الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وردّ الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود في رسالته المسماة: [إعادة الحديث في البحث الجاري مع الشيخ إسماعيل الأنصاري فيما يتعلق بالأضاحي عن الأموات] على أدلة المخالفين له فنقل كلام الشيخ إسماعيل الأنصاري ونصه:
وأما أبوبكر العربي، فقد قال في شرح الترمذي (ج6 - ص290) قال: اختلف أهل العلم: هل يضحى عن الميت، مع اتفاقهم أنه يتصدق عنه والضحية ضرب من الصدقة، أنها عبادة مالية وليست كالصلاة والصيام.
وقال عبد الله بن المبارك: أحب إليَّ أن يتصدق عنه بثمن الأضحية ولا يضحي فإن ضحى فلا يأكل منها شيئاً. قال ابن العربي: الصدقة والأضحية سواء في الأجر عن الميت انتهى.
فالجواب: أن أبا بكر بن العربي لمّا طرق موضوع هذا الحديث قال: وبالجملة، فهذا حديث مجهول.
فابتلع الشيخ إسماعيل هذه الجملة في بطنه حيث استباح كتمانها وعدم بيانها، وهي متصلة بالكلام الذي ذكره كاتصال السبابة بالوسطى، وكان من واجب أمانة البحث أن يأتي بها ثم يتعقبها بما يشاء من التصحيح أو التضعيف، حسبما تقتضيه أمانة التأليف، فإن العلم أمانة والكتمان خيانة، والله لا يصلح كيد الخائنين، ومتى ثبتت جهالة هذا الحديث سقط الاحتجاج به ولم يبق سوى رأي أبي بكر بن العربي والراي يخطئ ويصيب وهو رجل ونحن رجال
…
(1). ويكفي هذا القدر من الردود لأن الوضع لا يحتمل التفصيل والتطويل في المناقشات والردود.
القول الراجح:
بعد إجالة النظر والفكر في أقوال أهل العلم وأدلتهم في التضحية عن الميت، أختار وأرجح القول بجواز الأضحية عن الميت، ويؤيد هذا الترجيح عندي ما يلي:
(1) المصدر السابق
أولاً: قد قامت الأدلة الكثيرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على انتفاع الميت بسعي غيره، كما في قول الله عز وجل:} وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ {سورة الحشر الآية 10.
وقد صحت الأحاديث بذلك كما في الدعاء للميت في صلاة الجنازة، وبعد الدفن وعند زيارة القبور.
وكذلك الصدقة عن الميت كما في حديث سعد بن عبادة رضي الله عنه السابق، والأضحية عن الميت نوع من الصدقة عنه، فتصح عن الميت وينتفع بها إن شاء الله تعالى.
ثانياً: ثبتت الأحاديث الصحيحة في أضحية النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه وعن أمته، كما في حديث عائشة رضي الله عنها عند مسلم، وحديث جابر رضي الله عنه في السنن، وحديث أبي رافع في المسند.
وقد قال شارح العقيدة الطحاوية معلقاً على حديث أبي رافع في تضحية النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين عنه وعن أمته: [والقربة في الأضحية إراقة دم، وقد جعلها لغيره](1).
ثالثاً: إن حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في تضحيته عن النبي صلى الله عليه وسلم وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره بذلك، الذي رواه أبو داود والترمذي وأحمد والبيهقي والحاكم، يصلح دليلاً للجواز مع أن بعض أهل الحديث قد ضعفه.
ولكن أبا داود سكت عنه واحتج به وخاصة أنه لم يرو في الباب غيره.
كما أن الحاكم قد صححه ووافقه الذهبي على ذلك، وصححه الشيخ أحمد محمد شاكر والتهانوي من علماء هذا العصر.
ثم لو سلَّمنا ضعف حديث علي هذا، فإن الأحاديث الصحيحة في تضحية النبي صلى الله عليه وسلم عن أمته تشهد له.
وكذلك فإنه وإن كان ضعيفاً فيصح العمل به في هذه الفضيلة من فضائل الأعمال، ألا وهي الأضحية عن الميت، فإن ذلك يدخل تحت أصل صحيح ثابت، وهو انتفاع الميت بسعي غيره.
(1) شرح العقيدة الطحاوية 516.
والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب
تم الكتاب بقلم مؤلفه الدكتور حسام الدين موسى عفانه فجر يوم الأحد المسفر عن اليوم الرابع عشر من شوال سنة 1419 هـ الموافق الحادي والثلاثين من كانون الثاني 1999.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات