الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والذي أميل إليه أن الأضحية المنذورة يتصدق بها كلها، ولا يأكل منها شيئاً خروجاً من الخلاف، والله أعلم.
المطلب الثالث: الادخار من لحم الأضحية:
ثبت في الأحاديث الصحيحة، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ادخار لحوم الأضاحي، في إحدى السنوات، ثم أذن في الادخار بعد ذلك، أي أن النهي عن الادخار منسوخ، وبهذا قال جماهير أهل العلم (1)، ومن هذه الأحاديث:
1.
عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن واقد قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث. قال عبد الله بن أبي بكر: فذكرت ذلك لعمرة – بنت عبد الرحمن الأنصارية - فقالت: صدق سمعت عائشة تقول: دفَّ أهل أبيات من أهل البادية حضرة الأضحى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله: ادخروا ثلاثاً ثم تصدقوا بما بقي. فلما كان بعد ذلك قالوا: يا رسول الله، إن الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم، ويجملون منها الودك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما ذاك؟ قالوا: نهيت أن تؤكل لحوم الضحايا بعد ثلاث. فقال: إنما نهيتكم من أجل الدافة، فكلوا وادخروا وتصدقوا) رواه مسلم (2).
2.
وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: (من ضحى منكم فلا يصبحن في بيته بعد ثالثة شيئاً، فلما كان العام المقبل قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا عام أول؟
فقال: لا؛ إن ذاك عام كان الناس فيه بجهد فأردت أن يفشوا فيهم) رواه البخاري (3).
3.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا أهل المدينة لا تأكلوا لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهم عيالاً وحشماً وخدماً.
فقال: كلوا وأطعموا واحبسوا أو ادخروا) رواه مسلم (4). وغير ذلك من الأحاديث.
(1) المجموع 8/ 418، الحاوي 15/ 116، الفتح الرباني 13/ 108، نيل الأوطار 5/ 147، فتح الباري 12/ 125، المغني 9/ 449، بذل المجهود 13/ 41، طرح التثريب 5/ 194.
(2)
صحيح مسلم بشرح النووي 5/ 112 - 113.
(3)
صحيح البخاري مع الفتح 12/ 121 - 122.
(4)
صحيح مسلم بشرح النووي 5/ 115.
قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم، يجوز ادخار لحوم الأضاحي بعد ثلاث وإن النهي منسوخ.
وقال ابن حزم الظاهري: [إن النهي عن الادخار ليس منسوخاً، بل كان لعلة، فلما زالت زال، وإذا رجعت رجع النهي](1).
وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (2).
قلت والراجح ما ذهب إليه جماهير علماء المسلمين من أن النهي عن الادخار منسوخ.
قال الإمام النووي: [
…
والصحيح نسخ النهي مطلقاً، وأنه لم يبق تحريم ولا كراهة، فيباح اليوم الادخار فوق ثلاث ليال، والأكل إلى متى شاء] (3).
واستدل الإمام النووي على ذلك بما ورد في حديث بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فأمسكوا
ما بدا لكم
…
) رواه مسلم.
ويدل على نسخ النهي عن الادخار، ما جاء عن عبد الرحمن بن عابس عن أبيه قال:
(قلت لعائشة: أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث؟ قالت: ما فعله إلا في عام جاع الناس فيه فأراد أن يطعم الغنيُ الفقيَر، وإنْ كنَّا لنرفع الكُراع فنأكله بعد خمسة عشرة، قيل ما اضطركم إليه؟ فضحكت، قالت: ما شبع آلُ محمد صلى الله عليه وسلم من خبز بُرٍ مأدومٍ ثلاثة أيام حتى لحق بالله) رواه البخاري (4).
(1) المحلى 6/ 48، وانظر طرح التثريب 5/ 197.
(2)
الاختيارات العلمية ص71.
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم 5/ 113.
(4)
صحيح البخاري مع الفتح 11/ 484.