المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب السادس: الدهانات والمراهم واللصقات العلاجية والتجميلية - المفطرات الطبية المعاصرة دراسة فقهية طبية مقارنة

[عبد الرزاق الكندي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ توطئة:

- ‌ موضوع البحث وأهميته:

- ‌ مشكلة البحث:

- ‌ أسئلة البحث:

- ‌ أهداف البحث:

- ‌ أسباب اختيار الموضوع:

- ‌ ما ستضيفه هذه الدراسة:

- ‌ منهجية البحث:

- ‌ هيكل البحث:

- ‌الفصل الأولالتعريفات المنهجية، وأهمية دراسة نوازل الصيام، وضوابط الفتيا فيها، والعلاقة بين الفقه والطب

- ‌المبحث الأولالتعريفات المنهجية للمُفَطِّرات الطبية المعاصرة

- ‌المطلب الأول: تعريف الصوم:

- ‌المطلب الثاني: تعريف المُفَطِّرات:

- ‌المطلب الثالث: استخدام مصطلح المُفَطِّرات:

- ‌المطلب الرابع: تعريف الطب:

- ‌المطلب الخامس: تعريف المعاصرة:

- ‌المبحث الثانيأهمية دراسة النوازل في باب المُفَطِّرات

- ‌المطلب الأول: تعريف النوازل لغة واصطلاحاً:

- ‌المطلب الثاني: أهمية دراسة النوازل في باب المُفَطِّرات المعاصرة:

- ‌المبحث الثالثشروط الفتوى في النوازل، ومن له حق الإفتاء فيها

- ‌المبحث الرابعالعلاقة بين الفقه والطب

- ‌المطلب الأول: علاقة الفقه بالطب، ومكانة الطب في الشريعة الإسلامية:

- ‌المطلب الثاني: جهود العلماء المسلمين في مجال الطب:

- ‌المطلب الثالث: اعتماد بعض الأحكام الشرعية على التخصصات الطبية:

- ‌المبحث الخامسحكم التداوي

- ‌المطلب الأول: تعريف التداوي:

- ‌المطلب الثاني: حكم التداوي:

- ‌المطلب الثالث: حكم التداوي للصائم:

- ‌الفصل الثانيتقرير قواعد الفقهاء في باب المُفَطِّرات

- ‌المبحث الأولالمُفَطِّرات المجمع عليها والمختلف فيها

- ‌المطلب الأول: المُفَطِّرات المجمع عليها:

- ‌المطلب الثاني: المُفَطِّرات المختلف فيها:

- ‌المبحث الثانيالموسعون والمضيقون في باب المُفَطِّرات

- ‌المطلب الأول: مذهب الموسعين في المُفَطِّرات:

- ‌المطلب الثاني: مذهب المضيقين في المُفَطِّرات:

- ‌المبحث الثالثتحديد الجوف وضابطه عند الفقهاء والأطباء

- ‌المطلب الأول: تعريف الجوف في اللغة:

- ‌المطلب الثاني: الجوف في النصوص الشرعية:

- ‌المطلب الثالث: الجوف عند الفقهاء:

- ‌المطلب الرابع: الجوف عند الأطباء المعاصرين (1)

- ‌المطلب الخامس: مناقشة تقرير الفقهاء للجوف:

- ‌المبحث الرابعضابط المُفَطِّرات

- ‌الفصل الثالثالمُفَطِّرات الطبية المعاصرة

- ‌المبحث الأولما يدخل الجسم عبر منافذ الوجه

- ‌المطلب الأول: بخاخ الربو وملحقاته:

- ‌المطلب الثاني: غاز الأكسجين:

- ‌المطلب الثالث: غاز التخدير (Gas anesthesia)

- ‌المطلب الرابع: معجون الأسنان ومطهرات الفم ومعالِجاته:

- ‌المطلب الخامس: منظار المعدة:

- ‌المطلب السادس: قطرات الأنف وملحقاتها:

- ‌المطلب السابع: قطرات العين، وملحقاتها:

- ‌المطلب الثامن: قطرات الأذن وملحقاتها:

- ‌المطلب التاسع: الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان:

- ‌المبحث الثانيما يدخل الجسم عبر الجلد نفاذًا وامتصاصاً

- ‌المطلب الأول: الحقن العضلية والجلدية والوريدية

- ‌المطلب الثاني: حقْن الدم في الوريد:

- ‌المطلب الثالث: الغسيل الكلوي البريتوني (1) (Peritoneal dialysis)

- ‌المطلب الرابع: منظار البطن (LAPROSCOPE):

- ‌المطلب الخامس: القسطرة القلبية (Cardiac Catheterization):

- ‌المطلب السادس: الدهانات والمراهم واللصقات العلاجية والتجميلية

- ‌المبحث الثالثما يدخل الجسم عبر الجهاز التناسلي والشرج

- ‌المطلب الأول: ما يدخل عبر الجهاز التناسلي للمرأة:

- ‌المطلب الثاني: ما يدخل عبر الجهاز البولي

- ‌المطلب الثالث: ما يدخل عن طريق الشرج:

- ‌المبحث الرابعالخارج من البدن

- ‌المطلب الأول: الغسيل الكلوي الدموي (Hemo dialysis):

- ‌المطلب الثاني: التبرع بالدم:

- ‌المطلب الثالث: أخذ الدم للتحليل:

- ‌المطلب الرابع: شفط الدهون (Liposuction):

- ‌الخاتمة

- ‌النتائج والتوصيات

- ‌ التوصيات:

الفصل: ‌المطلب السادس: الدهانات والمراهم واللصقات العلاجية والتجميلية

‌المطلب السادس: الدهانات والمراهم واللصقات العلاجية والتجميلية

الجانب الطبي:

هناك العديد من المراهم والدهانات واللصقات التي يتم تعاطيها واستخدامها عبر الجلد، وهي إما تجميلية لترطيب الجلد وإعادة حيويته، أو علاجية، ويتم امتصاص هذه المراهم عبر مسامات الجلد فتنفذ إلى الداخل ويستفيد منها الجسم علاجياً.

ولما كان ما يمتصه الجلد هو محل دراستنا في هذا المطلب فإنّ استعراض طبيعة الجلد ومكوناته ووظائفه مما يُجلي لنا الصورة.

الجلد:

هو العضو الأكبر في جسم الإنسان، وتبلغ مساحة الجلد عند الإنسان متوسط الحجم حوالي 1.6 متر مربع، وخلايا الجلد تنمو وتموت وتستبدل نفسها باستمرار.

وظيفته:

للجلد عدة وظائف من أبرزها:

1.

حماية الأعضاء الداخلية للجسم من المؤثرات الخارجية.

2.

تنظيم درجة حرارة الجسم.

3.

امتصاص المواد الدوائية كالمراهم والكريمات.

ص: 317

طبقات الجلد:

يتألف الجلد من ثلاث طبقات:

1 -

البشرة (Epidermis): وهي الطبقة السطحية للجلد.

تتكون البشرة من صحائف من الخلايا الميتة، حيث تنمو الخلايا الموجودة في قاعدة البشرة بصورة متواصلة، ثم تنقسم وتهاجر إلى السطح، وتمتلئ هذه الخلايا بالكيراتين Keratin (وهو بروتين ليفي قاسي)، يمنح الجلد قوته ومرونته، ومع مرور الوقت تصل خلايا الجلد إلى السطح، وهناك تموت وتُطرح على شكل قُشيرات جلدية، مفسحة المجال أمام ظهور جلد جديد.

2 -

الأَدَمَة (Dermis): وهي الطبقة السفلية من الجلد.

وتتكون من نسيج قوي ومرن، وتحتوي على جميع الأوعية الدموية اللمفية والغدد العرقية والأعصاب، والغدد الزهمية، وجريبات الشعر، والألياف العضلية، والمستقبلات (أعضاء حساسية تكشف اللمس والضغط والحرارة والبرد)، وهي التي تجهّز البشرة وتدعمها.

كما تحتوي الأدمة أيضاً على خلايا تقوم بترميم الجلد عندما يتعرض للأذى.

3 -

اللحمة، أو الأدمة التحتانية (Lower dermis):

وهي عبارة عن نسيج ضامًّ وأوعية دموية وخلايا تختزن الدهن، ويساعد في وقاية الجسم من الضربات وغير ذلك من الإصابات، كما يساعد أيضاً في حفظ

ص: 318

حرارة الجسم (1).

3:37 صورة توضيحية لطبقات الجلد

أولاً: المراهم والكريمات:

الجانب الطبي:

المراهم والكريمات (Ointments): شكل صيدلاني شبه صلب لزج القوام معد للاستعمال الخارجي على الجلد والأغشية المخاطية للعين (مرهم عيني)، والأنف، والمهبل، وتحتوي المراهم على المواد الدوائية موزعة أو ذائبة في القاعدة المرهمية.

(1) انظر: عرموش، هاني، دليل الأسرة الطبي، مرجع سابق، ص 257 - 258، والخطيب، عماد، وآخرون، دليل المصطلحات الطبية، مرجع سابق، ص 253، وموقع طبيب http://www.6 abib.com/a-662.htm ، تاريخ التصفح 20/ 9/2010 م.

ص: 319

أنواع المراهم والكريمات:

المراهم الجلدية نوعان: منها ما هو مركب من قاعدة دهنية، ومنها ما هو مركب من قاعدة مائية، وكلاهما يمتص عبر المسام ويتشربه النسيج الجلدي.

والمراهم والكريمات لها نفس التصور الطبي، إلا أنّ مذيب الدواء في المرهم هو الماء أو مادة ذائبة في الماء، أما في الكريم فإنّ المذيب فيه هو مادة زيتية أو دهنية.

الاستعمال:

تستعمل المراهم والكريمات للأغراض التالية:

1.

لتأثيرها الواقي حيث تشكل طبقة تعزل الجلد عن المؤثرات الخارجية.

2.

لتأثيرها الملين حيث تقي الجلد من الجفاف.

3.

لتأثيرها العلاجي حيث تعالج حالات الحكة والحساسية والأكزيما والتسلخات الجلدية وغيرها.

4.

لتأثيرها النازع للشعر.

5.

لتأثيرها المطهر للجروح والجلد.

6.

لتأثيرها المسكن أو المخدر لتخفيف الألم.

7.

لتأثيرها على الجانب الجمالي، مثل تبييض البشرة (1).

(1) انظر: موقع عالم الصيادلة:

http://www.pharmacistsworld.com/forum/showthread.php?t=14306، تاريخ التصفح:21/ 9/2010 م، وباشا، حسان شمس، التداوي والمُفَطِّرات، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ج 2، ص 262.

ص: 320

3:38 صورة لمراهم ودهانات للجلد

ثانياً: اللصقات الطبية:

عبارة عن لصقة جلدية تحتوي على مادة دوائية علاجية أو وقائية توضع على الجلد لتوصل للجسم جرعة محددة من خلال الجلد لتصل إلى الدم.

طبيعة عمل اللواصق:

تستعمل اللواصق الطبية كوسيلة لإيصال الأدوية إلى الجسم عن طريق الجلد، وتنبع فكرتها من محاولة الالتفاف حول إشكالات الامتصاص عن طريق الفم أو عن طريق الحقن الوريدي أو العضلي، أو حتى تحت الجلد. وتمتاز اللصاقات الجلدية الطبية بقدرتها على إيصال الدواء إلى الدم بمعدل ثابت لا يمكن في الظروف العادية الوصول إليه إلا من خلال المحاليل الوريدية المستمرة. وهذه الميزة لا تتحقق بسهولة في وسائل إعطاء الأدوية الأخرى. كما تشتمل على فوائد كثيرة، وتيسير الأمر بالنسبة للمرضى، وتسهيل طرق الامتصاص وإنقاص عدد المرات التي يعطى فيها الدواء، ففي بعض الحالات يُكتفى بإعطاء الدواء مرة

ص: 321

أسبوعياً عن طريق الجلد، ولو تم إعطاء الدواء بطرق أخرى لاقتضى الأمر إعطاء الدواء عدة مرات يوميا.

كما أنّ الأدوية التي تعطى عن طريق الجلد تصل إلى الدورة الدموية دون المرور على الجوف، أو القناة الهضمية والجهاز التنفسي، وبالتالي فلا يمكن اعتبارها أدوية عن طريق الجوف، بالإضافة إلى أنها تكاد تخلو من الماء حيث تقترب النسبة إلى أقل من الصفر (1).

أنواعها:

أبرز أنواع اللصقات المستخدمة والشائعة هي:

1.

لصقة النيتروجلسرين: وتستخدم لعلاج الذبحة الصدرية، وهبوط القلب، وتوضع على جلد منطقة الصدر، حيث يمتص الجلد العلاج إلى الأوعية الدموية، ومنها إلى القلب، حيث تصل إلى الشرايين التاجية، وتقوم بتوسعتها ومنع انقباضها.

2.

لصقة النيكوتين: وتستعمل لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين، وذلك عن طريق امتصاص الجلد مادة النيكوتين إلى الدم، حتى لا يشعر

(1) انظر: أد./ الجار الله، جمال صالح، أستاذ مشارك الصيدلة الأكلينيكية، كلية الطب، جامعة الملك سعود، سلسة الإصدارات الفقهية لموقع الفقه الإسلامي (1)، الرياض 23/ 8/1428 هـ، http://www.islamfeqh.com/Nadawat/NadwaInfo.aspx?ID=1، تاريخ التصفح 21/ 9/2010 م.

ص: 322

المدخن برغبة في التدخين.

3.

لصقة الهرمونات: وتعطى للمرضى الذين يعانون من نقص في الهرمونات الضرورية؛ كهرمونات الذكورة، وغيرها (1).

ويختلف الامتصاص بين الأشخاص، فالصغار وكبار السن يمتصون الأدوية عن طريق الجلد أكثر من غيرهم، وحسب المنطقة من الجلد، فالجفون وكيس الخصيتين مثلاً يزيد الامتصاص فيه عن الأجزاء الأخرى، يليها جلد الجبهة، والوجه، وفروة الرأس، والصدر، والظهر، والبطن، والعضدين، والفخذين، بينما أقل المناطق امتصاصاً هي باطن الكفين، وباطن القدمين، والأظافر.

وهناك عوامل تغير من الامتصاص، مثل الجلد المبلل الذي يمتص أفضل من الجلد الجاف، كما أنَّ الجلد الذي به جروح يمتص بشكل أكبر من غيره (2).

(1) انظر: د. عرفة، محمد رضوان، نائب مدير مركز الملك فهد لطب وجراحة القلب، اللاصق الطبي من منظور فقهي، http://www.islamfeqh.com/Forums.aspx?g=posts&t=19

الإصدارات الفقهية لموقع الفقه الإسلامي (1)، الرياض 23/ 8/1428 هـ، تاريخ التصفح 21/ 9/2010 م.

(2)

المرجع السابق، نفس الموقع.

ص: 323

3:39 صور لبعض اللصقات العلاجية

الجانب الفقهي:

التكييف الفقهي:

تحدث الفقهاء المتقدمون عن حكم ما يدخل الجسم عن طريق الجلد امتصاصاً من المسام، وأثره على الصوم، ومثلوا له بدهن الرأس، والبدن، والحناء، وحك الحنظل بالقدم، وحكم الصوم فيما إذا وجد طعم هذه الأشياء في حلقه.

التخريج الفقهي:

ذهب جمهور الفقهاء (الحنفية، والشافعية، والحنابلة) إلى أنَّ ما يدخل الجسم عن طريق الجلد امتصاصاً من المسام لا يُفَطِّر الصائم، ولو وجد طعمه في حلقه.

والمشهور عند المالكية أنّه يفسد الصوم إن وجد طعمه في حلقه، وقول آخر عندهم يوافق المذاهب الثلاثة.

ص: 324

القول الأول (الحنفية والشافعية والحنابلة):

قالوا إن ما يدخل من الجلد لا يفسد الصوم وإن وجد طعمه في حلقه.

وهذه أقوالهم تبين موقفهم من هذه المسألة.

• الحنفية:

قال السرخسي في حديثه عما لا يفسد الصوم: «وإن وصل عين الكحل إلى باطنه فذلك من قبل المسام لا من قبل المسالك؛ إذ ليس من العين إلى الحلق مسلك، فهو نظير الصائم يشرع في الماء فيجد برودة الماء في كبده، وذلك لا يضره، وعلى هذا إذا دهن الصائم شاربه» (1).

وقال فخر الدين عثمان الزيلعي (2) في حديثه عما لا يفسد الصوم: «أو احتلم، أو أنزل بنظر، أو ادَّهَن، أو احتجم، أو اكتحل، أو قَبَّل

لم يُفْطِرْ» (3).

• الشافعية:

قال النووي: «ولو طلى رأسه أو بطنه بالدهن فوصل جوفه بشرب المسام لم يفطر؛ لأنَّه لم يصل من منفذ مفتوح كما لا يفطر بالاغتسال والانغماس في الماء وإن

(1) السرخسي، شمس الدين محمد بن أحمد، المبسوط، مرجع سابق، ج 3، ص 67.

(2)

ذكرت اسمه في الأصل لتمييزه عن الزيلعي صاحب نصب الراية، فذاك عبد الله بن يوسف، وفخر الدين عثمان متقدم عليه، وكلاهما من أئمة المذهب الحنفي.

(3)

فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي، تبين الحقائق شرح كنز الدقائق، مرجع سابق، ج 1، ص 322.

ص: 325

وجد له أثراً في باطنه» (1).

وصرح ابن حجر الهيتمي بأن ما يدخل عن طريق المسام داخل تحت دائرة العفو، وإن وصل إلى الجوف من خلالها حيث يقول:«لا يضر تشرب المسام، وهي ثُقب البدن، بالدهن والكحل والاغتسال، فلا يفطر بذلك، وإن وصل جوفه؛ لأنه لما لم يصل من منفذ مفتوح كان في حيز العفو ولا كراهة في ذلك، لكنه خلاف الأولى» (2).

• الحنابلة:

قال ابن قدامة: «من لطخ باطن قدميه بالحنظل فوجد مرارته في حلقه لم يفطره» (3).

ومعلوم أن نفوذ الحنظل يكون عن طريق المسام.

وقال البهوتي: «لو لطخ باطن قدمه بشيء فوجد طعمه بحلقه لم يفسد؛ لأن القدم غير نافذ للجوف أشبه ما لو دهن رأسه فوجد طعمه في حلقه» (4).

القول الثاني (المشهور من مذهب المالكية):

ذهب بعض المالكية إلى أنّ ما يصل الجسم عبر المسام مفسد للصوم، وهذه نصوصهم تبين ذلك:

(1) النووي، يحيى بن شرف أبو زكريا، روضة الطالبين وعمدة المفتين، مرجع سابق، ج 2، ص 358.

(2)

ابن حجر، شهاب الدين أحمد بن محمد، الهيتمي، المنهج القويم (د. ن، د. ط، د. ت) ج 1، ص 509.

(3)

ابن قدامة، عبد الله بن أحمد المقدسي، الكافي، مرجع سابق، ج 3، ص 352.

(4)

البهوتي، منصور بن يونس بن إدريس، شرح منتهى الإرادات، مرجع سابق، ج 1، ص 483.

ص: 326

• المالكية:

قال العبدري: «وكذا إن وجد طعم دهن رأسه، فإنه يقضي، وفي التلقين: يجب الإمساك عما يصل إلى الحلق مما ينماع أو لا ينماع،

ومثلها الكحل، والدهن، والشموم الواصلة إلى الحلق، وإن من الأنف» (1).

أما القول الآخر في مذهب المالكية فقد ذهب إليه الدردير، فقد ذكر رأيه، وبين أنه خلاف المشهور من المذهب حيث قال:«فمن دهن رأسه نهاراً ووجد طعمه في حلقه، أو وضع حناء في رأسه نهاراً فاستطعمها في حلقه، فلا قضاء عليه، ولكن المعروف من المذهب وجوب القضاء» (2).

أدلة القول الأول (الجمهور):

استدل الجمهور على قولهم بعدة أدلة منها:

1 -

حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ» (3).

وجه الدلالة أن الماء يخترق المسام ولو كان يفطر لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الصوم، ولقدم فعله قبل الفجر.

(1) العبدري، محمد بن يوسف، التاج والإكليل شرح مختصر خليل، مرجع سابق، ج 2، ص 425.

(2)

الدردير، أحمد أبو البركات، الشرح الكبير، مرجع سابق، ج 1، ص 524.

(3)

رواه البخاري، كتاب الصوم، باب الصائم يصبح جنباً، رقم: 1825، ومسلم، كتاب الصيام، باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، رقم:1109.

ص: 327

2 -

أثر ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلْيُصْبِحْ دَهِينًا مُتَرَجِّلًا» (1).

3 -

أثر أبي هريرة رضي الله عنه قال: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا، فَلْيَدَّهِنْ حَتَّى لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ صَوْمِهِ» (2).

ووجه الدلالة من الأثرين واضح، حيث جاء فيه حث الصائم على الادهان ولو كان الدهن – مع نفوذه إلى الداخل – يفسد الصوم لما حثَّ عليه.

أدلة القول الثاني (جمهور المالكية):

ذكر المالكية تعليلاً لما ذهبوا إليه، وهو أنَّ وجود الطعم في الحلق يدل على وصوله إليه، وما وصل إلى الحلق فهو مُفَطِّر (3).

الترجيح:

الذي يظهر جليا أن قول الجمهور هو الراجح، لقوة أدلتهم، وأما ما علل به المالكية بأنَّ وجود الطعم في الحلق يدل على وصوله إليه فليس بصحيح، إذ وجود الطعم بسبب استشعار عصب التذوق، وليس لوصول المادة.

حكم المراهم واللصقات العلاجية والتجميلة في ضوء هذا التخريج:

(1) رواه البخاري معلقاً، كتاب الصوم، باب اغتسال الصائم.

(2)

رواه ابن أبي شيبة، كتاب الصيام، باب من كان يحب ألا يُعلم بصومه، رقم:9755.

(3)

العبدري، محمد بن يوسف، التاج والإكليل شرح مختصر خليل، مرجع سابق، ج 2، ص 425.

ص: 328

المراهم والكريمات واللصقات العلاجية غير مُفَطِّرة عند الجمهور، ومُفَطِّرة عند أغلب المالكية.

أقوال المعاصرين في المراهم والكريمات واللصقات العلاجية:

لم أقف –حسب علمي وتتبعي- على أحد من المعاصرين قال بأنَّ المراهم والكريمات واللصقات العلاجية والتجميلية مفسدة للصوم، ونقل الشيخ هيثم خياط إجماع المعاصرين على ذلك (1)، إلا ما وقع من خلاف حول لصقة النيكوتين المساعدة على ترك التدخين، ولصقة إزالة الشعور بالجوع والعطش، ولذا أفردتهما بالدراسة عقب هذه المسألة، حيث أنّ سبب القول بالتفطير فيهما لا يرجع لدخول شيء عبر المسام، وإنما لما تحدثه لصقة النيكوتين من نشوة في الدماغ، ولمنافاة لصقة إزالة الشعور بالجوع والعطش لحكمة الصوم.

وقد اتفق أعضاء المجمع الفقهي على كون المراهم والكريمات واللصقات العلاجية غير مُفَطِّرة (2).

كما أثبت الطب الحديث عدم وجود علاقة بين ما يدخل من مسام الرأس أو غيرها بالجهاز الهضمي، وما يجده الإنسان من طعم في حلقه إنما هو من حلمات عصب التذوق وليس لوصول المادة إلى الحلق (3).

(1) انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد العاشر، ج 2، ص 289.

(2)

انظر: قرار مجمع الفقه الإسلامي، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد العاشر، ج 2، ص 454.

(3)

أفادني الدكتور البار بهذه المعلومات في حواري معه في عيادته بمدينة جدة الذي سبق الإشارة إليه. وانظر: باشا، حسان شمس، التداوي والمُفَطِّرات، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ج 2، ص 262.

ص: 329

مسألة لصقة النيكوتين:

الجانب الطبي:

لصقة النيكوتين (Nicorette Patches): هي لصقة تستعمل لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين، وذلك عن طريق امتصاص الجلد مادة النيكوتين إلى الدم، حتى لا يشعر المدخن برغبة في التدخين.

ومعلوم أن النيكوتين مادة إدمانية موجودة في التبغ، والمدخن الذي يحاول الإقلاع عن التدخين غالباً ما يعاني من أعراض غير مريحة، وهو ما يطلق عليها بأعراض الانسحاب من النيكوتين والتي تضم الشعور بالاستثارة، والأرق، والصعوبة في التركيز، والميل للعودة إلى التدخين مرة أخرى.

طريقة استخدام لصقة النيكوتين:

ينبعث من اللصقة نيكوتين على هيئة جِل، ويمتصه الجلد ومن ثَّم الدم، وبهذه الطريقة تساعد لصقة النيكوتين على التوقف عن التدخين بتقليل أعراض الانسحاب، وتوضع الجهة اللاصقة في مواجهة الجلد على الحوض أو الجزء العلوي من الذراع، لمدة 16 ساعة فقط في اليوم، ولا تستخدم عند النوم (1).

(1) انظر: موقع أفضل صحة الطبي:

http://www.allbesthealth.com/Smoking 1/QuitSmoking/SmokingReplacementTherapy-OralTablets.htm، تاريخ التصفح: 24/ 9/2010 م. وموقع مجمع الأمل للصحة النفسية: http://www.alamal.med.sa/page_36_56.shtml، تاريخ التصفح: 24/ 9/2010 م.

ص: 330

4:40 صورة للصقة النيكوتين أثناء وبعد التركيب

الجانب الفقهي:

من حيث التأصيل الفقهي فإنَّ القول فيها هو ما سبق في الحديث عن المراهم واللصقات، وإنما أفردتها بسبب ما وقع من خلاف بين المعاصرين في حكمها.

أقوال المعاصرين:

القول الأول (أنها مُفَطِّرة):

ذهب بعض المعاصرين إلى أن لصقة النيكوتين مُفَطِّرة ولا ينطبق عليها عموم حكم اللصقات العلاجية، وممن ذهب إلى ذلك مفتي السعودية الشيخ

ص: 331

عبدالعزيز آل الشيخ، واللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية (1).

دليلهم:

القياس على التدخين، حيث قالوا إنّ اللصقة تمد الجسم بالنيكوتين، وتصل إلى الدم، وهذا يبطل الصيام كما يبطله التدخين؛ لأن المفعول واحد (2).

القول الثاني (أنها غير مُفَطِّرة):

ذهب جمهور المعاصرين إلى أن لصقة النيكوتين غير مُفَطِّرة، وهو ما ذهب إليه قرار المجمع الفقهي (3)، وبه أفتى الشيخ العثيمين (4) خلافاً لقول اللجنة الدائمة، وبه أفتت لجنة الإفتاء الرسمية في الأردن (5).

الترجيح:

يرى الباحث أن لصقة النيكوتين غير مفسدة للصوم وأنَّ حكمها حكم بقية

(1) انظر: فتوى اللجنة الدائمة على موقع اللجنة، http://www.alifta.net فتوى رقم: 21734.

(2)

المرجع السابق.

(3)

قرارات مجمع الفقه الإسلامي حول المُفَطِّرات في مجال التداوي، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، مرجع سابق، العدد العاشر، ج 2، ص 454.

(4)

انظر: الجلسات الرمضانية للشيخ العثيمين لعام 1415 هـ، دروس مفرغة على موقع طريق الإسلام،

http://www.islamweb.net .

(5)

انظر موقع دائرة الإفتاء في الأردن:

http://www.aliftaa.jo/index.php/ar/fatwa/show/id/897، تاريخ التصفح، 24/ 9/ 2010 م.

ص: 332

اللصقات الطبية نظراً للأسباب الآتية:

1.

أن ما يصل عن طريق الجلد غير مؤثر في الصوم، وسبق بيان أدلة الجمهور الصريحة وترجيحها.

2.

أن ما يصل عن طريق لصقة النيكوتين ليس أكلاً ولا شرباً ولا في معناهما لا صورة ولا حكماً، حيث لا يستغني به الشخص عن الأكل والشرب.

3.

ما ذكره المانعون من أن لصقة النيكوتين تعطي الجسم راحة، فهذا الحكم ينطبق على بعض المراهم العلاجية، ولا يقولون بكونها مُفَطِّرة، ويلزمهم إما القول بأنَّ الجميع مُفَطِّر أو غير مُفَطِّر (1).

• مسألة لصقة إزالة الشعور بالجوع والعطش:

الجانب الطبي:

مما ظهر في الآونة الأخيرة ما يعرف بلصقة إزالة الشعور بالجوع والعطش، وذلك لغرض تخفيف الوزن في عملية الرجيم.

مكوناتها وطبيعة عملها:

تتكون هذه اللصقة المعروفة باسم (diet patches) من عدة مواد كميائية

(1) استغرب الدكتور محمد البار الفتوى القائلة بأن لصقة النيكوتين مُفَطِّرة، ورأى أنّ الطب لا يتفق مع هذه الفتوى، وقال: إنّه لا فرق بينها وبين اللصقات العلاجية الأخرى. من حوار مع الدكتور، سبق الإشارة إليه.

ص: 333

تعمل عملها في إزالة الشعور بالشهية، وتقليل كمية المياه التي يفقدها الجسم

وقد ذكر المختصون (1) أنّ المواد الأساسية والفاعلة للصقة النموذجية طبياً تتكون من عدة مواد لكل مادة دور تقوم به، وبمجموع هذه المواد تؤدي اللصقة مفعولها في إزالة الشعور بالجوع والعطش، والتقليل من الشهية، وهذه المواد هي:

1.

(Fucus incease)، تساعد على عملية التمثيل الغذائي في الجسم من خلال تحفيز الغدة الدرقية، وحرق مزيد من السعرات الحرارية.

2.

(5 - hydroxyl tryptophan): تقلل الرغبة الشديدة للحلويات والكربوهيدرات من خلال التحكم في مستويات السيروتونين في الدماغ.

3.

(Zinc pyruvate s): تساعد في انهيار الخلايا الدهنية في الوقت الذي تساعد على بناء كتلة العضلات.

4.

(Dehyropiandrosterone): تساعد الجسم على إدارة كمية من السعرات الحرارية أكثر كفاءة.

5.

Yerba mate. خافض للشهية.

6.

Lecithin. ليستين: يساعد على تكسير الدهون والكولسترول.

7.

(Guarana)، وهو من المنشطات مثل الكافيين التي تساعد أيضا على

(1) من حوار مع الدكتور محمد علي الناشري، أخصائي الكيمياء السريرة، بقسم العلوم الطبية بجامعة التكنولوجيا مارا الماليزية، UiTM .

(1/349)

ص: 334

زيادة التمثيل الغذائي مع الحفاظ على مستويات عالية من الطاقة (1).

ومن خلال التأمل في طبيعة عمل المواد المكونة لهذه اللصقة، فإنّه يتبين لنا أنّها لا تمد الجسم بطاقة غذائية، بقدر ما تمنع شعوره بالجوع والعطش من خلال تقليل الرغبة والشهية (2).

الجانب الفقهي:

التكييف والتخريج الفقهي:

يتوافق التكييف الفقهي من حيث الصورة مع التكييف الفقهي للصقات والمراهم التي تصل موادها إلى داخل الجسم عن طريق المسام، فيكون تكييفها من هذا الجانب ما تم ذكره في عموم اللصقات العلاجية سابقاً، ويتخرج حكمها على أنها غير مُفَطِّرة عند جمهور الفقهاء (الحنفية، والشافعية، والحنابلة)، ومُفَطِّرة في المشهور عند المالكية

وقد تقرر اتفاق المعاصرين أنّ اللصقات الطبية غير مُفَطِّرة، إلا في لصقة النيكوتين (3) ولصقة إزالة الشعور بالجوع والعطش، لاعتبارات أخرى غير اعتبار

(1) Herrick، C. & Mitchell، M .2009.100 Questions & Answers About How to Quit Smoking. PP:157. Ontario. Jones and Bartlett Publishers.

(2)

قليل هم من تناول هذه اللصقة بحكم، وهناك مجامع وعدت بدراستها ولم يصدر بعد عنها قرار، وذلك أنّ ظهور هذه اللصقة إلى الواقع لم يتعدى الثلاث سنوات.

(3)

وهي المسألة التي تم دراستها قبل هذه المسألة، ص (330).

ص: 335

كونها نافذة من المسام، إذ أنّ ذلك غير مفسد للصوم (1). فما إشكالية الخلاف في هذه اللصقة؟

موقف الفقهاء المعاصرين:

تكمن إشكالية الخلاف بين الفقهاء المعاصرين حول استخدم لصقة إزالة الجوع والعطش في كونها تنافي حِكَم الصيام، التي منها الشعور بالجوع والعطش لتتحقق النظرة الاجتماعية للفقراء والمساكين والشعور بشعورهم.

وقد اختلفت أقوال الفقهاء المعاصرين على ثلاثة أقوال:

القول الأول (الإباحة):

وهو ما ذهب إليه الشيخ محمد باريش، مفتي جنوب تركيا، وعلل ذلك بأنّه لا يوجد محذور شرعي من استخدامها (2).

القول الثاني (الكراهة):

وهو ما ذهب إليه الشيخ يوسف القرضاوي (3)، وعلل ذلك بأنّ هذه

(1) سبق بيان أقوالهم والترجيح بينها، فأغنى عن إعادتها هنا.

(2)

انظر: موقع محيط الإخباري:

http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=160441&pg=5

تاريخ التصفح، 26/ 9/2010 م.

(3)

انظر: فتوى الشيخ القرضاوي على موقعة على شبكة الإنترنت

http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=6153&version=1&template_id=225&parent_id=17 ، تاريخ التصفح، 26/ 9/2010 م.

ص: 336

اللصقة تقلل من الحِكم التي أرادها الشارع من الصوم، مثل تحمل المشقة والشعور بمعاناة الفقراء.

القول الثالث (التحريم):

وهو ما ذهب إليه الشيخ أحمد طه ريان رئيس لجنة الفقه بالمجلس الأعلى بالأزهر، وعلل ذلك بأنه تحايل على الدين وعلى فريضة الصوم (1).

الترجيح:

بعد هذه الإطلالة على لصقة إزالة الشعور بالجوع والعطش يرى الباحث أنّ هذه اللصقة غير مُفَطِّرة، إلا أنّ عدم استخدامها على الدوام أبلغ في تحقيق الحكمة من الصوم بتربية النفس على التحمل، والشعور بالفقراء والمساكين، وأن الشعور بالجوع والعطش يُسَكِّن النفس ويحد من غلوائها.

أما اختيار الباحث عدم التفطير بهذه اللصقة فذلك للأسباب الآتية:

1.

أنّ ما يدخل عن طريق المسام لا يؤثر على صحة الصوم كما تقرر سابقاً، وهو حقيقة هذه اللصقة.

2.

أنها ليست أكلاً ولا شرباً، ولا تقوم مقامهما بتغذية البدن.

(1) انظر: موقع العربية الإخباري:

http://www.alarabiya.net/articles/2008/08/27/55584.html،

تاريخ التصفح، 26/ 9/2010

ص: 337

3.

أنَّ القول بالتحريم لمنافاتها الحكمة غير مسلم وذلك أنّ الحِكم مقاصد مستنبطة، ولا تربط بها الأحكام، وإنما تربط بالعلل التي هي أوصاف ظاهرة ومنضبطة.

4.

أنّ تَقصد عدم الشعور بالجوع والعطش لا يؤثر على صحة الصوم فقد ثبت أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتبرد بالماء وهو صائم لإزالة الشعور بالتعب، فقد ثبت عند أبي داود:«أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ، وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ الْعَطَشِ، أَوْ مِنَ الْحَرِّ» (1).

كما ثبت ذلك أنَّ الصحابة رضي الله عنهم كانوا يفعلون ذلك، فقد روى البخاري أنّ ابن عمر رضي الله عنهما كان يبُلّ الثوب ويلقيه على نفسه وهو صائم (2)، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّه قال:«إِنَّ لِي أَبْزَنَ (3) أَتَقَحَّمُ فِيهِ، وَأَنَا صَائِمٌ» (4).

فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة الكرام رضي الله عنهم يتقصدون التخفيف من وطأة الصوم، فإنَّ اللصقة التي تزيل الشعور بالجوع والعطش نظير هذه الصورة.

(1) رواه أبو داود، كتاب الصوم، باب الصَّائِمِ يَصُبُّ عليه الماء من العطش، رقم:2365.

(2)

رواه البخاري معلقاً، كتاب الصوم، باب اغتسال الصائم.

(3)

والأبزن: حوض صغير أو قصرية من فخار أو حجر. انظر: ابن حجر، أحمد بن علي العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج 4، ص 154.

(4)

رواه البخاري معلقاً، كتاب الصوم، باب اغتسال الصائم.

ص: 338