الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع والثلاثون
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرهُ بِيَدِهِ؛ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ؛ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمانِ".
رواه مسلم (1).
الكلام عليه من وجوه -والتعريف براويه سلف-:
أحدها: هذا الحديث قاله أبو سعيد رضي الله عنه لَمَّا قَدَّم مروان خُطبةَ العيدِ قَبلَ الصلاة، وقال له رجلٌ: الصلاة قَبْلَها! فقال: فقد تُرِكَ مَا هُنَالِكَ! فقال أبو سعيد رضي الله عنه: "أمَّا هذا فقد قَضَى ما عليه؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
". فَذَكَر الحديث، وهو أدلُّ دليل على أن أولَّ مَن فعلَ هذا مروان لا عثمان أو عمر، ولم يصح ذلك؛ ووَجهُهُ أنَّهُ سمَّاهُ مُنْكَرًا بمحضَرٍ مِن الصَّحابةِ، ولو كان قد سُبِقَ به عملٌ، أو كان أحدٌ مِن الصَّحابة قد فعله، أو مَضَت به سُنَّة [لم يُسمِّهِ أبو سعيد منكرًا](2).
(1)(1/ 69 رقم 49).
(2)
ما بين المعقوفتين من "الفتح المبين بشرح الأربعين" للهيتمي (548)، لأنه نقل كلام ابن الملقن -غير معزو- مع تغيير بسيط، وبه تتم العبارة.
وتأخر أبي سعيد عن إنكاره حتى سُبِقَ إليه: قد لا يكون هو حاضرًا أول ما شرع في أسباب الخطبة، ثم حضر، أو كان حاضرًا، أو خشي فتنة، أو هَمَّ به فسبق ثم عضده. لكن في "الصحيحين" (1) عن أبي سعيد:"أنه هو الذي جَذَبَ يَدَ مَرْوَان حِينَ رَآهُ يَصْعَدُ المِنْبَر، فرَدَّ عليه مروان بمثل ما رَدَّ على الرَّجُل" فيجوزُ أن تكونَ قضيةً أُخرى.
ثانيها: هذا الحديث يرجع إلى قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]، {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 71]، وقوله:{كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة: 79] وأشباه ذلك، ومن السنة إلى قوله عليه الصلاة والسلام:"إِذَا ظَهرَ المُنْكَرُ في أُمَّتِي فَلَمْ يُنْكِرُوهُ؛ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهم اللهُ بِعِقَابٍ مِنْ عِندهِ"(2) في أَحاديثَ أُخَر مشهورة.
ثم إنَّ هذا الحديث يصلح أن يكون نصف علم الشريعة؛ لأنه إما معروف يجب العمل به، أو منكر يجب النهي عنه، وقام الإجماع على الأمر بالتغيير باليد، وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الكتاب والسنة مع الإجماع، وهو أيضًا من النصيحة التي هي الدين، ولم يخالف في ذلك إلَّا بعض الرافضة -ولا يعتد به- وهم مسبوقون بالإجماع، ووجوبه بالشرع لا بالعقل خلافًا للمعتزلة.
(1) رواه البخاري (2/ 17 رقم 956)، ومسلم (2/ 605 رقم 889).
(2)
رواه أحمد (1/ 177 رقم 1)، وأبو داود (4/ 330 رقم 4338)، والترمذي (4/ 41 رقم 2168)، والنسائي في "الكبرى"(10/ 88 رقم 11092)، وابن ماجه (2/ 1327 رقم 4005)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(21/ 260 رقم 38738)، والحميدي (1/ 3 رقم 3)، وعبد بن حميد (1/ 17 رقم 1)، والبزار (1/ 135 رقم 65، 69)، وأبو يعلى (1/ 118 رقم 128)، وابن حبان (1/ 539 رقم 304)، والبيهقي في "الكبرى"(10/ 91) عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وأما قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: 105] الآية، فليس مخالفًا لِمَا ذَكَرْنَا؛ ولأن المذهب الصحيح عند المحققين في معناها: أنكم إذا فعلتم ما كُلِّفتُم به فلا يضرُّكم تقصيرُ غيرِكم، مثل قوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18]. وإذا كان كذلك فمما كلف به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإذا فعله ولم يمتثل المخاطب ولا عتب بعد ذلك على الفاعل؛ لكونه أدى ما عليه، فإنما عليه الأمر والنهي لا القبول.
ثم إنهما فرض كفاية تُسْقِطُ الحَرَجَ عن الباقين إذا قام به البعض، وإنْ تَرَكَهُ الكُلُّ أَثِمُوا مع التَّمكِين بلا عُذر ولا خَوْفٍ، ثم إنه قد يتعيَّن كما إذا كان في موضِع لا يعلَمُ به غيره، أو كمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف، ولا يسقط ذلك عن المكلف لكونه لا يفيد في ظنه، فذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين، وقال تعالى:{مَا عَلَى الرَّسُولِ إلا الْبَلَاغُ} [المائدة: 99].
ولا يشترط فيه الكمال؛ بل يأمر وينهى، وإن كان يرتكب ذلك فيأمر نفسه وينهاها كغيره، ولا يختص ذلك بأرباب الولايات؛ بل ذلك ثابت للآحاد، وهو إجماع، ولا بد من عمله بما يأمر به وينهى عنه.
والدَّقائِقُ مخصوصةٌ بالعلماء، وإنما يُنكر ما أُجمِعَ عليه دون ما اختُلِف؛ فقد قيل: كل مجتهد مصيب (1)، والأصح: أنه لا يغير ما كان على مذهب غيره،
(1) بعض العلماء يُطلق هذه العبارة ويُريد أن كل مجتهد -مما يجوز فيه الاجتهاد- مصيب للأجر وهذا صحيح. أمَّا إن كان المراد أنه مصيب للحق فهذا غير صحيح؛ لأنَّ المصيب واحد. قال ابن القاسم: "سمعت مالكًا والليث يقولان في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس كما قال ناس فيه توسعةٌ، ليس كذلك؛ إنما هو خطأ وصواب".
رواه ابن عبد البر في "الجامع"(2/ 906 رقم 1699).
وانظر: "جامع بيان العلم وفضله"(2/ 906)، و "الرسالة الوافية" لأبي عمرو الداني (253)، و"مجموع الفتاوى"(20/ 19)، وبيان الدليل" (210)، و"الاقتضاء" (1/ 134) ثلاثتها لابن تيمية، و"مختصر الصواعق" لابن القيم (2/ 417).
وكذا ليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف نصًّا ولا إجماعًا ولا قياسًا جليًّا (1).
وهذا الباب قد ضُيِّع أكثره في أزمان متطاولة، ولم يبق إلَّا الرُّسوم، وهو بابٌ عظيم به قِوامُ الأمر ومِلاكه، وإذا كثُر الخبثُ عمَّ العِقابُ: الصَّالح والطَّالح، وإذا لم يأخذوا على أيدي الظالم أَوْشَكَ أن يعمهم الله بعقاب:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} [النور]. فينبغي للطالب والسَّاعي في رضا الشَّريعةِ أن يعتني بذلك فإن نفعَهُ عامٌّ، ولا يهابُ أحدًا؛ فإن الرب جل جلاله وعده بالنصرة حيث قال:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحج: 40]، وقال:{وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)} [آل عمران]، وقال:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69]، وقال:{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)} [العنكبوت] والآية بعده، والأجرُ على قدر النَّصب، ولا يُحابي صديقَهُ ولا يُداهنه، بل حقه نصحه.
ولا بأس باستعمال الرِّفق فيه، فالله رفيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ في الأمر كُلِّهِ، ويُغْلِظُ على المُسْرِف، وما أحسن قول الإمام الشافعي: "مَن وَعَظ أَخاهُ سرًّا، فقد
(1) المسائل التي لا إنكار فيها هي المسائل الاجتهادية وهي التي لا نص فيها ولا إجماع ولا قياس جلي كما قال ابن الملقن، أمَّا المسائل الخلافية -والتي فيها نص ولكن قد يخفى على بعض العلماء أو قياس جلي- فإن الإنكار فيها متعين مهما كان القائل، وكم في كتب الفقه من إنكار بعض الصحابة على بعض، وإنكار الفقهاء بعضهم على بعض، وهذا مما لا يكاد يُحصِيه كتاب، ولا يلزم من الإنكار الحط من مكانة العلماء، مع التنبيه على مراعاة آداب الإنكار والتلطف والإجلال لأهل العلم والسُّنة والفضل والدِّين.
نصحَهُ، ومَن وعظَهُ علانيةً؛ فقد فَضَحَهُ وشانَهُ" (1)، "بَدَأَ الإسلَامُ غَريبًا وَسَيَعُودُ غَريبًا كَمَا بَدَأَ" (2).
أنبأني الحافظ فتح الدين اليعمري، عن شيخ الإسلام الإمام تقي الدين القشيري لنفسه -رحمه الله تعالى-:
قد عُرِّفَ المُنْكَرُ واستُنْكِر الـ
…
ـمعروفُ في أيَّامِنا الصعبه
وصارَ أهلُ العلم في وَهْدَةٍ
…
وصارَ أَهْلُ الجَهلِ في رتبه
ساروا فما للجُود فيما مضى
…
من الذين جاروا بهِ نِسْبَه
فقلتُ للأبَرارِ أهل التُّقى
…
والدِّين لمَّا اشتدَتِ الكُربه
لا تُنْكروا أحوالَكُم قد أتَتْ
…
نوبتُكم في زمن الغُربه
ومن العجب أن ما قام به الذين اتصفوا بصفات تنكرها عليهم أقل المريدين.
بالمِلْح يصلح ما يُخْشَى تغيُّرهُ
…
فكيفَ بالمِلح إِنْ حَلَّت بهِ الغِيَرُ
وما أحسن قوله:
هذا الزَّمَانُ الذي كُنَّا [نُحَاذِرُهُ](3)
…
في قولِ كَعْبٍ وفي قَوْلِ ابن مَسْعُودِ
إنْ دَامَ هذا وَلَمْ تَحْدُثْ لَهُ غِيَرٌ
…
لَمْ يُبْكَ مَيْتٌ وَلَمْ يُفْرَح بمَوْلُودِ
فرعٌ من هذا الباب: بيان العيب في المَبيع ولو كان أجنبيًّا.
(1) المسألة الثانية إلى هنا من "شرح النووي لمسلم"(2/ 381 - 384) باختصار وتصرف.
(2)
رواه مسلم (1/ 130 رقم 145) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
في "الأصل": "نحذره" والمعروف ما أثبتناه.
ثم الشارع -صلوات الله وسلامه عليه- نَقَلَهُ بعد اليدِ إلى اللسان فيعظ ويُخَوِّف.
ثم القلب، ومعناه: يكرهه بقلبه ويعزم أنه لو قدر على التغيير لغير، وهذا جهده.
ومعنى "أضعف الإيمان": أقل ثمراته؛ إذ فيه الكراهة فقط، وقد جاء في رواية:"وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإيمانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ"(1) أي: لم يبق وراء هذه المرتبة مرتبة أخرى؛ لأنه إذا لم يكرهه بقلبه فقد رضي بالمعصية، وليس ذلك شأن أهل الإيمان؛ بل هو كفرٌ إن اعتقدَ جوازَهُ، وإن رَضِيَ به لغلبة الهوى والشهوة مع اعتقاد تحريمه فهو فاسق.
و"الإيمان" هنا: الإسلام؛ فالمراد أنه من آثاره ومقتضاه لا من حقيقة معناه، إذ سبق في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام "أن الإيمان هو التصديق" إلى آخره.
قال القاضي عياض رحمه الله: "هذا الحديث أصلٌ في صِفةِ [التَّغيير] (2)، فحق المُغَيِّر أن يُغَيِّره بكلِّ وجهٍ أَمْكَنَهُ زواله به قولًا كان أو فعلًا، فيكسِرُ آلات الباطل، ويُريق المُسْكِر بنفسه أو نائبه، وينزع المغصُوب ويردها إلى أربابها أو يأمره؛ فإن احتيج إلى إظهار سلاح أو حرب رُفِعَ إلى السُّلطان، وبعضهم رأى الإنكار بكل حال، وإن قتل ونيل منه كل أذى"(3).
(1) رواه مسلم (1/ 69 رقم 50) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(2)
في الأصل: "التغير" والمثبت من "الإكمال".
(3)
"إكمال المعلم"(1/ 290) باختصار وتصرف.
قال إمام الحرمين رحمه الله: "وإذا جارَ والي الوقت وظهر ظلمه ولم ينزجر بالقول؛ فلأهل الحل والعقد التواطؤ على خلعه"(1). وهذا غريب منه؛ وهو محمول على ما إذا لم يخف منه إثارة مفسدة أعظم منه.
وليس للآمر بالمعروفِ البحثُ والتَّفتيشُ والتَّجسس واقتحامُ الدُّور بالظنونِ؛ بل إن عَثَرَ على مُنْكَر غيَّرَهُ.
واستثنى الماوردي رحمه الله من ذلك ما إذا أخبَره مَن يَثِقُ بقوله أنَّ رَجُلًا خَلَا برجل ليقتله أو امرأةٍ ليزني بها؛ فإنه يجوزُ له في مثل هذه الحالة أن يتجَسَّسَ ويقدم على الكشف والبحث حذرًا من فَوَات ما لا يَسْتَدْرِكُهُ (2).
* تتِمَّات:
إحداها: "المنكر": مَا لا يَسُوغُ شَرعًا، ودَلِيلُهُ (3) يَأْباهُ وَيُنْكِرُهُ.
و"المعروف" خلافه.
ثانيها: هذا الخطاب للأمة أجمع، الحاضرُ له والغائِبُ؛ فالحاضر يُعلِم الغائب، وهذه الرؤية يُحْتَمَل أن تكونَ بصَرِيَّة، والأشبه أنَّها عِلْمِيَّةٌ.
ومعنى "فليُغَيِّرهُ": يُزيلُهُ ويُبَدِّلهُ بغَيْرِهِ.
ثالثها: ظاهِرُ الحديث وجوب الإنكار مطلقًا، ومحلّه إذا لم يخف تزايده بإنكاره ولا خاف مفسدة؛ فإن خافها فلا يجب، ولا يشترط إذن الإمام فيه إلَّا أن يخاف من تركه مفسدة، ومن لا تكليف عليه لا وجوب عليه، وكذا العاجز.
(1) انظر: "شرح النووي لمسلم"(2/ 385)، و"الغياثي" للجويني (105 - 106).
(2)
"الأحكام السلطانية" للماوردي (405 - 406).
(3)
في الأصل: "وزائله"! والصواب ما أثبتناه، وهو من "التعيين"(287)، والسياق.
رابعها: قدَّم اليد؛ لأنها أبلغ، ثم اللسان بأن يصيح أو يأمر من يزيل، ثم القلب؛ بالأعمال بالنيات، ويجب على العبد كراهة ما كرهه الله من المعاصي، وشبيه هذا الترتيب قوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين:"صَلِّ قَائِمًا؛ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِن لَمْ تَسْتَطِع فَعَلى جَنْب؛ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقٍ، لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَها"(1).
ودفع الصائل بخلاف هذا؛ فإنه انتقال من الأدنى إلى الأعلى بخلاف ما نحن فيه، والمعتبر في ذلك تحصيل المصلحة وأمن المفسدة.
خاتمة: المؤمن العدل: هو الآمر بالمعروف، الناهي عن المنكر، ومن لا فيهما فالمنافق؛ لأن الله عز وجل وصفه بذلك، ثم إن كان مع ذلك ترك ذلك مع عدم الحاجة إليه؛ فهو معذور، وإن كان معها فإن كان لِعُذْر سَقَط لذلك عنه أو قام غيره مقامه، فلا حَرَجَ عليه فيه، وإلَّا فهو آثمٌ فاسِقٌ، أو آمر بالمعروف غير ناهٍ عن المنكر؛ ففي تركه النهي عن المنكر التفصيل المذكور، وإن كان عكسه فكذلك.
* * *
(1) رواه البخاري (2/ 48 رقم 1117).