المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌17 - [باب الخرص في الثمار] - المطالب العالية محققا - جـ ٥

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌8 - بَابُ الْإِنْصَاتِ لِلْخُطْبَةِ

- ‌11 - بَابُ زَجْرِ التَّخَلُّفِ [عَنِ الْجُمُعَةِ]

- ‌12 - بَابُ الزَّجر عَنْ تَخَطِّي [رِقَابِ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]

- ‌13 - بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ [رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَهَا]

- ‌14 - بَابُ مَنْ صَلَّى [بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ]

- ‌16 - بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌17 - بَابُ صَلَاةِ الكسُوف

- ‌18 - بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌19 - بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌9 - كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌2 - بَابُ الْأَمْرِ بِالصَّبْرِ

- ‌3 - بَابُ ثَوَابِ مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ

- ‌5 - بَابُ غُسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌6 - بَابُ الْكَفَنِ

- ‌7 - بَابُ الْمَشْي مَعَ الْجَنَازَةِ وَالْقِيَامِ [مَعَهَا إِلَى أَنْ تُدْفَنَ]

- ‌8 - بَابُ الْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ

- ‌9 - بَابُ تَقْدِيمِ الإِمام [فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ]

- ‌10 - بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ [أَنْ يَتْبَعَ الْجَنَازَةَ]

- ‌11 - بَابُ الدَّفْنِ

- ‌12 - بَابُ دَفْنِ الشَّهِيدِ حَيْثُ يُقْتَلُ

- ‌13 - باب التعزية

- ‌15 - بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ [وَالْأَدَبِ فِي ذَلِكَ]

- ‌16 - بَابُ الدَّفْنِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

- ‌17 - بَابُ كَرَاهِيَةِ [مَوْتِ الْفُجْأَةِ]

- ‌20 - بَابُ إِخْرَاجِ النُّوَّائحِ [مِنَ الْبُيُوتِ وَالزَّجْرِ عَنِ النِّياحة]

- ‌21 - بَابُ الدُّعَاءِ [فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ]

- ‌23 - بَابُ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَازَةِ

- ‌24 - بَابُ الصُّفُوفِ [عَلَى الْجَنَازَةِ]

- ‌25 - بَابُ أَلَمُ الْمَوْتِ

- ‌27 - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ

- ‌28 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الْمَوْتَى [وَالتَّرْغِيبِ فِي الثَّنَاءِ الْحَسَنِ عَلَيْهِمْ]

- ‌30 - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌31 - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ قَالَ [لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ]

- ‌10 - كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌1 - بَابُ فَضْلِ الزَّكَاةِ

- ‌2 - بَابُ زَكَاةِ [النَّعَمِ]

- ‌3 - بَابٌ جَامِعٌ فِي [حُدُودِ الزَّكَاةِ]

- ‌5 - بَابُ إِسْقَاطِ الزَّكَاةِ [عَنِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ]

- ‌10 - بَابُ جَوَازِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ

- ‌11 - باب جواز أخذ القيمة في الزكاة

- ‌12 - بَابُ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ [عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَمَوَالِيهِمْ]

- ‌14 - باب زكاة التجارة

- ‌15 - بَابُ زَكَاةِ الْحُلِيِّ

- ‌17 - [بَابُ الْخَرْصِ فِي الثِّمَارِ]

- ‌30 - بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌33 - بَابُ أَفْضَلِ الصَّدَقَةِ

- ‌34 - بَابُ وُصُولِ الصَّدَقَةِ إِلَى الْمَيِّتِ

- ‌36 - بَابُ ذَمِّ الْبُخْلِ

- ‌37 - باب إنجاز الوعد

الفصل: ‌17 - [باب الخرص في الثمار]

‌17 - [بَابُ الْخَرْصِ فِي الثِّمَارِ]

922 -

قَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ (1)، قَالَ: إِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه بَعَثَهُ عَلَى خَرْصِ التَّمْرِ، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَ عَلَى أَرْضٍ فَاخْرُصْهَا وَدَعْ لَهُمْ قَدْرَ مَا يَأْكُلُونَ.

* إِسناده صَحِيحٌ وَهُوَ مَوْقُوفٌ، وَقَدْ أَخْرَجُوا (2) بِهَذَا الإِسناد عن سهل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم[مرفوعًا](3).

(1) في (ك): "عن سهل بن أبي خيثمة"، وهو تحريف.

(2)

يعني أصحاب الكتب الستة أو بعضهم لكني لم أجد الحديث مرفرعًا عن سهل بهذا الإِسناد في شيء من الكتب الستة -كما سيأتي في تخريج الحديث-.

(3)

ما بين المعقوفتين ليس في (سد).

ص: 562

922 -

الحكم عليه:

صحيح موقوف -كما قال الحافظ هنا في المطالب-.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 133: ب مختصر)، وعزاه لمسدد وصححه.

ص: 562

تخريجه:

أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 453)، والبيهقي في السنن الكبرى=

ص: 562

= (4/ 124)، من طريق مسدد، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وتابعه أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ به. رواه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 194).

وتابعه الثوري، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يسار أن عمر بن الخطاب كان يقول للخراص: دع لهم قدر ما يقع وقدر ما يأكلون.

رواه عبد الرزاق في المصنف (4/ 129: 7221) -كما تلاحظ- عن بشير أن عمر وهو مرسل.

ورواه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 124) من طريق سليمان بن بلال، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يسار أن عمر فذكره مرسلًا.

ثم رواه البيهقي في السنن (4/ 124) من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا أبو عمرو يعني الأوزاعي أن عمر بن الخطاب قال: خففوا على الناس في الخرص فإِن فيه العرية والوطية والأكلة. قال الوليد: قلت لأبي عمرو: وما العرية قال: النخلة والنخلتين والثلاث يمنحها الرجلُ الرجلَ من أهل الحاجة. قلت: فما الأكلة. قال: أهل المال يكون منه رطبًا فلا يخرص ذلك ويوضع من خرصه. قال: قلت: فما الوطية. قال: يغشاهم ويزورهم.

قلت: ومن وصله معه زيادة، وهو حماد بن زيد، ثقة، وزيادة الثقة مقبولة.

وورد معناه مرفوعًا. فعن عبد الرحمن بن مسعود بن نيار قال: جاء سهل بن أبي حثمة إلى مجلسنا، فحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: إذا خرصتم فخذوا، ودعوا الثلث فإِن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع.

رواه الترمذي (3/ 140 عارضة)، واللفظ له؛ والنسائي (5/ 42)، وأحمد (3/ 448، 4: 3)، وابن أبي شيبة (3/ 194)، وابن الجارود في المنتقى (ص 130)، وابن خزيمة (4/ 42)، وابن حبان (5/ 118)، والحاكم (1/ 402)،=

ص: 563

= والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 123)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 194: أ) من طرق عن شعبة، عن خبيب بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مسعود بن نيار قال: فذكره.

وقال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبي. وأعله القطان بجهالة عبد الرحمن بن مسعود بن نيار فقال: في إِسناده عبد الرحمن بن نيار، قال البزار: لم يروه عن سهل إلَّا هو، وهو معروف.

قال ابن القطان: وهذا غير كاف فيما ينبغي من عدالته، فكم من معروف غير ثقة، والرجل لا يعرف له حال، ولا يعرف بغير هذا

اهـ.

وتعقبه ابن الملقن في البدر المنير (4/ 96: ب) فقال: [عبد الرحمن هذا وثقه أبو حاتم بن حبان؛ فإِنه ذكره في ثقاته (5/ 104)، وأخرج الحديث في صحيحه من جبهته، وكذلك الحاكم صحح إِسناده، فقد عرف حاله -كما قال البزار-. وقول النووي في شرح المهذب (5/ 479): إِسناد هذا الحديث صحيح إلَّا عبد الرحمن بن مسعود بن نيار الراوي عن سهل بن أبي حئمة فلم يتكلموا فيه بجرح ولا تعديل وهو مشهور ولم يضعفه أبو داود -قال ابن الملقن-: فيه ما ذكرناه من كونه ثقة]. اهـ.

قلت: القول قول ابن القطان والنووي، ولا وجه لكلام ابن الملقن؛ فإِن قاعدة ابن حبان في التوثيق معروفة، فالقول فيه أنه مجهول.

وأما تصحيح الحاكم له، فإنما ذلك والله أعلم لشواهده، بدليل أنه قال: وله شاهد بإِسناد متفق على صحته

ثم ذكر خبر الباب، مع أن خبر الباب لا يشهد له، إذ خبر الباب موقوف على عمر، وهذا مرفوع، إلَّا أن يكون له حكم المرفوع باعتبار أنه لا مجال للرأي فيه.

والحديث ورد من طريق آخر، رواه الدارقطني في السنن (2/ 134)، والطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين (1/ 123: أ) - من طريق عبد الله بن شبيب:

حدثني عبد الجبار بن سعيد، حدثني محمد بن صدقة، حدثني مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ=

ص: 564

= سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده سهل بن أبي حثمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه خارصًا، فجاء رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أبا حثمة قد زاد عَلَيَّ في الخرص. فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابن عمك يزعم أنك زدت عليه في الخرص. فقلت: يا رسول الله لقد تركت له قدر خرفة أهله وما يطعم المساكين. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قد زادك ابن عمك وأنصف.

وفيه عبد الله بن شبيب، وهو واه -كما في اللسان (3/ 299) -، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 79)، وعزاه للطبراني في الأوسط وقال: وفيه محمد بن صدقة وهو ضعيف. اهـ.

قلت: هو صدوق، فقد قال فيه النسائي: لا بأس به، وقال أبو حاتم: صدوق وهذا ما اختاره ابن حجر في التقريب (484: 5967).

ص: 565

923 -

وَقَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ، حدثنا إِسْرَائِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (1) بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعِ بن خديج، [عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ](2) رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا إلى قَوْمٍ فَطَمَسَ عَلَيْهِمْ نَخْلَهُمْ فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: أَتَانَا [فُلَانٌ](3) فَطَمَسَ عَلَيْنَا نَخْلَنَا (4). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لقد بعثته وإنه لفي (5) نَفْسِي لَأَمِينٌ، فإِن شِئْتُمْ أَخَذْتُمْ (6) مَا طَمَسَ عليكم، وإن شئتم أخذناه ورددناه عليكم. قالوا: هذا الحق، وبالحق قامت السموات والأرض.

(1) تحرفت في (ك) إلى: "أزهر بن عبد الأعلى".

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من (حس) و (عم).

(3)

ما بين المعقوفتين بياض في (ك) مقدار كلمة.

(4)

في هامش الأصل كتب مقابل هذه الجملة: "فطمس علينا نخلنا أي استأصل ثمارها".

(5)

في (عم) و (سد) و (ك): "في".

(6)

في (عم): "أعدتم".

ص: 566

923 -

الحكم عليه:

ضعيف جدًا، تالف، فيه عبد العزيز بن أبان متروك، بل وصفه ابن معين وغيره بالكذب. وفيه أيضًا إسحاق بن الحكم، وشيخه محمد بن رافع بن خديج وهما مجهولان.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 133: ب مختصر)، وعزاه للحارث وسكت عليه. قلت: وقد علمت أنه ضعيف جدًا.

ص: 566

تخريجه:

لم أجده.

ص: 566

18 -

[بَابُ النَّهْيِ عَنْ](1) حَصَادِ اللَّيْلِ فِرَارًا مِنَ الفقراء

924 -

[1] مسدد: حدثنا يحيى، حدثنا (2) جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين رضي الله عنهما قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَصَادِ اللَّيْلِ وجذاذ (3) اللَّيْلِ (4).

[2]

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ وَالْحَارِثُ جَمِيعًا: حدثنا يزيد، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ [عَنْ](5) جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده، به.

(1) ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).

(2)

في (عم): "عن".

(3)

في (حس) و (عم): "جداد" بالدال المهملة، والظاهر جواز الوجهان، فقد ذكره في اللسان في مادة (ج د د 3/ 112)، وفي مادة (ج ذ ذ 3/ 479).

(4)

في الأصل و (حس): "وجذاذ النهار"، ويبدو أنه تحريف وقلب من الناسخ. والتصويب من باقي النسخ، ودلالة السياق والسباق.

(5)

ما بين المعقوفتين بياض في (سد) مقدار كلمة.

ص: 567

924 -

الحكم عليه:

مرسل، صحيح الإِسناد.=

ص: 567

= تخريجه:

أخرجه أحمد بن منيع -كما ذكر الحافظ هنا في المطالب-، والحارث بن أبي أسامة -كما هنا، وسيأتي، وكما في زوائد الحارث (2/ 376) - قالا: حدثنا يزيد، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده به.

ويزيد: هو ابن هارون وهو ثقة -كما تقدم في الحديث رقم (728) من هذا البحث-. ومحمد بن إسحاق حسن الحديث. لكنه مدلس لا يقبل حديثه إلَّا مصرحًا بالسماع، وقد عنعن هنا، لكن تابعه ثقات.

أما الأول فالقطان وهو سند الباب.

وأما الثاني فشعبة، رواه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 133) من طريق محمد بن إدريس الحنظلي، عن الربيع بن حيي، عن شعبة، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده به.

وأما الثالث فحفص بن غياث، رواه يحيى بن آم في الخراج:(ص 131)، من طريق حفص بن غياث، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عليّ بن الحسين به.

وأما الرابع فسفيان بن عيينة، رواه يحيى بن آدم في الخراج:(ص 130)، من طريق سُفْيَانُ، عَنْ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن عليّ بن حسين أنه قال لقيم له جَدّ نخله بالليل: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نهى عن جداد الليل، وصرام -أو قال حصاد- الليل. قال سفيان: فقال: حتى يكون بالنهار ويحضره المساكين.

وأما الخامس: فمعمر بن راشد، رواه عبد الرزاق في المصنف (4/ 147: 7270) عن معمر، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"لا يصر من نخل بليل، ولا يشابن لبن بماء لبيع". ورجاله ثقات.=

ص: 568

= وله شاهد من حديث عائشة، أخرجه البزار في مسنده -كما في كشف الأستار (1/ 419: 884) - من طريق محمد بن الحسن، حدثنا عنبسة بن سعد، عن عمرو بن ميمون، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَفَعَتْهُ:"أنه نهى عن جداد النخل بالليل".

قال البزار: لا نعلمه عن عائشة إلَّا من هذا الوجه، وعنبسة حدث بأحاديث لم يتابع عليها وهو لين الحديث. اهـ.

وعلى ذلك فالسند ضعيف، وحديث الباب يتقوى بهذا الشاهد فيصبح حسنًا لغيره، والله الموفق للصواب، سبحانه.

ص: 569

19 -

[باب البداءة](1) بالعيال في الإنفاق

925 -

إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ [بْنِ مُسْلِمٍ](2) الْهَجَرِيُّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عن عبد الله رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا أَعْطَاكَ اللَّهُ تعالى خَيْرًا فَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَارْتَضِخْ مِنَ الْفَضْلِ، وَلَا تُلَامُ (3) عَلَى الْكَفَافِ، وَلَا تَعْجِزْ عَنْ نفسك.

(1) ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).

(2)

ما بين المعقوفتين ليس في (عم).

(3)

في (ك): "ولا ملام".

ص: 570

925 -

الحكم عليه:

ضعيف، فيه إبراهيم بن مسلم الهجري، لين الحديث.

وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 97)، وقال: رجاله موثقون.

قلت: بل فيهم إبراهيم الهجري وهو ضعيف. وأورده البوصيري في الإِتحاف (1/ 136: أمختصر)، وعزاه لبعض الأئمة، وقال: مدار أسانيدهم على إبراهيم بن مسلم الهجري، وهو ضعيف.

ص: 570

تخريجه:

رواه ابن عدي في الكامل (1/ 215) من طريق إبراهيم الْهَجَرِيِّ، عَنِ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ به. ورواه أبو يعلى في مسنده -كما في المقصد=

ص: 570

= العلي (ص 470)، ومجمع الزوائد (3/ 97) - من طريق محمد بن دينار، عن الهجري به. والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 198) من طريق علي بن عاصم، عَنِ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الأيدي ثلاثة أيد: فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل أسفل إلى يوم القيامة، فاستعينوا من السؤال ما استطعتم، ومن أعطاه الله خيرًا فلير عليه، وابدأ بِمَنْ تَعُولُ، وَارْتَضِخْ مِنَ الْفَضْلِ، وَلَا تُلَامُ على كفاف ولا تعجز عن نفسك.

وقال البيهقي: تابعه إبراهيم بن طهمان، عن الهجري مرفوعًا، ورواه جعفر بن عون، عن إبراهيم الهجري موقوفًا.

قلت: والاختلاف في رفعه ووقفه منشؤه إبراهيم الهجري، فإِنه سيء الحفظ -كما تقدم في ترجمته في هذا الحديث-.

ورواه أحمد (1/ 446)، والحافظ في المستدرك (1/ 408)، والطحاوي في شرح الآثار (2/ 51) بلفظ مختصر من طريق الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الأيدي ثلاثة، فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى.

زاد الحاكم في آخره: فاستعف عن السؤال ما استطعت.

ومداره على إبراهيم الهجري وهو ضعيف، وذكره المنذري في الترغيب (1/ 585)، وعزاه لأبي يعلى والحاكم ونقل عنه تصحيحه، ولم أجد هذا التصحيح في المستدرك سوى قول الحاكم عن هذا الحديث: محفوظ مشهور.

لكن الحديث يشهد له ما ورد مفرقًا من حديث حكيم بن حزام، وأبي أمامة، وجابر، وطارق المحاربي، وابن عمر، وأبي هريرة، ومالك بن نضلة.

فحديث حكيم بن حزام له عنه طريقان:

الأولى: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم قال: اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى.=

ص: 571

= رواه البخاري (3/ 294 فتح)، وأحمد (3/ 403، 434).

الثانية: عن موسى بن طلحة، عن حكيم أنه حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول".

رواه مسلم (2/ 717)، والنسائي (5/ 69)، والدارمي (1/ 389)، والبيهقي (4/ 180)، وأحمد (3/ 402، 434).

وحديث أبي أمامة: رواه شداد بن عبد الله قال: سمعت أبا أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يا ابن آدم إنك أَن تبذل الفضل خير لك، وأن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى".

رواه مسلم (2/ 718)، والترمذي (10/ 207 عارضة)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 182)، وأحمد (5/ 262)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وحديث جابر: يرويه ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أفضل الصدقة عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى.

رواه أحمد (3/ 330، 346)، وابن حبان -كما في "الإحسان (5/ 144) -، وسنده صحيح على شرط مسلم، وابن جريج وأبو الزبير وإن كانا يدلسان فقد صرحا هنا بالتحديث، وصححه الألباني في الإرواء (3/ 319).

وحديث طارق المحاربي: يرويه يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن جامع بن شداد، وعن طارق المحاربي قال: قدمنا الْمَدِينَةَ فإِذا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يخطب الناس وهو يقول: يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول، أمك، وأباك، واختك، واخاك، ثم أدناك أدناك.

رواه النسائي (5/ 61)، وابن حبان -كما في الإحسان (5/ 143) -، وسنده حسن؛ يزيد بن زياد، قال في التقريب (601: 7714): صدوق.=

ص: 572

= وقال الألباني في الإرواء (3/ 319): سنده جيد.

وحديث ابن عمر له عنه طريقان:

الأولى: عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى عبد الله بن عمر أن ارفع الي حاجتك. قال: فكتب إليه عبد الله بن عمر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ابدأ بمن تعول واليد العليا خير من اليد السفلى، وإني لأحسب اليد العليا المعطية، والسفلى السائلة وإني غير سائلك، ولا راد رزقًا ساقه الله إلي منك.

رواه أحمد (2/ 4، 152)، وسنده حسن، من أجل ابن عجلان، وقال الألباني في الإرواء (3/ 319): سنده جيد.

الثانية: عن إسحاق بن سعيد، عن أبيه، عن ابن عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: المسألة كدوح في وجه صاحبها يوم القيامة، فمن شاء فليستبق على وجهه، وأهون المسألة مسألة ذي الرحم، تسأله في حاجة، وخير المسألة المسألة عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول.

رواه أحمد (2/ 93)، وسنده صحيح، وصححه الألباني في الإرواء (3/ 319) على شرط الشيخين.

وحديث أبي هريرة، ورد من طرق عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والله لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره، فيبيعه ويستغني به، ويتصدق منه خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا فَيَسْأَلَهُ، يؤتيه أو يمنعه، وذلك أن اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول.

رواه البخاري (9/ 500 فتح)، ومسلم (2/ 721)، واللفظ له، والترمذي (3/ 193 عارضة)، والنسائي (5/ 69)، وأبو داود (2/ 312: 1676، 1677)، وأحمد (2/ 245، 278، 288، 318، 358، 394، 402، 434، 475، 476، 480، 501، 524، 527)، والدارمي (1/ 389)، والدارقطني (3/ 295)، وابن=

ص: 573

= حبان- كما في "الإحسان (5/ 150) -، والحاكم (1/ 414)، والبيهقي في السنن (4/ 180).

وتكلم على هذه الطرق بالتفصيل: الألباني في إرواء الغليل (3/ 316 وما بعدها)، فلتراجع.

وفي رواية للقاسم مولى يزيد قال: حدثني أبو هريرة أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

إن الله عز وجل يقول: يا ابن آدم إن تعط الفضل فهو خير لك، وإن تمسكه فهو شر لك، وابدأ بمن تعول، ولا يلوم الله على الكفاف، واليد العليا خير من اليد السفلى.

أخرجه أحمد (2/ 362)، وحسنه الألباني في الإرواء (3/ 318).

وحديث مالك بن نضلة: يرويه أبو الزعراء، عن أبي الأحوص، عن أبيه مالك بن نضلة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الأيدي ثلاثة، فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السفلى السائلة، فأعط الفضل، ولا تعجز عن نفسك.

رواه أبو داود (2/ 298: 1649)، وابن حبان -كما في الإحسان (5/ 150) -. وبالجملة، فحديث الباب يتقوى بهذه الشواهد الكثيرة لأجزائه، فيكون صحيحًا لغيره.

ص: 574

926 -

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ خَالِدٍ هُوَ أبو شيبة، حدثنا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هريرة رضي الله عنه يَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ يُنَادِي: لَا صَدَقَةَ إلَّا عن فضل العيال (1).

ص: 575

926 -

الحكم عليه:

الخبر محتمل التحسين إن شاء الله وهو موقوف، والغالب أنه لا مجال للرأي فيه فله حكم المرفوع. وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 137: ب مختصر)، وعزاه لمسدد وقال: العلاء بن خالد ضعيف. اهـ. قلت: لعل حديثه حسن إن شاء الله.

ص: 575

تخريجه:

أخرجه أحمد (2/ 245) بلفظ آخر، من طريق الأعرج، عن أبي هريرة قال: أفضل الصدقة ما كان يعني عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول.

وسنده صحيح.

وله شواهد، مثل اليد العليا

تقدم ذكرها في تخريج الحديث الماضي برقم 925.

ص: 575

20 -

[بَابُ الْإِجْمَالِ](1) فِي طَلَبِ الرِّزْقِ

927 -

قَالَ إِسْحَاقُ: أخبرنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ زُبيد بْنِ الْحَارِثِ الْيَامِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَ شَيْءٌ يقرِّبكم مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُكُمْ مِنَ النَّارِ إِلَّا أَمَرْتُكُمْ بِهِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ يُبَاعِدُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ويقرِّبكم مِنَ النَّارِ إِلَّا نهيتكم عنه، وإن الروح الْأَمِينِ نَفَثَ فِي رُوعِيَ (2) أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نفس تموت إلا وقد كتب الله تعالى رِزْقُهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِالْمَعَاصِي، فإِنه لا يدرك ما عند الله تعالى إلا بطاعته.

* فيه انقطاع.

(1) ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).

(2)

كتب في هامش الأصل: "نفث في روعي" أي في نفسي وخلدي.

ص: 576

927 -

الحكم عليه:

رجاله ثقات، لكنه منقطع -كما قال ابن حجر هنا في المطالب-؛زبيد بن الحارث لم يسمع من ابن مسعود، ولا من غيره من الصحابة.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 137/ ب مختصر)، وعزاه لإسحاق وقال: فيه انقطاع.=

ص: 576

= تخريجه:

رواه القضاعي في مسند الشهاب (2/ 185: 1151) موصولًا، ولكن فيه جهالة بسنده إلى إسماعيل بن أبي خالد، عن زُبيد اليامي، عمّن أخبره، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إن روح القدس نفث في روعي أن نفسًا لن تموت حتى يستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب".

وسنده ضعيف لجهالة شيخ زبيد.

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (13/ 227): حدثنا محمد بن بشر، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الملك بن عمير قال: أخبرت أن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

فذكره نحو حديث الباب.

وسنده ضعيف للانقطاع بين ابن عمير وابن مسعود.

ورواه الحاكم في المستدرك (2/ 4) من طريق آخر فقال: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان، حدثنا ابن بكير، حدثني الليث بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سعيد بن أبي هلال، عن سعيد بن أبي أمية الثقفي، عن يونس بن بكير، عن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس من عمل يقرب إلى الجنة إلا قد أمرتكم به، ولا عمل يقرب إلى النار إلا قد نهيتكم عنه، لا يستبطئن أحد منكم رزقه، إن جبريل عليه السلام ألقى في روعي أن أحدًا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه، فاتقوا الله أيها الناس، وأجملوا في الطلب، فإِن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله فإِن الله لا يُنال فضله بمعصية.

قال الألباني في تخريج أحاديث مشكلة الفقر (ص 19): [وأظن أن قوله "عن يونس بن بكير" مقحم من الناسخ أو الطابع؛ فإِن ابن بكير هذا من شيوخ أحمد، وسعيد بن أبي أمية أورده ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/ 5) قائلًا: "روى عن أبي أمامة الباهلي، روى عنه عنبسة بن أبان القرشي" ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. وقد روى عنه سعيد بن أبي هلال أيضًا في هذا الحديث، فهو مجهول الحال وبقية الرجال ثقات]. اهـ.=

ص: 577

= وفي الباب عن جابر بن عبد الله، وحذيفة، وأبي أمامة.

أما حديث جابر بن عبد الله: فرواه الحاكم (2/ 4)، والبيهقي في السنن الكبري (5/ 264، 265)، وابن حبان (5/ 98 إحسان)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 165، 7/ 158) من طريق عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"لا تستبطئوا الرزق، فإِنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له، فأجملوا في الطلب، أخذ الحلال وترك الحرام". وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

ورواه ابن ماجه (2/ 725: 2144)، والحاكم (2/ 4)، والقضاعي في مسند الشهاب (2/ 186: 1152) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه فلا تستبطئوا الرزق واتقوا الله أيها الناس، وأجملوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ، وَدَعُوا مَا حرم".

وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

قلت: لكن فيه ابن جريج وشيخه أبا الزبير، وكلاهما مدلس وقد عنعناه، وبذلك أعله البوصيري في الزوائد (2/ 6).

وأما حديث حذيفة: فرواه البزار -كما في كشف الأستار (2/ 81: 1253) - قال: حدثنا إبراهيم بن هانئ وعبد الله بن أبي يمامة الأنصاري ومحمد بن عمر بن هياج، حدثنا قدامة بن زائدة بن قدامة، حدثني أبي، عن عاصم، عن زِرّ، عن حذيفة قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فدعا الناس فقال: هلموا إلى. فأقبلوا إليه، فجلسوا فقال: هذا رسول رب العالمين جبريل صلى الله عليه وسلم نفث في روعي أنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها، وإن أبطأ عليها، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلَا يَحْمِلَنَّكُمُ استبطاء الرزق أن تأخذه بمعصية الله، فإِن الله لا يُنال ما عنده إلا بطاعته. قال البزار: لا نعلمه عن حذيفة إلا بهذا الإِسناد.=

ص: 578

= قال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 71): وفيه قدامة بن زائدة بن قدامة ولم أجد من ترجمه. وقال المنذري في الترغيب (2/ 535): رواته ثقات إلا قدامة بن زائدة، فإِنه لا يحضرني فيه جرح ولا تعديل.

وأما حديث أبي أمامة: فرواه الطبراني في الكبير (8/ 194: 7694)، وأبو نعيم في الحلية (10/ 26) عن عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"نفث روح القدس في روعي أن نفسًا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فأجملوا فِي الطَّلَبِ وَلَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تطلبوه بمعصية الله، فإِن الله لا يُنال ما عنده إلا بطاعته".

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 72): وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف.

وبالجملة فالحديث بهذه الشواهد صحيح لغيره. قال الشيخ الألباني في التعليق على فقه السيرة (ص 97): [فهذه طرق يقوي بعضها بعضًا، ولهذا -والله أعلم- جزم ابن القيم في زاد المعاد (1/ 78) بنسبة الحديث إليه صلى الله عليه وسلم].

ص: 579

928 -

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ (1) بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل يَأْتِينِي مِنْكُمْ فَيَسْأَلُنِي فَأُعْطِيهِ، فَيَنْطَلِقُ وَمَا يَحْمِلُ في حضنه إلا النار.

* صحيح.

(1) تحرفت في (ك) إلى: "عبد الله".

ص: 580

928 -

الحكم عليه:

صحيح -كما قال ابن حجر-.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 137: ب مختصر)، وسكت عليه.

ص: 580

تخريجه:

أخرجه ابن حبان -كما في الإحسان (5/ 166) - من طريق ابن أبي شيبة به.

وفي الباب: عن عمر بن الخطاب قال: دخل رجلان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه، فأمر لهما بدينارين، فخرجا من عنده، فلقيا عمر، فأثنيا وقالا معروفًا، وشكرا ما صنع بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قالا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لكن فلانًا أعطيته ما بين العشرة إلى المائة فلم يقل ذاك، إن أحدهم ليسألني فينطلق بمسألته إلى النار". فقال عمر: ولم تعطينا ما هو نار؟ قال: "يأبون إلا أن يسألوني فيأبى الله لي البخل".

رواه أحمد (3/ 4)، وابن حبان (5/ 174 إحسان)، والحاكم (1/ 46)، والبزار (1/ 436: 925)، وأبو يعلى (472: 492 المقصد العلي) من طريق الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أن عمر قال:

فذكره. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة. وواففه الذهبي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 94) رجال أحمد رجال الصحيح.

ورواه البزار -كما في كشف الأستار (1/ 436: 924) -، وأبو يعلى (472:=

ص: 580

= 493 المقصد العلي) من طريق جرير، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ به.

وفيه عطية العوفي. قال في التقريب (393: 4616): صدوق يخطئ كثيرًا، وكان شيعيًا مدلسًا.

ورواه الحاكم (1/ 46) من طريق عبد الله بن بشر الرقي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عن عمر به. وقال الحاكم: وهذا ليس بعلة لحديث الأعمش بل هو شاهد له بإِسناد آخر. ووافقه الذهبي.

والذي في الصحيح عن أبي سعيد الخدري أن ناسًا من الأنصار سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم حتى نفذ ما عنده فقال:"ما يكون عندي من خير فلن أدّخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يصبر يصبّره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر". رواه البخاري (3/ 335 فتح)، ومسلم في صحيحه (2/ 729: 1053)، وأبو داود (2/ 295: 1644)، والترمذي (8/ 180 عارضة)، والنسائي (5/ 95).

ص: 581

929 -

الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ (1)[بْنُ وَاقِدٍ](2) حَدَّثَنَا [وهب](3) بن وهب هو أبو البختري، حدثنا عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ (4)، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يُنزل الرِّزْقَ عَلَى قَدْرِ الْمُؤْنَةِ، وَيُنَزِّلُ الصَّبْرَ عَلَى قَدْرِ الْبَلَاءِ.

* تَابَعَهُ غَيْرُهُ عَنْ عَبَّادٍ، [و](5) لكن عبادًا ضعيف.

(1) تحرفت في جميع النسخ عدا (ك) إلى: "عبد الرحمن بن واقد"، والتصويب من (ك) وكب التراجم وفيض القدير (2/ 318).

(2)

ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).

(3)

ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).

(4)

في الأصل: "وعن الأعرج"، وهو خطأ من الناسخ.

(5)

ما بين المعقوفتين ليس في (عم) و (سد) و (ك).

ص: 582

929 -

الحكم عليه:

حديث الباب تالف، وذلك لما يلي:

1 -

عَباد بن كثير: متروك الحديث.

2 -

وهب بن وهب أبو البختري: كذّاب.

3 -

عبد الرحيم بن واقد: ضعيف.

ص: 582

تخريجه:

أخرجه ابن لال وأبو بكر في مكارم الأخلاق -كما في فيض القدير (2/ 318) - كلهم عن أبي هريرة به.

قال المناوي: وفيه عبد الرحيم بن واقد، أورده الذهبي في الضعفاء (2/ 392)، وقال: ضعّفه الخطيب، عن وهب بن وهب. قال أحمد وغيره: كذاب. اهـ.=

ص: 582

= لكن ورد من طرق أخرى عن أبي هريرة:

الأول: عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هريرة.

أخرجه البزار -كما في كشف الأستار (2/ 195: 1506) -، وابن عدي في الكامل (4/ 1434)، والبيهقي في الشعب (3/ 153/ ب) عن طارق -زاد البزار: وعباد بن كثير-، عن أبي الزناد به.

وقال البزار: لا نعلمه عن أبي هريرة إلا بهذا الإِسناد.

قلت: وفي ذلك نظر -كما سيأتي-.

وقال ابن عدي: طارق بن عمار يُعرف بهذا الحديث. قال البخاري: لا يتابع عليه. قلت: بل توبع، وهو الطريق الثاني. لكن قال البيهقي في الشعب (3/ 153/ ب) بعد أن رواه: تفرد به عباد وطارق.

وقيل: عن عباد، عن طارق وهو أصح. اهـ. قلت: وعلى ذلك فعباد لم يتابع طارقًا، بل هو رواية عنه، وعباد هو: ابن كثير الثقفي متروك، وقال أحمد: روى أحاديث كذب. انظر التهذيب (5/ 100). وعلى ذلك فلا يُفرح بهذه المتابعة.

الثاني: عن بقية، حدثني معاوية بن يحيى، عن أبي الزناد به.

أخرجه ابن عدي (6: 2397)، والقضاعي في مسند الشهاب (2/ 111: 992)، والبيهقي في الشعب (3/ 153 /ب)، وقال ابن عدي: معاوية بن يحيى الأطرابلسي بعض رواياته بما لا يتابع عليه.

قلت: فهذا تليين منه، وقريب منه قول الحافظ ابن حجر في التقريب (539: 6773): صدوق له أوهام.

وعليه فقد حسّن الشيخ الألباني في الصحيحة (4/ 226) هذا الحديث بمتابعة معاوية لطارق، وفي ذلك ما فيه، إذ إن في طريق طارق عبّادًا، وهو ليس بمتابع -كما تقدَّم-، وعبَّاد متروك -كما تقدِّم- في الطريق الأول، فلا يحسن الحديث بهذه المتابعة. هذا من ناحية.=

ص: 583

= ومن ناحية أخرى فإِنه اختلف على معاوية:

فرواه ابن عدي في الكامل (6: 2397) من طريق بقية، حدثنا معاوية بن يحيى، عن أبي الزناد به.

ورواه ابن عدي أيضًا (4: 1435)، ومن طريفه البيهقي في الشعب (3/ 153 /ب) من طريق بقية، حدثنا معاوية بن يحيى، حدثنا أبو بكر القتبي، عن أبي الزناد به.

ففي الطريق الأول يرويه بقية، عن معاوية، عن أبي الزناد مباشرة، وفي الثاني يرويه عن معاوية، عن أبي بكر القتبي.

ومنشأ هذا الاضطراب إما من معاوية، ففي حديثه وهم، وإما أن يكون بقية دلّسه بأن أسقط شيخ شيخه، وهو أبو بكر القتبي.

فالصحيح أن بين معاوية وأبي الزناد: أبا بكر القتبي. وقد ذكره الذهبي في المقتنى في سر الكنى (1/ 129) فقال: أبو بكر القتبي، عن أبي الزناد مجهول، والخبر منكر. اهـ.

على أن أبا حاتم قال في العلل (3/ 126) عن هذا الحديث: [هذا حديث منكر، يحتمل أن يكون بين معاوية وأبي الزناد عباد بن كثير]. اهـ.

والحاصل أن طريق طارق لا يُفرح بها؛ لأن في سندها عبادًا. وطريق معاوية لا تصلح للمتابعة؛ إذ الأصح أن بينه وبين أبي الزناد أبا بكر القتبي، وقد علمت ما فيه، فلا وجه لتحسين الحديث بمجموع هاتين الروايتين كما فعل الشيخ الألبانى في الصحيحة (4/ 227).

الثالث: لكن ذكر الشيخ متابعًا ثالثًا، ذكره ابن عدي في ترجمة محمد بن عبد الله، ويقال ابن الحسن (6: 2242) رواه عن أبي الزناد به، واعتبره الألباني:

محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب الملقب بالنفس الزكية، وصحح الحديث بهذه المتابعة مضمومة إلى المتابعتين السابقتين.=

ص: 584

= قلت: أما المتابعتان السابقتان فلا تصلحان للاعتبار لما تقدم.

وأما متابعة محمد، فلم يذكر ابن عدي السند بينه وبين محمد هذا، بل ذكره معلقًا. ثم إن البخاري قال -كما في الميزان (3/ 591) -: لا أدري سمع من أبي الزناد أم لا. اهـ. فإِن كان هو محمد بن عبد الله الملقب بالنفس الزكية، وصح السند إليه، وسمع من أبي الزناد، فالحديث صحيح من هذه الطريق، ولكن لم يتبين لي شيء من هذه الأمور الثلاثة .. والله أعلم.

الرابع: إلا أن الشيخ الألباني حفظه الله فاته طريق آخر للحديث هو أحسن طرقه، أخرجه ابن عدي في الكامل (5: 1704)، والبيهقي في الشعب (3/ 154/ أ) من طريق عمر بن طلحة، حدثنا مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أنزل الله المعونة على شدة المؤنة، وأنزل الصبر على شدة النبلاء".

وسنده حسن: عمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص الليثي المدني. قال في التقريب (414: 4924): صدوق.

ومحمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني قال في التقريب (499: 6188): صدوق له أوهام.

فهذا أقوى الطرق عن أبي هريرة، وسنده حسن، فثبت الحديث، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

وفي الباب عن أنس رضي الله عنه، يرويه داود بن المحبر: أخبرنا العباس بن رزين السلمي، عن حلاس بن يحيى التميمي، عن ثابت البناني، عن أنس مرفوعًا.

أخرجه أبو جعفر البختري في ستة مجالس من الأمالي -كما في الصحيحة (4/ 227) -، وسنده تالف. داود بن المحبر متهم بالوضع.

ص: 585

930 -

أبويعلى: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حدثنا أسامة، عن عبيد بن نِسطاس (1) مَوْلَى كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تعالى يُؤْتِي عَبْدَهُ مَا كَتَبَ لَهُ مِنَ الرِّزْقِ فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ، وَدَعُوا ما حرَّم).

(1) جاء في النسخ: "عبد ربه بن بِسطام". قد بحثت عنه كثيرًا فلم أجده. ثم رأيت الهيثمي ذكره في مجمع الزوائد (4/ 71)، وقال: "عبيد بن نسطاس

"، وهو كما قال، فصوبته كذلك.

ص: 586

930 -

الحكم عليه:

ضعيف، فيه عبيد بن نسطاس وهو مجهول.

وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 71)، وعزاه لأبي يعلى وقال: فيه عبيد بن نسطاس مولى كثير بن الصلت، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات.

ص: 586

تخريجه:

أخرجه أبو يعلى (11/ 461: 6583) به مطولًا.

ولم أجده عند غيره، لكن في الباب عن عبد الله بن مسعود، وتقدم الكلام عليه وتخريجه برقم (912) من هذا البحث، وذكرت هناك شواهده من حديث جابر بن عبد الله وحذيفة، وأبي أمامة، بما يجعل الحديث صحيحًا لغيره، والله الموفق لا رب سواه.

ص: 586

21 -

[بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ](1) لِمَنْ لَا يَحْتَاجُ إليها

931 -

[1] قال مسدد: حدثنا أمية، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَوْصَى بَنِيهِ عِنْدَ مَوْتِهِ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ

فَذَكَرَ (2) الْحَدِيثَ. وَفِيهِ: وَإِيَّاكُمْ وَالْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهَا آخر كسب الرجل.

* إِسناده جيد وهو موتوف (3).

[2]

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ (4) بْنُ مطيع، حدثنا هُشَيْمٌ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عاصم، فذكر حديثًا وَفِيهِ: وَإِيَّاكُمْ وَالْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهَا آخِرِ كَسْبِ الْمَرْءِ، وإن أحدًا لن يسأل إلَّا بَذَل (5) كَِسْبُِه [وجهه (6)](7).

(1) ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).

(2)

في (سد): "وذكر".

(3)

تقدم هذا الخبر في كتاب الجنائز من هذا البحث، باب الدفن برقم (826)[1]، وتقدم بيان مرتبته وتخريجه هناك، وهو حسن، ولذا قال الحافظ هنا: إِسناده جيد.

(4)

في (سد): "عبيد الله".

(5)

في الأصل و (عم) و (سد): "بدل"، وفي (حس):"بذل"، وفي (ك):"ندل"، ويبدو أنها مصحفة من بذل. ولذا أثبتها كذلك، وقريب منه ما في الأصل (عم) و (سد).

(6)

ما بين المعقوفتين ليس في (ك)، وكتب في الهامش:"لعله وجهه".

(7)

تقدم هذا الخبر برقم (815)[2]. في كتاب الجنائز، باب الدفن من هذا البحث وتقدم بيان مرتبته وتخريجه هناك، وسنده ضعيف جدًا.

ص: 587

932 -

[1] وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صفوان الجمحي، حدثنا هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا خَالَطَتِ الصَّدَقَةُ مَالًا إلَّا أهلكته".

[2]

وقال ابْنُ أَبِي (1) عُمَرَ: حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بهذا.

[3]

قال البزار: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الجمحي، حدثنا هِشَامٌ، بِهِ (2).

* قُلْتُ: كَذَا (3) وَقَعَ، وَأَظُنُّهُ انْقَلَبَ وَتَحَرَّفَ.

فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّهُ (4) تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ هِشَامٍ.

وَوَقَعَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ عِنْدَ الْحُمَيْدِيِّ (5) قَالَ: يَكُونُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْكَ فِي مَالِكَ صدقة تخرجها (6)، فَلَا تُخْرِجُهَا فَيَهْلِكُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ. وَهَذَا تَفْسِيرٌ المراد من الخبر (7)، وهو فيما يَظْهَرُ لِي كَلَامُ الْحُمَيْدِيِّ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ فَوْقَهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أن الرجل يأخذ الزكاة وهو كني عَنْهَا، فَيُضِيفُهَا (8) مَعَ مَالِهِ إلَّا أَهْلَكَتْهُ. وَهَذَا عَنِ الإِمام أَحْمَدَ (9) وَعَلَيْهِ اعْتَمَدْتُ فِي إِخْرَاجِهِ في هذا الباب.

(1) في (ك): "ورواه ابن أبي عمر: حدثنا

".

(2)

ما بين المعقوفتين ليس في (ك).

(3)

في (سد): "هذا وقع".

(4)

الكامل لابن عدى (6/ 2214).

(5)

مسند الحميدى (1/ 115).

(6)

في (ك): "صدقة تجمعها فلما تخرجها

".

(7)

تصحفت في (حس) إلى: "الخير"، وفي (سد):"الجنس".

(8)

في (ك): "فيصرها".

(9)

العلل للإمام أحمد (1/ 261)، ولا مانع من حمل الحديث على المعنيين.

ص: 589

932 -

الحكم عليه:

ضعيف من أجل محمد بن عثمان الجمحي.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 131: أمختصر)، وعزاه للحميدي وابن أبي عمر والبزار وقال: فيه محمد بن عثمان بن صفوان الجمحي وقد ضعفه أبو حاتم والدارقطني وذكره ابن حبان في الثقات وباقي رجال الإِسناد ثقات.

وضعفه الألباني في تخريج أحاديث مشكلة الفقر (ص 39).

ص: 590

تخريجه:

أخرجه محمد بن أبي عمر في مسنده -كما قال ابن حجر- قال: حدثنا محمد بن عثمان به. والشافعي (1/ 242)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 159)، والبغوي في شرح السنة (5/ 482)، قال الشافعي: أخبرنا محمد بن عثمان به.

وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 180): حدثني محمد بن حمزة، عن محمد بن عثمان به. وأحمد بن حنبل في العلل (1/ 261). ومن طريقه: القضاعي في مسند الشهاب (2/ 10: 782): عن محمد بن عثمان به.

وأخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 2214)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 159) من طريق سريج بن يونس، حدثنا محمد بن عثمان به.

وأخرجه ابن عدي في الكامل أيضاً (6/ 2214)، من طريق الوليد بن عبد الملك بن مسرح، حدثنا محمد بن عثمان به.

ورواه القضاعي في مسند الشهاب (2/ 10: 781)، من طريق ابن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بكر بن خالد، حدثنا محمد الجمحي به. ومداره على محمد الجمحي وقد علمت حاله.

لكن رواه البزار -كما في كشف الأستار (1/ 418: 881) - قال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الجمحي، حدثنا هشام به.=

ص: 590

= فجعله من طريق عثمان بن عبد الرحمن الجمحي، وتعقب ذلك ابن حجر هنا في المطالب، واعتبره قلبًا وتحريفًا، اعتمادًا على قول ابن عدي في الكامل (6/ 2214) محمد بن عثمان بن صفوان يعرف بهذا الحديث. لا أعلم أنه رواه عن هشام بن عروة غيره.

قلت: هذا وجه. وثمة وجه آخر وهو: تتابع الثقات على روايته عن محمد بن عثمان وقد سقت متابعاتهم آنفًا وهم أحمد بن حنبل والشافعي، وابن أبي عمر، وسريج بن يونس وغيرهم، كلهم جعلوه: عن محمد بن عثمان، وانفرد البزار بروايته: عن محمد بن عبد الأعلى، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن به.

ولعله انقلب وتحرف على البزار أو شيخه محمد بن عبد الأعلى، وعزا الألباني الوهم للبزار، ذكر ذلك في تخريج أحاديث مشكلة الفقر (ص 40)، وأحال إلى السلسلة الضعيفة (5069) لما تطبع بعد.

وفي الباب عن عمر بن الخطاب. أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 159)، والطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين (1/ 121: ب) -، من طريق عمر بن هارون، حدثنا عمرو بن فيروز مولى كريمة بنت المقداد بن عمرو، عن أبي هريرة قال: سمعت عمر بن الخطاب حدثنا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ما سمعه منه، وكنت أكثرهم لزومًا لرسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ عُمَرُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ما تلف مال في بر ولا بحر إلَّا بحبس الزكاة".

قال الطبراني: لا يروى عن عمر إلَّا بهذا الإِسناد.

وسنده ضعيف جدًا، فيه عمر بن هارون، قال في التقريب (417: 4979): متروك.

وتساهل الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 63)، فقال: فيه عمر بن هارون وهو ضعيف. وعلى ذلك فلا يصلح شاهدًا لحديث الباب، لشدة ضعفه.

ص: 591

22 -

[بَابُ مَنْ قَالَ](1) فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ

933 -

قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا أبو قبيل (2)، قال: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ أبي ذرٍّ رضي الله عنه [أنه جاء يستأذن على عثمان رضي الله عنه، فقال عثمان رضي الله عنه: لا تأذنوا له. فاستأذن، فقال كعب: ائذن لَهُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ](3). فَأَذِنَ لَهُ وَبِيَدِهِ عَصًا. فقال عثمان رضي الله عنه: يَا كَعْبُ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ عوف رضي الله عنه تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مَالًا فَمَا تَرَى؟ قَالَ: كَانَ يَصِلُ (4) فِيهِ حَقَّ اللَّهِ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ.

فرفع أبو ذر رضي الله عنه عَصَاهُ، فَضَرَبَ كَعْبًا وَقَالَ: كَذَبْتَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا أحبُّ أن لي هذا الْجَبَلَ ذَهَبًا أُنفقه ويُتقبل مِنِّي لَا أَذَرُ خَلْفِي مِنْهُ شَيْئًا. وَإِنِّي أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عثمان، سمعتَ؟ - ثلاث

(1) ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).

(2)

تحرفت في جميع النسخ عدا (ك) إلى: "أبو قبيل"، وفي (ك) دون نقط، والتصويب من مسند أحمد (1/ 63)، و (1/ 356 بتحقيق أحمد شاكر).

(3)

تحرفت العبارة التي بين المعقوفتين في (حس)، وسقط بعضها، ونص ما جاء فيها: أيحدث عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنْ عثمان رضي الله عنه: ائدك له أصلحك الله].

(4)

في (ك): "كان فضل الله حق الله"، وهو خطأ.

ص: 592

مَرَّاتٍ-. قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: يَا كَعْبُ مَهْ. قَالَ: إِنِّي أَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ الَّذِي حَدَّثْتُكُمْ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ

} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. قَالَ: فإِن اللَّهَ عز وجل مَحَاهُ. قَالَ: فَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى.

* قُلْتُ: حَدِيثُ "مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ هَذَا الْجَبَلَ ذَهَبًا" فِي الصَّحِيحِ دُونَ هَذِهِ الْقِصَّةِ، ودون قول عثمان رضي الله عنه أنه سمعه.

ص: 593

923 -

الحكم عليه:

في إِسناده ابن لهيعة وهو ضعيف، ومالك البردادي لم يذكر فيه جرح ولا تعديل فهو مجهول.

وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 242)، وقال: رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وقد ضعفه غير واحد، ورواه أبو يعلى في الكبير وزاد: قال كعب: إِنِّي أَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ الَّذِي حَدَّثْتُكُمْ قَالَ: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} ، فإِن الله محاه وإني أستغفر الله. اهـ.

قلت: هي في رواية الباب.

وتعقبه الشيخ البنّا في "الفتح الرباني"(22/ 29) فلم يُصب، ولا حجة لتعقبه إذ قال: [قول الحافظ الهيثمي وفيه ابن لهيعة وقد ضعفه غير واحد، هذا إذا عنعن، ولكنه صرح بالتحديث فحديثه حسن، وقد صرح بذلك الحافظ الهيثمي نفسه في غير موضع من كتابه، وقوله: رواه أبو يعلى في الكبير: الظاهر أن هذه الجملة خطأ من الناسخ أو الطابع، وصوابه رواه الطبراني في الكبير، أو رواه أبو يعلى بدون لفظ الكبير؛ لأن لفظ الكبير لا يقال إلَّا للطبراني. والله أعلم، انتهى كلامه رحمه الله.

ولي عليه ملاحظتان:

الأولى: أن ابن لهيعة ولو صرح بالتحديث، فحديثه ضعيف مطلقًا.

الثانية: لا وجه لاعتبار الخطأ من الناسخ أو الطابع في عزو الحديث لأبي يعلى في الكبير، وكلام الحافظ الهيثمي رحمه الله في محله، إذ إن لأبي يعلى مسندان أحدهما مسند كبير وهو رواية طويلة يعزو إليها الهيثمي أحيانًا. انظر: المقصد=

ص: 593

= العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي (ص 25، 83). وهي التي اعتمدها الحافظ ابن حجر هنا في المطالب لتخريج زوائدها فيه.

وإذا تقرر هذا، علمت أنه لا وجه لتعقب الشيخ البنا للهيثمي، والهيثمي يعني ما يقول في عزوه الحديث لأبي يعلى في الكبير.

ص: 594

تخريجه:

رواه الإِمام أحمد في مسنده (1/ 63) دون قول كعب: "إني

" فقال الإِمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا عبد الله بن لهيعة، حدثنا أبو قبيل قال: سمعت مالك بن عبد الله الزيادي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ على عثمان بن عفان، فأذن له وبيده عصاه، فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا كَعْبُ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ توفي، وترك مالًا فما ترى فيه. فقال: إن كَانَ يَصِلُ فِيهِ حَقَّ اللَّهِ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ، فَرَفَعَ أَبُو ذَرٍّ عَصَاهُ، فَضَرَبَ كَعْبًا وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: ما أحب لو أن لي هذا الجبل ذهبًا أنفقه ويتقبل مني أذر خلفي منه ست أواق، أنشدك الله يا عثمان أسمعته؟ -ثلاث مرات-. قال: نعم.

وأخرجه أيضًا ابن عبد الحكم في فتوح مصر (ص 286) من نفس هذا الطريق، وبلفظ أحمد. وسنده ضعيف -كما علمت آنفًا-، لكن الشيخ أحمد شاكر رحمه الله قال في تعليقه على المسند (1/ 356): إِسناده صحيح إن شاء الله. اهـ. مع أنه أقر أن مالك بن عبد الله مستور، والمستور لا يكون حديثه حسنًا فضلًا عن أن يكون صحيحًا -كما هو معلوم-، بل هو قريب من مجهول الحال، فلا يعلم حاله من حيث الجرح أو العدالة. ثم إنه احتج بأنه لو كان مالك هذا فيه جرحًا لذكره البخاري أو غيره من الضعفاء بل لذكره الذهبي في الميزان.

قلت: كذا قال غفر الله له، وفي ذلك ما فيه، إذ من المعروف أن البخاري لم يستوعب جميع "الضعفاء" وكذا غيره، فكم من راو ضعيف لم يذكره البخاري فيهم.

وأما الذهبي فهل ألزم نفسه بالاستيعاب؟! فكم من راو ضعيف استدركه عليه=

ص: 594

= الحافظ ابن حجر في اللسان، بل إن من جملة الأسباب التي دعت ابن حجر إلى تأليف اللسان أنه استدرك على الميزان وزاد عليه تراجم كثيرة -كما بيَّن ذلك في مقدمته للسان (1/ 4) -.

ثم إن مالكًا هذا لو كان ثقة لنقل توثيقه، ومن المعلوم أن الراوي لا تزول جهالة عينه إلَّا إذا روى عنه اثنان، فتزول جهالة عينه، وتظل جهالة حاله حتى يأتي توثيق إمام معتبر، ومالك هذا هو على أكثر الأحوال مجهول الحال أو مستور. وهذا حديثه ضعيف -كما هو معلوم-. ثم إن الشيخ شاكر رحمه الله احتج لتوثيق مالك بأن الهيثمي ذكر الحديث في مجمع الزوائد (10/ 239)، ولم يعله إلَّا بابن لهيعة. اهـ.

قلت: وهذا ليس بحجة أيضًا، إذ عرف عن الهيثمي كثرة الأوهام وخاصة في كتابه هذا "مجمع الزوائد".

والخلاصة أن مالكًا مجهول الحال، ولا يحكم على الحديث بالحسن فضلًا عن الصحة والله الموفق سبحانه.

ثم إنني وجدت الحديث قد روي من وجه آخر، رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (1/ ق: 473) بلفظ مقارب للفظ الباب لكن السند مداره على مالك الزيادي، وقد علمت ما فيه.

وجملة القول أن الخبر لا يصح، والله وحده الموفق، لا رب سواه.

ص: 595

23 -

[باب الزجر](1) عن السؤال

934 -

[1] إسحاق: أخبرنا عبد الرزاق، أنبأنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وعروة بن الزبير.

[2]

وقال معمر: حدثنا هشام، عن أبيه أيضًا قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ دُونَ مَا أَعْطَى أَصْحَابَهُ فَقَالَ حَكِيمٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ما كنت أظن أن يقصر (2) بِي دُونَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ. فَزَادَهُ، ثُمَّ اسْتَزَادَهُ، فَزَادَهُ حَتَّى رَضِيَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أي عطيتك خير؟ قال صلى الله عليه وسلم: الْأُولَى

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (3).

* وَهُوَ بِتَمَامِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وإنما أخرجته لهذه اللفظة الزائدة: أي عطيتك خير (4).

(1) ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).

(2)

في (عم) و (ك): "تقصر".

(3)

ولفظه -كما في البخاري (3/ 335 فتح) -: عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: سألت رسول الله فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذ. بإشراف نفس لم يبارك له فيه،

وكان كالذي يأكل ولا يشبع، اليد العليا خير من اليد السفلى.

قال حكيم: فقلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدًا بعدك شيئًا حتى أفارق الدنيا.

فكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو حكيمًا إلى العطاء، فيأبى أن يقبله منه. ثم إن عمر رضي الله عنه دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئًا. فقال عمر: إني أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم، أني أعرض عليه حقه من هذا الفيء، فيأبى أن يأخذه. فلم يرزأ حكيم أحدًا من الناس بعدرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي.

(4)

في (عم): "أفضل"، وفي (سد):"خير وأفضل".

ص: 596

934 -

الحكم عليه:

صحيح.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 137: ب مختصر) وسكت عليه.

ص: 597

تخريجه:

رواه عبد الرزاق في المصنف (11/ 102: 20041)، ومن طريقه الطبراني في المعجم الكبير (3/ 188: 3078) عن مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وعروة بن الزبير، وعن هشام بن عروة، عن أبيه به.

ورواه الواقدي في المغازي (3/ 945)، وصرح فيه سعيد وعروة بالتحديث فقالا: حدثنا حكيم. وأصله في الصحيحين دون زيادة "أي عطيتك خير"، أخرجه البخاري في صحيحه (3/ 335 فتح)، ومسلم (2/ 717: 1035)، والترمذي (9/ 287 عارضة)، والنسائي (5: 101، 102)، وأحمد (3/ 343)، وابن حبان -كما في الإحسان (5/ 91) -، والطبراني في الكبير (3/ 188: 3078) من طرق عن الزهري، عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب أن حكيم بن حزام، قال:

فذكره. وتقدم تخريج طرقه مفصلًا في تخريج الحديث المتقدم برقم (910).

ص: 597

935 -

أخبرنا أبو معاوية، حدثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلَهُ فَيَأْتِيَ الْجَبَلَ فَيَحْزِمَ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ، فَيَجْعَلَهَا عَلَى ظَهْرِهِ، وَيَأْتِيَ بِهَا السُّوقَ، فَيَبِيعَهَا ويأكل ثمنها خيرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ

" الْحَدِيثَ.

هَكَذَا رَوَاهُ إِسْحَاقُ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَتَابَعَهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، عن أبي (1) معاوية والإسناد صحيح. ولكنه (2) رَوَاهُ وَكِيعٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أبيه، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه، ومن هذا الوجه أخرجه البخاري.

(1) تحرفت في الأصل إلى: "ابن".

(2)

في (ك): "ولكن".

ص: 598

935 -

الحكم عليه:

حديث الباب إِسناده صحيح، ورجاله ثقات، لكن أبا معاوية خولف. قال الحافظ ابن حجر: هَكَذَا رَوَاهُ إِسْحَاقُ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَتَابَعَهُ أحمد ابن أَبِي الْحَوَارِيِّ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَالْإِسْنَادُ صَحِيحٌ، ولكنه رَوَاهُ وَكِيعٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَمِنْ هَذَا أخرجه البخاري (3/ 335 فتح). اهـ.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 137: ب مختصر)، وذكر مثل قول ابن حجر.

ص: 598

تخريجه:

تابعه أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، حدثنا هشام، عن أبيه، عن حكيم به. كذا قال ابن حجر، ولم أجد من أخرج ذلك. وسنده صحيح -كما=

ص: 598

= تقدَّم-، لكن أبا معاوية يهم ويضطرب كثيرًا في غير حديث الأعمش، وروايته هنا عن هشام بن عروة، وقد خالفه من هو أوثق منه، فجعله من حديث الزبير بن العوام.

فرواه وكيع، حدثنا هشام بن عروة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي الجبل، فيأتي بحزمة من حطب على ظهره، فيبيعها، فيستغني بثمنها، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه.

أخرجه وكيع في الزهد (1/ 372: 141)، وعنه أحمد (1/ 16)، والبخاري (4/ 304 فتح)، وابن ماجه (1/ 588: 1836)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 195).

وتابعه ابن نمير، عن هشام، عن أبيه، عن الزبير به. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 209).

وتابعه حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن الزبير به. أخرجه أحمد (1/ 164).

وتابعه وهيب، حدثنا هشام، عن أبيه، عن الزبير به، أخرجه البخاري (3/ 335 فتح).

وتابعه أبو أسامة، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الزبير بن العوام، رواه البزار -كما في كشف الأستار (1/ 431: 910) -.

فكل هؤلاء الثقات جعلوه من حديث الزبير، وخالفهم أبو معاوية فجعله من حديث حكيم بن حزام، فروايته معلولة، والصواب ما هو أصح، وهو رواية الصحيح، عن الزبير بن العوام. والله أعلم.

وأخرجه البزار أيضًا -كما في كشف الأستار (1/ 432: 912) - من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به.

وقال البزار: تفرد الضحاك بقوله عن عائشة. اهـ.

قلت: والضحاك هو ابن عثمان بن عبد الله الأسدي، في حفظه شيء. قال في=

ص: 599

= التقريب (279: 972): صدوق يهم. وقد وهم في هذا الحديث فجعله عن عائشة والصواب أنه عن الزبير.

والحديث له شواهد مرفوعة منها حديث أبي هريرة، وأنس بن مالك.

أما حديث أبي هريرة. فأخرجه مالك في الموطأ (998)، والحميدي في مسنده (2/ 455)، وابن أبي شيبة (3/ 209)، وأحمد (2/ 243، 257، 300، 395، 408، 455)، والبخاري (3/ 335 فتح)، ومسلم (2/ 721: 1042)، والنسائي (5/ 93)، والترمذي (3/ 193 عارضة).

ولفظ البخاري: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده، لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا فَيَسْأَلَهُ، أعطاه أو منعه.

وأما حديث أنس بن مالك، فرواه النسائي (7/ 259)، وأبو داود (2/ 292: 1641)، والترمذي (5/ 223 عارضة)، وابن ماجه (2/ 740: 2198)، وأحمد (3/ 114)، عن الأخضر بن عجلان، حدثني أبو بكر الحنفي، عن أنس بن مالك:"أن رجلًا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الحاجة، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ما عندك شيء؟ فأتاه بحلس وقدح، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يشتري هذا؟ فقال رجل: أنا آخذهما بدرهم. قال: من يزيد على درهم؟ فسكت القوم، فقال: من يزيد على درهم؟ فقال رجل: أنا آخذهما بدرهمين. قال: هما لك. ثم قال: إن المسألة لا تحل إلَّا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع".

وقال الترمذي: هذا حديث حسن، لا نعرفه إلَّا من حديث الأخضر بن عجلان، وعبد الله الحنفي هو أبو بكر الحنفي.

قلت: قال الحافظ في التقريب (330: 3724): لا يعرف حاله.

وضعفه الألباني في إرواء الغليل (3/ 370).

ص: 600

24 -

[بَابُ التَّرْهِيبِ](1) مِنَ السُّؤَالِ وَفَضْلِ الْإِعْطَاءِ

936 -

قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَنَسَخْتُهُ مِنْ كِتَابِ عَبْدِ الأعلى، قالا: حدثنا وُهَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ جُذَامَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ (2) يُقَالُ لَهُ عَدِيٌّ، كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لَهُ [حوار](3) فَرَمَى إِحْدَاهُمَا بِحَجَرٍ فَقَتَلَهَا، فَرَكِبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِتَبُوكَ فسأله عن شأن المرأة المقتولة فقال [أدِّ] (4) لوارثها عقلها. قال عدي رضي الله عنه: فكأني (5) أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَاقَةٍ لَهُ حَمْرَاءَ جَدْعَاءَ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ تَعْلَمُنَّ أَنَّ الْأَيْدِيَ ثَلَاثَةٌ: يَدُ اللَّهِ تَعَالَى هِيَ الْعُلْيَا، وَيَدُ المُعطِي الْوُسْطَى، ويد المعطَى [هي] (6) السُّفْلَى فَتَعَفَّفُوا وَلَوْ بِحُزَمِ الْحَطَبِ. ثُمَّ رَفَعَ يديه. فقال: "اللهم هل بلغت".

(1) ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).

(2)

في (سد): "كان يقال".

(3)

تصحفت في الأصل و (حس) إلى: "جوار"، وهي ساقطة من (ك).

(4)

ما بين المعقوفتين زيادة من (سد)، وتحرفت في (عم) إلى:"أرد"، وفي (ك): "عليك لوارثها

".

(5)

في (ك): "وكأني".

(6)

ما بين المعقوفتين ليس في (عم) و (سد) و (ك).

ص: 601

936 -

الحكم عليه:

ضعيف، فيه راو لم يسم.

وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 98)، وعزاه للطبراني وقال: فيه راو لم يسم.

وذكره في (4/ 230)، وعزاه لأبي يعلى والطبراني باختصار وقال: رجاله رجال الصحيح إلَّا أن فيه راو لم يسم.

قلت: كلا، بل فيه عبد الرحمن بن حرملة، أخرج له مسلم متابعة، ولم يخرج له في الأصول.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 136: أمختصر)، وعزاه لأبي يعلى وقال: سنده ضعيف لجهالة بعض رواته.

ص: 602

تخريجه:

رواه الطبراني (17/ 110: 267) من طريق عبد الأعلي بن حماد النرسي به.

ورواه سعيد بن منصور -كما في الإصابة (2/ 465) -، والطبراني في الكبير (17/ 110: 269) من طريق حفص بن ميسرة، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن عدي الجذامي أنه لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فقال: يا رسول الله كانت لي امرأتان فاقتتلتا، فرميت إحداهما فقتلتها، فقال:"اعقلها ولا ترثها"، فكأني أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على ناقة حمراء جدعاء وهو يقول: "يا أيها الناس تعلموا، فإنما الأيدي ثلاثة، فيد الله الْعُلْيَا، وَيَدُ الْمُعْطِي الْوُسْطَى، وَيَدُ الْمُعْطَى السُّفْلَى، فتعففوا ولو بحزم الحطب

ألا هل بلغت

ألا هل بلغت".

ورجاله ثقات إلَّا أنه مرسل، قال ابن منده في "الصحابة" -كما في الإصابة- أرسله حفص بن ميسرة، فقد رواه محمد بن فليح، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بن المسيب، عن عدي بن زيد به. أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده -كما في الإصابة-.=

ص: 602

= ومحمد بن فليح: صدوق يهم -كما في التقريب (502: 6228) -.

ورواه سعيد بن أبي هلال، عن عبد الرحمن، عن رجل من جذام، عن أبيه.

ورواه يحيى بن أيوب، عن عبد الرحمن، حدثني رجل من أهل الشام، عن رجل منهم يقال له عدي. ذكر هاتين الروايتين الحافظ ابن حجر في الإصابة (2/ 465)

ورواه عبد الرزاق (9/ 407: 17802) عن محمد بن يحيى المازني، عن عبد الرحمن، أنه سمع رجلًا مِنْ جُذَامَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ عدي بن زيد قال: فذكره.

وكما تلاحظ فقد تفرد محمد بن فليح بوصله، وبقية الثقات أرسلوه، ومحمد بن فليح صدوق، تقدم رواية الثقة عليه عند المخالفة، فكيف بالثقات.

ولذلك قال الحافظ ابن حجر في الإصابة (2/ 465) بعد أن ذكر هذه الروايات:

والراجح من هذه الروايات الأخيرة -يعني رواية عبد الرزاق- الموافقة للتي قبلها. اهـ.

قلت: ولا يعني كونها الراجحة أنها صحيحة، فإِن فيها رجلًا لم يسم، فهو مجهول حالًا وعينًا. فالحديث ضعيف

لكن للمقطع الأخير منه "الأيدي ثلاثة

" شواهد، تقدمت في الحديث رقم (910)، فيكون هذا الجزء من الحديث حسنًا لغيره. والله الموفق لا إله إلَّا هو.

ص: 603

937 -

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّة سوي).

ص: 604

937 -

الحكم عليه:

مرسل صحيح.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 137: ب مختصر)، وعزاه لمسدد وسكت عليه.

ص: 604

تخريجه:

لم أجده هكذا مرسلًا، وإنما ورد مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أبي هريرة مرفوعًا به.

أخرجه النسائي (5/ 74)، وابن ماجه (1/ 589: 1839)، وابن أبي شيبة (3/ 207)، وابن الجارود (ص 132)، وابن حبان في صحيحه (5/ 123 الإحسان)، والطحاوي في شرح الآثار (2/ 14)، والدارقطني (2/ 118)، والبيهقي (7/ 14)، وأحمد (2/ 377) كلهم عن أبي بكر بن عياش، أنبأنا أبو حصين، عن سالم به.

وسنده ظاهره الصحة، إلَّا أنه أعله صاحب التنقيح -كما في نصب الراية (2/ 399) - فقال: رواته ثقات، إلَّا أن أحمد بن حنبل قال: سالم بن أبي الجعد لم يسمع من أبي هريرة.

وأقره الزيلعي. وتعقعه الألباني في إرواء الغيل (3/ 383)، فقال: [وقول أحمد هذا لم يذكر في ترجمة سالم من التهذيب - (3/ 432) - وقد جاء فيه نقول كثيرة عن الأئمة، تبين أسماء الصحابة الذين لم يلقهم سالم، أو لم يسمع منهم، وليس فيهم أبو هريرة، بل جاء ذكره في جملة الصحابة الذين روى عنهم سالم، ولم يعل بالانقطاع، والله أعلم".

قلت: وكذا لم يذكر فيهم أبو هريرة في المراسيل لابن أبي حاتم (ص 79).

وجامع التحصيل (ص 217).=

ص: 604

= وأخرجه الطحاوي في شرح الآثار (2/ 14)، قال: حدثنا علي بن معبد، حدثنا معلي بن منصور، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة به.

وسنده صحيح لولا أن أبا بكر بن عياش ساء حفظه لما كبر -كما في التقريب (624: 7985) -.

وله طريق ثالث. أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 407) من طريق علي بن حرب، حدثنا سفيان، عن منصور، عن أبي حازم، عن أبي هريرة يبلغ به، فذكره.

وقال الحاكم: على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.

ورواه البيهقي (7/ 14) من طريق سعدان بن نصر، حدثنا سفيان به، عن أبي هريرة. وزاد:"فقيل لسفيان: هو عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: لعله".

وأعل هذه الطريق البزار، فإِنه رواه في مسنده -كما في نصب الراية (2/ 399) - من طريق إسرائيل، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عن أبي هريرة به. وقال: رواه ابن عيينة، عن منصور، عن أبي حازم، عن أبي هريرة.

والصواب حديث إسرائيل، وقد تابع إسرائيلَ على روايته أبو حصين، فرواه عن سالم، عن أبي هريرة.

كذا قال الزيلعي وتتبعت المطبوع من كشف الأستار ولم أجده، فلعل الهيثمي لم يعتبره من الزوائد.

وبالجملة فحديث أبي هريرة بهذه الطرق حسن على أقل الأحوال.

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وحبشي بن جنادة، ورجل من بني هلال، وجابر بن عبد الله، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وابن عمر.

1 -

أما حديث عبد الله بن عمرو، فله عنه طريقان:

(أ) عن سعد بن إبراهيم، عن ريحان بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سوي".=

ص: 605

= أخرجه أبو داود (2/ 118: 1634)، والترمذي (3/ 150 عارضة)، والدارمي (1/ 324)، وابن أبي شيبة (3/ 207)، وأحمد في المسند (2/ 164)، وابن الجارود (ص 132)، والطحاوي في شرح الآثار (2/ 14)، والحاكم في المستدرك (1/ 407)، والدارقطني (2/ 119)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 13)، والطيالسي (300: 2271)، وقال الترمذي: حديث حسن. وقال صاحب التنقيح -كما في

نصب الراية (2/ 399) -: [وريحان بن يزيد. قال أبو حاتم: شيخ مجهول، ووثقه ابن معين وقال ابن حبان: "كان أعرابيًا صدوقًا"] وقال ابن حجر في التقريب (212: 1975): مقبول.

يعني عند المتابعة، وقد توبع:

(ب) فأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (7/ 13) من طريق عطاء بن زهير العامري، عن أبيه قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أخبرني عن الصدقة أي مال هي. قال: هي شر مال، إنما هي مال للعميان والعرجان والكسحان واليتامى وكل منقطع به، فقلت: إن للعاملين عليها حقًا، وللمجاهدين، فقال: للعاملين عليها بقدر عمالتهم، وللمجاهدين في سبيل الله قدر حاجتهم أو قال: حالهم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي".

وعطاء أورده ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 332)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. فيتقوى هذا الطريق بالذي قبله فيصبح حسنًا لغيره. وورد من طريق ثالث موقوفًا. رواه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 208) قال: حدثنا ابن مهدي، عن موسى بن علي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو قال:"لا ينبغي الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي".

وسنده صحيح.

2 -

وأما حديث حبشي بن جنادة. فرواه الترمذي (3/ 153)، وابن أبي شيبة (3/ 207)، ومن طريقه الطبراني الكبير (4/ 14: 3504)، وأبو صالح الخرقي في=

ص: 606

= الفوائد -كما في الإرواء (3/ 384) - من طريق مجالد، عن الشعبي، عن حُبشي بن جُنادة السلولي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف بعرفة في حجة الوداع وقد أتاه أعرابي فسأله رداءه، فأعطاه إياه قال:"إن المسألة لا تحل لغني، ولا لذي مرة سوي".

وقال الترمذي: غريب من هذا الوجه.

قلت: يعني أنه ضعيف، فيه مجالد بن سعيد وهو ضعيف. لكنه حسن بالشواهد.

3 -

وأما حديث الرجل من بني هلال، فأخرجه الطحاوي في شرح الآثار (2/ 14)، وأحمد في المسند (4/ 62) و (5/ 375) من طريق عكرمة بن عمار اليمامي، عن سماك أبي زُميل، عن رجل من بني هلال، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إلا تصلح الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي".

وسنده حسن، سماك هو ابن الوليد، أبو زميل الحنفي، قال في التقريب (256: 2628): ليس به بأس.

وعكرمة بن عمار، قال في التقريب (396: 4672): صدوق يغلط.

4 -

وأما حديث جابر بن عبد الله، فرواه الدارقطني في سننه (2/ 119) من طريق الوازع بن نافع، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة فركبه الناس، فقال:"إنها لا تصلح لغني، ولا لصحيح سوي، ولا لعامل قوي".

وفيه الوازع بن نافع، قال ابن حبان في المجروحين (3/ 83): يروي الموضوعات عن الثقات على قلة روايته، ويشبه أنه لم يتعمدها، بل وقع ذلك في روايته لكثرة وهمه، فبطل الاحتجاج به. اهـ. وبه أعله ابن حجر في الدراية (1/ 267)، فقال: فيه الوازع بن نافع وهو متروك. اهـ. فلا يصلح للاستشهاد.

ورواه حمزة بن يوسف السهمي في "تاريخ جرجان (ص 367) من حديث=

ص: 607

= محمد بن الفضل بن حاتم، حدثنا إسماعيل بن بهرام الكوفي، حدثني محمد بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن جابر مرفوعًا إلا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ".

ومحمد بن جعفر لم أستطع تمييزه. وسكت عليه الزيلعي في نصب الراية (2/ 400)، وتبعه ابن حجر في الدراية (1/ 267).

5 -

وأما حديث طلحة بن عبيد الله، فرواه ابن عدي في الكامل (1/ 310) من حديث إسماعيل بن يعلي بن أمية الثقفي، عن نافع، عن أسلم مولى عمر، عن طلحة بن عبيد اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سوي".

وقال ابن عدي: وهذا الحديث بهذا الإِسناد لا أعلم رواه عن نافع، غير أبي أمية بن يعلى. اهـ.

وقال النسائي في الضعفاء (ص 152): متروك الحديث. اهـ.

فلا يصلح حديثه للاستشهاد.

6 -

وأما حديث عبد الرحمن بن أبي بكر، فرواه الطبراني في الكبير -كما في مجمع الزوائد (3/ 94) -، والبزار -كما في الكشف (1/ 435) - من طريق ابن لهيعة، حدثني بكر بن سوادة، عن أبي ثور، عن عبد الرحمن بن أَبِي بَكْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سوي". وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف.

7 -

وأما حديث ابن عمر، فرواه ابن عدي في الكامل (6/ 2186) من حديث محمد بن الحارث بن زياد، عن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَيْلَمَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عن ابن عمر مرفوعًا بنحوه.

وأعله بمحمد بن الحارث، وقال البخاري في الضعفاء الصغير (ص 107)، والنسائي في الضعفاء (ص 232): منكر الحديث.

ص: 608

938 -

حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا إسرائيل، عن منصور، عن سالم، عن جابر رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الَّذِي يَأْتِينِي مِنْكُمْ، فَيَسْأَلُنِي فَأُعْطِيهِ، فَيَنْطَلِقُ وَمَا يَحْمِلُ (1) فِي حضنه (2) إلَّا النار". (3).

(1) في (عم): "بما"، وهو خطأ من الناسخ.

(2)

ما بين المعقوفتين ليس في (حس).

(3)

لم يذكر هذا الحديث في النسخة (ك).

ومقتضي صنيع الحافظ ابن حجر إذ لم يذكر اسم الإِمام الذي أخرجه في مسنده -مقتضاه- أنه نفس صاحب الحديث الذي يسبق هذا، والصواب خلاف ذلك إذ قد تقدم هذا الحديث برقم (928) من هذا البحث، وتقدم أنه أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده، وكذا عزاه البوصيري في الإِتحاف (1/ 137: ب) لابن أبي شيبة، فيبدو -والله أعلم- أن ما ههنا أما وهم من الحافظ -وهو بعيد- أو ساقط من النسخ، أو خطأ من الناسخ، مع أنه لم يرد في (ك) ولا "بر"، والله أعلم.

تقدم هذا الحديث بسنده ومتنه في باب "الإجمال في طلب الرزق" برقم (928).

ص: 609

939 -

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، حدثنا الْحَجَّاجُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمَنْ يَمْلِكُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا أَوْ عِوَضَهَا (1) مِنَ الذهب".

(1) تصحفت في (حس) إلى: "عرضها".

ص: 610

939 -

الحكم عليه:

الإِسناد ضعيف من ثلاثة وجوه:

1 -

سعد بن معبد. مجهول.

2 -

الحجاج بن أرطاة، كثير الخطأ، ثم إنه مدلس وقد عنعنه هنا.

3 -

الانقطاع، فسعد ليس له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو من التابعين على أكثر الأحوال، فهو مرسل.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 137: ب مختصر)، وعزاه لمسدد وسكت عليه.

ص: 610

تخريجه:

رواه الدارقطني في سننه (2/ 122) من طريق الْحَجَّاجُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال:"لا تحل الصدقة لمن له خمسون درهمًا أو قيمتها من الذهب".

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 180) من طريق الْحَجَّاجُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن علي وعبد الله قالا:"لا تحل الصدقة لمن له خمسون درهمًا أو عوضها من الذهب".

ومداره على سعد وهو مجهول، والحجاج كثير الخطأ والاضطراب، ومدلس، وقد عنعن هنا، والاختلاف الحاصل في الرفع والوقف منه بسبب اضطرابه، والله أعلم.=

ص: 610

= وأصله في السنن من حديث ابن مسعود مرفوعًا، وله عنه ثلاثة طرق: الأول: يرويه حكيم بن جبير، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عن أبيه، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: من سأل الناس عن ظهر غنى جاء يوم القيامة وفي وجهه خموشًا. قيل: وما الغنى. قال: خمسون درهمًا أو قيمته من الذهب.

رواه الترمذي (3/ 148 عارضة)، والدارمي (1/ 386)، والدارقطني (2/ 122)، والطيالسي (42/ 322) من طرق عن شريك، عن حكيم بن جبير به.

وسنده ضعيف؛ حكيم بن جبير، قال في التقريب (176: 1468): ضعيف. وشريك ضعيف.

ورواه أحمد (1/ 388، 441)، والترمذي (3/ 149 عارضة)، وأبو داود (2/ 277: 1626)، وابن ماجه (1/ 589: 1840)، والنسائي (5/ 72)، والدارمي (1/ 386)، والدارقطني (2/ 122)، والحاكم (1/ 457)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 24)، وابن عدي في الكامل (2/ 635)، من طرق عن سفيان بن سعيد، عن حكيم بن جبير به.

وحكيم ضعيف -كما تقدَّم-.

ورواه الترمذي (3/ 149 عارضة)، وأبو داود (2/ 278)، والنسائي (5/ 73)، وابن ماجه (1/ 589)، والحاكم (1/ 457)، من طرق عن سفيان، عن زبيد، عن حكيم بن جبير به.

ومداره على حكيم -كما تلاحظ-، وقد علمت حاله.

الثاني: يرويه عبد الله بن سلمة، عن عبد الرحمن بن المسور، عن المسور بن مخرمة، عن عبد الله بن مسعود به.

رواه الدارقطني (2/ 121)، وسنده ضعيف. قال الدارقطني: عبد الله بن سلمة بن أسلم ضعيف.

الثالث: يرويه بكر بن خنيس، حدثنا أبو شيبة، عن القاسم بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،=

ص: 611

= عن أبيه، عن ابن مسعود مرفوعًا:"لا تحل الصدقة لرجل له خمسون درهمًا".

رواه الدارقطني (2/ 122)، وقال: أبو شيبة بن إسحاق ضعيف، وبكر بن خنيس ضعيف.

الرابع: يرويه الحجاج، عن إبراهيم، عن الأسود، عن ابن مسعود به.

رواه أحمد (1/ 466)، وسنده ضعيف من أجل حجاج، وصححه الشيخ شاكر في تعليقه على المسند (6/ 200)، ولا وجه لذلك.

وبالجملة فطرق الحديث كلها لا تخلو من ضعف، لكنه يتقوى بها فيكون حسنًا على أقل الأحوال، وكأنه لذلك احتج به الإِمام أحمد رحمه الله كما نقل ذلك ابن عدي في الكامل (2/ 636) -.

ص: 612

(37)

حديث حِبان بن بُح (1) الصُّدائي يأتي [إن شاء الله تعالى](2) في علامات النبوة (3).

(1) غير واضحة في (عم) و (سد).

(2)

زيادة من (عم) و (سد).

(3)

وهو في كتاب المناقب، من المطالب، باب علامات النبوة برقم (3801)، ونصه:

قال الحارث: حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا بكر بن سوادة، عن زياد بن نعيم، عن حبان بن بح الصدائي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم إن قومي كفروا فأخبرت أنه جهز إليهم جيشًا، فأتيته، فقلت له: إن قومي على الإِسلام. فقال صلى الله عليه وسلم: أكذلك؟ قلت: نعم. قال: فاتبعته ليلتي إلى الصباح فأذنت بالصلاة لما اصبحت، وأعطاني إناء توضأت منه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه في الإناء فانفجرت عيونًا. ثم قال: من أراد منكم أن يتوضأ فليتوضأ. فتوضأت وصليت، فأمرني عليهم، وأعطاني صدقتهم، فقام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن فلانًا ظلمني. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا خير في الإمْرة لرجل مسلم، ثم جاء فسأل صدقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الصدقة صداع في الرأس، وحريق في البطن، وداء". فأعطيته صحيفتي، صحيفة إمرتي، وصدقتي. فقال صلى الله عليه وسلم: ما شأنك. قلت: كيف أقبلها، وقد سمعت منك ما سمعت. فقال: هو ما سمعت.

رواه أحمد في مسنده (4/ 168، 189)، وفي مسند الشاميين (2/ 623)، والطبراني في الكبير (4/ 3575)، وفيه ابن لهيعة وفيه كلام. وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 133: أمختصر)، وعزاه لأبي بكر بن أبي شيبة وأحمد وقال: سنده ضعيف لجهالة بعض رواته، وضعف بعضهم. اهـ.

قلت: بل كلهم معروفون، ثقات سوى ابن لهيعة فهو ضعيف.

ص: 613

940 -

وقال الحارث: حدثنا الحسن بن قتيبة، حدثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ ابْنِ (1) جُنَادَةَ، وَقَدْ حَجَّ مَعَ النَّبِيِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الْودََاعِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من سَأَلَ مِنْ غَيْرِ فَقْرٍ فَكَأَنَّمَا يَقْضِمُ (2) الْجَمَّرَ).

(1) تحرفت في (ك) إلى: "أبي جنادة".

(2)

في الأصل و (حس): "يقصم" بالصاد المهملة، وما أثبته من باقي النسخ لمناسبته لمعنى الحديث فيكون ما في الأصل و (حس) تصحيفًا.

ص: 614

940 -

الحكم عليه:

الإِسناد ضعيف جدًا، فيه أربع علل:

1 -

الحسن بن قتيبة متروك الحديث.

2 -

ثم إنه من رواية أبي إسحاق السبيعي وقد اختلط، وسماع إسرائيل منه بعد إلاختلاط -كما في شرح العلل لابن رجب (2/ 711) -.

3 -

عنعنة أبي إسحاق وهو من أصحاب المرتبة الثالثة لا يقبل حديثه معنعنًا.

4 -

جهالة شيخ أبي إسحاق.

وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 96)، وعزاه للطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.

قلت: وفي ذلك نظر سيأتي بيانه في التخريج.

وأورده البوصيري في الإِتحاف (1/ 138: أمختصر)، وعزاه للحارث، وقال: فيه الحسن بن قتيبة وهو ضعيف. اهـ.

قلت: بل هو متروك.

ص: 614

تخريجه:

أصله عند أحمد، يرويه أبو إسحاق، عن حبشي معنعنًا، دون واسطة الرجل المجهول.=

ص: 614

= رواه أحمد (4/ 165)، قال: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حبشي بن جنادة، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَأَلَ مِنْ غَيْرِ فَقْرٍ، فَكَأَنَّمَا يأكل الجمر".

وتابعه يحيى بن أبي بكير: حدثنا إسرائيل به. رواه أحمد (4/ 165).

وتابعه أبو أحمد محمد بن عبد الله بن زبير الزبيري، حدثنا إسرائيل به. رواه أحمد أيضًا (4/ 165)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 100)، وابن عدي في الكامل (2/ 849).

وتابعه مُخَوَّل بن إبراهيم، حدثنا إسرائيل به. رواه الطحاوي الآثار (2/ 19).

ومخول هذا: رافضي بغيض، صدوق في نفسه. الميزان (4/ 85)، اللسان (6/ 11).

وتابعه أبو غسان، حدثنا إسرائيل به. رواه الطحاوي أيضًا في شرح الآثار (2/ 19).

وتابعه مالك بن إسماعيل، حدثنا إسرائيل به، رواه الطبراني في الكبير (4/ 17: 3506).

وتابعه غصن بن محمد بن يونس بن إسحاق، عن إسرائيل به. رواه الطبراني أيضًا (4/ 18: 3508).

ومدار جميع هذه التابعات على أبي إسحاق السبيعي، وكما تلاحظ في جميع هذه المتابعات أن أبا إسحاق رواه عن حبشي بن جنادة معنعنًا دون واسطة. ورواية الباب عن رجل مجهول، فكأنه لذلك دلسه في هذه المتابعات فأسقطه. وأبو إسحاق معروف بكثرة التدليس لا يقبل حديثه إلَّا مصرحًا بالسماع.

على أنه يمكن تعصيب الجناية في رواية الباب بالحسن بن قتيبة فإِنه ضعيف جدًا متروك الحديث.

ومن هنا تعلم أن قول الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 96): رجاله رجال=

ص: 615

= الصحيح فيه من التساهل ما لا يخفى، فإِن أبا إسحاق لم يخرجوا له في الصحيح إلَّا من رواية القدماء عنه الذين سمعوا منه قبل اختلاطه -كما في هدي الساري (ص 431) -، وإسرائيل سمع منه بعد اختلاطه -كما تقدم آنفًا-؛ فكون رجال السند من رجال الصحيح لا يعني الصحة

فتأمل.

على أن الشيخ الألباني صححه في صحيح الترغيب (1/ 337)، ويبدو أن ذلك لشواهده.

إذ رواه الترمذي (3/ 153 عارضة) مطولًا واللفظ له، والطبراني (4/ 17: 3504)، وابن أبي شيبة (3/ 207) من رواية مجالد، عن عامر، عن حبشي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو واقف بعرفة أتاه أعرابي فأخذ بطرف ردائه، فسأله إياه، فأعطاه، وذهب، فعند ذلك حرمت المسألة. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إن المسألة لا تحل لغني، ولا لذي مرة سوي، إلَّا لذي فقر مدقع، أو غرم مفظع، ومن سأل الناس ليثرى به مال كان خموشًا في وجهه يوم القيامة ورضفًا يأكله من جهنم، فمن شاء فليقلل، ومن شاء فليكثر".

قال الترمذي: حديث غريب، يعني أنه ضعيف، لأن في سنده مجالد بن سعيد وهو ضعيف.

وبالجملة فسند الباب لا يصلح للتقوية، لكن متن الحديث يتقوى بالشواهد والتي منها ما ذكرته، وذكر شواهد أخرى المنذري في الترغيب والترهيب (1/ 570)، وصحح بعضها الألباني في صحيح الترغيب (1/ 335).

فمتن الحديث حسن بالشواهد على أقل الأحوال.

ص: 616

941 (1) - وقال إسحاق: أخبرنا عبدة بن سليمان، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ لبناتها (2): تصدقن ولا تنتظرن الفضل، فإنكن إن انتظرتن الفضل لم تجدن، وإن تصدقتن لم تجدن فقده.

(1) هذا الحديث زيادة من (ك) و (بر).

(2)

في مسند إسحاق: "لنسائها".

ص: 617

941 -

تخريجه:

إِسناده صحيح، أخرجه إسحاق (5/ 135: 2251) بنحوه.

كما أخرجه برقم (2252) قال: أخبرنا أبو معاوية بهذا الإِسناد مثله سواء. ولم أجد من أخرجه غير إسحاق.

وروى البخاري برقم (1433) بهذا الإِسناد حديث: "لا توكي فيوكي الله عليك". ورواه مسلم برقم (1029) من طريق ابن أبي شيبة، ثنا حفص عن هشام بلفظ مقارب. (سعد).

ص: 617

25 -

[بَابُ قَدْرِ (1) الْصَّاعِ](2)

942 -

قَالَ [إِسْحَاقُ](3): أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ (4) بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: "كَانَ صَاعُهُمْ ذَلِكَ الْيَومَ (5) مُدًّا وَثُلُثَ مُدٍّ (6).

* هَذَا صَحِيحٌ. وأصله في النسائي.

(1) في (عم): "مقدار".

(2)

ما بين المعقوفتين لم بظهر في (حس).

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من (ك).

(4)

في (سد): "الجعد"، وهو وجه قيل في اسمه.

(5)

يعني فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم-كما في رواية البخاري (11/ 597 فتح) -.

(6)

يعني في الزمن الذي عاشه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في عهد عمر بن عبد العزيز -كما في رواية البخاري (11/ 597 فتح) -.

ص: 618

942 -

الحكم عليه:

صحيح.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 134: أمختصر)، وعزاه لإسحاق، وصححه.

ص: 618

تخريجه:

أصله في الصحيح، من حديث السائب بن يزيد قال: كان الصاع على عهد=

ص: 618

= النبي صلى الله عليه وسلم مدًا وثلثًا بمدكم اليوم، فزيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز.

رواه البخاري (11/ 597 فتح)، والنسائي (5/ 54) من طريق القاسم بن مالك المزني، حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن، سمعت السائب بن يزيد قال:

فذكره.

ومن هنا تعلم أن الأولى أن يعزى الحديث للبخاري بدلًا من النسائي خلافًا لصنيع الحافظ ابن حجر هنا في المطالب فإِنه قال: أصله في النسائي.

ويبدو والله أعلم أن الحافظ اعتبر الحديث من الزوائد لعدم تصريح الجعيد بالتحديث في رواية الباب، مع أنه صرح بالتحديث في رواية البخاري والنسائي. أو باعتبار أنه ليس فيه عند إسحاق قوله:"فزيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز" أو لعدم تحديد العصر صراحة في رواية الباب، مع أنه حدد في رواية الصحيح وسنن النسائي، فاعتبر زائدًا لتغاير اللفظ واختلاف المتن، والله أعلم.

ص: 619

943 -

وَقَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابن لهيعة، عن أبي الأسود قال: إن أَسْمَاءَ رضي الله عنها كَانَتْ تَقُولُ: كُنَّا نؤدي صدقة الفطر عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالمد الذي كانوا يتبايعون (1) به.

(1) في (عم) و (سد): "يبتاعون"، وكذا في بغية الباحث (2/ 384).

ص: 620

943 -

الحكم عليه:

ضعيف من أجل ابن لهيعة، ثم إنه منقطع، أبو الأسود لم يرو عن أسماء وإنما يروي بواسطة عنها -كما سيأتي-.

وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 81)، وعزاه لأحمد والطبراني في الكبير والأوسط وقال: إِسناده له طريق رجالها رجال الصحيح. اهـ.

قلت: هي طريق عروة وستأتي في التخريج.

وأورده البوصيري في الإِتحاف (1/ 133: ب مختصر)، وعزاه للحارث وقال: سنده ضعيف منقطع.

ص: 620

تخريجه:

رواه موصولًا: أحمد في مسنده (6/ 346) عن عتاب بن زياد، عن عبد الله بن المبارك، أخبرنا ابن لهيعة، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء قالت: كنا نؤدي زكاة الفطر عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مدين من قمح بالمد الذي تقتاتون به.

وسنده صحيح، وابن لهيعة الراوي عنه هنا من العبادلة، وروايتهم عنه صحيحة، إذ هي قبل الاختلاط.

ورواه الطبراني في الكبير (24/ 129: 352)، والأوسط -كما في مجمع البحرين (1/ 125: أ) - من طريق ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أبي بكر به.=

ص: 620

= ورواه الطحاوي في شرح الآثار (2/ 43) عن ربيح المؤذن وفهد بن أبي مريم، عن أسد، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء به.

ومداره -كما تلاحظ- على ابن لهيعة، وهو ضعيف.

لكنه ورد موقوفًا على أسماء. رواه ابن أبي شيبة (3/ 176)، والبيهقي في السنن (4/ 170)، والطبراني في الكبير (24/ 82: 218: 219) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، أو عن فاطمة، عن أسماء قالت -في صدقة الفطر-: تُعطى بالمد والصاع الذي يمتارون به.

وسنده صحيح موقوف.

ص: 621

944 -

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ، والنَّش (1) عِشْرُونَ، وَالنَّوَاةُ خمسة.

(1) غير واضحة في (ك).

ص: 622

944 -

الحكم عليه:

صحيح مقطوع.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 134: أمختصر)، وعزاه لمسدد وسكت عليه.

ص: 622

تخريجه:

لم أجده.

ص: 622

26 -

[بَابُ تَعْمِيمِ الْأَصْنَافِ](1) بِالصَّدَقَةِ

945 -

قَالَ أَبُو يَعْلَى: حدثنا القواريري، حدثنا كثير بن هشام، حدثنا جعفر (2) بن برقان، حدثنا أَبُو سَكِينَةَ الْحِمْصِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمن، قال: أن عمر رضي الله عنه قدم الجابية، جابية دمشق، فقام خطيبًا. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ:"أَلَا إِذَا انْصَرَفْتُ مِنْ مَقَامِي هَذَا فَلَا يَبْقَيَنَّ أَحَدٌ لَهُ حَقٌّ فِي الصَّدَقَةِ إلَّا أَتَانِي". فَلَمْ يأته ممن حضره إلَّا رجلان فأمر بهما فأُعطيا، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا هَذَا الْغَنِيُّ الْمُتَفَقِّدُ (3) بِأَحَقَّ بِالصَّدَقَةِ من هذا الفقير المتعفف. قال عمر رضي الله عنه "ويحك وكيف (4) لنا بأولئك".

(1) ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).

(2)

تحرفت في (ك) إلى: "جبير".

(3)

في الأصل: "المنعقد"، وفي باقي النسخ والإتحاف (1/ 133: أمختصر): "المنعقد"؛ وما أثبته في (ك)، والمقصد العلي (ص 475).

(4)

في (ك): "وليت لنا

"، وهو خطأ.

ص: 623

945 -

الحكم عليه:

فيه أبو سكينة، حديثه يحتمل التحسين، وعبد الله بن عبد الرحمن لم أستطع=

ص: 623

= تمييزه رغم أني فتشت عنه كثيرًا، إلَّا أن يكون القاريّ، وهو مقبول، يعني ضعيفًا، إلَّا إذا توبع، ولم أجد له متابعة.

وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 104)، وقال: رواه أبو يعلى في أثناء حديث الجابية. وفيه أبو سكينة الحمصي ولم أجد من ترجمه.

وأورده البوصيري في الإِتحاف (1/ 133: أمختصر)، وسكت عليه.

ص: 624

تخريجه:

رواه ابن عدي في الكامل (2/ 564) قال: حدثنا أبو عروبة، حدثنا عمر بن هشام، حدثنا مخلد بن يزيد، عن جعفر، عن أبي السكينة الْحِمْصِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قال: قدم عمر جابية دمشق، فقام في الناس

فذكر الحديث.

وحديث الجابية الذي أشار إليه الهيثمي: رواه أحمد (1/ 26)، واللفظ له، وابن ماجه (2/ 791: 2363)، والطحاوي في شرح الآثار (4/ 150)، وابن حبان (7/ 442، 8/ 257 إحسان)، والطيالسي (7/ 31)، وأبو يعلى في مسنده (1/ 131) من طريق جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جابر بن سمرة أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية فقال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامي فيكم فقال: استوصوا بأصحابي خيرًا، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يفشوا الكذب حتى إن الرجل ليبتدىء بالشهادة قبل أن يسألها فمن أراد منكم بحبحة الجنة فليلزم الجماعة، فإِن الشيطان مع الواحد، وهو من الإثنين أبعد، لا يخلون أحدكم بامرأة فإِن الشيطان ثالثهما، من سرته حسنته، وساءَته سيئته فهو مؤمن.

وفيه عبد الملك بن عمير مدلس من المرتبة الثالثة، لا يقبل حديثه إلَّا مصرحًا بالسماع وقد عنعن هنا، ثم إنه مخلط تغير حفظه، ولذا أشار الحاكم في المستدرك (1/ 114) إلى أن فيه علة، ولكنه لم يذكرها، ولعلها هذه.

قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 725: 431): [لكن الحديث صحيح، فقد جاء من طرق أخرى] فأخرجه أحمد (1/ 18)، والترمذي (9/ 9=

ص: 624

= عارضة)، والحاكم (1/ 114) وصححه، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 91)، والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 49، 77) من طريق عبد الله بن المبارك، أنبأنا محمد بن سوقة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عمر، أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية فقال فذكره.

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي والألباني. ثم قال الحاكم: وقد رويناه بإِسناد صحيح عن سعيد بن أبي وقاص، عن عمر رضي الله عنه، ثم ساقه من طريق محمد بن مهاجر بن مسمار، حدثني أبي، عن عامر ابن سعد، عن أبيه قال: وقف عمر بالجابية فقال: رحم الله رجلًا سمع مقالتي فوعاها، أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وقف فينا كمقامي فيكم ثم قال: فذكره.

وصححه الذهبي، وفيه محمد بن مهاجر بن مسمار، لم أجد له ترجمة إلَّا أن يكون محمد بن مهاجر القرشي، فإِن كان كذلك فهو لين -كما في التقريب (509: 6332) -.

ص: 625

27 -

[بَابُ الْحَمْلِ](1) عَلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ

946 -

قَالَ الْحَارِثُ: حدثنا أشهل (2) -هو ابن حاتم-، حدثنا ابن عون، عن محمد، قال سأل رجلًا عمر (3) رضي الله عنه عن إبله، فذكر عجفا ودبرًا فقال عمر رضي الله عنه: إني لأحسبها ضخامًا (4) سمانا. فمر (5) عليه عمر رضي الله عنه وهو في إبله يحدوها وهو يقول:

أَقْسَمَ بِاللَّهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرْ

مَا إِنْ بها من نقب ولا (6) دبر

فاغفر اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فَجَرْ

قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: مَا هَذَا، قَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ سَأَلَنِي عَنْ إِبِلِي فَأَخْبَرْتُهُ عَنْهَا، فَزَعَمَ أَنَّهُ يَحْسِبُهَا ضِخَامًا (7) سِمَانًا وَهِيَ كَمَا تَرَى، قَالَ: فَإِنِّي أَنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ، ائْتِنِي فِي مَكَانِ كَذَا وكذا، فأتاه، فأمر بها فقبضت، وأعطاه مكانها من إبل الصدقة.

(1) ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).

(2)

تصحفت في (حس) إلى: "أسهل"، بالسين المهملة.

(3)

في (ك): "سأل عمر رجلًا".

(4)

في (عم) و (سد): "صحاحا".

(5)

في (ك): "فمضى، فمر عليه عمر

".

(6)

ما أثبته من (ك)، وتحرفت في باقي النسخ إلى:" تعب".

(7)

في (عم) و (سد): "صحاحا".

ص: 626

946 -

الحكم عليه:

ضعيف، إذ إنه منقطع بين ابن سيرين وعمر بن الخطاب، لكنه ورد من طريق أبي رافع -وهو ثقة-.

ص: 627

تخريجه:

ذكره ابن حجر في الإصابة (3/ 94) في ترجمة عبد الله بن كيسبة، وذكر أنه أورده المرزباني في معجم الشعراء، وأنه من قول عبد الله هذا.

وذكره البغدادي في خزانة الأدب (5/ 154) مطولًا، من طريق أبي رافع أن أعرابيًا أتى عمر رضي الله عنه، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إن أهلي بعيد، وإني على ناقة دبراء نقباء، فاحملني. فقال عمر: كذبت والله ما بها من نقب ولا دبر، فانطلق الأعرابي فحل ناقته، ثم استقبل البطحاء، وجعل يقول:

أَقْسَمَ بِاللَّهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرْ

مَا إِنْ بِهَا مِنْ نَقْبٍ وَلَا دَبَرْ

فَاغْفِرْ لَهُ اللهم إن كان فجر

ويروى: "ما مسها من نقب". وعمر بن الخطاب رضي الله عنه مقبل من أعلى الوادي فجعل إذا قال:

فَاغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فَجَرْ

قَالَ: اللهم صدق، حتى التقيا، فأخذه بيده فقال: ضع راحلتك. فوضع فإِذا هي كما قال، فحمله على بعير، وزوده وكساه. اهـ.

وأبو رافع اسمه نفيع، من أئمة التابعين، وهو مولى آل عمر، ثقة، ثبت من الثانية. انظر: السير (4/ 414) التقريب (565: 7182).

وذكر البغدادي في الخزانة "أن أبا عبد الله محمد بن الحسين اليمني ذكره في طبقات النحويين في ترجمة الأصمعي"، من طريقه به بمعناه.

وبالجملة فالأثر مشهور، ويبدو أنه ثابث فقد ذكره ابن حجر في الإصابة في ترجمة عبد الله مقرًا له. ولم أقف على طريق أبي رافع التي ذكرها البغدادى لمعرفة اتصالها وثقة رواتها

والله الموفق.

ص: 627

28 -

[بَابُ التَّرْغِيبِ](1) فِي إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ

947 -

قَالَ الْحَارِثُ: حدثنا يزيد [هو](2) ابن هارون، أنبأنا أبو هلال الراسبي، عن (3) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ (4)، عَنْ كَعْبٍ (5)، قَالَ: "ما كرم عبد على الله تعالى إلَّا ازْدَادَ عَلَيْهِ الْبَلَاءُ شِدَّةً، وَلَا أَعْطَى عبد صدقة ماله فَنَقَصَتْ، وَلَا أَمْسَكَهَا فَزَادَتْ فِي مَالِهِ، وَلَا سرق سارق إلَّا حسب من

(1) ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).

(2)

ما بين المعقوفتين ليس في (سد).

(3)

في (ك): "حدثنا".

(4)

تحرفت في جميع النسخ عدا (ك) إلى: "عبد الله بن يزيد"، والتصويب من (ك)، وزوائد الحارث (2/ 377)، وحلية الاولياء (5/ 365).

(5)

تحرفت في (عم) و (سد) إلى: "عنه".

ص: 628

947 -

الحكم عليه:

ضعيف، فيه محمد بن سليم الراسبي، بين الحديث.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 131: أمختصر)، وعزاه للحارث قال: رجاله ثقات. قلت: بل أبو هلال الراجح فيه التليين.

ص: 628

تخريجه:

رواه أبو نعيم في الحلية (5/ 365) عن أبي بكر بن خلاد، حدثنا الحارث بن=

ص: 628

= أبي أسامة به. وسنده ضعيف -كما علمت-.

لكن لبعض أجزائه شواهد مرفوعة بيانها كما يلي:

أما شطره الأول "مَا كَرُمَ عَبْدٌ عَلَى اللَّهِ إلَّا ازْدَادَ عليه النبلاء شدة".

فورد من حديث أنس بن مالك مرفوعًا بلفظ" عظم الجزاء مع عظم النبلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي، فله الرضا، ومن سخط فله السخط".

أخرجه الترمذي (9/ 243 عارضة)، وابن ماجه (2/ 1338)، وقال الترمذي:"حسن غريب من هذا الوجه".

وفي سنده سعد بن سنان، وهو صدوق، له أفراد -كما قال ابن حجر في التقريب (23/ 22381) -، وبقية رجاله ثقات من رجال الصحيحين، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 227: 146).

وورد من حديث سعد بن أبي وقاص قال: يا رسول الله أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإِن كان دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح النبلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة.

أخرجه أحمد (1/ 172، 180، 185)، والدارمي (2/ 320)، والترمذي (9/ 243 عارضة)، وابن ماجه (2/ 1334)، والحاكم (1/ 40، 41). وهو صحيح، وقال الترمذي: حسن صحيح. وصححه إلألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 69: 143). وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وغيره. انظر للتفصيل: فتح الباري (10/ 111)، والسلسلة الصحيحة (1/ 65: 143 - 145).

وأما شطره الثاني: فيشهد له ما رواه مسلم (4/ 2001) من طريق الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلَّا عزًا، وما تواضع أحد لله إلَّا رفعة الله.

ص: 629

29 -

[باب استحباب](1) عدم الإعانة في التصدق

(38)

حديث عائشة رضي الله عنها في ذلك. تقدم في أول باب الوضوء (2).

(1) ما بين المعقوفتين لم يظهر في (حس).

(2)

باب استحباب عدم الاستعانة في الطهور برقم (95).

ص: 630