الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول ابن عبد البر رحمه الله: «واجتهاد الرأي على الأصول عندما ينزل بالعلماء من النوازل في أحكامهم» (1).
ويقول النووي: -في معرض شرحه لقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين قرر محاربة المرتدين: «والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه» -: «وفيه اجتهاد الأئمة في النوازل، وردها إلى الأصول» (2).
OOOOO
المطلب الثاني: أهمية دراسة النوازل في باب المُفَطِّرات المعاصرة:
مما لا يخفى أن الوقائع الحياتية تتجدد وتتطور، وأن النصوص الشرعية متناهية، والمستجدات غير متناهية، فلزم إرجاع تلك المستجدات إلى أصولها، فكل نازلة لها حكم، وكل حادثة لها نص كلي أو تفصيلي ترجع إليه. وقد استجدت أحكام ولم تستجد نصوص، ولهذا بقي الإسلام شامخاً راسخاً، فاستوعب المكان وساير الزمان. فما من معضلة ولا مشكلة إلا وفيه حل لها، ولا نازلة إلا وعنده جوابها.
قال السرخسي: «ما من حادثة إلا وفيها حكم لله تعالى من تحليل أو تحريم
(1) ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله النمري، جامع بيان العلم وفضله، (بيروت: دار الكتب العلمية، د. ط، 1398 هـ) ج 2، ص 171.
(2)
النووي، يحيى بن شرف بن مري، شرح صحيح مسلم، (بيروت: دار إحياء التراث العربي، الطبعة الثانية 1392 هـ) ج 1، ص 213.
أو إيجاب أو إسقاط، ومعلوم أنَّ كل حادثة لا يوجد فيها نص، فالنصوص معدودة متناهية، ولا نهاية لما يقع من الحوادث إلى قيام الساعة، والصحابة ما اشتغلوا باعتماد نص في كل حادثة طلباً أو رواية، فعرفنا أنه لا يوجد نص في كل حادثة» (1).
والنوازل المستجدة التي تستدعي حكماً شرعياً تنقسم إلى قسمين من حيث أهميتها:
الأول: ما يندر وقوعها وحاجة المكلفين إليها، مثل: إعادة العضو المقطوع في حَدٍّ أو قصاص، وزراعة الأعضاء، واللجوء السياسي، ونحوها.
الثاني: مسائل يكثر وقوعها وتعظم الحاجة إليها عند عموم المكلفين، مثل: الصلاة في الطائرة، والبطاقات البنكية، ونحوها (2).
وإذا نظرنا إلى مسائل ونوازل المُفَطِّرات الطبية وجدنا أنها من القسم الثاني؛ لأنها تتعلق بفرض عيني يلزم جميع المكلفين، وعلاقتها بهذا الفرض صحة وفساداً، وليس تكميلاً. فإذا تبين هذا أصبح النظر فيها من أهم الفروض وأوجب الأولويات لتعلقها بركن من أركان الإسلام.
ومع التطور الطبي ووجود تصوير تشريحي دقيق لجسم الإنسان، ووجود أجهزة وعقاقير متنوعة تستخدم لعلاج الإنسان أصبحت من ضروريات حياته
(1) السرخسي، شمس الدين محمد بن أحمد، أصول السرخسي، مرجع سابق، ج 2، ص 139.
(2)
الجيزاني، مجمد حسين فقه النوازل، مرجع سابق، ج 1،ص 28.
ظهرت قرارات وفتاوى حول الكثير من المُفَطِّرات الطبية المعاصرة، إلا أنّ غياب دراسة تحمل التوجه الاجتهادي في هذه النوازل جعل الحاجة ملحة، والواجب أشد آكدية لدراستها.