الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن منظور: [والثني من الإبل: الذي يلقي ثنيته، وذلك في السادسة ومن الغنم الداخل في السنة الثالثة، تيساً كان أو كبشاً. التهذيب: البعير إذا استكمل الخامسة وطعن السادسة فهو ثني، وهو أدنى ما يجوز من سن الإبل في الأضاحي وكذلك من البقر والمعزى، فأما الضأن فيجوز منها الجذع في الأضاحي، وإنما سمي البعير ثنياً لأنه ألقى ثنيته
…
والثني من الغنم الذي استكمل الثانية ودخل في السادسة ثم ثني في السنة الثالثة مثل الشاة سواء] (1).
وبعد هذا أقول إن ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة في بيان الجذع من الضأن له أساس قوي في لغة العرب وبناءً عليه أرى أن الراجح هو قولهم بجواز الأضحية بما مضى عليه أكثر العام من الضأن وهو الجذع، أي مضى عليه ستة أشهر فأكثر، وخاصة إذا كان عظيماً بحيث لو خلط بالثنيات يشتبه على الناظر من بعد.
قال إبراهيم النخعي: [الجذع من الضأن يجزئ إذا كان عظيماً](2).
حكم التضحية بالعجول المسمّنة التي لم تبلغ السن المقرر شرعاً
إن الالتزام بالسن المقرر شرعاً في الأضحية أمر مطلوب شرعاً، ولا تجوز مخالفته بالنقص عنه، وتجوز الزيادة عليه، ولكن بعض الناس تعارفوا في بعض مناطق فلسطين، على التضحية بالعجول المسمنة التي تقل أعمارها عن السن المطلوب، وغالبها له من العمر تسعة أشهر إلى سنة ونصف، ويظنون أن هذه العجول السمينة تجزئ في الأضاحي وقد بحثت هذه المسألة بحثاً مطولاً في كتب الفقهاء، فلم أجد أحداً منهم، قال بجواز النقص عن السن المقرر شرعاً، حتى إني لأظن - ولا أجزم - بأن قضية السن في الأضحية تعبدية حيث خُصَّ من هذا الحكم، واحد من الصحابة أو اثنان، بنص أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي وبناءاً على ذلك أقول:
(1) لسان العرب 2/ 141 - 142 مادة ثنيّ، وانظر تاج العروس 19/ 257 - 258 مادة ثنى.
(2)
الآثار لأبي يوسف ص63.
لقد وردت الأحاديث التي أشارت إلى السن المعتبر في الأضاحي، والتي اعتمد عليها الفقهاء في تحديد السن المعتبر في الأضاحي، واعتبروا ذلك شرطاً من شروط صحة الأضحية.
فقد اتفق العلماء على أنه تجوز التضحية بالثني فما فوقه من الإبل والبقر والغنم، والمراد بالثني من الإبل ما أكمل خمس سنين ودخل في السادسة، ومن البقر ما أكمل سنتين ودخل في الثالثة، ومن الغنم ما أكمل سنة ودخل في الثانية.
قال في المصباح المنير: [الثني الجمل يدخل في السادسة
…
والثني أيضاً الذي يلقي ثنيته يكون من ذوات الظلف والحافر في السنة الثالثة ومن ذوات الخف في السنة السادسة] (1).
واتفق العلماء على أنه لا تجوز التضحية بما دون الثني من الإبل والبقر والمعز.
واختلفوا في الجذع من الضأن:
قال الإمام الشافعي: [الضحايا الجذع من الضأن، والثني من المعز والإبل والبقر، ولا يكون شيء دون هذا ضحية](2).
قال الإمام النووي: [وأجمعت الأمة على أنه لا تجزئ من الإبل والبقر والمعز إلا الثني](3)
ونقل ابن قدامة عن أئمة اللغة: [إذا مضت الخامسة على البعير ودخل في السادسة وألقى ثنيته فهو حينئذ ثني
…
وأما البقرة فهي التي لها سنتان لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تذبحوا إلا مسنة) ومسنة البقر التي لها سنتان] (4).
وقال الإمام النووي: [قال العلماء المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها وهذا تصريح بأنه لا يجوز الجذع من غير الضأن في حال من الأحوال وهذا مجمع عليه](5).
(1) المصباح المنير ص85.
(2)
الأم 2/ 223.
(3)
المجموع 8/ 394.
(4)
المغني 9/ 440.
(5)
شرح النووي على صحيح مسلم 13/ 101 –102.
وقد اتفق العلماء على أنه لا يجزئ الجذع من البقر والجذع من البقر هو من وقت ولادته إلى أن يبلغ سنتين من عمره والعجل المسمن الذي يبلغ تسعة أشهر هو جذع فلا يجزئ في الأضحية وكونه سميناً وأكثر لحماً من الذي بلغ سنتين من عمره ليس سبباً في ترك السن المعتمدة وهي سنتان فأكثر.
وإن المدقق في الأحاديث التي أشارت إلى السن يرى أنه لا يجوز تجاوز تلك السن ويدل على ذلك الأحاديث التالية:
1.
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر من فعله فقد أصاب سنتنا ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء فقام أبو بردة بن نيار وقد ذبح فقال إن عندي جذعة، فقال إذبحها ولن تجزئ عن أحد بعدك) رواه البخاري وقد مضى.
2.
قال الإمام البخاري: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بردة: (ضح بالجذع من المعز ولن تجزئ عن أحد بعدك) ثم ساق حديث البراء المتقدم برواية أخرى: (ضحى خال لي يقال له
أبو بردة قبل الصلاة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: شاتك شاة لحم. فقال: يا رسول الله: إن عندي داجناً جذعة من المعز. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذبحها ولا تصلح لغيرك) (1).
وقد ورد في عدة روايات اختصاص أبي بردة بالتضحية بالجذع من المعز وشاركه في الاختصاص عقبة بن عامر والألفاظ التي تدل على الاختصاص كما بينها الحافظ
ابن حجر: (ولا رخصة فيها لأحد بعدك)، (ولن تجزئ عن أحد بعدك)، (وليست فيها رخصة لأحد بعدك)(2). وهذا التخصيص من النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أنه لا تصح
التضحية بالجذع من الإبل والبقر والماعز، وهو الذي اعتمد عليه الفقهاء في قولهم
إنه لا تجوز التضحية بما دون السنتين من البقر.
وبناءً على ما تقدم أقول:
لا تصح التضحية بالعجول المسمنة مهما بلغ وزنها ولا بد من الالتزام بالسن المقرر عند الفقهاء في البقر وهو سنتان، ولا يصح النقص عنه.
(1) صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 12/ 108 - 109.
(2)
فتح الباري 12/ 109.