المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب السادس: قطرات الأنف وملحقاتها: - المفطرات الطبية المعاصرة دراسة فقهية طبية مقارنة

[عبد الرزاق الكندي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ توطئة:

- ‌ موضوع البحث وأهميته:

- ‌ مشكلة البحث:

- ‌ أسئلة البحث:

- ‌ أهداف البحث:

- ‌ أسباب اختيار الموضوع:

- ‌ ما ستضيفه هذه الدراسة:

- ‌ منهجية البحث:

- ‌ هيكل البحث:

- ‌الفصل الأولالتعريفات المنهجية، وأهمية دراسة نوازل الصيام، وضوابط الفتيا فيها، والعلاقة بين الفقه والطب

- ‌المبحث الأولالتعريفات المنهجية للمُفَطِّرات الطبية المعاصرة

- ‌المطلب الأول: تعريف الصوم:

- ‌المطلب الثاني: تعريف المُفَطِّرات:

- ‌المطلب الثالث: استخدام مصطلح المُفَطِّرات:

- ‌المطلب الرابع: تعريف الطب:

- ‌المطلب الخامس: تعريف المعاصرة:

- ‌المبحث الثانيأهمية دراسة النوازل في باب المُفَطِّرات

- ‌المطلب الأول: تعريف النوازل لغة واصطلاحاً:

- ‌المطلب الثاني: أهمية دراسة النوازل في باب المُفَطِّرات المعاصرة:

- ‌المبحث الثالثشروط الفتوى في النوازل، ومن له حق الإفتاء فيها

- ‌المبحث الرابعالعلاقة بين الفقه والطب

- ‌المطلب الأول: علاقة الفقه بالطب، ومكانة الطب في الشريعة الإسلامية:

- ‌المطلب الثاني: جهود العلماء المسلمين في مجال الطب:

- ‌المطلب الثالث: اعتماد بعض الأحكام الشرعية على التخصصات الطبية:

- ‌المبحث الخامسحكم التداوي

- ‌المطلب الأول: تعريف التداوي:

- ‌المطلب الثاني: حكم التداوي:

- ‌المطلب الثالث: حكم التداوي للصائم:

- ‌الفصل الثانيتقرير قواعد الفقهاء في باب المُفَطِّرات

- ‌المبحث الأولالمُفَطِّرات المجمع عليها والمختلف فيها

- ‌المطلب الأول: المُفَطِّرات المجمع عليها:

- ‌المطلب الثاني: المُفَطِّرات المختلف فيها:

- ‌المبحث الثانيالموسعون والمضيقون في باب المُفَطِّرات

- ‌المطلب الأول: مذهب الموسعين في المُفَطِّرات:

- ‌المطلب الثاني: مذهب المضيقين في المُفَطِّرات:

- ‌المبحث الثالثتحديد الجوف وضابطه عند الفقهاء والأطباء

- ‌المطلب الأول: تعريف الجوف في اللغة:

- ‌المطلب الثاني: الجوف في النصوص الشرعية:

- ‌المطلب الثالث: الجوف عند الفقهاء:

- ‌المطلب الرابع: الجوف عند الأطباء المعاصرين (1)

- ‌المطلب الخامس: مناقشة تقرير الفقهاء للجوف:

- ‌المبحث الرابعضابط المُفَطِّرات

- ‌الفصل الثالثالمُفَطِّرات الطبية المعاصرة

- ‌المبحث الأولما يدخل الجسم عبر منافذ الوجه

- ‌المطلب الأول: بخاخ الربو وملحقاته:

- ‌المطلب الثاني: غاز الأكسجين:

- ‌المطلب الثالث: غاز التخدير (Gas anesthesia)

- ‌المطلب الرابع: معجون الأسنان ومطهرات الفم ومعالِجاته:

- ‌المطلب الخامس: منظار المعدة:

- ‌المطلب السادس: قطرات الأنف وملحقاتها:

- ‌المطلب السابع: قطرات العين، وملحقاتها:

- ‌المطلب الثامن: قطرات الأذن وملحقاتها:

- ‌المطلب التاسع: الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان:

- ‌المبحث الثانيما يدخل الجسم عبر الجلد نفاذًا وامتصاصاً

- ‌المطلب الأول: الحقن العضلية والجلدية والوريدية

- ‌المطلب الثاني: حقْن الدم في الوريد:

- ‌المطلب الثالث: الغسيل الكلوي البريتوني (1) (Peritoneal dialysis)

- ‌المطلب الرابع: منظار البطن (LAPROSCOPE):

- ‌المطلب الخامس: القسطرة القلبية (Cardiac Catheterization):

- ‌المطلب السادس: الدهانات والمراهم واللصقات العلاجية والتجميلية

- ‌المبحث الثالثما يدخل الجسم عبر الجهاز التناسلي والشرج

- ‌المطلب الأول: ما يدخل عبر الجهاز التناسلي للمرأة:

- ‌المطلب الثاني: ما يدخل عبر الجهاز البولي

- ‌المطلب الثالث: ما يدخل عن طريق الشرج:

- ‌المبحث الرابعالخارج من البدن

- ‌المطلب الأول: الغسيل الكلوي الدموي (Hemo dialysis):

- ‌المطلب الثاني: التبرع بالدم:

- ‌المطلب الثالث: أخذ الدم للتحليل:

- ‌المطلب الرابع: شفط الدهون (Liposuction):

- ‌الخاتمة

- ‌النتائج والتوصيات

- ‌ التوصيات:

الفصل: ‌المطلب السادس: قطرات الأنف وملحقاتها:

‌المطلب السادس: قطرات الأنف وملحقاتها:

• المسألة الأولى: قطرات الأنف:

الجانب الطبي:

الأنف هو مدخل الهواء المهم لجهاز التنفس، وعضو الشم وبدونه لا يمكن شم أية رائحة وهو مبطن بغشاء يحوي على أوعية دموية صغيرة جداً قريبة من السطح. وتحتوي مقدمة الأنف على شعيرات واقية، وكذلك فإنَّ بطانته تقوم بترشيح وترطيب وتدفئة هواء التنفس أثناء مروره من الممر الأنفي باتجاه الحلق والرئتين.

ويسير الممر الأنفي بمحاذاة قبة الحنك (سقف الفم) الذي يفصل الأنف عن الفم ويتجه نحو الأسفل ليتصل بالممر القادم من الأنف إلى الحلق.

والممر الأنفي ليس أنبوبا منبسطاً، فهناك سلسلة حواجز تدعى القرنيات تجعل الممر ملتوياً أكثر منه مستقيماً. وفي عدة أماكن ينفتح الممر بشكل جيوب، وهي أزواج من تجاويف مملوءة بالهواء في عظام الجمجة تعرف بالجيوب الأنفية، وهي ترخم الصوت، وتخفف من وزن الرأس، ولها إفرازات هي التي تصل إلى البلعوم الأنفي (nasopharynx) ومنه إلى البلعوم الفموي (oropharynx) المعروف بالحلق، ثم إلى المعدة (1).

(1) انظر: د. عرموش، هاني، دليل الأسرة الطبي، مرجع سابق، ص 405 - 406، وبابلي، ضحى محمود، الموسوعة الصحية الشاملة، مرجع سابق، ص 872، ود. الشاعر، عبد المجيد، أساسيات علم وظائف الأعضاء، مرجع سابق، ص 107.

ص: 220

ولذلك يستعمل الأطباء منفذ الأنف في تمرير أنابيب للتغذية في بعض الأحوال التي يحتاج فيها المريض إلى تغذية خارجية في حالة عدم استطاعته تناول الغذاء بنفسه أو في حالة تعمد ضخ بعض المواد إلى معدته.

وبذا يتضح لنا أنَّ الأنف منفذ إلى الجهاز الهضمي، وأما اعتقاد الفقهاء المتقدمين أنّ الأنف يتصل بالدماغ، فقد أثبت الطب الحديث أنّه لا علاقة بين الأنف والدماغ كما تبين سابقاً (1).

3:20 صورة توضح اتصال الأنف بالبلعوم والمريء

(1) انظر: الفصل الثاني من البحث، المطلب الرابع: الجوف عند الأطباء المعاصرين، التجويف الأنفي، ص (115).

ص: 221

قطرات الأنف:

يصاب الأنف بحالات احتقان لأسباب عدة يحتاج معها المريض لاستخدام علاجات إزالة الاحتقان، وهي على صورة أقراص، أو قطرات تقوم بإحداث انقباض في الأوعية الدموية في منطقة الأغشية المخاطية (vasoconstriction) مما يؤدي إلى تخفيف الاحتقان (decongestion) فإذا قلَّ الاحتقان انفتحت المجاري الهوائية وارتاح المريض.

ويتعاطي المريض قطرة واحدة، أو قطرتين، ومقدار القطرة مابين نصف إلى واحد 0.5 - 1 مل، ويستهلك جزء من هذا الكمية في الأنف والجيوب الأنفية، والباقي يتسرب إلى الحلق (1).

3:21 صورة توضح كيفية تعاطي قطرات الأنف

(1) من حوار طبي أجريته مع الدكتور عمر سعيد العمودي، استشاري الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي بمدينة جدة، وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز في مكتبه بالمستشفى الجامعي بتاريخ 12/ 6/2010 م.

ص: 222

الجانب الفقهي:

التكييف الفقهي:

عند النظر في كلام الفقهاء نجد أن الصورة التي ينطبق عليها استخدام قطرات الأنف هي: الاستعاط.

والسُعوط: بضم السين: جعل الشيء في الأنف وجذبه إلى الدماغ (1)، وبالفتح: هو اسم للشيء الذي يتسعطه الإنسان كالماء والدهن وغيرهما والمراد هنا بالضم (2).

التخريج الفقهي:

عند النظر في كلام الأئمة المتقدمين حول السعوط نجد أنهم متفقون على أنّه مفسد للصوم، وعليه فإنَّ تخريج حكم قطرات الأنف في ضوء تكييفها على السعوط يكون مُفَطِّراً عند المذاهب الأربعة (3)، وهذه أقوالهم تبين ذلك.

• الحنفية:

قال ابن نجيم: «وإذا احتقن أو استعط أو أقطر في أذنه أو داوى جائفة أو آمة

(1) وهذا حسب ما كان شائعا في زمنهم من الاتصال بين الأنف والدماغ.

(2)

انظر: النووي، يحيى بن شرف الدين، المجموع شرح المهذب، مرجع سابق، ج 6، 320.

(3)

وهناك رأي ابن حزم مقابل رأي المذاهب الأربعة، حيث يرى أنَّ ما يصل من الأنف غير مُفَطِّر وأنَّه ليس في معنى الأكل والشرب. وقد ذكرت رأي ابن حزم، والرد عليه وبيان ضعفه؛ لأنَّ بعض المعاصرين استدل به على عدم تأثير قطرات الأنف، انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، مرجع سابق، العدد العاشر، ج 2، ص 87. وإن كان الباحث يرجح عدم تأثير القطرات؛ لكن ليس من باب عدم تأثير السعوط، وإنما من باب آخر ذكرته في موطن الترجيح.

ص: 223

بدواء ووصل إلى جوفه أو دماغه أفطر» (1).

وقال الكاساني: «وما وصل إلى الجوف أو إلى الدماغ من المخارق الأصلية كالأنف والأذن والدبر بأن استعط، أو احتقن، أو أقطر في أذنه فوصل إلى الجوف أو إلى الدماغ فسد صومه» (2).

• المالكية:

قال الخرشي في مفسدات الصوم: «لا فرق فيما يصل إلى المنفذ الأعلى بين أن يكون قد وصل من منفذ واسع كالفم، أو غير واسع كالأنف والأذن والعين» (3).

وقال المغربي: «ويمنع الاستعاط؛ لأنَّه منفذ متسع، ولا ينفك المستعط من وصول ذلك إلى حلقه، ولم يختلف في وقوع الفطر» (4).

• الشافعية:

قال النووي: «وأما السعوط فإن وصل إلى الدماغ أفطر بلا خلاف، قال أصحابنا: وما جاوز الخيشوم في الاستعاط فقد حصل في حد الباطن وحصل به الفطر» (5).

(1) ابن نجيم، زين الدين، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، مرجع سابق، ج 2، ص 299.

(2)

والكاساني، علاء الدين، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، مرجع سابق، ج 2، ص 93

(3)

الخرشي، محمد بن عبد الله، شرح مختصر خليل، مرجع سابق، ج 2، ص 249.

(4)

المغربي، محمد بن عبد الرحمن، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، مرجع سابق، ج 2، ص 425.

(5)

النووي، يحيى بن شرف الدين، المجموع شرح المهذب، مرجع سابق، ج 6، 321.

ص: 224

وقال الماوردي: «أو استعط حتى يصل إلى جوف رأسه فقد أفطر» (1).

• الحنابلة:

قال ابن قدامة: «يفطر بكل ما أدخله إلى جوفه، أو مجوف في جسده كدماغه وحلقه، ونحو ذلك مما ينفذ إلى معدته، إذا وصل باختياره، وكان مما يمكن التحرز منه، سواء وصل من الفم على العادة، أو غير العادة كالوجور واللدود، أو من الأنف كالسعوط» (2).

وقال المرداوي: «أو استعط سواء كان بدهن أو غيره فوصل إلى حلقه أو دماغه فسد صومه، هذا المذهب وعليه الأصحاب» (3).

أدلتهم:

1 -

حديث لَقِيط بن صَبِرَة رضي الله عنه قال: قلت: يَا رَسُولَ الله، أَخْبِرْنِي عَنِ الْوُضُوءِ، قال:«أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» (4).

2 -

حديث: «الفطر مِمَّا دَخَل» (5).

3 -

قالوا: إنَّ معنى الفطر موجود، وهو وصول ما فيه صلاح البدن إلى

(1) الماوردي، علي بن محمد بن حبيب، الحاوي الكبير، مرجع سابق، ج 3، ص 456.

(2)

ابن قدامة، المقدسي، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل، مرجع سابق،.ج 3، ص 16.

(3)

المرداوي، علي بن سليمان، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، مرجع سابق، ج 3، ص 299.

(4)

سبق تخريجه، ص (131).

(5)

سبق تخريجه، ص (126).

ص: 225

الجوف (1).

رأي ابن حزم رحمه الله:

هناك رأي لابن حزم في مسألة ما يدخل من الأنف حيث يرى أنه غير مفسد للصوم، حيث يقول رحمه الله: «ولا ينقض الصوم

حقنة، ولا سعوط ولا تقطير في أذن، أو في إحليل، أو في أنف، ولا استنشاق وإن بلغ الحلق» (2).

ويعلل ابن حزم ذلك بأن الله إنما نهى عن الأكل والشرب، وليس ثمة أكل ولا شرب يدخل من الأنف (3).

ورد استدلال الجمهور بحديث لقيط بن صبرة بقوله: «ولا حجة لهم فيه؛ لأنه ليس فيه أنَّه يفطر الصائم بالمبالغة في الاستنشاق، وإنما فيه إيجاب المبالغة في الاستنشاق لغير الصائم وسقوط وجوب ذلك عن الصائم فقط، لا نهيه عن المبالغة، فالصائم مخير بين أن يبالغ في الاستنشاق وبين أن لا يبالغ فيه، وأما غير الصائم فالمبالغة في الاستنشاق فرض عليه» (4).

الجواب:

وقد أجاب الجمهور على ابن حزم بأنَّ أمره صلى الله عليه وسلم بالمبالغة في الاستنشاق ونهيه عنها لأجل الصوم، فدل ذلك على أن ما وصل بالاستنشاق إلى الحلق، أو إلى

(1) والمرغيناني، علي بن أبي بكر بن عبد الجليل، الهداية شرح البداية، مرجع سابق، ج 1، ص 125.

(2)

ابن حزم، علي بن أحمد بن سعيد الظاهري، المحلى، مرجع سابق، ج 6، ص 203 - 204.

(3)

المرجع السابق، ج 6، ص 214.

(4)

المرجع السابق، ج 6، ص 215.

ص: 226

الدماغ أنه يفطر، ولولا ذلك لما كان لنهيه عنها لأجل الصوم معنى مع أمره بها في غير الصوم (1).

الراجح في تأثير السعوط على الصوم:

لاشك أن قول المذاهب الأربعة هو الراجح، وهو الأسعد بالدليل فحديث لقيط بن صبرة واضح الدلالة والمفهوم، ولو لم يكن الصوم سبباً في المنع من المبالغة كان ذكره نوعاً من اللغو، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم منزه عن ذلك، وقد تناقض ابن حزم حين قال إنَّ المبالغة في الاستنشاق واجبة لغير الصائم، وتسقط عن الصائم. فما الذي أسقط واجباً إن لم يكن ما هو أوجب منه؟ وهو منع دخول شيء عن طريق الأنف.

حكم قطرات الأنف في ضوء كلام الأئمة المتقدمين:

تبين لنا جلياً أنَّ الأئمة من المذاهب الأربعة متفقون على أنَّ ما يدخل عن طريق الأنف ويجاوزه إلى الداخل مُفَطِّر، وفي ضوء هذا يكون حكم التقطير في الأنف مُفَطِّر عند المذاهب الأربعة إذا تجاوز إلى الداخل وقد علمنا في التصور الطبي أن القطرات تتجاوز إلى الحلق.

الترجيح:

يرى الباحث أنَّ قطرات الأنف لا تُفَطِّر الصائم، وأنّ تخريج حكمها على السعوط لا يتوافق تماماً، وذلك لعدة أسباب:

(1) انظر: الجصاص، أحمد بن علي الرازي، أحكام القرآن، تحقيق: محمد الصادق قمحاوي (بيروت: د. ط، 1405 هـ) ج 1، ص 238.

ص: 227

في ضوء التصور الطبي نجد أنَّ كمية القطرة مابين واحد 0.5 - 1 مل، وجزء كبير منها يتم امتصاصه في الأنف والجيوب الأنفية، وما يمكن وصوله إلى الحلق يسير جداً، كما أنّه يُستهلك قبل وصوله إلى المعدة، ولو وصل المعدة منه شيء فهو أقل مما يصل من بقايا المضمضة.

استدلال الجمهور بحديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه، وحديث «الفطر مما دخل» ، فقد سبق بيان أنَّه ليس على إطلاقه، وأنَّ هناك قدْراً معفواً عنه قياسا على بقايا المضمضة والسواك.

وهذا الحكم في حالة ما إذا كانت كمية القطرات المستخدمة قطرة لكل فتحة أما لو كانت أكثر فإنَّ الحكم يأخذ منحاً آخر؛ لأنَّ الكمية ستكون أكثر من مقدار المعفو عنه، ويكون قول الجمهور هو المتعين.

OOOOO

• المسألة الثانية: حكم بخاخ الحساسية عن طريق الأنف:

وهو بخاخ مضغوط يُعطى عن طريق الأنف بمعدل بخة واحدة لكل فتحة في الأنف، ويتم استنشاقها من خلال الأنف أيضاً، ويدخل جزء من هذه المادة إلى البلعوم الأنفي، ثم البلعوم الفمي ثم يذهب جزء منه إلى المعدة لا شعورياً، حيث أنّ كمية البخة ضئيلة جداً أقل من حجم بَخَّة بخاخ الربو، فكمية البخة يساوي 64 مايكروجرام، بينما البخة في بخاخ الربو المضغوط 100 مايكروجرام أي أقل

ص: 228

من 0.1 مل (1).

فيقال فيه ما يقال في قطرات الأنف من حيث التكييف والتخريج والحكم؛ بل القول بعدم حصول التفطير به أبلغ من قطرات الأنف لضآلة الكمية حيث يتم امتصاص جزء كبير من المادة في الجيوب الأنفية، وما يصل إلى المعدة كمية لا تكاد تذكر هي أقل مما يصل من بخاخ الربو المضغوط، وهي أقل بكثير مما يصل من بقايا المضمضة.

وعليه فإنَّ استخدام بخاخ حساسية الأنف لا يُفطِّر، وهذا ما اختاره أكثر الفقهاء في الندوة الطبية الفقهية التابعة لمجمع الفقه الإسلامي حول التداوي (2)، وهذا ما أطمأنت له نفس الباحث بعد التصور الطبي من المختصين.

OOOOO

(1) أهم المعلومات الطبية حول بخاخ الحساسية أفادني بها الدكتور عمر سعيد العمودي، استشاري الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي بمدينة جدة، وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز في حوار مطول أجريته معه بمكتبه بالمستشفى الجامعي بتاريخ 12/ 6/2010 م.

(2)

انظر: قرارات الندوة الطبية الفقهية المنعقدة بالدار البيضاء في 8 - 11 صفرهـ ـ 14 - 17 يونيو 1997 م، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، مرجع سابق، العدد العاشر، ج 2، ص 465.

ص: 229