الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - بَابُ إِسْقَاطِ الزَّكَاةِ [عَنِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ]
(1)
896 -
قَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنِي [عَزْرةُ] (2) [قَالَ] (3): إِنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَالُوا لِعُمَرَ رضي الله عنه: إِنَّ أَفْضَلَ أَمْوَالِنَا الْخَيْلُ وَالرَّقِيقُ، فَأَخَذَ عُمَرُ رضي الله عنه لِكُلِّ فَرَسٍ عَشَرَةً وَلِكُلِّ رَأْسٍ عَشَرَةً، لَهُ (4) رَزَقَهُمْ، فَكَانَ يعطيهم أكثر بما أَخَذَ مِنْهُمْ، فَعَمَدَ (5) هَؤُلَاءِ يَعْنِي عُمَّالَ بَنِي أُمَيَّةَ فَأَخَذُوا مِنَ الرَّأْسِ عَشَرَةً وَمِنَ الْفَرَسِ عشرة، ولم يرزقوا.
(1) لم يظهر في (حس) سوى ما بين المعقوفتين.
(2)
ما بين المعقوفتين بياض في (سد) مقدار كلمة، وتحرفت في (ك) إلى:"عروة".
(3)
ما بين المعقوفتين زيادة من باقي النسخ.
(4)
في (ك): "ثم رزقهم"، وهو تحريف.
(5)
في الأصل: "بعد"، وفي (حس):"فعد"، وفي (ك):"فعمر"، وهو تحريف، والتصويب من (عم) و (سد).
896 -
الحكم عليه:
الإِسناد رجاله ثقات، إلَّا أنه منقطع، عزرة لم يدرك زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وعليه فالسند ضعيف.
وذكره البوصيري في الأتحاف (1/ 131: ب مختصر)، وعزاه لمسدد وسكت عليه.
تخريجه:
لم أجده، لكن ورد ما يشهد له.=
= فروى ابن حزم في المحلى (5/ 226) من طريق الحجاج بن المنهال، حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس بن مالك: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يأخذ من الرأس عشرة، ومن الفرس عشرة، ومن البراذين خمسة.
وسنده رجاله ثقات لولا عنعنة قتادة.
وعن حارثة بن مضرّب قال: جاء ناس من أهل الشام إلى عمر، فقالوا: إنا قد أصبنا أموالًا خيلا ورقيقًا، وانا نحب أن تزكيه، فقال: ما فعله صاحباي قبلي فأفعل أنا. ثم استشار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أحسن، وسكت علي، فسأله فقال:
هو حسن لو لم يكن جزية راتبة يؤخذون بها بعدك. فأخذ من الفرس عشرة دراهم.
رواه عبد الرزاق (4/ 35: 6886)، والدارقطني (2/ 126، 137)، والطحاوي (2/ 28)، وأحمد في مسنده (1/ 32) إلى قوله: يؤخذون بها بعدك. وكذا ابن خزيمة (4/ 30)، والحاكم في المستدرك (1/ 400)، وصححه، والبيهقي (4/ 118)، وابن حزم في المحلى (5/ 229)، وأبو عبيد في الأموال (499: 1364) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ به.
ورجاله ثقات لولا عنعنة أبي إسحاق السبيعي.
وله شاهد عند مالك في الموطأ (تنوير الحوالك 1/ 263)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 118)، وأبو عبيد في الأموال (499: 1365) عن سليمان بن يسار أن أهل الشام قالوا لأبي عبيدة بن الجراح: خذ من خيلنا ورقيقنا صدقة، فأبى، ثم كتب إلى عمر بن الخطاب، فأبى عمر، ثم كلموه أيضًا، فكتب إلى عمر، فكتب إليه عمر:"إن أحبوا فخذها منهم، وارددها عليهم وارزق رقيقهم".
رجاله ثقات، إلَّا أنه منقطع؛ سليمان بن يسار لم يدرك عمر رضي الله عنه.
وبالجملة، فما ورد من نصاب في حديث الباب، وقصة مجيء أهل الشام لعمر، حسن بمجموع هذه الشواهد، والله أعلم.
897 -
الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنِ الْبَرَاذِينِ أَفِيهَا صَدَقَةٌ. فَقَالَ سَعِيدٌ: ليس في شيء من الخيل صدقة.
897 -
الحكم عليه:
ضعيف جدًا. فيه محمد بن عمر الواقدي وهو متروك.
لكن أصله في الموطأ وغيره.
تخريجه:
أخرجه مالك في الموطأ (تنوير الحوالك 1/ 263)، وعنه الشافعي في الأم (2/ 22)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 118): عن عبد الله بن دينار أنه قال: سألت سعيد بن المسيب عن صدقة البراذين. فقال: وهل في الخيل من صدقة.
وسنده صحيح، رجاله رجال الشيخين.
وتابعه سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن بن دينار قال: سُئِل ابن المسيب: في البراذين صدقة؟ قال: أَوَفي الخيل صدقة؟.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 152) سند صحيح.
والأثر ورد من طريق آخر، أخرجه أبو عبيد في الأموال (499: 1363) قال: حدثنا عبد الله بن صالح، عن عبد العزيز بن سلمة، عن عبد الله بن دينار قال: سألت سعيد بن المسيب فقلت: أفي البراذين صدقة؟ فقال: أوفي الخيل صدقة.
وسنده حسن من أجل عبد الله بن صالح، كاتب الليث.
وبالجملة فالأثر بسند الحارث ضعيف جدًا، يغني عنه ما ورد في الموطأ، وطريق أبي عبيد المتقدمة. والله أعلم.
6 -
[بَابُ إِسْقَاطِ الزَّكَاةِ](1) عَنِ الْمَالِ الْمُقْرَضِ
898 -
قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا سعيد بن زكريا، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ (2)، عَنْ أُمِّ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ عَلَى مَنْ أَسْلَفَ مَالًا زَكَاةٌ.
* إِسناده ضَعِيفٌ.
(1) ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).
(2)
في (عم) و (سد) و (ك): "المقترض".
898 -
الحكم عليه:
الإِسناد ضعيف جدًا، عنبسة بن عبد الرحمن وشيخه محمد بن زاذان متروكان.
وقال الحافظ ابن حجر هنا في المطالب: إِسناده ضعيف.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 79)، وقال: فيه عنبسة بن عبد الرحمن وهو ضعيف. اهـ.
قلت: بل هو متهم، وفيه شيخه محمد بن زاذان وهو مثله.
وأورده البوصيري في الإتحاف (1/ 131: ب مختصر)، وعزاه لأبي يعلى وقال: وسنده ضعيف لضعف محمد بن زاذان المدني. اهـ. ولا يخفى ما في ذلك.=
= تخريجه:
أخرجه ابن حبان في المجروحين (2/ 179) عن أبي يعلى به.
ورواه ابن عدي في الكامل (6/ 2211)، والطبراني في المعجم الكبير (25/ 137: 331) من نفس هذه الطريق.
وسنده ضعيف جدًا -كما تقدم آنفًا-، والله الموفِّق للسداد، لا رب سواه.
899 -
وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ سَمِعَ [ابْنُ شِهَابٍ](1) السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ رضي الله عنه يَقُولُ: هَذَا شَهْرُ (2) زَكَاتِكُمْ، فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَقْضِ (3)، ثُمَّ لِيَتْرُكْ (4) ما بقي.
* إِسناده صحيح وهو موقوف.
(1) غير واضحة في الأصل، وأثبتها من باقي النسخ.
(2)
يفهم من تصرف الحافظ ابن حجر في التلخيص (2/ 163) أن الشهر هو المحرم، ولم أجد هذا في شيء من روايات الأثر التي اطلعت عليها، بل كل ما ورد: ما قاله أبو عبيد في الأموال (472: 1247) بعد إن نقل عن إبراهيم بن سعد أنه: شهر رمضان. قال أبو عبيد: وجاء من وجه آخر أنه شهر الله المحرم. وانظر: فتح الباري (13/ 310).
(3)
في (عم) و (سد) و (ك): "فليقضه".
(4)
في (سد): "ليزك"، ولعلها أقرب للمعنى، ولأنه يشهد لها الروايات الأخرى.
899 -
الحكم عليه:
موقوف صحيح.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 132: ب مختصر)، وعزاه لمسدد وصحّحه.
وصحّحه الألباني في الإِرواء (3/ 260: 789).
تخريجه:
رواه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 194)، ويحيى بن آدم في الخراج (163)، عن ابن عيينة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سمعت عثمان يَقُولُ: هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دين فليقضه وزكوا بقية أموالكم.
وأخرجه مالك في الموطأ (ص 168)، ومن طريقه الشافعي في الأم (1/ 237)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 148)، والطحاوي في أحكام القرآن -كما في البدر المنير (4/ 88 أ) -، وأبو عبيد في الأموال (472: 1247): عن ابن شهاب، عن السائب بن يزيد، أن عثمان بن عفان كان يَقُولُ: هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ، فَمَنْ=
= كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل أموالكم، فتؤدون منه الزكاة.
ورواه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 148) من طريق شعيب، عن الزهري قال: أخبرني السائب بن يزيد، أنه سمع عثمان بن عفان رضي الله عنه خطيبًا على مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: هذا شهر زكاتكم -ولم يسم السائب الشهر ولم أسأله عنه- قال: فقال عثمان: فمن كان عليه دين فليقض دينه حتى تخلص أموالكم، فتؤدوا منها الزكاة.
ثم قال البيهقي: ورواه البخاري في الصحيح، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري. قال الحافظ ابن الملقن في البدر المنير (4/ 88: أ) [وكذا عزاه إلى البخاري من هذا الوجه المنذري في تخريجه لأحاديث المهذب، والشيخ تقي الدين في الإِمام، وأنكر النووي في شرحه للمهذب على البيهقي هذا العزو، وقال: البخاري لم يذكره في صحيحه هكذا، وانما ذكر عن السائب بن يزيد، أنه سمع عثمان بن عفان عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لم يزد على هذا، ذكره في كتاب الاعتصام (13/ 305 فتح) في ذكر المنير. وكذا ذكره المنذري في جمعه، عن البخاري -كما ذكرنا-. قال: ومقصود البخاري به إثبات المنير، قال: وكأن البيهقي أراد: روى البخاري أصله لا كله.
قلت: القائل ابن الملقن متعقبًا النووي: لكن البيهقي نفسه في خلافياته سرده بلفظه السالف عن سننه، فقال: وعند البخاري في الصحيح عن السائب بن يزيد أنه سمع عثمان فذكره سواء، فلعل البيهقي ظفر به كذلك في نسخة من نسخ البخاري.] اهـ. وهو كلام نفيس من الحافظ ابن الملقن رحمه الله تعالى وذكر شيئًا منه الحافظ ابن حجر أيضًا في التلخيص (2/ 163).
7 -
[بَابُ أَخْذِ](1) عِقَالِ الْبَعِيرِ فِي الصَّدَقَةِ
900 -
إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، قَالَ: قَالَ [أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا مِمَّا أَخَذَ مِنْهُمُ النَّبِيُّ](2) صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ (3). وَكَانَ يَأْخُذُ مَعَ الْبَعِيرِ عِقَالًا. ثُمَّ قَرَأَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} .
* قُلْتُ: هَذَا مُرْسَلٌ إِسناده حَسَنٌ، وَقَدْ أَخْرَجُوا أَصْلَهُ مِنْ طَرِيقٍ مُتَّصِلَةٍ، وَإِنَّمَا أَوْرَدْتُهُ (4) لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ:"أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ مَعَ الْبَعِيرِ عِقَالًا" فَإِنَّهَا (5) تُؤَيِّدُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى فِي الْحَدِيثِ المعروف "عقالًا" خلافًا لمن قال "عناقًا".
(1) ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).
(2)
ما بين المعقوفتين ملحق بهامش الأصل.
(3)
في (ك): "عليها".
(4)
في الأصل و (حس): "أوردت"، والتصويب من (عم) و (سد).
(5)
في (عم) و (سد): "مما تؤيد
…
"، وتحرفت في (ك) هكذا: "فإنها بما يزيد رواية
…
".
900 -
الحكم عليه:
الإِسناد ضعيف؛ فيه شريك وهو سيِّىء الحفظ، ولم تعرف رواية يحيى بن آدم=
= عنه، هل هي قبل الاختلاط أو بعده، وإن كان الغالب أنها بعده. ثم إنه مرسل؛ إبراهيم النخعي لم يدرك أبا بكر رضي الله عنه.
وقا الحافظ ابن حجر هنا في المطالب: هذا مرسل، إِسناده حسن.
قلت: أما كونه مرسلًا فنعم، وأما تحسين إِسناده فلا، لسوء حفظ شريك.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 132/ ب مختصر)، وقال: رواه إسحاق مرسلًا بسند حسن.
تخريجه:
أما بهذا السند فلم أجده، وإنما ورد من طريق أخرى متصلة بلفظ:
"عقالًا"، فقد أخرجه البخاري في صحيحه (13/ 248 فتح)، ومسلم (1/ 51: 32)، وأبو داود في سننه (2/ 198: 1556)، والترمذي (10/ 69 عارضة)، والنسائي (5/ 14) عن الزهري، أخبرني عبيد الله بن عتبة، عن أبي هريرة قال:"لما تُوفّي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، واستُخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب قال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أُمرت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ما له ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله". فقال: والله لأُقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة، فإِن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه، فقال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق".
وأما رواية "عناقًا" فأخرجها البخاري في صحيحه (3/ 262 فتح)، وأحمد في مسنده (1/ 19، 35، 48)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 104، 114)، والبغوي في شرح السنة (5/ 488) عن الزهري، حدثنا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بن مسعود أن أبا هريرة قال: لما تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر،=
= وكفر من كفر من العرب. فقال عمر: كيف تقاتل الناس وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمرت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله،، فقال: "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإِن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها". قال عمر: فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر فعرفت أنه الحق.
901 -
وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا (1) ابْنُ دَاوُدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه اسْتَشَارَ عَلِيًّا رضي الله عنه فِي أَهْلِ الرِّدَّةِ فَقَالَ: إن الله تعالى جَمَعَ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَلَا [أَرَى](2) أَنْ تُفْرَق (3)، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه مَا قَالَ.
قَالَ مُسَدَّدٌ: الْعِقَالُ: الْمِائَةُ من الإبل الفريضة.
(1) في (ك): "حدثنا يحيى بن داود، عن علي بن صالح
…
"، وهو خطأ.
(2)
ما بين المعقوفتين عاقط من (عم).
(3)
ما أثبته من (سد) و (ك)، وفي باقي النسخ:"يفرق".
901 -
الحكم عليه:
الإِسناد فيه يحيى. هكذا غير منسوب ولم أعرفه، غير أن الحافظ البوصيري نَسَبه في الإِتحاف (1/ 132 مختصر) فقال: يحيى بن برهان. اهـ.
فإِن كان كذلك فلم أجد له ترجمة أيضًا، إلا أنني وجدت: يحيى بن بهماه مولى عثمان بن عفان، فلعل كلمة "برهان" في الإِتحاف قد تحرفت من "بهماه"، فإِن كان كذلك فيحيى بن بهماه مجهول -كما في الميزان (4/ 367)، واللسان (6/ 244) -.
وعلى ذلك فالسند ضعيف.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 132/ ب مختصر)، وسكت عنه.
تخريجه:
لم أجده.
8 -
[بَابُ النَّهْيِ عَنْ](1) أَخْذِ خِيَارِ الْمَالِ فِي الزَّكَاةِ وَالتَّعَدِّي فِي الصَّدَقَةِ
902 -
قَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: إِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه مَرَّتْ بِهِ [غَنَمٌ مِنْ](2) غَنْمِ الصَّدَقَةِ فِيهَا شَاةٌ ذَاتُ ضَرْعٍ ضَخْمٍ، فَقَالَ: مَا أَظُنُّ أَهْلَ هَذِهِ أَعْطَوْهَا وَهُمْ طَائِعُونَ، لَا تَأْخُذُوا حَزَرَاتِ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، لَا (3) تَفْتِنُوا (4) النَّاسَ، نَكِّبُوا عَنِ الطَّعَامِ.
(1) ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من (سد).
(3)
في (عم) و (سد): "فلا"
(4)
غير واضحة في (ك).
902 -
الحكم عليه:
الإسناد رجاله كلهم ثقات، إلَّا أن القاسم لم يدرك زمن عمر بن الخطاب إذ إنه ولد في خلافة الإِمام علي رضي الله عنه -كما في السير (5/ 45) -.
غير أنه ورد موصولًا، فرواه القاسم، عن عمته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها -كما مرَّ- في التخريج.=
= وذكره البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (1/ 132: أمختصر)، وعزاه لمسدد وقال: رجاله ثقات.
تخريجه:
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 267)، واللفظ له، والشافعي (1/ 230)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 158)، وأبو عبيد في الأموال (1086/ 436) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري به، ولفظه: "عن عائشة رضي الله عنها قالت: مُرّ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بغنم من الصدقة، فرأى فيها شاة حافلًا ذات ضرع عظيم، فقال عمر: ما هذه الشاة؟ فقالوا: شاة من الصدقة. فقال عمر: ما أعطى هذه أهلها وهم طائعون، لا تفتنوا الناس، لا تأخذوا حزرات المسلمين نكِّبوا عن الطعام.
وهو صحيح.
903 -
[1] وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الصُّنابح الْأَحْمَسِيِّ (1) قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبْصَرَ نَاقَةً حَسْنَاءَ فِي إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ. فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ارْتَجَعْتُهَا (2) بِبَعِيرَيْنِ مِنْ حَوَاشِي الْإِبِلِ. قَالَ: فَنَعَمْ إِذًا. [2] رَوَاهُ أبو يعلى عن أبي بكر (3).
(1) تصحفت في الأصل إلى: "الأحمشي" والتصويب من باقي النسخ وكتب التراجم.
(2)
تحرفت في الأصل إلى: "أرجعتها"، وفي (حس):"رجعتها"، والتصويب من باقي النسخ.
(3)
في الأصل: "ابن أبي بكر"، وهو خطأ، والتصويب من باقي النسخ.
903 -
الحكم عليه:
الإِسناد ضعيف، لضعف مجالد بن سعيد.
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 105)، وعزاه لأحمد وأبي يعلى وقال: فيه مجالد بن سعيد وقد وثقه النسائي في رواية. اهـ.
قلت: لكن الراجح أنه ضعيف. وأورده الهيثمي في المجمع أيضًا (3/ 83)، ووقع في وهم عجيب -كما سيأتي في التخريج-.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 132: أمختصر)، وأعله بمجالد بن سعيد.
تخريجه:
أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة أيضًا في المصنف (3/ 125)، وعنه أبو يعلى في مسنده (3/ 39: 1453)، وكذا البيهقي في السنن الكبرى (4/ 113)، والطبراني في المعجم الكبير (8/ 80: 7417) من طريق عبد الرحيم بن سليمان، عن مجالد به.
وسنده ضعيف من أجل مجالد هذا. وقد وهم الحافظ الهيثمي إذ ذكر هذا الحديث في مجمع الزوائد (3/ 83)، وعزاه للطبراني في الكبير وقال: وفيه محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي وهو ضعيف. اهـ. وكما تلاحظ فليس في سنده محمد، ويبدو والله أعلم أن ذلك سبق نظر منه، فإِن الذي في سنده محمد بن يزيد الرهاوي هو الحديث=
= الذي قبل هذا في معجم الطبراني وهو: قال الطبراني (93/ 8: 7416) حدثنا عبد الله بن سعيد بن يحيى الرقي، حدثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي، حدثني أبي، عن أبيه، عن زيد بن أبي أُنيسة، عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أبي حازم، عن الصُّنابح الأحمسي، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إني فرطكم على الحوض، مكاثر بكم الأمم، لا تقتتلوا بعدي.
وحديث الباب ورد مرسلًا بلفظ آخر: رواه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 114) من طريق أبي عبيد، حدثنا هشيم، عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أبي حازم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رأى في إبل الصدقة ناقة كوماء فسأل عنها فقال المصدق: إني أخذتها بإبل، فسكت.
وسنده رجال ثقات لولا عنعنة هشيم.
ولذلك لما سئل الإِمام البخاري عن هذا الحديث قال -كما في السنن الكبرى للبيهقي (4/ 113) -: روى هذا الحديث إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أبي حازم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في إبل الصدقة
…
مرسلًاوضعف مجالدًا. اهـ. فكأن البخاري أعل الرواية الموصولة بمجالد، ورجح كون الحديث مرسلًا، والله أعلم.
لكن مجالدًا تابعه خالد بن سعيد عند الإِمام أحمد في المسند (4/ 349) فقال الإِمام أحمد: حدثنا عتاب بن زياد، حدثنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا خالد بن سعيد، عن قيس بن أبي حازم، عن الصُّنابحي قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في إبل الصدقة مسنة، فغضب وقال: ما هذه. قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ارْتَجَعْتُهَا بِبَعِيرَيْنِ مِنْ حاشية الصدقة. فسكت.
وسنده حسن؛ خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، قال في التقريب (188: 1639): صدوق، وعتاب بن زياد صدوق أيضًا -كما في التقريب (380: 4421) -.
وبالجملة فحديث الباب -بمتابعة خالد بن سعيد- حسن لغيره
…
والله الموفق سبحانه.
904 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ.
قَالَ (1): جَلَسَ إليَّ وَأَنَا فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ زَمَنَ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ [الثَّقَفِيِّ](2) وَفِي يَدِهِ عَصًا وَصَحِيفَةٌ يَحْمِلُهَا فِي يَدِهِ. فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ تَرَى هَذَا الْكِتَابَ نَافِعِي عِنْدَ صَاحِبِكُمْ هَذَا. قُلْتُ: وَمَا هَذَا الْكِتَابُ. قَالَ: كِتَابٌ كَتَبَهُ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ: وَكَيْفَ كَتَبَ لَكُمْ (3). قَالَ: دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ مَعَ أَبِي (4)
…
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
…
فَقَالَ أَبِي يَعْنِي لِطَلْحَةَ: خُذْ لَنَا كِتَابًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يُتَعدّى عَلَيْنَا فِي صَدَقَاتِنَا. فَقَالَ: ذَلِكَ (5) لِكُلِّ مُسْلِمٍ. فَقُلْنَا: وَإِنْ كَانَ. فَمَشَى بِنَا (6) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَيْنِ اخْتَارَا أَنْ تُكْتَبَ لَهُمَا أَنْ لَا يُتعدّى عَلَيْهِمَا فِي صَدَقَاتِهِمَا. فَقَالَ (7): ذَلِكَ (8) لِكُلِّ مُسْلِمٍ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمَا اخْتَارَا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمَا مِنْكَ (9) كِتَابٌ. فَكَتَبَ لَنَا هَذَا الْكِتَابَ، فَتَرَاهُ نَافِعِي عِنْدَ صَاحِبِكُمْ هَذَا، فَقَدْ وَاللَّهِ تُعُدِّيَ عَلَيْنَا فِي صَدَقَاتِنَا. قَالَ: قُلْتُ لا أظن والله [إذًا](10).
(1) القائل هو: سالم أبو النضر -كما يدل على ذلك السياق-، ولم يعرف الجالس في أي طرق الحديث، بل ورد في أحد الطرق أنه أعرابي.
(2)
ما بين المعقوفتين ليس في (عم) و (ك).
(3)
في (عم) و (سد) و (ك): "وكيف كتبه".
(4)
في (سد): "أبي بكر"، وهو خطأ مخالف للسياق والسباق.
(5)
في (حس) و (سد) و (ك): "ذاك".
(6)
غير واضحة في الأصل، وما أثبته من باقي النسخ.
(7)
في (ك): "فقلت".
(8)
كذا في الأصل، وفي باقي النسخ:"ذاك".
(9)
تحرفت في (ك) إلى: "مثل".
(10)
ما بين المعقوفتين ليس في (ك).
904 -
الحكم عليه:
الإِسناد حسن، من أصل محمد بن إسحاق، وهو وإن كان مدلسًا إلَّا أنه صرح بالتحديث هنا. فأمنا ما كنا نخشاه من تدليسه، والشيخ التميمي وإن لم يعرف لكنه حدث من كِتَابٌ كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأبيه، فهي وجادة، وهي مقبولة على الراجح.
والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 83)، وعزاه لأحمد وأبي يعلى وقال: رجاله رجال الصحيح. وقال الشيخ البنا في الفتح الرباني (15/ 51): سنده جيد. اهـ. وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على السند (2/ 371)، والصواب تحسينه -كلما علمت آنفًا-.
تخريجه:
أخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 15) بطوله بنفس هذا الإِسناد، قال: حدثنا القواريري، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ: جَلَسَ إليَّ وَأَنَا فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، وَفِي يَدِهِ عَصًا وَصَحِيفَةٌ يَحْمِلُهَا فِي يَدِهِ. فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ تَرَى هَذَا الْكِتَابَ نَافِعِي عِنْدَ صَاحِبِكُمْ هَذَا؟ قُلْتُ: وَمَا هَذَا الْكِتَابُ؟ قَالَ: كِتَابٌ كَتَبَهُ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ: وَكَيْفَ كتبه لكم. قال: قدمت الْمَدِينَةَ مَعَ أَبِي، وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ فِي إِبِلٍ جَلَبْنَاهَا إِلَى الْمَدِينَةِ لِنَبِيعَهَا قَالَ: وَكَانَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ صَدِيقًا لِأَبِي فَنَزَلْنَا عليه. فقال أبي: أَبَا مُحَمَّدٍ أُخرج مَعَنَا، فَبِعْ لَنَا ظَهْرنا، فَإِنَّهُ لَا عِلْم لَنَا بِهَذِهِ السُّوقِ. قَالَ: أَمَّا أَنْ أَبِيعَ لَكَ فَلَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَلَكِنْ سَأَخْرُجُ مَعَكُمَا إِلَى السوق، فإِذا رَضِيتُ لَكُمَا رَجُلًا مِمَّنْ يُبَايِعُكُمَا أَمَرْتُكُمَا بِبَيْعِهِ. قال: فخرجنا وخرج معنا، فجلس في ناحية من السوق وساومنا الرجل بِظَهْرِنَا حَتَّى إِذَا أَعْطَانَا رَجُلٌ مَا يُرْضِينَا أتينا فاستأمرناه في بيعه. فقال: نعم فبايعوه، فقد رضيت=
= لكما وفاءه وملأه. قال: فبايعناه، وأخذنا الذي لنا. فقال له أبي: خُذْ لَنَا كِتَابًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يُتَعَدّى عَلَيْنَا في صدقاتنا. قال: ذاك لكل مسلم.
فقلنا: وإن كان. قال: فَمَشَى بِنَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هذين يحبان أَنْ تُكْتَبَ لَهُمَا أَنْ لَا يُتعدّى عَلَيْهِمَا في صدقاتهما. قال: ذاك لِكُلِّ مُسْلِمٍ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمَا يحبان أن يكون عندهما منك كتاب. قال: فكتب لهما هَذَا الْكِتَابَ، فَتَرَاهُ نَافِعِي عِنْدَ صَاحِبِكُمْ هَذَا، فَقَدْ وَاللَّهِ تُعُدِّي عَلَيْنَا فِي صَدَقَاتِنَا. قَالَ: قلت: لا أظن والله.
وأخرجه أحمد في مسنده (1/ 163) قال: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن إسحاق، حدثنا سالم بن أبي أمية أبو النضر قال: فذكره بطوله.
وأخرجه أبو يعلى أيضًا (2/ 15) بلفظ مختصر قال: حدثنا عبد الأعلى، حدثنا حماد بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سالم المكي: أن أعرابيًا قال: قدمت المدينة بحلوبة لي، فنزلت على طلحة بن عبيد الله فقلت: إنه لاعلم لي بأهل السوق، فلو بعت لي، فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع حاضر لباد، ولكن اذهب إلى السوق فانظر من يبايعك فشاورني حتى آمرك أو أنهاك.
وقال الحافظ المنذري في مختصره لسنن أبي داود (5/ 83)، وأخرجه أبو بكر البزار من حديث ابن إسحاق، عن سالم المكي، عن أبيه، وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن طلحة إلَّا من هذا الوجه، ولا نعلم أحدًا قال: عن سالم، عن إليه، عن طلحة، غير مؤمل بن إسماعيل، وأما غير مؤمل فيقول: عن رجل. والحديث لم أجده في المطبوع من كشف الأستار عن زوائد البزار، ويبدو أن الوهم فيه من مؤمل على ما حققه الحافظ المنذري.
والحديث أخرجه أبو داود (3/ 270: 3441)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 347) مختصرًا مقتصرًا على النهي عن بيع الحاضر للباد. من طريق حماد بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سالم المكي أن أعرابيًا حدثه، أنه قدم بحلوبة له=
= عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فنزل على طلحة بن عبيد الله فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع حاضر لباد، ولكن اذهب إلى السوق فانظر من يبايعك فشاورني حتى آمرك أو أنهاك.
وسنده حسن من أجل ابن إسحاق وهو وإن روى بالعنعنة هنا، لكنه صرح بالتحديث في رواية أبي يعلى وأحمد فانتفت شبهة تدليسه، ولا يضر السند جهالة الصحابي لأن الصحابة كلهم عدول- كما هو معلوم-.
9 -
[بَابُ الْأَمْرُ بِرِضَى عَامِلِ (1) الصَّدَقَةِ](2) وَأَنَّ (3) الْمُعْطِيَ يُبَرَّأُ مِمَّا عَلَيْهِ إِذَا أَعْطَاهَا لَهُ وَإِنَّمَا الْإِثْمُ عَلَى مَنْ تَرَكَ (4)
905 -
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ (5)، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن جابر، عن أبيه رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يأتيكم ركب مبغضون (6)، فإِذا جاؤوكم فَرَحِّبُوا بِهِمْ، وَخَلُّوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَبْغُونَ، فإِن عَدَلُوا فَلِأَنْفُسِهِمْ، وَإِنْ ظَلَمُوا فَعَلَيْهِمْ، وَأَرْضُوهُمْ، فإِن تمام زكاتكم رضاهم، وليدعوا لكم.
(1) في (عم): "عاملي".
(2)
ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).
(3)
في (ك): "والبيان أن المعطي
…
".
(4)
في (ك): "على من بدل".
(5)
في جميع النسخ عدا (ك): "خالد بن مختار"، والتصويب من (ك)، ومصنف ابن أبي شيبة (3/ 115)، وكتب التراجم.
(6)
تحرفت في (ك) إلى: "ينفضون".
905 -
الحكم عليه:
الإِسناد ضعيف، فيه خارجة بن إسحاق السلمي، وهو مجهول.=
= وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 80)، وعزاه للبزار، وقال: رجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف لا يضر. اهـ.
قلت: بل فيهم خارجة بن إسحاق مجهول عينًا وحالًا، ثم إنه قد خولف -كما سيأتي في التخريج-، فالحديث ضعيف.
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة أيضًا في المصنف (3/ 115)، والبزار في مسنده -كما في كشف الأستار (2/ 397: 1946) -، من طريق ثابت بن قيس، عن خارجة به.
وهو نفس طريق الباب، وهو ضعيف -كما سبق آنفًا-. وقال البزار: لا نعلمه مرفوعًا إلَّا بهذا الإِسناد، وخارجة وأبو الغصن مدنيان، ولم يكن أبو الغصن حافظًا. اهـ. ثم إنه قد خولف، فأخرجه أبو داود في السنن (2/ 105: 1588)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 114)، من طريق بشر بن عمر، حدثنا أبو الغصن ثابت بن قيس، عن صخر بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ بن عتيك، عن جابر بن عتيك، أن رسول الله قال:"سيأتيكم ركيب مبغضون، فإِذا جاؤوكم فرحبوا بهم، وخلوا بينهم وبين ما يبتغون، فإِن عدلوا فلأنفسهم، وإن ظلموا فعليها، وَأَرْضُوهُمْ، فإِن تَمَامَ زَكَاتِكُمْ رِضَاهُمْ، وَلْيَدْعُوا لَكُمْ".
وسنده ضعيف؛ فيه صخر بن إسحاق، قال في التقريب (274: 2902): لين.
ثم إنه هنا من حديث جابر بن عتيك، وحديث الباب عن جابر بن عبد الله، فإما أن يكون منشأ هذا الاضطراب من راويه عن عبد الرحمن وهو خارجة بن إسحاق أو صخر بن إسحاق، وإما من الراوي عنهما وهو ثابت بن قيس، خاصة أنه لم يكن بالحافظ، يقع في حديثه الوهم والخطأ، لكن تعصيب الجناية بالضعيف أولى من تعصيبها بالصدوق، والله أعلم.
لكن في الباب ما يغني عن ذلك وهو حديث جرير رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم المصدق فليصدر عنكم، وهو عنكم راض".=
= أخرجه مسلم (2/ 757: 989)، واللفظ له، والترمذي (3/ 146 عارضة)، والنسائي (5/ 22)، وابن ماجه (1/ 576)، والطيالسي (92/ 667)، والشافعي (2/ 58)، والحميدي (2/ 349)، وابن أبي شيبة (3/ 115)، وأحمد (4/ 361، 364، 365)، والدارمي (1/ 332)، وابن خزيمة (4/ 55)، والطبراني (2/ 364، 365)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 136) من طريق محمد بن أبي إسماعيل السلمي، عن عبد الرحمن بن هلال العبسي، عن جرير بن عبد الله به.
وفي رواية لأبي داود (2/ 106)، والنسائي (5/ 22)، وأحمد (4/ 362)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 114، 137)، عن جرير، قال: جاء ناس -يعني من الأعراب- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: "إن ناسًا من المصدقين يأتونا فيظلمونا، قال: فقال أرضوا مصدقيكم، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وإن ظلمونا، قال: أرضوا مصدقيكم".
906 -
وَقَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ (1)، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قال: أتى رجل بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، [اللَّهُ] (2) حَسْبِي إِذَا أَدَّيْتُ الزَّكَاةَ إِلَى رَسُولِكِ فَقَدْ برئتُ منها إلى الله تعالى ورسوله؟ فقالو: إِذَا أَدَّيْتَهَا إِلَى رَسُولِي فَقَدْ بَرِئْتَ مِنْهَا، ذلك أجرها، وإثمها على من بدّلها.
(1) في (سد): "خالد بن سعيد يزيد"، وهو خطأ من الناسخ.
(2)
ما بين المعقوفتين ليس في (عم) و (سد) و (ك).
906 -
الحكم عليه:
الإِسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، لكنه منقطع؛ سعيد عن أنس مرسل -كما في التهذيب (4/ 94) -. وذكره البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (1/ 134: ب مختصر)، وعزاه للحارث وسكت عليه. وذكره الهيثمي في بغية الباحث برقم (285).
تخريجه:
أخرجه الإِمام أحمد في مسنده (3/ 136)، والحاكم في المستدرك (2/ 360)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 97) من طريق اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أنه قَالَ: "أَتَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رسول الله إني ذو مال كثير، وذو أهل وولد وحاضرة، فأخبرني كيف أنفق وكيف أصنع، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تُخرِج الزَّكَاةَ مِنْ مَالِكَ، فَإِنَّهَا طُهْرَةٌ تطهِّرك، وَتَصِلُ أَقْرِبَاءَكَ، وَتَعْرِفُ حَقَّ السَّائِلِ وَالْجَارِ وَالْمِسْكِينِ. فقال: يا رسول الله اقلل لي. قال: فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرًا. فقال: حسبي يا رسول الله، إِذَا أَدَّيْتُ الزَّكَاةَ إِلَى رَسُولِكِ فَقَدْ بَرِئْتُ منها إلى=
= الله ورسوله؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نعم، إِذَا أدَّيتها إِلَى رَسُولِي فَقَدْ بَرِئْتَ مِنْهَا، ذلك أجرها، وإثمها على من بدلها".
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
قلت: لكنه منقطع بين سعيد وأنس.
وتابع ليثًا: عبد الله بن لهيعة. أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 97).
907 -
وَقَالَ مُسَدَّدٌ (1): حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ الْقَطَّانُ، عَنْ علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ (2)، حَدَّثَنِي بَعْجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَاهرِ بْنِ يَرْبُوعٍ (3)، قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَكريمُ (4) كَرِيمَةَ مَالِي.
قَالَ: لَا، إِنْ أَقْبَلُوا فَلَا تَعْصُوهُمْ (5)، وَإِنْ أَدْبَرُوا [فَلَا تحيوهم (6)، فيكون عاصيًا تحصب غير ظالم، قل دون الْحَقُّ](7)، خُذِ الْحَقَّ وَدَعِ الْبَاطِلَ فإِن أَخَذَ فَذَاكَ، وَإِنْ تَجَاوَزَ إِلَى غَيْرِهَا فَاصْبِرْ يَجْمَعُ الله تعالى [لك](8) يوم القيامة في الميزان (9).
* صحيح موقوف.
(1) هذا الأثر غير موجود في النسخة (ك).
(2)
غير واضحة في الأصل، وما أثبته من يأتي انسخ.
(3)
في (الأموال) لأبي عبيد (440/ 1102): "زاهر بن برنوع".
(4)
غير واضحة في الأصل، وما أثبته من باقي النسخ. انظر: التعليق رقم (9).
(5)
في (حس): "فلاخذ تعصوهم". انظر: التعليق رقم (9).
(6)
في (عم) و (حس): "فلا تسبوهم". انظر: التعليق رقم (9).
(7)
كذا في الأصل، والعبارة فيها تحريف. وجاء في (حس):"فلا تسبوهم، فيكون عاصيًا نحضب غير ظالم قل هذا الحق". ومثله في (عم)، إلَّا أن فيهما:"قال هذا الحق". وانظر: التعليق رقم (9).
(8)
ما بين المعقوفتين ساقط من (حس).
(9)
كما تلاحظ فالخبر جاء محرفًا جدًا، حتى إنه لم تفهم جُمَلُه. وقد جاء بعبارة أوضح عند أبي عبيد في "الأموال" (440/ 1102) كما يلي:"عن زاهر بن برنوع أنَّ رجلًا جاء إلى أبي هريرة فقال: أؤخبِّىء منهم كريمة مالي. قال: فقال: لا، إذا أتوكم فلا تعصوهم، وإذا أدبروا فلا تسبُّوهم، فتكون عاصيًا خَفَّف عن ظالم، ولكن قل: هذا مالي، وهذا الحق، فخذ الحق وذر الباطل، فإِن أخذه فذاك، وإن تعدَّاه إلى غيره جمعا لك في الميزان يوم القيامة".
907 -
الحكم عليه:
رجاله ثقات، غير زاهر بن يربوع لم أجد له ترجمة.=
= وقال ابن حجر هنا: صحيح موقوف.
تخريجة:
رواه أبو عبيد في الأموال (440/ 1102) قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير، عن زاهر بن برنوع أنّ رجلًا جاء إلى أبي هريرة فقال: أؤخبِّىء منهم كريمة مالي. قال: فقال: لا، إذا أتوكم فلا تعصوهم، وإذا أدبروا فلا تسبوهم فتكون عاصيًا خفف عن ظالم، ولكن قل: هذا مالي وهذا الحق، فخذ الحق وذر الباطل فإِن أخذه فذاك، وإن تعداه إلى غيره جمعا لك في الميزان يوم القيامة".
وفيه زاهر بن برنوع لم أعرفه.
لكن ورد عن أبي هريرة النهي عن التعدي في الصدقة من طرق أخرى، فرواه أبو عبيد في الأموال (441/ 1105) حدثنا يحيى بن بكير، عن عبد الله بن لهيعة، عن أبي يونس مولى أبي هريرة أنه سمع أبا هريرة وأبا أسيد صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولان: إن حقًا على الناس إذا قدم عليهم المصدِّق أن يرحبوا به، ويخبروه بأموالهم كلها، ولا يخفوا عنه شيئًا، فإِن عدل فسبيل ذلك، وإن كان غير ذلك واعتدى لم يضرّ إلَّا نفسه، وسيخلف الله عليهم".
وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف.
وروى عبد الرزاق في المصنف (4/ 16: 6821) عن محمد بن مسلم وغيره، عن إبراهيم بن ميسرة، عن رجل سماه فنسيته قال: سألت أبا هريرة، في أي المال الصدقة؟ قال: في الثلث الأوسط، فإِذا أتاك المصدق، فأخرج له الثلث الأوسط، الجذعة والثنية، قال: فإِن أخذ فحقٌّ له، وإن أبى فلا تمنعه ولا تسبه وأطعمه من طعامك، وقل له قولًا معروفًا.
وسنده ضعيف لجهالة شيخ إبراهيم بن ميسرة.
ثم روى عبد الرزاق في المصنف (4/ 18: 6823) عن معمر، عن رجل، عن=
= أبي هريرة قال: "إذا جاءك المصدق فقل: هذا مالي وهذه صدقتي، فإِن رضي وإلَّا فول وجهك عنه ودعه وما يصنع، ولا تلعنه". وسنده ضعيف أيضًا لجهالة الراوي عن أبي هريرة.
وبالجملة فخبر الباب ضعيف، وهذه الشواهده لا تقوى للاحتجاج لأنَّ مدارها على رجل لم يكشف عنه، ولا أدري كيف حكم ابن حجر عليه بالصحة إلَّا أن يكون في "زاهر بن يربوع" تصحيف أو تحريف لم يظهر لي، فسبحان من لا يخفى عليه شيء، وفوق كل ذي علم عليم.