الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: الاشتراك في الأضحية في الإبل والبقر فقط:
المراد بالاشتراك، هنا هو أن يشترك سبعة أشخاص في ثمن بقرة أو ناقة ثم يذبحونها أضحية عنهم لكل منهم سُبع.
وليس المراد بالاشتراك هنا أن يشتريها واحدٌ فيذبحها ويُشَرِّك غيره في الأجر، فهذا جائز بالاتفاق.
وقد اختلف الفقهاء في مسألة اشتراك سبعة أشخاص في ثمن بقرة أو ناقة كما يلي:
القول الأول: يجوز اشتراك سبعة في بقرة أو ناقة للتضحية بها، سواء كانوا كلهم أهل بيت واحد، أو متفرقين، أو بعضهم يريد اللحم، وبعضهم يريد القربة، وسواء كانت أضحية منذورة أو تطوعاً.
وهذا مذهب الشافعية والحنابلة.
وأجاز داود الظاهري الاشتراك في أضحية التطوع دون الواجبة (1).
وقال الحنفية يجوز الاشتراك بشرط أن يكون السبعة متقربين فإن كان أحدهم يريد اللحم لم تجزئ (2).
وقالت الهادوية يجوز الاشتراك بشرط اتفاق غرض الشركاء ولا يصح مع الاختلاف (3).
القول الثاني: لا يجوز الاشتراك في الأضحية، وهو قول المالكية، فلا يجزئ عندهم أن يشترك سبعة في بقرة أو بدنة، بأن يسهم كلٌ منهم بشيء من الثمن، فإن فعلوا فلا تجزئ عن واحد منهم (4).
ويدل لقول الجمهور بجواز الاشتراك حديث جابر السابق وفيه (نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة) رواه مسلم.
وحديث حذيفة أيضاً وقد سبق وفيه (أن الرسول صلى الله عليه وسلم شَرَّكَ في حجته بين المسلمين في البقرة عن سبعة).
(1) المجموع 8/ 398، المغني 9/ 438، 458.
(2)
بدائع الصنائع 4/ 208.
(3)
سبل السلام 4/ 178.
(4)
بلغة السالك 1/ 287، الذخيرة 4/ 152، حاشية الدسوقي 2/ 119.
ويؤيد ذلك ما رواه البيهقي عن علي وحذيفة وأبي مسعود الأنصاري وعائشة رضي الله عنهم أنهم قالوا البقرة عن سبعة (1).
واحتج المالكية بحديث مالك عن ابن شهاب الزهري: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يذبح عن أهل بيته إلا بقرة واحدة).
قال الحافظ ابن عبد البر: [وقد رواه غير مالك عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر عن نسائه بقرة واحدة.
ولا يصح من جهة النقل.
وروي من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مثله.
ذكر أبو عيسى الترمذي قال: حدثني إسحاق بن منصور
…
عن أبي هريرة قال: (ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عمَّن اعتمر من نسائه في حجة الوداع بقرة بينهن).
قال أبو عيسى: سألت محمد بن إسماعيل – يعني الإمام البخاري – عن هذا الحديث؟
فقال: إن الوليد بن مسلم لم يقل فيه حدثنا الأوزاعي وأراد أخذه عن يوسف بن السفر، ويوسف بن السفر ذاهب الحديث، وضعف محمدٌ – أي البخاري – هذا الحديث] (2).
وقاس بعض المالكية المنع من الاشتراك في الإبل والبقر على منع الاشتراك في الشاة الواحدة.
ولم يرتض الحافظ ابن عبد البر هذا القياس (3).
وقال الإمام النووي: [وأما قياسه على الشاة، فعجب لأن الشاة إنما تجزئ عن واحد](4)
والراجح هو القول الأول بجواز الاشتراك في الإبل والبقر لقوة الأدلة، ولأن الصحابة كانوا يفعلون ذلك كما سبق في المطلب الأول من هذا المبحث.
(1) سنن البيهقي 9/ 295.
(2)
الاستذكار 15/ 185 - 186.
(3)
المصدر السابق 15/ 186.
(4)
المجموع 8/ 399.