أيضًا أبو بكر بن علي المروزي في كتاب "الجمعة" له -كما في التلخيص (1/ 53) -: من طريق محمد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عن عمه، عن النبي قال: فذكره مثل لفظ حديث الباب.
وأخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب (5/ 100) في ترجمة يحيى بن أسعد بن زرارة.
والحديث ورد عن عدد من الصحابة كما يلي:
1 -
عن أبي الجعد الضمري، ولفظه:"من ترك ثلاث جمع تهاونًا من غير عذر طبع الله تبارك وتعالى على قلبه".
أخرجه أحمد (3/ 424) واللفظ له، والبَزَّار -كما قال ابن حجر في التلخيص (2/ 52) -، والشافعي في الأم (1/ 208)، وأبو داود (1/ 638: 1052)، والترمذي (489) وحسنه، والنسائي (3/ 88: 1369)، وابن ماجه (1/ 357)، وابن أبي شيبة (2/ 154)، والدارمي (1/ 369) دون ذكر ثلاثًا، وابن خزيمة (3/ 176: 1858).
وابن حبان -كما في الإحسان (4/ 198: 2775) -، وابن الجارود (288)، والطبراني في الكبير من طرق متعددة (22/ 365)، والدولابي في الكنى (1/ 21، 202)، والحاكم (1/ 280).
والبغوي في شرح السنة (4/ 213: 1053)، والبيهقي (3/ 172: 247) بأسانيدهم جميعًا عن محمد بن عمرو بن علقمة، حدثنا عبيدة بن سفيان، عن أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فذكره.
وفي رواية لابن خزيمة (3/ 176: 1857)، وابن حبان (4/ 198 الإحسان):"من ترك الجمعة ثلاثًا من غير عذر فهو منافق".=
= والإسناد صححه ابن السكن. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وقال الألباني (في التعليق على صحيح ابن خزيمة (3/ 176: 1858): إِسناده حسن صحيح.
ورواية ابن خزيمة وابن حبان الثانية، قال الألباني (في حاشية صحيح ابن خزيمة 3/ 176: 1857): إسنادها حسن صحيح.
قلت: وهو عندي حسن، فإِن مدار جميع طرق من أخرجه على: محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث، فقد قال الحافظ في التقريب (499: 6188): صدوق له أوهام.
نعم، هو صحيح لغيره، أما ذات الإِسناد فحسن.
وقال المنذري في الترغيب (1/ 509): وفي رواية ذكرها رزين وليست في الأصول: "فقد برئ من الله".
قلت: ويبدو أنها ضعيفة فلم يذكرها الشيخ الألباني حفظه الله في صحيح الترغيب (1/ 307).
وقد اختلف في حديث أبي الجعد هذا على أبي سلمة:
- فقيل هكذا:
…
عن محمد بن عمرو، عن عبيدة بن سفيان، عن أبي الجعد. وقد سبق تخريجها.
قال الحافظ في التلخيص (2/ 52): وهو الصحيح.
- وقيل:
…
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عن أبي هريرة.
أخرجه الطبراني في الأوسط من طريق أبي معشر عنه. ثم قال: تفرد به حسان بن إبراهيم، عن أبي معشر. قال الدارقطني في العلل (2/ 140/ ب): وهو وهم.
قلت: والاختلاف هذا منشؤه أبو معشر والله أعلم، فالآفة منه واسمه نَجِيح بن عبد الرحمن السندي وهو ضعيف اتفاقًا، وضعفه يحيى بن سعيد جدًا، وكذا البخاري حيث قال: منكر الحديث. وانظر: التهذيب (10/ 419).=
= والحديث ذكره ابن الملقن في البدر المنير (2/ 164/ ب)، ولم يتكلم على هذا الاختلاف.
2 -
ثم إن الحديث قد روي عن أبي هريرة مرفوعًا أيضًا. أخرجه أبو داود الطيالسي (319: 2435)، قال: حدثنا وُهَيْب، عن سُهَيْل بن أبي صالح عن صفوان بن سُلَيم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فذكره.
ولفظه: "من ترك ثلاث جمع متواليات من غير عذر طبع الله على قلبه". ورجال إِسناده كلهم ثقات، لكنه منقطع بين صفوان وأبي هريرة، فقد قال أبو داود السجستاني -كما في التهذيب (4/ 426) -: لم ير أحدًا من الصحابة إلَّا أبا أمامة وعبد الله بن بسر.
3 -
حديث جابر بن عبد الله.
ولفظه: "من ترك الجمعة ثلاثًا من غير ضرورة طبع على قلبه". أخرجه ابن ماجه (1/ 202)، وابن خزيمة (3/ 175: 1856)، والحاكم (1/ 292)، والبيهقي (3/ 247) بأسانيدهم عن أَسِيد بن أبي أَسِيد البراد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ جابر به. وفي صحيح الجامع (5/ 268):"ثلاث مرات متواليات"، وصححه الذهبي، وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه (1/ 212: 406): إِسناده صحيح رجاله ثقات.
وحديث جابر هذا قد اختلف فيه على أَسِيد -كما سيأتي بيان ذلك في حديث أبي قتادة-.
4 -
حديث أبي قتادة: ولفظه: "من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير ضرورة طبع الله على قلبه".
وقد اختلف فيه على أَسِيد بن أبي أَسِيد راويه عن عبد الله بن أبي قتادة:
- فأخرجه أحمد (5/ 300) من طريق أَسِيد بن أبي أَسِيد، عن عبد الله، عن أبيه.=
= قال المنذري في الترغيب (1/ 509): وإسناده حسن، وكذا قال الهيثمي في المجمع (2/ 192).
وقد صحح ابن عبد البر هذه الطريق ورجحها على طريق أَسِيد الآتي -كما قال ابن حجر في التلخيص (2/ 52) -.
وأخرجه ابن خزيمة (3/ 175: 856)، والحاكم (1/ 292) عن أَسِيد، عن عبد الله، عن جابر، وقال الحاكم: صحيح الإِسناد، ووافقه الذهبي، وقال الدارقطني -كما في التلخيص (2/ 52) -: والصحيح طريق جابر.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 203): ابن أبي ذئب -راويه عن أَسِيد، عن عبد الله، عن جابر- أحفظ من الدراوردي راويه عن أَسِيد، عن عبد الله، عن أبيه.
وكذا رجحه الألباني في حاشية صحيح الترغيب (1/ 307).
5 -
عن ابن عباس. ولفظه: "من ترك الجمعة من غير ضرورة كتب منافقًا في كتاب لا يمحى ولا يبدل". وفي بعض الحديث "ثلاثًا".
- أخرجه الشافعي في مسنده (70) قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد، حدثني صفوان بن سليم، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن أبيه، عن عكرمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وهذا إِسناد ضعيف جدًا؛ إبراهيم بن محمد وهو ابن أبي يحيى المدني متروك -كما قال ابن حجر في التقريب (93: 241) -، وكذلك قال الألباني في الضعيفة (2/ 112).
6 -
حديث أسامة بن زيد. ولفظه: "من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب من الغافلين".
- أخرجه الطبراني في الكبير (1/ 170). وقال الهيثمي في المجمع (2/ 193): وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف عند الأكثرين.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 165/ أ): وفيه محمد بن مسلم الطائفي وفيه مقال؛ ضعفه أحمد وابن معين وغيره.=
= 7 - والحديث أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (3/ 165)"باب من لم يشهد الجمعة"، قال: عن مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ رجل من أصحاب النبي قال: -لا أعلمه إلا رفع الحديث إلى النبي قال-: "من سمع الأذان ثلاث جمعات ثم لم يحضر كتب من المنافقين".
وهذا إِسناد ضعيف: يحيى بن أبي كثير، وإن كان ثقة إلا أنه كان يدلس -كما في التقريب (596: 7632) -، وهو في المرتبة الثالثة -كما في جامع التحصيل (ص 369) -، وهؤلاء لا يقبل حديثهم إلَّا مصرحًا بالسماع، وقد عنعنه هنا.
8 -
وقد رواه مالك في الموطأ (59: 243) مع التردد في رفعه فقال: عن صفوان بن سليم -قال مالك: لا أدري أعن النبي أم لا- أنه قال: "من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير عذر ولا علة طبع الله على قلبه".
قلت: وهذا إِسناد منقطع، صفوان بن سليم من التابعين، فضلًا عن التردد في رفعه.
-والحديث قد ورد عن أبي هريرة وابن عمر موقوفًا. أخرجه سعيد بن منصور -كما في "اللمعة في خصائص الجمعة"، للسيوطي (ص 49) -.
وعن ابن عباس، وبيانه في الحديث التالي برقم (718).
وفي الباب عن ابن أبي أوفى وعائشة وغيرهما، وتكلم على هذه الشواهد ابن الملقن في البدر المنبر (1/ 164 /ب)، والزبيدي في شرح إحياء علوم الدين (3/ 214) بتوسع فلتراجع.
718 -
[و](1) قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا حُمَيد بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ (2) سُفْيَانَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَوْفٍ (3)، عَنْ سَعِيدِ بْنِ (4) أَبِي الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:"مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ (5) الْجُمُعَةِ ثَلَاثًا (6) مُتَوَالِيَاتٍ فَقَدْ نَبَذَ الإِسلام وَرَاءَ ظهره"(7).
(1) ما بين المعقوفتين ليس في (عم).
(2)
في المقصد العلى (ص 388): "حدثنا حميد بن مسعدة، وحدثنا سفيان بن حبيب"، وهو خطأ مطبعي.
(3)
تحرفت في (حس) إلى: "عون".
(4)
في (عم): "عن سعيد، عن أبي الحسن"، وهو تحريف.
(5)
في الأصل: "الصلاة الجمعة". وكتب على هامشها: "صلاة الجمعة".
(6)
هذا في جميع النسخ، وفي المقصد العلي (ص 389):"ثلاث جمع".
(7)
هذا الحديث ساقط من نسخة (سد).
718 -
الحكم عليه:
صحيح؛ رجاله ثقات، رجال مسلم غير سفيان بن حبيب وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 193): رجاله رجال الصحيح. وهذا وَهَم لما علمت.
وقال البوصيري في الإِتحاف (1/ 88/ ب مختصر): رواه أبو يعلى موقوفًا بسند صحيح.
تخريجه:
تابع سفيان بن حبيب في هذا الحديث: جعفر بن سليمان الضُّبَعِي فرواه عن عوف به. أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 166) بنحوه إلَّا أن فيه "أربع جمع" بدل ثلاث. قال: عن جعفر بن سليمان، قال: أخبرنا عوف العبدي به. ولفظه: "من ترك الجمعة أربع جمع تواليات من غير عذر فقد نبذ الإِسلام وراء ظهره".=
= وجعفر بن سليمان هو الضُّبَعِي حديثه حسن، إذ إنه صدوق لكنه كان يتشيع -كما في التقريب (140: 942) -، وهذا لا يمنع من الاحتجاج بروايته إن لم يكن داعية إلى بدعته، وقد قال عنه ابن حبان في الثقات (6/ 140): كان جعفر من الثقات في الروايات غير أنه كان ينتحل الميل إلى أهل البيت، ولم يكن داعية إلى مذهبه، وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كانت فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها الاحتجاج بخبره جائز.
قلت: لكن رواية سفيان بن حبيب أرجح لأنه أوثق من جعفر، ولذلك فرواية "أربع جمعات" مرجوحة.
وتابعه أيضًا هشيم فرواه عن عوف به.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 154) بنحوه. قال: حدثنا هشيم، عن عوف به. ولفظه: من ترك الجمعة ثلاثًا متواليات طبع الله على قلبه.
وهشيم هذا هو ابن بشير ثقة ثبت إلَّا أنه كثير التدليس والإرسال الخفي -كما في التقريب (574: 7312) -، وقد عنعنه هنا فإسناده ضعيف.
وتابعه أيضًا شَرِيك بن عبد الله القاضي. أخرجه ابن الحمامي الصوفي في "منتخب من مسموعاته" -كما في الضعيفة (2/ 112: 657) - والشيرازي في الألقاب -كما في إتحاف السادة المتقين (3/ 214) -، من طريق شَرِيك، عن عوف الأعرابي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ عباس مرفوعًا: (من ترك أربع جمعات من غير عذر فقد نبذ الإسلام وراء ظهره".
قال العلامة الألباني في الضعيفة (2/ 112): (وهذا إِسناد ضعيف لأن شَرِيكًا هذا هو ابن عبد الله القاضي، ضعفوه لسوء حفظه لا سيما وقد خولف في لفظه ورفعه"، ثم ذكر إِسناد أبي يعلى، وقال: صحيح.
وأما مخالفته في لفظه: فهو قوله "أربع جمعات". وفي رفعه: فقد أخرجه أبو يعلى موقوفًا بإِسناد صحيح من طريق سفيان بن حبيب. (أثر الباب).
719 -
حَدَّثَنَا (1) سُفْيَانُ هُوَ ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا (2) الْفَضْلُ الرَّقَاشِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا (3) يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ (4): "عَسَى رَجُلٌ تَحْضُرُهُ (5) الْجُمُعَةُ وَهُوَ عَلَى قَدْرِ مِيلٍ مِنَ الْمَدِينَةِ فَلَا يَحْضُرُهَا"، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ:"وَهُوَ عَلَى قَدْرِ (6) مِيلَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ فَلَا يَحْضُرُهَا" ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: "وَهُوَ عَلَى قَدْرِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ (7)، فَلَا يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ، وَيَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ".
(1) في (ك): "وقال أيضًا". اهـ. قلت: يعني أبا يعلى.
(2)
في (ك): "سعيد بن عبيد بن الفضل الرقاشي"، وهو تحريف.
(3)
في (ك): "خطبنا".
(4)
في (عم): "قال".
(5)
في (ك): "يحضره".
(6)
في الأصل: "قد"، وما أثبته من باقي النسخ.
(7)
في (عم): "من الجمعة"، وهو تحريف. أما في (حس) و (ك) فهي ساقطة.
719 -
الحكم عليه:
إِسناده ضعيف جدًا. فيه الفضل الرقاشي، ضعيف جدًا، لكثرة المناكير في حديثه، وهو ما يفيده كلام أبي زرعة وابن أبي حاتم؛ إذ قالا فيه: منكر الحديث، وهو اختيار ابن حجر وقبله الذهبي. ثم إن فيه سفيان بن وكيع وهو ضعيف -كما في التقريب (245: 2456) -.
وقال المنذري في الترغيب (1/ 510): إِسناده لين. وسكت عنه البوصيري (1/ 88 / أمختصر). وقال الهيثمي في الزوائد (2/ 193): رواه أبو يعلى ورجاله موثقون.
تخريجه ودرجته:
قال الألباني في حاشية صحيح الترغيب والترهيب (1/ 308): "وهذا من=
= تساهله، كيف لا وفيه الفضل الرقاشي وهو ضعيف اتفاقًا، بل قال فيه أبو داود: كان هالكًا، وقال النسائي: ليس بثقة".
قلت: وقد قواه الشيخ الألباني حفظه الله بشواهده مع أنه في نظري لا يتقوى لشدة ضعفه، لكن له شواهد تغني عنه وبيانها كما يلي:
1 -
حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ألا هل عسى أحدكم أن يتّخذ الصُّبَّة من الغنم على رأس ميل أوميلين فتعذر عليه الكلأ على رأس ميل أوميلين، فيرتفع حتى تجيء الجمعة فلا يشهدها، وتجيء الجمعة فلا يشهدها، وتجيء الجمعة فلا يشهدها حتى يطبع على قلبه.
أخرجه ابن ماجه (1/ 357)، قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا معدي بن سليمان، حدثنا ابن عجلان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رسول الله فذكره.
وأخرجه ابن خزيمة (3/ 177) بنفس ذلك اللفظ، والحاكم (1/ 292) دون تكرار جملة "حتى تجيء الجمعة فلا يشهدها" -ثلاثًا- من نفس طريق محمد بن عجلان. وفيه معدي بن سليمان، قال ابن حجر في التلخيص: وفيه مقال. ولذلك قال الألباني في التعليق على صحيح ابن خزيمة (3/ 177): إِسناده ضعيف.
2 -
حديث ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "ألا هل عسى أحد منكم أن يتخذ الصبة من الغنم على رأس ميلين أو ثلاثة تأتي الجمعة فلا يشهدها ثلاثًا فيطبع الله على قلبه".
أخرجه الطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين (1/ 88/ ب) -، قال: حدثنا أحمد بن رشدين، حدثني سعيد بن خالد الربعي المروزي، حدثنا عيسى بن يونس، عن أبي محمد يزيد، عن أيوب بن موسى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ الله قال: فذكره.
وقال الهيثمي في الزوائد (2/ 193): رواه الطبراني في الأوسط وفيه جماعة لم أجد من ترجمهم.=
= 3 - حديث حارثة بن النعمان رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يتخذ أحدكم السائمة فيشهد الصلاة في جماعة فتتعذر عليه سائمته فيقول: لو طلبت لسائمتي مكانًا هو أكلأ من هذا، فيتحول ولا يشهد إلَّا الجمعة، فتتعذر عليه سائمته فيقول: لو طلبت لسائمتي مكانًا هو أكلأ من هذا فيتحول، فلا يشهد الجمعة ولا الجماعة فيطبع الله على قلبها.
أخرجه أحمد (5/ 433)، والبيهقي (3/ 247)، ومسدد -كما في الإِتحاف (ق 88/ أ) -، وحسنه البوصيري، من رواية عمر بن عبد الله مولى غفرة، أنه سمع ثعلبة بن أبي مالك، يخبر عن حارثة به. قال المنذري في الترغيب (1/ 511): وهو ثقة.
قلت: لكن ضعفه الأكثر، ولذلك جزم بضعفه الهيثمي في الزوائد (2/ 192)، فقال: فيه عمر بن عبد الله مولى غفرة وهو ضعيف. اهـ.
وقال ابن حجر في التقريب (414: 4934): ضعيف وكان كثير الإِرسال.
ولذلك حكم الألباني بضعفه، انظر: التعليق على صحيح الترغيب (1/ 309).
وحديث حارثة هذا عزاه الهيثمي في الزوائد (2/ 192) للطبراني في الكبير، وبحثت عنه في المطبوع فلم أجده، فالله أعلم.
-وروي الحديث مرسلًا عن محمد بن عباد بن جعفر، قال: قال رسول الله: "هل على أحدكم أن يتخذ الضيعة من الغنم على رأس الميلين من المدينة أو الثلاثة ثم يأتي الجمعة فلا يشهدها، ثم يأتي الجمعة فلا يشهدها، فطبع الله على قلبه".
أخرجه عبد الرزاق (3/ 165) من طريقين:
الأولى: عن إبراهيم بن أبي يزيد، أنه سمع محمد بن عباد بن جعفر يقول:
…
فذكره. وأظن أنه قد وقع تحريف في إبراهيم بن أبي يزيد، فلم أجده بهذا الاسم، وإنما وجدت إبراهيم بن يزيد الخوزي، يروي عن محمد بن عباد بن جعفر، وروى عنه عبد الرزاق فلعله هذا، فإِن كان كذلك فالإسناد ضعيف جدًا، لأن إبراهيم هذا متروك الحديث، بل قال البرقي فيه: كان يتهم بالكذب.=
= ثم إن الإِسناد مرسل، والمرسل من أنواع الضعيف.
الأخرى: عن معمر وابن جريج كل واحد منهما عن رجل، عن محمد بن عباد بن جعفر به. وهذا فيه علتان:
الأولى: إرسال محمد بن عباد بن جعفر.
الأخرى: الرجل المبهم.
وعلى ذلك فالإسناد أيضًا ضعيف.
وأخرجه مرسلًا أيضًا ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 154) بمعناه.
قال: حدثنا ابن إدريس، عن ابن جريج، عن محمد بن عباد بن جعفر، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فذكره.
وإسناده ضعيف، فإِنه مرسل بالإضافة إلى أن فيه ابن جريج وهو وإن كان ثقة، فقيهًا، فاضلًا، إلَّا أنه كان يدلس ويرسل وقد عنعنه هنا.
وبالجملة فالمتن صحيح بمجموع هذه الشواهد، والله أعلم.