الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع: منظار البطن (LAPROSCOPE):
هو عبارة عن منظار طبي يدخل إلى التجويف البطني عبر فتحة صغيرة في جدار البطن لإجراء التشخيص للأمراض مثل: أخذ خزعة من الكبد، أو الكلية، أو المبايض، أو إجراء العمليات الجراحية، كاستئصال المرارة والزائدة وغيرها من العمليات، ولا يصل إلى المعدة أو الأمعاء، وإنما ينظر في تجويف البطن والأحشاء (1).
3:35 صورة تبين منظار البطن وكيفية استخدامه
(1) انظر: البار، محمد علي، المُفَطِّرات في مجال التداوي، مجلة المجمع الفقهي، مرجع سابق، ج 10، ص 243، باشا، حسان شمسي، التداوي والمُفَطِّرات، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص 255.
الجانب الفقهي:
التكييف الفقهي:
إذا تأملنا التوصيف الطبي لمنظار البطن، فإنّ ما يماثله مما تحدث عنه الفقهاء المتقدمون هو إدخال شيء صلب إلى الجوف من غير الفم والأنف.
التخريج الفقهي:
يرى الحنفية والشافعية والحنابلة أنّ ما يدخل الجوف من مادة صلبة مفسد للصوم، على خلاف بينهم في اشتراط الاستقرار من عدمه، فالشافعية والحنابلة لا يشترطون الاستقرار، بينما يشترطه الأحناف، وعليه فإنّ منظار البطن مفسد للصوم عندهم.
وأقوالهم تبين موقفهم في هذه المسألة.
• الحنفية:
وقال الكاساني: «ولو طعن برمح فوصل إلى جوفه أو إلى دماغه، فإن
(1) السرخسي، محمد بن أحمد بن سهل، المبسوط، مرجع سابق، ج 3، ص 98.
أخرجه مع النصل لم يفسد، وإن بقي النصل فيه يفسد» (1).
• الشافعية:
قال الشيرازي: «أو طعن نفسه، أو طعنه غيره بإذنه فوصلت الطعنة إلى جوفه بطل صومه؛ لما ذكرناه في السعوط والحقنة» (2).
وقال النووي: «لوطعن نفسه أو طعنه غيره بإذنه فوصلت السكين جوفه أفطر بلا خلاف عندنا، سواء كان بعض السكين خارجاً، أم لا» (3).
• الحنابلة:
قال ابن مفلح: «أو طعن نفسه، أو طعنه غيره بإذنه بشيء في جوفه، فغاب هو أو بعضه فيه، أو احتقن بشيء أفطر لوصوله إلى جوفه باختياره» (4).
• المالكية:
لم أقف على نص للمالكية في هذه المسألة، ولعل ذلك يرجع لكونهم أقلّ المذاهب توسعاً في باب المُفَطِّرات.
أدلتهم:
1.
أثر ابن عباس ب قال: «إِنَّمَا الفطر مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ» (5)، على اعتبار كل مجوف في الجسم مناطاً لفساد الصوم بما يصل إليه.
2.
(1) الكاساني، علاء الدين، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، مرجع سابق، ج 2، ص 93.
(2)
الشيرازي، إبراهيم بن علي، المهذب في فقه الإمام الشافعي، مرجع سابق، ج 1، ص 182.
(3)
النووي، يحيى بن شرف الدين، المجموع شرح المهذب، مرجع سابق، ج 6، ص 334.
(4)
ابن مفلح، محمد المقدسي، الفروع وتصحيح الفروع، مرجع سابق، ج 3، ص 35.
(5)
سبق تخريجه، ص (131).
أنه أدخل شيئا إلى جوفه باختياره، وهذا ينافي معنى الإمساك (1).
3.
قياسا على السعوط أو الحقنة» (2).
المناقشة:
سبق مناقشة استدلال الجمهور بالدليلين الأوليين، وكذا قياسهم على الحقنة في باب مبحث الجوف عند الفقهاء، وبيَّن الباحث عدم التسليم بهذا الاستدلال (3).
أما استدلالهم بالقياس على السعوط فهذا قياس مع الفارق؛ لأنَّ السعوط يصل إلى الجهاز الهضمي مباشرة، وهو محل الطعام والشراب، أما ما ينفذ إلى غير الجهاز الهضمي فلا عبرة بوصوله، إذ هو ليس أكلاً ولا شرباً، لا صورة، ولا حكماً.
حكم منظار البطن في ضوء كلام المذاهب الفقهية:
في ضوء ما تقرر من كلام الفقهاء المتقدمين في المذاهب الثلاثة (الحنفية، والشافعية، والحنابلة) نستطيع أن نقول إنّ استخدام منظار البطن مفسد للصوم عند الحنفية والشافعية والحنابلة، لما سبق ذكره من أقوالهم وأدلتهم.
الترجيح:
بعد هذا الاستعرض الطبي والفقهي لمنظار البطن يرى الباحث أنّ إدخال
(1) ابن مفلح، محمد المقدسي، الفروع وتصحيح الفروع، مرجع سابق، ج 3، ص 35.
(2)
الشيرازي، إبراهيم بن علي، المهذب في فقه الإمام الشافعي، مرجع سابق، ج 1، ص 182.
(3)
انظر: الفصل الثاني، المبحث الثاني، المطلب الخامس: مناقشة تقرير الفقهاء للجوف، ص (125).
منظار المعدة غير مفسد للصوم (1)، للأسباب الآتية:
1.
إدخال المنظار ليس أكلاً ولا شرباً، لا حقيقة، ولا حكماً، وما كان هذا حاله فليس بمفسد للصوم كما سبق ترجيحه في مسألة ضابط المُفَطِّرات (2).
2.
ما استدل به القائلون بالتفطير تمت مناقشته والإجابة عليه، وأنه استدلال غير مُسلَّم به.
3.
أنّ إفساد عبادة عينية يحتاج إلى يقين ودليل صريح لإبطالها وإلا فالأصل الصحة، ولا مجال للتحوطات بإفساد عبادة المكلفين.
وقد أقر المجمع الفقهي بكافة علمائه أنّ منظار البطن للفحص، أو أخذ عينات، أو إجراء عمليات جراحية غير مفسد للصوم (3).
وهذا ما أقرته أيضا الندوة الفقهية الطبية التابعة لمجمع الفقه الإسلامي حول التداوي (4).
OOOOO
(1) هذا ما لم يصاحبه إعطاء سوائل مغذية، أو عارِض آخر مُفَطِّر، فهذا له مجال آخر.
(2)
انظر: الفصل الثاني، المبحث الثالث، المطلب الخامس: مناقشة تقرير الفقهاء للجوف، ص (125).
(3)
انظر: قرارات مجمع الفقه الإسلامي حول المُفَطِّرات المعاصرة، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد العاشر، ج 2، ص 455.
(4)
انظر: قرارات الندوة الطبية الفقهية المنعقدة بالدار البيضاء في 8 - 11 صفرهـ 14 - 17 يونيو 1997 م، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، مرجع سابق، العدد العاشر، ج 2، ص 464.