الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء في الفتاوى الهندية: [وتقدير هذه الأسنان بما قلنا يمنع النقصان ولا يمنع الزيادة حتى ولو ضحى بأقل من ذلك شيئاً لا يجوز ولو ضحى بأكثر من ذلك شيئاً يجوز ويكون أفضل ولا يجوز في الأضحية حمل ولا جدي ولا عجول ولا فصيل](1).
وينبغي أن يعلم أنه ليس المقصود من الأضحية اللحم فقط، وتوزيعه صدقة أو هدية، وإنما يقصد بالأضحية أيضاً تعظيم شعائر الله عز وجل، وإراقة الدم كوسيلة من وسائل الشكر لله تعالى، قال الله تعالى:} ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {سورة الحج الآية 32.
وكذلك الامتثال لأمر الله عز وجل بإراقة الدم، اقتداءً بإبراهيم عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى:} لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ {سورة الحج
الآية 37. (2)
الشرط الثالث
أن تكون الأضحية سليمة من العيوب المانعة من صحة الأضحية
لمَّا كانت الأضحية قربة يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل، والله طيب لا يقبل إلا طيباً، فينبغي أن تكون الأضحية، طيبة، وسمينة، وخالية من العيوب التي تنقص من لحمها وشحمها، فقد ثبت في الحديث عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أربعٌ لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين عرجها والكسير التي لا تنقي.
قال: – أي الراوي عن البراء وهو عبيد بن فيروز – قلت: فإني أكره النقص في السن.
(1) الفتاوى الهندية 5/ 297.
(2)
يسألونك 3/ 101 - 103.
قال: - أي البراء – ما كرهتَ فدعه، ولا تحرمه على أحد) رواه أصحاب السنن.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم.
وصححه الشيخ الألباني (1).
وحديث البراء هذا هو الأصل في باب العيوب في الأضحية وبناءً عليه قال أهل العلم
لا يجزئ في الأضاحي ما يلي:
أولاً: العوراء البين عورها، ومن باب أولى العمياء.
ثانياً: المريضة البين مرضها.
ثالثاً: العرجاء البين عرجها، ومن باب أولى مقطوعة الرجل.
رابعاً: الكسير التي لا تنقي، وهي التي لا تقوم ولا تنهض من الهزال.
قال الحافظ ابن عبد البر: [أما العيوب الأربعة المذكورة في هذا الحديث فمجتمع عليها لا أعلم خلافاً بين العلماء فيها. ومعلوم أن ما كان في معناها داخل فيها ولا سيما إذا كانت العلة فيها أبين، ألا ترى أن العوراء إذا لم تجز فالعمياء أحرى ألا تجوز، وإذا لم تجز العرجاء فالمقطوعة الرجل أو التي لا رجل لها المقعدة أحرى ألا تجوز، وهذا كله واضح لا خلاف فيه](2).
وحديث البراء رضي الله عنه يدل على أن المرض الخفيف لا يضر، وكذا العرج الخفيف الذي تلحق به الشاة الغنم لقوله صلى الله عليه وسلم البين مرضها، والبين عرجها وكذا ما كان فيها هزال خفيف.
والمرض البين هو المفسد للحم والمنقص للثمن؛ فلا تجزئ كما لو كانت جرباء أو كان بها بُثُورٌ وقروح. وكذا العجفاء التي لا تنقي، فالعجف فرط الهزال المذهب للَّحم.
والتي لا تنقي أي لا مخ فيها لعجفها (3).
وقد وردت بعض الأحاديث الأخرى في العيوب التي تمنع إجزاء الأضحية أذكرها وأبيِّنُ ما قال أهل الحديث فيها:
(1) سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود 7/ 357 - 358، سنن الترمذي مع شرحه التحفة 5/ 67، سنن النسائي 7/ 214، سنن ابن ماجة 2/ 1050، إرواء الغليل 4/ 361.
(2)
فتح المالك 7/ 6.
(3)
الحاوي 15/ 81 - 82، وانظر الاستذكار 15/ 125.
1.
عن يزيد ذو مصر قال: (أتيت عتبة بن عبدٍ السُلمي فقلت: يا أبا الوليد إني خرجت ألتمس الضحايا فلم أجد شيئاً يعجبني غير ثرماء فكرهتها فما تقول. قال: أفلا جئتني بها. قلت: سبحان الله تجوز عنك ولا تجوز عني. قال: نعم إنك تشك ولا أشك، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المصفرة والمستأصَلة والبخقاء والمشيَّعة وكسرى.
والمصفرة التي تستأصل أذنها حتى يبدو سماخها.
والمستأصَلة التي استؤصل قرنها من أصله.
والبخقاء التي تُبخق عينها والبخق هو أقبح العور.
والمشيعة التي لا تتبع الغنم عجفاً وضعفاً.
والكسراء هي الكسيرة).
رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري (1) ورواه أحمد (2) والحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وسكت عنه الذهبي (3).
2.
وروى أبو داود بإسناده عن شريح بن النعمان وكان رجل صدق عن علي رضي الله عنه قال:
(أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذنين ولا نضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرقاء).
قال زهير – أحد رجال السند – فقلت لأبي إسحاق أذكر عضباء؟ قال: لا.
قلت: فما المقابلة؟ قال: يقطع طرف الأذن.
قلت: فما المدابرة؟ قال: يقطع من مؤخر الأذن.
قلت: فما الشرقاء؟ قال: تشق الأذن.
قلت: فما الخرقاء؟ قال: تخرق أذنها للسِّمة) (4).
ورواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح؛ ثم قال قوله: أن نستشرف، أي أن ننظر صحيحاً (5). والمقصود أن ننظر إليهما ونتأمل في سلامتهما من آفة تكون بهما.
(1) سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود 7/ 358.
(2)
الفتح الرباني 13/ 78.
(3)
المستدرك 4/ 250 - 251.
(4)
سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود 7/ 359، وانظر الاستذكار 15/ 127 - 128.
(5)
سنن الترمذي مع شرحه التحفة 5/ 68.