الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: المُفَطِّرات المجمع عليها:
أجمع العلماء على أنّ أصول المُفَطِّرات ثلاثة ولم يخالف في ذلك أحد، وهي الأكل والشرب والجماع، لقوله تعالى:{فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْل} [البقرة:187].
قال ابن رشد: «أجمعوا على أنه يجب على الصائم الإمساك زمان الصوم عن المطعوم والمشروب والجماع» (1).
وذكر ابن المنذر في كتابه الإجماع أنّ العلماء أجمعوا أنّ من تعمد القيء فقد أفطر، حيث قال:«وأجمعوا على إبطال صوم من استقاء عامداً» (2).
والصواب أن القول بالفطر بتعمد القيء قول الجمهور وليس إجماعاً، وليس الأمر كما ذكر، ولعله لم يبلغه الخلاف، فالقول بعدم التفطير بتعمد القيء قول جماعة من أهل العلم منهم: ابن مسعود، وعكرمة وربيعة (3).
ويستدل القائلون بعدم التفطير بتعمد القيء بحديث أبي سعيد رضي الله عنه: «ثَلَاثٌ
(1) ابن رشد، محمد بن أحمد القرطبي، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، (بيروت: دار الفكر، د ط، د. ت) ج 1، ص 211.
(2)
ابن المنذر، أبو بكر محمد بن إبراهيم النيسابوري، الإجماع، تحقيق: د. فؤاد عبد المنعم أحمد (الإسكندرية: دار الدعوة، الطبعة الثالثة، 1402) ص 47.
(3)
انظر: الشوكاني، محمد بن علي بن محمد، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار، (بيروت: دار الجيل، د. ط، 1973 م) ج 4، ص 280، والعظيم آبادي، محمد شمس الحق، عون المعبود شرح سنن أبي داود، (بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، 1995 م) ج 7، ص 6.
لَا يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ: الحِجَامَةُ، وَالقَيْءُ، وَالاِحْتِلَامُ» (1).
وذكر بعضهم الحيض والنفاس من المُفَطِّرات المجمع عليها، والصواب أنها من موانع الصيام إذ المُفطِّر يحصل بعد انعقاد الصوم، أما الحيض والنفاس، فلا ينعقد معه الصوم أصلاً، ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» (2).
وهذا يدل على أنها تمتنع عن الشروع فيه، فإن شرعت فيه قبل الحيض ثم حاضت فلا تتم لحصول المانع، فهو من باب الحكم الوضعي، فإذا حصل الحيض والنفاس امتنع الصوم.
وبهذا نخلص إلى أن المُفَطِّرات التي ورد بها النص، وانعقد عليها الإجماع هي الأكل والشرب والجماع، وأنّ تعمد القيء قول أكثر أهل العلم وليس إجماعاً.
OOOOO
(1) رواه الترمذي، كتاب الصوم، باب ما جاء في الصائم يذرعه القيء، رقم: 719، ولا يصح؛ ففيه أكثر من علة، وقد ضعفه محمد بن يحيى الذهلي والإمام أحمد وأبو حاتم وأبو زرعة والبيهقي، والدارقطني والترمذي، انظر: ابن حجر، أحمد بن علي العسقلاني، التلخيص الحبير في أحاديث الرافعي الكبير، مرجع سابق، ج 2، ص 194.
(2)
رواه البخاري، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم، رقم:298.