الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث والعشرون
عن أبي مالكٍ الحارِثِ بن عامِرٍ الأشْعَري رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الطُّهورُ شطْرُ الإِيمَانِ، والحَمْدُ للهِ تَمْلأُ المِيزَانَ، وسُبْحَانَ الله والحَمْدُ للهِ تَمْلآنِ أو تَمْلأُ مَا بينَ السَّماءِ (1) والأرْضِ، والصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، والصَّبرُ ضياءٌ، والقرآنُ حُجَّةٌ لَكَ أوْ عَلَيْكَ، كلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فبَائِعٌ نَفْسَهُ، فَمُعْتِقُها أوْ مُوبِقُها".
أخرَجَةُ مُسْلِمٌ (2).
* * *
الكلام عليهِ مِن وجوهٍ:
أحدها: هذا الحديث مِنْ أفرادِ مُسْلِمٍ، بل لم يخرّج عن صَحَابيِّه في كتابهِ شيئًا.
وأخرجَ له "مسلم" حديثًا آخر: "أرْبَعٌ مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ"(3).
(1) كذا بالأصل، وفي مسلم:"السموات" وهو اللفظ الذي أورده النووي في الأربعين.
(2)
(1/ 203 رقم 223)، والترمذي (5/ 492 رقم 3517)، وأحمد (37/ 536 رقم 22908، 22902).
ورواه النسائي مختصرًا في "المجتبى"(5/ 5 - 6 رقم 2437)، و"الكبرى"(9/ 74 رقم 9925، 9924)، وابن ماجه (1/ 102 رقم 280).
(3)
(2/ 644 رقم 934).
نعم؛ له في موضعٍ عن أبي مالك الأشعري -أو أبي عامر على الشَّك- في "المعازف"(1).
وأخرجَهُ الترمذيُّ أيضًا، وفي روايةٍ له:"التَّسْبيحُ نِصْفُ الإيمان، والحمدُ للهِ تَمْلَؤُهُ، والتَّكبيرُ يملأُ مَا بينَ السموات والأرض، والصومُ نِصْفُ الصَّبر"(2).
وفي روايةٍ أُخرى: "ولا إلهَ إلَّا الله ليسَ لها دُونَ الله حِجَابٌ حتى تَخْلُصَ له"(3).
وللبيهقي (4): "وسبحان الله واللهُ أكبر تملأ ما بينَ السَّماء والأرض، والصوم جُنَّةٌ" بدل: "الصلاةُ نورٌ".
وفي اسمهِ أقوالٌ كثيرةٌ نحوَ عشرةِ أقوال، وهو معدود في الشَّاميين: الحارث بن الحارث، أو عبيدة، أو عبيد الله، أو عمرو، أو كعب بن عاصم، أو كعب بن كعب، أو عامر بن الحارث بن هانئ بن كلثوم، هذا في "تهذيب" المِزِّي (5).
وقال ابن حبان: "الحارث بن مالك"(6).
وفي العسكري -عن بعضهم-: "كعبُ بن مالك".
(1) ليس في مسلم، وإنما رواه البخاري (7/ 106 رقم 5590) ولفظه: "لَيكُوننَّ مِن أمَّتي أقوامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحريرَ والخَمْرَ والمعازِفَ
…
".
وذَكرهُ الِمزِّي في "تحفة الأشراف"(9/ 230، 282 رقم 12065، 12161) في حديث أبي عامر وأبي مالك الأشعريان رضي الله عنهما.
(2)
(5/ 493 رقم 3591).
(3)
رواه الترمذي (5/ 493 رقم 3518) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(4)
في "السنن الكبرى"(1/ 42). ورواه -بلفظ مسلم- في "شعب الإيمان"(4/ 236 رقم 2453، 2548)، و"معرفة السنن والآثار"(1/ 264 رقم 590).
(5)
"تهذيب الكمال"(34/ 245).
(6)
"الثقات" تأليفه (3/ 75).
قال أبو أحمد في "كناه": "أمرهُ يشتَبِهُ جِدًّا"(1).
ولَم أرَ فيها مَا ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ مِنْ أنَّ اسمهُ: الحارث بن عامر، لا جَرَمَ أنَّ في بعضِ النّسخ: ابن عاصم.
وطعن هو ومعاذ، وأبو عبيدة، وشرحبيل بن حسنة في يومٍ واحِدٍ (2).
ثانيها: هذا الحديث أصلٌ مِن أصولِ الإسلام، قد اشتَمَلَ على مُهِمَّاتٍ مِن قواعد الدِّين، ولنَحصر الكلام عليه في مواضِعَ:
أوَّلُها: "الطُّهور" المُرادُ بهِ هنا الفعل؛ فهو مَضمُومُ الطاء، ويجوزُ فتحُها، وإنْ قال القرطبي في "مفهمه":"إنما رُويَ بالفتح"(3). أمَّا الفتح: فما يُتطهَّر به من جامِدٍ ومائعٍ، وقيل: فيه الضمُّ أيضًا.
قال المُصنِّف رحمه الله: "والمرادُ به هنا: الوضوء"(4).
قلتُ: بل هو أعمُّ منه ومِن الغسل وغيرهما، ولذلك عبَّرت بقولي: الفعل، والمراد به أيضًا: الطَّهارة من المستخبثات الباطنة.
ورِوايَةُ ابن حِبَّان في "صحيحه": "إِسْبَاغُ الوضوء شَطْرُ الإيمَان"(5).
والمُراد: إِتْمَامه.
(1) كتاب العسكري في "الصحابة" لم يطبع، وكتاب "الأسامي والكنى" لأبي أحمد طبع منه جزءٌ يسيرٌ جدًّا في أربعة مجلدات! فيها حرف "الحاء" و"الخاء" فقط!
(2)
أي: أصابه طاعون "عمواس" مع معاذ بن جبل بالشام رضي الله عنهما.
انظر ترجمته رضي الله عنه في: "تهذيب الكمال"(34/ 245)، و"الإصابة"(4/ 171).
(3)
نص عبارة القرطبي في "المفهم"(1/ 473): "الطهور بفتح الطاء: الاسم، وبضمِّها المصدر .. " ثم ذكر أقوال أهل العلم في ذلك.
(4)
المصَنِّف هو النووي انظر كلامه في "الأربعين"(96)، و"شرح صحيح مسلم"(3/ 102).
(5)
(3/ 124 رقم 844) وإسناده صحيح، وقد صحَّحه الألباني في "صحيح موارد الظمآن"(2/ 418 رقم 1986).
ثانيها: أصل "الشَّطْر": النِّصف، قال ابن دُرَيد في "الجمهرة":"النِّصفُ مِن كُلِّ شيء"(1).
وقال صاحب "المجمل": "شطرُ كلِّ شيءٍ: نِصْفُهُ"(2).
قلتُ: في حديث "الإسراء" مَا يَدُلُّ على أَنَّ الشَّطر يكون الجزء، بقوله في الصلاة:"فوضَعَ شطْرَها -قال ذلكَ ثلاثًا-"(3)، فلوْ كان الشَّطرُ بمعنى النِّصف كان قد سقط الكل في الثاني.
وفي "النَّسائي": "
…
فَجَعَلَها أرْبَعِينَ،
…
فَجَعَلَها ثَلاثِين،
…
فجَعَلَها عِشْرِينَ،
…
ثُمَّ عَشَرَة،
…
ثُمَّ خَمْسَة" (4).
واختُلِفَ في معنى كونه "شطْر الإيمان" على أَوْجُهٍ (5):
أحدُها: أنَّ مُنْتَهَى تَضعِيف ثَوَابه إلى نِصْفِ أَجْرِ الإيمان.
ثانيها: أنَّ الإيمان يَجُبُّ مَا قبلَهُ مِنَ الخطايا؛ فكذا الطهور، لكن صِحَّته مُتَوَقِّفةٌ على الإيمان، فصارَ نِصْفًا.
ثالِثُها: أنَّ المُرادَ بالإيمان: الصلاة، والطهور شَرْطٌ لِصِحَّتِها؛ فكانَ كالشَّطْر، وليسَ يلزَمُ في الشَّطر أَنْ يكونَ نِصْفًا حقيقيًّا، وهذا القول أقربها،
(1)"الجمهرة" لابن دريد (2/ 341).
(2)
"مجمل اللغة" لابن فارس اللغوي (2/ 503).
(3)
رواه البخاري (1/ 78 رقم 349)، ومسلم (1/ 148 رقم 263) عن أنس رضي الله عنه.
(4)
هذه اللفظة رواها البخاري في صحيحه (4/ 109 رقم 3207) والنسائي في "الصغرى"(1/ 217 رقم 448)، و"الكبرى"(1/ 197 رقم 309) مِن حديث طويل في قصة الإسراء رواه مالك بن صَعْصَعَةَ رضي الله عنه، وبهذا تعلم نزول المؤلف في عزوه للنسائي دون صاحب الصحيح.
(5)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 5 - 6)، و"شرح النووي"(3/ 102)، و"المفهم"(1/ 474 - 475) في ذِكر هذه الأوجه.
ويشهد له قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] أي: صلاتكم إلى بيتِ المقدِس (1).
ولا شَكَّ أنَّ الإيمانَ شرطٌ باطِنٌ لِصحَّتِها، والطُّهور شرطٌ ظاهِرٌ لها؛ فاقْتَسَمَاها، والإيمان تصديقٌ بالقلب، وانقِيادٌ بالظاهر، وهُما شَطْرَا (2) الإيمان، والطهارة متضمِّنةٌ للصلاةِ، فهي انقيادٌ في الظاهر.
ثالِثها: معنى "الحَمْدُ لله تملأ الميزان" أنَّ ثوابها يملؤهُ خيرًا، ومعناه: عِظَمُ أجْرِها؛ فيملأ ميزانه.
وقد تَظَاهرت نصوص القرآن والسنة على وزن الأعمال وثِقلُ الموازين وخِفَّتها، وسبب الموازنة المناسِبة في الملءِ أنَّ "اللَّام" في "الحمد" لاسْتِغْراق جِنْس الحمد الذي يَجِبُ لله ويستحِقّه بملء الميزان؛ فكذا ثوابه.
و"تملأ": بالمُثَنَّاة فوق، ويرجع إلى اللفظ أو الجملة، ويصِحُّ بِمُثَنَّاة تحت، ويَرْجع إلى الحمدِ نفسه، والظاهر أنَّ المُراد هذا اللفظ فقط.
رابعها: "الميزان" مِفعال مِنَ الوزن، وأصله موزان، فانقَلَبَت الواوُ ياءً لانكِسار مَا قبلها، ومِثلهُ: ميعاد وميقات، ونحو ذلك، لأنهما مِن الواعدِ والوَقت.
(1) قال حافظ المغرب ابن عبد البَرّ في "التمهيد"(9/ 245): "لم يختلف المُفَسِّرونَ أنه أرادَ: صلاتكم إلى بيتَ المقدس، فسمَّى الصلاةَ إيمانًا".
وقال السَّمعاني (ت:489 هـ) في "تفسيره"(1/ 150): "وهذه الآية دليلٌ على المرجِئة، حيثُ لم يجْعَلوا الصلاةَ مِنَ الإيمان".
انظر في كتب التفسير: الطبري (3/ 167)، وابن أبي حاتم (1/ 251)، والبغوي (1/ 160)، وابن الجوزي (1/ 155)، والقرطبي (2/ 157)، وابن كثير (1/ 458).
(2)
في الأصل: "شطران".
وهذا الحديث ظاهِرٌ في ثبوت الميزان ذي الكفَّتين واللِّسان (1) في المعاد، وحقيقتهُ كما قُلناه (2).
وخالفت المعتزِلة؛ وبعضهم قال: الميزان كناية عن إقامة العدل في الحساب لَا أَنَّهُ ميزانٌ حقيقةً ذو كفّين ولسان، كما يُقال: يدُ فلانٍ ميزان، وهو قولُ جمهور المعتزلة، وبعضهم يُجَوِّزُهُ ولا يقطعُ به (3)، والظواهر مع أهل السُّنّة أنه حقيقة. وقد قيل:"يا رسولَ الله! أينَ نَجِدُكَ في القيامة؟ قال: عندَ الحوض، أو الصراط، أو الميزان"(4).
(1) أَمَّا الكفَّتان فنعم، لورود السنة به من مثل حديث البطاقة، أمَّا اللسان فلا أعلم فيه سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ورد فيه أثر عن الحسن البصري أنه قال:"له لسان وكِفَّتان" رواه حرب في "مسائله عن أحمد"(402)، واللالكائي في "السنة"(6/ 1245 رقم 2210).
(2)
الميزان هو: "مَا يَنصِبُهُ الله يومَ القِيامة لوزنِ أعمالِ العِبادِ ليُجازيهم على أعمالهم، وهو ميزان حِسِّيٌّ لهُ كِفَّتان مُشاهَدَتَان". "شرح الطحاوية"(2/ 609).
والميزان ثابتٌ بالكتاب والسُّنة، وهو مِن عقائِد أهل السنة المُتَّفقِ عليها، ولا يكاد يخلو كتاب من كُتب أهل السنة في الاعتقاد إلا ويذكُرُ إيمان السلف به. ولهم فيه مصنَّفات مفردة: انظر المطبوع منها: "مِنْهَاج السَّلامة في ميزان القيامة" للحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي (842 هـ)، و"تحرير المقال والبيان في الكلام على الميزان" للحافظ السّخاوي (902 هـ)، و"تحقيق البرهان في إثبات حقيقة الميزان" للعلّامة مرعي الكرمي الحنبلي (1033 هـ).
(3)
المعتزلة أنكروا الميزان وقالوا: هو عبارة عن العدل، والقاضي عبد الجبار أثبته لكنه أنكر أن يوزن فيه العمل أو العامل!! وزعم أن الطاعة تكون على هيئة نور، والمعصية ظلمة .. ، وهو محجوج بالسنة والإجماع كما تقدَّم.
انظر في مذهب المعتزلة: "شرح الأصول الخمسة"(735 - 736)، و"مقالات الإسلاميين"(2/ 164 - 165)، و"أصول الدين" للبغدادي (246)، و"شرح صحيح البخاري" لابن بطال (10/ 559).
(4)
رواه الترمذي (4/ 228 رقم 2433)، وأحمد (20/ 210 رقم 12825)، والخطيب في الموضح (1/ 100 - 101) عن أنس بن مالك رضي الله عنه. وهو حديث صحيح، صححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"(3/ 445 رقم 3625)، و"سلسلة الأحاديث الصحيحة"(6/ 268 رقم 2630).
قال الغزالي رحمه الله: "وَصِفَتُهُ في العِظَم أنه مثل طباق السموات والأرض، توزَنُ فيه الأعمال بِقُدْرَةِ الله تعالى، والصنج (1) يومئذٍ مثاقيل الذر والخردل، تحقيقًا لِتَمَام العدل، وتُطْرَحُ الحَسَنات في كِفَّةِ النور، فيثقُلُ بها الميزان على قَدْرِ درجتها عندَ اللهِ بفضلهِ، وتُطْرَحُ صحائف السيئات في كِفَّةِ الظُّلمة، فتخِفُّ بها الميزان بِعَدْلِهِ"(2).
قال ابن عباس -فيما نقلهُ الواحدي-: "يُؤتى بعملِ المؤمن في أحسنِ صورةٍ، فيُوضعُ في كِفّة الميزان، فتثقل حسناته على سيئاته، فذلكَ قوله تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8)} [الأعراف: 8] ، وهذا كقوله: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ} [الأنبياء: 47] الآية"(3).
وإنما قال: {موازينه} على الجمع حملًا له على معنى مِن دون لفظها، أو أنَّ المراد بالموازين: الموزونات كما ذهب إليه بعضهم. "ويُؤتى بعمل الكافر في أقبح صورةٍ، فيُوضَعُ في كفَّة الميزان، فيخفُّ وَزْنُهُ، فذلكَ قوله: {فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [الأعراف: 9] أي: صاروا إلى العذاب".
وَرَوَت عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ثلاثُ مواطن لا يَذكُرُ أَحَدٌ فيها أحدًا إلا نَفْسَهُ: عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانهُ أم يثقل، وعند الصُّحف حتى يعلم أيأخذُ صَحيفتهُ بيمينهِ أم بشماله، وعند الصِّراط حتى
(1) الصنج: فارسي معرَّب، وهو الميزان. انظر:"الصحاح"(1/ 325)، و"لسان العرب"(2/ 311).
(2)
انظر: "الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة"(379).
وكلامه هذا في صفة الميزان: مثل طباق السموات .. وكفة النور .. والظلمة .. لا أعلم له دليلًا، ومعلوم أن الرجل بضاعته في الحديث مزجاة، ولعله أخذ هذا الكلام من المعتزلة كما تقدّم في قول القاضي عبد الجبار.
(3)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(1/ 447 رقم 278)، وذكره ابن الجوزي في تفسيره (3/ 171)، والقرطبي في تفسيره (7/ 166) وإسناده ضعيف، فيه الكلبي.
يجاوزه" (1).
ثُمَّ قيل: لكُلِّ أمةٍ ميزان، ولِكُلِّ إنسان ميزان، والأصح أنه واحد، وقوله تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ} [الأنبياء: 47] مِمَّا أطلق به الجمع وأُريد به المفرد، أو أُريدَ به الأعمال الموزونة، أو جمعه باعتبار الأجر، أو كان الوزن بالمثاقيل لظهور مقادير الجزاء، وهو مأخوذ من قوله تعالى:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)} [الزلزلة: 7] وتوزن مظالم العباد فتؤخذ مِن ظالمها؛ فإن لم يوجد له حسنات طرح عليه من سيئاته.
خامِسُها: قوله "تَمْلآن أو تملأ" هو بالمُثناة فوق، الأول ضمير مؤنثين غائبين، والثاني "تملأ" ضمير هذه الجملة مِن الكلام.
وقال صاحب "التحرير": "يجوز (2) "تملآن" بالتذكير والتأنيث -على ما ذكرنا-، والتذكير على إرادة (3) النوعين مِن الكلام أو الذِّكْرَين". قال: "وأَمَّا "تملأ" فَمُذَكَّر على إرادة الذِّكر"(4).
وهذا التردد كأنه شكٌّ مِن بعض الرواة، وكِلا الأمرين جائزٌ لغةً -كما قرَّرناه-؛ لأنَّ "سبحان الله" و"الحمدُ لله" كلمتان في اصطلاح النحاة، ويُطلق عليهما: كلمة لُغَةً، كما يُسَمُّون الخطبة: كلمة، ويقولون: قال فلانٌ في كلمته، و"تملأ" باعتبار أنها كلمة لغة.
(1) رواه إسحاق بن راهويه في "المسند"(3/ 740) بإسناد صحيح.
وقد رواه بنحوه جماعة من العلماء. انظر: "منهاج السلامة" لابن ناصر الدين الدمشقي وتعليق محققه الأخ الشيخ مشعل بن باني المطيري عليه (79 - 84).
(2)
في الأصل: "نحو: يملآن" والتصويب من "شرح النووي"(3/ 103).
(3)
في الأصل: "إفراد" والتصويب من "النووي".
(4)
نقلة النووي في "شرحه لصحيح مسلم"(3/ 103).
ومعنى: "سبحانَ الله": نزهته عمَّا لا يليق به، وهو علم على معنى الربوبية.
ومعنى "الملء": أنَّ ثوابهما لو قُدِّر جِسْمًا لملأ ما بين السماء والأرض.
ورواية ابن حِبَّان في "صحيحه"(1): "والتَّسْبيحُ والتَّكْبِيرُ مِلْءُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ". وسببه ما اشْتَمَلتا عليه من التنزيه.
قال المُصَنِّف: "والتفويض إلى الله تعالى"(2). أي: مِن عموم الحمد؛ إذ يقتضي عموم الحمد على كل حال في السَّراء والضَّراء، وذلك تفويض؛ فإذا حَمِدَ مُسْتَحْضِرًا معناه في قلبه امتلأ ميزانه حسناتٍ، فإنْ أَضافَ إليه التنزيه ازداد، وذَكَر السموات والأرض على العادة.
سادسُها: قوله "والصَّلاةُ نورٌ" أي: باعتبار نهيها عن الفحشاء والمُنْكَر، فتمنع من اقترافها، وتهدِي إلى الصَّواب كما أنَّ النُّور يُستضاءُ به.
أو أنَّ ثوابها يكون نورًا لصاحبها يومَ القيامة.
أو أنها سببٌ في استِنَارةِ القلب؛ فبسببِها تتشرَّق أنوار المعارف وانشراح القلب، وكاشفات الحقائق لفراغ القلب فيها، وإقباله على الله ظاهِرًا وباطِنًا. قال تعالى:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45].
ومِنهُ: "وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْني في الصَّلاةِ"(3).
(1)(3/ 124 رقم 844).
(2)
قاله في آخر "الأربعين"(96).
وانظر: "شرح صحيح مسلم" تأليفه (3/ 103).
(3)
تقدم تخريجه ص (111).
أو أنها تكون نورًا ظاهِرًا على وجههِ في الآخرة أو في الدُّنيا بِخِلاف مَن لمْ يُصَلِّ (1): {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [التحريم: 8]، "إِنَّ أمَّتي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلينَ مِنْ آثارِ الوضُوءِ"(2).
ويحتمل الكل، وهو مِنْ بابِ قولهم: زيدٌ أشد؛ إِمَّا مبالغة، ويحتمل أن يكون مِنْ قولهم: رجلٌ عَدْلٌ؛ فإِمَّا أن يكون جعله نفس العدل، أو معناه: ذو عدل، على حذف مضاف، أو عادل.
فعلى الأول: جعل الصلاة نفس النور للمُبَالغة.
وعلى الثاني: ذات النور لصاحِبِها.
وعلى الثالث: مُنِيرةٌ بوجهِهِ إذا فَعَلَهَا بِشُروطِهَا ومُكَمِّلاتها؛ فَتُنَوِّرُ القلبَ بحيث تُشْرِقُ فيه أنوارُ المعارف والمُكَاشَفَات "وَجُعِلت قُرَّةُ عَيْني في الصَّلاة"، وتُنَوِّر بين يَدَيْه ووجهه يوم القيامة؛ فيكون ذا غُرَّةٍ وتَحْجيل، والنور مشاهدٌ في الدُّنيا على وجْهِهِ، لا سيما المتقي بخِلافِ عَكْسِهِ، ورُوي:"مَنْ صَلَّى باللَّيْلِ حَسُنَ وَجْههُ بالنَّهار"(3).
سابعها: معنى "والصَّدقة برهان" أي: أنها حُجّة لصاحِبها في أداءِ حقِّ
(1) قارن ما تقدَّم بـ "شرح النووي"(3/ 103)، و"التعيين"(176 - 177).
(2)
رواه البخاري (1/ 39 رقم 136)، ومسلم (1/ 216 رقم 246) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
رواه ابن ماجه (1/ 422 رقم 1333)، وابن أبي الدنيا في "التهجد"(419 رقم 384)، وابن عدي في "الكامل"(2/ 99)، والقضاعي في "الشهاب"(1/ 252 رقم 408 - 417)، والعقيلي في "الضعفاء"(1/ 193 - 194)، وتمام في "فوائده"(2/ 8 رقم 397)، والمستغفري في "فضائل القرآن"(1/ 384 رقم 463)، وابن الجوزي في "الموضوعات"(2/ 410 رقم 984 - 989)، والبيهقي في "الشعب"(4/ 471) عن جابر رضي الله عنه. وهو حديث ضعيف، ولا يصح بوَجهٍ مِن الوُجوه. وقد ضعَّفه ابن عَدِيٍّ، والعُقيلي، وابن الجوزي -ونص على وَضْعِهِ-، والبيهقي وغيرهم. انظر:"فتح المغيث" للسخاوي (2/ 123 - 125).
المال، أو أنها حجة في إيمانه؛ لأنَّ المُنافِقَ لا يفعلها عادةً لعدم اعتقاده لها، فمن تصدَّق استُدِلَّ بِصدَقته على صِدْقِ إيمانه، فالمنافِقونَ [يلمِزُونَ](1) المُطَّوِّعين مِن المؤمنين في الصَّدَقات، أو صِحَّة محبة المتصدِّق لله ولِمَا لَدَيْهِ مِن الثواب؛ إذْ آثرها على مَحَبَّةِ المال فأخرجه لله:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} [الإنسان: 8] أي: حب الطعام، أو حب الله.
وعِبارةُ صاحب "التحرير": "يُفزع إليها كما يُفْزَعُ إلى البراهين، كأنَّ العبدَ إذا سُئِلَ يوم القيامة عن مَصرِف ماله كانت صدقاته براهين في جوابه؛ فيقول: تَصَدَّقتُ". قال: "ويجوز أنْ يوسَمَ المتصدِّق سيما يُعرف بها، فيكون برهانًا له على حاله، ولا يُسْألُ (2) عن مَصرِف مَالِهِ"(3).
و"البُرهان" عندَ أهل اللغة: الحُجَّة، وعند أهل اللسان: هو الحُجَّة المركبة مِن مُقَدِّمات قاطِعةٍ، وهو حاصِل هنا، فإنَّهُ يُقال مَثَلًا: فُلانٌ يؤدِّي الزكاة وَمَن أدَّاها فقد أدى حقَّ المال، ففُلانٌ أدى حقَّ المال، أو يُقال: فلان أدَّاها طيبة بها نفسه، وكُلُّ مَنْ أدَّاها كذلِكَ فهو مؤمنٌ؛ ففلانٌ مؤمنٌ (4).
ورواية ابن حبان في "صحيحه": "والزَّكاةُ بُرْهانٌ" بدل "الصدقة" وهو مُفَسِّرٌ لها.
ثامِنُها: معنى "الصَّبرُ ضِياء" أي: المحبوب، وهو الصبر على الطاعة والبلاء ومكائد الدنيا وعن المعاصي، ومعناه: لا يزال صاحبه مستضيئًا مُسْتَمِرًا على الصَّواب.
(1) في الأصل: "يجذون" والتصويب من "الإكمال"(2/ 8)، و"المفهم"(1/ 476)، وسياق الكلام؛ لأن العبارة مقتبسة من آية في سورة التوبة.
(2)
في الأصل تحرَّفت إلى: "ولا يصرف" والتصويب من "شرح النووي"(3/ 103).
(3)
انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (3/ 103).
(4)
قارن بـ "التعيين"(177).
قال الخوَّاص: "الصبر هو الثَّبات على الكتاب والسُّنة".
وقال ابن عطاء: "إنه الوقوف مع البلاء بِحُسْنِ الأَدَب".
وقال الأستاذ أبو عليٍّ الدَّقاق رحمه الله: "هو ألا تعتَرِض على المَقْدُور، فأَمَّا إِظهَارُ البَلاءِ لا على وجهِ الشَّكوَى فلا يُنافي الصَّبر، قال تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)} [ص: 44] "(1).
وقيلَ: معناهُ: أنَّ ثوابه ضياء ونور في الآخرة.
وقيل: أنَّ أَثر الصبر على الطاعات وعن المعاصي نور القلب، وشاهِدهُ في قياس العكس:{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)} [المطففين: 14] أي: المعاصي سوَّدت قلوبهم وصيرتها مظلمةً (2).
فإن قلتَ: لِمَ فرَّقَ بين النور والضياء؛ قال في الصلاة: "نور"، وفي الصَّدقة:"ضياء"؟ وهل مِن فرقٍ بينهما؟
قلتُ: قد قال الجوهري: "فإنَّهُ فسَّر الضياء بالنور في مَوْضِعٍ، والنور بالضياء في آخر"(3).
وقيل: إنَّ الضياء أعظم وأبلغ مِن النور، بدليل قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} [يونس: 5] والشمس أعمّ نورًا مِن القمر، ولذلك قال الله تعالى:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17] ولم يقل: بِضِيائِهم؛ لأنَّ نفعَ الأعم أبلغ.
(1) روى الآثار الثلاثة القشيري في "الرسالة"(325، 329).
وقارن بـ "شرح النووي"(3/ 103 - 104).
(2)
انظر: "التعيين"(177).
(3)
كلام الجوهري نقله الفاكهاني في "المنهج المبين"(404). ولم أقف عليه في "الصحاح".
وأُورد على هذا قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35]، {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر: 69].
وأُجيب بأنَّ معنى "نور": مُنَوِّر.
وأُورِدَ ببقاء السؤال، ولم يقل: مضيء.
فأُجيب بأنَّ النور أعمُّ وأشمَل؛ لأنَّهُ يكونُ ليلًا ونهارًا، والضياء ليسَ إلَّا نهارًا بالشمس، على أنَّ المراد بالنور: الهِداية؛ أي: هادي أهلها، والعادة الجارية لغةً وشرعًا أن يُقال: نور الهداية، لَا ضَوْء الهداية، وبذلِكَ استعمل في الكتاب والسنة نحو:{يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257]، {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)} [النور: 40].
وأَمَّا الجواب عن {وَأَشْرَقَتِ} فهو أَنَّ الضوء كالوصف على النُّور، وإِنَّمَا يَحْتاجُ إلى النور المخلوق الناقص.
أَمَّا نور الرب تعالى فهو قديم كامِلٌ لا يحتاج إلى معنى زائد يضيء به، كما أنَّ القديم لِذاته لا يحتاج إلى عِلَّةٍ (1) تُوجِده، ويحتمل أَنَّ المعنى: أشرقت ملائكة ربِّها، أو بعدل ربِّها (2)؛ بدليل أنَّ الأرض لو أشرق عليها نور الرب جل جلاله لاضطَرَبت وتصَدَّعت كالجبل لَمَّا تجلى له، ولا يلزم مِن نور الملائكة والعدل أن يكون ضوءًا.
والفرق في الحديث: أنَّ الصَّبْرَ أحسن من الصلاة؛ لاشتماله على الصلاة وغيرها من الطاعات، أو تعلقه بذلك؛ إذ هو: حَبْسُ النَّفس على الطاعةِ وعن
(1) في الأصل كأنها كُتبت "علة" لكن ضرب عليها الناسخ وصوبها إلى: "أحد يوجده" والتصويب من "التعيين"(179) لأنه من قوله "لم فرّق بين النور
…
" إلى آية الزمر مِنهُ.
(2)
يعني: أن الأرض أشرقت بنور ملائكة ربها، أو بنور عدل ربها. انظر:"التعيين"(179).
المعصية، فكان جعله ضياءً -الذي هو أخصُّ من النور- أولى، ولأنَّ الرَّبَّ جل جلاله قال:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45] والتقديم يُؤْذِنُ بالاهتمام.
وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} [السجدة: 24] ولم يقُلْ: لَمَّا صَلَّوْا. وقال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)} [الزمر: 10].
وفي الحديث: "مَا أُعْطِيَ عبدٌ خيرًا أوْسَعَ عَطَاءً مِنَ الصَّبر"(1) ولم يأت ذلك لغيرهم.
قال القرطبي رحمه الله في "مفهمه": "رواه بعض المشايخ "والصَّومُ" بدل "الصبر" وقد يُعَبَّر عنه بالصبر، وقد قيل ذلك في قوله: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} "(2).
والصواب: أنه غير الصوم.
فكُلُّ مَن جَدَّ في أمرٍ يُطالبه
…
واستَعمَلَ الصَّبرَ إلا فازَ بالظَفر
تاسعها: قوله "والقُرآنُ حُجَّةٌ لكَ أو عليكَ" معناه: إنْ عَمِلتَ به واهتَدَيت بأنواره كان حُجَّةً لكَ، وإن أعرضتَ عنه كان حُجَّةً عليكَ في المواقف التي تُسْأل فيها عنه، كمساءلة المَلَكَيْن في القبر، وعندَ الميزان، وفي عقبات الصِّراط.
وفي الحديث: "القُرآنُ شافِعٌ مشَفَّعٌ، وماحِلٌ مُصَدَّقٌ، مَن قَدَّمَهُ أَمَامهُ قَادَهُ إلى الجَنَّةِ، ومَن جَعَلَه وَرَاءَهُ دَفعَهُ في قفاه إلى النار"(3). ذكر معناه
(1) رواه البخاري (2/ 122 رقم 1469)، ومسلم (2/ 729 رقم 1053) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(2)
"المفهم"(1/ 477).
(3)
رواه ابن حبان (1/ 331 رقم 124)، والبزار (1/ 78 رقم 122 كشف الأستار) عن جابر رضي الله عنه وإسناده صحيح. قال الهيثمي في "المجمع" (1/ 171):"رجاله ثقات".
وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة"(5/ 31 رقم 2019). =
ابن الأنباري (1).
وإنما تقُومُ الحجَّةُ بالقرآن لمن اتَّبعَهُ عَمَلًا، وإن حفِظَهُ فذكره وتعاهد تلاوته.
قال القرطبي رحمه الله في "مُفهمه": "ويحتمل أنَّ المراد: أنَّ القرآن هو الذي يُنْتَهى إليهِ عندَ التَّنازع في المباحث الشرعية والوقائِع الحُكميَّة، وبهِ تَسْتَدِلُّ على صِحَّةِ دَعْواك، وبهِ تَسْتَدِلُّ على خَصْمِكَ"(2).
العاشر: قوله: "كُلُّ الناس يغدو .. " إلى آخره؛ أي: يسعى، فمنهم من يَبيعُ (3) نفسَه بالطَّاعة فيعتقها من العذاب، ومنهم من يبيعها للشيطان لطاعته فيُوبِقُها؛ أي: يُهْلِكُها بسخط الله تعالى، ومنه:{أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا} [الشورى: 34].
ومعنى "يغدو": يُبكِّر؛ أي: كلُّ إنسانٍ يُصبِحُ ساعيًا في أمورهِ، مُتَصَرِّفًا في أغراضه.
والرَّوَاحُ بعدَ الزَّوال، والغُدو قبله، قاله الجوهري (4).
وقال الأزهري: "معنى "راح": مَضَى؛ لأنهما مُستَعمَلان عند العرب في السَّيْرِ أي وقتٍ كان من ليلٍ أو نهار، يقال: راح في أول النهار وآخره يروح، وغَدَا بمعناه"(5).
* * *
= وقوله: "ماحلٌ مصدَّق" أي: خصم عادل. انظر: "كشف الخفاء"(2/ 95).
(1)
انظر: "المفهم"(1/ 477)، و"التعيين"(180).
(2)
"المفهم"(1/ 477) وفيه في الفقرة الأخيرة: " .. وبه يَسْتَدِلُّ عليكَ خصمكَ".
(3)
في الأصل: "ينفع" والتصويب من "التعيين"(181)، و"المفهم"(1/ 478) والسياق يقتضيه.
(4)
"الصِّحاح"(1/ 368).
(5)
"تهذيب اللغة"(5/ 221 - 222) بمعناه.