المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وكذا هل أصله: "إلاه" أو: "لاه". قال أبو القاسم القشيري -عن - المعين على تفهم الأربعين ت دغش

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌المطلب الأول: التعريف بالمؤلف

- ‌شيوخه:

- ‌مؤلفاته

- ‌ثناءُ العلماءِ عليه:

- ‌وفاته:

- ‌المطلب الثاني: اسم الكتاب وتوثيق نسبته لابن الملقن:

- ‌المطلب الثالث: تاريخ تأليفه:

- ‌المطلب الرابع: وصف النسخة الخطية:

- ‌المطلب الخامس: المآخذ على الكتاب:

- ‌المطلب السادس: منهجي في تحقيق الكتاب

- ‌فصلٌ

- ‌الإله

- ‌الرَّبُّ

- ‌العالمينَ

- ‌سَمَاحَةِ الدِّينِ

- ‌الحَدِيثُ الأَوّلُ

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديثُ السَّادِس

- ‌الحديثُ السَّابعُ

- ‌الحديثُ الثامِنُ

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديثُ العَاشِرُ

- ‌الحَديِثُ الحَادِي عَشَرَ

- ‌الحدِيثُ الثاني عَشَر

- ‌الحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌الحديث التَّاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرَّابعُ والعشْرُون

- ‌الحديثُ الخَامِسُ والعِشْرونَ

- ‌الحديثُ السَّادِسُ والعِشْرُونَ

- ‌الحديثُ السَّابعُ والعِشْرُونَ

- ‌الحديثُ الثَّامِنُ والعِشْرُونَ

- ‌الحَديثُ التَّاسِعُ والعِشْرُونَ

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌الحديثُ الحادي والثلاثون

- ‌الحديثُ الثاني والثلاثون

- ‌الحديثُ الثالِثُ والثَّلاثُونَ

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحَدِيثُ الخَامِسُ والثلاثُون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌الحديث الأربعون

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌فهرس المراجع

الفصل: وكذا هل أصله: "إلاه" أو: "لاه". قال أبو القاسم القشيري -عن

وكذا هل أصله: "إلاه" أو: "لاه".

قال أبو القاسم القشيري -عن بعض المشايخ-: "كلُّ اسم من أسمائه يصلح للتخلق به إلَّا هذا الاسم، فإنه للتَّعَلُّق دُونَ التَّخَلُّق.

قالوا: والإشارة بهذا الاسم إلى قديم واحدٍ بلَا تَشْبيهٍ ولا تعطيل، وهو الذي صَنَع العالم وأوجدهُ بعدَ العَدَم، وهو المستحق للصفات التي لا بد للصانع أن يكون عليها".

و"‌

‌الرَّبُّ

": المالِكُ، وهو السَّيِّدُ -أيضًا-، والمُرَبِّي والمُصْلِح، وكلها صِفَةٌ لهُ مع خَلْقِهِ، ولا يُطْلَقُ إلَّا على الله تعالى وحده، فإذا أُطْلِقَ على غيره فبالإِضافَةِ: كربِّ الدار والناقة. قال الله تعالى: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يوسف: 50]، وقال تعالى:{إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23].

"‌

‌العالمينَ

": جمعُ عَالَم، وهو كلُّ موجُودٍ سِوَى الله، مُشْتَقٌّ مِن العَلَامة، لكونِهِ عَلامَة على خالِقِهِ كما قاله أبو عبيد، أو مِنَ العِلْمِ كَمَا قَالَهُ غيره (1).

قوله: "قَيُّومِ السَّمواتِ والأَرَضِينَ": أي خالقهما وموجدهما بعد العدم، والقائم بتدبيرهما وحفظهما. قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر: 41]. وقال: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إلا بِإِذْنِهِ} [الحج: 65].

وأصله: "قَيْوُوم" على فيعول، قَلَبوا الواو ياء وأدغموا الياء في الياء. وقيام أيضًا: أصلهُ "قيوام" على فيعال كذلك.

(1) انظر: "تهذيب اللغة"(2/ 415)، و"الصحاح"(5/ 1990).

ص: 37

قال الزَّمَخشَري: "القيوم: الدائم القائم بتدبير الخلق وحفظه. وقرئ (1): القَيَّام والقيِّم"(2). وقد قُرِئَ بهما في الشَّاذِّ.

و"السموات": جمعُ سماء (3).

و"الأَرضين" -بفتح الراء- وإسْكانها شاذ، وجَمَعها ولم تأت في القرآن إلَّا مفردة.

وقد أُخْتُلِفَ في قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12] هل المِثْلِيَّةُ في العددِ أو في الهيئةِ والشَّكلِ؟ على تأوِيلَيْنِ.

والسُّنَّةُ دالَّةٌ على الأول، لقوله عليه الصلاة والسلام:"مَنْ ظَلَمَ قيدَ شِبرٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ"(4).

وكقوله: "اللهمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ، وَرَبَّ الأَرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ. ." رواه كذلك البيهقي في دلائله (5).

(1) في الأصل: "ويقال" والتصويب من "الكشاف".

(2)

"الكشاف"(1/ 153).

(3)

"وكُلّ شيء ارتفع فهو سماء، وهي سبعٌ، جاء أنَّ بين كُلِّ سماء وسماء خمسمائة عام، وغِلَظ كل سماء خمسمائة عام". قاله المؤلف في "الإعلام"(1/ 95).

(4)

رواه البخاري (3/ 130 رقم 2453)، ومسلم:(3/ 1231 رقم 1612) من حديث أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

(5)

رواه النسائي في الكبرى (8/ 116 رقم 8775، 8776)، (9/ 200 رقم 10301، 10302، 10303، 10304، 10305)، وابن خزيمة في صحيحة (4/ 150 رقم 2565)، وابن حبان (6/ 425 رقم 2709)، وابن السّني في "عمل اليوم والليلة"(140 رقم 524)، والحاكم (1/ 446)، (2/ 100)، والبيهقي في "الكبرى"(5/ 252)، وفي "دلائل النبوة" -كما ذكر المؤلف- (4/ 204) عن صهيب رضي الله عنه.

وهو حديث صحيح، قال الحاكم:"هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة"(6/ 607 رقم 2759).

ص: 38

قال القاضي عياض: "وجاء في غِلَظ الأرض وطِبَاقها وما بينهن حديث ليسَ بثابت"(1).

وقوله: "مُدَبِّرِ الخلاِئقِ أَجمَعِينَ" المدبر: مُصرِّف الأمور بحسب ما تقتضيه حكمته تعالى.

قال الخطابي "المُدَبِّر": "العالِمُ بِأَدْبَارِ الأُمُورِ وعَوَاقِبِهَا، ومُقَدِّرُ المَقَادِيرِ ومُجْرِيهَا"(2).

و"الخلائق" جمعُ خليقة، فعيلةٌ بمعنى مفعولة، ويجوز أن يُراد بها الخُلُق والطبيعة، ومنه قول الشاعر:

وَإِنْ تَكُ قد سَاءَتْكِ مِنِّي خليقةٌ (3)

وقوله: "بَاعِثِ الرُّسُلِ -صَلَوَاتُ اللهِ وسَلَامُهُ عليهم- إلى المُكَلَّفِينَ، لهِدَايَتِهِمْ وَبَيَانِ شَرَائِعِ الدِّينِ، بِالدَّلائِلِ القَطْعِيَّةِ وَوَاضِحَاتِ البَرَاهِينِ".

"الباعث": المرسِل، قال الله تعالى:{وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} [الشعراء].

و"الرسل": جمع رسول وهو: المأمور بتبليغ الوحي إلى العباد، وهو أخصُّ من النبي؛ فإنه: الذي أوحيَ إليه العمل والتبليغ، بخلاف النبي فإنه:

(1)"إكمال المعلم"(5/ 320) وكلام القاضي نقله المؤلف بمعناه، ولعله أخذه مِن نقل النووي له في "شرحه لمسلم"(11/ 53).

(2)

"شأن الدعاء"(104).

(3)

صدر بيت من معلقة امرئ القيس (44) وعجزه:

"فَسُلِّي ثيابي منْ ثيابِكِ، تَنْسُلِ". وكان في الأصل: "خليقتي".

ص: 39

أوحي إليه العمل فقط (1).

و"الصلاة": الرحمة المترادفة، كذا قالوه، وفيه نَظَرٌ مِن وجهين:

أحدهما: أن الرحمة عطف عليها في قوله: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157] والعَطْفُ يَقْتَضِي المغَايَرة.

ثانيهما: أنَّ الرحمة رقة القلب، وهي مستحيلة في حقه تعالى! (2).

والصواب: أنها المغفرة في حَقِّه تعالى، وأصلها لغةً: الدُّعاء، فَحُمِلت على المغفرة؛ لأنه محال في حقه تعالى (3).

و"السَّلام ": التحية، أو: تسليمه إياهم من كُلِّ مكروه.

(1) انظر: "الإعلام" للمؤلف (1/ 105: 111).

والصواب: أن الرسول والنبي كليهما يجب عليه البلاغ، لكن الرسول أُوحِيَ إليه بشرع جديد، والنبي أتى لتقرير شرع مَن قَبْله.

وإذا كان العلماء يجب عليهم تبليغ الدين ويحرم عليهم كتمانه فكيف بالأنبياء؟!

وانظر -للفائدة-: "الدراسات اللغوية والنَّحْوِيَّة في مُؤلَّفات ابن تيمية"(100 - 104).

(2)

الرحمة -في حق ابن آدم- قد تكون صفة نقص وقد تكون صفة كمال، والله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، وأهل السنة يُثبتون لله صفة الرحمة وهي صفة كمال في حقه عز وجل -كما قال سبحانه:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156]، {أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} [التوبة: 71]، وقوله صلى الله عليه وسلم:"ارحَمُوا مَن في الأرض يَرحمكُم مَن في السَّماءِ". وكلام المؤلف من قبيل التأويل المذموم، رحمه الله وعفا عنه.

(3)

أصحُّ ما قيل في صلاة الله على رسوله هو ما قاله أبو العالية: "ثناؤُهُ عليه عند الملائكة، وصلاةُ الملائكة الدُّعاء". رواه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم (6/ 120)، ووصله ابن إسحاق القاضي في "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " (80 رقم 95) وقال الألباني:"إسناده موقوف حسن".

وتفسير الصلاة من الله بالرحمة غلط كما ذكره المؤلف، وقد ذكر وجوه هذا الغلط الإمام ابن القيم في كتابه "جلاء الأفهام"(256 - 276).

ص: 40

و"المُكَلَّف": العاقل البالغ من الجنِّ والإنس، مشتقٌّ مِنَ الكُلْفَة، لِتَحَمُّل الأوامر والنواهي.

واختُلِف في تكليفِ الملائِكَةِ، والحقُّ تكليفُهُم بالطاعات العَمَلِيَّة بدليل قوله تعالى:{لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم].

أما الإيمان ونحوه من العقائد فليسوا مُكَلَّفين؛ لأنّهُ ظَاهِرٌ لهم، فتكليفهم به تحصيلُ الحاصل.

وقوله "لهدايتهم"؛ أي: لأجل هدايتهم، و"الهداية" و"الهدى": الرشاد، وهو ضدُّ الضلال (1).

و"شرائع الدين": مَوارِدُهُ التي يَرِدُ عليها منهُ، وهي جمعُ شريعة. وأصلها في اللغة مَشْرَعَةُ الماء: وهي مَوْرِدُ الشَّارب.

و"الشريعة": "مَا شَرَعَ اللهُ تعالى لِعبَادهِ مِن الدِّين. وقد شَرَعَ لهم يَشْرَعُ شَرْعًا، أي: سَنَّ (2) ". قاله الجوهري (3).

و"الدِّين ": مَا شَرَعَهُ اللهُ لنا مِنَ الأحكام، وهو يُطْلَقُ بِإِزَاءِ مَعَانٍ:

"المِلَّة" قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19].

و"العادة" قال امرؤ القيس:

"كدينك من أمِّ الحويرث قبلها"(4).

(1) في الحاشية: "والهداية ما يوصل إلى المطلوب. وفعل الهداية الدلالة على طريق يوصل إلى المطلوب".

(2)

في الأصل: "يبين" والتصويب من "الصحاح".

(3)

"الصحاح"(3/ 1236).

(4)

"ديوان امرؤ القيس"(32 رقم 7) وعَجزُهُ: "وَجَارَتِها أُمِّ الرَّباب بمأسل".

ص: 41

و"الطاعة" يقالُ: دانَ له؛ إذا أطاعهُ.

و"الحال" من كلامهم: لو لقيتني على دين غير هذا لاخترتك، وغير ذلك.

قال الإمام فخر الدين: "وله أسماء أُخَر، منها:

"الإيمان" قال الله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35)} [الذاريات: 35].

ومنها: "الصِّرَاطُ" قال تعالى: {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 53].

ومنها: "كلمة الله": أي دينه.

ومنها: "النور" قال تعالى: {لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ} [الصف: 8] أي: الإسلام.

ومنها: "الهدَى".

ومنها: "العُرْوَةُ الوُثقَى". قال مجاهد في قوله تعالى: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: 256] أنها "الإيمان"(1).

ومنها: "الحبل"، قال تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آل عمران: 103].

ومنه: {صِبْغَةَ اللَّهِ} [البقرة: 138] و {فِطْرَتَ اللَّهِ} [الروم: 30] " (2).

و"الدَّلائِل": جمعُ دليل وهو في اللغة: المُرشِدُ (3).

وفي الاصطلاح: مَا أمكَنَ التَّوصلُ بصحيح النَّظر فيه إلى عِلمٍ أو ظَنٍّ.

(1) رواه الطبري في "تفسيره"(5/ 421 رقم 5847، 5848).

(2)

انظر: "تفسير الرازي"(17/ 272).

(3)

في الحاشية: "والدليل المرشد إلى المطلوب، وقيل: ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خَبَري".

ص: 42

وهو ضربان: قطعي، وظني. ومحلُّ الخوض فيه كتب "الأصول".

و"الواضحات": التي لا إِشكَالَ فيها.

و"البراهين": جمعُ بُرهان، وهو في الاصطِلاحَ: مَا تَرَكَّبَ مِن تَصدِيقَيْن.

على ما هو مُقَرَّرٌ في فَنِّهِ.

وقوله: "أحمَدُهُ على جَمِيعِ نِعَمِهِ، وأَسْأَلُهُ المَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ". النِّعَم: جمعُ نِعمة، وهي في اللغة: اليدُ والصنيعَةُ والمِنَّةُ، وما أنعمَ به عليك. وكذلك "النُّعْمَى" فإن ضَمَمْتَ النونُ قَصَرْتَ، أو فَتَحتها مَدَدتَ (1).

والمُنْعِمُ في الحقيقةِ هو الله تعالى، وأصلها كلها: نِعمةُ الإسلام، قال تعالى:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34]، أي: لِكَثرَتِها وعِظَمِها. ودوامها بالشُّكر، قال تعالى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]، وضِدُّه: الكُفر.

وكأَنَّ مُرادَ المصنِّف هنا الشكر؛ لأنّ حقيقته ما كان عن معروف أُسدِيَ إليك، ولا معروف في الحقيقة إلَّا لله تعالى.

و"الفضلُ": خِلافُ النَّقص، والإفضال: الإحسان.

و"الكرم": نَقِيضُ اللُّؤم، ويقال أيضًا:"رجلٌ كَرَمٌ، وامرَأَةٌ كَرَمٌ" قاله الجوهري (2).

وقوله: "وأشْهدُ أنْ لا إِلَهَ إلَّا اللهُ الواحِدُ القهارُ، الكَرِيمُ الغَفَّارُ".

معنى "أشهدُ": أعلم وأُبين.

(1)"تهذيب اللغة" للأزهري (3/ 10).

(2)

"الصحاح"(5/ 2019).

ص: 43

و"الإله" في اللغة هو: المعبود.

و"الواحد": المُتَوَحِّد، العالي عن الانقسام. وقيل: الذي لا مِثْلَ له.

و"القهار": فعال مِنَ القهر وهو الغَلَبة، يقال: قهرهُ قهرًا غَلَبَهُ، وأقهرته: وجدته مقهورًا، ويقال: أخذتُ فُلانًا قهرًا، أي: اضطرارًا، ومعناهُ هنا: الغالِبُ الذي لا يُغْلَب، والقَويُّ الذي لا يَضعُف.

و"الكريم": فعيل من الكَرَم، وهو نقيض اللؤم كما سَلَفَ، و"الكريم" أيضًا: الصَّفوح.

و"الغفَّار": فعال من الغَفْر وهو: الستر والتغطية، ومِنهُ: المِغْفَر، لِسَتره الرأس.

وقوله: "وأَشْهدُ أنَّ مُحمدًا صلى الله عليه وآله وسلم عَبْدُهُ ورَسُولُهُ وحَبِيبُهُ وخَلِيلُهُ، أفْضَلُ المَخْلُوقِينَ".

أردَفَ المُصَنِّف بعدَ الحمدِ والثناء على الله تعالى بالشَّهادتين للحديث المشهور: "كلُّ خُطبةٍ ليسَ فيها تشهدٌ فهي كاليدِ الجَذْمَاءِ"(1).

ولنبينا صلى الله عليه وسلم أسماءٌ أُفرِدَت بالتَّصْنيف، ولابن دِحية فيها جزءٌ ضَخْمٌ (2)، وقد لخَّصتُهُ في اختصاري لـ"دلائل النبوة" للبيهقي -أعانَ الله على إكمالهِ-.

(1) رواه أحمد (13/ 391 رقم 8018، 8518)، وابن راهويه (1/ 290 رقم 265)، وابن أبي شيبة (13/ 574 رقم 27216)، وأبو داود (5/ 111 رقم 4841)، والترمذي (2/ 399 رقم 1106)، وابن حبان (7/ 36 رقم 2796، 2797)، والبيهقي في "الكبرى" (3/ 209) عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال الترمذي:"حسن غريب"، وصححه ابن حبان، والألباني في "السلسلة الصحيحة"(1/ 275 رقم 169).

(2)

سمَّاه "المُسْتَوْفَى في أسماء المصطفى" له نسخة ناقصة من آخرها تقع في (168) ورقة، موجود أصلها في المكتبة الناصرية في لكنو بالهند، ولها صورة على الميكروفيلم في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية تحت رقم (3586). =

ص: 44

وأشرفها عبد الله؛ لأنهُ دُعِيَ به في ذاك المقام، قال الله تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1]، وقال:{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة: 23]، وقال:{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ} [الجن: 19]. واختار -أيضًا- أن يكونَ عبدًا رسولًا، لِعِلْمِهِ بِشَرف العبودية.

وفي هذا المعنى:

يا قوم قلبي عند زهراء

يعرفها السَّامِعُ والرَّائِي

لا تَدْعُنِي إلَّا بِيَا عَبدَها

فَإِنَهُ أشرَفُ أَسْمَائِي

والعبوديةُ هي المرتبةُ الحَقِيقِيَّةُ، فلهذا شرُفَتْ.

قال أبو علي الدَّقاق: "ليسَ شيء أفضل من العبودية، ولا اسمٌ أتمَّ للمؤمن من الوَصفِ به"(1).

و"الحبيب": فعيل مِن الحُبِّ، وهو نقيضُ البُغض، يقال: أَحَبَّهُ فهو مُحَبٌّ. وحَبَّه يَحِبُّه -بالكسر- فهو محبُوبٌ.

قال الجوهري: "وهذا شاذٌّ؛ [لأنَّهُ] (2) لا يَأتي في المضاعف يَفْعِل -بالكسر- إلَّا ويَشْرَكُهُ يَفْعُلُ -بالضمِّ- إذا كان مُتَعَدِّيًا، ما خَلَا هذا الحرف"(3).

و"حبيب الله تعالى": مَنْ أحبَّهُ، بدليل قوله:{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54]، ومحبة الله على حسب المعرفة به، وأعرفُ الناس به: نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو

= ولابن فارس -صاحب "مقاييس اللغة"- رسالة مطبوعة بعنوان "أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعانيها"، وابن القيم ذكر أسماءه صلى الله عليه وسلم وبيَّن معانيها في كتابه النافع الماتع "زاد المعاد"(1/ 86 - 97).

(1)

رواه القشيري في "الرسالة القشيرية"(346).

(2)

ما بين المعقوفتين من "الصِّحاح".

(3)

"الصحاح"(1/ 105).

ص: 45

أحبهم له، وأحقهم باسم الحبيب.

و"الخليل": فعيل بمعنى مفعول، وهو: المحبوب الذي تخللت محبته القلب فصارت خلاله، أي: في باطنه.

وقد اختُلِفَ في الخليل، فقيل: إنه الصاحب.

وقيل: إنه الخالِصُ في الصُّحبةِ، وهو أخصُّ من الصَّاحِبِ.

واختلفوا -أيضًا-: هل الخُلَّةُ أرفعُ درجةً مِن المحبَّةِ أو عَكْسُهُ، أو هُما سواء؟ على أقوال.

واختلفوا -أيضًا- في اشتقاقه: أهو من الخَلَّة -بفتح الخاء- وهي الحاجة، أو بضمها وهي تخلل مودة في القلب، فلا تَدَعُ فيه خلاء إلَّا ملأته؟ فيه خلافٌ، وقد ذكرتهُ واضحًا في "شرحي للعمدة" قُبَيْل "باب الاستطابة"(1).

ونبينا هو الحبيبُ الخاص، وفي الصحيح:". . . ولَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ"(2).

ولمَّا كانت الخلة أخصَّ منها -أي المحبة- خُصَّت بنبينا وبإبراهيم -صلوات الله وسلامه عليهما-.

وقوله: "أفضلُ المَخلُوقين" أي: مِن أهل السموات والأرضين، ولا شكَّ في ذلك، ودليله قوله عليه الصلاة والسلام:"أَنَا سيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ"(3).

(1) انظر شرح المؤلف لعمدة الأحكام المسمى بـ"الإعلام بفوائد عمدة الأحكام"(1/ 415 - 417)، و"روضة المحبين" لابن القيم (136).

(2)

رواه مسلم (4/ 1855 رقم 2383) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

(3)

رواه أحمد (17/ 10 رقم 10987)، والترمذي (5/ 213 رقم 3148، وابن ماجه (2/ 1440 رقم 4308) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. والحديث فيه ابن جدعان، لكن الحديث له شواهد، فهو حديث حسن كما قال الترمذي. وقد صححه الألباني في "صحيح الترمذي" (2516). وانظر:"السلسلة الصحيحة"(4/ 100 رقم 1571).

ص: 46

مع أنَّ ولد آدم أفضَلُ أنواع المخلوقات حتى الملائكة على مذهب أهل السنة، ونبينا أفضلها فهو إذن أفضل المخلوقات.

وحديث: "لَا تُفَضِّلُوا بينَ الأَنبيَاء"(1) ونحوه أُوِّلَ بأوجهٍ، منها: أنه قاله على وجه التواضع (2).

وقوله: "المُكَرَّم بالقُرآنِ العَزيزِ، المُعْجِزَةِ المسْتَمِرَّةِ على تَعَاقُبِ السِّنين، وبالسُّنَنِ المسْتَنِيرَةِ للمُسْتَرشِدِينَ". سُمِّيَ القُرْآنُ قُرْانًا لجَمْعِهِ السُّوَر، يقالُ: قرأتُ الشيءَ إذا جمعتهُ.

وقيل: لتأليفه.

ومعجِزتهُ باعتبار لفظهِ، وأنَّهُ آيةٌ معجِزَةٌ، ومِنْ فَضْلِهِ على المُعْجِزَات دوامُهُ وانقِطَاعُهَا، وقِدَمُهُ وحُدُوثها (3).

(1) رواه البخاري (4/ 159 رقم 3414، 4211)، ومسلم (4/ 1843 رقم 2373) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

ومنها: أنَّ النَّهيَ عن تَفْضِيلٍ يُؤدِّي إلى تنَقُّص بعضهم، فإن ذلك كفرٌ بلا خلافٍ.

ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم نَهَى قبلَ أن يعلم أنه خير الخلق، فلمَّا عَلِمَ قال:"أنا سَيِّدُ ولَدِ آدمَ ولا فخر".

ومنها: أنه نَهَى لئلَّا يُؤَدِّي إلى الخصومة كما ثبت في "الصحيح" في سبب ذلك.

انظر: "غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم " للمؤلف (268 - 270)، و"دلائل النبوة" للبيهقي (5/ 491)، و"المجموع" للنووي (1/ 119).

(3)

وصف كلام الله بالقدم لم يُعرف عن الصحابة رضي الله عنهم ولا عن أئمة السلف رحمهم الله، وإنما كان أهل السنة يقولون أيام المحنة: كلام الله غير مخلوق، ويقول مخالفوهم: كلام الله مخلوق، فوصف كلام الله بأنه قديم اصطلاح حادث، ولكنه كثر عند المتأخرين، ولو جرينا عليه لقلنا: كلام الله قديم النوع حادث الآحاد؛ لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متكلمًا، فالكلام صفة ذاتية، وكلامه بمشيئته وإرادته فهو صفة فعلية.

انظر: "التسعينية"(1/ 333 وما بعدها)، (2/ 537، 611 وما بعدها).

ص: 47

قال عليه الصلاة والسلام: "مَا مِنْ نَبِيٍّ مِنَ الأَنبياءِ إلَّا وَقَدْ أُوتيَ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عليه البَشَرُ، وإِنَّمَا كان الذي أُوتيتُهُ وَحْيًا"(1).

ووصف القرآن بالعزيز كما قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} [فصلت: 41]؛ لأنَّهُ بِصِحَّةِ معانيه ممتَنِعٌ عن الطَّعن فيه، والازدراء عليه؛ لأنه محفوظٌ مِنَ الله تعالى.

قال ابن عباس: "معناه: كريم على الله تعالى"(2).

وقال مقاتل: "مَنِيعٌ مِن الشيطان"(3).

وقال السُّدِّي: "غير مَخلُوق"(4).

وقوله: "المُعْجِزَةُ المُسْتَمِرَّةُ على تَعَاقُبِ السِّنين" يريدُ أنَّ كِتابَ الله تعالى معجِزَته مستمرة دائمة لا انقطاع لها، بخلاف معجزة سائر الأنبياء فإنها قد انقرضت بانقراضهم.

ولإِعْجَازِهِ وُجُوهٌ لا يحتمِلُ ذِكْرُها هنا.

و"السُّنَّةُ": ما أوحي إليه، ومَا أُلْهِمَ.

و"المستَنِيرة": ذات النور، كناية عن الهدى الذي تضمنته.

(1) رواه البخاري (6/ 182 رقم 4981، 7274)، وسلم (1/ 134 رقم 153) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

رواه البغوي في تفسيره "معالم التنزيل"(7/ 176)، وذكره ابن عطية في "المحرر الوجيز"(14/ 192).

(3)

ذكره ابن الجوزي في تفسيره "زاد المسير"(7/ 262)، وابن عطية (14/ 192).

(4)

ذكره البغوي (7/ 117)، وابن عطية (14/ 192)، والقرطبي (15/ 252) في تفاسيرهم.

ص: 48

و"المسترشد": طالِبُ الرَّشاد.

وقوله: "المَخْصُوصُ بجَوَامِعِ الكَلِمِ" هو إشارةٌ إلى قوله عليه الصلاة والسلام: "أُوتِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ" وهو حديث صحيح أخرجهُ مسلِم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فُضِّلتُ على الأنبياء بستٍّ: أُوتِيتُ جَوَامِعَ الكَلِم، ونُصِرتُ بالرُّعب. . ." الحديث (1).

ومعناه: أوتيت المعاني الكبيرة في الألفاظ اليسيرة، مثل:

حديث: "المُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِم أَدْانَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ"(2).

وحديث: "النَّاسُ كَأَسْنَانِ المشْطِ"(3).

وحديث: "المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ"(4).

(1)(1/ 371 رقم 523).

(2)

رواه أحمد (2/ 268 رقم 959، 993)، وأبو داود (4/ 433 رقم 4530)، والنسائي (8/ 24 رقم 4746)، وفي "الكبرى"(6/ 330 رقم 6910، 6911، 6920، 6921، 6922، 8628، 8629)، والحاكم (2/ 141)، والبيهقي في "الكبرى"(7/ 133 - 134)، (8/ 29) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وهو حديث صحيح، صححه الحاكم، والمؤلف في "البدر المنير"(9/ 158 - 160)، والألباني في "الإرواء"(7/ 266 تحت رقم 2209) و"صحيح أبي داود"(3797).

(3)

رواه ابن عدي في "الكامل"(3/ 248)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1/ 145 رقم 195)، وأبو الشيخ في "أمثال الحديث"(30 رقم 46، 47، 166)، وابن الجوزي في "الموضوعات"(3/ 80 السلفية)، (3/ 273 رقم 1508 ط أضواء السلف) من حديث أنس رضي الله عنه وهو حديث ضعيف جدًّا.

قال ابن عدي: "هذا الحديث وضَعَهُ سُليمان بن عمرو على إسحاق بن عبد الله".

وقد ضَعَّفهُ الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة"(2/ 60 رقم 596).

(4)

رواه البخاري (8/ 39 رقم 6168، 6169)، ومسلم (4/ 2034 رقم 2640) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

ص: 49