المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابع: معجون الأسنان ومطهرات الفم ومعالجاته: - المفطرات الطبية المعاصرة دراسة فقهية طبية مقارنة

[عبد الرزاق الكندي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ توطئة:

- ‌ موضوع البحث وأهميته:

- ‌ مشكلة البحث:

- ‌ أسئلة البحث:

- ‌ أهداف البحث:

- ‌ أسباب اختيار الموضوع:

- ‌ ما ستضيفه هذه الدراسة:

- ‌ منهجية البحث:

- ‌ هيكل البحث:

- ‌الفصل الأولالتعريفات المنهجية، وأهمية دراسة نوازل الصيام، وضوابط الفتيا فيها، والعلاقة بين الفقه والطب

- ‌المبحث الأولالتعريفات المنهجية للمُفَطِّرات الطبية المعاصرة

- ‌المطلب الأول: تعريف الصوم:

- ‌المطلب الثاني: تعريف المُفَطِّرات:

- ‌المطلب الثالث: استخدام مصطلح المُفَطِّرات:

- ‌المطلب الرابع: تعريف الطب:

- ‌المطلب الخامس: تعريف المعاصرة:

- ‌المبحث الثانيأهمية دراسة النوازل في باب المُفَطِّرات

- ‌المطلب الأول: تعريف النوازل لغة واصطلاحاً:

- ‌المطلب الثاني: أهمية دراسة النوازل في باب المُفَطِّرات المعاصرة:

- ‌المبحث الثالثشروط الفتوى في النوازل، ومن له حق الإفتاء فيها

- ‌المبحث الرابعالعلاقة بين الفقه والطب

- ‌المطلب الأول: علاقة الفقه بالطب، ومكانة الطب في الشريعة الإسلامية:

- ‌المطلب الثاني: جهود العلماء المسلمين في مجال الطب:

- ‌المطلب الثالث: اعتماد بعض الأحكام الشرعية على التخصصات الطبية:

- ‌المبحث الخامسحكم التداوي

- ‌المطلب الأول: تعريف التداوي:

- ‌المطلب الثاني: حكم التداوي:

- ‌المطلب الثالث: حكم التداوي للصائم:

- ‌الفصل الثانيتقرير قواعد الفقهاء في باب المُفَطِّرات

- ‌المبحث الأولالمُفَطِّرات المجمع عليها والمختلف فيها

- ‌المطلب الأول: المُفَطِّرات المجمع عليها:

- ‌المطلب الثاني: المُفَطِّرات المختلف فيها:

- ‌المبحث الثانيالموسعون والمضيقون في باب المُفَطِّرات

- ‌المطلب الأول: مذهب الموسعين في المُفَطِّرات:

- ‌المطلب الثاني: مذهب المضيقين في المُفَطِّرات:

- ‌المبحث الثالثتحديد الجوف وضابطه عند الفقهاء والأطباء

- ‌المطلب الأول: تعريف الجوف في اللغة:

- ‌المطلب الثاني: الجوف في النصوص الشرعية:

- ‌المطلب الثالث: الجوف عند الفقهاء:

- ‌المطلب الرابع: الجوف عند الأطباء المعاصرين (1)

- ‌المطلب الخامس: مناقشة تقرير الفقهاء للجوف:

- ‌المبحث الرابعضابط المُفَطِّرات

- ‌الفصل الثالثالمُفَطِّرات الطبية المعاصرة

- ‌المبحث الأولما يدخل الجسم عبر منافذ الوجه

- ‌المطلب الأول: بخاخ الربو وملحقاته:

- ‌المطلب الثاني: غاز الأكسجين:

- ‌المطلب الثالث: غاز التخدير (Gas anesthesia)

- ‌المطلب الرابع: معجون الأسنان ومطهرات الفم ومعالِجاته:

- ‌المطلب الخامس: منظار المعدة:

- ‌المطلب السادس: قطرات الأنف وملحقاتها:

- ‌المطلب السابع: قطرات العين، وملحقاتها:

- ‌المطلب الثامن: قطرات الأذن وملحقاتها:

- ‌المطلب التاسع: الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان:

- ‌المبحث الثانيما يدخل الجسم عبر الجلد نفاذًا وامتصاصاً

- ‌المطلب الأول: الحقن العضلية والجلدية والوريدية

- ‌المطلب الثاني: حقْن الدم في الوريد:

- ‌المطلب الثالث: الغسيل الكلوي البريتوني (1) (Peritoneal dialysis)

- ‌المطلب الرابع: منظار البطن (LAPROSCOPE):

- ‌المطلب الخامس: القسطرة القلبية (Cardiac Catheterization):

- ‌المطلب السادس: الدهانات والمراهم واللصقات العلاجية والتجميلية

- ‌المبحث الثالثما يدخل الجسم عبر الجهاز التناسلي والشرج

- ‌المطلب الأول: ما يدخل عبر الجهاز التناسلي للمرأة:

- ‌المطلب الثاني: ما يدخل عبر الجهاز البولي

- ‌المطلب الثالث: ما يدخل عن طريق الشرج:

- ‌المبحث الرابعالخارج من البدن

- ‌المطلب الأول: الغسيل الكلوي الدموي (Hemo dialysis):

- ‌المطلب الثاني: التبرع بالدم:

- ‌المطلب الثالث: أخذ الدم للتحليل:

- ‌المطلب الرابع: شفط الدهون (Liposuction):

- ‌الخاتمة

- ‌النتائج والتوصيات

- ‌ التوصيات:

الفصل: ‌المطلب الرابع: معجون الأسنان ومطهرات الفم ومعالجاته:

‌المطلب الرابع: معجون الأسنان ومطهرات الفم ومعالِجاته:

يدخل تحت هذا المطلب صور كثيرة منها: معجون الأسنان، والخيط السني، وغسول الفم.

• المسالة الأولى: استخدام معجون الأسنان:

الجانب الطبي:

الأسنان عظام حية، وداخل كل سن يوجد نسيج حي يسمى لب السن، ويحتوي على شعيرات دموية تغذي السِّن، وعلى أعصاب تمكنه من الشعور بالبرودة والحرارة، والضغط والألم، ويحيط باللب مادة قاسية تدعى العاج (Dentin) ويغطي جزء السن الظاهر في الفم طبقة قاسية بيضاء اللون تدعى الميناء (Enamel)، وتحيط اللثة بأعناق الأسنان بإحكام بينما تنغرس جذور الأسنان بثبات في تجاويف خاصة داخل عظم الفك (1).

وتتعرض الأسنان للنخر والتسوس والترسبات الناتجة من فضلات الطعام، فتصبح مرتعاً للجراثيم والبكتيريا، وهذا يؤدي لتصبغ الأسنان وتلفها وحدوث الألم (2).

وقد كان من محاسن شريعتنا الغرَّاء الأمر بالمحافظة على نظافة الأسنان وجمالها فحثت على السواك، ورتبت الأجر على استخدامه، وهو الذي يحتوي على

(1) انظر: عرموش، هاني، دليل الأسرة الطبي، مرجع سابق، ص 544.

(2)

المرجع السابق، ص 545.

ص: 192

مواد كيميائية منظفة ومطهرة، وقد حاول الناس صنع مواد تساعد على تنظيف الأسنان، وأقدم محاولة معروفة لتصنيع المعجون كانت في مصر في القرن الرابع الميلادي، وكان ذاك الخليط مكونا من ملح مطحون، وفلفل، وأوراق نعناع، وزهور السوسن.

وعلى كل حال فإنّ معاجين ومساحيق الأسنان لم ينتشر استعمالها كثيراً إلا في أوائل القرن العشرين، حيث تم إضافة الفلوريد إليها.

والخلاصة أنّ معجون الأسنان هو تركيبة كيميائية لها طعم نفاذ، وبنكهات مختلفة، تستعمل لتنظيف الأسنان بواسطة الفرشاة. فما هو حكم استعمالها حال الصيام (1).

3:14 صورة لمعجون الأسنان

(1) انظر: موقع الموسوعة الصحية الحديثة، http://www.se 77 ah.com/art-218 - ، تاريخ التصفح 4/ 6/2010 م.

ص: 193

الجانب الفقهي:

التكييف الفقهي:

استخدام المعجون يتكيف على صورتين فقهيتين تحدث عنهما فقهاء المذاهب:

الصورة الأولى: حكم ما دخل إلى الفم ولم يتجاوز الحلق.

الصورة الثانية: حكم السواك في نهار رمضان.

التخريج الفقهي للصورة الأولى: (حكم ما دخل إلى الفم (1) ولم يتجاوز الحلق).

تحدث الفقهاء المتقدمون –رحمهم الله عن مسألة الفم وهل له حكم الظاهر أم الباطن، وهل ما يصل إليه مؤثر في الصيام؟

ومن خلال أقوالهم يتبين أنّ المذاهب الأربعة على أنّ ما يدخل الفم ولا يصل إلى الحلق لايفسد الصوم، فالفم له حكم الظاهر عندهم.

• الحنفية:

قال السرخسي: «والفم في حكم الظاهر. ألا ترى أن الصائم يتمضمض فلا

(1) والفم يبدأ من باطن الشفتين إلى أول الحلق، فما بين باطن الشفتين والحلق يسمى:(فماً)، وهو موضع المضمضة في الوضوء. انظر: السلامي، محمد المختار، بحث المُفَطِّرات، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، ج 2، ص 24.

ص: 194

يضره ذلك» (1).

• المالكية:

قال المغربي: «وداخل الفم له حكم الظاهر» (2).

• الشافعية:

قال النووي: «النخامة إن لم تحصل في حد الظاهر من الفم لم تضر بالاتفاق» (3).

وحد الظاهر عندهم ما قبل الحلق.

قال النووي نقلاً عن الغزالي: «مخرج الحاء المهملة من الباطن، والخاء المعجمة من الظاهر؛ لأن المهملة تخرج من الحلق والحلق باطن» (4).

• الحنابلة:

قال ابن قدامه: «ولأنَّ الفم في حكم الظاهر فلا يبطل الصوم بالواصل إليه» (5).

فهذه نصوص العلماء من المذاهب الأربعة تبين أنهم متفقون على أنّ الفم له

(1) السرخسي، شمس الدين محمد بن أحمد، المبسوط، مرجع سابق، ج 3، ص 93.

(2)

المغربي، محمد بن عبد الرحمن، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، مرجع سابق، ج 1، ص 135.

(3)

والنووي، يحيى بن شرف الدين، المجموع شرح المهذب، مرجع سابق، ج 6، ص 328.

(4)

المرجع السابق، ج 6، ص 328.

(5)

ابن قدامة، عبد الله بن أحمد المقدسي، الشرح الكبير، (د. ط، د. ت) ج 3، ص 44.

ص: 195

حكم الظاهر.

ومن خلال هذه النقول يتضح لنا أن حكم ما دخل إلى الفم دون أنْ يتجاوز الحلق لا يعتبر مُفَطِّراً عندهم جميعاً، وفي ضوء هذا يكون استخدام المعجون غير مؤثر ما لم يدخل إلى الحلق.

التخريج للصورة الثانية: حكم السواك في نهار رمضان.

المسألة الأولى: حكم السواك للصائم.

اتفق الفقهاء -رحمهم الله تعالى - على جواز السواك للصائم في أول النهار، واختلفوا في حكم السواك للصائم بعد الزوال على قولين:

القول الأول: كراهة السواك للصائم بعد الزوال.

وهو مذهب الشافعية، ورواية عند الحنابلة.

• الشافعية:

قال النووي: «قال الشافعي والأصحاب: يكره للصائم السواك بعد الزوال، هذا هو المشهور، ولا فرق بين صوم النفل والفرض» (1).

وقال الشربيني: «ولا يكره بحال إلا للصائم بعد الزوال ولو نفلاً لخبر الصحيحين: «لخلوف الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» (2) والخلوف بضم

(1) النووي، يحيى بن شرف الدين، المجموع شرح المهذب، مرجع سابق، ج 6، 398.

(2)

رواه البخاري، كتاب الصوم، باب فضل الصوم، رقم:1795.

ص: 196

الخاء: تغير رائحة الفم» (1).

• الحنابلة:

قال ابن قدامة: «قال ابن عقيل: لا يختلف المذهب أنه لا يستحب للصائم السواك بعد الزوال، وهل يكره على روايتين:

إحداهما: يكره، وهو قول الشافعي.

والثانية: لا يكره (2).

وقال ابن مفلح: «باب السواك وغيره: يستحب في كل وقت، ويكره للصائم بعد الزوال، وعنه – أي عن الإمام أحمد-: يباح» (3).

أدلتهم:

1 -

حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللهُ عز وجل: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَسْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ

(1) الشربيني، محمد بن أحمد الخطيب، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، مرجع سابق، ج 1، ص 56.

(2)

ابن قدامة، عبد الله بن أحمد المقدسي، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل، مرجع سابق، ج 1، ص 70.

(3)

ابن مفلح، محمد المقدسي، الفروع وتصحيح الفروع، مرجع سابق، ج 1، ص 95.

ص: 197

فَرِحَ بِصَوْمِهِ» (1).

وجه الاستدلال:

أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، والخلوف يظهر غالباً بعد الزوال والسواك يزيله.

أجيب عنه:

بأن الحديث لا حجة فيه؛ لأنَّ الخلوف من خلو المعدة، والسواك لا يزيله، وإنما يزيل وسخ الأسنان.

2 -

القياس: حيث قالوا إنَّ خلوف فم الصائم أثر عبادة مستطاب شرعاً فلم يستحب إزالته كدم الشهداء (2).

3 -

حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا صُمْتُمْ فَاسْتَاكُوا بِالْغَدَاةِ وَلَا تَسْتَاكُوا بِالْعَشِيِّ، فَإِنَّ الصَّائِمَ إِذَا يَبِسَتْ شَفَتَاهُ كَانَ لَهُ نُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (3).

وأجيب عنه بأنّه حديث ضعيف لا يصح، فقد قال الدارقطني بعد روايته للحديث: «كيسان-أحد رواةالحديث- ليس بالقوي ثم أخرجه عن كيسان عن

(1) رواه البخاري، كتاب الصوم، باب هل يقول إني صائم إذا شتم، رقم: 1805، ومسلم كتاب الصيام، باب فضل الصيام، رقم:1151.

(2)

انظر: ابن قدامة، عبد الله بن أحمد المقدسي، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل، مرجع سابق، ج 1، ص 70.

(3)

رواه الداراقطني، كتاب الصيام، باب السواك، رقم: 7، والبيهقي، كتاب الصيام، باب من كره السواك بالعشي إذا كان صائما، رقم 8120.

ص: 198

يزيد بن بلال عن علي موقوفاً وقال كيسان ليس بالقوي ويزيد بن بلال غير معروف» (1).

القول الثاني: أن السواك جائز للصائم جميع النهار.

وهو مذهب: الحنفية، والمالكية، ورواية عند الحنابلة.

• الحنفية:

قال محمد بن الحسن الشيباني: «قال أبو حنيفة: لا بأس بالسواك للصائم في أية ساعة من ساعات النهار في أوله وفي آخره، وقال أهل المدينة بقول أبي حنيفة رحمه الله تعالى» (2).

وقال الكاساني: «وله أن يستاك بأي سواك كان رطباً أو يابساً، مبلولاً أو غير مبلول، صائماً كان أو غير صائم، قبل الزوال أو بعده؛ لأن نصوص السواك مطلقة» (3).

• المالكية:

قال ابن عبد البر: «وذكر مالك في هذا الباب أنه سمع أهل العلم لا

(1) الدارقطني، علي بن عمر، سنن الدارقطني، تحقيق: السيد عبد الله هاشم يماني المدني، (بيروت: دار المعرفة، د. ط، 1386 هـ - 1966 م) ج 2، ص 204، انظر: ابن حجر، أحمد بن علي أبو الفضل العسقلاني، التلخيص الحبير في أحاديث الرافعي الكبير، مرجع سابق، ج 2، ص 201.

(2)

الشيباني، محمد بن الحسن، الحجة على أهل المدينة، تحقيق: مهدي حسن الكيلاني القادري، بيروت: عالم الكتب، الطبعة الثالثة، 1403 هـ) ج 1، ص 411.

(3)

الكاساني، علاء الدين، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، مرجع سابق، ج 1، ص 19.

ص: 199

يكرهون السواك للصائم في رمضان في ساعة من ساعات النهار، لا في أوله، ولا في آخره» (1).

وقال الخرشي: في كلامه فيما يجوز للصائم: «وجاز سواك كل النهار» (2).

• الحنابلة في الرواية الأخرى:

قال ابن قدامة: «قال ابن عقيل: لا يختلف المذهب أنه لا يستحب للصائم السواك بعد الزوال، وهل يكره على روايتين: إحداهما: يكره، وهو قول الشافعي، والثانية: لا يكره» (3).

أدلتهم:

1 -

حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» (4).

وجه الاستدلال: أنّ هذا الحديث وغيره من الأحاديث التي تحث على السواك وترغب به جاءت مطلقة لم يقيدها الشارع بوقت، فدل على الاستحباب في كل الأوقات.

(1) ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله، الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار، تحقيق: سالم محمد عطا-محمد علي معوض، (بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى،2000 م) ج 3، ص 378.

(2)

الخرشي، محمد بن عبد الله، شرح مختصر خليل، مرجع سابق، ج 2، ص 259.

(3)

ابن قدامة، عبد الله بن أحمد المقدسي، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل، مرجع سابق، ج 1، ص 70.

(4)

رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب السواك يوم الجمعة، رقم:847.

ص: 200

2 -

القياس على المضمضة: فكما أنَّ المضمضة لا تكره للصائم أول النهار وآخره فكذلك السواك (1).

3 -

حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَا لَا أَعُدُّ، وَمَا لَا أُحْصِي يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ» (2).

وأجاب أصحاب القول الأول (القائلون بالكراهة بعد الزوال) على هذه الأدلة بالآتي:

1 -

قالوا: إنَّ هذه الأحاديث التي تحث على السواك عامة مخصوصة، والمراد بها غير الصائم آخر النهار (3).

2 -

أنَّ هذا قياس مع الفارق؛ لأنَّ المضمضة لا تزيل خلوف فم الصائم بينما السواك يزيله فافترقا في الحكم (4).

الترجيح في حكم السواك في نهار رمضان:

بعد النظر في الأقوال السابقة وأدلتهم ومناقشتها يرى الباحث أنَّ القول الراجح والأسعد بالدليل هو القول الثاني القائل بجواز السواك في كل النهار،

(1) المرجع السابق، نفس الصفحة.

(2)

رواه الترمذي، كتاب الصوم، باب ما جاء في السواك للصائم، رقم 752. قال الترمذي بعد روايته للحديث حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم.

(3)

انظر: النووي، يحيى بن شرف الدين، المجموع شرح المهذب، مرجع سابق، ج 3، 466.

(4)

انظر: الماوردي، علي بن محمد بن حبيب، الحاوي الكبير، تحقيق: الشيخ علي محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، (بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1419 هـ 999 ام) ج 3، ص 467.

ص: 201

وذلك لأنّ ما استدل به أصحاب القول الأول إما ضعيف، أو تخصيص لعموم الأحاديث الدالة على السواك في كل الأوقات بغير مخصص، ولأنَّ رائحة الخلوف تأتي من المعدة لخلوها من الطعام وبذا ينتفي التعليل الذي استند إليه المانعون للسواك آخر النهار.

الراجح في حكم استخدام المعجون:

بعد التكييف والتخريج الفقهي لمسألة استخدام المعجون وبيان صورته الطبية يتضح لنا أنَّ استخدام المعجون جائز إذا أمن الشخص عدم وصوله إلى الحلق، وذلك أنَّ الفم له حكم الظاهر.

وقد ذهب مجمع الفقه الإسلامي الى جواز استخدام معجون الأسنان حال الصيام إذا أمن الشخص وصوله إلى حلقه (1)، وبه أفتى دار الإفتاء بالأزهر (2)، واللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية (3)، وهو الذي سار عليه أغلب الفقهاء المعاصرين من أرباب الفتوى، منهم الشيخ ابن باز (4)، والشيخ ابن عثيمين (5)،

(1) انظر: قرارات مجلة مجمع الفقه الإسلامي المنعقد حول المُفَطِّرات، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، مرجع سابق، العدد العاشر، ج 2، ص 454.

(2)

انظر فتوى دار الإفتاء في موقع الدار على شبكة الإنترنت www.dar-alifta.org ، تاريخ التصفح 6/ 6/2010 م.

(3)

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، جمع وترتيب: أحمد بن عبد الرزاق الدويش، (الرياض: دار العاصمة، الطبعة الأولى، 1416 هـ) ج 10، ص 328.

(4)

انظر: ابن باز، عبد العزيز بن عبد الله، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، مرجع سابق، ج 15، ص 260.

(5)

العثيمين، محمد بن صالح، مجموع وفتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين، مرجع سابق، ج 19، ص 354.

ص: 202

والشيخ القرضاوي (1).

المسألة الثانية: غسول الفم ومعالِجاته:

من الأمراض الشائعة التي تصيب الفم التقرحات وفطريات اللثة وتكلس الأسنان وتجمع الجراثيم فيها مما يؤدي إلى التهابات في الفم واللثة وظهور رائحة كريهة، وقد تم التعرف على أكثر من (250) نوعًا من البكتيريا موجودة في الفم، وبعض هذه البكتيريا الموجودة في هذه الطبقة تعمل على مهاجمه اللثة مسببة التهابات في حواف اللثة، وفي الجزء الهرمي من نسيج اللثة، وقد يهاجم الأنسجة المحيطة بالأسنان حتى يصل إلى العظم الداعم للأسنان ويؤدي إلى حركة الأسنان وعدم ثباتها، وتكون النتيجة النهائية هي خلع هذه الأسنان (2).

كما أنه كلما زادت درجة التهابات اللثة زادت مخاطر الإصابة بالجلطة حيث ثبت أن البكتيريا المسببة لالتهابات اللثة تتحرك عبر الدورة الدموية إلى شرايين القلب وعند حدوث التهابات في هذه الشرايين يؤدي إلى تضيقها مسبباً الجلطة، وكذلك البكتيريا تؤدي إلى تجلط الدم مسببة الجلطة.

وفي مثل هذه الحالات يحتاج المريض لتناول بعض العلاجات الموضعية مثل

(1) والشيخ القرضاوي يرى جوازه بشرط استعماله على حذر لئلا يدخل إلى الحلق، ويرى الأفضل تأخير استخدامه إلى ما بعد الإفطار، انظر فتوى الشيخ القرضاوي على موقع على شبكة الإنترنت www.qaradawi.net ، تاريخ التصفح 6/ 6/2010 م.

(2)

انظر: موقع طبيب على شبكة الإنترنت، http://www.6 abib.com/t-8.htm، تاريخ التصفح 9/ 6/2010 م.

ص: 203

غسول الفم، وبخاخات إزالة الرائحة، والخيط السني المزود بمواد كيميائية، وتنظيف التكلسات من الأسنان بواسطة الطبيب (1).

3:15 صورة لتقرحات الفم

3:16 صورة لخيط الأسنان الطبي

الجانب الفقهي:

عند التأمل في حقيقة أدوية الفم من غسول فمي، ومعطر الفم، وأدوية المضمضة للفم نجد أنها تأخذ حكم معجون الأسنان من حيث التكييف والتخريج، والترجيح، فهي تستخدم في الفم لعلاج ما أصيب به، وليس مقصوداً إدخالها إلى الحلق، أو أنها تستخدم لتنظيفه فهي كالسواك. (2).

وقد أفتى المجمع الفقهي في دورته المنعقدة حول المُفَطِّرات بأن غسول الفم

(1) Slade، G.D.، Offenbacher، S. & Beck، J.D. 2000. Acute-phase inflammatory response to periodontal disease in the US population. J Dent Res. 79: 49 - 57

(2)

تم الاكتفاء بما سبق في المعجون تجنباً للإطالة والتكرار إذا أنّ الصورة واحدة.

ص: 204

ومعالجة الأسنان لا يفطر إذا لم يصل شيء من العلاجات إلى الحلق، حيث جاء في القرار ما يلي: الأمور التالية لا تعتبر من المفطرات:

حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.

المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق (1).

وبهذا أفتى الفقهاء المعاصرون (2)، ولا أعلم أحداً قال إنّ ذلك مفسد للصوم.

OOOOO

(1) انظر: قرارات مجمع الفقه الإسلامي المنعقد حول المُفَطِّرات، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، مرجع سابق، العدد العاشر، ج 2، ص 454. وقد اخترت في هذا الموطن أن أذكر نص القرار لتعدد الصور التي ذكروها في علاجات الفم والأسنان، فرأيت أن ذكرها أبلغ من مجرد الإحالة على المرجع بخلاف ما لو كان القرار حول صورة واحدة.

(2)

انظر: ابن باز، عبد العزيز بن عبد الله، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، مرجع سابق، ج 15، ص 259، وعويضة، محمود بن عبد اللطيف، الجامع لأحكام الصيام، مرجع سابق، ص 278.

ص: 205