الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أدلة القائلين بوجوب الأضحية:
1.
احتجوا بقوله تعالى} فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {سورة الكوثر الآية 2.
قال الكاساني: [ولنا قوله عز وجل} فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {، قيل في التفسير: صل صلاة العيد وانحر البدن بعدها.
وقيل صل صلاة الصبح بجمعٍ – مزدلفة – وانحر بمنى ومطلق الأمر للوجوب في حق العمل ومتى وجب على النبي صلى الله عليه وسلم يجب على الأمة لأنه قدوة الأمة] (1).
قال التهانوي: [ومما يدل على وجوبها ما رواه الطبري في تفسيره: حدثنا ابن حيمد
…
عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينحر قبل أن يصلي فأُمِرَ أن يصلي ثم ينحر - أراد قوله تعالى} فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {- وسنده حسن
…
.
…
قال ابن جرير حدثنا ابن عبد الأعلى
…
عن قتادة} فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {، قال: صلاة الأضحى، والنحر نحر البدن، وسنده صحيح.
وحدثنا ابن حميد
…
عن الربيع} فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {، قال: إذا صليت يوم الأضحى فانحر، وسنده حسن
ودلالتها على وجوب صلاة العيد ونحر البدن ظاهرة، ولولا أنه صلى الله عليه وسلم قال:(من وجد سعة فلم يضح فلا يقربنَّ مصلانا) وفيه تقييد الوجوب بالسعة لقلنا بوجوبها على كل مسلم بالأمصار مثل الصلاة] (2).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [وأمَّا الأضحية فالأظهر وجوبها أيضاً، فإنها من أعظم شعائر الإسلام، وهي النسك العام في جميع الأمصار، والنسك مقرون بالصلاة، في قوله
(1) بدائع الصنائع 4/ 193، وانظر تحفة الفقهاء 3/ 81، الاختيار 5/ 16 - 17، اللباب في الجمع بين السنة والكتاب 2/ 641.
(2)
إعلاء السنن 17/ 241 - 240.
تعالى} إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العلمين {، وقد قال تعالى} فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {فأمر بالنحر كما أمر بالصلاة.
وقد قال تعالى:} وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ {وقال تعالى:} وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ {.
وهي من ملة إبراهيم الذي أمرنا باتباع ملته، وبها يذكر قصة الذبيح، فكيف يجوز أن المسلمين كلهم يتركون هذا لا يفعله أحد منهم، وترك المسلمين كلهم هذا أعظم من ترك الحج، في بعض السنين (1).
2.
واحتجوا بما ورد في الحديث عن البراء رضي الله عنه قال: (ذبح أبو بردة قبل الصلاة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أبدلها. قال: ليس عندي إلا جذعة – قال شعبة: وأحسبه قال هي خيرٌ من مسنَّة – قال: اجعلها مكانها ولن تجزئ عن أحدٍ بعدك) رواه البخاري ومسلم (2).
قال التهانوي: [
…
بل الظاهر من الأمر بالإبدال دلالته على الوجوب] (3).
3.
واحتجوا بحديث جندب بن سفيان البجلي رضي الله عنه قال: (شهدتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، فقال: من ذبح قبل أن يصلي فليعدْ مكانها أخرى ومن لم يذبح فليذبح) متفق عليه.
قالوا: قوله (فليعد) وقوله (فليذبح) كلاهما صيغة أمر وظاهر الأمر الوجوب.
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام 23/ 162.
(2)
صحيح البخاري مع الفتح 12/ 108، صحيح مسلم بشرح النووي 5/ 98 – 99.
(3)
إعلاء السنن 17/ 246.
4.
احتجوا بما روي في الحديث: (ضحوا فإنها سنَّةُ أبيكم إبراهيم عليه الصلاة السلام) رواه ابن ماجة والبيهقي.
قال الكاساني: [أمر عليه الصلاة والسلام بالتضحية والأمر المطلق عن القرينة يقتضي الوجوب في حق العمل](1).
5.
واحتجوا بما ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من وجد سَعَةً فلم يضح فلا يقربنَّ مصلانا) رواه أحمد وابن ماجة والدارقطني والبيهقي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (2).
قال الكاساني: [وهذا خرج مخرج الوعيد على ترك الأضحية، ولا وعيدَ إلا بترك
الواجب] (3).
6.
واحتجوا بحديث عامر أبي رملة عن مخنف بن سليم قال: (ونحن وقوف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات قال: يا أيها الناس إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد (4).
وقال الترمذي: [هذا حديث حسن غريب، لا نعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه من حديث ابن عون](5).
ووجه الشاهد فيه أن كلمه على للإيجاب كما هو الأصل (6).
7.
واحتجوا بما ورد في الحديث عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيها الناس ضحوا واحتسبوا بدمائها، فإن الدم وإن وقع في الأرض فإنه يقع في حرز الله عز وجل رواه الطبراني في الأوسط (7).
(1) بدائع الصنائع 4/ 194.
(2)
المستدرك 4/ 258، الفتح الرباني 13/ 58، سنن ابن ماجه 2/ 1044، سنن البيهقي 9/ 260، سنن الدارقطني 4/ 276.
(3)
بدائع الصنائع 4/ 194.
(4)
الفتح الرباني 13/ 58، سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود 7/ 340، سنن الترمذي مع شرحه التحفة 5/ 92، سنن النسائي 7/ 167، سنن ابن ماجه 2/ 1045.
(5)
سنن الترمذي مع شرحه التحفة 5/ 92.
(6)
انظر بدائع الصنائع 4/ 194.
(7)
مجمع الزوائد 4/ 17
وفيه الأمر بالأضحية وأصله للوجوب (1).
8.
واحتجوا بما ورد في الحديث عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر أن نضحي ويأمر أن نطعم منها الجار والسائل) والأمر يدل على الوجوب (2).
9.
واحتجوا بما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: (يا رسول الله: أأستدين وأضحي؟
قال: نعم فإنه دينٌ مقضيٌ) رواه الدارقطني والبيهقي (3).
10.
واحتجوا بمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على الأضحية، والمواظبة على الفعل تدل على الوجوب.
قال التهانوي: [ومما يدل على الوجوب قول ابن عمر رضي الله عنه: (أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين يضحي) رواه الترمذي وحسنه.
وقوله (ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون بعده) كما تقدم.
والمواظبة على فعل دليل الوجوب لا سيما إذا أقرنت بالوعيد على تركه، وأيُّ وعيدٍ أشدُ من قوله صلى الله عليه وسلم:(من وجد سَعَةً فلم يضح فلا يقربنَّ مُصلانا)] (4).
11.
قالوا إن الأضحية قربة يضاف إليها وقتها، يقال يوم الأضحى، وذلك يؤذن بالوجوب، لأن الإضافة للاختصاص، ويحصل الاختصاص بالوجود، والوجوب هو المفضي إلى الوجود ظاهراً بالنظر إلى جنس المكلفين، لجواز أن يجتمعوا على ترك ما ليس بواجب، ولا يجتمعوا على ترك الواجب، ولا تصح الإضافة باعتبار جواز الأداء فيه، ألا ترى أن الصوم يجوز في سائر الشهور، والمسمى بشهر الصوم رمضان وحده، وكذا الجماعة تجوز في كل يوم، والمسمَّى بيوم الجمعة يوم واحد، ولأن الإضافة إلى الوقت لا تتحقق إلا إذا كانت موجودة فيه بلا شك، ولا تكون موجودة فيه بيقين، إلا إذا كانت واجبة (5).
(1) إعلاء السنن 17/ 245.
(2)
المصدر السابق 17/ 239.
(3)
سنن البيهقي 9/ 262، سنن الدارقطني 4/ 283، اللباب في الجمع بين السنة والكتاب 2/ 642.
(4)
إعلاء السنن 17/ 244.
(5)
تبيين الحقائق 6/ 3، وانظر الهداية 8/ 427 - 430.