الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحسبك أن من فقهاء المسلمين من يراها فرضاً، لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المضحي قبل وقتها بإعادتها وقد بيَّنا ما في ذلك والحمد لله] (1).
المبحث الخامس
أيهما أفضل الأضحية أم التصدق بثمنها
؟
إن الأضحية شعيرة من شعائر الله، وسنة مؤكدة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم.
والمطلوب من المسلم أن يعظم شعائر الله وأن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى:
} ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {سورة الحج الآية 32.
وقال تعالى:} لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا {سورة الأحزاب الآية 21.
لذا كانت الأضحية أفضل من التصدق بثمنها كما هو مذهب جمهور أهل العلم، بما فيهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وربيعة وأبو الزناد وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم (2).
روى عبد الرزاق بإسناده عن سعيد بن المسيب قال: [لأن أضحي بشاة أحب إليَّ من أن أتصدق بمئة درهم](3).
قال الحافظ ابن عبد البر: الضحية عندنا أفضل من الصدقة. وذكر أن هذا هو الصحيح من مذهب مالك وأصحابه (4).
(1) فتح المالك بتبويب التمهيد لابن عبد البر على موطأ مالك 7/ 19.
(2)
انظر الاستذكار 15/ 157، تفسير القرطبي 15/ 107 - 108، المجموع 8/ 425، المغني 9/ 436، الفروع 3/ 553،
مجموع فتاوى شيخ الإسلام 26/ 304، الموسوعة الفقهية 5/ 107.
(3)
المصنف 4/ 388.
(4)
فتح المالك 7/ 17 - 18.
وقال ابن قدامة: [والأضحية أفضل من الصدقة بقيمتها نص عليه أحمد](1).
ونقل عن جماعة من أهل العلم أن التصدق بقيمة الأضحية أفضل، فروي عن بلال رضي الله عنه قال:[ما أبالي أن لا أضحي إلا بديك، ولأن أضعها في يتيم قد ترب فوه، أحبُ إليَّ من أن أضحي] وبهذا قال الشعبي وأبو ثور (2).
والقول الأول هو الراجح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى والخلفاء من بعده، ولو علموا أن الصدقة أفضل من الأضحية لعدلوا إليها.
ولأن إيثار الصدقة على الأضحية يفضي إلى ترك سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم (3).
ولأن فضل الأضحية لا يخفى وما يترتب عليها من منافع شيء عظيم (4).
قال الحافظ ابن عبد البر: [الضحية عندنا أفضل من الصدقة، لأن الأضحية سنة وكيدة كصلاة العيد، ومعلوم أن صلاة العيد أفضل من سائر النوافل، وكذلك صلوات السنن أفضل من التطوع كله](5).
وقال الإمام النووي: [مذهبنا أن الأضحية أفضل من صدقة التطوع، للأحاديث الصحيحة المشهورة في فضل الأضحية، ولأنها مختلف في وجوبها، بخلاف صدقة التطوع، ولأن الأضحية شعار ظاهر](6).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [والأضحية والعقيقة والهدي أفضل من الصدقة بثمن ذلك، فإذا كان معه مال يريد التقرب إلى الله كان له أن يضحي به، والأكل من الأضحية أفضل من الصدقة](7).
ولا ينبغي لأحد أن يؤثر الصدقة على الأضحية، لكون الصدقة أخف مئونة، ولما في الأضحية من المشقة من حيث شراؤها والعناية بها وحفظها إلى أن يذبحها، ولما في ذبحها
(1) المغني 9/ 436.
(2)
المغني 9/ 436، تفسير القرطبي 15/ 107، مصنف عبد الرزاق 4/ 385، المجموع 8/ 425، فتح المالك 7/ 18.
(3)
المغني 9/ 436.
(4)
انظر ما ذكرته في مبحث فضل الأضحية.
(5)
فتح المالك 7/ 18.
(6)
المجموع 8/ 425.
(7)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام 26/ 304.