المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أدلة القول الأول: - المفصل في أحكام الأضحية

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌شكرٌ وتقديرٌ

- ‌الفصل الأولحكم الأضحية وشروطها

- ‌المبحث الأولتعريف الأضحية لغةً واصطلاحاً

- ‌المبحث الثانيمشروعية الأضحية وفضلها

- ‌أولاً: مشروعية الأضحية:

- ‌ثانياً: فضل الأضحية:

- ‌المبحث الثالثالحكمة من مشروعية الأضحية

- ‌المبحث الرابعحكم الأضحية

- ‌أدلةُ الجمهور على أنَّ الأضحيةَ سنةٌ مؤكدةٌ، وليست واجبة:

- ‌أدلة القائلين بوجوب الأضحية:

- ‌مناقشة وترجيح:

- ‌المبحث الخامسأيهما أفضل الأضحية أم التصدق بثمنها

- ‌المبحث السادسهل الأضحية مشروعة في حق المسافر والحاج

- ‌اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

- ‌أدلة الجمهور:

- ‌أدلة الحنفية:

- ‌أدلة الإمام مالك:

- ‌المبحث السابعفي حق من تشرع الأضحية

- ‌المبحث الثامنشروط الأضحية

- ‌الشرط الأول أن تكون الأضحية من الأنعام

- ‌الشرط الثاني أن تبلغ سن التضحية

- ‌اختلف الفقهاء في السن المجزئة في الأضحية على ثلاثة أقوال:

- ‌أدلة العلماء:

- ‌حكم التضحية بالعجول المسمّنة التي لم تبلغ السن المقرر شرعاً

- ‌الشرط الثالثأن تكون الأضحية سليمة من العيوب المانعة من صحة الأضحية

- ‌ذكر صفات قد توجد في الأضحية واختلاف الفقهاء فيها

- ‌أولاً: صفات في العين:

- ‌ثانياً: صفات في الأذن:

- ‌ثالثاً: صفات في القرن:

- ‌رابعاً: صفات في الأنف:

- ‌خامساً: صفات في اللسان والأسنان:

- ‌سادساً: صفات في الضرع:

- ‌سابعاً: صفات في الذنب والألية:

- ‌ثامناً: صفات أخرى:

- ‌المبحث التاسعالحد الفاصل بين القليل والكثير في عيوب الأضحية

- ‌المبحث العاشرطروءُ العيبِ المخلِّ على الأضحية بعد تعيينها

- ‌المبحث الحادي عشرالمجزئ في الأضحية

- ‌المطلب الأول: المجزئ من الغنم:

- ‌المطلب الثاني: المجزئ من الإبل والبقر

- ‌المطلب الثالث: الاشتراك في الأضحية في الإبل والبقر فقط:

- ‌المطلب الرابع: ما هو الأفضل في الأضحية من أنواع الأنعام

- ‌المطلب الخامس: تسمين الأضحية:

- ‌المطلب السادس: أفضل الأضحية لوناً:

- ‌المبحث الثاني عشراجتماع الأضحية والعقيقة

- ‌الفصل الثانيما يتعلق بالمضحي ووقت الأضحية

- ‌المبحث الأولما يطلب ممن أراد الأضحية عند دخول أول ذي الحجة

- ‌ما المراد بالنهي عن الأخذ من الشعر والظفر الوارد في حديث أم سلمة:

- ‌المبحث الثانيوقت الأضحية

- ‌المطلب الأول: أول وقت ذبح الأضحية:

- ‌المطلب الثاني: آخر وقت ذبح الأضحية ومدته:

- ‌القول الراجح في آخر وقت الأضحية:

- ‌المطلب الثالث: حكم ذبح الأضحية ليلاً:

- ‌المطلب الرابع: الذبح قبل صلاة العيد:

- ‌المطلب الخامس: حكم الذبح بعد صلاة العيد، وقبل أن يذبح إمام المسلمين أضحيته:

- ‌المطلب السادس: أفضل وقت لذبح الأضحية:

- ‌المطلب السابع: إذا اشترى أضحية فضلَّت أو ماتت قبل أن يذبحها:

- ‌المطلب الثامن: إذا فات وقت الأضحية ولم يضح، فماذا يترتب على من أراد الأضحية

- ‌المبحث الثالثما يطلب من المضحي عند الذبح وبعده

- ‌المطلب الأول: ما يطلب من المضحي عند الذبح:

- ‌أولاً: النية:

- ‌ثانياً: ربط الأضحية قبل الذبح:

- ‌ثالثاً: أن يسوق الأضحية إلى محل الذبح سوقاً جميلاً لا عنيفاً

- ‌رابعاً: أن يحد السكين قبل الذبح

- ‌خامساً: أن لا يحد السكين أمام الحيوان الذي يريد ذبحه

- ‌سادساً: يستحب إضجاع الغنم والبقر في الذبح

- ‌سابعاً: استقبال القبلة من الذابح والذبيحة:

- ‌ثامناً: أن يتولى ذبحها بنفسه إن كان يحسن الذبح

- ‌تاسعاً: التسمية والتكبير عند الذبح

- ‌عاشراً: الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التسمية والتكبير

- ‌الحادي عشر: الاستعانة في ذبح الأضحية والإنابة في ذبحها:

- ‌تنبيه هام:

- ‌المطلب الثاني: ما يكره أن يفعله المضحي بالأضحية قبل ذبحها:

- ‌أولاً: حلب الأضحية:

- ‌ثانياً: جز صوفها:

- ‌ثالثاً: حكم ولدها:

- ‌المبحث الرابعالانتفاع بالأضحية

- ‌المطلب الأول: الانتفاع بالأضحية المسنونة:

- ‌أولاً: الأكل منها:

- ‌ثانياً: التصدق منها:

- ‌ثالثاً: الهدية من الأضحية:

- ‌المطلب الثاني: الانتفاع بالأضحية المنذورة:

- ‌المطلب الثالث: الادخار من لحم الأضحية:

- ‌المطلب الرابع: أجرة الجزَّار:

- ‌المطلب الخامس: بيع شيء من الأضحية والانتفاع بجلدها:

- ‌المطلب السادس: إذا اشترى أضحية فهل يجوز له أن يبدلها بخير منها

- ‌المطلب السابع: نقل الأضحية:

- ‌المبحث الخامسالأضحية عن الميت

- ‌أدلة القول الأول:

- ‌أدلة القول الثاني:

- ‌أدلة القول الثالث:

- ‌مناقشة الأدلة:ردُّ المجيزين للأضحية عن الميت على المانعين:

- ‌ردّ المانعين للأضحية عن الميت على المجيزين:

- ‌القول الراجح:

- ‌قائمة المصادر

الفصل: ‌أدلة القول الأول:

[أما الأضحية عن الميت فإنه بمقتضى التتبع والاستقراء لكتب الصحاح والسنن والمسانيد والتفاسير والسير، لم نجد دليلاً صريحاً من كتاب الله، ولا حديثاً صحيحاً عن رسول الله يأمر بالأضحية عن الميت أو يشير إلى فضلها ووصول ثوابها إليه ولم ينقل أحد من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يضحون لموتاهم ولم يذكر فعلها عن أحد منهم

] (1).

‌أدلة القول الأول:

1.

احتجوا بما رواه أبو داود في باب الأضحية عن الميت بإسناده قال: (حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: أخبرنا شريك عن أبي الحسناء عن الحكم عن حنش قال: رأيت علياً رضي الله عنه يضحي بكبشين فقلت له ما هذا؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني أن أضحي عنه، فأنا أضحي عنه) والحديث سكت عنه أبو داود (2).

ورواه الترمذي أيضاً ولفظه: (عن حنش عن علي رضي الله عنه أنه كان يضحي بكبشين أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم والآخر عن نفسه فقيل له. فقال: أمرني به - يعني النبي صلى الله عليه وسلم فلا أدعه

أبداً)، وقال الترمذي:[هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك](3).

وقد رواه الإمام أحمد في المسند باللفظين السابقين (4).

ورواه الحاكم وقال: [هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأبو الحسناء هذا هو الحسن بن حكم النخعي، وقال الذهبي: صحيح](5).

ورواه البيهقي ثم قال: [

وهو إن ثبت يدل على جواز التضحية عمن خرج من دار الدنيا من المسلمين] (6).

2.

واحتجوا أيضاً بما رواه مسلم بإسناده عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد ويبرك في سواد، وينظر في سواد، فأتي به ليضحي به، فقال لها: يا عائشة هلمي المدية، ثم قال: اشحذيها بحجر. ففعلت، ثم أخذها وأخذ

(1) الدلائل العقيلة والنقلية في تفضيل الصدقة عن الميت على الضحية ص51 - 52.

(2)

سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود 7/ 344.

(3)

سنن الترمذي مع شرحه التحفة 5/ 65.

(4)

الفتح الرباني 13/ 109 - 110.

(5)

المستدرك 4/ 255 - 256.

(6)

سنن البيهقي 9/ 288.

ص: 166

الكبش ثم أضجعه ثم ذبحه، ثم قال: باسم الله اللهم تقبل من محمد، وآل محمد ومن أمة محمد ثم ضحى به) رواه مسلم (1).

فهذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن الميت؛ لأنه ضحى عن آل محمد وعن أمة محمد، ومنهم من كان قد مات.

3.

واحتجوا بما جاء في الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (ذبح النبي صلى الله عليه وسلم يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين موجوئين، فلما وجههما قال: إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض على ملة إبراهيم حنيفاً، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي، لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك، وعن محمد وأمته باسم الله والله أكبر ثم ذبح) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد والدارمي وقد مضى.

والشاهد في هذا الحديث كسابقه حيث إن فيه التضحية عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أمته صلى الله عليه وسلم من كان قد مات.

4.

واحتجوا بما جاء في الحديث عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين، فإذا صلى وخطب الناس أتي بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية ثم يقول:

اللهم هذا عن أمتي جميعاً، من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ، ثم يؤتى بالآخر فيذبحه بنفسه ويقول: هذا عن محمد وآل محمد، فيطعمهما جميعاً المساكين ويأكل هو وأهله منهما، فمكثنا سنين ليس رجل من بني هاشم يضحي قد كفاه الله المئونة برسول الله صلى الله عليه وسلم والغرم) رواه أحمد (2).

وقال الهيثمي: وإسناده حسن (3)، وحسنه الشيخ الألباني أيضاً (4).

وهذا الحديث له شواهد كثيرة ذكرها الهيثمي (5).

(1) صحيح مسلم مع شرح النووي 4/ 106.

(2)

الفتح الرباني 13/ 61 - 62.

(3)

مجمع الزوائد 4/ 21.

(4)

تخريج أحاديث شرح العقيدة الطحاوية ص516.

(5)

مجمع الزوائد 4/ 22 - 23.

ص: 167

قال شارح العقيدة الطحاوية: [والقربة في الأضحية إراقة دم وقد جعلها لغيره](1).

5.

وقالوا إن الميت ينتفع بسعي الحي وقد قامت الأدلة الكثيرة على ذلك.

قال شارح العقيدة الطحاوية: [والدليل على انتفاع الميت بغير ما تسبب فيه الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح.

أما الكتاب فقال الله تعالى:} وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ {سورة الحشر الآية 10.

فأثنى عليهم باستغفارهم للمؤمنين قبلهم، فدل على انتفاعهم باستغفار الأحياء.

وقد دلّ على انتفاع الميت بالدعاء، إجماع الأمة على الدعاء له في صلاة الجنازة والأدعية التي وردت بها السنة في صلاة الجنازة مستفيضة. وكذا الدعاء له بعد الدفن.

ففي سنن أبي داود من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت، وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل).

وكذلك الدعاء لهم عند زيارة قبورهم كما في صحيح مسلم من حديث بريدة بن الحصيب قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا:

السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية).

وفي صحيح مسلم أيضاً عن عائشة رضي الله عنه: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم كيف تقول إذا استغفرت لأهل القبور؟ قال: قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون).

وأما وصول ثواب الصدقة، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها:(أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أمي افتلتت نفسها ولم توصِ، وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم).

وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (أن سعد بن عبادة توفيت أمه وهو غائب عنها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي توفيت وأنا غائب عنها

(1) شرح العقيدة الطحاوية ص516.

ص: 168

فهل ينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم. قال: فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عنها) وأمثال ذلك كثيرة في السنة.

وأما وصول ثواب الصوم ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مات وعليه صيام صام عنه وليه).

وله نظائر في الصحيح، ولكن أبو حنيفة رحمه الله قال بالإطعام عن الميت دون الصيام عنه لحديث ابن عباس المتقدم والكلام على ذلك معروف في كتب الفروع.

وأما وصول ثواب الحج، ففي صحيح البخاري عن أن عباس رضي الله عنهما:(أن امرأة من جهنية جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله فالله أحق بالوفاء) ونظائره أيضاً كثيرة.

وأجمع المسلمون على أن قضاء الدين يسقطه من ذمة الميت، ولو كان من أجنبي ومن غير تركته، وقد دل على ذلك حديث أبي قتادة: حيث ضمن الدينارين عن الميت فلما قضاهما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الآن برَّدت عليه جلدته) وكل ذلك جار على قواعد الشرع، وهو محض القياس، فإن الثواب حق العامل، فإذا وهبه لأخيه المسلم لم يمنع من ذلك، كما لم يمنع من هبة ماله في حياته، وإبرائه له منه بعد وفاته، وقد نبه الشارع بوصول ثواب الصوم، على وصول ثواب القراءة ونحوها من العبادات البدنية.

يوضحه: أن الصوم كف النفس عن المفطرات بالنية، وقد نص الشارع على وصول ثوابه إلى الميت، فكيف بالقراءة التي هي عمل ونية؟!] (1).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [

وهو - أي الميت - ينتفع بكل ما يصل إليه من كل مسلم، سواء كان من أقاربه أو غيرهم، كما ينتفع بصلاة المصلين عليه ودعائهم له عند قبره] (2).

(1) شرح العقيدة الطحاوية ص 512 - 514، وانظر الروح ص118 - 122، مجموع الفتاوى 24/ 366.

(2)

مجموع الفتاوى 24/ 367.

ص: 169